بسم الله الرحمن الرحيم
هي موافقة لكنها كانت مفاجئة لأنها جاءت بعد رفض قاطع ومواجهات دبلوماسية مع تهديد بعقوبات قاسية وقد يتطور الأمر ويكون لا مفر سوى الحل العسكري"
هكذا علقت الصحف الفرنسية على قرار السودان بالموافقة من دون شروط على نشر قوات مشتركة -دولية و إفريقية- بقيادة الأمم المتحدة في إقليم دارفور.
قوات دولية تعني بداية للغزو!
صحيفة لوموند الفرنسية أكدت أن السودان كانت تعتبر وجود قوات دولية على أراضيها -حتى وقت قريب- مقدمة لغزو أراضيها وأنه يجب حصر أزمة دارفور داخل النطاق الإفريقي من خلال إرسال قوة حفظ سلام إلى دارفور يبلغ عددها سبعة ألاف، إلا أنها تفتقر للسلاح والتمويل. في الوقت الذي كانت تقود فيه أمريكا والدول الغربية حملة دولية ضد السودان مع تصاعد نغمة التهديد التي وصلت إلى مراحلها النهائية ليتبقى فقط التنفيذ الذي سيكون مدخلا حتميا إلى حسم أزمة دارفور من خلال الحل العسكري.
موافقة غير مشروطة!
أما صحيفة ليبراسيون فقد أشارت إلى أنه بينما يستعد العالم لقرار فرض عقوبات قاسية على السودان فاجأت الخرطوم الجميع وأعلنت موافقتها غير المشروطة على نشر قوات مشتركة من الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة يبلغ عددها ما بين 17 ألف إلى 19 ألف جندي وبموجب الخطة المقترحة تتولى الأمم المتحدة تمويل وقيادة حفظ السلام في الإقليم بينما تتولى القيادة الإفريقية المهام اليومية.
لكن المفاجأة هذه المرة كانت في الصمت الأمريكي تجاه القرار السوداني واكتفاء البيت الأبيض بإصدار بيان مقتضب يرحب فيه بقرار الخرطوم دون أي إشارة من قريب أو بعيد إلى أن قرار السودان جاء بعد تزايد الضغوط الأمريكية عليها، ودون أن تضع واشنطن شروطا لقبول هذا القرار مثل تسليم المسئولين السودانيين المتهمين بارتكاب جرائم حرب في دارفور، وإنما تركت الأمر كله منحصرا بين الأمم المتحدة والخرطوم وبقيت وراء الستار تراقب الموقف من بعيد.
السودان محطة الانطلاق الأمريكية!
بينما كشفت صحيفة "لوفيجارو" عن سر القبول المفاجئ للسودان لنشر قوات دولية مشتركة في دارفور، فأكدت أنه لم يأتِ كما يعتقد البعض بعد تهديدات أمريكية بفرض عقوبات على نظام "البشير"، وإنما العكس هو ما حدث حيث لوحت السودان بآخر أوراقها حينما هددت بتعليق تعاونها الأمني مع واشنطن في الحرب التي تخوضها أمريكا ضد الإرهاب؛ حيث سبق أن أمدت الخرطوم واشنطن بمعلومات عن جماعات مسلحة في العراق واستخدمت الولايات المتحدة السودان كمحطة للعبور. كما أن السودان بحكم علاقاتها مع الصومال استطاعت الكشف عن أعضاء بارزين في تنظيم القاعدة في مقديشيو وهو ما سهل على أمريكا ملاحقتهم. وسبق للخرطوم أن كانت وسيطا بين واشنطن والمحاكم الإسلامية فهي تحتفظ بعلاقات تعاون أمني مع العديد من الدول الإفريقية، وأمريكا تعتبر منطقة القرن الإفريقي محطة لانطلاقها في القارة التي تشرع في إنشاء قيادة عسكرية مركزية بها ومازالت تبحث عن الدولة التي توافق على ذلك. وقد رأت إدارة "بوش" -الذي يتعرض للضغوط من الكونجرس لفرض مزيد من العقوبات على الخرطوم- أنه من المنطق أن يتم تغليب المصالح على الضغوط خاصة وأنها تعاني من آثار الضغوط التي تسببت في الوضع العراقي الآن وتبحث عمن ينتشلها من هذا المستنقع فلا داعي لتكرار التجربة وإن كان الهدف سيتحقق ولو بطريق غير مباشر.
نجاح سوداني واضطرار أمريكي!
دكتور "هاني رسلان" الخبير في الشئون الإفريقية أكد أن الموقف الجديد للحكومة السودانية يعكس نجاحها في إدارة المعركة مع أمريكا عبر القنوات الدبلوماسية وإجبارها واشنطن على اتباع سياسة الحوار والمصالح بدلا من التهديد بالعقوبات والحل العسكري والتقسيم مؤكدا أن التحول ليس من جانب السودان فقط وإنما هناك تحول في الجانب الأمريكي أيضا؛ حيث أصبحت واشنطن ترى في إفريقيا قاعدة أساسية في حربها على الإرهاب ولن يتحقق لها هدفها وهي تستعد لغزو دولة إفريقية محورية تقدم لها دعما لوجيستيا رئيسيا في هذه الحرب، فكان القبول والترحيب الأمريكي الصامت المضطر.
نقلآ عن: [ بص وطل ]
والسلآم،،


LinkBack URL
About LinkBacks















