[align=center]عصابات تنشط في رمضان وتستغل ساحات الأماكن المقدسة
موسم جديد للتسول
شمعة حياتي(مكة المكرمة)شمعة حياتي(جدة)هووواوووي(عسير)شمعة حياتي(المدينة المنورة)هووواوووي(جازان)
وراء كل متسول حكاية جميعهم ينسجون قصصا وحبكات لاستدرار العطف، اطفال وصبية رجال ونساء من مختلف الاعمار والجنسيات، القاسم المشترك بينهم «الشحاتة» وان اختلفت وسائل استدرار العطف وتحريك مشاعر الشفقة في شهر رمضان يزداد نشاطهم بعضهم يحمل اوراقاً واخرون يبتكرون عاهات مزيفة. السؤال «القضية» الذي يطرح نفسه من اين يأتي هؤلاء وما هي تفاصيل عوالمهم الخاصة وكم تبلغ حصيلة الواحد منهم في المتوسط خلال اليوم الواحد؟ خصوصاً ان البعض اتخذ التسول مهنة له؟ في تقاطعات الطرق والاسواق والمجمعات التجارية تجدهم وجوها وملامح اذا دققت فيها تجد انك صادفتها من قبل وهي تمتهن التسول. البداية كانت في موقع بجوار الحرم المكي الشريف طفل من جنسية عربية لا يتجاوز عمره الحادية عشرة ملامح البراءة اختفت من وجهه تستوقفه فيركض نحوك، تسأله عن اسمه، عندها تشعر انه صدم بالسؤال ويجيب بتثاقل اسمي علي، جئت الى هذا الموقع قبل اسبوعين دخلت الى المملكة متسللا مع عدد من اقربائي وقد جئت مشيا مع ابن عمي للحاق بموسم العمرة في شهر رمضان وتسأله عن الحصيلة من التسول في اليوم الواحد فيقول انها تتراوح بين 300-400 ريال ويضيف انا وزميلي الآخر يشير الى احد الاطفال القريبين منه شعرت ان صبره بدأ ينفد قالها بصراحة اووووه اسئلتك كثيرة هل ستعطيني «أم ادور غيرك» وقبل ان اجيبه كان قد تلاشى من امامي حينما شاهد مجموعة من المعتمرين وبدأ يركض خلفهم وهو يتمتم بكلمات مبهمة.
نفس السيناريو حدث مع رجل افريقي يرتدي حلة خضراء يجر خلفه طفلا ناحلا يقول انه اسمه داود من احدى الدول في غرب افريقيا وانه جاء الى العمرة قبل شهر ومكث في مكة المكرمة وليس له سكن محدد فقد اتخذ احدى الساحات بجوار الحرم مسكنا له.
ويقول حينما كنت في بلادي التقيت بجارة لي تدعى خديجة عاشت سنين في مكة المكرمة وابلغتني ان الانسان يمكنه ان يكسب الكثير من التسول خلال شهر رمضان وها انا حصيلتي في اليوم الواحد من التسول تتجاوز الـ500 ريال
ويستطرد قائلا زوجتي هي الاخرى في جدة تمتهن التسول مع طفليها ولد وبنت، اخترت مكة المكرمة لكثرة المعتمرين خلال شهر رمضان.
وليس لدي ساعة محددة لـ «الشحاتة» عملي يتواصل على مدار الساعة وفي بعض الاحيان آخذ اغفاءة قصيرة، فيما يظل طفلي يحرس «البقشة» المتمضنة ملابسي واغراضي البسيطة.
ويضيف ان التجربة علمته كيف يختار الشخص الذي يمد له يده وان 90% من الذين يجودون عليه هم من السعوديين.
وبجوار درجات سلم باب الفتح في الحرم المكي اعتاد المارة على مشاهدة امرأة من جنسية عربية وهي تمشي في الساحة وتحمل في يدها ورقة قديمة تدقق في الورقة فتجد انها تتضمن ان زوجها مقعد ولديها طفلان معوقان وهي تمتهن التسول لتوفير لقمة العيش لها
تسألها عن حصيلتها في اليوم الواحد فتشيح بوجهها وهي «تبرطم» بكلمات غير مفهومة.
احد اصحاب المحلات التجارية بجوار الحرم ذكر ان المرأة المتسولة اعتادت ان تسرد قصصا وهمية عن الاسباب التي جعلتها تتسول.
وفي موقع آخر بمكة المكرمة تلتقي بمتسول في الـ 85 من عمره يعاني من عاهة في القفص الصدري وقصر القامة وقد اعتاد على استقلال موقعه القريب من الحرم المكي منذ سنين فكلما يتم القاء القبض عليه يعود مرة اخرى ويتخذ نفس الموقع والذي يعتبره مغنما له ويقول ان اخر مرة تم القاء القبض عليه كان يخبئ في جيوبه مبلغ 3 آلاف ريال وهي حصيلة 15 يوماً فقط.
وفي مكان قريب من الحرم كانت احدى النسوة الافريقيات تجلس وامامها بسطة عليها اغراض بسيطة وقد درجت على اتخاذ البسطة وسيلة للتمويه حيث انها ما ان تشاهد افواج قاصدي المسجد الحرام او الخارجين منه حتى تبدأ بملاحقتهم.
وتقول هذه المتسولة اسمي مريم مامادو من شمال نيجيريا وقصتي مع التسول بدأت بعدما اديت العمرة فلدي شقيقة تقيم في حي الرصيفة وهي التي شجعتني على التسول وتبلغ حصيلتي في اليوم الواحد حوالى 150 ريالا وارسل ما احصل عليه الى بلدي بواسطة شخص اعتاد على استلام حصيلة المتسولين وارسالها الى ذويهم.
المدينة المنورة
وفي المدينة المنورة لا تختلف مشاهد المتسولين حيث ان احدهم تلتقيه في طريق المطار وهو يمد يده للمارة واصحاب السيارات يقول ان اسمه سليم وهو امي ويعيش في منزل شعبي مع احد اقربائه وفي غير موسم رمضان فهو يعمل بائعا متجولاللاكسسوارات والتحف الرخيصة حاولت ان يزيدني من قصته غير انه انطلق مسرعا من امامي وتوارى عن الانظار بين جموع الزوار قرب الحرم النبوي الشريف.قصة اخرى لرجل باكستاني تلتقيه قبل ترحيله الى بلاده جاء لاداء العمرة وتم ضبطه وهو يتسول في احد الشوارع مستغلاً فقد يده في حادث سير ببلاده.ويقول اختر شاه وهذا اسمه انه من قرية صغيرة في جنوب باكستان وقد جاء مع زوجته والتي غادرت وتركته مع احد ابناء جلدته والذي يتولى رعايته مقابل 30 ريالا في اليوم الواحد.
واضاف ان حصيلته في اليوم الواحد تتراوح بين 300-600 ريال وان اكثر الذين يتعاطفون معه هم المسنون وخاصة من المواطنين السعوديين.
جدة
وفي تقاطع شارع الأمير ماجد مع التحلية بجدة كانت مريم عبدي من دولة في القرن الافريقي تحمل طفلها وهي تتسلل بين ارتال السيارات.
وتقول انها مقيمة مع زوجها منذ 15 سنة في احد احياء جنوب جدة وهي تعمل خادمة لدى بعض الاسر بالاجر اليومي حيث تقوم بكي الملابس وعمليات النظافة وفي عصر كل يوم تستغل وقت فراغها وتمتهن التسول.
وتضيف ان الحصيلة اليومية في رمضان تزيد وتصل في بعض الاحيان الى 500 ريال.
وفي موقع قريب من مطعم للوجبات السريعة تلتقى بمجموعة من الاطفال الافارقة بعضهم كان يحاول اظهار عاهة امعانا في استدرار العطف.
يقول ابو بكر جامبي 11 سنة انه يعيش مع والدته في حي المصفاة ويستغل سيارة اجرة في كل يوم ويأتي الى هذا الموقع للتسول.
واضاف ان التنافس بين الاطفال المتسولين يؤدي في بعض الاحيان الى معارك فيما بينهم.
ويضيف المتسولون لهم نظرة في المارة واصحاب السيارات وهم في الغالب يقصدون سائقي المركبات الفخمة ولا يمدون اياديهم الى اصحاب السيارات القديمة.وبجوار أحد المولات تلتقيه شابا سعوديا في العقد الثاني من عمره كان يحمل بين يديه كيسا فيه عبوات ادوية يقول (خ. م) القادم من قرية جنوبية انه عاطل عن العمل ووالدته مريضة بالسكري والضغط يتكلم وهو يضغط على مخارج الحروف وعندما يتأكد انه لن يحصل منك على شيء يرمقك بنظرة قاسية ويمضي الى حال سبيله.
ويقول أحد أصحاب المحلات التجارية ان الشاب درج على التسول في هذا الموقع ويأتي في بعض الأحيان وهو في حالة غير طبيعية.
عسير
وفي منطقة عسير يتخذ المتسولون سفوح الجبال سكنا لهم واجمع بعضهم ان حصيلة الواحد منهم في اليوم تتراوح ما بين 150 و 300 ريال ويتوقف ذلك على مدى مهارة وذكاء وخبرة «المتسول» وقدرته على استدرار العطف.
في أحد الشوارع تتابع رجلا يقود سيارة قديمة وكان يوزع اطفاله امام بوابات المساجد وهم ثلاثة طفلان وصبي صغير. اضافة الى زوجته والتي نزل معها وأدى الصلاة في المسجد وجلس الاثنان كل واحد في موقع للتسول من المصلين.
يقول ان اسمه (محمد . ش) وهو موظف وقد درج على التسول مع افراد عائلته لتغطية متطلبات الحياة.
وبجوار أحد الأسواق الشعبية كانت المتسولة سعدية محمد تجلس بجوار البوابة الرئيسية للسوق تقول ان والدها تزوج من امرأة اخرى وهي تتسول لتوفير لقمة العيش لامها وشقيقها الصغير.
أما نورة محمد 45 عاما فنفت انها تتسول فيما تم ضبطها بجوار أحد المستشفيات العامة وذكرت في المحضر انها مريضة بالسكري وجاءت الى العلاج.
وبالنسبة الى «هيا» 35 عاما والتي قبض عليها مكتب مكافحة التسول مرتين قالت ان زوجها يعمل حارسا ولديها ستة اطفال وحامل في الشهر السابع وهي تتسول بمعرفة زوجها والذي لا يعارض ذلك.
وأضافت انها كثيرا ما تتعرض للابتزاز من بعض الشباب وخاصة بجوار الاسواق.
جازان
وفي جازان قال الطفل علي رازم 11 سنة انه يمتهن التسول ويقوم ببعض الاعمال اليدوية وتبلغ حصيلته في اليوم الواحد حوالى 150 ريالا واضاف انه يعمل لحساب رجل يقوم بتسخيره في مهنة التسول مع 30 طفلا اخرين ويسكنون معا في بيت شعبي في احد احياء المدينة وفي كل مساء يقومون بتوريد الحصيلة للرجل الذي يوفر لهم الطعام والشراب.
مديرو المكافحة
اذا كانت هذه حكايات من عالم المتسولين فماذا يقول مديرو مكاتب مكافحة التسول. مدير مكتب مكافحة التسول في مكة المكرمة منصور الحازمي ان التسول في المطلق ليس له موسم معين ولكن اعداد المتسولين تزداد في شهر رمضان وأضاف انه خلال عمله صادفته الكثير من المواقف والقصص منها انه تم رصد ثلاث نسوة في احد المساجد في حي الرصيفة واثناء محاولة ضبطهن فوجئ منسوبو المكتب انهم امام ثلاث رجال أجسادهم ضخمة وقد القوا بالعباءات التنكرية وذابوا في الازقة الضيقة.
كما صادفنا حالة لشخص كان يضع جهازا حول بطنه وفي هذا الجهاز مادة تشبه البول وعند القاء القبض عليه وعرضه على الطبيب تبين ان المادة عبارة عن عصير تفاح حيث كان يستدر بذلك الجهاز المارة على انه مريض.
وثمة شخص آخر كان يدعي الجنون ويرتدي ثيابا رثة وبعد احضاره الى المكتب تبين انه فقط يدعي الجنون وعثر في حزام بطيات ملابسه به أكثر من 7 الاف ريال.
وتابع ان هناك تعليمات لائمة المساجد بمنع التسول في المساجد وهناك 2500 مسجد في مكة والمتسولون يستغلون المساجد البعيدة لمزاولة التسول.ومن جانبه قال مدير مكتب مكافحة التسول في ابها فائز الاحمري ان غالبية المتسولين هم من جنسيات وافدة و 2% منهم فقط من المواطنين.واضاف انه بالنسبة للاجانب فانه يتم ترحيلهم اما المواطنين فتتم دراسة حالتهم الاجتماعية ميدانيا وتحويلهم الى الجمعيات الخيرية أو الضمان الاجتماعي واستطرد انه تم القاء القبض على (23075) متسولا ومتسولة خلال السنوات العشر الماضية.
وفي العام 1425هـ تم ضبط 2267 متسولا منهم 137 مواطنا سعوديا وفي العام 1426 بلغ عدد المتسولين 4610 منهم 907 مواطنين وفي العام 1427هـ ضبط 2079 متسولا منهم 130 مواطنا وتابع ان الجنسيات العربية تشكل 98% من المقبوض عليهم من المتسولين في المنطقة. [/align]