الروح والمنام:
يقول الحق ـ تبارك وتعالى ـ في كتابه الحكيم: ) الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ([سورة الزمر: 42]. وبذلك يبين لنا سبحانه وتعالى ثلاث حالات للنفس أو الروح، وهي: التوقي، والإمساك، والإرسال، ففي المنام وحين الموت يتوفى الله الأنفس، فإن كان موتاً أمسكت النفس فلا تعود لجسدها، وإن كان مناماً أرسلت ثانية إلى أن يحين أجلها، أي: الموت. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم لصحابته حين ناموا ففاتتهم الصلاة: (إن الله قبض أرواحكم حيث شاء وردها حيث شاء) (أخرجه البخاري [1/154]) وهكذا نرى أن صلة الروح بالجسد أثناء المنام تختلف تماماً عن حالة اليقظة، فالله يتوفى الروح أو يقبضها في المنام وبذلك تتحرر الروح وتخرج من قيود الجسد التي تحد من قدرتها وإمكانيتها لتدخل حالة التوفي وهي حالة خاصة يظهر فيها من وقت لآخر ما لتلك الروح من قدرات يختفي معها حاجز الزمن وحاجز المكان، فهي تستطيع أن تستقبل ما لا يدركه الإنسان بحواسه المعروفة ضيقة المدى وإدراكه المحدود بإمكانية البشرية حبيسة الزمان والمكان، فالروح جوهر يخالف في مادته عن جوهر البدن الأرضي الترابي، ولذلك يمكنها أن تتلقى من الأحاديث، وتظل الروح على اتصال بجسم النائم بصورة لا يعلمها إلا الله، فتنقل إليه كل ما تلقاه، ولكن بصورة رمزية قد يصعب تأويلها في كثيرٍ من الأحيان.
وعندما تصل تلك ( الأحاديث ) إلى الجسم فإنها تسبب انفعاله بها فيما يحدث من ازدياد النشاط الكهربائي للدماغ وإسراع النبض والتنفس وبعض الحركات غير الإرادية للعضلات والأطراف، وهذه كلها ردود فعل غريزية لتلك المؤثرات ويمكن تسجيل ما يشابهها في حالة اليقظة ـ إذا تعرض الإنسان اليقظ إلى الانفعالات سواء كانت نتيجة لمؤثرات خارجية كحادثة أو مناقشة أو مشكلة ما، أو كانت لمؤثرات دخيلة مثل التفكير والقلق والاكتئاب وتوقع المشاكل أو الأخبار السيئة.
أما الأوامر التي يتلقاها النائم في منامه فتأتي دائماً صريحة واضحة لأنها تأمر بعمل ما أو باتخاذ إجراء معين محدد، ولذلك تأتي الأوامر صريحة دون رموز كما جاء في قصة الذبيح ) يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال: يا أبت افعل ما تؤمر ( فهو أمر ونوع من أنواع الوحي من الله ليقضي الله أمراً كان مفعولاً.
وكذلك الأمر في قصة حفر بئر زمزم على يد جد الرسول صلى الله عليه وسلم ولذلك تأخذ شكلاً مغايراً للرؤى الأخرى الرمزية والتي تحتاج إلى تأويل ممن أعطاهم الله المقدرة على تأويل الأحلام، أما الأوامر فهي تحتاج إلى تنفيذ وهذا يستلزم وضوح المطلوب حتى يتم إنجازه دون خطأ أو تحريف، وأغلب الظن أن ما تلقته أم موسى كان من هذا القبيل ) وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ([سورة القصص: 7]. فهي تعليمات واضحة صريحة لا لبس فيها ولا غموض حتى يتم تنفيذها كما هي دون نقصان.
الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا:
تدخل روح النائم إلى حالة التوفي فترى وتسمع ما لا تراه ولا تسمعه العين أو الأذن أثناء اليقظة، وما لا يراه وما لا يسمعه أحد آخر غير النائم، فينطبع ما يراه وما يسمعه في ذاكرته لفترات طويلة، وتعود الروح إلى اتصالها الطبيعي بالجسد عند الاستيقاظ إلى أن يحين الأجل حيث تقبض الروح وتمسك بالموت، فتنفصل الروح عن الجسد تماماً منطلقة إلى آفاق الغيب حيث ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، تلك الآفاق والغيبيات التي لا تدركها عيوننا فتراها وتقصر عن سماع ما فيها آذاننا، وتقف عنها أفكارنا وخيالاتنا آفاق غير محدودة، وفي هذا يقول الرسول الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم: ( الناس نيام فإذا ماتا انتبهوا ). إذاً أين إحساس الجسد الترابي
الأرضي من إحساس الروح؟! وأين إمكانيات الحواس من إمكانيات الروح؟! سبحانه وتعالى في خلقه.
منقوووووووووووووووووووووووووول


 LinkBack URL
 LinkBack URL About LinkBacks
 About LinkBacks 
 
 
  يكاد زيتها يضيء .رؤيه علميه جديده –
 يكاد زيتها يضيء .رؤيه علميه جديده –
                
             
 



 
  
 



