المجتمع, المرآة, اليهودية
[align=center]المرأة اليهودية في المجتمع الصهيوني [/align]بسم الله الرحمن الرحيم
قد أجد من يتساءل عن أسباب اختياري الحديث عن ( المرأة في المجتمع الصهيوني) ونحن نمر حاليًا كأمة إسلامية وعربية بحرب دامية نخشى جميعاً ألا تبقي ولا تذر!! حفظ المولى الكريم بفضله ديننا وأوطاننا.
وعليه لا بد أن أوضح أن أهمية المضامين التي سألقيها نابعة من ارتباطها بمحورين هامين: أوضاع المرأة اليهودية في ظل الأصولية والعلمانية في المجتمع الصهيوني من جانب، واللجان الغربية لحقوق الإنسان من جانب آخر، لجان ما فتئت تنادي وبإلحاح بحقوق الإنسان، على اختلاف أيدلوجياته، لجان بدت لي قد غضت الطرف عن أوضاع المرأة اليهودية في الكيان الصهيوني!! لعلنا نتمكن جميعاً من استنهاض همم تلك اللجان العالمية، فتتوجه للبحث في أوضاع المرأة اليهودية ومثيلاتها في المجتمعات العلمانية الأخرى، لعل تلك الدراسات تساهم برفع اللثام الذي كاد يقضي على البقية الباقية من إنسانيتها
امرأة جنى عليها مجتمعها بجانبيه الأصولي والعلماني جانبان تعاضدا على خذلانها تلك هي المرأة اليهودية في ظل الصهيونية وضع من السهولة بمكان إدراكه والوقوف على أبعاده بمجرد النظر في مجريات الواقع الأصولي والعلماني للكيان الصهيوني، وضع مأساوي يتطلب التدخل السريع للجان حقوق الإنسان، فالصهيونية بجانبيها الأصولي والعلماني تكالبا على الإطاحة بإنسانيتها، وحطا من قدرها، وأهدرا من كرامتها، وعدّا كل ذلك تديناً أو ذكاءً سياسياً. وضعها لا يمكن للنظام الصهيوني إنكاره، وإن كان بلا شك بارعاً في تجاهل مضامينه أو على أقل تقدير إبقائه داخل دائرة المتخصصين
ولأني أعتقد أن ذلك لا يهم أهل الاختصاص دون غيرهم، بل يهم كل باحث عن الحقيقة وعن الفضيلة، عن الحق وعن العدالة؛ فكيف بأمة كأمتنا أمة الإسلام؟!
آمل أن أنتهي معكم لتبيان الصورة الحقيقية لحياة المرأة في ظل المجتمع الصهيوني، فوضعها يترنح بين ظلم العلمانيين واستبداد الأصوليين، معاناة يومية للمرأة اليهودية، لم تبدأ بالأمس القريب، فالتاريخ بحقائقه الإنسانية الأصولية يتحدث وبإسهاب عن الواقع المرير للمرأة اليهودية، وضع ما زال الأصوليون متمسكين به داعين له محاربين لأجله، أما المرأة الصهيونية التي اختارت التوجه والاحتماء بالعلمانية فحياتها مادية منزوعة الروح خاوية الوفاض من أي إنصاف وحالها كما تأكد الدراسات كحال (المستجير من الرمضاء بالنار).
وإليكم ما يقوله التاريخ، وما يقوله العصر عن وضع المرأة اليهودية في المجتمع الصهيوني.
المرأة اليهودية في ظل الأصولية:
لعنة حواء:
لقد أضاعت الأصولية اليهودية كرامة المرأة الأم مربية النشء وهو ضياع لكرامة الأمة وسعادتها، إن كتابهم المقدس حمل المرأة الجزء الأكبر من معصية آدم وحواء (الأكل من الثمرة المحرمة)، وهذا الموقف صريح في انحيازهم ضد المرأة، فمنذ القدم، وحتى يومنا هذا، ارتبط اسم المرأة في الديانة اليهودية بإبليس، بصفتها الجنس الهش القابل للإغواء.
والواقع يؤكد أننا لا يمكننا لوم المرأة اليهودية إذا ما راودها الإحساس بالتعاسة والشقاء؛ فديانتها جعلت حياتها في مختلف مراحلها الأنثوية لعنة، فهي لعنة عند ولادتها، ولعنة في طفولتها، وفي بلوغها ، وفي حملها، ولعنة وهي أم ومرضعة، بل إن آلام الحيض في اعتقادهم من آثار لعنة الخطيئة الأولى
لقد تركت اللعنة التي أصابت حواء وبناتها – على زعمهم- تأثيراً جسدياً عليهن بتعلقها ببعض خواص المرأة، وأقصد بذلك الحمل والولادة وما يتطلبه ذلك من خصائص أنثوية ملازمة لكلتا الحالتين.
فقد جعل كتابهم المقدس هذه الخصائص المهمة المتميزة للمرأة، صفة ذم لا صفة مدح، وقد ترتب على هذا الاعتقاد كثير من الأحكام التشريعية التي يمكن وصفها بالشدة والقسوة في معاملتهم لها، وخاصة إذا كانت حائضاً أو نفساء اعتقاداً منهم أن هاتين الخاصتين ترجعان إلى اللعنة التي ارتبطت بالمرأة نتيجة للعنة حواء.
كان ذلك واضح من الأحكام التشريعية التي فرضها اليهود على الحائض والمرأة الوالدة، والتي تشعر بمدى تعاسة المرأة اليهودية، ومدى ما أصابها من ظلم وقسوة.
ففي مرحلة الحيض، تكون فيها نجسة منجسة لكل ما حولها، سواء كان أثاثاً أو ثياباً أو متاعاً أو حتى من البشر، فمن يلمسها أو حتى يلمس فراشها أو متاعها يكون نجساً إلى المساء، وعليه عندئذٍ أن يغسل ثيابه ويستحم ليخرج من هذه النجاسة؛ بل إنهم يعمدون لكسر الآنية الخزفية التي يصدف أن تلامسها الحائض.
ولتخرج من هذه النجاسة عليها أن تعيش منعزلة عن العالم المدة المعتبرة عندهم للحيض، وهي سبعة أيام، تندب خلالها حظها العاثر الذي جعلها امرأة، ثم تغتسل وتتقدم بـ(دجاجتين أو فرخي حمام)، إحداهما ذبيحة الخطيئة والأخرى محرقة (قرباناً) ليكفر عنها !!.
أن تتحول المرأة بسبب نجاسة مؤقتة ومحدودة إلى عنصر نجس منجس أمر يصعب تصوره فكيف بقبوله؟! وأن تهجر الفتاة البالغة المتدينة مدة لا تقل في أحوالها العادية عن (84) يوماً سنوياً وهي مدة الحيض المعتادة للفتاة، أمر يصعب تصوره أيضاً فكيف باحتماله؟!
بل إن اليهودية التي حرمت على أتباعها أكل لحم الجمل والأرنب والخنزير، وطالبتهم بعدم الاقتراب من جثثها (لنجاستها)، لم تحرم عليهم لمس هذه الحيوانات وهي حية ترزق، كما فعلت مع الحائض!.
بل إنهم تمادوا في تعنتهم فحرموا على كل النساء ولو كن على طهارة لمس عباءة الصلاة (الطاليت) التي يلبسها الرجال، ولو فعلت فلا بد من استبدالها بجديدة.
ولكن حال المرأة حالة الحيض على صعوبته وشدته على نفسية الأنثى يهون بالنسبة إلى حالها بعد الولادة، إن المرأة الوالدة عليها الكثير لتدفع فالولادة بحد ذاتها تعد عندهم من أكبر علامات اللعنة على حواء وبناتها؛ فالأم الوالدة يلحق بها قدر لا يستهان به من القسوة والشدة، لقد وجد اليهود أن الوجع والألم اللذين يصيبان الأم أثناء الحمل والولادة غير كافيين لتحقيق لعنة (ياهو) عليها.
فما كان منهم إلا أن انتظروا انتهاء هذا العذاب المرير حتى بدؤوا بنوع آخر، مقررين وجوب هجرها تماماً بعد الولادة، وعدم الاقتراب منها، فهي نجسة منجسة تنجس كل من حولها سواء كان إنساناً أو جماداً.
لقد حاولت تخيّل هجر المرأة الوالدة تماماً بمجرد وضعها لوليدها خوفاً من نجاستها المتنقلة، كما تقرر الشريعة اليهودية، فلم أحتمل.
والعجيب؛ بل المبكي في وضعها هذا أن نجاستها في تصورهم تختلف باختلاف نوعية جنينها، فإذا كان المولود ذكراً تكون نجسة منجسة سبعة أيام كأيام طمثها، ثم تبقى بعد ذلك ثلاثة وثلاثين يوماً لا تلامس شيئاً مقدساً ولا تدخل بيتاً للعبادة، أما إذا كان المولود أنثى فالويل كل الويل لها، فقد جلبت لعنة للعالم تستحق معها الهجر والإذلال، فبعد أن كانت نجسة منجسة سبعة أيام، أصبحت نجسة منجسة أسبوعين، وعليها أن تبتعد عن بيت العبادة ستة وستين يوماً بعد أن كانت ثلاثة وثلاثين يوماً في حق من أنجبت ذكراً.
وعندما بحثت عن تفسير وسبب وراء هذا الاختلاف الواضح بين الفترتين وأسباب مضاعفة فترة الهجر، وجدت إقرارهم أن لعنة حواء التي انتقلت لبناتها هي السبب الوحيد لهذا الاختلاف الشاسع بين مدة نجاسة من أنجبت ذكراً عن التي أنجبت أنثى.
وبعد الانتهاء من الفترة المحددة تغتسل ثم توجه أنظارها للكاهن فتتقدم إليه بخروف كمحرقة (قرباناً) وفرخ حمامة أو يمامة كذبيحة لخطيئة، أو يمامتين، أو فرخي حمام في حالة فقرها فتطهر.
لم يذبحوا الذبائح شكراً لله على سلامتها وسلامة الوليد أو التعزية على ما أصابها؛ بل لكونها إحدى بنات حواء، ورثت لعنة أمها حواء فجرى عليها ما جرى على أمها من مشاق الحمل وأوجاع الولادة، وهذا ما يفسر رفض بعضهم استخدام الحامل المسكنات عند الولادة، فالوجع والألم لا بد أن يلازما الأمومة.
إن هذه التشريعات تحتوي على قدر كبير من القسوة والظلم والمشقة على المرأة التي بطبيعة تكوينها الأنثوي تملك نفساً حساسة، وتزداد هذه الحساسية عندما تكون في مرحلة الولادة وما بعدها، إنه وضع يتطلب قدراً كبيراً من الرعاية من قبل الزوج والأهل.
ولكنهم تجاهلوا كل ذلك غير مكتفين بمضمون اللعنة الواردة في كتابهم المقدس؛ بل أصدروا لعناتهم المتتالية على المرأة، معتقدين أنها عنصر الأساس في خروج أبيهم آدم من الجنة، ووجودهم على هذه الأرض بكل ما فيها من كدح وشقاء؛ بل إنهم يؤمنون أنهم بسببها عرفوا الموت، وحرموا الخلود، لذا استحقت النساء اللعنة الأبدية التي ورثتها باعتقادهم عن أمها حواء، فهي المسؤولة عن كل الشقاء التي عم أبناء آدم على الأرض، وهي التي تسببت في غضب الرب ثم لعنته ثم طردهما من الجنة.
وإذا أردنا تتبع التشريعات اليهودية المتعلقة بالمرأة، سنجدها حافلة بأمثلة السيادة المطلقة للرجل على معشر النساء ولكثرة هذه التشريعات وتنوعها سأكتفي بالإشارة لبعضها:
1-الصلاة:
إن الحد الأدنى لإتمام صلاة الجماعة في الديانة اليهودية هو عشرة ذكور، لا يصح أن يدخل بينهم النساء، ولو تجاوز عددهن المئات، وقد أفتى مؤخراً بعض اليهود أن الفتاة إذا بلغت سن التكليف تحسب في الحد الأدنى للحاضرين لصلاة الجماعة، أما السبب وراء هذه الفتوى، فليس لأنهم أدركوا فساد ما ذهبوا إليه في فتواهم تلك، ولا لأن قلوبهم رقت للنساء وما أصابها من حرمان؛ بل لأمر آخر، فقد قالوا في تعليلهم لهذه الفتوى إن الحاخام قد يضطر لاستئجار رجال من تاركي الصلاة، لإتمام صلاة الجماعة في حال عدم توفر الحد الأدنى من المصلين، وهؤلاء على الأغلب ينفقون ما يقدمه الحاخام ثمناً لصلاتهم، في تعاطي المخدرات وفعل المنكرات؛ وعليه فقبول النساء المتدينات عوضًا عن أولئك هو الحل الأمثل!!
.net
2- التوراة:
ذكر كتاب (قوانين تعاليم التوراة) الذي أشار إليه الدكتور (إسرائيل شاحاك) إلى أن: "المرأة التي تدرس التوراة تحصل على ثواب من الله ولكنه أقل مما يحصل عليه الرجل، لأنها غير مكلفة بذلك، وكل شخص يقوم بما هو غير مكلف به يحصل على ثواب أقل مما يحصل عليه المكلف"، ثم يأمر الحكماء الآباء "ألا يعلموا بناتهن التوراة لأن معظم النساء ليست لديهن نية تعلم أي شيء وسوف يقمن بسبب سوء فهمهن بتحويل أقوال التوراة إلى هراء"، ويقول الحكماء: "إن أي شخص يعلم ابنته التوراة يمكن أن يقارن بمن يعلمها شيئاً تافهاً".
وفي السنوات القليلة الماضية سمح بعض الأصوليين للنساء المتدينات بدراسة بعض نصوص من التوراة في المدارس الدينية، بعد أن كانت بجملها وأوراقها وحروفها محرمة عليهن، كما قاموا بتعليمها بعض الأجزاء السهلة من التلمود على ألا تتجاوز لغيرها، إذ لا يوجد خلاف بين الحاخامات على ضعف عقل المرأة.
3- الزواج:
تميل المرأة فطريًّا إلى فكرة الزواج عندما تبلغ سنًّا معينة تؤهلها لتحمل مسؤولية زوج وأطفال؛ بل إن الزواج حلمها الوردي الذي تنتظره لتحقيق آمالها في تكوين أسرة سعيدة مترابطة يجمع بين أفرادها الحب والوئام ويرفرف على أجوائها الأمان والاستقرار.
ولكن حال المرأة اليهودية يختلف ولا شك، فالمرأة اليهودية عندما تقبل على الزواج لا بد أن يراودها وبمرارة ويأس الجحيم الذي ستؤول إليه، فشريعتها قد فرضت عليها بسبب لعنة أمها حواء ألواناً من العذاب لا يمكن لرجل تحمله، فكيف بالمرأة ؟!
فهي ما أن تتزوج حتى تفقد ما تبقى لديها من كرامة، وتتحول إلى مجرد أمة مملوكة لهذا الزوج، فلا يحق لها الاعتراض أو الامتناع عن تنفيذ أوامر زوجها، ولو كانت هذه الأوامر معقولة لوجب الصمت؛ فالمرأة بطبيعة الحال تحب أن تكون مرؤوسة من زوجها نوعاً ما، أما حالها في أحكام الزواج عند اليهود، فقد فاق ما يمكن أن تتحمله بوصفها إنساناً له كيانه الخاص.
فالمهر الذي يعد ركناً من أركان الزواج في الديانة اليهودية جعل من المرأة سلعة معروضة للبيع يشتريها الرجل من أبيها لتصبح زوجة بل أمة له، لا تستطيع الخلاص منه أبداً، وعليها كزوجة القيام بجميع أعمال المنـزل التي تفوق طاقتها.
إن المرأة اليهودية المتزوجة في مقياس بني إسرائيل، خادمة مجدة مثابرة، لا تكل ولا تمل، تؤدي الأعمال المنزلية التي يتطلب أداؤها وجود أربع خادمات، فهي تقوم بالإضافة إلى عملها بالغزل، الذي لا يسقط عنها؛ لأن البطالة – كما شرعوا- تقود إلى الفساد.
بالإضافة إلى أن الزوج في شريعة بني إسرائيل غير مكلف مطلقًا مهما كان ثراؤه بإحضار الخدم لزوجته، وعليها إذا رغبت في ذلك اللجوء لوالدها لتكفل هذا الأخير بتكاليفهم!.
ومن الغريب في هذه القضية أن العهد القديم كتابهم المقدس، عندما يصور صفات المرأة الفاضلة يركز بشكل واضح على عنصر الخدم؛ فعليها أن تعمل عملاً متواصلاً ليل نهار في خدمة زوجها وأسرتها، فهي التي تعد الطعام، وتفلح الأرض وتزرعها، وتخيط ثياب أسرتها، وحين يأتي المساء لا تركن للراحة؛ بل تكمل ما بقي من عملها، الذي لا ينتهي ولو في ضوء خافت!.
أما زوجها فيكفيه في مجلس شيوخ بني إسرائيل أن يفتخر بزوجته الفاضلة، التي يتعدى عملها كل ذلك ليصل إلى العمل لكسب رزقه ورزق عياله؛ فهي تصنع الثياب وتعرضها للبيع، بل تذهب إلى الكنعانيين تعرض بضاعتها غير آبهة بما قد يصيبها على أيدي أعدائها، في وقت يجلس ذلك الزوج المفخم ذاكراً إياها بالخير مفتخراً بها، لا يشغله شاغل في هذه الحياة.
بل إن الزوجة الفاضلة عند بني إسرائيل، التي يصيبها كل ذلك تستقبل أيامها المقبلة ببشر وضحك غير مكترثة بما تحمله من هلاك وشقاء يفوق أيامها الماضية، إذا أخذنا في الحسبان التغيرات التي تجد في كيان الأسرة، والتي تؤدي إلى زيادة متطلبات أفرادها مع مرور الوقت، أما سعادتها الخاصة فلم تكن أبدًا موضع اعتبار عند الأصوليين اليهود.
أما حلاقة شعر رأس المرأة الأصولية بعد زواجها فيعد أمرًا واجبًا وكبديل لشعرها الأصلي ترتدي الشعر المستعار، هذا الوضع يستمر مدى حياتها، وذلك لأن إظهار مظاهر الجاذبية لدى المرأة محرمة، ولو كانت من زوجة لزوجها.
4 – الملكية الخاصة:
تنظر اليهودية بكثير من التشكك في القدرة العقلية للمرأة، ومن تتجه إلى الحجر على تصرفاتها المادية؛ فمنهم من يحرم عليها الميراث عمومًا مادام للميت نسل من الذكور، ومنهم من يقول إنها لا ترث قبل أن تبلغ الثانية عشرة، وعلى الورثة القيام برعايتها إلى أن تبلغ هذه السن. أما إذا كانت أكبر من ذلك فلها سهم، ولأخيها سهمان على أن يكون نصيب أخيها البكر أربعة أسهم.
على أية حال إن تحديد اليهود لسن الثانية عشرة لتتمكن حواء من الحصول على الميراث لم يأت اعتباطاً؛ فهذه هي السن المحددة في شريعتهم لزواج البنت، ومن ثم فهناك احتمال قوي أن ينتقل ميراثها تلقائياً في سن الثانية عشر، من ملكية أهلها إلى ملكية زوجها، إذا تم زواجها في هذه السن.
ولأن المرأة اليهودية كما أشرت في حكم القاصر دائمًا، سواء كانت تحت الثانية عشرة أو تعدت هذه السن، فهي في كلتا الحالتين خاضعة خضوعاً تاماً لسيادة الرجل من الناحية المعنوية والمادية، وجاء تحريمهم لزواج الفتاة اليهودية برجل لا ينتمي لأسرتها، خشية أن ينتقل مالها لأسرة زوجها.
أود الإشارة هنا لبعض النصوص المقدسة المعادية للمرأة اليهودية، إذ إنها تعد من الجوانب الأساسية للدراسة الدينية لليهودية الأصولية، ومن هنا تنبع خطورتها، أذكر من ذلك ما ورد في التلمود: "إن المرأة هي حقيبة مملوءة بالغائط".
إنها في نظرهم أمر من الموت؛ فقد ورد في سفر الجامعة الإصحاح السابع منه: "درت أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمه وعقلاً ولأعرف الشر أنه جهالة، والحماقة أنها جنون، فوجدت أمر من الموت، المرأة التي هي شباك وقلبها شراك ويداها قيود، والصالح قدام الله ينجو منها، أما الخاطئ فيؤخذ بها".
كما ساوتها الوصايا العشر بالبهائم، فهي توازي الحمار والثور وكذا بالعبد والأمة؛ فقد جاء في سفر الخروج الإصحاح العشرين منه: "لا تشته امرأة قريبك، ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئًا مما لقريبك".
في حين نجد التلمود يقول: "يجب على الرجل ألا يمر بين امرأتين، أو كلبين أو خنزيرين، كما لا يجب أن يسمح رجلان لامرأة أو كلب أو خنزير بالمرور بينهما".
وقد أكد البرفيسور (إسرائيل شاحاك) أن الفتيان من الأسر الأصولية الذين تتراوح أعمارهم بين العاشرة والثانية عشرة، يجب أن يلتزموا بهذا الأمر مؤكداً أن تطبيق هذا التشريع لن يكون صعباً في أحياء المتعصبين من اليهود لعدم وجود كلاب ولا خنازير فيها، وهكذا لن نجد في قائمة المحظورات سوى النساء!!
أما الدعاء الذي يتلوه اليهود مع إشراقة كل صباح، فيحمل بين كلماته زوايا سوداء من حياة النساء اليهوديات اليومية، إذ يقول الرجل فيه: "مبارك أنت يا رب لأنك لم تخلقني وثناً ولا امرأة، ولا جاهلاً" بينما تقول المرأة اليهودية بانكسار: "مبارك أنت يا رب الذي خلقتني بحسب مشيئتك" وجدير بالملاحظة أن هذا الدعاء قد أثار سخط بعض النساء اليهوديات التابعات للأحزاب العلمانية.
وذاك الدعاء ليس فريدًا من نوعه، فالرجل اليهودي يشكر ربه قائلاً: "الحمد يا رب يا ملك، يا من لم تخلقني أنثى، واحسرتاه لمن كانت ذريته إناثاً أصلح النساء المشعوذات، النساء أرواحهن تافهة النساء لسن حكيمات ولا يعتمد عليهن، نزلت إلى العالم عشرة أنصبة من الثرثرة وأخذت النساء منها تسعًا". الأنثى في نظرهم مشعوذة تافهة ثرثارة إلخ.
وقد قام كثير من اليهود الذين تلقوا في شبابهم تعليماً تلمودياً، بالرد على نحو عدائي على اليهودية الأصولية المتشددة، في تصويرها ومعالجتها للمرأة، وقام أولئك اليهود بكتابة مقالات نشرت في الصحف الإسرائيلية الناطقة بالعبرية، ولكنها كما يؤكد (شاحاك) لم يترجم أي منها للغة الإنجليزية.
ومن هؤلاء (كنين ليبر) أحد الصحفيين الصهاينة الذين يتمتعون بمصداقية في الكيان الصهيوني، إذ كتب ينتقد هذه الأصولية المتحجرة؛ فيقول في مقال نشر في 18 إبريل 1997م وفي صحيفة (هاعير): "الجلد والبهيمة الجنسية والوحشية والحرمان من الحقوق واستخدام المرأة فقط كأداة للجنس، كل هذا تستطيع أن تجده هناك في التلمود لقد كانت المرأة ولمدة ألفي عام تتمتع بمكانة معروفة في الدين اليهودي وهي المكانة التي تختلف عما تصفه المؤسسة الحاخامية؛ فطبقاً لتعاليمها فإن مكانة النساء هي كومة القاذورات مع البهائم والعبيد"، وهذا ما أكدته الصهيونية العلمانية من جبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (تامار جوشنكي) بقولها: "أنا أعي جيداً كل ما ورد في التلمود والشروح والتفسيرات التي صاحبته على مدى الأجيال؛ فالمتشددون دينياً يعتقدون أن المرأة هي سبب انحراف الرجل وابتعاده عن الاستقامة، فهو مخلوق مثالي، وإذا أقدم على ارتكاب الجرائم الأخلاقية فيكون ذلك بسبب النساء اللاتي يلوثن نقاءه" ثم أكدت (جوشنكي) أن المتشددين يرون المرأة عنصراً خطيراً في المجتمع وطالبت بالتصدي لهذا التيار الديني المتشدد الذي تعدى احتقاره للمرأة لحد إباحته استخدام العنف ضدها- بشكل مطلق-.
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
منقول
hglvHm hgdi,]dm td hgl[jlu hgwid,kd