الرؤيا؟, بتعبير, علاقة
هل للفراسة علاقة بتعبير الرؤيا؟
نعم ؛ وعلاقة مباشرة وإليك الجواب مفصلا :
الفراسة في اللغة:
مشتقة من قولهم فرس السّبُعُ الشاة ، وُأطلق على السبع ؛ لأنه يفترس المسافات جريا .
وهي اصطلاحا :
الاستدلال بهيئات الإنسان وأشكاله ، وألوانه ، وأقواله ، على أخلاقه ، وفضائله ، ورذائله . وقد نبه الله على صدقها بقوله : [ إن في ذلك لآيات للمتوسمين ].
والفراسة نوعان :
1/ نوع يحصل للإنسان عن خاطر لا يعرف سببه ، وهو ضرب من الإلهام؛ وهو الذي يسمى صاحبه المُحدّث ، كما في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه ، قال صلى الله عليه وسلم : [ قد كان يكون في الأمم قبلكم مُحدثون ـ أي ملهمون وقيل : مصيبون ، وقال البخاري : يجري الصواب على ألسنتهم ـ فإن يكن في أمتي منهم أحد فإن عمر بن الخطاب منهم ] متفق عليه .
وقد يكون هذا الإلهام حال اليقظة ، أو المنام ، وحقيقته أنه : خاطر يهجم على القلب ، يثب عليه كوثوب الأسد على فريسته ، وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان ، فمن كان أقوى إيمانا فهو أحدّ فراسة ، وقد جاء في الحديث وهو عند الطبراني والترمذي ورواه البخاري في التاريخ : [ اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ].
وقد جاء في الحديث القدسي الذي رواه البخاري في كتاب الرقاق ، باب التواضع ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إن الله قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحبّ إلي مما افترضته عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى ُأحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأُعطينّه ، ولئن استعاذ بي لأعيذنّه . وما تردّدت عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن يكره الموت ، وأنا أكره مساءته ] .
والمراد أنه يجعله ينتفع بما يسمع من العلم والحكمة والمواعظ الحسنة والتجارب النافعة ، ويجعله كذلك يرى بنور الله ما في السماوات والأرض من آيات فيزداد إيمانه ويقينه .
2/ نوع يكون بصناعة متعلمة ، وهي معرفة ما في الألوان ، والأشكال ، وما بين الأمزجة والأخلاق والأفعال الطبيعية ، ومن عرف ذلك ، وكان ذا فهم ثابت ؛ قوي على الفراسة .
يقول الإمام ابن القيم :
إن الفراسة كانت وستظل منزلة من منازل : [ إياك نعبـد وإياك نستعين ] ، وما ذاك إلا لأنها نور يقذفه الله في قلب عبده يفرق به بين الحق والباطل والحالي والعاطل والصادق والكاذب .
وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان ، فمن كان أقوى إيمانا فهو أحد فراسة. ويقول ابن مسعود رحمه الله ورضي عنه : أفرس الناس ثلاثة : العزيز في يوسف حين قال لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا.، وابنة شعيب حين قالت استأجره.،وأبو بكر في عمر رضي الله عنهما حين استخلفه . وقد كان كثير من الصحابة رضي الله عنهم يتحلى بها ، وكان الصديق رضي الله عنه في مقدمتهم ، فهو أعظم الأمة فراسة ،
ومن الأمثلة على فراسته:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر : يا أبا بكر رأيت :كأني استبقت أنا وأنت درجة فسبقتك بمرقاتين ونصف ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ، يقبضك الله إلى رحمته ومغفرته ، وأعيش بعدك سنتين ونصفا .
وبعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
فإنه ما قال لشيء أظنه كذا إلا كان كما قال ، ويكفي في فراسته موافقته ربه في المواضع المعروفة ، كما جاء في صحيح مسلم عنه قال : وافقت ربي في ثلاث : في مقام إبراهيم ، وفي الحجاب ، وفي أسارى بدر.
وجاءت أيضا موافقته في تحريم الخمر ، ومنع الصلاة على المنافقين ، وحين احتج نساء النبي صلى الله عليه وسلم عليه في الغيرة ، قال : عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن ، فنزلت الآية بذلك .
قال النووي في شرح صحيح مسلم: فهذه ست وليس في الحديث السابق ما ينفي زيادة الموافقة ، والله أعلم . وأصل هذا النوع من الفراسة من الحياة والنور اللذين يهبهما الله تعالى لمن يشاء من عباده ، فيحيا القلب بذلك ويستنير ، فلا تكاد فراسته تخطيء.
وهذا مصداق قوله تعالى :
" أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون ".
بقلم الشيخ فهد سعود العصيمي
ig ggtvhsm ughrm fjufdv hgvcdh?