من هدي السلف في العبادة
قال الوليد بن مسلم : رأيت الأوزاعي يثبت في مصلاه ، يذكر الله حتى تطلع الشمس ، ويخبرنا عن السلف : أن ذلك كان هديهم ، فإذا طلعت الشمس ، قام بعضهم إلى بعض ، فأفاضوا في ذكر الله ، والتفقه في دينه .
معنى الخشوع :
سئل الأوزاعي عن الخشوع في الصلاة ، قال : غض البصر ، وخفض الجناح ، ولين القلب ، وهو الحزن ، الخوف .
من كان بالله أعرف كان منه أخوف
روى حماد بن زيد عن أيوب قال : قيل لعمر بن عبد العزيز : يا أمير المؤمنين لو أتيت المدينة ، فإن قضى الله موتا ، دفنت في موضع القبر الرابع مع رسول الله صلىالله عليه وسلم ، قال : والله لأن يعذبني الله بغير النار أحب إلي من أن يعلم من قلبي أني أراني لذلك أهلا .
التوازن عند السلف
قال بلال بن سعد : أدركتهم يشتدون بين الأغراض يضحك بعضهم إلى بعض ، فإذا كان الليل كانوا رهبانا .
تأثر السلف بالجنائز
قال ثابت البناني : كنا نتبع الجنازة فما نرى إلا متقنعا باكيا أو متقنعا متفكرا .
العابد الرباني وهيب بن الورد . قال ابن إدريس : مارأيت أعبد منه .
وقال ابن المبارك : قيل لوهيب : يجد طعم العبادة من يعصي ؟ قال : ولا من يهم بالمعصية .
وصفة في مكابدة الشيطان ومغالبته
قال الحارث بن قيس العابد الفقيه التابعي : إذا كنت في الصلاة ، فقال لك الشيطان : إنك ترائي ، فزدها طولا .
لم يكن أهل البيت من الغافلين
ابن أم عبد الصحابي الجليل رجله في الميزان أثقل من جبل أحد أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
روى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ غَدَوْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَوْمًا بَعْدَ مَا صَلَّيْنَا الْغَدَاةَ فَسَلَّمْنَا بِالْبَابِ فَأَذِنَ لَنَا قَالَ فَمَكَثْنَا بِالْبَابِ هُنَيَّةً قَالَ فَخَرَجَتِ الْجَارِيَةُ فَقَالَتْ أَلا تَدْخُلُونَ فَدَخَلْنَا فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ يُسَبِّحُ فَقَالَ مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا وَقَدْ أُذِنَ لَكُمْ فَقُلْنَا لا إِلا أَنَّا ظَنَنَّا أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْبَيْتِ نَائِمٌ قَالَ ظَنَنْتُمْ بِآلِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ غَفْلَةً قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ يُسَبِّحُ حَتَّى ظَنَّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ طَلَعَتْ فَقَالَ يَا جَارِيَةُ انْظُرِي هَلْ طَلَعَتْ قَالَ فَنَظَرَتْ فَإِذَا هِيَ لَمْ تَطْلُعْ فَأَقْبَلَ يُسَبِّحُ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ طَلَعَتْ قَالَ يَا جَارِيَةُ انْظُرِي هَلْ طَلَعَتْ فَنَظَرَتْ فَإِذَا هِيَ قَدْ طَلَعَتْ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَقَالَنَا يَوْمَنَا هَذَا فَقَالَ مَهْدِيٌّ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَلَمْ يُهْلِكْنَا بِذُنُوبِنَا قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ قَرَأْتُ الْمُفَصَّلَ الْبَارِحَةَ كُلَّهُ قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ إِنَّا لَقَدْ سَمِعْنَا الْقَرَائِنَ وَإِنِّي لأَحْفَظُ الْقَرَائِنَ الَّتِي كَانَ يَقْرَؤُهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنَ الْمُفَصَّلِ وَسُورَتَيْنِ مِنْ آلِ حم *
كثرة بكائه من خشية الله) ابن عمر(
بإسناد رجاله ثقات عن نافع: كان ابن عمر إذا قرأ: { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله } بكى حتى يغلبه البكاء
بإسناد رجاله ثقات عن محمد بن زيد: أن ابن عمر كان له مهراس فيه ماء , فيصلي فيه ماقدر له , ثم يصير إلى الفراش يغفي إغفاءة الطائر , ثم يقوم , فيتوضأ ويصلي , يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمسة
وعن نافع: كان ابن عمر لايصوم في السفر , ولايكاد يفطر في الحضر.
قال ابن المبارك :
بغض الحياة وخوف الله أخرجني وبيع نفسي بما ليس له ثمنا
إني وزنت الذي يبقى ليعدله ما ليس يبقى فلا والله ما اتزنا
سيد التابعين وزاهد العصر أبو مسلم الخولاني .
يؤدب ويروض نفسه بضربها
قال عثمان بن أبي العاتكة : علق أبو مسلم سوطا في المسجد ، فكان يقول : أنا أولى بالسوط من البهائم ، فإذا فتر ، مشق ساقيه سوطا أو سوطين ( أي ضرب بسرعة) . وكان يقول : لو رأيت الجنة عيانا أو النار عيانا ما كان عندي مستزاد .
كثرة صومه حتى في الجهاد
عن عطية بن قيس ، قال : دخل ناس من أهل دمشق على أبي مسلم وهو غاز في أرض الروم ، وقد احتفر جُورة في فسطاطه ، وجعل فيها نطعا وأفرغ فيه الماء وهو يتصلق فيه ( وهو التقلب على جنبيه) فقالوا : ما حملك على الصيام وأنت مسافر ؟ قال : لو حضر قتال لأفطرت ، ولتهيأت له وتقويت ؛ إن الخيل لا تجري الغايات وهن بُدًن ، إ،ما تجري وهن ضُمر ، ألا وإن أيامنا باقية جائية لها نعمل .
عامر بن عبد قيس القدوة الولي الزاهد أبو عبد الله التميمي البصري كان ثقة من عباد التابعين يشغل نفسه باقراء الناس .
قلبه معلق بالصلاة
عن الحسن أن عامرا كان يقول : من أُقرئ ؟ فيأتيه ناس ، فيقرئهم القرآن ثم يقوم فيصلي إلى الظهر ، ثم يصلي إلى العصر ، ثم يقرئ الناس إلى المغرب ، ثم يصلي مابين العشائين ، ثم ينصرف إلى منزله ، فيأكل رغيفا ، وينام نومة خفيفة ، ثم يقوم لصلاته ، ثم يتسحر رغيفا ويخرج .
تورمت قدماه من طول الصلاة
كان عامر لا يزال يصلي من طلوع الشمس إلى العصر ، فينصرف وقد انتفخت ساقاه فيقول : يا أمارة بالسوء ، إنما خلقت للعبادة .
خشيته وخشوعه بين يدي الجبار
عن أبي الحسن المجاشعي قال : قيل لعامر بن عبد قيس : أتحدث نفسك في الصلاة ؟ قال : أحدثها بالوقوف بين يدي الله ، ومنصرفي .
أنس بطاعة الله فبكى عند فقدها
قال قتادة : لما احتضر عامر بن عبد قيس بكى ، فقيل مايبكيك ؟ قال : ما أبيك جزعا من الموت ، ولا حرصا على الدنيا ، ولكن أبكي على ظمأ الهواجر وقيام الليل .
العابد التابعي هرم بن حيان العبدي ، قاد بعض الحروب في أيام عمر وعثمان ، قال ابن سعد : كان عاملا لعمر ، وكان ثقة ، له فضل وعبادة .
مناداته للصلاة في الليل
قال المعلى بن زياد : كان هرم يخرج في بعض الليل وينادي بأعلى صوته : عجبت من الجنة كيف نام طالبها ؟ وعجبت من النار كيف نام هاربها ؟ ثم يقول : { أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا}
أقبل على الله بقلبك يقبل الناس عليك
قال قتادة : كان هرم بن حيان يقول : ما أقبل عبد بقلبه إلى الله ، إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه ، حتى يرزقه ودهم .
الإمام القدوة أبو عمرو الأسود بن يزيد النخعي كان من رؤوس العلم والعمل .
يضرب بعبادته المثل
قال الذهبي : وهو نظير مسروق في الجلالة والعلم والثقة والسن يضرب بعبادهما المثل .
ملازته للعبادة ومداومته عليها
سئل الشعبي عن الأسود بن يزيد فقال : كان صواماً قواماً حجاجاً .
وقال أبو إسحاق : حج الأسود ثمانين ، من بين حجة وعمرة .
وكان يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين ، وكان ينام بين المغرب والعشاء ، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليال .
حياؤه من الله جل وعلا
عن علقمة بن مرثد قال : كان الأسود يجتهد في العبادة ، ويصوم حتى يخضر ويصفر ، فلما احتضر بكى ، فقيل له : ما هذا الجزع ؟ فقال : مالي لا أجزع ، والله لو أتيت بالمغفرة من الله لأهمني الحياء منه مما قد صنعت ، إن الرجل ليكون بينه وبين آخر الذنب الصغير فيعفو عنه ، فلا يزال مستحيا منه .
التابعي الجليل ، فقيه الكوفة وعالمها ومقرئها ، الإمام ، الحافظ ، المجود ، المجتهد الكبير ، أبو شبل علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي عم الأسود .
يختم القرآن في خمس
روى الأعمش عن إبراهيم قال : كان علقمة يقرأ القرآن في خمس ، والأسود في ست ، وعبد الرحمن بن يزيد في سبع .
التابعي الإمام ، القدوة ، العلم ، أبو عائشة مسروق بن الأجدع الوادعي الهمداني .
تورمت قدماه من طول القيام
روى أنس بن سيرين عن امرأة مسروق قالت : كان مسروق يصلي حتى تورم قدماه ، فربما جلست أبكي مما أراه يصنع بنفسه .
قال العجلي : تابعي ثقة ، كان أحد أصحاب عبد الله الذين يقرئون القرآن ويفتون . وكان يصلي حتى ترم قدماه .
حج فلم ينم إلا ساجدا
روى شعبة عن أبي إسحاق ، قال : حج مسروق فلم ينم إلا ساجداً على وجهه حتى رجع .
آنس نفسه في الصلاة فما يأسى إلا عليها
قال سيعد بن جبير ، قال لي مسروق : مابقي شيئ يرغب فيه إلا أن نعفر وجوهنا في التراب ، وما آسى على شيئ إلا السجود لله تعالى .
العلم الخشية
الأعمش عن مسلم عن مسروق قال : كفى بالمرء علما أن يخشى الله تعالى ، وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعمله .
مرة الطيب ، ويقال له أيضا : مرة الخير لعبادته وخيره وعلمه ، وهو مرة بن شراحيل الهمداني الكوفي، مخضرم كبير الشأن روى عن أبي بكر وعمر وابن مسعود .
أكل التراب جبهته
وثقه يحي بن معين . وبلغنا عنه أنه سجد لله حتى أكل التراب جبهته .
وقال عطاء بن السائب : رأيت مصلى مرة الهمداني مثل مبرك البعير .
قال الذهبي : ما كان هذا الولي يكاد يتفرغ لنشر العلم ، ولهذا لم تكثر روايته ، وهل يراد من العلم إلا ثمرته .
أشبه الناس هديا وصلاة وخشوعا برسول الله صلىالله عليه وسلم
عمرو بن الأسود العنسي الحمصي ، أدرك الجاهلية والأسلام ، كان من سادة التابعين دينا وورعا .
حج عمرو بن الأسود ، فلما انتهى إلى المدينة ، نظر إليه ابن عمر وهو يصلي فسأل عنه ، فقيل : شامي يقال له : عمرو بن الأسود ، فقال : ما رأيت أحدا أشبه صلاة ولا هديا ولا خشوعا ولا لبسة برسول الله صلىالله عليه وسلم من هذا الرجل .
ثم بعث إليه ابن عمر بقرى وعلف ونفقة ، فقبل ذلك ورد النفقة .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : من سره أن ينظر إلى هدي رسول الله صلىالله عليه وسلم ، فلينظر إلى هدي عمرو بن الأسود .
الأمير الكبير ، العالم النبيل ، أبو بحر الأحنف بن قيس التميمي ، أحد من يضرب بحلمه وسؤدده المثل، وفد على عمر .
صيام مع الكبر إعداد للسفر الطويل
قيل للأحنف : إنك كبير ، ولاصوم يضعفك . قال إني أعده لسفر طويل . وقيل : كانت عامة صلاة الأحنف بالليل .
محاسبته لنفسه بالمصباح
كان الأحنف يضع أصبعه على المصباح ، ثم يقول : حس . ويقول : ما حملك يا أحنف على أن صنعت كذا يوم كذا .
ذهبت عينه منذ سنين فلم يشكو لأحد
قال مغيرة : ذهبت عين الأحنف فقال : ذهبت من أربعين سنة ما شكوتها إلى أحد .
الإمام القدوة شيخ الإسلام أبو محمد البناني ، مولاهم البصري .
معنى العبادة عنده
ولد في خلافة معاوية . وحدث عن ابن عمر ، وعبد الله بن مغفل المزني ، وأبي برزة الأسلمي ، وأنس بن مالك وغيرهم .
عن سليمان بن المغيرة قال : سمعت ثابتا البناني يقول : لا يسمى عابدا أبدا عابدا وإن كان فيه كل خصلة خير حتى تكون فيه هاتان الخصلتان : الصوم والصلاة ؛ لأنهما من لحمه ودمه .
قال بكر المزني : من أراد أن ينظر إلى أعبد أهل زمانه فلينظر إلى ثابت البناني ، فما أدركنا الذي هو أعبد منه .
قال شعبة : كان ثابت البناني يقرأ القرآن في كل يوم وليلة ، ويصوم الدهر .
تنعم بالصلاة بعد المكابدة
قال ثابت : كابدت الصلاة عشرين سنة ، وتنعمت بها عشرين سنة .
بكاؤه وخشوعه
قال حماد بن زيد : رأيت ثابتا يبكي حتى تختلف أضلاعه .
وقال جعفر بن سليمان : بكى ثابت حتى كادت عينه تذهب ، فجاؤوا برجل يعالجها ، فقال : أعالجها على أن تطيعني . قال : وأي شيئ ؟ قال : على أن لاتبكي . ، فقال : فما خيرهما إذا لم يبكيا ، وأبى أن يتعالج .
وقرأ ثابت : { تطلع على الأفئدة } قال تأكله إلى فؤاده وهو حي لقد تبلغ فيهم العذاب ثم بكى وأبكى من حوله .
وقال حماد بن سلمة : قرأ ثابت : { أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا } وهو يصلي صلاة الليل ينتحب ويرددها .
الربيع بن خثيم هو ابن عائذ أبويزيد الثوري الكوفي ، الإمام القدوة العابد ، أحد الآعلام ، وكان يعد من عقلاء الرجال , أدرك زمان الرسول صلىالله عليه وسلم وأرسل عنه .
اتهامه لنفسه :
عن بشير قال بت عند الربيع ذات ليلة فقام يصلي فمر بهذه الآية (( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون )) قال فمكث ليلته حتى أصبح ما يجوز هذه الآية إلى غيرها ببكاء شديد ) .
الخشوع ، وسلامة القلوب وحب الخير للأمة لأن الدعوة همتهم
عن بكر بن ماعز قال أعطي الربيع فرساً أو اشترى فرساً بثلاثين ألفاً فغزا عليها قال ثم ارسل غلامه يحتش وقام يصلي وربط فرسه فجاء الغلام فقال يا ربيع أين فرسك قال سرقت يا يسار قال وأنت تنظر إليها قال : ( نعم يا يسار أني كنت أناجي ربي عز وجل فلم يشغلني عن مناجات ربي شيء اللهم انه سرقني ولم أكن لأسرقه اللهم إن كان غنياً فاهده وإن كان فقيراً فاغنه ) ، ثلاث مرات ) .
الإسرار بالعمل الصالح :
عن سفيان قال أخبرتني سرية الربيع بن خيثم قالت :( كان عمل الربيع كله سراً إن كان ليجيء الرجل وقد نشر المصحف فيغطيه بثوبه ) .
الحرص على العمل الصالح :
حدثنا عبدالله حدثني أبي حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا ابن حبان حدثني أبي قال كان الربيع بعد ما سقط شقه يهادى بين رجلين إلى مسجد قومه وكان أصحاب عبدالله يقولون يا أبا يزيد قد رُخص لك لو صليت في بيتك فيقول: إنه كما تقولون ولكني سمعته ينادي حي على الفلاح فمن سمعه منكم ينادي حي على الفلاح فيلجبه ولوزحفاً ولو حبواً ) .
زيارة المقابر من سبل تزكية النفس وترقيق القلب :
عن بن فروخ قال : ( كان الربيع بن خيثم إذا كان الليل ووجد غفلة الناس خرج إلى المقابر فيجول في المقابر يقول : ( يا أهل القبور كنتم وكنا ، فإذا أصبح كأنه نشر من أهل القبور ) .
بكاؤه :
عن نسير بن ذعلوق قال : ( كان الربيع بن خيثم يبكي حتى يبل لحيته من دموعه فيقول أدركنا قوماً كنا في جنوبهم لصوصاً )
الخشية و الخوف أقلقا مضجعه :
عن سفيان قال بلغنا عن أم الربيع بن خيثم كانت تنادي ابنها ربيع تقول يا ربيع ألا تنام فيقول يا أمه من جن عليه الليل وهو يخاف السيئات حق له ألا ينام قال فلما بلغ ورأت ما يلقى من البكاء والسهر نادته فقالت يا بني لعلك قتلت . قتيلا قال نعم يا والدة قد قتلت قتيلا ، فقالت ومن هذا القتيل يا بني حتى نتحمل إلى أهله فيغتفرك والله لو يعلمون ما تلقى من السهر والبكاء بعد لقد رحموك فقال يا والدة هو نفسي )
مسلم بن يسار الإمام ، القدوة الفقيه ، الزاهد ، كان خامس خمسة من فهاء البصرة .
روى عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم .
هكذا المناجاة لله تعالى والخشية والخشوع :
عن عبدالله بن مسلم بن يسار : إن أباه كان إذا صلى كأنه ودٌ لايميل لا هكذا ولاهكذا .
وقال غيلان بن جرير : " كان مسلم بن يسار إذا صلى كأنه ثوب ملقى"
عن ميمون بن حيان قال : ( ما رأيت مسلم بن يسار متلفتاً في صلاته قط خفيفة ولا طويلة ولقد انهدمت ناحية من المسجد ، فزع أهل السوق لهدته وأنه لفي المسجد في صلاته فما التفت ) .
حدثنا عبدالله حدثني أبي معتمر قال بلغني أن مسلماً كان يقول لاهله : ( إذا كانت لكم حاجة فتكلموا وأنا أصلي ) .
حدثنا عبدالله حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا علي بن المبارك عن سليمان بن المغيرة عن صاحب عن ابن مسلم بي يسار أن أهل الشام لما دخلوا هزموا أهل البصرة زمن ابن الأشعث فصوت أهل دار مسلم بن يسار فقالت له أم ولده أما سمعت الصوت قال ما سمعته ) .
عن عبد الحميد بن عبدالله بن مسلم بن يسار عن أبيه قال:(كان مسلم إذا دخل المنزل سكت أهل البيت فلا يسمع لهم كلام وإذا قام يصلي تكلموا وضحكوا) .
عن زيد عن بعض البصرين أن مسلماً كان يصلي في المسجد قال فوقع بعض المسجد ففزع بعض أهل المسجد قال ومسلم في بعض المسجد ما تحرك )
وروي أنه : " وقع حريق في داره وأطفىء ، فلما ذكر ذلك له قال : ماشعرت "
الإمام الحافظ القدوى و شيخ الأسلام، محمد بن المكدرابن عبد الله التيمي القرشي
ولد سنة بضع وثلاثين .
قال الفسوي : هو غاية في الإتقان والحفظ والزهد ، حجة .
قال أبو حاتم البستي : كان من سادات القراء لايتمالك البكاء إذا قرأ حديث رسول الله صلىالله عليه وسلم .
مجاهدة النفس وترويضها على الطاعة
قال ابن المنكدر : كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت .
بكاؤه من خشية الله
بينا ابن المنكدر ليلة قائم يصلي إذ استبكى و فكثر بكا,ه حتى فزع له أهله ، وسألوه ، فاستعجم عليهم ، وتمادى في البكاء ، فأرسلوا إلى أبي حازم فجاء إليه ، فقال : ما الذي أبكاك ؟ قال : مرت بي أية ، قال : وماهي ؟ قال : [ وبدالهم من الله مالم يكونوا يحتسبون ] فبكى أبوحازم معه فاشتد بكاؤهما .
وقد جزع ابن المنكدر عند الموت ، فقيل له : لم تجزع ؟ قال : أخشى آية من كتاب الله : [ وبدالهم من الله مالم يكونوا يحتسبون ] فأنا أخشى أن يبو لي من الله مالم أكن أحتسب .
تمتعه في قيام الليل
قال ابن المنكدر : إني لأدخل في الليل فيهولني ، فأصبح حين أصبح وما قضيت منه أربي .
عطاء بن أبي رباح هو الإمام شيخ الإسلام ، مفتي الحرم ، أبو محمد القرشي مولاهم
ولد في أثناء خلافة عثمان ، وحدث عن عائشة وأم سلمة ، وأم هاننئ ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، وابن عمر وغيرهم من الصحابة .
وكان ثقة ، فقيها ، عالما ، كثير الحديث .
وكان بنو أمية يأمرون في الحج مناديا يصيح : لايفتي الناس إلا عطاء بن أبي رباح .
طول الصلاة مع كبر السن :
وعن ابن جريج صحبت عطاء ثماني عشرة سنة ، وكان بعد ماكبر وضعف يقوم إلى الصلاة فيقرأ مئتي آية من البقرة وهو قائم لايزول منه شيء ولايتحرك .
الإمام القدوة ربيعة بن يزيد لم يؤذن للصلاة إلا وهو في المسجد
: " ما أذن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد إلا أن أكون مريضا أو مسافرا .
الإمام الثقة صفوان بن سليم الزاهد العابد
يطرد النوم عن نفسه بالبرد وشدة الحر :
كان يصلي على السطح في الليلة الباردة لئلا يجيئه النوم .
وعن مالك بن أنس : كان صفوان بن سليم يصلي في الشتاء في السطح ، وفي الصيف في بطن البيت ، يتيقظ بالحر والبرد ، حتى يصبح ، ثم يقول : هذا الجهد من صفوان وأنت أعلم ، وإنه لترم رجلاه حتى يعود كالسقط من قيام الليل ، ويظهر فيه عروق خضر .
سليمان بن طرخان التيمي الإمام شيخ الإسلام ، أبو المعتمر التيمي البصري .
نزل في بني تيم فقيل التيمي .
قال الإمام أحمد : ثقة , وقال ابن معين والنسائي : ثقة ، وقال العجلي : ثقة من خيار أهل البصرة . وقال ابن سعد من العباد المجتهدين ، كثير الحديث ثقة .
قال سفيان حفاظ البصرة ثلاثة : سليمان التيمي ، وعاصم الأحول ، وداود بن أبي هند ، وعاصم أحفظهم . وعن ابن علية قال : سليما التيمي من حفاظ البصرة .
تقاسم قيام الليل مع أسرته
قال عبد الملك بن قريب الآصمعي : بلغني أن سليمان التيمي قال لأهله : هلموا حتى تجزئ الليل فإن شئتم كفيتكم أوله وإن شئتم كفيتكم آخره .
نشاط في العبادة لم يعرف الفتور
روى مثنى بن معاذ عن أبيه قال : ماكنت أشبه عبادة سليمان التيمي إلا بعبادة الشاب أول مايدخل في تلك الشدة والحِدة .
وقال : كنت إذا رأيت التيمي كأنه غلام حدث ، قد أخذ في العبادة . كانةا يرون أنه أخذ عبادته عن أبي عثمان النهدي .
لايحسن المعصية ، دائم العمل
قال حماد بن سلمة : ما أتينا سليمان التيمي في ساعة يطاع الله فيها إلا وجدناه مطيعا ، إن كان في ساعة صلاة وجدناه مصليا ، وإن لم تكن ساعة صلاة وجدناه إما متوضئا ، أو عائدا مريضا ، أو مشيعا لجنازة ، أو قاعدا في المسجد . وكنا نرى أنه لا يحسن يعصي الله .
ذكر جرير بن عبد الحميد أن سليمان التيمي : لم تمر ساعة قط عليه إلا تصدق بشيء ، فإن لم يكن شيء ، صلى ركعتين .
شدة خوفه من الله
قال يحي بن سعيد : ماجلست إلى أحد أخوف لله من سليمان التيمي .
نعم من كان بالله أعرف كان منه أخوف أولئك العلماء الربانين . فأين نحن منهم ؟ وما نصيبنا من هذا الخوف والخشية ؟
الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو بن يُحمد ، شيخ الإسلام ، وعالم أهل الشام ، أبوعمرو الأوزاعي .
جلده في العباده
قال الوليد بن مزيد : كان الأوزاعي من العبادة على شيء ما سمعنا بأحد قوي عليه ، ما أتى عليه زوال قط إلا وهو قائم يصلي .
وقال الوليد بن مسلم : ما رأيت أكثر اجتهادا في العبادة من الأوزاعي .
وقال ضمرة بن ربيعة : حججنا مع الأوزاعي سنة خمسين ومئة ، فما رأيته مضطجعا في المحمل في ليل ولا نهار قط ، كان يصلي ، فإذا غلبه النوم ، استند إلى القتب .
كأنه أعمى من الخشوع
قال إبراهيم بن سعيد الجوهري : حدثنا بشر بن المنذر قال : رأيت الأوزاعي كأنه أعمى من الخشوع.
مصلاه رطب من دموعه
وكان يحي الليل صلاة وقرآنا وبكاء . وكانت أمه تدخل منزله ، وتتفقد موضع مصلاه ، فتجده رطبا من دموعه في الليل .
العالم الفقيه شيخ الإسلام ابن أبي ذئب .
بلغ به من العبادة بما لامزيد عليها
كان يصلي الليل أجمع ، ويجتهد في العبادة ، ولو قيل له : إن القيامة تقوم غدا ، ماكان فيه مزيد من الاجتهاد .
الإمام الحجة الحافظ هشام الدستوائي .
شدة الخوف والخشية من الجبار
عن عبيد الله العيشي قال : كان هشام الدستوائي إذا فقد السراج من بيته ، يتململ على فراشه ، فكانت امرأته تأتيه بالسراج . فقالت له في ذلك ، فقال : إني إذا فقدت السراج ، ذكرت ظلمة القبر .
فسدت عينه من كثرة البكاء
وقال شاذ بن فياض : بكى هشام الدستوائي حتى فسدت عينه ، فكانت مفتوحة ، وهو لا يكاد يبصر بها .
وعن هشام قال : عجبت للعالم كيف يضحك . وكان يقول : ليتنا ننجو لا علينا ولا لنا .
الإمام الحافظ الثبت شيخ العراق مسعر بن كدام بن ظهير بن عبيدة .
طول السجود وقراءة نصف القرآن قبل النوم
عن خالد بن عمرو قال : رأيت مسعرا كأن جبهته ركبة عنز من السجود .
وقال محمد بن مسعر : كان أبي لا ينام حتى يقرأ نصف القرآن .
وقال محمد بن مسعر : كان أبي لا ينام حتى يقرأ نصف القرآن ، فإذا فرغ من ورده لف رداءه ثم هجع عليه هجعة خفيفة ، ثم يثب كالرجل الذي ضل منه شيء فهو يطلبه ، وإنما هو السواك والطهور ، ثم يستقبل المحراب ، فكذلك إلى الفجر ، ، وكان يجهد على إخفاء ذلك جدا .
وكان يقول :
نهارك يامغرور سهو وغفلة وليلك نوم ، والردى لك لازم
وتَتعب فيما سوف تكره غبه كذلك في الدنيا تعيش البهائم
عبد العزيز بن أبي رواد شيخ الحرم أحد الأئمة العباد .
أعبد الناس
قال ابن المبارك : كان من أعبد الناس .
وقال شقيق البلخي : ذهب بصر عبد العزيز عشرين سنة ولم يعلم به أهل ولا ولده .
أمير المؤمنين في الحديث الثبت الحجة شعبة بن الحجاج .
طول الصلاة
قال أبوقطن : ما رأيت شعبة ركع قط إلا ظننت أنه نسي ، ولا قعد بين السجدتين إلا ظننت أنه نسي.
جد وجلد لا يعرف الفتور أو الراحة
وقال أبو بحر البكراوي : ما رأيت أحدا أعبد لله من شعبة ، لقد عبد الله حتى جف جلده على عظمه واسود .
وقال عمر بن هارون : كان شعبة يصوم الدهر كله .
وقال عفان : كان شعبة من العباد .
المحدث الثقة بشر بن الحسن الصفّي :
يقال له : ( الصفي ) لأنه كان يلزم الصف الأول في مسجد البصرة خمسين سنة
ابراهيم بن ميمون المروزي
أحد الدعاة المحدثين الثقات من أصحاب عطاء بن أبي رباح ، وكانت مهنته الصياغة وطرق الذهب والفضة . قالوا : ( كان فقيها فاضلا . من الامّارين بالمعروف) .
لا يشغله عن الصلاة شيئ
وقال ابن معين : كان إذا رفع المطرقة فسمع النداء لم يردها ) .
كثير بن عبيد الحمصي
جمع الهم على الله في الصلاة
سئل عن سبب عدم سهوه في الصلاة قط وقد أم أهل حمص ستين سنة كاملة ، فقال : ( ما دخلت من باب المسجد قط وفي نفس غير الله ).
قاضي قضاة الشام سليمان بن حمزة المقدسي، وهو من ذرية ابن قدامة صاحب كتاب المغني :
لم يصل الفريضة منفردا
قال ( لم أصل الفريضة قط منفرداً إلا مرتين ، وكأني لم أصلهما قط ) مع أنه قارب التسعين .
يارجال الليل جدوا رب صوت لا يرد
ما يقوم الليل إلا من له عزم وجدٌّ
ويبصرني كيف الدنيا بالأمل الكاذب تغمسني
مثل الحرباء تلونها بالأثم تحاول تطمسني
فأبعدها وأعاندها وأرقبها تتهجسني
فأشد القلب بخالقه والذكر الدائم يحرسني
قيام الليل :
يحيون ليلهم بطاعة ربهم بتلاوة ، وتضرع ، وسؤال
وعيونهم تجري بفيض دموعهم مثل انهمال الوابل الهطال
في الليل رهبان ، وعند جهادهم لعدوهم من أشجع الأبطال
بوجوههم أثر السجود لربهم وبها أشعة نوره المتلالي
المسارعة إلى الصلاة
يمشون نحو بيوت الله إذا سمعوا الله أكبر في شوق وفي جذل
أرواحهم خشعت لله في أدب قلوبهم من جلال الله في وجل
نجواهم : ربنا جئناك طائعة نفوسنا ، وعصينا خادع الأمل
إذا سجى الليل قاموه وأعينهم من خشية الله مثل الجائد الهطل
هم الرجال فلا يلهيهم لعب عن الصلاة، ولا أكذوبة الكسل
قال ابن المبارك :
اغتنم ركعتين زلفى إلى الله إذا كنت فارغاً مستريحا
وإذا هممت بالنطق بالباطل فاجعل مكانه تسبيحا
قال الوليد بن مسلم : رأيت الأوزاعي يثبت في مصلاه ، يذكر الله حتى تطلع الشمس ، ويخبرنا عن السلف : أن ذلك كان هديهم ، فإذا طلعت الشمس ، قام بعضهم إلى بعض ، فأفاضوا في ذكر الله ، والتفقه في دينه .
تتكدر العبادة ويذهب صفاؤها بالهوى
قال أحد السلف : " الهوى لايترك العبودية تصفو ، وما لم يشتغل السالك بأضعاف هذا العدو الذي بين جنبيه لا يصح له قدم ، ولو أتى بأعمال تسد الخافقين . والرجل كل الرجل من داوى الأمراض من خارج ، وشرع في قلع أصولها من الباطن ، حتى يصفو وقته ، ويطيب ذكره ، ويدوم أنسه "
ولذلك كان السلف الصالح يجدون من لذة التعبد مالا يكافؤه لذة الدنيا بأسرها .
ضعف العبادة من العقوبات
وقال مالك : ( إن لله تبارك وتعالى عقوبات في القلوب والأبدان وضنكاً في المعيشية وسخطاً في الرزق ووهناً في العبادة ).
أعبد أهل مصر
أبوتميم الجَيشاني من أئمة التابعين بمصر ولد في حياة النبي صلىالله عليه وسلم وقدم المدينة في خلافة عمر.
قال يزيد بن أبي حبيب : كان من أعبد أهل مصر .
التوازن في شخصية المسلم وإعطاء كل ذي حق حقه
التوزن صمام أمان في جميع الأحوال ومنها :
1ـ وقت المحن والمصائب ، والشدائد العامة والخاصة .
2ـ وعندما تلوح الشهوات .
3ـ وحين ترد الشبهات .
4ـ وحين تأخر الثمار .
لتكن هممكم عالية :
عن مالك بن دينار قال : ( إن صدور المؤمنين تغلي بأعمال البر وإن صدور الفجار تغلي بأعمال الفجور والله تعالى يرى همومكم فانظروا ما همومكم رحمكم الله )
هكذا كان جدهم وتيقظهم :
عن إبراهيم التيمي قال حدثني من صحب الربيع بن خيثم عشرين سنة قال فما سمعت منه كلمة تعاب).
روى منصور بن إبراهيم قال : قال فلان : ما أرى الربيع بن خثيم تكلم بكلام منذ عشرين سنة إلا بكلمة تصعد . وعن بعضهم قال : صحبت الربيع عشرين عاما ماسمعت منه كلمة تعاب "
تلك الهمم العالية والدأب الذي لا يهدأ
قال إبراهيم الحربي عن الإمام أحمد :
قال إبراهيم الحربي : ( ولقد صحبته عشرين سنة صيفاً وشتاءً وحراً وبرداً وليلاً ونهاراً فما لقيته في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس )
الإمام أحمد يهتم بأهل الخير ويتفقدهم ويعقد الصلات معهم :
قالوا كان الإمام أحمد ( إذا بلغه عن شخص صلاح ، أو زهد ، أو قيام بحق أو اتباع للأمر : سأل عنه، وأحب أن يجري بينه وبينه معرفة ، وأحب أن يعرف أحواله )
سئل رجل ابن الجوزي : ( أيجوز أن أفسح لنفس في مباح الملاهي ) ؟
فقال : ( عند نفسك من الغفلة ما يكفيها )
قال ابن القيم رحمه الله : ( لا بد من سنة الغفلة ، ورقاد الغفلة ولكن كن خفيف النوم )
وانته من رقدة الغفلة فالعمر قليل واطرح سوف وحتى فهما داء دخيل
قال الإمام الشافعي : ( طلب الراحة في الدنيا لا يصلح لأهل المروءات فإن أحدهم لم يزل تعبان في كل زمان )
سئل أحد الزهاد عن سبيل المسلم ليكون من صفوة الله ، قال : ( إذا خلع الراحة ، وأعطى المجهود في الطاعة )
قيل للإمام أحمد : ( متى يجد العبد طعم الراحة ) ؟ قال ( عند أول قدم يضعها في الجنة )
أوقف نفسك على مصالح المسلمين
قالت فاطمة بنت عبد الملك تصف زوجها عمر بن عبد العزيز : ( كان قد فرغ للمسلمين نفسه ، ولأمورهم ذهنه ، فكان إذا أمسى مساءً لم يفرغ فيه من حوائج يومه : وصل يومه بليلته )
قال بعض أصحاب عمر القدامى لعمر : ( لو تفرغت لنا ) فقال : ( وأين الفراغ ؟ ذهب الفراغ فلا فراغ إلا عند الله )
استغرق أوقاته في الخير:
قالوا عن محمد بن أحمد الدباهي : ( لازم العبادة ، والعمل الدائم والجد ، واستغرق أوقاته في الخير . . صلب في الدين ، وينصح الإخوان ، وإذا رآه إنسان : عرف الجد في وجهه )
ولما تعجب غافل من باذل وقال له:( إلى كم تتعب نفسك ؟ ) .كان جواب الباذل سريعاً حاسماً :
( راحتها أريد )
ليس للفراغ عليهم سبيل
قال ابن عقيل : إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري ، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة ، وبصري عن مطالعة ، أعملت فكري في حال راحتي ، وأنا مستطرح ، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره . وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة "
وقال : " أنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي ، حتى أختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز ، لأجل ما بينهم من تفاوت المضغ ، توفرا على مطالعة ، أو تسطير فائدة لم أدركها فيه"
المبادرة لا التسويف :
قال يحيى بن معاذ : ( لا يزال العبد مقروناً بالتواني ، مادام مقيماً على وعد الأماني )
حفت الجنة بالمكاره :
( وأتعب الناس من جلّت مطالبه )
لا تنال الدعوة بالكسل والهمم الدنيئة
قال أحد السلف لرويم الزاهد أوصني فقال : " هو بذل الروح وإلا فلا تشتغل بالترهات "
وقال ابن الجوزي : " أول قدم في الطريق بذل الروح . . . هذه الجادة فأين السالك ؟ ?
وقال لسان الدين ابن الخطيب : " طريق القوم مبنية على الموت "
إن نفسا ترتضي الإسلام دينا ثم ترضى بعده أن تستكينا
أو ترى الإسلام في أرض مهينا ثم تهوى العيش نفس لن تكونا
في عداد المسلمين العظماء
نصر الدين ليس بالمجان
أعطوا ضريبتهم للدين من دمهم والناس تزعم نصر الدين مجانا
عاشوا على الحب أفواها وأفئدة باتوا على البؤس والنعماء إخوانا
الله يعرفهم أنصار دعوته والناس تعرفهم للخير أعوانا
أنت وقف في سبيل الله
" والنبي صلىالله عليه وسلم كانت ساعاته موقوفة على الجهاد بقلبه ولسانه ويده ، ولهذا كان أرفع العالمين ذكرا ، وأعظمهم عند الله قدرا "
( وطالب النفوذ إلى الله والدار الآخرة ، بل وإلى كل علم وصناعة ورئاسة ، بحيث يكون رأساً في ذلك مقتداً به فيه ، يحتاج أن كون شجاعاً مقداماً ، حاكماً على وهمه ، غير مقهور تحت سلطان تخيله ، زاهداً في كل ما سوى مطلوبه عاشقاً لما توجه إليه ، عارفاً بطريق الوصول إليه ، والطرق القواطع عنه ، مقدام الهمة ، ثابت الجأش ، لا يثنيه عن مطلوبه لوم لائم ولا عذل عاذل ، كثير السكون ، دائم الفكر ، غير مائل مع لذة المدح ولا ألم الذم ، قائماً بما يحتاج إليه من أسباب معونته ، لا تستفزه المعارضات ، شعاره الصبر وراحته التعب )
همان يتطاردان :
حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سيار حثنا جعفر قال سمعت مالكاً يقول : ( بقدر ما تحزن للدنيا كذلك يخرج هم الآخرة من قلبك وبقدر ما تحزن للآخرة كذلك يخرج هم الدنيا من قلبك) .
جهل غيرك لايغلب علمك
قال خالد بن صفوان : ( إن أقواماً غرهم ستر الله ، وفتنهم حسن الثناء ، فلا يغلبن جهل غيرك بك علمك بنفسك ).
قال قتادة بن دعامة السدوسي :
( قد رأينا والله أقواماً يسرعون إلى الفتن وينزعون فيها ، وأمسك أقواماً عن ذلك هيبة لله ومخافة منه ، فلما انكشفت ، إذا الذين امسكوا أطيب نفساً ، وأثلج صدوراً ، وأخف ظهوراً من الذين أسرعوا إليها وينزعون فيها ، وصارت أعمال أولئك حزازات على قلوبهم كلما ذكروها . وأيم الله ! لو أن الناس كانوا يعرفون منها إذ أقبلت ما عرفوا منها إذ أدبرت لعقل فيها جيل من الناس كثير ).
صاحب القلب المريض ينكشف عند الغبرة
في وقت الرخاء والأمن تختلط الصفوف ، ويصعب التمييز ، فإذا وقعت الشدائد ونزلت الفتن اتضح الناس على حقيقتهم ، كمثل المصدور عند صغاء الجو يختلط مع الأصحاء ولا ينكشف أمره إلا عند الغبرة . قال تعالى [ ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله ما يشاء ] .
( تعرض الفتن على القلوب كالحصير ، عوداً عوداً ، فأي قلبٍ أشربها نكت فيه نكتت سوداء ، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكت بيضاء ، حتى تصير على قلبين ، على أبيض مثل الصفا، لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض ، ولآخر أسود مرباداً ، كالكوز مجخياً ، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً ، إلا ما أشرب من هواه ) .
منقول