الرسول, يوم, رجاء, سمي, سنان, عليه
[3mr=backgrounds/16.gif]صهيب بن سنان[/3mr]
ربح البيع يا أبا يحيى!!
قال ابن إسحاق: صهيب بن سنان بن خالد بن عبد عمرو بن طفيل بن عامر بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد، فجعل طفيلاً بدل عقيل، وجعل خزيمة بدل جذيمة، وهو من النمر بن قاسط، وأمه سلمى بنت قعيد بن مهيص بن خزاعي بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، كنيته أبو يحيى، كناه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولد في أحضان النعيم
فقد اكن أبوه حاكم الأبلّة ووليا عليها لكسرى وكان من العرب الذين نزحوا الى العراق قبل الاسلام بعهد طويل، وفي قصره القائم على شاطئ الفرات، مما يلي الجزيرة والموصل، عاش الطفل ناعما سعيدا
وذات يوم تعرضت البلاد لهجوم الروم وأسر المغيرون أعدادا كثيرة وسبوا ذلك الغلام " صهيب بن سنان"
ويقتنصه تجار الرقيق، وينتهي طوافه الى مكة، حيث بيع لعبد الله بن جدعان، بعد أن قضى طفولته وشبابه في بلاد الروم، حتى أخذ لسانهم ولهجتهم.
ويعجب سيده بذكائه ونشاطه واخلاصه، فيعتقه ويحرره، ويهيء له فرصة الاتجار معه.
ولما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسلم وكان من السابقين إلى الإسلام، قال الواقدي: أسلم صهيب وعمّار في يوم واحد، وكان إسلامهما بعد بضعة وثلاثين رجلاً، وكان من المستضعفين بمكة الذين عذبوا.
وذات يوم ولندع صديقع عمار بن ياسر يحدثنا عن ذلك اليوم:
" لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها
فقلت له: ماذا تريد؟
فأجابني وما تريد أنت؟
قلت له: أريد أن أدخل على محمد، فأسمع ما يقول.
قال: وأنا اريد ذلك
فدخلنا على الرسول صلى الله عليه وسلم، فعرض علينا الاسلام فأسلمنا.
ثم مكثنا على ذلك حتى أمسينا
ثم خرجنا ونحن مستخفيان".!!
عرف صهيب طريقع اذن الى دار الأرقم
عرف طريقه الى الهدى والنور، وأيضا الى التضحية الشاقة والفداء العظيم
فعبور الباب الخشبي الذي كان يفصل داخل دار الأرقم عن خارجها لم يكن يعني مجرّد تخطي عتبة بل كان يعني تخطي حدود عالم بأسره!
عالم قديم بكل ما يمثله من دين وخلق، ونظام وحياة
وتخطي عتبة دار الأرقم، التي لم يكن عرضها ليزيد عن قدم واحدة كان يعني في حقيقة الأمر وواقعه عبور خضمّ من الأهوال، واسع، وعريض
واقتحام تلك العتبة، كان ايذانا بعهد زاخر بالمسؤليات الجسام!
وبالنسبة للفقراء، والغرباء، والرقيق، كان اقتحام عقبة دار الأرقم يعني تضحية تفوق كل مألوف من طاقات البشر.
وان صاحبنا صهيبا لرجل غريب وصديقه الذي لقيه على باب الدار، عمّار بن ياسر رجل فقير فما بالهما يستقبلان الهول ويشمّران سواعدهما لملاقاته
انه نداء الايمان الذي لا يقاوم
وانها شمائل محمد عليه الصلاة والسلام، الذي يملؤ عبيرها أفئدة الأبرار هدى وحبا
وانها روعة الجديد المشرق. تبهر عقولا سئمت عفونة القديم، وضلاله وافلاسه
وانها قبل هذا كله رحمة الله يصيب بها من يشاء وهداه يهدي اليه من ينيب.
أخذ صهيب مكانه في قافلة المؤمنين
وأخذ مكانا فسيحا وعاليا بين صفوف المضطهدين والمعذبين!!
ومكانا عاليا كذلك بين صفوف الباذلين والمفتدين
وانه ليتحدث صادقا عن ولائه العظيم لمسؤولياته كمسلم بايع الرسول، وسار تحت راية الاسلام فيقول:
" لم يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهدا قط الا كنت حاضره
ولم يبايع بيعة قط الا كنت حاضرها
ولا يسر سرية قط. الا كنت حاضرها
ولا غزا غزاة قط، أوّل الزمان وآخره، الا منت فيها عن يمينه أ، شماله
وما خاف المسلمون أمامهم قط، الا كنت أمامهم
ولا خافوا وراءهم الا كنت وراءهم
وما جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين االعدوّ أبدا حتى لقي ربه"!!
هذه صورة باهرة، لايمان فذ وولاء عظيم
ولقد كان صهيب رضي الله عنه وعن اخوانه أجمعين، أهلا لهذا الايمان المتفوق من أول يوم استقبل فيه نور الله، ووضع يمينه في يكين الرسول
يومئذ أخذت علاقاته بالناس، وبالدنيا، بل وبنفسه، طابعا جديدا. يومئذ. امتشق نفسا صلبة، زاهدة متفانية. وراح يستقبل بها الأحداث فيطوّعها. والأهوال فيروّعها.
ولقد مضى يواجه تبعاته في اقدام وجسور.ز فلا يتخلف عن مشهد ولا عن خطر منصرفا ولعه وشغفه عن الغنائم الى المغارم وعن شهوة الحياة، الى عشق الخطر وحب الموت
عن مجاهد، قال: أول من أظهر إسلامه سبعة: النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وبلال، وصهيب، وخبّاب، وعمار بن ياسر، وسمية أم عمار، رضي الله عنهم أجمعين، فأما النبي صلى الله عليه وسلم فمنعه الله، وأما أبو بكر فمنعه قومه، وأما الآخرون فأخذوا وألبسوا أدراع الحديد، ثم أصهروا في الشمس.
ولقد افتتح أيام نضاله النبيل وولائه الجليل بيوم هجرته، ففي ذلك اليوم تخلى عن كل ثروته وجميع ذهبه الذي أفاءته عليه تجارته الرابحة خلال سنوات كثيرة قضاها في مكة تخلى عن كل هذه الثروة وهي كل ما يملك في لحظة لم يشب جلالها تردد ولا نكوص.
فعندما همّ الرسول بالهجرة، علم صهيب بها، وكان المفروض أن يكون ثالث ثلاثة، هم الرسول وأبو بكر وصهيب
بيد أن القرشيين كانوا قد بيتوا أمرهم لمنع هجرة الرسول
ووقع صهيب في بعض فخاخهم، فعوّق عن الهجرة بعض الوقت بينما كان الرسول وصاحبه قد اتخذا سبيلهما على بركة الله
وحاور صهيب وداور، حتى استطاع أن يفلت من شانئيه، وامتطى ظهر ناقته، وانطلق بها الصحراء وثبا
بيد أن قريشا أرسلت في أثره قناصتها فأدركوهخ ولم يكد صهيب يراهم ويواجههم من قريب حتى صاح فيهم قائلا:
" يا معشر قريش
لقد علمتم أني من أرماكم رجلا وأيم والله لا تصلون اليّ حتى ارمي كبل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي حتى لا يبقى في يدي منه شيء، فأقدموا ان شئتم
وان شئتم دللتكم على مالي، وتتركوني وشاني"
ولقد استاموا لأنفسهم، وقبلوا أن يأخذوا ماله قائلين له:
أتيتنا صعلوكا فقيرا، فكثر مالك عندنا، وبلغت بيننا ما بلغت، والآن تنطلق بنفسك وبمالك
فدلهم على المكان الذي خبأ فيه ثروته، وتركوه وشأنه، وقفلوا الى مكة راجعين
والعجب أنهم صدقوا قوله في غير شك، وفي غير حذر، فلم يسألوه بيّنة بل ولم يستحلفوه على صدقه!! وهذا موقف يضفي على صهيب كثيرا من العظمة يستحقها كونه صادق وأمين!!
واستأنف صهيب هجرته وحيدا سعيدا، حتى أردك الرسول صلى الله عليه وسلم في قباء
كان الرسول حالسا وحوله بعض أصحابه حين أهل عليهم صهيب ولم يكد يراه الرسول حتى ناداه متهلاا:
" ربح البيع أبا يحيى!!
ربح البيع أبا يحيى!!
وآنئذ نزلت الآية الكريمة:
( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله، والله رؤوف بالعباد)
أجل لقد اشترى صهيب نفسه المؤمنة ابتغاء مرضات الله بكل ثروته التي أنفق شبابه في جمعها، ولم يحس قط أنه المغبون
فمال المال، وما الذهب وما الدنيا كلها، اذا بقي له ايمانه، واذا بقيت لضميره سيادته ولمصيره ارادته
كان الرسول يحبه كثيرا وكان صهيب الى جانب ورعه وتقواه، خفيف الروح، حاضر النكتة
رآه الرسول يأكل رطبا، وكان باحدى عينيه رمد
فقال له الرسول ضاحكا:" أتأكل الرطب وفي عينيك رمد"؟
فأجاب قائلا:" وأي بأس؟ اني آكله بعيني الآخرى"!!
وكان جوّادا معطاء ينفق كل عطائه من بيت المال في سبيل الله، يعين محتاجا يغيث مكروبا" ويطعم الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا".
حتى لقد أثار سخاؤه المفرط انتباه عمر فقال له: أراك تطعم كثيرا حتى انك لتسرف؟
فأجابه صهيب لقد سمعت رسول الله يقول:
" خياركم من أطعم الطعام".
وشهد صهيب بدراً، وأحداً، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو منصور بن مكارم بإسناده عن أبي زكريا، أخبرنا إسحاق بن الحسن الحربي، حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود، حدثنا عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السّبّاق أربعةٌ، أنا سابق العرب، وصهيبٌ سابق الروم، وسلمان سابق فارس، وبلال سابق الحبش".
**
ولئن كانت حياة صهيب مترعة بالمزايا والعظائم، فان اختيار عمر بن الخطاب اياه ليؤم المسلمين في الصلاة مزية تملأ حياته ألفة وعظمة
فعندما اعتدي على أمير المؤمنين وهو يصلي بالمسلمين صلاة الفجر
وعندما احس نهاية الأجل، فراح يلقي على اصحابه وصيته وكلماته الأخيرة قال:
" وليصلّ بالناس صهيب"
لقد اختار عمر يومئذ ستة من الصحابة، ووكل اليهم أمر الخليفة الجديد
وخليفة المسلمين هو الذي يؤمهم في الصلاة، ففي الأيام الشاغرة بين وفاة أمير المؤمنين، واختيار الخليفة الجديد، من يؤم المسلمين في الصلاة؟
ان عمر وخاصة في تلك الللحظات التي تأخذ فيها روحه الطاهرة طريقها الى الله ليستأني ألف مرة قبل أن يختار فاذا اختار، فلا أحد هناك أوفر حظا ممن يقع عليه الاختيار
ولقد اختار عمر صهيبا
اختاره ليكون امام المسلمين في الصلاة حتى ينهض الخليفة الجديد بأعباء مهمته
اختاره وهو يعلم أن في لسانه عجمة، فكان هذا الاختيار من تمام نعمة الله على عبده الصالح صهيب بن سنان
وكان في لسانه عجمة شديدة، وروى زيد بن أسلم عن أبيه، قال: خرجت مع عمر حتى دخل على صهيب حائطاً له بالعالية، فلما رآه صهيب قال: ينّاس ينّاس، فقال عمر: ماله، لا أباله، يدعو بالناس? فقلت: إنما يدعو غلاماً له اسمه يحنّس، وإنما قال ذلك لعقدة في لسانه، فقال له عمر: ما فيك شيء أعيبه يا صهيب إلا ثلاث خصال، لولاهن ما قدمت عليك أحداً: أراك تنتسب عربياً ولسانك أعجمي، وتكتني بأبي يحيى اسم نبي، وتبذّر مالك، فقال: أما تبذيري مالي فما أنفقه إلا في حقه، وأما اكتنائي بأبؤي يحيى فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناني بأبي يحيى، فلن أتركها، وأما انتمائي إلى العرب فإن الروم سبتني صغيراً، فأخذت لسانهم، وأنا رجل من النّمر بن قاسط، ولو انفلقت عني روثة لانتميت إليها.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه محباً لصهيب، حسن الظن فيه، حتى إنه لما ضرب أوصي أن يصلي عليه صهيب، وأن يصلي بجماعة المسلمين ثلاثاً، حتى يتفق أهل الشورى على من يستخلف.
و من اجمل ما روى رضي الله عنه عن رسول الله التالي :
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى منادٍ: يا أهل الجنة، إن لكم عند الله، عز وجل، موعداً يزيد أن ينجز كموه، فيقولون: ما هو. ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا، ويدخلنا الجنة ويخرجنا من النار? فيكشف لهم الحجاب، فينظرون إلى الله تبارك وتعالى، فما شيءٌ أعطوه أحب إليهم من النظر إليه، وهي الزيادة" .
، حدثنا أبو فروة يزيد بن سنان، عن أبي المبارك، عن صهيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما آمن بالقرآن من استحلّ محارمه".
وكان أحمر شديد الحمرة، ليس بالطويل ولا بالقصير، وهو إلى القصر أقرب، كثير شعر الرأس.
أخرجه الثلاثة.
وتوفي صهيب بالمدينة سنة ثمان وثلاثين في شوال، وقيل: سنة تسع وثلاثين، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، وقيل: ابن سبعين سنة، ودفن بالمدينة.
v[hg p,g hgvs,g wgn hggi ugdi ,sglwidf fk skhk