الفارسي, القصص, اروع
قصة سلمان الفارسي من اروع القصص التي قراتها وربما قصته طويلة لكنها حقا تستحق القراءة
بداية القصة
شاب يجر بقرات وأغنام يقطع سوق مدينة عمورية وبدت من خلفه أسوار الكنيسة التي تبدو حزينة على فراقه . كان يجمع الأغنام كلما تفلت أحدها
وينظر من حين إلى آخر لتلك الكنيسة بحب وحزن حتى ابتعد عن زحام المدينة ونظر للمدينة طويلا وكأنه يودع كل شئ فيها وهو يتأمل هذه المدينة التي نوى أن يغادرها ليبدأ السفر من جديد. كان يتأملها بعيون حزينة قلقة .يتردد على مسامعه صوت واهي يقول ( لا أعلم أحدا اليوم على مثل ما كنا عليه ) يعلو صوت البقر فيفيق الشاب ويجمع أغنامه حتى لا تشرد هنا وهناك حتى ابتعد قلب المدينة تماما وجلس يرتاح على صخرة في منطقة مرتفعة يظهر منها شكل الكنيسة من بعيد وبدا عليه الشرود وكأنه جلس ليرى ذكرياته من بعيد في تلك الكنيسة
* * *
( في الكنيسة ) الشاب وأسقف تلك الكنيسة التي كان بها . كان الأسقف مريضا على فراشه يحتضر ويتنفس بصعوبة والشاب قلق عليه . ثم تقدم الشاب سلمان منه يسأله بانكسار وحزن : إلى من توصي بي ؟ فقال : لا أعلم لا أعلم أحدا اليوم على مثل ما كنا عليه . ولكن قد أظلك نبي يبعث بدين إبراهيم . يهاجر بأرض ذات نخل , وبه علامات لا تخفى , فبين منكبيه خاتم النبوة , يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة .
يفيق الشاب سلمان على صوت البقر فهب ليجمع الغنم مرة أخرى ثم استأنف المسير حتى قابل قافلة يقودها رجال متجهه للجزيرة العربية فاستوقفهم ليحدثهم
سلمان : مرحبا بكم . إلى أين تذهبون
أحدهم : إلى جزيرة العرب
سلمان : هل تأخذوني معكم مقابل البقر الذي أسوقه ( يرد عليه إثنان في آن واحد )
الرجلان : على الرحب والسعة . تفضل يا أخي تفضل
أحدهم : ستسعد في رحلتك معنا يا أخا العرب . ما اسمك
سلمان : سلمان
الآخر : وإلى أين أنت ذاهب يا سلمان .
سلمان : أود أن أكون في بلادكم وكفى
الأول : يعني أنك لا تقصد شخصا بعينه
سلمان : لا ( تهلل الرجل ورحب به مرة أخرى )
. وانطلق سلمان لبلاد العرب بحثا عن هذا النبي الجديد . كان سلمان يمشي ويجر الجمل ثم يبدل معه راكب الجمل فيركبه سلمان وحينما كان يمشي سلمان وسط هذه القافلة بدأ يتذكر قصته من البداية
* * *
في أقصى الشرق في مدينة (جي) بفارس حيث كان يعيش مع أبوه بوذخشان في ذلك المعبد الذي كان يمتلئ بالبشر ,الذين يقدسون النار ويعبدونها . وكان أبوه بوذخشان كاهن النار المقدس يحظى باحترام الناس فهو من ولد آب الملك . وهاهو أبوه يناديه
بوذخشان : مابه . تعالى يا ولدي .( يتقدم منه سلمان فيعطيه صرة من المال ثم يقول )
بوذخشان : خذ هذا ضعه مع القرابين وعد سريعا لتشعل النار حتى لا تخبو
( ينظر له بوذخشان بحب شديد فيذهب سلمان أو مابه كما يسميه أهله في ذلك الوقت ويعود ليجد أحدهم يسجد للنار وهو يدعوها قائلا )
الرجل : أيتها النار المقدسة التي لا تخبو أبدا . كوني لي عونا وقوة . أيتها النار المقدسة أطيلي أيامي على الأرض وانقذيني من العالم السفلي الذي لا رجعة منه
( ينظر له مابه . أو سلمان فيحدث نفسه متعجبا )
صوت سلمان : كيف يقول النار المقدسة التي لا تخبو أبدا . فإن كانت لا تخبو . فما عملي أنا إذا . أنا أشعلها دوما حتى لا تخبو. لا أراهم على شئ . نعم لا أراهم على شئ
( ينضم للرجل بعض الرجال والنساء ليدعوا معه )
المجموعة : أيتها النار المقدسة أطيلي أيامنا على الأرض وانقذينا من العالم السفلي
( يعود سلمان يحدث نفسه )
ص . سلمان : العالم السفلي الذي لا رجعة منه . إنه الموت . إنه أحد المشكلات التي أفكر فيها دوما . أنا أيضا لا أقتنع بما يقولون . فإن كنت متأكدا من أن النار تخبو وأنها ليست مقدسة ولن تستجيب لهم لو توددوا لها طول العمر . فما الذي يتحكم في عمر الإنسان وما هو الموت وما الذي يحدث في العالم السفلي
أفاق سلمان من ذكرياته
سلمان : الحمد لله الذي نجاني من جهلهم
( وصلت القافلة لمكان به نخلات فقرروا ان يرتاحوا ويريحوا الجمال فجلس سلمان يأكل بعض التمرات في جراب معه فإذا بأحد الرجال في الرحلة يحدث زميله قائلا لقد اشتقت لحياة الصبية الصغار ثم اختطف عمامته قائلا لو أردتها إلحق بي , ثم أخذ يجري وزميله خلفه بين ضحكات الناس وسرعان مالحق صاحب العمامة بصاحبه فانتزعها منه ضاحكا )
تبسم سلمان لما حدث ثم بدأ يتذكر أيام صباه
* * *
يتذكرسلمان أو مابه كما كان يدعوه أهله وهو يعدو بين أصحابه ليذهب للكتاب حيث كانت ترسله أمه ليتعلم القراءة والكتابة ثم دخل تلك المدرسة التي يتعلم فيها الصبية وجلس بين رفقاءه يدرسون كانت اللقطة صامته هنيهة ثم بدأ مابه يسأل المعلم
مابه : لماذا نعبد النار يا معلمي ؟
المعلم : لأنها نعم الإله ثم إن النار يا ولدي هي إبنة الإله أنار
مابه : هذا يعني أن النار ابنة الشمس . فلماذا نعبد النار
المعلم : الشمس يا ولدي هي أقصى ما يتمثل فيه الإله . فللإله سبع صفات هي النور , والعقل الطيب , والحق , والسلطان , والتقوى , والخير , والخلود .
مابه : الشمس هي أقصى ما يتمثل فيه الإله ؟ فلماذا نعبد الشمس والنار ؟ لماذا لا نعبد الإله ؟ ومن ينقذنا من العالم السفلي ؟ النار أم الشمس أم الإله ؟
يرد المعلم بعد أن أربكته تساؤلات مابه
المعلم: أعتقد أننا أضعنا الوقت يا مابه علينا أن نراجع على درس الحساب
* * *
يفيق سلمان على صوت أحدهم يدعوهم لمواصلة المسير فيقوم ليركب الجمل ويمشي صاحبه هذه المرة . ركب سلمان الجمل فرأي الرمال الصفراء ممتدة أمامه تروح وتجئ كلما اهتز به الجمل . وكأن ذاكرته تهتز مع هذا المشهد فيتذكر رفيقه في ذلك الكتاب وهذا الحديث الذي دار بينهما في رحلة العودة إلى البيت.
* * *
قال الصبي : كان عند أبي ضيوفا وقد ذكروا ذلك الرجل المبارك الذي أرسله ربه منذ زمن بعيد لملك إيران فهل تعرفه يا مابه . لقد كتبت قصته بماء الذهب ؟
فيرد مابه : لا . فمن هو ؟
يقول الصبي : إنه زرادشت . وكان يدعو لعبادة أهورامازدا . أي الإله النور . وقد دعا لعبادته وحده دون شريك كما سألت المعلم اليوم
مابه : أهورامزدا !.
الصبي : نعم
مابه : ولكن لماذا نعبد الآن آلهه متعددةالنار . والخيل البلق . والشمس . وغيرها ثم لماذالانعبد الإله نفسه ؟ ا
لصبي : لا أدري
* * *
مازال سلمان في القافلة يفيق على صوت رجل انضم لصاحبه يحدثه عما جلبه معه من بضائع فمل سلمان من صوتيهما العالي وأشار لصاحبه أن يركب الجمل ونزل من على الجمل فارتقى صاحبه وأخذ سلمان يمشي والذكريات تلاحقه
* * *
نعود لأيام سلمان في مدينة ( جي ) فكان هذا المشهد في بيته وفرحة أمه والعبيد عظيمة فقد اشترى أبوه بوذخشان ضيعة منذ قليل وها هو يبني بنيانا جديدا له
الأم : هل علمت يا مابه. بما اشتراه أبوك
مابه : نعم أعلم إنها الضيعة .
الأم : لاأقصد الضيعة بل أقصد الأرض التي سيبني عليها أبوك بنيانا جديدا لنا يا مابه
مابه : أحقا .
أحد العبيد : نعم يا سيدي وقد قال أنه سينشغل هذه الأيام لينجز البنيان سريعا
(. وانشغل بوذخشان ببناء البنيان . حتى وقع يوما في حيرة . هل يقف يتابع بنيانه الذي يبني , أم يتابع العمل في ضيعته وبينما هو يفكر مر عليه مابه في طريقه للمعبد . فقال له .)
بوذخشان :أي بني ,قد شغلني ماترى من بنياني عن ضيعتي ولابد أن أتابع العمل بها فعليك أن تذهب أنت لتتابع العمل هناك ثم تعود بعد انتهائك من هذه المهمة مباشرة
مابه : أمرك يا أبي سأفعل
(ذهب مابه في طريقه للضيعة وهو يفكر فيما يشغله تلك الآلهه المتعددة .
صوت مابه : عجبا لهؤلاء الناس الذين يعبدون النار المقدسة التي لا تخبو . كيف يظنون أنها لا تخبو وحتى نار الشمس تخبو وتغرب ليلا (. وبينما هو يسير ويفكر مر بكنيسة بها ناس تصلي وتبتهل . فسأل من حوله ما هذا الذي أسمع . فقالوا له هذه كنيسة النصارى وهم يصلون فدخل مابه ينظر على المصلين في هذه الكنيسة فأعجبه ما رأى من حالهم وجلس عندهم يتابعهم ويشاهد كيف يصلون وكيف يدعون حتى غربت الشمس . وأرسل أبيه عبيده يبحثون عنه في كل مكان فلم يجدوه .)
وعاد مابه إلى أبيه في المساء . فسأله أبوه
بوذخشان : أين كنت يا ولدي . بحثنا عنك ولم نجدك في الضيعة . مابه : يا أبتي لقد مررت بأناس نصارى يصلون في كنيسة فجلست عندهم أتابعهم وقد نسيت أمر الضيعة .
بوذخشان : أي بني دينك ودين آبائك أفضل من دينهم .
مابه : لا يا أبتي بل ماهم عليه أفضل من ديننا فهؤلاء قوم يعبدون الله و يدعون له ونحن نعبد نارا نشعلها بأيدينا إذا تركناها ماتت.
(غضب بوذخشان غضبا شديدا وأمر بشد وثاقة وحبسه في بيت عنده وجعل في رجله حديد وقد جلس يفكر مابه بنفسه وكان معه عبدا يقوم بخدمته فقال له مابه )
مابه :إذهب سرا و اسأل هؤلاء النصارى ,أين أهل هذا الدين الذي رأيتهم عليه ؟ ( ثم انتظر مابه الرد بينما ننتقل إلى مشهد آخر بين بوذخشان وأم مابه )
الأم : إلى متى تحبس مابه يا بوذخشان . الولد لن يحتمل هذه القسوة ؟
بوذخشان : سأحبسه حتى يفيق من أوهامه
( نعود لمابه وقد عاد إليه العبد وأخذ يحدثه بصوت منخفض وهو يتلفت من الخوف)
العبد : أن أهل هذا الدين بالشام .
مابه : إذهب مرة أخرى و اطلب لي طلبا .
العبد :ولكن أخشى أن أقع في يد سيدي بوذخشان .
مابه : لا تخف .اذهب لهم وقل (إذا مر عليكم أحدهم فأخبرونا بذلك)
( فتلفت العبد حوله وانطلق ينفذ أمر سيده
* * *
جلست أم مابه تحدث بوذخشان عن ولدها
الأم : أنا أخاف على مابه يا بوذخشان ثم إنه عنيد . خذه بالحسنى هذا أفضل لك وله
بوذخشان : مادام تطاول على الآلهه فلا هدوء ولا حسنى . ينبغي أن يتعلم كيف يتكلم عن الآلهه باحترام
* * *
مازال مابه محبوس , في قدميه الحديد ينتظر العبد بالجواب حتى عاد له وهو يلهث
العبد : لقد وافقوا يا سيدي . وافقوا
( يبتسم مابه ابتسامة المنتصر.
* * *
أم مابه قلقة تروح وتجئ قلقة تريد أن تجد حلا لمابه فتلجأ للنار المقدسة وقد أججها العبيد في إناء معدن فتركع لها تحدثها
الأم : أيتها النار المقدسة التي لا تخبو أبدا . إنقذي مابه ولدي . أيتها النار المقدسة . إمحي الغضب من قلب أبيه . أيتها النار المقدسة لقد فعلت كل ما بوسعي وقد رفض أبوه أن يستمع لي
* * *
مازال مابه يجلس على الأرض في ذلك المكان الذي سجنه فيه أبوه وبينما هو جالس دخل عليه عبده وهو يتلفت وقال له بصوت منخفض
العبد : سيدي مابه . لقد قابلني أحدهم بالسوق وقال لي أنه مر عليهم تجار من الشام
مابه : يا لها من بشرى . إذهب إليهم وقل لهم
العبد : مرة أخرى يا سيدي . لو علم سيدي بوذخشان سيقتلني
مابه : لا تخف . فما الذي سيدريه .
العبد : حسناً وماذ أقول لهم ؟
مابه : قل لهم إنتظروا حتى يقضوا حوائجهم فإن قرروا الرحيل أخبرونا
* * *
بوذخشان يحدث نفسه فنسمع صوته يحدث به نفسه وهو صامت
بوذخشان : ماذا عساي أن أفعل مع هذا الولد . هل ألجأ للحسنى كما قالت أمه . لالا. سيلحق بهم ويدخل دينهم . فأي عار يلحق بي
* * *
ننتقل للسجن الذي حبس فيه مابه فإذا بالعبد يدخل عليه بالطعام فيضعه أمامه ويحدثه بصوت منخفض قائلا
العبد : لقد أرسلوا لي أحدهم . إنهم سيرحلون في الصباح الباكر
مابه : فاذهب لأبي وكون في خدمته افعل ما يأمرك به
العبد : أمرك ( خرج العبد من الغرفة وبدأ مابه يفك ما بقدمه من حديد حتى نجح في ذلك . ثم قام من جلسته وقال وهو يحدث نفسه )
مابه : سأنتظر حتى الليل لأنسل في الظلام دون أن يراني أحد
نعود من هذا الزمن البعيد لسلمان الذي يسافرإلى الجزيرة العربية باحثا عن المكان الذي سيدخله نبي آخر الزمان فها هو على الجمل وصاحبيه اللذين رحبا به في القافلة على أن يأخذوا منه البقرات مقابل نقله لجزيرة العرب وهاهم يتحدثون عنه بصوت منخفض
الأول : ما رأيك في سلمان هذا .
الثاني : من أي ناحية
الأول : ألم تلحظ أنه لا يعرف أحد في بلاد العرب . أي أنه لا يعرف من يجيره هناك
الثاني : فيم تفكر . لا أفهمك بحق الآلهه
الأول : كل خير لا تقلق
* * *
يتذكر سلمان حينما فر من أبيه ولحق بالتجار المتجهين إلى الشام وهاجر ووصل أخيرا إلى الشام
أحد التجار : ها قد وصلنا أخيرا . فإلى أين تذهب يا مابه
مابه : من أفضل رجل على دينكم ؟
التاجر : الأسقف صاحب الكنيسة
مابه : فدلوني عليه
* * *
جلس بوذخشان يحدث نفسه متحسرا على ولده الذي أحبه بكل جوارحه
بوذخشان : ايام وأنا أبحث عن مابه ولم أجده . لقد فر مني إلى الأبد . كنت أظنه سيعود لصوابه . يا لحسرتي عليك يا مابه
* * *
في الكنيسة يتحدث مابه أو سلمان إلى الأسقف وقد أخبره بقصته
سلمان : أريد أن أكون معك أعبد الله , وأتعلم منك تعاليم الدين
الأسقف : لك هذا , كن معي . ( تهلل وجه سلمان وأقبل على حياته الجديدة في الكنيسة وفي يوم من الأيام ذهب سلمان ليسأل الأسقف عن مسألة في الدين فلم يجده ولما بحث عنه وجده يخفي مال الزكاة الذي جمعه من الناس في جرة فخارية حتى امتلأت . فتراجع سلمان ونظر إليه من حيث لا يراه فوجده قام بالجرة في هدوء الليل ثم خرج من المكان فتبعه مابه لمكان بحديقة الكنيسة فحفر حفرة ووضع فيها المال وخبأه وسوى عليه التراب)
فقد كان هذا الأسقف يأمر الناس بالصدقة ويحثهم عليها ثم يكتنزها لنفسه ولا يعطيها للمساكين . فرأى مابه ذلك منه واحتار ماذا يفعل . لقد وجد دينا أفضل من دينه ولكن هذا الرجل رجل سوء . فكيف يتصرف . ولم تطل حيرة مابه كثيرا . فقد مات الأسقف وكان هذا اختبار لمابه . هل يأخذ المال ويخالف تعاليم الدين الذي دخله . أم يتمسك بدينه ويخبر الناس ولم يطل تفكيره فقد اخبر الناس بذلك عند موت الأسقف : فسألوه وما دليلك على ذلك ؟ فدلهم على مكان المال وكان سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا فلما رأو ذلك قالوا والله لا ندفنه أبدا فصلبوه على خشبة ورموه بالحجارة ثم جعلوا رجلا آخر مكانه وقد كان مؤمنا ورعا يصلي خاشعا وكان زاهدا. فأحبه مابه حبا شديدا . ولازمه وتعلم منه تعاليم الدين حتى حضره الموت فقال له مابه
مابه : أيها الأسقف . لقد حضرك من أمر الله ماترى . وإنني لم أحب أحدا في هذه الدنيا كما أحببتك . فبماذا تأمرني ؟ وإلى من توصي بي ؟
الأسقف: أي بني لا أعلم أحد على مثل ما أنا عليه إلا رجل بالموصل أوصيك باتباعه
(.فلما مات الأسقف رحل مابه إلى الموصل لذلك الذي أوصاه صاحبه باتباعه فوجده على مثل حاله من العبادة والتقوى والزهد والورع وكان مشهد الفيلم هنا صامت تبين اتباع مابه الذي اتخذ لنفسه اسم سلمان بعد أن سلمه الله من المجوسيه.فلازمه وأخذ منه العلم وعبد الله معه حتى حضرته الوفاة . ثم بدأ الحوار هنا والأسقف يحتضر وسلمان يبكي عند قدميه ويحدثه
سلمان :أوصني
الأسقف : ما أعرف أحدا على ما نحن فيه إلا رجلا بعمورية .
ومات الأسقف فكانت رحلة سلمان إلى عمورية . فأتى الرجل الذي أمره به صاحبه فأخبره بخبره , فأمره بالبقاء معه وأعطاه بقرات وأغنام يعمل فيهم ولما حضرته الوفاة . تكرر المشهد المأسوي مرة أخرى وكان هذا الحوار
سلمان إلى من توصي بي ؟
فقال لا أعلم أحدا اليوم على ما كنا عليه , ولكن قد أظلك نبي يبعث بدين إبراهيم , يهاجر لأرض ذات نخل , وبه آيات وعلامات لا تخفى , بين منكبيه خاتم النبوة , يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة . فإن استطعت فاذهب إليه .
* * *
ننتقل لسلمان في القافلة وقد أفاق على صوت رجل يحدثه .
الرجل: ألم تشبع صمتا يا هذا . لقد اقتربنا من وادي القرى فهندم نفسك لأننا سنقصد السوق مباشرة .
سلمان : وماذا في ذلك ولماذا أهندم نفسي
الرجل : وكيف نبيعك وأنت على هذا الحال .( فيفزع سلمان من كلامه ويصيح فيه )
سلمان :ألا تتقي الله يا رجل لقد نقلتموني مقابل البقرات .
الرجل : ولماذا لا نأخذ البقرات والغنم وأنت معهم . أنت ثروة ولا تدري .هاهاها
( فيجتمع عليه الرجال ويقيدوه ليبيعوه في السوق . وبعد قليل بلغوا السوق وبيع سلمان لرجل هناك . ثم اشتراه منه رجل من بنى قريظة . فتبعه سلمان إلى يثرب فعرفها بصفتها التي وصفها له الأسقف . فسعد بذلك وظل عند صاحبه يفلح له أرضه ويرعى نخلاته وظهر دين الإسلام ولكن سلمان لم يسمع به فقد كان مشغولا بشغله بعيدا عما يحدث من حوله من أحداث حتى جاء يوم كان سلمان يرتقي النخلة وكان صاحبه واقفا عند جزعها وبينما كان سلمان في رأس النخلة حضر ابن عم صاحبه )
.الضيف : قاتل الله بني قيلة , لقد مررت بهم وهم مجتمعون على رجل قدم عليهم من مكة يزعم أنه نبي .
( سمع سلمان هذه الكلمات فدارت به الدنيا وكاد أن يسقط من على النخلة. هل أخيرا سيلقى نبي آخر الزمان . فنزل من نخلته مسرعا وسأل ضيف صاحبه )
سلمان: ما هذا الخبر ؟
( فلكزه صاحبه لكزة قوية وقال له : وما أنت وذاك ؟ وأمره أن يعود لعمله . فعاد لعمله حتى أتمه وفي المساء ذهب ليرى رسول الله . وكان قد جمع بعض التمر . فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في قباء بين بعض أصحابه فتقدم إليه سلمان وقال له )
سلمان : اجتمع عندي هذا , واردت أن أتصدق به , وبلغني أنك رجل صالح , ومعك رجال من أصحابك ذوو حاجة , فرأيتكم أحق به . فوضعه بين يديه .ووقف يتأمل ما يحدث فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفعها لأصحابه وكف أيديه عنه . فتأمل ذلك سلمان وقال في نفسه
صوت سلمان : إذا هو لا يأكل الصدقة . هذه واحدة .
(ثم تحول رسول الله إلى المدينة وعاد له سلمان يقول له)
سلمان : لقد أحببت كرامتك فأردت أن أعطيك هدية وليس صدقة (فأعطاه بعض التمر فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يمد يده ويأكل ويطعم أصحابه . فتأمل ذلك سلمان وقال
سلمان : هاتان اثنتان
(ورجع سلمان يفكر . بقيت علامة فكيف يعرفها فبين منكبيه خاتم النبوة وكيف يراه إذا .وسمع سلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة ببقيع الغردق فذهب إليه سلمان وسلم عليه وكان في أصحابه . وظل ينظر على كتفه كلما تحرك . فلاحظه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف ما يبحث عنه فأرخى له رداءه ليرى خاتم النبوة . فقبله سلمان وبكى . فتعجب أصحاب النبي . وجلس سلمان بين يدي رسولنا الكريم يحكي له قصته كلها . ثم نطق الشهادتين وأسلم نفسه وقلبه لله عز وجل ثم أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكاتب عن نفسه . فذهب سلمان لصاحبه ليتحرر من رقه فكاتبه صاحبه على أن يغرس له ثلاثمائة ودية وعلى أربعين أوقية من الذهب . فعاد سلمان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلمه بما حدث بينه وبين صاحبه . فأمر أصحابه ان يعينوا سلمان بالنخل . فجمعوا له .هذا أعطاه خمس وهذا عشر وهكذا حتى اجتمع له ما أراد ثم أعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرس النخلات بنفسه وبيديه الكريمتين فكان سلمان يؤته بالنخلة فيضعها صلى الله عليه وسلم ويسوي عليها ترابا حتى أتمهن وانصرف . فتخلص سلمان من غرس النخلات بفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبفضل إخوانه المسلمين وبقي الذهب فصاحبه فرض عليه أربعين أوقية من الذهب وهومبلغ كبير . لقد وفى بجزء من الإتفاق كان يظن أنه لن يستطع الوفاء به . أما هذا الجزء الخاص بالذهب فهو مشكلة كبيرة . إذ كيف له أن يأتي بكل هذا المال فبات سلمان في هم يفكر في كيفية قضاء الدين . وفي يوم من الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد فأتاه أحد أصحابه يتصدق بمثل البيضة من الذهب . فأرسل رسول الله يستدعي سلمان فأخذها ليؤدي بها الدين . وهكذا تحرر سلمان ليبدأ عهدا جديدا عهد الحرية في ظل الإسلام .
منقول
lk hv,u hgrww gsglhk hgthvsd