أسباب الثبات بعد رمضان
أ.أناهيد السميري
وظيفة العبد في هذه اللحظات
تجتمع في ثلاثة أمور:
1/ في الشكر على التوفيق للعمل الصالح.
2/ وفي الاستغفار لتسديد النقص والضعف في الطاعات.
3/ وفي تكبير الله عز وجل
فهو أكبر من كل طاعة يقوم بها العبد، ومهما بذل العبد جهده فالله عز وجل حقه أكبر وأعظم، وهو الذي يُكبر ويُعظم لما هدانا إلى هذه العبادات.
كيف لي أن أثبت على هذه الأعمال التي وُفِّقت إليها؟
ما طريق الثبات؟
ما الوسائل التي توصلني للثبات على الاستقامة؟
وكيف لي أن أستزيد فتزيد أيام حياتي ويزيد عملي الصالح؟
أعظم أسباب الثبات:
هو الحرص على الثبات، الإحساس بأن هنا نعمة أخاف أن تذهب وأفقدها، فإذا بدأ الإنسان بهذه المشاعر ستنفعه أسباب الثبات،
إذن النقطة الأساسية للثبات في الدين هي:
الشعور بقيمة الثبات
لابد أن تكون قلوبنا أولا متحرقة للبقاء على هذا الطريق والزيادة منه،
محبة للاستقامة، وهذا يلحق به أن نُذكر أنفسنا أن قلب ابن آدم أشد انقلابا من القدر إذا اجتمعت غليانا!
وكما روى الإمام أحمد قال: "إنما سمي القلب من تقلبه، إن مثل القلب كمثل ريشة في أصل شجرة يقلبها الريح ظهرا لبطن".
فهذا كله يدفعنا لحرارة الشعور بطلب الثبات،
وهذا الثبات من أفعال الله عز وجل لعباده، {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}
كيف نثبت؟ كيف تستقر أمورنا فيبقى في قلوبنا آثار الصيام والقيام؟
الأمر الأول :
1⃣استشعار عظمة الله عز وجل.
كنت تقرأ القرآن وتسمع فيه من صفات الله عز وجل ما تسمع، مر عليك أفعاله وصفاته وأسماؤه، مر عليك من شرعه ما يجعلك غاية في تعظيمه، وإذا تبيّن لك من القرآن ما له من كمال الصفات
كيف تتصور لقاء هذا الملك العظيم؟! حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه سبحانه وتعالى ما انتهى إليه بصره من خلقه!
دخلت في باب التقوى في رمضان بخطوة واحدة، استشعارك لعظمة الله عز وجل يثبت خطوتك هذه ويزيدها، لأنك في التقوى تقول لنفسك: يجب أن أتقي مساخط العظيم، تقول لنفسك: أنا سأشتري رضا العظيم وأبيع هوى نفسي
هذا كله يدور حول استشعار عظمة الله والتجارة معه، إذا حصل هذا فها نحن نمر بالخطوة الأولى للبقاء في هذا الأمر العظيم، في البقاء في دائرة التقوى والثبات عليها.
2⃣ الالتزام بالإحسان في الفرائض، وهذا سيسبب الإكثار من الأعمال الصالحة.
المقصود بالفرائض ما فرضه الله عز وجل وكما هو معلوم إذا أحسن في فرائضه سيبلغ الحال الذي ترضي الله عز وجل من جهة الثبات {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا)
أيضا بقاء علاقتك بالقرآن لأن العبد لابد أن يسقي نفسه الإيمان، فالقرآن يزرع الإيمان ويزكي النفس ويرد الشبهات ويُبقي الإنسان على ذاكرة من التصورات الحقيقية للحياة،
إذا أحسنا في الفرائض وقد فُتح علينا بالنوافل في هذا الشهر العظيم سيكون من أسباب الثبات الاستمرار على الأعمال الصالحة ((أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل))
السبب الثالث
3⃣ أن تكون صحبتك على خير
بمعنى أنك ستفعل أفعالا من أجل أن تثبت ولكنك ستصاحب ضعفاء إيمان، وتصاحب قليلي انتفاع من رمضان يشغلونك ويكدرون عليك صفو ما بلغته من إيمان؛ فالحل هو أن تتخير من صحبتك من لا يشغلك وأن تتعامل من فُرض عليك التعامل معه بنوع من الحذر- بنوع من الحذر ليس بكراهية ولا بغض - ولكن بالحذر! فتحذر من إغرائه وتحبيبه لك الدنيا. واعلم أن من الأزواج والأولاد من هم عدو أُمِرنا بالحذر منهم، فكيف بالصحبة والزملاء.
4⃣ مُلاحظة نقاط ضعف النفس
كل واحد منا له نقطة ضعف، فأنت الآن فتش ما هي نقطة ضعفك؟ نقطة الضعف هذه هي التي تجيش جيوش الإيمان من أجل أن تتقي فيها!
فإن خرجت من رمضان فعليك أن تتقي ولا يكون ديدنك كثرة الكلام، فتخرج إلى مجتمع فتجد نفسك ستتكلم، هنا جيّش جيوش الإيمان في قلبك وكلم نفسك وخاطبها: احذري ستقولين كلمة تندمين عليها، عاهدت الله ألا تضعفي، عاهدت الله ألا تغتابي إلى آخره، فيندفع عنك عدوك!
واعلم أن الثبات في مثل هذه المواقف سيكون انتصارا ينصرك الله فيه خصوصا لو أكثرت من ذكره؛ فالله عز وجل جعل ذكره من أعظم ما يعين على الثبات في الجهاد، في جهاد البدن، ومنه في جهاد النفس.
5⃣ الدعاء!
(يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ) ، {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}
كثرة الدعاء لهذا الأمر دليل على أنك تخاف من عدم الثبات،
لو شعرت بخطورة انزلاق القدم وبخطورة الانتكاسة وبخطورة الانسلاخ من الدين وبخطورة نقض الغزل بعد تمامه، لو شعرت بهذا كله سيكون هذا الدعاء جاريا على لسانك لا تتركه!
وض