مريض, النفسي, اختصاصيون, اختصاصيون:
كثيرا ما تناولت الأفلام العربية الكوميدية تأثر الطبيب
النفسي بمرضاه، وأظهرت حالات عديدة تناولتها بسخرية تشير إلى ذلك. إلا أن الكثيرين كانوا ينظرون إليها في إطارها الكوميدي وسط استنكار كبير ونفي من الأطباء أنفسهم. ولكن يبدو أن مصادفة ظهور حالتي إصابة لدى طبيبين عربيين بمستشفى الأمراض النفسية بالطائف فتحت هذا الملف من جديد، وقد كشفت مصادر لـ «المدينة» أن احد هذين الطبيبين لا يزال يمارس عمله بالمستشفى رغم خضوعه للفحص الطبي ومواصلته للعلاج، فيما أنهت صحة الطائف عقدها مع طبيب عربي آخر اكتشف أيضا إصابته بمرض نفسي.
وقد تباينت آراء الأطباء والاخصائيين النفسيين حول مدى تأثر الطبيب النفسي المعالج في المستشفيات النفسية بمرضاه، فبين المطالبة بحاجة هؤلاء الاطباء لتأهيل نفسي لمواجهة ضغوطات الحالات اليومية للمرضى، تأتي مطالبات أخرى بتخفيف حدة العمل لتجنب تأثر سلوك الطبيب بالمرضى.
وبين هذه المطالبة وتلك يرى مدير مستشفى الصحية النفسية بالطائف سابقا الدكتور عدنان عاشور أن إصابة الطبيب النفسي بالأمراض النفسية واردة كونه إنسان وطبيب كبقية الاطباء، ولكن تعميم ذلك على الجميع يعتبر تكريسا لمفهوم خاطئ.
مفهوم خاطئ
وأضاف عاشور بقوله: إن فكرة إصابة الطبيب النفسي بالمرض هي مفهوم خاطئ لدى الكثيرين كون الطبيب معرض للإصابة كغيره من الاطباء، ولكنه طالب أن يحصل الاطباء على إجازات بشكل مستمر خصوصا مع ضغوطات العمل والتي قد ينقلها بعض الاطباء إلى منزله ويناقش فيها أفراد أسرته وبالتالي تحدث بعض الاضطرابات التي يمكن تجنبها بشكل مستمر.
واستشهد بإحدى الدراسات التي أجريت في أمريكا حول مدى تأثر إصابة الاطباء بالأمراض النفسية وتم إجراؤها على عدد من الأطباء في تخصصات مختلفة شملت «الجراحة والعيون والتخدير والنفسية وغيرها»، وكشفت النتائج عن تصدر تخصصات مختلفة في قائمة الاطباء الذين يتعرضون للأمراض النفسية، فيما جاء أطباء الصحة النفسية في مراتب متأخرة،
وأوضح د.عاشور أن في الوقت نفسه تؤكد مخصصات وحوافز الأطباء النفسيين أن كلما زاد الاقتراب من المريض كلما زاد «البدل النفسي» الذي يتقاضاه، وهو ما يعرف في التخصصات الأخرى ببدل العدوى، فالعاملين في مجال التمريض يتقاضون 1500 ريال كبدل نفسي، فيما يتقاضى الطبيب العام 2000 ريال ، أما الطبيب الأخصائي فيتقاضى 2500 ريال، والاستشاري 3000 ريال، ولان العمل في المصحات النفسية مختلف فالإداريين كذلك يتقاضون ما نسبته 30% من رواتبهم كبدلات نظير عملهم بالمستشفيات النفسية ، أما العاملين في المختبرات والصيادلة والتخصصات التي يقل فيها الاحتكاك بالمرضى فإنهم يتقاضون 500 ريال نظير ذلك. ولكن في نفس الوقت لا يوجد علميا ما يسمى بالعدوى في الأمراض النفسية، فهي ليست فيروسا كي ينتقل من مريض إلى آخر.
المعاشرة والارتباط
أما أستاذ الإعلام النفسي بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور عدنان المهنا فقال: إن الطبيب النفسي يتأثر بالتعامل مع المرضى النفسيين وذلك لكثرة معاشرتهم والارتباط بهم بشكل مستمر، وقد سجلت العديد من الحالات سواء على المستوى المحلي أو العالمي نتيجة للاضطرابات النفسية والفسيولوجية التي يتعرض لها الطبيب المعالج، وأوضح أن السلوك الإنساني رغم ثباته فإنه مرن وقابل للتعديل والتغيير، ويظن بعض الناس أن الطبيب النفسي قد يكون من الصعب تعديل سلوكه، ولكنه وعن طريق العلاج والمحاكاة ربما ينتقل إليه سلوك الغير لأنه يشمله التنظيم الأساسي للشخصية ومفهوم الذات.
وأضاف أن الطبيب النفسي يلعب عددا من الأدوار، بمعنى انه يقوم بالوظائف المتكاملة فهو يقوم بدور الأخ والقائد وله اتجاهات كثيرة نحو المرضى والأفراد الذين يقابلهم، وربما في بعض الأحيان تكون اتجاهاته المختلفة لها انفعالاتها، وتعتبر مؤثرة على الطبيب المعالج.
تأهيل نفسي
ويرى الأخصائي الاكلينيكي الدكتور/ وليد الزهراني أن إصابة الطبيب النفسي بالمرض واردة وبشكل كبير كون بعض الاطباء لا يمتلكون أدوات الفصل بين علاج الحالات في المستشفى وواقعه الذي يعيشه وبالتالي تزداد فرص الإصابة بالمرض لدرجه تعرض البعض إلى مشاكل سلوكية جراء ذلك، منوها إلى أن بعض الاطباء يحتاج إلى تأهيل نفسي لكي يستطيع توفير أدوات الفصل بين العمل والحياة اليومية، وكذلك الحد من فرص الإصابة، وأشار الزهراني إلى أن غالبية الاطباء يعاينون حوالى 40 حالة مرضية نفسية في اليوم الواحد، وهذا يشكل ضغوطات كبيرة قد تصل إلى حد التأثر بها، إضافة إلى أن بعض الاطباء لا يشغل نفسه بهوايات مختلفة وأدوات للتنفيس عنه، وهذا يجعله ينقل تفاصيل مريضه الصغيرة إلى منزله من باب المساعدة وإنهاء المشكلة، ونوه إلى أن التأثر بالنظريات النفسية ومحاولة تطبيقها قد تقود إلى ذلك، مطالبا بالتعامل مع الحالات المرضية بأسلوب متوسط وبما يكفل مساعدة المريض وعلاج حالته دون وقوع تأثير للمرض على الطبيب المعالج
hojwhwd,k: hg'fdf hgktsd lvdq lpjlg