أنفلونزا, الخنازير, ثلاثي, خارج, فيروس
في السنوات الماضية انتشر مرض فيروسي قاتل ومعدٍ ينتقل من الطيور الى الإنسان سميّ بمرض " إنفلونزا الطيور " حيث أصاب الكثير من الناس وفي بقاع مختلفة من العالم. كان هذا المرض حصيلة تحورات جينية حصلت في كيان فيروس إنفلونزا الطيور حيث أصبح قادرا على إصابة البشر والانتشار بينهم. لم يهدأ بال العالم من هذا المرض المخيف ولم تستكن منظمة الصحة العالمية من إجراءاتها وتحوطاتها من أجل السيطرة عليه واحتوائه حتى حصلت ضجة إعلامية كبيرة منذ أيام معلنة ولادة مرض جديد معد وفتاك سميّ بمرض "إنفلونزا الخنازير". تنتقل فيه فيروسات الإنفلونزا من الخنازير الى الإنسان ومن ثم من الإنسان الى الإنسان وتسبب له أعراضا مرضيّة حادة قد تكلفه حياته.
وأكدت منظمة الصحة العالمية على لسان رئيستها السيدة " مارغاريت شان" على وجود إصابات وحالات مرضية ووفيات بسبب هذا المرض الوبائي الجديد الذي يتميز بشراسته وإمكانية فتكه بالإنسان حتى الوفاة، مما يثير الفزع بين الناس ويجعل السلطات الصحية المحلية والعالمية في حالة تأهب ومراقبة. ظهرت الإصابات الأولى بهذا المرض في المكسيك وذلك ضمن ثلاث مواقع معلومة أما أحدث الأرقام الصادرة عن المنظمة فتشير إلى اكتشاف 148 حالة مؤكدة بفيروس انفلونزا الخنازير في تسع دول، وأكثرها في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أكدت مراكز الرقابة على الأمراض والوقاية منها، وجود 91 حالة إصابة مؤكدة.
وثبتت المنظمة عدد الوفيات المؤكدة بالفيروس عند سبع حالات في المكسيك وواحدة في الولايات المتحدة، مع وجود أكثر من 2700 حالة مشتبه بها في مختلف أنحاء العالم.
غير أن المكسيك تحدثت عن وقوع ما يزيد على 150 حالة وفاة جراء الفيروس، رغم أن سبعة منها مؤكدة في المختبرات، بينما تشير أرقام المشتبه بإصابتهم بالفيروس إلى وجود نحو 2500 حالة، منها 26 حالة فقط تم تأكيدها.
وآخر الدول التي انضمت للدول التي أعلنت عن وجود إصابات بالفيروس هي ألمانيا والنمسا، فيما ارتفع عدد الإصابات في كل من بريطانيا وإسبانيا، كما أفادت بيرو عن اكتشاف حالة إصابة واحدة.
هذه الفيروسات لا تنتقل من الخنازير الى الإنسان إلاّ في حالات نادرة حيث يصاب بها الإنسان خصوصا المزارعين والمربين لهذه الحيوانات، فتظهر عليهم علامات مرض الإنفلونزا المعهودة وهي ارتفاع درجة حرارة الجسم، النحول العام ، فقدان الشهية، صداع وآلام في الظهر والعضلات، إضافة الى التقيؤ والإسهال في بعض الأحيان أو التهابات في المجاري التنفسية تتميز بالسعال وضيق النفس. تمتد أعراض المرض الى بضعة أيام ثم يشفي منها المريض عادة وينتهي الأمر.
الذي يحدث في المرض المعدي الجديد هو أن الفيروس المسؤول عن إنفلونزا الخنازير والذي يرمز له بـ " أش1 أن1" قد تحوّر وأصبح بتركيبة جديدة غريبة تحمل ثلاث صفات جينية وهي : جينات فيروس إنفلونزا الطيور + جينات فايروس إنفلونزا الخنازير وهي على نوعين + جينات فيروس إنفلونزا الإنسان. هذه التركيبة الجديدة جعلت هذا الفيروس الهجين ذا شراسة وتأثير فتاك على الإنسان، حيث إن المصاب يشكو من أعراض أنفلونزا شرسة تتسم بالتهابات رئوية حادة قد تؤدي بحياة المريض. كما أن هذا النوع من الفيروسات الهجينة ينتقل من إنسان الى إنسان ويصيب الشباب الذين يتمتعون عادة بمناعة قوية ولا يشكون من أي مشاكل صحية. وهذا ما يعطي إشارة تحذير حمراء توحي بخطورة هذا المرض وإمكانية انتشاره في سائر بقاع العالم.
ربما يتساءل البعض : كيف تتم السيطرة على هذا المرض المعدي إذن؟ الجواب هو أن السيطرة التامة على مثل هذه الأوبئة ليست مهمة سهلة وكما أشارت رئيسة منظمة الصحة العالمية أمام الصحفيين حيث قالت بـ "إننا قلقون فالموقف خطير ويتطلب الإسراع في احتوائه والسيطرة عليه". ففي هذا الشأن لابد أن نبيّن بعض النقاط العامة التي ربما تلعب دورا رئيسيا وهاما في احتواء وتحجيم الأمراض السارية والمعدية كمرض إنفلونزا الطيور أو الخنازير أو غيرها ومنها :
1- في المناطق الموبوءة يجب غلق الأماكن التي يزدحم فيها الناس كالمدارس والجامعات والنوادي والمطاعم وأماكن العبادة لتجنب انتقال العدوى بين الناس.
2- لبس الأقنعة الواقية في الأماكن المزدحمة كالأسواق والشوارع ووسائط النقل، وتجنب المصافحة والتقبيل أو استخدام أواني وصحون الغير، كما يجب غسل الأيادي بالماء والصابون عدة مرات في اليوم الواحد وعدم البصاق في الأماكن العامة لأن هذا الفعل قد ينشر الفايروسات في الفضاء التي تدخل بدورها الى المجاري التنفسية للأصحاء أثناء عملية التنفس.
3- التطعيم ضد المرض ضروري من أجل زيادة مناعة الجسم ضد هذه الفيروسات الهجينةولكن توفر الكميات الكافية للقاح الجديد يتطلب بعض الوقت وقد يستخدم اللقاح ضدالإنفلونزا الموسمية كبديل مؤقت لحين توفر اللقاح الصحيح.
7- هذا المرض لا يستثني الدول الإسلامية إذا ما انتشر بين الدول، رغم غياب الخنازير من المزارع والحقول والأسواق في هذه الدول، لأن هذا المرض المعدي ينتقل بين الأفراد وليس بالضرورة من الخنزير الى الإنسان فقط.
أستاذ في علم الأمراض وأخصائي بايولوجي الدم
مستشفى براكوبس الجامعي - بروكسل
Hktg,k.h hgokh.dv tdv,s eghed ohv[ hgsd'vm