الذات, تعرف, تطوير
بسم الله الرحمن الرحيم
بـدايـةً:
ماذا نعني بـ تطوير الذات ؟
هو منهج يعمل على تنمية واكتساب أي مهارة أو معلومة أو سلوك تجعل الإنسان يشعر بالرضا والسلام الداخلي وتعينه على التركيز على أهدافه في الحياة وتحقيقها وتعدّه وتجهزه للتعامل مع أي عائق يمنعه من ذلك
إن التعريف المذكور أعلاه بني على افتراضات مهمة و أصيلة وهي:
1/،أسمى أهداف الإنسان المسلم وغاياته هو الوصول إلى الجنة ولابد أن يصرف حياته كلها في سبيل هذا الهدف ولذا فمن المفترض أن يكون هذا الهدف أول الأولويات وأن تقاس باقي أهداف الإنسان من حيث أهميتها على هذا الهدف فالسعي لتحصيل المال كهدف مثلاً لابد أن يتماشى مع هذه الغاية في الوصول للجنة وكذلك الأمر مع أي هدف دنيوي آخر غير جمع المال
2/تطوير الذات لا يخرج عن مقاصد الشريعة فلا يطلب الإنسان تطوير نفسه بما لا يتفق مع الثوابت الشرعية
3/تطوير الذات لا ينفك عن تزكية النفس من الناحية وهو الوصول إلى كمال الإيمان وتطهير النفس مما يخدش الإيمان بل هو حالة خاصة من تزكية النفس فهي الأصل الذي يسعى إليه كل مؤمن عاقل
4/تطوير الذات هو مهمة مستمرة دائما لا تتوقف عند حد أو عمر
أهمية تطوير الذات
لقد أضحى من نافلة القول أن يذكر أن تطوير الذات مهم بل مهم جداً وذلك للأسباب التالية :
1/لاشيء ثابت في هذا الكون سوى التغيير وهو قادم وواقع لا محالة فمن لا يتقدم يتقادم ويصبح ( دقة قديمة ) كما يقول المثل الشعبي ولذلك يجب على كل عاقل أن يطور نفسه
2/هناك فجوة كبيرة بين مهارات ومعلومات نظم التعليم وبين ما يحتاج المرء فعلا ولا بد لهذه الفجوة أن تسد
3/سوق العمل الجديد لا يرحم ويحتاج إلى مهارات ومعلومات جديدة فإذا لم تكن ممن يضيف جديدا عليه فستصعب عليك المنافسة
4/ضغوط الحياة تزداد ولا بد من أن تتعلم طرق جديدة ومفيد ة للتعامل معها
أركان تطوير الذات المهمة :
أربعة أ ركان رئيسة لـ تطوير الذات لا يتم المنهج إلا بها وهي :
1/معرفة رسالتك ورؤيتك وأهدافك في الحياة
2/معرفة كيف تتواصل مع نفسك ومع الآخرين
3/معرفة كيف تتعلم
4/معرفة كيف تدير أمورك المالية واتقان مهارات الاستقلال و الاكتفاء المالي
أولى خطوات تطوير الذات :
نزل أحدهم من بيته ووقف أمام الباب وهو في كامل أناقته وحسن هندامه
أخذ يشير بيده إلى سيارة أجرة وبالفعل لم تمر بضع ثواني حتى توقفت أمامه سيارة أجرة
فتح الباب وركب السيارة فنظر إليه السائق في أدب واحترام وسأله إلي أين تريد الذهاب يا سيدي؟
صمت صاحبنا برهة غير قصيرة والسائق ينتظر رده وعندما طال انتظاره
سأل الراكب مرة أخرى وقال له: عفواً أين تريد أن نتوجه يا سيدي؟
رفع الراكب رأسه وتنحنح وكأنه يبحث عن صوته ولمع في عينيه حيرة محبطة ملأت المكان وقال لا أدري
لم يصدق السائق نفسه وقال ماذا؟ لا تدري إلى أين تذهب؟ جاء الرد خجولاً مهزوزاً نعم.
سؤالي لك
ماذا سوف تفعل لو كنت أنت هذا السائق؟ هل سوف تطرد الراكب؟ أم هل تشك في قواه العقلية؟ أو ماذا أنت فاعل؟ مهما يكن رد فعلك فلا أظن أنك ترضى عن سلوك ذلك الراكب وهذه حقيقة فكلنا في الغالب لن نرضى عن مثل هذا السلوك من الضياع والحيرة
ولكن هل سألت نفسك أين تريد أن تذهب بحياتك أنت بعد خمس أو عشر سنوات من الآن؟
هل عندك وجهة تولي وجهك شطرها؟ هل تعرف إلى أين تقود عربة حياتك؟
هذه الأسئلة قد تكون غريبة بعض الشيء ولكنها مهمة جداً حتى لا يكون المرء في حياته مثل ذلك الراكب التائه الذي لا يدري أين يذهب
إن أول خطوات تطوير الذات بل إن أهم خطوات النجاح في الحياة على الإطلاق هي معرفة الإنسان لرسالته وهدفه في الحياة التي تصبح ضرباً من العبث أو على أحسن الأحوال مكافحة المشاكل والعيش في منطقة ردود الأفعال فكيف يمكن للمرء أن يكون مبادراً وهو لا يعرف ما يريد
والحمد لله أننا نحن المسلمون نعلم أن لنا غاية رئيسة من الوجود على الأرض وهي عبادة الله بالاستخلاف في هذه الدنيا وعمارتها ولنا في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسوة حسنة لمن يريد أن يكون صاحب رسالة في الحياة
ولنا كذلك أسوة في أصحابه من بعده الذين ملأوا الدنيا علماً وعدلاً ونوراً؛ فذاك همه تعليم الناس القرآن وذاك همه إقامة حكم الله في الأرض بما يرضي الله وثالث همه نشر العلم وآخر شراء ما يحتاج الناس وتوفير الأمن والاستقرار لهم وآخر همه النصح والإرشاد وهلم جراً
ثم جاء من بعدهم التابعون وتابعوا السير في رسائلهم نحو الله كل حسب قدراته وطاقاته على طريق الرعيل الأول في عبادة الله. وأرجو من الله أن يجعل هذا الموقع خطوة تساعد في هذا الطريق
إن هذا الاختلاف بيننا يعتبر مثلاً على عظمة قدرة الله وحكمته حيث خلق لكل جانب من جوانب عمارة الأرض خلقاً مهيئين خصيصاً للقيام بذلك الجانب فمن الناس من يحب خدمة الآخرين ومنهم من يحب المعرفة والعلم ومنهم من يحب الأمن والاستقرار وتوفيرها لنفسه وللآخرين ومنهم من يعشق الجمال والمتعة في مخلوقات الله وكونه البديع ويحب إبرازها وإظهارها وهكذا وصدق المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين قال
كل ميسر لما خلق له
لذا يجدر بكل واحد منا أن يحول هذه الطبائع التي فطره الله عليها وتعود عليها إلى عبادات ينال بها رضا الله ويحتاج في ذلك إلى فهم نفسه ومعرفتها ومن ثمَّ استحضار النية السليمة عند القيام بما يميل إليه من أعمال
وحتى تكتمل معرفة الإنسان بنفسه لابد أن يتعرف على منظومة القيم والمعتقدات عنده و التي تجعله يختلف عن أي إنسان آخر والتي تؤثر في كل قراراته وأحكامه والتي تبنى عليها الرؤية والرسالة والأهداف في مجمل حياته. وهذا الأمر الممتع الجميل أشبه ما يكون برحلة استكشاف في أعماق النفس البشرية والتعرف عليها بشكل أقرب وأدق
و ماذا بعد !؟
بعدما يعرف الإنسان من هو بالتحديد وما هي غايته الخاصة في الحياة وما هو دوره المحدد في عمارة الأرض يسهل عليه معرفة ما يحتاج من برامج ودورات وكتب للوصول إلى يريد وعندئذٍ لا يصبح صيداً سهلاً للباحثين عن المال أو الشهرة في عالم التدريب ولا لأبواق التكرار وتقديم المسكنات الآنية لاحتياجاته التطويرية ومن جهة أخرى تساعد هذه المعرفة بالذات من يحصل عليها على معرفة ما هي عيوبه ومميزاته وبالتالي معالجة العيوب وتعزيز المميزات بشكل واقعي ومنهجي وليس التخبط في عالم التدريب أو القراءة بحثاً عن أجوبة قد تكون مجرد حلول لمشكلات نشأت عن عدم معرفة نفسه جيداً أو عن مشكلات أعمق
:
:
:
lh`h juvt uk j',dv hg`hj