و لسنا بحاجة إلى تقنية تلغي المسافات لنقترب
و لا لسرعة تطوي الساعات لنقترب
سنكتفي هنا بوسيلة لم تحتضنها (كتب العشاق) التي اكتفت (بالحسِّيات)
و لم تحتويها أشعارهم التي تشبعت (بالماديِّات)
سنكتفي بوسيلة تختصر لنا طريق الوصول إلى ( نعيم القرب و لذته)
لتستريح به القلوب المُتعبة , وتقر به الأعين المُعذبة
سنكتفي هنا بــ( و أسجد )
نعم فقط ( و أسجد ) هذا الطريق الوحيد و الوسيلة المختصرة للقرب
لا يعنيني إذا كنت سمعت عن هذا من قبل
أو قرأت تلك الآية في آخر سورة العلق ألف مرة أو حتى مليون مرة
لا يعنيني ذلك
لأن هذا الإحساس مُغيب ,, لا نقرأه في صحف و لا مجلات
و لن نحلم يوم أن تتحدث عنه الفضائيات
بحثت عنه كثيرا حتى وجدته
فخذ ما وجدت
و الآن أحبابي
بعيدا عن التنظير
هل ( و أسجد ) تكفي حقا ؟
إقرأ
( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) ـ مسلم « 482 » ـ
هكذا بدون تفصيل أو شرح و لا مقدمات و لا تكلف
(تريد أن تقترب أسجد)
قانون الاقتراب :
المسألة هنا مختلفة كثيرا
فليس القرب قرب مسافات , و لا البعد كذلك
أنه قانون جديد ـ أكرمنا الله به ـ
لنجد من يصدق معنا عند يكذبون
و من يسندنا عندما يخذلون
من يفي بوعده عندما يخونون
و من يكون قريبا عندما يهجرون .
هو قانون ـ أكرمنا الله به ـ
ليكون مصدر الأمان ( ثابت )
لا تهزه ظروف و لا تغيره أحداث
فما هو هذا القانون :
قالالإمام أبو حنيفة في كتاب الفقه الأكبر:
( وليس قرب الله تعالى و لا بعده من طريق طولالمسافة وقصرها ولكن على معنى الكرامة والهوان،
فالمطيع قريب من الله و العاصي بعيدمن الله بلا كيف)
ـ (واقترب)ليس معناه القرب المسافي بل المقصود تقرب إلى الله عز وجل بالطاعة والعبادة ـ
هل تصدق قربا لا يعترف بقصر المسافة أو طولهاألم أقل لك أنه قانون أنعم الله به علينا و أكرمنا به
حسنا توقف عن متابعة القراءة و ردد معي :
{كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}
لا يشترط أن يكون صوتك عذبا رتل و كرر:
{كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}
كررها حتى تشعر أنها تخرج من قلبك دون أن يحول بينك وبينها أي حائل
قلوبنا تحتاج إلى جلاء فكرر
و الآن أقرأ ما سطره أحدهم ـ كأعذب ما يسطره قلم ـ يقول :
( كم عمر أطول سجدة سجدتها لله؟
دقيقة ثلاثدقائق 5 10 ساعة
أعدالنظروتفكر في هذه الآية'' واسجد واقترب ''
*إذا أردتالقرب منه سبحانه، وحدك الشوق إليه وأخذك الحنين له فاهرعإليه،
تذكر ''واسجد واقترب'' وأطل في سجودك له
* وعندما تذهببك الدنيا بعيدا، وتنغمس في مشاغلها وزخرفها، فانفض يديك منها، تذكر'' واسجد واقترب'' وأطل في سجودك له.
* وكلما ضاقتبك السبل، وادلهمت الخطوب، وكثرت المحن، وأردت المخرج منها والخلاص، فالجأإليه
تذكر'' واسجد واقترب''وأطل في سجودك له )
ـ لله درك من كاتب ـ
الكون كله يريد أن يقترب :
هذا قائم وهذاساجد. الكون كله ساجد
جميعهم يريدون أن يقتربوا
الملائكة الشمسالقمرالنجوم الجبال الشجر الدواب. و كثير من الناس
اقترب اقرأ بقلبك
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ .}
يقول القرطبي :هذه رؤية القلب؛ أي ألم تر بقلبك وعقلك.
و يقول البغوي :" ألم تر " : أي ألم [تقرأ] بقلبك .
ما رأيك أن نرى كيف يسعى كل من في الكون للاقتراب:
الشمس تسعى للقرب :
وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي اللّه عنه قال، قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:
"أتدري أين تذهب هذه الشمس؟"
قلت: اللّه ورسوله أعلم، قال: "فإنها تذهب فتسجد تحت العرش، ثم تستأمر فيوشك أن يقال لها ارجعي من حيث جئت".
الأفلاك تبحث عن القرب كل يوم:
قال أبو العالية: ما في السماء نجم ولا شمس ولا قمر إلا يقع للّه ساجداً حين يغيب
ثم ينصرف حتى يؤذن له فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى مطلعه
ـ ابن كثير ـ
الظل (طلب خجول) للقرب
يقول الطبري :إذا تـحوّل ظلّ كل شيء فهو سجوده .
قال أبو العالية: وأما الجبال والشجر فسجودهما بفيء ظلالهما عن اليمين والشمائل . ـ ابن كثير ـ
شجرة تعلمنا القرب :
وعن ابن عباس قال: جاء رجل فقال: يا رسول اللّه إني رأيتني الليلة وأنا نائم
كأني أصلي خلف شجرة فسجدتُ ، فسجدت الشجرة لسجودي
فسمعتها وهي تقول:
اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، وضع عني بها وزراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود،
قال ابن عباس: فقرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سجدة، ثم سجد فسمعته وهو يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة
(رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان).
طلب القرب يرفع درجة الدواب !!!
يقول إبن كثير :وقوله: {والدواب} أي الحيوانات، كلها، وقد جاء في الحديث عن الإمام أحمد أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم
نهى عن اتخاذ ظهور الدواب منابر،
فرب مركوبة خير وأكثر ذكراً للّه تعالى من راكبها) ـ إنتهى ـ
ـ سبحان الله رب دابة خير من راكبها ـ
حسنا الآن أنت مؤمن و الله يقول :
{ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال}
قال الحسن وقتادة وغيرهما: المؤمن يسجد طوعا
استشعر
وعن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد لها اعتزل الشيطان يبكي يقول:
يا ويله أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار" ـ أخرجه مسلم ـ
أخيرا
قلنا أننا في سلسلة بعنوان (إسترااااااحة قلب)
أرح قلبك
توقف عن القراءة
و قم مهما كان المكان الذي أنت فيه
دع ما بيدك
و أســـــــــجد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك
ماوافق الحق من قولي فخذوه و ما جانبه فأجتنبوه
كتبته : هند عامر
من بريدي.