الصدمة, النفسية
من اثار الصدمة النفسية انها تشعر الشخص بالخطر، فالانسان عادة يشعر بدرجة ما من الامان، وهذا الاحساس مطلوب حتى يمكنه ان يخرج من بيته وان يعمل وان يأكل وان ينام وان يمارس حياته بشكل طبيعي، ولكن ان زاد احساس الانسان بالخطر وفقد الاحساس بالامان او قل عنده فانه سيشعر باعراض كثيرة نتيجة الاحساس بالخطر وعدم الامان، وهذا الاحساس قد يمنعه بشكل او اخر من ممارسة حياته الطبيعية، والصدمة النفسية تفعل ذلك،
والانسان يأخذ هذا الاحساس بالامان من جدول الحياة المنتظم الذي يجعله يشعر بان الامور تسير حسب نظام ما وانه بامكانه توقع الاحداث، ومن صفات الصدمة النفسية، سواء كانت نتيجة كوارث طبيعية او حروب او جريمة او حوادث سير او غيرها، من صفات الصدمة انها عادة تأتي فجأة ويصعب فهمها والتعامل معها عاطفيا، هنا يحدث امرين، الاول هو اهتزاز ثقة الانسان بانه يقف على ارض صلبة، والثاني هو عدم معرفته كيفية التعامل مع الصدمة، فالصدمة قد تجعل الشخص لا يعرف ما يمكن ان يحدث او لا يحدث، فكل شيئ يصبح ممكنا، ومن هنا يزيد الاحساس بالخطر، كما ان غالبية الناس لا تعرف كيف تتعامل مع الصدمة، فالصدمة تثير الكثير من المشاعر العميقة ولكن كثير من الناس لا يعلمون كيف يكون رد فعلهم، فالعواطف القوية من خوف وفزع وغيرها تزيد من احساس الشخص من فقدان السيطرة والتحكم في حياته، ففقدان السيطرة بعد الصدمة لا يكون فقط متعلقا بالامور الخارجية ولكنه ايضا فقدان سيطرة على النفس والعواطف، فنجد ان المصدوم يبدأ في فقدان السيطرة على تفكيره وعواطفه وسلوكه، فافكاره تصبح متسارعة وقلقة ويتوقع الاسوء، وعاطفته تكون قوية ويشعر بخوف وقلق وفزع، كما ان سلوكه قد يكون خارج عن السيطرة احيانا كأن يثور ويغضب او لا ينام او يتحدث دوما في امر متعلق بالصدمة،
الصدمة النفسية هي من اخطر الامور على صحة الناس العقلية والنفسية، والانسان عادة يعاني بعد الصدمة، وقد تكون المعاناة مادية او نفسية او اسرية او جسدية او بشكل اخر، من اهم نتائج الدين هو ان يشعر الشخص بدرجة ما من الامان وان كل الامور بيد الله وانه عليه ان لا يخلد للحياة ويأمن مكرها، فالامر هو في التوازن، ثقة بالله سبحانه مصحوبة بوعي ان الامور قد تتغير بشكل مفاجئ، والرضا بالقضاء والقدر مهمين أيضا، فالدين له دور هام جدا في التعامل مع الكوارث واثارها، وهذه الكوارث والمصائب قد تدفع البعض نحو التدين اكثر، ولكن هناك من يهتز ايمانهم واحساسهم بالعدل بعد الصدمة النفسية، وهذه من اهم نتائج الصدمات النفسية عند البعض، لماذا يمر شخصين بنفس الصدمة، أحدهما يزداد ايمانه والاخر يهتز ايمانه؟ تكوين الشخص وتاريخه وثقافته وقوة ايمانه كلها تلعب دورا هاما في تحديد النتيجة،
ولا بد ان نعرف ان الناس ليسوا سواء، وان الصدمة عندما تأتي فانها تأتي على اناس مختلفين في تاريخهم وقدراتهم الفكرية والعاطفية وفي امكاناتهم ومكانتهم الاجتماعية والمادية، يمرون بصدمة واحدة ولكن درجة المعاناة تختلف من شخص لاخر وردة فعلهم تختلف واساليب تأقلمهم مع الصدمة تختلف، فالفقراء والنساء والاطفال وكبار السن والمهاجرين يكونون اكثر عرضة للنتائج السلبية للصدمة من غيرهم، والسبب هو في قلة حيلتهم احيانا او في محدودية اختياراتهم، فعندما جاء الطوفان على مدينة اورلينز الامريكية في 2005م، كان اكثر المتأثرين من السود والفقراء، فبعضهم لم يكن عنده سيارة للهرب من المدينة والبعض لم يكن عنده تلفزيون يتابع من خلاله التحذيرات الجوية والبعض لم يكن عنده مال لشراء تذكرة طائرة لترك المدينة، وعادة ما تتأثر النساء اكثر بالكوارث نتيجة عدم تجهيز النساء للتعامل معها، فمثلا تغرق نساء كثيرات نتيجة ان المجتمع لا يسمح لهم بتعلم السباحة او لانهم ليسوا على علم بشوارع المدينة او هواتف الطوارئ، لا بد من تدريب الرجال و النساء واعطائهم المهارات الجسدية والفكرية والثقافية التي تساعدهم في وقت الازمة من انقاذ انفسهم واطفالهم والاخرين ان تطلب الامر، التعامل مع الصدمات يتطلب وجود معلومات كافية عن المدينة والطرقات والطوارئ ومهارات للتعامل معها،
وحالة الانسان النفسية قبل الصدمة قد تحدد رد فعله بعدها، فبعض الناس عندهم حالات نفسية سابقة للصدمة من قلق او اكتئاب او حالات نفسية ناتجة عن صدمات سابقة، وتأتي هذه الصدمة وتفجر من داخل الشخص كل مشاكله القديمة وتزيد من اعراضها، فبعض الاعراض التالية للصدمة هي عبارة عن تداخل اعراض لمشاكل قبل الصدمة مع اعراض بعدها، كما ان الحالة الاسرية تلعب دورا في الامر، فالتفكك الاسري والانعزالية تزيد من اثر الصدمة النفسية، فالاسرة لها دور هام من ايواء افرادها المتضررين الى تقديم العون المادي والمعنوي، واذا كان الشخص غير قادر على طلب المساعدة من اهله فهذا يضاعف من المشاكل، والصدمة قد تفاقم من المشاكل الاسرية التي كانت مدفونة او كانت موجودة قبل الصدمة، التعامل مع الصدمات النفسية يتطلب تعاون ودعم متبادل، وقد يستخدم بعض افراد الاسرة ما حدث لتصفية حسابات قديمة او لوم الاخر او تشتيت الانتباه عن مشاكلهم،
الاحساس بالخطر بعد الصدمة يكون ناتجا عن الخوف من فقدان الروح او الاذى للجسد او فقدان الاحباء او الاذى الجسدي لهم او فقدان المال او الممتلكات او فقدان معالم مهمة في المدينة لها قيمتها لسكانها او الخوف من فقدان العقل او الاهتزاز الديني او الخوف من فقدان نظام حياة الشخص او عمله او مصدر رزقه او ثقته في نفسه او احترامه امام الناس نتيجة التغيرات الاجتماعية والمادية بعد الصدمة، الصدمة النفسية لها نتائج تزيد من الاحساس بالخطر والقلق، ولكن كيف يمكن من التخفيف من هذا الخوف والاحساس بالخطر؟
الراحة مهمة، فعلى الشخص ان يرتاح وان ينام قدر الامكان، وان يبتعد عن متابعة الاخبار بشكل زائد عن الحد، كما ان على الشخص والاسرة طلب العون من الاخرين، سواء كان العون ماديا او معنويا او عمليا او نفسيا، وعلى المجتمع عموما ان يمد يد العون لمن يحتاج العون، ويمكن للشخص ان يستقي من الدين والعبادات وقصص الانبياء ومعاناة السابقين عبرا ودروسا تساعده في ازمته، وعليه الذهاب الى الدكتور النفسي او الطبيب العام ان تطلب الامر، وعليه ان يقوم بعمل أي شيئ لمساعدة غيره في اسرته او مجتمعه، وعليه دائما يسال نفسه ان شعر بالخطر او كانت عنده اعراض:
هل أنا اشعر بالخوف الان؟
هل أنا اشعر بالخطر الان؟
هل هذا الاحساس بالخطر نتيجة خطر موجود الان ام انه ردة فعل لتفكيري في احتمال وجود الخطر؟
هل احساسي بالخوف والخطر هو ردة فعل لتفكيري؟
هل علي ان افكر في امور واحتمالات تفزعني؟
هل هذا القلق سيفيدني؟
ماذا يمكنني عمله لتجنب ما حدث مستقبلا؟
التفكير الايجابي مهم في هذه الحياة وللتعامل مع الصدمات، هناك اناس كثيرون يرضخون تحت صعاب الحياة ويتألمون ولا يمكنهم التفكير الايجابي او الاحساس بالامل في عمق ازماتهم، وهناك البعض الذين عليهم ان يبقوا شعلة الامل موقدة ليس فقط لانفسهم ولكن لغيرهم ايضا، اذكر قصة كانت الوالدة الكريمة تقصها علينا ونحن اطفالا،
يحكى انه كانت هناك قطة جميلة، ولكنها كانت مغرورة وتسيئ الى الاخرين، وفي يوم هطلت امطار كثيرة، فاتسخت نتيجة الامطار والطين، واخذت تسير فوقعت في حفرة فانكسرت رجلها، وجلست جائعة فاخذت تحفر وتحفر بحثا عن طعام ولكن يدها انكسرت دون فائدة، فجلست في ركن في الطريق تبكي، فمر بها قط عجوز وسألها عن سبب بكائها، فأخبرته بقصتها، فقال لها: "هل تريدين ان تعودي كما كنت؟"، فقالت: "نعم، وسوف اكون انسانة افضل ومتواضعة واعرف حدودي واقدر الناس ولن اسيئ اليهم"، فقال لها: "اذا قولي يارب"، فقالت: "يارب" فشفيت يدها، وقالت "يارب" فشفيت رجلها، وقالت "يارب" فانصلح حالها كله،
"وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم"، صدق الله العظيم
ردة فعل الناس للازمات، افرادا وجماعات، قد تخرج من أي ازمة خير كثير انشاء الله.
hgw]lm hgktsdm ,hgYpshs fhgo'v