قصة قصيرة نــدم
- في المرة القادمة لن أكتفي بهذا الضرب .
- اخرج .اخرج حالالم أعد أحتمل رؤيتك أمامي .
- سأخرج ولن تراني بعد اليوم إلا إذا اشتقت إلى ضربك بطريقة جديدة .
كان هذا الموقف هو ماتبقى في ذهن محمود من الماضي بعدما نقل إلى المشفى إثر حادث تعرض له وهو يبحث عن رائحة المستقبل في أخبئة السنين الهاربة من وطأة الحياة , ولكنه لم يتذكر جيدا من الشخص الذي طرده ؟ ولماذا طرده ؟ ومن أي مكان طرده ؟ وكانت هذه الأسئلة تمنعه من الاستفادة من علاج الأطباء حتى أخذت تتشكل له ملامح ذلك الشخص من بقايا صورته الممزقة تحت نابيه السفليين , عينان حمراوتان يتطاير بريقهما كأنه صوت مخنوق , وتحيطهما تجاعيد مرتخية رسمت الشمس على جوانبها خرائط الكد بلون أشبه باللون الأحمر , أنف مدبب ذو أرنبة طويلة تكاد أن تسيل لولا بروز شفتيه , عنفقة كأنها تشتعل شيبا .
لا .لا تداخلت علي الملامح . أنا لا أستطيع أن أتذكر !
هذه ملامح الرجل الذي أنقذني اليوم وليس من طردني !
لا .إنه هو ! لا .لا بل يشبهه ! بل يختلف عنه !!
بقي محمود على حالته التي تزداد سوءا يوما بعد يوم ؛ لأنه لم يفلح في نسيان تلك الملامح , وهو يموت عضوا عضوا إلا قلبه الذي فر من بين أضلاعه يهيم على وجهه ليتبرأ من صاحبه , وأبوه الذي طرده فأنقذه يطببه رغم ضربه له وقد عفا عنه.