من منا لم يتعرض خلال حياته لموقف على الأقل أساء له فيه أحد ما بحديث أو تصرف أو ما شابه.
و قد تكون الإساءة متوقعة أو غير متوقعة أو غريبة.
و يكون أثرها أشد وقعا عندما تكون غير متوقعة, من أشخاص منحناهم الثقة و لم نسىء لهم مسبقا , بل على العكس سعينا جاهدين لإرضائهم بشتى الوسائل و مختلف السبل
و في كثير من الأحيان لا نفهم قصد المسيء لنا أو دوافعه.
هذا شيء مألوف في الحياة فالنفس البشرية غريبة الأطوار متقلبة بل إنها اللغز الأكثر تعقيدا بين الخلق و الذي عبثا حاولت الأجيال فهمه و تفسيره دون نجاح تام .
كثير منا تعرض أو سيتعرض لموقف يضعه حائرا بين ثأر لكرامته و كبريائه و بين صمت و التزام مكارم الاخلاق
و غالبا ما يثأر المرء لكرامته طالما أنها من أنبل مكوناته الشخصية المتفردة
لكن تعالوا نتأمل المسألة حسب سياسة أنت الرابح:
قد يكون توجيه إساءة لك بمثابة تحد لسبر مكنوناتك الداخلية, و عندئذ ستكون مقابلة الإساءة بمثلها انتصارا للطرف المسيء أولا ,
لماذا؟
لأنه اثبت أنك قادر على توجيه إساءة فيما إذا لم يعهد ذاك الناس منك (أي رآك تخطىء).
أما مقابلة الإساءة بالصمت و التجاهل :
فهو اسلم الحلول لأن من يسيء معاملتك قد يكون في وضع نفسي و ظرف معين أجبره على اقتراف خطا ما في حقك
و أنت لا تريد أن تؤذيه و تزيد آلامه ألما و تخسره.
الأفضل لك أن تصمت أو تدع الآخر ينهي شأنه, و عندما يعود هذا الاخير إلى صوابه فإنه قد يدرك ما بدر عنه من تصرف غير لائق عله يقدم التبرير فيما بعد
أما إن منعه كبر نفسه عن إصلاح الشأن بينكما ,صدقني سيكن لك في داخله احتراما عظيما و إن لم يظهره
فمن الافضل ألا نبادلهم تصرفات قد نندم عليها لاحقا.
أما أنبل الخلق و أعظم جهاد للنفس عندما تقابل إساءة الناس بإحسان:
إن تحدثنا من وجهة نظر مثالية :
هذا أمر منطقي و لكنه صعب التطبيق عمليا حتى يكاد يكون مستحيلا
لكن إن قمت به تثبت لذاتك و للآخرين أنك شخص فاضل
قد يظن الطرف الآخر أن إحسانك له ، نابع عن ضعفك و عدم قدرتك على الدفاع فيتمادى في ظلمه, ماذا تفعل في هذه الحال؟
تجاهل و ابتعد لأنه "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها "
و تذكر أن ترفعك عن الرد في الحين الذي تكون قادرا فيه عليه من أسمى الخصال .
ماذا نربح هنا؟
1.الثواب و الأجر الحسن الذي لن يضيع منه عند الله نقير طالما أننا استمسكنا بعقيدتنا وديننا
2.الرضا الداخلي و القناعة أننا لم نظلم أحد ممن حولنا و هذا من أعذب ما يمكن للمرء أن يناله ,أي كن مظلوما لا ظالما.
3.تانيب الضمير و الشعور بالذنب الذي سيلحق بالطرف الآخر عاجلا أم آجلا و الذي و إن منعه كبر نفسه عن الإصلاح بينكما و إن نسي أن الاعتراف بالخطأ فضيلة فسيكن لك في قراره و في عقله الباطن إجلالا كبيرا ,حتى إن قاومه أو لم يظهره ,لأان إدراك الصواب من الخطأ فطرة لا بد أن تعود و إن ضلت و تأخرت و ما من مخطىء إلا و اختبر تأنيب الضمير في وقت من الأوقات.
و يجب ألا ننسى أن المؤمن مبتلى وأن إساءة الآخرين لك ابتلاء و أشد الناس ابتلاء هم الأنبياء ثم الاولياء ثم الأمثل فالأمثل.
فعلينا دائما أن نختار الحلول التي تظفرنا دينيا و روحيا و داخليا و إن تكبدنا الخسائر ماديا و دنيويا .
__________________________
كن كما تريد انت ان تكون
ليس كما يريد الآخرون
fwljd H;sf ]dkd ,wpjd ,;vhljd