كفى و لنكسر حاجز الصمت
أكتب بقلماً ينزف ألماً وقلباً يعتصر وجعاً . ودموعاً تسبقني لورقي حين يصبح البشر بلا احساس ، بلا صدق ، بلا أمانة ، حين يقتلون كل جميل . ويتصرفون بما هو خارج عن الفطرة التي فطرنا عليها المولى عز وجل ، حين يعتدي الأب على ابنته .
أكاد لا أصدق هذه القصة المخزية التي تدمي القلوب وتقشعر لها الأبدان ويئن تحت وطأتها الضمير قال صلي الله عليه وسلم "كلم راع وكلكم مسئولاً عن رعيته" . فالمفترض بالأهل حماية ورعاية أبناءهم فكم هو صعب غياب الأمن والأمان داخل الأسرة التي يفترض أن تكون اللبنة الاساسية ومصدر الأمن والاستقرار.
كم هي بشعة هذه الجريمة التي جناتها هم الأهل ، هذا الأب الذي خلع عباءة الرحمة والأبوة ولبس رداء ابليس فأغتال غيمة طاهرة وقطف براءة نجمة ، واغتصب البراءة دون احساس ولا مشاعر ، حين نقش قذارته وحماقته على جسد ابنته التي سلبها حلم طفولتها الذي لم يرسم بعد دون ان يرف له جفن أو يلين له قلب . أنه وحش كاسر تجرد من الإنسانية حين حرم ابنته حقها في الحياة معتدياً على شرع الله الذي أوصى بالرحم خيراً والذي جعل الله صلتها من المقربات وقطعها من المهلكات.
والجانية الأخرى هي تلك الأم المتواطئة التي لعبت دور الحمل الوديع لكي لا تغضب هذا الشيطان فسمحت له باغتيال البراءة في وضح النهار ، ثم دفنت رأسها بالرمال كالنعامة وغطت في سبات عميق لسنوات عدة تداري قصتها وتسدل عليها ستار الظلمة ولم تفكر بقرع اجراس الخطر المحدق بأبنتها ، ربما خوفاً من العار أو تحت مظلة الحياء ، أو لتبقى على ذمة هذا السفاح فتسترت على الجلاد والضحية.
أن هذه الجريمة التي استنكرها مجتمعنا لغرابتها ومخالفتها لعاداتنا وتقاليدنا وديننا موجعة لألم مستمر استمرار الحياة ،وتمثل رزمة من الدلالات النافرة والمضادة من كل جانب فهي حصلت في عالم ليس فيه انتماء للآدمية.ألم يشعر هذا الكهل بالخجل من نفسه وهو يراود ابنته عن نفسها ويقطف زهره لم تثمر بعد ، ألم يشعر بالعار وهو يمزق رداء الطفولة ويستبيح جسداً غضاً وروحاً هشة ، ألم يئن ضميره وهو يسلبها كل لحظة نقية ، ويسرق أحلامها الوردية ويرميها في أرض قاحلة ويوقف حياتها بعقارب زمنه الخبيث والقذر.
ها هي رحلت رحيلاً مراً وتساقطت أوراق عمرها جافة مصفرة ، وربما كان الموت أرحم عندما لملم فتات كرامتها وبقايا وهن طفولتها ، وأنهى حياتها الق اتمة ، فما أصعب الحياة حين يكون كل شيء حولك بغير رغبتك ويحتم عليك القدر أن ترضخ وتصمت. حين تمتد اقرب يد إليك لتقتلك وتسقط عليك الآهات والأحزان .
لابد من إنصاف هذه الضحية وإنزال أقصى العقوبات بحق هذا المنحرف الذي عقد نيته مع الشيطان دون ان يرف له جفن, فجريمته ليست وليدة لحظة انما نتاج تفكير ودراسة.ولا بد ان يكون هناك تحرك صارم ورادع وزاجر بحق مزهق روح بريئة عامداً متعمداً ،حتى يكون عبره وعظه لكل من تسول له نفسه للقيام بفعل مشين .
لا يكفي أن نقطع أنفسنا غيضاً ونردد كلاماً حزيناً شفوياً ، لا يكفي أن نصرح بوجه هذه الجريمة ومن ثم يعود المجرمين ويستعيدوا قواهم. ما نريده معالجة حقيقية والتصدي لجرائم التحرش بالأطفال وتعليمهم طرق الوقاية من الاغتصاب. ، فالخوف من تكرار هذه المأساة.
فلنساهم جميعاً في الحد من هذه الجرائم ولنحرك أقلامنا وأوراقنا فما فائدتها أذا لم تكتب بعض الوجع وتحرر عن هذه الظاهرة التي تشكل فجوة أخلاقية الا يكفينا صمت تجاه ما نعانيه من تردي أخلاقيات اجتماعية وانتشار الفسق تحت مسميات العيب.
ستمر صباحات كثيرة ومغارب أكثر وستبقى هذه القصة تحضر ذاكرتنا لتذكرنا بأن نكون حذرين على أبنائنا , فكثير من ضحايا التحرش لا يستطيعون البوح مما يكابدونه فيبقوا في عالم يلفهم من الصمت. فلنفتح لهم قلوبنا ولنعلمهم كسر حاجز الصمت
;tn , gk;sv ph[. hgwlj