نقمــــــة الثراء
المعروف أن الثراء كلمة تتربط بمعناها الشائع والأوسع انتشاراً بالثروة المادية و القدرة على شراء كل ما يشتهي دون أدنى تفكير برصيده الذي قد لا يعرف صاحبه حجمه المُتسرطن . طبعاً هذا هو الثراء المادي بأعلى درجاته ، والثراء نسبي يتبع الجغرافيا فالثري في بلد مثل سوريا ليس ثري في "سويسرا" ولكن يبقى اسمه ثريا في سوريا. وللثراء عدة أوجه فهو ليس بالضرورة مادي فقط، فيوجد الثراء الفكري والذي يمتاز به العلماء و المفكرين بغض النظر عن الاختصاص فالثري في مجال الفلسفة قد يكون فقيراً بالطب. و هناك ثراء من نوع أخر و هو الجمال (حسن الخلقة ) بالرغم من نسبيته .
واستناداً لهذه الحقائق التي هكذا أراها من وجهة نظري، يتبادر لذهني عدد من التساؤلات العبقرية الفيصلية المتأخرة:
* ترى ما الذي يمكن أن يغري الثري مادياً ، و أي نوع من المأكولات و المشروبات أو حتى السيارات الفاخرة يمكن أن يثير اهتمامه و يسعد سعادة الأطفال بامتلاكه؟ !!! في حين أن الفقير الذي يخطط شهراً كاملاً لشراء كيلو من اللحم ، يأكله بكل نهم و تلذذ وسعادة الحصول على النادر.
* وذلك العبقري العالم يجد سعادة في قراءة حقيقة عادية كهذه الحقائق التي سعدتُ أنا بوصفها. وما الذي يمكن أن يجعله يحلّق سعادةٍ كما يفعل العاشق البسيط الذي يلامس السماء فرحاً حين يصّف بضع كلمات لحبيبته؟. و للانصاف الأمر هنا مختلف قليلاً لأن العلم والفكر أمران متطوران. فالنهاية هنا لا تكون بكل ذلك الوضوح. ولكنه يبقى ثراء فيه شيء من الإشباع .
* " فيروز " ترى هل لكم أن تتصوروا معي أياً من الأصوات يمكن أن يُطربها لدرجة النشوة كما نفعل نحن حين نسمعها؟
* " مهند " الممثل التركي الجميل والذي تركع أمامه نساء كثريات طالبة مودته وعطفه بلمسةٍ ، بنظرةٍ . هل يسعد كما أسعد أنا مثلاً حين توافق إحداهن على التقرب مني؟ وكم يصعُب عليه الاختيار ؟ في حين كم هو سهل على الأشخاص العاديين.
* ذلك الرياضي الطامح لتسلق أعلى قمم العالم ،ترى أي قمة يمكن أن تستهويه بعد وصوله لأعلى القمم؟
* ترى كم يحسد ذلك المشهور وبغض النظر عن سبب شهرته ، الشخص المغمور من أمثالي الذي يتجول بكل حرية في الأسواق و الأحياء الشعبية و الغنية؟ في حين يضطر هو لإخفاء وجهه وهويتة ويرتدي الأقنعة ليقوم بجولة تسوق .
مما لا شك فيه أني تعبت كثيرا في إيجاد أجوبة منطقية لهذه التساؤلات الامنطقية، و لكني خلصت لفكرة شبه منطقية عنوانها " متعة الثراء يُبقيها، حب الإثراء" فالثري الذي يقرر طواعية التخلي عن بعض أمواله للفقراء ستتجدد لديه المتعة بما يملك حين يعيد لنفسه الإحساس والشعور بحلاوة الحصول على الأشياء.
والمفكر و صاحب العلم الواسع لن يمل علمه إذا نجح بنقله لأخرين أو لحيز التنفيذ و الواقع.
و الطبيب المتألق بعلمه ،لن يكون ثراءه الذهني ممل حين يساعد أكبر عدد من المرضى على الشفاء.
فالثراء الذي لا نقمة فيه هو في إثراء الآخرين . وربما سيكون علي أن أقول (العطاء) فهذا أسهل.
و أخيراً أرجو أن لا تسألوني فيما إذا كنت أود أن أصبح ثرياً
krlJJJJJJm hgevhx