نجوم الحب
نجمة حب تسطع في سماء كل من له وطن أخضر يحتضنه بعباءات الحرية ولايشرده إلى عراء الغربة والعبودية والقتل
نجمة حب تزين جبين كل مواطن يعيش الوطن الحبيب في تفاصيله في صحوه ومنامه في أمانيه وأحلامه. في خشوعه وصلاته. في حلّه وترحاله في عمله واجتهاده في داره وآثاره في حاضره وماضيه والقادم من أيامه.
نجمة حب نقية تطوف في حرمات كل منزل ترعاه أم وهي في كل دقيقة وثانية
. وفي كل نهار وليل ترسل يدها الحنون لتبعث الدفء الخمري في زواياه ونوافذه. في ستائره ومفروشاته في طعام أهله في حكاياهم في مواسمهم وأعيادهم في نجاحاتهم وحتى في فشلهم في تطلعاتهم وآمالهم في حزنهم وهنائهم في صيفهم وشتائهم وفي كل مفصل من حياتهم.
نجمة حب إلى كل شريف وصالح إلى كل من سما وارتفع بوجدانياته عن السرقة وقد فتحت أمامه الأبواب وامتنع عن الغش وقد ساندته الوقائع والأحداث ونأى عن التضليل والضلال، وقد سنحت له الأسباب وأغرته الدوافع وكل نفائس الغنائم والمكاسب
. نجمة حب إلى كل قاضٍ عادل وقد حقق العدل ووازن الميزان نجمة حب إلى كل موظف طاهر ومثابر وإلى كل صحفي نزيه لم يحترف صناعة الفكر إلا للتصويب والإعلام الصادق وزرع السلام على دروب الانسان.
. نجمة حب إلى أخي حين يحتويني ولايتنكر للدم الواحد الذي يروي عروقي وعروقه وإلى أختي وهي تؤازرني ولاتنساني وصديقتي التي لاتحسب «زلاتي» ولاتحصي أخطائي البسيطة وتتشفى لعثراتي.
نجمة حب إلى ابني حين يكرمني باستماعه إلى كلماتي التي تحمل النصح مع الحب. والرجاء مع الوفاء وإلى ابنتي التي تلبسني ثياب الحب المعجون بالرعاية حين تأخذني الشيخوخة إلى الوهن ويسير قطار العمر بي إلى النهايات.
. نجمة حب إلى كل تاجر لايحتكر «الدفء الدواء الغذاء» فيرفع الأسعار ليعيش الثراء ويرسل أبناء عشيرته وأهله إلى العلّة والفناء،. وإلى كل معلم معطاء يهب علمه إلى الطلاب دون تقصير في الأداء ونجمة حب إلى كل جندي يقف على حدود الفداء ليحمي الأرض والإنسان والسماء
وأما أجمل النجوم فهي لكل زوج وفيٍّ ومخلص وإلى كل أب واعٍ وراعٍ ومسؤول. إلى كل حبيب لايخون المشاعر ولايسيء إلى طهر الحب ويجعل منه حقلاً للغرائز فيحترم حبيبته ويصونها يصدقها الوعود والكلام ولايبيعها الخداع والرياء وفي يوم الحب الذي لاينحصر في موعد وشهر يقدم لها وردة وفاء يعقدها في شريط ليس مهماً أن يكون أحمر أو أبيض بل مغمساً بماء النقاء والصفاء وماذلك طبعاً إلا لأن المشاعر الإنسانية هبة من الخلاّق يحتاج الانسان إليها ليس لمجرد الغرور والخيلاء إنما ليسكن إلى منازلها وهي تمنحه الأمن والأمان ويطيب له البقاء.
. وأقول بعد هذه المقدمة الطويلة إن مانشهده اليوم من دعايات وإعلانات عن الحب متمثلة بواجهات حمراء من دمى وثياب وعطور وورود قد لاتبرهن على الحب الصادق والحقيقي مادامت وضعت شاعرية الحب في إطارات مادية مجسدة في أشكال عديدة ومرصودة ليوم واحد في العام «الفالنتاين» إن هذا حب صوري تعززه المصالح التجارية والغايات النفعية أجل لأن الحب هو الذي عرفه «قيس» ودفعه إلى الذهاب ليلاً إلى دار عمه ليطلب «ناراً» لعلّ وعسى أن يرى محبوبته «ليلى» هو لم يحمل إليها في تلك الليلة المشهودة قميصاً أحمر ولاحتى وردة حمراء لا بل جاءها يحمل شبابه وقلبه وحياته وعمره متحدياً الصعاب والتهديدات ليحظى برؤيتها ولو بنظرة هيام وأعود إلى القول لأذكر أن الرموز ربما تأتينا بمعان بليغة وعميقة وأن الهدايا هي غذاء الأرواح وأن «الفالنتاين» يختصر المشوار ليساعد المحبين على اللقاء والانصهار في شفافية الحب بعيداً عن مشكلات العمل وهموم الحياة أجل إن ذلك قد يكون صحيحاً لولم يصبح «الفالتناين» قسرياً وقهرياً لأنه إذ لم يستطع أحدهم أو «إحداهن» أن يجلب للحبيب الهدية المرموقة بسبب ضيق ذات اليد وغلاء الأسعار، فيالها من وصمة عار قد يعلن معها الاستنفار ويتحول الحب السعيد إلى يوم حرب وشجار بما يقصم العلاقة ويبعد الأحباء عن الهناء. وينتهي ذاك الاستعراض بالهجر والفراق
وهنا سأسمح لنفسي أن تحجب النجمة عن هذه العلاقات العابرة ذات السمات المادية الشاحبة على اعتبار أن الحب «هاهنا» زائف وواهن ولاينتمي إلى نظرية ابن حزم الأندلسي الذي رأى أن الحب حالة مرضية لها أعراض ودلائل قد ترسل المحبوب إلى الوجد والهيام وإلى خمسين مفردة تأتي وفق استنتاج «ابن حزم» مرادفة لكلمة الحب التي تسكن الروح والقلب وتغفو على الأهداب والأجفان.
k[,l hgpf