الكذب عند الأطفال
الكذب من ابرز العادات الشائعة لدى الأبناء ، والتي قد تستمر معهم في الكبر إذا ما تأصلت فيهم ، وهذه العادة ناشئة في اغلب الأحيان من الخوف ، وخاصة في مرحلة الطفولة ،من عقاب يمكن أن ينالهم بسبب قيامهم بأعمال منافية أو أخطاء ،ويكون الغرض منه بالطبع حماية النفس ، يلجأ الكثير من المربين إلى أساليب الضرب لمنع الأطفال من الكذب غير أن النتائج التي حصلوا عليها هي أن الأطفال استمروا في الكذب ولم يقلعوا عنه ، وعلى هذا الأساس فإن معالجة الكذب لدى أبنائنا يحتاج إلى أسلوب آخر ، إيجابي وفعّال ، وهذا لا يتم إلا إذا درسنا هذه الصفة وأنواعها ومسبباتها ، فإذا ما وقفنا على هذه الأمور استطعنا معالجة هذه الآفة الخطيرة .
أنواع الكذب :
1 ـ الكذب الخيالي :كأن يصور أحد الأبناء قصة خيالية ليس لها صلة بالواقع ، وكثيراً ما نجد قصصاً تتحدث عن بطولات خيالية لأناس لا يمكن أن تكون حقيقية . وعلينا كمربين أن نعمل على تنمية خيال أطفالنا لكونه يمُثل جانباً إيجابياً في سلوكهم ،و أهمية تربوية كبيرة ، وحثهم لكي يربطوا خيالهم الواسع بالواقع من أجل أن تكون اقرب للتصديق والقبول .
2 ـ الكذب الإلتباسي :وهذا النوع من الكذب ناشئ عن عدم المعرفة ، فهو كذب غير متعمد ، وإنما حدث عن طريق الالتباس وهذا النوع ليس من الخطورة بمكان .وهنا يكون دورنا بتنبيه أبنائنا إلى الاهتمام بالدقة وشدة الملاحظة تجنباً للوقوع في الأخطاء .
3 ـ الكذب الادعائي :وهذا النوع من الكذب يهدف إلى تعظيم الذات ، وإظهارها بمظهر القوة لكي ينال الفرد الإعجاب ، وجذب انتباه الآخرين ، ولتغطية الشعور بالنقص ، وهذه الصفة نجدها لدى الصغار والكبار على حد سواء ، وعلينا في مثل هذه الحالة أن نشعر أبنائنا أنهم إن كانوا اقل من غيرهم في ناحية ما فإنهم أحسن من غيرهم في ناحية أخرى ، وعلينا أن نكشف عن كل النواحي الطيبة لدى أطفالنا وننميها ونوجهها الوجهة الصحيحة لكي نمكنهم من العيش في عالم الواقع بدلاً من العيش في عالم الخيال وبذلك نعيد لهم ثقتهم بأنفسهم ، ونزيل عنهم الإحساس بالنقص.
4 ـ الكذب الانتقامي ::وهذا النوع من الكذب ناشئ بسبب الخصومات التي تقع بين الأبناء وخاصة التلاميذ ، حيث يلجأ التلميذ إلى إلصاق تهم كاذبة بتلميذ آخر بهدف الانتقام منه ، ولذلك ينبغي علينا التأكد من أن التهم صحيحة قبل اتخاذ القرار المناسب إزاءها ، وكشف التهم الكاذبة كي يقلعوا عن هذه العادة السيئة .
5 ـ الكذب الدفاعي : وهذا النوع من الكذب ينشأ غالباً بسبب عدم الثقة بالآباء والأمهات بسبب كثرة العقوبات التي يفرضونها على أبنائهم ، أو بسبب أساليب القسوة والعنف التي يستعملونها ضدهم في البيت مما يضطرهم إلى الكذب لتفادي العقاب ، وهذا النوع من الكذب شائع في البيت والمدرسة ، إن معالجة هذا النوع من الكذب يتطلب منا آباء ومعلمين أن ننبذ الأساليب القهرية في تعاملنا مع أبنائنا بصورة خاصة ، ومع الآخرين بصورة عامة ،كي لا نضطرهم إلى سلوك هذا السبيل .
6 ـ الكذب العنادي :ويلجأ الطفل إلى هذا النوع من الكذب لتحدي السلطة ، سواء في البيت أو المدرسة ، عندما يشعر أن هذه السلطة شديدة الرقابة وقاسية ، قليلة الحنو في تعاملها معه ،فيلجأ إلى العناد ، وهو عندما يمارس هذا النوع من الكذب فإنه يشعر بنوع من السرور ، ويصف الدكتور القوصي حالة تبول لا إرادي لطفل تتصف أمه بالجفاف الشديد ، فقد كانت تطلب منه أن لا يشرب الماء قبل النوم ، لكنه رغبة منه في العناد كان يذهب إلى الحمام بدعوى غسل يديه ووجهه ، لكنه كان يشرب كمية من الماء دون أن تتمكن أمه من ملاحظة ذلك مما يسبب له التبول اللاإرادي في المنام ليلاً
7 ـ الكذب التقليدي :ويحدث هذا النوع من الكذب لدى الأطفال حيث يقلدون الآباء والأمهات الذين يكذب بعضهم على البعض الآخر على مرأى ومسمع منهم ،أو يمارس الوالدان الكذب على الأبناء ، كأن يَعِدون أطفالهم بشراء هدية ما ، أو لعبة ، فلا يوفون بوعودهم ، فيتعلمون منهم صفة الكذب ,إن على الوالدين أن يكونا قدوة صالحة لأبنائهم ، وأن يكونا صادقين وصريحين في التعامل معهم ، فهم يتخذونهم مثالاً يحتذون بهم كيفما كانوا .فإن صلح الوالدين صلح الأبناء ، وإن فسدوا فسد أبناؤهم .
8 ـ الكذب المرضي المزمن :وهذا النوع من الكذب نجده لدى العديد من الأشخاص الذين اعتادوا على الكذب ، ولم يعالجوا بأسلوب إيجابي وسريع ،فتأصلت لديهم هذه العادة بحيث يصبح الدافع للكذب أصبح جزءاً من حياتهم ، وهم يدعون أموراً لا أساس لها من الصحة ، ويمارسون الكذب في كل تصرفاتهم وأعمالهم ، وهذه هي اخطر درجات الكذب ، وأشدها ضرراً ، وعلاجها ليس بالأمر السهل ويتطلب منا جهوداً متواصلة ومتابعة مستمرة .
كيف نعالج مشكلة الكذب ؟
لمعالجة هذه الآفة الاجتماعية لدى أبنائنا ينبغي لنا نلاحظ ما يلي :
1 ـ التأكد ما إذا كان الكذب لدى أبنائنا نادراً أم متكرراً
2 ـ إذا كان الكذب متكرراً فما هو نوعه ؟ وما هي دوافعه ؟
3 ـ عدم معالجة الكذب بالعنف أو السخرية والإهانة ، بل ينبغي دراسة الدوافع المسببة للكذب .
4 ـ ينبغي عدم فسح المجال للكاذب للنجاح في كذبه ، لأن النجاح يشجعه على الاستمرار عليه .
5 ـ ينبغي عدم فسح المجال للكاذب لأداء الشهادات.
6 ـ ينبغي عدم إلصاق تهمة الكذب جزافاً قبل التأكد من صحة الواقعة .
7 ـ ينبغي أن يكون اعتراف الكاذب بذنبه مدعاة للتخفيف أو العفو عنه ، وبهذه الوسيلة نحمله على قول الصدق .
8 ـ استعمال العطف بدل الشدة ، وحتى في حالة العقاب فينبغي أن لا يكون العقاب اكبر من الذنب بأية حال من الأحوال .
9ـ التعامل بصدق مع الأطفال وأمام الأطفال حتى تتأصل لديهم الصراحة .
hg;`f uk] hgH'thg