سنوات عديدة مرت على مريم البحري وهي عاجزة عن الوقوف والمشي والسبب هو وزنها الزائد الذي تخطى عتبة ال500 كيلوغرام معاناتها اليومية دفعتها لإرسال رسالة قصيرة إلى أحد البرامج الحوارية التي تهتم بطرح قضايا الناس والمجتمع تلك الرسالة غيرت حياة مريم حيث تفاعل معها طاقم برنامج دائرة الضوء على قناة حنبعل وتم طرح مشكلتها أمام الرأي العام صوت مريم ودموعها وصلا إلى وزير الصحة التونسي منذر الزنايدي الذي أرسل طاقما طبيا كاملا لعلاجها «البيان» رافقت الطاقم الطبي الذي يتكون من الدكتور هيثم مقنم والدكتورة سارة هويملي شرف الدين المختصة في جراحة تقويم الجلد والتجميل والمختصة في التغذية صباح التريكي والممرضة سيدة سعيد وعادت بهذه الصور والتفاصيل:
المرأة الفيل:
مريم البحري تعيش في مدينة الفحص 70 كيلومتر شمال غرب العاصمة التونسية وما إن تسأل المارة عن بيتها إلا ويبادرونك بالإجابة هل تقصدون المرأة الفيل؟ فمريم معروفة في بلدتها بذلك الاسم وما ان دخلنا بيتها إلا وراعنا المشهد الذي رأيناه فمريم عبارة عن جسم بشري مشوه بالكامل ومفقود المعالم تعاني من تقرحات وجروح شديدة العمق في كامل جسدها وخاصة أرجلها كما أن نوعية جلدها قد تغيرت بفعل السمنة فأصبحت مشابهة لجلد الفيل فالمسمى الطبي لحالة مريم هو مِوفَّ يفَّيَّ أي مرض الفيل وفور أن تعرفت علينا أرادت شكر وزير الصحة التونسي من خلالنا حيث قالت إنه اتصل بها شخصياً وأخبرها بأنه سيعتني بمرضها ويتابع حالتها الصحية عن كثب وتضيف: لا أريد مالاً ولا إعانات فكل ما أريده هو أن أمشي على قدميّ مجدداً فأنا أبلغ من العمر 44 سنة قضيت 10 سنوات منها لا أستطيع الوقوف أو المشي حتى انني لا أستطيع أن أتحرك من مكاني مطلقاً فوزني الزائد أصبح يشل حركتي ويتعب نفسيتي ومع إشراقة كل صباح جديد أدعو الله أن يفك أسري حيث ان كميات الشحم المتراكمة حول أرجلي أسرتني وجعلتني معتقلة في المكان نفسه منذ سنوات طويلة حتى إنني أقضي حاجتي في المكان الذي أنام فيه.
فتاة عادية في الطفولة:
وحول إن كانت تعاني من السمنة المفرطة منذ الطفولة تقول: كنت فتاة عادية ككل الفتيات ولم يبدأ وزني في الزيادة المفرطة إلا بعد مرحلة البلوغ وتحديدا حينما بلغت سن الثلاثين حيث ازدادت وضعيتي الصحية تعقيدا حتى إنني أصبحت أحلم برؤية الشمس أو البحر أو أي شيء خارج هذا المربع الذي أجلس فيه منذ سنوات فأنا أنام جالسة لأنني لا أستطيع تغيير وضعية جلوسي.
وهنا يقول الدكتور هيثم مقنم: ان الإنسان حينما يجلس أو ينام في الوضعية ذاتها لفترة طويلة ينمو له جلد سميك في أجزاء مختلفة من جسمه ويتغير لون الجلد وهو ما تعاني منه مريم الآن.
وحول السبب في عدم ذهابها للأطباء في بداية مرضها تقول مريم: الحالة المادية العسيرة التي أعيشها منعتني من الذهاب للأطباء كما أنني لم أجد أي دعم حقيقي من أسرتي فإخوتي نبذوني ولم يعد أي احد فيهم يريد مساعدتي حتى إنهم يهربون من رائحتي النفاذة.
ديدان وحشرات ميتة!
حالة مريم النفسية ليست أفضل من حالتها الصحية فهي تخاف من قدوم فصل الصيف الذي نعيش الآن على أبوابه فحرارة الجو التي تؤدي بها إلى التعرق الشديد تجعل من جسمها مرتعاً للدود حيث ان الدود يخرج من أماكن مختلفة من جسمها وخاصة الأماكن التي لا تصل إليها يدها لتنظف نفسها حيث أكدت لنا أنها وجدت ذات مرة «سحلية» ميتة في طيات بطنها هذا فضلاً عن حشرات الصيف التي تجتمع على مضايقتها يومياً.
وحول إن كان هناك من يساعدها على تنظيف نفسها تقول: ابن الجيران هو الإنسان الوحيد الذي زرع الله في قلبه حب الخير والمساعدة فهو الوحيد الذي يزورني كل يوم ليحاول التخفيف عني وينظفني قليلا وكل فترة يقوم بغسلي جيداً ولكنه يتعب كثيراً حيث لا يستطيع تحريكي من مكاني فيستدعي أحيانا أصدقاءه لمساعدته على تنظيفي وتغيير ملابسي وفراشي.
حكاية هروبها من المستشفى :
أكد لنا الدكتور هيثم مقنم أن المريضة سبق وأن دخلت مستشفى حكومياً قبل أن تصل إلى هذه الحالة الخطيرة إلا أنها هربت منه بسبب الحمية الغذائية التي فرضها الأطباء عليها كما أكد لنا أنه تم تنظيف جسم مريم بالكامل من التقرحات المتفرقة وان الفريق الطبي الذي عينه الوزير منذر الزنايدي سيتابع حالتها الصحية بشكل يومي حتى تتعافى كما ستوفر لها وزارة الصحة كرسي متحرك حتى تستطيع التحرك من خلاله بشكل مبدئي.
وعن هذا المرض النادر تقول الدكتورة سارة هويملي شرف الدين الأسباب هي الهرمونات والمرض تطور لأنها لم تعالج نفسها كما أنها تعاني من مرض السكري وهي بحاجة الآن إلى ريجيم صارم مع بعض الأدوية، لأن حالتها لا تستدعي تدخل جراحي حتى تستقر قليلاً.
وحول إمكانية أن تمشي مريم على قدميها مجدداً تقول دكتورة شرف الدين: هذا يرجع إلى مدى التزامها بالنصائح والتوجيهات التي سيقدمها لها الفريق الطبي كما أن وزنها إذا نقص فبإمكانها أن تمشي بعد أن تخضع لجلسات تدليك عديدة ومسترسلة.
م/ن
j.k 500 ;gy ,hg]d]hk jov[ lk [s]ih (w,v)