تأملات رمضانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فهذه تأملات إيمانية ، وخواطر تربوية ، وأحوال اجتماعية ، تتعلق بشهر رمضان المبارك وفريضة الصوم العظيمة :{ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان } .
وهو نفحة من الزمان طويلة المدى لاستمرارها شهراً كاملاً ، وما عداه من الأزمان الفاضلة إما مفرد كيوم عرفة ، أو لا يتجاوز عشرة أيام كعشر ذي الحجة.
وفي شهر رمضان نفحات عظيمة وأعطيات جزيلة يحسن بالمسلم أن يتعرض لها وينتفع بها ، وقد أخرج ابن أبي الدنيا والطبراني وغيرهما من حديث أبي هريرة مرفوعاً : ( اطلبوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة ربكم ، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده ، وسلوا الله أن يستر عوراتكم ، ويأمن روعاتكم ).
وفي رواية الطبراني من حديث محمد ابن سلمة مرفوعاً : ( إن لله في أيام الدهر نفحات فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى أبداً ).
ومن ثم ؛ فإن المسلم تقوى في نفسه البواعث لاغتنام الأجر واقتناص الخير ، ما يوضح لنا ما يكون عليه غالب المسلمين من استجابة وإنابة وإقبال على الطاعة ، وحرص على أداء الصلوات في الجماعة ونحو ذلك ، مع ما يحرصون عليه من ترك المكروهات ، واجتناب المحرمات ، والترفع عن التفاهات " والسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات فعسى أن تصيبه من تلك نفحات ".
إن الله - جل وعلا - شرع الصوم " إيقاظاً للروح ، وتصحيحاً للجسد ، وتقوية للإرادة ، وتربية لمشاعر الرحمة ، وتدريباً على كمال التسليم لله رب العالمين ".
ولقد ساق الله في رمضان خيراً كثيراً فهو للمسلمين " ربيع القلوب ، ونعيم الأنفس ، وصيام الجوارح عن الأذى وفطام المشاعر عن الهوى ، بعد أحد عشر شهراً قضوها في صراع المادة ، وجهاد في العيش تكدر فيها القلب وتبلد الحس ، وتلوث الضمير ، فيجلوا صدورهم بالذكر ، ويطهر نفوسهم بالعبادة ، ويزود قلوبهم من مذخور الخير ما يقويها على احتمال الفتن والمحن في دنيا الآمال والآلام بقية العام كله ".
وبعض الناس يخبرك حالهم أنهم لم ينتفعوا برمضان ، ولم يستفيدوا بما فيه من صيام ولا قيام " جعله لله للقلب والروح فجعلوه للبطن والمعدة ، جعله الله للحلم والصبر ، فجعلوه للغضب والطيش ، جعله الله للسكينة والوقار ، وجعلوه شهر السباب والشجار ، جعله الله ليغيروا فيه صفات أنفسهم ، فما غيروا إلا مواعيد أكلهم ، جعله الله تهذيباً للغني الطاعم ومواساة للبائس المحروم ، فجعلوه عرضاً لفنون الأطعمة والأشربة ، تزداد فيه تخمة الغني قدر ما تزداد فيه حسرة الفقير ".
ولعلنا في هذه التأملات نوجه الخيرات ونحث على اغتنامها ، ونكشف الأخطاء ونحذر من ارتكابها.
jHlghj vlqhkdm