السماحة في الإسلام
أما بعد معاشر المؤمنين :
السماحة - وهي السهولة واللين والعفو والإغضاء، والبذل والعطاء - لها أثر عظيم تنشأ به محبة القلوب، ومودة النفوس، وتثبت به لحمة الأخوة، ويكون به صف المسلمين مترابطاً قوياً، واليوم وقد غلبت على الناس كثير من أمور الحياة المادية فتجهمت وجوههم، وتقطبت جباههم، وغلظت معاملاتهم، وساءت كلماتهم وأقوالهم صارت بين النفوس نفرة، وفي القلوب جفوة، وفي الصفوف ليس فجوة بل فجوات كثيرة، فما أحرانا أن نعود إلى أصل ديننا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم: "عندما سئل عن أحب الدين فقال: (الحنيفية السمحة)" (1) وعن خلقه صلى الله عليه وسلم وهو يحب اليسر إذا ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وإلى أصل ديننا فيما أراده الله عز وجل لنا من اليسر والعفو.
ودعونا نمضي في حلقات أو تتابع مستمر في هذه السماحة في دوائرها المختلفة، السماحة بين الأهل والأحباب، السماحة بين المختلفين من الناس، السماحة بين الأزواج والزوجات، السماحة بين الأبناء والآباء والأمهات، كم نحن في حاجة إلى كل ذلك، والأمر هين سهل ليس فيه مشقة ولا صعوبة، ولا حرج ولا عنت، إذ ما إن تمتلئ هذه القلوب بالصفاء والمودة حتى يكون أمر السماحة طبعاً لا تكلف، ويكون سهلاً لا عسيراً، هذا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما روى الإمام أحمد من حديث أبي هريرة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال : (الكلمة الطيبة صدقة) (2) وكلنا يحفظ هذا الحديث ويكتبه ويقرأه، فهل شيء صعبً أن تخرج الكلمة الطيبة، وهل يثقل ذلك عليك أو يحملك عناء كبيراً؟ وهذا حديث مسلم في الصحيح من رواية أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل، الكلمة الحسنة الكلمة الطيبة ) (3) وفي بعض الروايات أنه سئل: ما الفأل فقال: ( الكلمة الصالحة الكلمة الحسنة ) (4)
أي شيء سوف يكون لك إن قلت هذه الكلمة، إنها مفتاح لمغاليق القلوب، وإنها تمهيد لشرح الصدور، وإنها رسول للمحبة والمودة، والله سبحانه وتعالى يأمرنا بذلك على سبيل العموم الواسع الشامل { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ} [الإسراء : 53].
وهذا الترابط في الآية جميل وعجيب { قُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ} إما أن بأن يجعلهم يقولوا التي هي أسوأ، وإما وهذا ظاهر في المعنى أنهم إذا لم يقولوا التي هي أحسن وجد الشيطان فرصته لينزغ بينهم، فكم من كلمة تقال تحوك في الصدر، وتبقى في القلب، وتوجد البغضاء وقدرتها وتسقي ماء الشقاق بين النفوس وتفصم عرى الصلات والعلاقات، كم كلمة يقولها المرء فيجرح ويخدش علاقة ربما دامت أعواماً، ولقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً) (5)
والمثل عملي في التوجيه النبوي، يوم قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بشيء من فطرة في الغيرة المألوفة المعروفة بين الزوجات، قالت: "حسبك من صفية قصارها" يكفيك من صفية أنها قصيرة، فأي شيء في هذه الكلمة، تأمل ما الذي قاله سيد الخلق صلى الله عليه وسلم: (لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته) (6) إنها كلمة يمكن أن تغير ماء البحر لما فيها من الإيذاء والإيحاش وإدخال شيء من النفرة إلى نفس أخيك أو إلى نفس أختك المسلمة، تأمل كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه، حتى قال الفاروق عمر رضي الله عنه أنه: " باطن الأرض أحب إليه من ظهرها لولا وجود أصحاب أو أحباب في الله ينتقون أطايب الكلام كما ينتقى أطايب التمر" كأنه استوحش من الحياة إلا أنه وجد بهجتها وحلاوتها ونظارتها وحسنها في أولئك الأخوة الذي يحسنون القول، يرطبون به النفوس ويشنفون به الآذان، ويحسنون به معاني الود والحب بين أهل الإيمان، والله سبحانه وتعالى يخبرنا بذلك شيء من العموم الواسع الذي لا يخص حتى المسلمين فيقول: { وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً } [البقرة : 83]، للناس كلهم حتى الكافر غير الحربي الذي لا يعتدي ولا يسيء بقوله، يحتاج منا إلى كلمة طيبة إلى دعوة صادقة، إلى هداية مقربة، وذلك ما قاله الحق جل وعلا في قوله { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [العنكبوت : 46]، إن الإحسان يستل سخائم القلوب، إن الإحسان يهذب ويقرب العقول من الحق فيجعلها أسرع موافقة له، وأكثر انجذاباً إليه، وهذا الذي نريده، وهذا الذي علمناه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم كان يقرب ويؤلف ويرسل الحسنى بشراً وقولاً وعملاً ودعوةً، حتى مع بعض الخصوم والأعداء، وهنا ننتقل إلى وجه آخر أيسر وربما كان أبلغ في الأثر، إنه انفراج يسير بين الشفتين، وبدوٌ قليل لبياض الأسنان، ابتسامة مضيئة مشرقة، ترسل أشعة من الود والحب كما قال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر الجامع، صدَّره بالتبسم، وعقبه بكل وجوه السماحة في المعاملة مع الأشياء ومع الناس، فقال عليه الصلاة والسلام: (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر لك صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم من الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة) (7)
صور من سماحة المعاملة، صور من الإحسان إلى كل شيء حتى إلى البيئة بإماطة الأذى من الطريق، صور من التعاون والتكامل فيها إفراغ من دلوك إلى دلو أخيك، صور تعبر عن نفوس باذلة معطاءة، عن نفوس ليس فيها شح ولا غل ولا حقد ولا حسد، عن نفوس ترى حقوق المسلمين فتبادر إليها، وتخف نحوها وتشعر بأريحية وسعادة فيها كما قال عز وجل: { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [الحشر : 9 - التغابن : 16]. كم نحن في حاجة إلى مثل هذه التوجيهات، وكلها ليس فيه شيء من عناء ولا مشقة، ابتسامة صافية تقدم بها بين لقائك بأخيك، حتى في وقت شدة أو عسر، وقد كان هذا دأب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والوعد منه قائم كما في حديث أحمد في مسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اسمح يسمح لك) (8) عامل الناس بالسامحة فستجدها منهم، وستجدها في طريقك وفي سائر أحوالك.
وتأملوا سيد الخلق صلى الله عليه وسلم في صورة عجيبة فريدة تبين لنا سمو سماحته عليه الصلاة والسلام، هذا جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه يقول: (ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي، وشكوت إليه أني لا أثبت على الفرس، فضرب على صدري وقال: اللهم ثبته واجعله هادياً مهدياً) (9)
ما الذي جعل جريراً يروي هذا الحديث، لقد تغلغلت معاملة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أقوال نفسه وأعماق قلبه، لقد ملكت عليه أقطار نفسه، لقد جعلته منجذبا إلى هذا المثل الأعلى والقدوة الأسمى (ما حجبني صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت) في أي وقت يرحب به، في أي لحظة يستقبله، رغم أنه القائد الأعلى والحاكم لأمة الإسلام ورغم مشاغله الكثيرة، كانت سماحة نفسه تفيض فتستوعب كل الناس حتى غير المسلمين، (وما رآني إلى تبسم في وجي) هل نتبسم على الأقل في وجوه زملاء العمل، ورفقاء الدراسة الذين نراهم كل يوم؟ أم هل نتبسم في وجوه أزواجنا وأبنائنا ونحن نخالطهم في يومنا وليلتنا؟ أم أنه قد تجهمت الوجوه فلا تكاد ترى ابتسامة ولا كلمة طيبة، وبالمناسبة فإن بعض الناس يقول: كيف تريدنا أن نبتسم أو نتبادل الكلام الطيب والأمور صعبة والحياة قاسية، والمعاناة والمشكلات كثيرة، فأقول إن سماحة نفسك وابتسامة ثغرك، والكلمة الطيبة من فمك هي علاج لك يعينك على مواجهة الصعاب، فأي شيء ينفعك إذا زدت فوق الصعوبة الحياتية هما في قلبك و غما في نفسك وكدراً في خاطرك، وظلمة في وجهك وفضاضة في فعلك وفحشا في قولك، إنك لا تزيد الأمر إلى سوءاً ولا تزيد نفسك إلا مزيداً من العناء والمشقة، ولكنك إن تبسمت وتكلمت بكلام طيب سر ذلك عن نفسك، وكان علاجاً لهمك وغمك بإذن الله عز وجل.
وتأملوا مرة أخرى قدوتنا المثلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذا جابر بن سمرة يقول: جالست رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرة ) مائة مجلس، هذا في علم الحديث يسمونه استبيان استقرائي، ليس مرة واحدة كانت فيه نوع من السماحة، وربما في حال من الأنس، أو ربما في حال من دخول شيء من الفائدة له أو غير ذلك، كلا، قال: (جالست رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرة فكان أصحابه يتناشدون الشعر ويتذاكرون أشياء من أمر الجاهلية وهو ساكت وربما تبسم) (10) هذا حديث عند الترمذي قال فيه: حسن صحيح، وفي بعض روايته: (فيضحكون ويتبسم) لأنه صلى الله عليه وسلم صاحب وقار، أين الشاهد هنا؟ كانوا يتناشدون الشعر، يأخذون بشيء من الملح والطرف، شيء مما يدخل السعادة على النفس، بعض الدعابة والمرح، بل كانوا يذكرون أمر الجاهلية وبعض الأخبار والأحوال السابقة، فهل نهاهم ونهرهم؟ ليس ثمة إثم ولا حرام، هل تجهم في وجوههم وكهرهم؟ كان ساكتاً وربما تبسم، أليس ذلك أحياناً يكون عكسه منا لمعاملاتنا مع إخواننا، بل كثيراً ما يكون منا في معاملاتنا مع أزواجنا وأبنائنا، وانظروا إلى انعكاس ذلك في فقه الصحابة عموماً، هذه أم الدرداء تحكي لنا عن أبي الدرداء، وأبو الدرداء بالمناسبة مشهور بأنه كان من عباد الصحابة وزهادهم، تقول أم الدرداء رضي الله عنها: (كان أبو الدرداء إذا حدث حديثاً تبسم، لا يتحدث إلا وهو مبتسم- فقالت له: قد يقول الناس عنك إنك –والرواية في اللفظ- أي أحمق، دائما تتكلم وتتبسم، فماذا قال رضي الله عنه وأرضاه قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث حديثاً إلا تبسم) (11) رواه أحمد في مسنده، لم لا نقرب الناس بهذه الأساليب السمحة الودودة نعم لكل مقام مقال، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب أي في أمر يحذر الناس منه كان كأنه منذر جيش، لكن غالب ما يحتاج الناس إليه سيما في عصيرنا هذا وقد نفر الناس عن حياض الإيمان وبعدوا عن ظلال المساجد وابتعدوا عن الطاعات أن تتألف قلوبهم بهذه الكلمات وبتلك البسمات، وخذوا الأمثلة في جانب آخر وهو جانب السماحة بالبذل والعطاء، هذا خبر عن معاذ بن جبل مروي في سنن البيهقي فيه صفة معاذ: كان شاباً حليماً سمحاً من أفضل شباب قومه ولم يكن يمسك شيئاً، كان يعطي؟ فلم يزل يدان –يعني يستدين ويعطي- من شدة حبه للعطاء وسماحته، حتى أغرق ماله كله –أصبح مديناً ليس هناك مجال – قال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بالحال، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم غرمائه، قال الراوي: فلو ترك أحداً من أجل أحد لتركوا معاذاً لأجل رسول الله صلى الله عليه وسلم)
لكن كانت لهم حقوق ولهم حوائج إليها، قال: فباع النبي صلى الله عليه وسلم –أي باع ما عند معاذ- وسدد الناس، قال: فلم يبقى له شيء ) (12) ؛ أي من ماله، وكان ذلك كما روى بعضهم بعد حجة الوداع، فلما انتهت حجة الوداع بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ إلى اليمن معلماً وداعياً، ولكي يخرج من أزمته ولعله يجد رزقاً يفسح الله به عنه، وهذا كان من وصفه البديع الجميل، كم نحن في حاجة أيضاً، ليس إلى أن نحمل أنفسنا ديوناً، لكن إلى أن نسمح ونتسامح، فيما يمكن لنا أن نجود به ولو لم يكن من مال، بل ربما يكون من عطاء غير المال، ويكون أيضا فيه نفع وفائدة وأثر.
وهذا الطبراني في معجمه الكبير يروي لنا سيرة أخرى لعياض بن غنم رضي الله عنه، وكان مع أبي عبيدة في بلاد الشام بعد الفتوح، فلما حضرت أبو عبيدة الوفاة، ولَّى عياض بن غنم - لنعرف مكانته- وأقره عمر بن الخطاب على ذلك، فمن كان عياض هذا؟ جاء في وصفه: وكان عياض رجل صالحاً سمحاً، مات يوم مات وماله مال ولا عليه دين لأحد، مات سنة عشرين وعمره ستين سنة، أولئك هم خريجوا مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم، أولئك نماذج الإسلام السمحة العظيمة في معاملاتها.
ولعلي هنا أقف وقفة رابعة مع أمر أحسب أنه قد يجول في خواطر بعضكم الآن، ومع حالة يسأل عنها الناس كثيراً، إذا كانت هذه هي السماحة المرجوة المطلوبة فكيف يكون حالنا مع من خالف أو عصا أو تجاوز واقترف إثماً، ألسنا مطالبين بأن نشتد عليهم وأن نغلظ لهم، وأن وأن وأن كما قد يسلسل في هذه السلسلة الطويلة، وأقول كذلك مرة أخرى، كل بحسبه، غير أن السماحة في مثل هذا أيضا واردة وغالبة وثابتة عن أعظم الناس غيرة وإيماناً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشواهد الأحاديث ومواقف السيرة تدل على ذلك، ومنها الحديث الصحيح المشهور من رواية عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال –لما جاءت البيعة- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا –أي أخذ الحد- فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله عليه فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه، فبايعناه على ذلك) (13) رواه البخاري في الصحيح.
حتى الذنوب مرجعها إن لم تكن فيها حقوق للناس إلى الله، فإن كان الله يعد بالعفو ويرغب فيه للناس فنحن ينبغي أن ننتفع بذلك بأن نعين كما سنذكر من وقع في المعصية على أن يخرج منها، ولا أن نكون عوناً على الشيطان عليه، ومن هنا استمع لقوله جل وعلا: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الزمر : 53]، لاحظ هنا { يا عبادي } نداء من الله عز وجل، لمن؟ للذين أسرفوا على أنفسهم، ويسميهم {عباد} ويضيفهم نسبة إليه {يا عبادي} {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ} لقد بلغوا حداً كبيرا في الغفلة والوقوع في المخالفة { لا تقنطوا من رحمة الله } لا يغلبنكم الشيطان فيئيسكم من رحمة الله، ولا يكون غيركم سببا لكم من المنع من رحمة الله، وتعلمون قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً فجاء إلى من يسأله فقال: "لا توبة لك فأكمل به المائة" (14) ، وتعلمون ما تعلمون من قول النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الرجل من بني إسرائيل الذي قال: لأخيه العاصي وكان هو عابداً "والله لا يغفر الله لك، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى علي، فقبضت أرواحمها فغفر للعاصي وعاقب المقسم" (15) .
ليس ذلك دعوة بأن يعصي الناس ربهم، ولا لتسهيل المخالفة، ولكن لتسهيل الخروج منها، لإعانة المسلم على أن يحاط بإخوانه المسلمين، بابتسامة وكلمة طيبة وموعظة وأمر بمعروف ونهي عن منكر، وذلك تطبيقه العملي في أحاديث وسنن المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهذا نجده في أمور كثيرة.
روى البخاري في صحيحه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: "أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأنزل الله عز وجل { وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ } [هود : 114]، فقال الرجل: ألي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لمن عمل بها من أمتي)" (16) وهذا الحديث له روايات أخرى فيها بعض تفصيل، وهو أن الرجل كان يبيع تمراً وجاءته امرأة تشتري منه فأعجبته، فهافت نفسه فقبلها، وهو الذي يقول أهل العلم إنه جاءت الرواية الأخرى عنه أو في قصته: "يا رسول الله أصبت حداً" فأوهم الناس كيف يعفو النبي عن الحد، فقال أهل العلم إنه كان يظن أن كل مخالفة فيها حد، فلما علم الأمر على هذا النحو وجهه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وهنا نلاحظ أن النبي لم يعنفه ولم يشتد عليه، لم؟ لأن الرجل جاء نادماً، وواضح أنه تذكر من بعد غفلة { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } [الأعراف : 201]، هذا رجل نادم، هذا رجل عائد، فلو وجد تجهماً وغلظة لربما دفعه ذلك إلى أن يرجع إلى معصيته، وأن يواصل مخالفته، لكن الصدر الحنون والداعية الأعظم والمربي الأكبر صلى الله عليه وسلم أحسن توجيهه، وجاءت الآيات تبين هذا المعنى وليس في هذا مرة أخرى تشجيع على شيء من المعصية أبداً، بل هو علاج لها، ولذا ورد في بعض الروايات بهذا الحديث عند أبي داود في سننه عن قصة أخرى وهي التي رواها مسلم في صحيحه عن الرجل الذي كان يشرب الخمر فأتي به فجلد، ثم بعد فترة جيء به مرة ثانية فجلد، ثم ثالثة فجلد، فقال بعض الناس: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به، فقال صلى الله عليه وسلم: لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله) (17) ومن هنا قال أهل العلم: "المسألة العظمى المعروفة أنه لا يكفر المسلم بارتكاب الذنب، والمسألة الثانية أنه قد يجتمع وقوع المعصية مع ثبوت أصل حب الله ورسوله، لأن المعصية ضعف بشري واستسلال شيطاني وهوى قد يحيط بالإنسان فلا يثبت له أو لا يستطيع أن يكبح جماح نفسه، ثم هذا الحديث في رواية أبي داود أنه يقال له: (أما خفت الله، أما استحييت من رسول الله، فكان التوجيه من رسول الله قولوا: اللهم اغفر له اللهم ارحمه) (18)
هكذا يكون الأمر الذي نصل به إلى الهدف والمرتجى بأن نعين كل مخطئ أن يتوب من خطيئته ومعصيته، وأن يرجع إلى الله عز وجل، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يردنا إلى دينه ردا جميلا، وأن يجعلنا من أهل السماحة واليسر والسهولة واللين وأن يوفقنا لطاعته ومرضاته، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
واعلموا أن السماحة أمرها عظيم في أجرها وثوابها، وفي أثرها ونفعها، وذلك ما يبينه لنا كما قلت كثير من المواقف النبوية، لعلي أشير فيها إلى موقف مشهور نحتاج إلى التذكير به، في "قصة الشاب الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الزنا، وهو أمر بغيظ فاحش، فنهره الصحابة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مه مه ادن مني) فدنا منه الشاب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أترضاه لأمك، قال: لا، فداءك أبي وأمي يا رسول الله، قال: والناس لا يرضونه لأمهاتهم، ثم قال: لأختك ثم قال: لابنتك ثم قال: لخالتك ثم وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على صدره ودعا له فقال: اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه) (19) فكان من أثر ذلك أن قال هذا الغلام كما في رواية أخرى: (ما صار شيء أبغض إلى نفسي من الزنا) والحديث رواه الإمام أحمد من رواية أبي أمامة .
وهكذا ينبغي لنا أن نحسن ذلك وأن يكون موضوع الغلظة والشدة بحسبه وبحاله، وبما يؤدي إليه من أثر ونفع، كم نحن في حاجة إلى أن نشيع هذه السماحة، ابتسامة مشرقة، وكلمة طيبة، وعطاء عظيماً وعفوا وإغضاء، وتألفاً للقلوب، وترفقاً للنفوس، عل الله عز وجل أن يعيد إلينا صفاء قلوبنا ومودة نفوسنا، وصلة ما بيننا وأن يذهب عنا تجهم الحياة وهمها وغمها، بما نحسن فيما بيننا من سماحة ويسر ولين وقرب، إنه سبحانه وتعالى ولي ذلك والقادر عليه.
-------------
الهوامش :
(1) رواه الإمام أحمد في مسنده رقم الحديث: [2003]. ونصه: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَدْيَانِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ.
(2) رواه الإمام أحمد في مسنده. رقم الحديث: [7763] .
(3) رواه مسلم. رقم الحديث: [4123] .
(4) رواه الإمام أحمد في مسنده. رقم الحديث: [13142] ونصه: عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ وَالْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ .
(5) رواه ابن ماجة. رقم الحديث: [3960] .
(6) رواه الترمذي. رقم الحديث: [2426]، ونصه: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَقَالَ مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْتُ رَجُلًا وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ وَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا كَأَنَّهَا تَعْنِي قَصِيرَةً فَقَالَ لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ لَوْ مَزَجْتِ بِهَا مَاءَ الْبَحْرِ لَمُزِجَ .
(7) رواه الترمذي. رقم الحديث: [1879] .
(8) رواه الإمام أحمد في مسنده. رقم الحديث [2122] .
(9) رواه البخاري. رقم الحديث: [2809] .
(10) رواه الترمذي. رقم الحديث: [2777] .
(11) رواه الإمام أحمد في مسنده. رقم الحديث: [20739] .
(12) رواه البيهقي في سننه .
(13) رواه البخاري. رقم الحديث: [17] .
(14) رواه مسلم. رقم الحديث: [4967] ونصه: عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ لَا فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ قَالَ قَتَادَةُ فَقَالَ الْحَسَنُ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ .
(15) رواه مسلم. رقم الحديث: [4753]. ونصه: عنْ جُنْدَب أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ أَوْ كَمَا قَالَ .
(16) رواه البخاري. رقم الحديث: [4319]
(17) رواه البخاري. حديث رقم: [6282]. ونصه: عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ .
(18) رواه أبوداود. رقم الحديث: [3882]، ونصه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فَقَالَ اضْرِبُوهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَخْزَاكَ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُولُوا هَكَذَا لَا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَبِي نَاجِيَةَ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ ابْنِ الْهَادِ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ فِيهِ بَعْدَ الضَّرْبِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ بَكِّتُوهُ فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ يَقُولُونَ مَا اتَّقَيْتَ اللَّهَ مَا خَشِيتَ اللَّهَ وَمَا اسْتَحْيَيْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَرْسَلُوهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ وَلَكِنْ قُولُوا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ الْكَلِمَةَ وَنَحْوَهَا .
(19) رواه الإمام أحمد في مسنده. رقم الحديث: [21185]، ونصه: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ قَالُوا مَهْ مَهْ فَقَالَ ادْنُهْ فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا قَالَ فَجَلَسَ قَالَ أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ قَالَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ .
hgslhpm td hgYsghl