رجل غاضب قصة
رجال يرتعدون متلاصقين، ينصتون لدوي انفجارات نائية، وتحدق أعينهم بتحفز وحذر إلى رجل صارم الوجه، يقف قبالتهم مشدود القامة، منفرج القدمين، ويحاول ألاّ يستسلم لغضب جامح. وقد قال بصوت بذل جهده كي يكون هادئًا: (أعرف أن مهمتي ستكون شاقة، لكنها ستصبح سهلة إذا تعاونتم معي. مهمتي الآن إقناعكم بأن الموت غير مخيف ولا يستحق أن تهربوا منه).
بقي الرجال صامتين، فأشار الرجل الغاضب بيده نحو رجل طويل القامة، عريض الكتفين، وقال له آمرًا: (أنت. تكلَّم).
- (ماذا أقول).
- (قل ما تشاء).
- (أنا متزوج. وإذا متّ، فمن سيطعم امرأتي).
وبلل شفتيه بلسانه، ثم أضاف بخجل: (أنا غيور وأحب امرأتي، ولا أرغب في تركها لرجل آخر).
فضحك الرجل الغاضب ضحكة هازئة، وأشار إلى رجل ثانٍ متسائلاً: (وأنت).
- (أنا لي خمسة أولاد، ومن واجبي رعايتهم حتى يكبروا ويصبحوا شبانًا).
- (وأنت).
- (ليس في حياتي سوى البؤس، فلماذا أموت).
- (وأنت).
- (أنا لا أريد أن أموت لأني أحب الحياة حبّا لا يوصف).
فصاح الرجل الغاضب بصوت متهدج: (ولأنك تحب الحياة، يجب أن تموت).
ورمق الرجال بنظرة لوم وتأنيب، ثم تابع الكلام بصوت بارد: (أنتم جبناء، وإذا لم تختاروا الموت فستفقدون ما تحبون).
وعمّ ضجيج حاد انبثقت منه أصوات نزقة:
(لا نريد أن نموت).
(لن نموت كالكلاب).
(الحياة أفضل من القبر).
(مت وحدك).
(جبان حي أفضل من شجاع ميت).
فصرخ الرجل الغاضب متضرّعًا: (أنا أحبكم أحب كل الناس. ولأني أحبكم أريد أن تجابهوا العدو وتموتوا).
(هيا اذهب ومت إذا كنت غير خائف من الموت).
دسّ الرجل الغاضب يده في جيبه، وأخرج منه مسدسًا قاتم اللون، فبادر الرجال إلى التراجع بحركة وجلة، فصاح الرجل الغاضب: (لا ترتعبوا. لن أؤذيكم. أنتم ستقتلون في مخادع النوم).
ورفع مسدسه، وألصق فوهته بصدغه، وقال مبتسمًا: (الموت كما قلت لكم تافه سخيف).
وضغط بإصبع هادئة زناد المسدس، فدوى طلق ناري، وتهاوى الرجل الغاضب دامي الرأس بينما كان دوي الانفجارات يقترب رويدًا رويدًا منذرًا محاصرًا .
v[g yhqf rwm