الطرق الشرعية للوقاية من العين وعلاجها
بسم الله الرحمن الرحيم
الطرق الشرعية للوقاية من العين وعلاجها
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى من بين أنبيائه وإخوانه، أما بعد:
فعلاج العين والوقاية منها يتمثل في أمرين:
الأمر الأول: قبل حصولها.
الأمر الثاني: بعد حصولها.
أما قبل حصولها، وهو ما يسمى بالوقاية منها فيكون بما يلي:
1-التحصن بالأذكار الشرعية الواردة في ذلك، ومن ذلك أن يكثر من تعويذ نفسه بالمعوذتين، فإن لهما تأثيراً قوياً في رد العين ومقاومتها ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ وَعَيْنِ الإِنْسِ فَلَمَّا نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ. أخرجه النسائي(5494)، وابن ماجه (3511)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه(2830)، ومن الأذكار الشرعية - أيضاً - أذكار الصباح والمساء، والنوم، وبعد الصلوات وهكذا، فيتحصن الإنسان بالمعوذتين، وبآية الكرسي، وبقول:( أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ )، وقول:( بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ).
ومن التحصين تعويذ الأولاد والذرية والأموال، بهذا الذكر:( أُعيْذُكَ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ)، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول:« إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ » أخرجه البخاري(3191) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
2-ترك التزين الزائد في النفس والولد والسيارة والبيت، فإن ذلك مدعاة للإصابة بعين العائنين، وحسد الحاسدين روي أن عثمان بن عفان t رَأَى صَبِيًّا تَأْخُذُهُ الْعَيْنُ، فَقَالَ:( دَسِّمُوا نُونَتَهُ )، أي النُّقْرَةَ الَّتِي فِي ذَقَنِهِ، وَالتَّدْسِيمُ التَّسْوِيدُ، أَرَادَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِنْ ذَقَنِهِ لِيَرُدَّ الْعَيْنَ. رواه البغوي في شرح السنة(13/116).
3- الإكثار من ذكر الله تعالى، لأن ذكر الله يطرد شياطين الجن والإنس.
فإذا فعلت ذلك فتوكل على الله ولا يتلبس بك الخوف فيصبح وَسْوَاسُ العين يطاردك في كل مكان، فإذا فعلت الأسباب الشرعية فلا يضرك بعد ذلك شيء إن شاء الله تعالى.
فكم وسوس كثير من الناس بالعين، فأصبحَ لا يهنأ بعيش، ولا مسكنٍ، ولا مركب، ولا ولد ولا مال، فتوكل على الله فإنه نعم المولى ونعم النصير، وخير الحافظين سبحانه.
هذا بالنسبة عباد الله للأمر الأول قبل حصول العين، فإذا حصلت العين - نسأل الله السلامة والعافية - فإما أن يُعرف العائن، وإما أنه لا يُعرف، فإن عُرف العائن فإنه يُطلب منه الغسل، كما مر معنا في قصة سهل بن حُنَيْف مع عامر بن ربيعة، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عامراً أن يغتسل لسهل، وطريقة الغسل قد بينها النبي صلى الله عليه وسلم :( بأن يغْتَسِلَ لَهُ، فَيغسِّلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ، وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ، وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ، يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ، يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ).
فإذا لم يستطع المعين أن يأخذ من غُسل العائن، لحياءٍ أو رفض منه، فإنه يأخذ شيئاً من أثره كثيابه الملاصقة لجسده، أو نوى تمره ونحو ذلك فلعله أن ينفع، مع أنه يحرم على من طلب منه الغسل أن يرفض فقد جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا»، وهذا أمر منه صلى الله عليه وسلم بأن من طُلب منه الغسل أن يجيب ولا يجد في نفسه حرجاً ولا ضيقاً، ومن وجد ذلك فليتق الله، وليعلم أنه مسئول أمام الله عن المعين، فإذا أصيب المعين بما يؤذيه كان له حق يطلبه به يوم القيامة.
هذا إذا عرف العائن، أما إذا لم يعرف العائن فيلجأ المعين بعد ذلك إلى الله تبارك تعالى ويتمرغ بين يديه، ويسأله الشفاء، فإن ذلك الأمر له سبحانه، ثم بعد ذلك عليه بالرقية الشرعية، من القرآن الكريم، والسنة النبوية، والدعاء المشرع.
وأفضل الرقية ما كان من المريض نفسه، فعليه أن يرقي نفسه، ويعوذها ويبرك عليها، لأنه يكون مع رقيته لنفسه صدق لجاء واعتماد على الله تعالى، ومن ذلك أنه إذا وجد وجعاً في جسده فإنه يفع ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص عندما جاءه يشتكي وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :« ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ، ثَلاَثًا؛ وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ » أخرجه مسلم(2202).
فإذا لم يستطع ذلك فإنه يعرض نفسه على راقي عالم بالرقية، غير متسلط عليها بلا علم ولا فقه.
ويشترك في الرقية شروط ثلاثة:
1- أن تكون بكلام الله وبأسمائه وصفاته، وبالأدعية الشرعية.
2- أن تكون باللغة العربية، واضحة العبارة، لا طلاسم فيها ولا خفاء، ولا تمتمات فهذا كله من عمل السحرة والمشعوذين.
3- أن لا يعتقد المرقي في الراقي ولا في الرقية بأنها تنفع بذاتها، بل يعتقد في الله فإنه النافع والضار.
أسأل الله للجميع السلامة والعافية، ونعوذ به من عين العائنين، وحسد الحاسدين، ومكر الماكرين.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله.
hg'vr hgavudm gg,rhdm lk hgudk ,ugh[ih