الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه
أما بعد/
سيطل علينا شهر كريم، وموسم عظيم، وهو شهر رمضان المبارك،
درة المواسم وأفضل شهور العام.
شهر الصدقات والبر والإحسان .
شهر تتنـزل فيه الرحمات ، وتسكب فيه العبرات ، وتغفر فيه الزلات .
شهر صومه سبب لمغفرة الذنوب ومحو السيئات ،
قال صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) [ البخاري : 38].
شهر من قام ليله إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه .
شهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار ، وتصفد فيه مردة الشياطين.
شهر اختص الله ثوابه لنفسه
قال النبي صلى الله عليه وسلم : « كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي.».[مسلم ح/2736].
شهر اختصه الله بإنزال القرآن {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [ سورة البقرة:185].
وأنزل في أفضل ليلة منه وهي ليلة القدر : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}[سورة القدر :1].
شهر صومه جنة يستجن بها العبد من النار قاله النبي صلى الله عليه وسلم .
شهر من فطَّر فيه صائماً كان له مثل أجره .
شهر تكثر فيه الخيرات والبر والجود والصدقات ،
قال ابن عباس رضي الله عنه : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ
فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. [ البخاري ح/6]
شهر من أتى فيه بعمرة كان كمن أتى بحجة ،
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَجَّتِهِ قَالَ لأُمِّ سِنَانٍ الأَنْصَارِيَّةِ مَا مَنَعَكِ مِنْ الْحَجِّ
قَالَتْ أَبُو فُلانٍ - تَعْنِي زَوْجَهَا- كَانَ لَهُ نَاضِحَانِ حَجَّ عَلَى أَحَدِهِمَا وَالآخَرُ يَسْقِي أَرْضًا لَنَا قَالَ فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي.[ البخاري ح/1863].
شهر اختص الله أهله بباب في الجنة ، وهو باب الريان لا يدخله أحد غيرهم .
شهر فيه ليلة هي خير من ألف شهر ، وهي ليلة القدر ، من حرم خيرها فقد حرم ، ومن وفق لقيامها فقد غنم .
وبمناسبة قرب حلول هذا الموسم المبارك أنبه على أمور:
1- الحرص على تزكية النفس بالأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة، وتطهيرها من دنس الذنوب والأوزار، وتنعُمِهَا بكثرة ذكر الملك الغفار، شهر رمضان شهر التغيير، تغيير سلوك الانحراف والتقصير، بالاستقامة على الطريق المستقيم إلى ملاقاة الله تعالى في يوم المصير.
2- الحرص على الإكثار من تلاوة القرآن وتدبره ، ليكن لك أيها المسلم علاقة خاصة مع كتاب الله في هذا الشهر تلاوة وتدبراً ومدارسة ، فشهر رمضان هو شهر القرآن ، قال تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}[ سورة البقرة:185].
وكان جبريل يعارض النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان كل سنة مرة فلما كان العام الذي توفي فيه عارضه مرتين.
قال الزهري رحمه الله :" إذا دخل رمضان، فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام".
وكان الإمام مالك رحمه الله إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث ومجالس العلم وأقبل على قراءة القرآن.
وكان السلف الصالح رضي الله عنهم يحرصون على الإكثار من ختمه في هذا الشهر ، فكان قتادة رحمه الله يختم القرآن في كل سبع ليال، وفي رمضان في كل ثلاث ، وفي العشر الأواخر في كل ليلة.
وكان إبراهيم النخعي رحمه الله يختم القرآن في رمضان في كل ثلاث ليال، وفي العشر الأواخر في كل ليلتين .
وكان الأسود رحمه الله يقرأ القرآن كلُّه في ليلتين في جميع الشهر.
* وينبغي أن يجعل الإنسان له مع القرآن وقتاً للتدبر والتأمل.
3- الحرص والاجتهاد في المحافظة على جميع الصلوات مع الجماعة مع إدراك تكبيرة الإحرام ، والمبادرة إلى المسجد مع سماع النداء ، والمحافظة على صلاة التراويح والقيام مع الإمام حتى ينصرف، لأنها من قيام رمضان ،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ » [ البخاري ح/37].
4- المحافظة على الوقت وعدم تضييعه باللهو واللعب والسهر لأن ذلك يفوِّت على العبد خيراً كثيراً.
آسأل الله العلي العظيم آن يُبلغنــآ رمضـآن ونحن في آحسن حــآل
]vm hgl,hsl