[hide][frame="2 80"]
الى كل من سُرِقَت افراحهم في لحظة غفلة وغُدروا لا لأجل شيء وأُستبيحت دمائهم ظلماً وحُلّل أكل لحومهم -----

الى كل من غادرونا دون توديع ---- وقُذِفت جثثهم في قاع الأنهر --- او في القفار من غير وصية او تكفين ---

نقف على ضفاف الأنهر نؤبنهم بكلمات نعلم انها لا تشفي صدورهم وننزف دموعنا كما نزفوا دمائهم هناك ---

فكل يوم يمر هو ذكرى لاحدهم --- ننتظر عودته رغم علمنا انه لن يعود---





وليـــــــــمة الشيـــــــــــطان


بدأ يصغي الى الموسيقى وهو يفيق بعد وقت طويل --- رأسه يؤلمه من صوت الطبل --- اراد ان يصرخ بأطفاله ان يخفظوا صوت التلفاز ويخرسوا ضجيجهم --- لكن لسانه ثقيل وهو ساجد على الارض لم يعرف لأي ركعة وصل --- فتح عينيه الملتصقتين


بمادة دبقة يجهلها بعد ان تبللت بالعرق الناضح من رأسه --- حاول وضع يديه على الارض كي يرفع رأسه لكن ذراعاه خلف ظهره ---

أيّ سجدة هذه !!.

بدأ يفكر هل هذه مُزحة من أحدهم أم وافته المنية فجأة وهو يصلي ---


كلا اذكر اني تلوتُ الشهادة قبل ان أسجد!!.


الأرض رطبة أكثر من المعقول هل هذا بسبب عرقه أم ان زوجته تركت أحدى مصادر الماء مفتوحاً فغرق البيت وساح الماء تحت جبينه –

لا احد يأتي لتفقده مع ان النهار طالع والشمس تحرق جسده --- نظر الى ركبتيه المثنيتين على الارض بمستوى عينيه --- يا لها من فوضى فهو يلبس بنطاله الجديد الذي اشتراه البارحة وها هو يراه غارقا في الوحل .


الوحل ؟---من أين يأتي الوحل !!.


فتح عينيه وقلبه ينبض بشدة – ألقى نظرة أخرى على ملابسه وهامته ملتصقة على الارض ---


الحمد لله فأنا لا البس بزّتي العسكرية --- أي اني لست في معسكر الجيش --- وهذا يعني أن وضعية أنحنائي ليست عقوبة من قائدي الظالم المتملق لقياداته العليا ---

تنفّس وكأنه يزفر هموم سنين غابرة :-


لقد ولّى ذلك الزمن من غير رجعة .


لم يعد يستطيع التفكير كي يجد تفسيرا لما يعنيه وضعه ---

يبدو ان ألماً في معدته شوّش عليه أفكاره --- أخذ يسعل ويسعل حتى بصق لقمة خبز أسود خُلِط مع حنطتهِ أحجار وأوساخ كي يزيد وزنه ---


كيف يمكن لهذا الخبز أن يبقى في معدتي منذ سنوات الحصار الى الآن --- يا الهي ما الذي يحدث لي -- أذكر أني بصقت هذه اللقمة على بلاط المستشفى بعد أن أُصبت بأنسداد في الأمعاء ---

صرخ بأعلى صوته وهو يحاول فك قيد يديه :-


ليُخبرني أحد في أي زمن أنا--- وما تاريخ اليوم ؟


أحسّ بأن الفرج آت وهو يشعر بوقع أقدام راكضة نحوه لكن سرعان ما خاب أمله فوقع الأقدام تمر بمحاذاته وتبتعد مسرعة تتبعها أقدام وأقدام --- يبدو أنها هاربة من شيء .


زُلزلت الأرض تحت رأسه بعد أن سقط عليها شيء من السماء تناثر حوله عشوائياً ---

أغمض عينيه هامساً مع نفسه ( انه العنقودي )

أطبق جفنيه بقوة كي تمر هذه اللحظات بسرعة كما كان يفعل في تلك الأيام حيث يجمع أطفاله ويحتضن زوجته ويحوطهم جميعا بذراعيه ويأمرهم بأغماض أعينهم والشروع بالدعاء ---

عادت الموسيقى لتنخر جمجمته حتى اصبح الصداع يتسلل الى داخل مخه ويحدث ثقباً بين عينيه فيتغير لون عرقه ----- وظنّ من جديد أنه يصلي !!

ايها الصغار الملاعين لا احد يأبه لراحتي --- كم مرة قلت لأطفالي أن لا يرفعوا صوت التلفاز وأنا أصلي .


نظر الى الماء الذي بدأ مستواه يرتفع ويلامس رموشه فرأى صورة السماء معكوسة عليه تملأها غربان سوداء تحوم فوقه ---


يا الهي لستُ في البيت – هل انا في العراء أم في المسجد لكن أيّ مسجد هذا تحوم حوله غربان سوداء بدل الحمام ويُطلق موسيقى بطبل مجنون بدلاً من صوت المؤذن أو ترتيلات المصلين .


حتى لو كنا في آخر الزمان لا يمكن للمظاهر أن تتبدل بهذا الشكل المريع --- لابد من حرمة للدين !!.


أصبح ضجيج الأطفال يقلقه وهو يختلط مع ثرثرة نساء كثيرات ميّز نبرة زوجته بينهن ---


أجفلته مزامير السيارات التي انطلقت دفعة واحدة دون توقف --- وفجأة ومن دون سبب توقف كل شيء وساد هدوء حذِر ---

الآن يوقن أن هناك شيء حدث لكنه لا يستطيع أن يراه --- أظلمّ المكان سريعاً وأرتفع مستوى الماء شيئاً فشيئاً مع كل رقعة ضوء تكمل القمر وآخر ما سمعه قبل أن تغرق أذناه صوت زوجته التي تتوسل الى أحدهم مع انه علّمها ان لا تذلّ نفسها لأحد مهما كانت الظروف ---


حرّك لسانه لمناداتها فأحسّ به يتساقط ويتناثر في فمه الذي أصبح حِجراً للديدان ---


غاص أكثر في الوحل بعد أن غطى الماء كامل جسده المحني بوضع السجود ورجع صوت الطبل مجدداً لكن من غير ثرثرة أو ضجيج ومع كل دقة طبل ينتفخ جسده الذي ابتلع الكثير من الماء كأساس بيته الناقع في الرطوبة صيفا وشتاءا لأنه ينخفض عن مستوى الشارع في ذلك الحي البسيط منذ الأزل -----


ضجّت أحشاءه بالديدان التي أصبحت تريد مخرجاً من مأزقها كما هو حاله ---

وأخيراً وجدت طريقها بعدما سمعت الأسماك أستغاثتها فجاءت من كل مكان تنهش لحمه المهتريء قبل ان تحضى به الغربان فتفتح به ثقوباً كبيرة ---

rwi ,gdlm hgad'hk