مشكلة الشرود الذهني للطفل

الشرود الذهني مشكلة يعاني منها عدد كبير من الأطفال، وهذه المشكلة عوارض مختلفة ومتنوعة، يشعر الأهل إزاءها بعجز كبير، فهي تؤثر على يوميات الصغير وعلى أدائه المدرسي. تتنوع العوارض والأسباب، بعضها بيولوجي، وبعضها نفسي ناجم عن البيئة المتشنجة التي يعيش فيه الطفل. لكن العلاج ممكن بل ضروري، ويحتاج إلى كثير من الصبر وإلى توافر جو هادئ ينمو فيه الطفل فيمكّنه من كسب الثقة بنفسه
حلا ماضي
يسكن غسان (7 سنوات) في الطبقة الثامنة من مبنى يسكنه أيضاً رفيقه وليد في الطابق السادس، وعندما يريد غسان النزول إلى منزل رفيقه يقول لوالدته: «أنا طالع لعند وليد»، لاحظت الأم أن ابنها يكرر هذا الخطأ، وتقول إن حاله بدأت تقلقها، فهي تطلب منه أن يرفع سماعة الهاتف عندما يرن، أو يفتح الباب لدى سماع الجرس، لكنه ينظر إليها بعيون ثابتة ومحدّقة دون القيام بأي عمل، وكأنه في عالم آخر مصاب بحالة من اللاوعي.
يُشخّص الاختصاصي في طب الأطفال الدكتور ربيع سبيتي حالة غسان بأنها أحد الدلائل على عدم التركيز أو الشرود الذهني التي تصيب نسبة غير قليلة من الأطفال، والتي تؤثر مباشرةً على حياتهم العائلية والمدرسية، وهي حالة تحدث عندما يفكر الطفل بأشياء غير تلك التي نطلبها منه بسبب انشغال عقله الباطني بأمور أخرى.
ينتج «عدم التركيز» من وجود خلل في إيصال الإشارات إلى باقي أعضاء الجسم، وأسباب هذه الحالة قد تكون عضوية، لوجود مشكلات في الأذنين أو العينين أو في الدورة الدموية، أو فقر الدم وعدم وجود الفيتامينات الضرورية في الجسم.
وإذا كانت قلّة الفيتامينات في الدم المنقول إلى الدماغ تؤدي إلى «عدم التركيز» لدى الأطفال، فإن الألعاب الترفيهية الموجودة بين أيديهم تساهم مباشرةً في تفاقم تلك المشكلة! الاختصاصي في طب الأطفال الدكتور غسان عيسى يلفت إلى ألعاب تروّج لها الشركات المصنعة على أنها صُنّعت بطريقة «صحية»، لكنها تحوي كميات غير قليلة من معدن الرصاص الذي يدخل إلى الدم عبر الفم، إذ إن معظم الأطفال يسارعون إلى وضع الألعاب داخل أفواههم، والرصاص معدن سام يؤدي في حال دخوله الدم إلى تلويثه، فينتقل الدم «مسموماً» إلى الدماغ، ما يساهم في زيادة مشكلات التركيز وغيرها لدى الأطفال.
وتعدّ المشكلات النفسية والعوامل المحيطة بالطفل من المسببات الرئيسية لمشكلة عدم التركيز، فهي تتخذ أشكالاً وأبعاداً متنوّعة، تبدأ من علاقة الأهل بعضهم ببعض، كما تقول سمر الزغبي (أستاذة في علم النفس والعلوم التربوية)، وتلفت إلى أهمية عادات الأهل التي تتمحور بشكل رئيسي حول ثقة الطفل بنفسه، ومدى تأثره بكيفية تعامل الزوج والزوجة بعضهما مع بعض أمام أولادهما.
وتلفت الزغبي إلى دور الأم الرئيس في طريقة ضبط انفعالاتها، وعدم استعمال القسوة في التعامل مع طفلها، وخاصة أمام أصدقائه، ويتجلّى دور الأم أكثر في نوعية الطعام الذي تحضّره ربّة المنزل للعائلة، فعليها الابتعاد قدر المستطاع عن تقديم المشروبات الغازية أو البطاطا المحمّصة، فتلك الأطعمة تحتوي على زيوت وملوّنات غير طبيعية تؤثر سلباً على تغذية الدم. وتنتقل الزغبي إلى العادات السلوكية التي يزداد تأثيرها على الأطفال بشكل سريع وخطير ومنها:
مشاهدة التلفزيون لفترة طويلة، والإدمان على الألعاب الإلكترونية، وتلك عادات لا يمكن إلغاؤها بل نستطيع تنظيمها.
للمدرسة دور فعّال في تنمية قدرات الطفل وتكوين شخصيته، لذلك فإن أي خلل في وظائف تلك المؤسسة يؤدي إلى تفاقم مشكلة عدم التركيز لدى الطفل، وخاصة إذا تولّد شعور لديه بالخوف بسبب قساوة بعض المربّين، أو ضخّ المعلومات بطريقة مكثّفة لا يستطيع دماغ الطفل استيعابها. وتشير الزغبي في هذا المجال إلى دور الأم الذي يكمّل دور المربّي، فعليها توفير الراحة والسكون لطفلها في المنزل، وتجهيز مكان تحضير الواجبات المدرسية بشكل مريح من حيث الإضاءة والأثاث الخاص. وعليها أن تحرص ألا يشعر الولد بالإرهاق عند تحضير الفروض والواجبات المدرسية. وتشير زغبي إلى ضرورة تحديد وقت لكل واجب مدرسي


la;gm hgav,] hg`ikd gg'tg