الملاحظات
صفحة 4 من 4 الأولىالأولى ... 234
النتائج 31 إلى 37 من 37

الموضوع: موسوعة الطب النبوي الشريف

  1. #31  
    ـآلــثــُـرٍيــّــآ غير متواجد حالياً : حروفـ صامتهـ :
    المشاركات
    4,034
    [frame="7 80"]

    [glint]فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج السحر الذي سحرته اليهودية [/glint]


    قد أنكر هذا طائفة من الناس وقالوا لا يجوز هذا عليه وظنوه نقصا وعيبا وليس الأمر كما زعموا بل هو من جنس ما كان يعتريه صلى الله عليه وسلم من الأسقام والأوجاع وهو مرض من الأمراض وإصابته به كإصابته بالسم لا فرق بينهما وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إن كان ليخيل إليه أنه يأتي نساءه ولم يأتهن وذلك أشد ما يكون من السحر قال القاضي عياض والسحر مرض من الأمراض وعارض من العلل يجوز عليه صلى الله عليه وسلم كأنواع الأمراض مما لا ينكر ولا يقدح في ثبوته وأما كونه يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله فليس في هذا ما يدخل عليه داخلة في شيء من صدقه لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا وإنما هذا فيما يجوز طرؤه عليه في أمر دنياه التي لم يبعث لسببها ولا فضل من أجلها وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر فغير بعيد أنه يخيل إليه من أمورها لا حقيقة له ثم يتجلى عنه كما كان والمقصود ذكر هديه في علاج هذا المرض وقد روى عنه نوعان أحدهما وهو أبلغهما استخراجه وتبطيله كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأل ربه سبحانه في ذلك فدل عليه فاستخرجه من بئر فكان في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر فلما استخرجه ذهب ما به حتى كأنما نشط من عقال فهذا من أبلغ ما يعالج به المطبوب وهذا بمنزلة إزالة المادة الخبيثة وقلعها من الجسد بالاستفراغ والنوع الثاني الاستفراغ في المحل الذي يصل إليه أذى السحر فإن للسحر تأثيرا في الطبيعة وهيجان أخلاطها وتشويش مزاجها فإذا ظهر أثره في عضو وأمكن استفراغ المادة الرديئة من ذلك العضو نفع جدا وقد ذكر أبو عبيد في كتاب غريب الحديث له بإسناده عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم على رأسه بقرن حين طب قال أبو عبيد معنى طب أي سحر وقد أشكل هذا على من قل علمه وقال ما للحجامة والسحر وما الرابطة بين هذا الداء وهذا الدواء ولو وجد هذا القائل أبقراط او ابن سينا أو غيرهما قد نص على هذا العلاج لتلقاه بالقبول والتسليم وقال قد نص عليه من لا نشك في معرفته وفضله
    فاعلم أن مادة السحر الذي أصيب به النبي صلى الله عليه وسلم انتهت إلى رأسه إلى إحدى قواه التي فيه بحيث كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعله وهذا تصرف من الساحر في الطبيعة والمادة الدموية بحيث غلبت تلك المادة على البطن المقدم منه فغيرت مزاجه عن طبيعته الأصلية والسحر مركب من تأثيرات الأرواح الخبيثة وانفعال القوى الطبيعية عنها وهو سحر التمريجات وهو أشد ما يكون من السحر ولا سيما في الموضع الذي انتهى إليه السحر واستعمال الحجامة على ذلك المكان الذي تضررت أفعاله بالسحر من أنفع المعالجة إذا استعملت على القانون الذي ينبغي قال أبقراط الأشياء التي ينبغي أن تستفرغ يجب أن تستفرغ من المواضع التي هي إليها أميل بالأشياء التي تصلح لاستفراغها وقالت طائفة من الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أصيب بهذا الداء وكان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله ظن أن ذلك عن مادة دموية أو غيرها مالت إلى جهة الدماغ وغلبت على البطن المقدم منه فأزالت مزاجه عن الحالة الطبيعية له وكان استعمال الحجامة إذ ذاك من أبلغ الأدوية وأنفع المعالجة فاحتجم وكان ذلك قبل أن يوحي إليه أن ذلك من السحر فلما جاءه الوحي من الله تعالى وأخبره أنه قد سحر عدل إلى العلاج الحقيقي وهو استخراج السحر وإبطاله فسأل الله فدله على مكانه فاستخرجه فقام كأنما نشط من عقال وكان غاية هذا السحر فيه إنما هو في جسده وظاهر جوارحه لا على عقله وقلبه ولذلك لم يكن يعتقد صحة ما يخيل إليه من إتيان النساء بل يعلم أنه خيال لا حقيقة له ومثل هذا قد يحدث من بعض الأمراض والله أعلم فصل ومن أنفع علاجات السحر الأدوية الألهية بل هي أدويته النافعة بالذات فإنه من تأثيرات الأوراح الخبيثة السفلية ودفع تأثيرها يكون بما يعارضها ويقاومها
    من الأذكار والآيات والدعوات التي تبطل فعلها وتأثيرها وكلما كانت أقوى وأشد كانت أبلغ في النشرة وذلك بمنزلة التقاء جيشين مع كل واحد منهما عدته وسلاحه فإيهما غلب الاخر قهره وكان الحكم له فالقلب إذا كان ممتلئا من الله مغمورا بذكره وله من التوجهات والدعوات والأذكار والتعوذات ورد لا يخل به يطابق فيه قلبه لسانه كان هذا من أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له ومن أعظم العلاجات له بعد ما يصيبه وعند السحرة أن سحرهم إنما يتم تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة والنفوس الشهوانية التي هي معلقة بالسفليات ولهذا غالب ما يؤثر في النساء والصبيان والجهال وأهل البوادي ومن ضعف حظه من الدين والتوكل والتوحيد ومن لا نصيب له من الأوراد الإلهية والدعوات والتعوذات النبوية وبالجملة فسلطان تأثيره في القلوب الضعيفةالمنفعلة التي يكون ميلها إلى السفليات قالوا والمسحور هو الذي يعين على نفسه فإنا نجد قلبه متعلقا بشيء كثير الألتفات إليه فيتسلط على قلبه بما فيه من الميل والالتفات والأرواح الخبيثة إنما تتسلط على أرواح تلقاها مستعدة لتسليطها عليها بميلها إلى ما يناسب تلك الأرواح الخبيثة وبفراغها من القوة الآلهية وعدم أخذها للعدة التي تحاربها بها فتجدها فارغة لاعدة معها وفيها ميل إلى ما يناسبها فتتسلط عليها ويتمكن تأثيرها فيها بالسحر وغيره .

    والله أعلم


    [/frame]





    رد مع اقتباس  

  2. #32  
    ـآلــثــُـرٍيــّــآ غير متواجد حالياً : حروفـ صامتهـ :
    المشاركات
    4,034
    [frame="7 80"]

    [glint]فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الاستفراغ بالقىء [/glint]


    روى الترمذي في جامعه عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء أن النبي قاء فتوضأ فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت له ذلك فقال صدق أنا صببت له وضوءه قال الترمذي وهذا أصح شيء في الباب القيء أحد الاستفراغات الخمسة التي هي أصول الاستفراغ وهي الإسهال والقىء وإخراج الدم وخروج الأبخرة والعرق وقد جاءت بها السنة أما الإسهال فقد مر في حديث خير ما تداويتم به المشي وفي حديث السناء وإما أخراج الدم فقد تقدم في أحاديث الحجامة وأما استفراغ الأبخرة فتذكره عقيب هذا الفصل إن شاء الله وإما الاستفراغ بالعرق فلا يكون غالبا بالفصد بل بدفع الطبيعة له إلى ظاهر الجسد فتصادف المسام مفتحة فيخرج منها والقىء استفراغ من أعلىالمعدة والحقنة من أسفلها والدواء من أعلاها وأسفلها والقيء نوعان نوع بالغلبة والهيجان ونوع بالاستدعاء والطلب فأما الأول فلا يسوغ حبسه ودفعه إلا إذا أفرط وخيف منه التلف فيقطع بالأشياء التي تمسكه وأما الثاني فأنفعه عند الحاجة إذا روعي زمانه وشروطه التي تذكر وأسباب القىء عشرة احدها غلبة المرة الصفراء وطفوها على رأس المعدة فتطلب الصعود الثاني من غلبة بلغم لزج قد تحرك في المعدة واحتاج إلى الخروج الثالث أن يكون من ضعف المعدة في ذاتها فلا تهضم الطعام فتقذفه إلى جهة فوق الرابع أن يخالطها خلط ردىء ينصب إليها فيسيء هضمها ويضعف فعلها الخامس أن يكون من زيادة المأكول أو المشروب على القدر الذي تحتمله المعدة فتعجز عن إمساكه فتطلب دفعة وقذفه السادس أن يكون من عدم موافقة المأكول والمشروب لها وكراهتها له فتطلب دفعه وقذفه السابع أن يحصل فيها ما يثور الطعام بكيفيته وطبيعته فتقذف به الثامن القرف وهو موجب غثيان النفس وتهوعها التاسع من الأعراض النفسانية كالهم الشديد والغم والحزن وغلبة اشتغال الطبيعة والقوي الطبيعة به واهتمامها بوروده عن تدبير البدن وإصلاح الغذاء وإنضاجه وهضمه فتقذفه المعدة وقد يكون لأجل تحرك الأخلاط عند تخبط النفس فإن كل واحد من النفس والبدن يتفعل عن صاحبه ويؤثر كيفيته في كيفيته العاشر نقل الطبيعة بأن يرى من يتقيأ فيغلبه هو القىء من غير استدعاء فإن الطبيعة نقالة وأخبرني بعض حذاق الأطباء قال كان لي ابن أخت حذق في الكحل فجلس كحالا فكان إذا فتح عين الرجل ورأى الرمد وكحله رمد وتكرر ذلك منه فترك الجلوس قلت له فما سبب ذلك قال نقل الطبيعة فإنها نقالة قال وأعرف آخر كان رأى خراجا في موضع من جسم رجل يحكه فحك هو ذلك الموضع فخرجت فيه خراجة قلت وكل هذا لا بد فيه من استعداد الطبيعة وتكون المادة ساكنة فيها غير متحركة فتتحرك لسبب من هذه الأسباب فهذه اسباب لتحرك المادة لا أنها هي الموجهة لهذا العارض فصل ولما كانت الأخلاط في البلاد الحارة والأزمنة الحارة ترق وتنجذب إلى فوق كان القىء فيها أنفع ولما كانت في الأزمنة الباردة والبلاد تغلظ ويصعب جذبها إلى فوق كان استفراغها بالإسهال أنفع
    وإزالة الأخلاط ودفعها يكون بالجذب والاستفراغ والجذب يكون من أبعد الطرق والاستفراغ من أقربها والفرق بينهما أن المادة إذا كانت عاملة في الانصباب او الترقي لم تستقر بعد فهي محتاجة إلى الجذب فإن كانت متصاعدة جذبت من أسفل وإن كانت منصبة جذبت من فوق وأما إذا استقرت في موضعها استفرغت من أقرب الطرق إليها فمتى أضرت المادة بالأعضاء العليا اجتذبت من أسفل ومتى أضرت بالأعضاء السفلى اجتذبت من فوق ومتى استقرت استفرغت من أقرب مكان إليها ولهذا احتجم النبي صلى الله عليه وسلم على كاهله تارة وفي رأسه أخرى وعلى ظهر قدمه تارة فكان يستفرغ مادة الدم المؤذي من أقرب مكان إليه والله أعلم فصل والقىء ينقى المعدة ويقويها ويحد البصر ويزيل ثقل الرأس وينفع قروح الكلى والمثانة والأمراض المزمنة كالجذام والاستسقاء والفالج والرعشة وينفع اليرقان وينبغى أن يستعمله الصحيح في الشهر مرتين متواليتين من غير حفظ دور ليتدراك الثاني ما قصر عنه الأول وينقي الفضلات التي انصبت بسببه والإكثار منه يضر المعدة ويجعلها قابلة للفضول ويضر بالأسنان والبصر والسمع وربما صدع عرقا ويجب أن يجتنبه من به ورم في الحلق أو ضعف في الصدر أو دقيق الرقبة أو مستعد لنفث الدم أو عسر الإجابة له وأما ما يفعله كثير من سيىء التدبير وهو أن يمتلىء من الطعام ثم يقذفه ففيه آفات عديدة منها أنه يعجل الهرم ويوقع في أمراض رديئة ويجعل القىء له عادة والقىء مع اليبوسة وضعف الأحشاء وهزال المراق أو ضعف المستقىء خطر وأحمد أوقاته الصيف والربيع دون الشتاء والخريف وينبغي عند القىء أن يعصب العينين ويقمط البطن ويغسل الوجه بماء بارد عند الفراغ وأن يشرب عقبه شراب التفاح مع يسير من مصطكى وماء الورد ينفعه نفعا بينا والقىء يستفرغ من أعلى المعدة ويجذب من أسفل والإسهال بالعكس قال أبقراط وينبغي أن يكون الاستفراغ في الصيف من فوق أكثر من الأستفراغ بالدواء وفي الشتاء من أسفل.


    [/frame]





    رد مع اقتباس  

  3. #33  
    ـآلــثــُـرٍيــّــآ غير متواجد حالياً : حروفـ صامتهـ :
    المشاركات
    4,034
    [frame="7 80"]
    [glint]فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الإرشاد إلى معالجة أحذق الطببين [/glint]


    ذكر مالك في موطئه عن زيد بن أسلم أن رجلا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم جرح فاحتقن الدم وأن الرجل دعا رجلين من بني أنمار فنظر إليه فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما ايكما أطب فقالا أوفى الطب خير يا رسول الله فقال أنزل الدواء الذي أنزل الداء ففي هذا الحديث أنه ينبغي الاستعانة في كل علم وصناعة بأحذق من فيها فالأحذق فإنه إلى الإصابة أقرب وهكذا يجب على المستفتي أن يستعين على ما نزل به بالأعلم فالأعلم لأنه أقرب إصابة ممن هو دونه وكذلك من خفيت عليه القبلة فإنه يقلد أعلم من يجده وعلى هذا فطر الله عباده كما أن المسافر في البر والبحر إنما سكون نفسه وطمأنينته إلى أحذق الدليلين وأخبرهما وله يقصد وعليه يعتمد فقد اتفقت على هذا الشريعة والفطرة والعقل وقوله صلى الله عليه وسلم أنزل الدواء الذي أنزل الداء قد جاء مثله عنه في أحاديث كثيرة فمنها ما رواه عمرو بن دينار عن هلال بن يساف قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مريض يعوده فقال ارسلوا إلى طبيب فقال قائل وأنت تقول ذلك
    يا رسول الله قال نعم إن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له دواء وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة يرفعه ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء وقد تقدم هذا الحديث وغيره واختلف في معنى إنزال الداء والدواء فقالت طائفة إنزاله إعلام العباد به وليس بشيء فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بعموم الإنزال لك لداء ودوائه وأكثر الخلق لا يعلمون ذلك ولهذا قال علمه من علمه وجهله من جهله وقالت طائفة إنزالهما خلقهما ووضعهما في الأرض كما في الحديث الآخر إن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء وهذا وإن كان أقرب من الذي قبله فلفظه الإنزال أخص من لفظة الخلق و الوضع فلا ينبغي إسقاط خصوصية اللفظة بلا موجب وقالت طائفة إنزلهما بواسطة الملائكة الموكلين بمباشرة الخلق من داء ودواء وغير ذلك فإن الملائكة موكلة بأمر هذا العالم وأمر النوع الإنساني من حين سقوطه في رحم أمه إلى حين موته فإنزال الداء والدواء مع الملائكة وهذا أقرب من الوجهين قبلة وقالت طائفة إن عامة الأدواء والأدوية هي بواسطة إنزال الغيث من السماء الذي تتولد به الأغذية والأقوات والأدوية والأدواء وآلات ذلك كله وأسبابه ومكملاته وما كان منها من المعادن العلوية فهي تنزل من الجبال وما كان منها من الأودية والأنهار والثمار فداخل في اللفظ على طريق التغليب والأكتفاء عن الفعلين بفعل واحد يتضمنها وهو معروف من لغة العرب بل وغيرها من الأمم كقول الشاعر علفتها تبنا وماء باردا حتى غدت همالة عيناها وقال الاخر ورأيت زوجك قد غدا متقلدا سيفا ورمحا وقال الآخر وزججن الحواجب والعيونا وهذا أحسن مما قبله من الوجوه والله أعلم
    وهذا من تمام حكمة الرب عز وجل وتمام ربوبيته فإنه كما ابتلى عباده بالأدواء أعانهم عليها بما يسره لهم من الأدوية وكما ابتلاهم بالذنوب أعانهم عليها بالتوبة والحسنات الماحية والمصائب المكفرة وكما ابتلاهم بالأرواح الخبيثة من الشياطين أعانهم عليها بجند من الأرواح الطيبة وهم الملائكة وكما ابتلاهم بالشهوات أعانهم على قضائها بما يسره لهم شرعا وقدرا من المشتهيات اللذيذة النافعة فما ابتلاهم سبحانه بشيء إلا أعطاهم ما يستعينون به على ذلك البلاء ويدفعونه به ويبقى التفاوت بينهم في العلم بذلك والعلم بطريق حصوله والتوصل إليه وبالله المستعان.


    [/frame]





    رد مع اقتباس  

  4. #34  
    ـآلــثــُـرٍيــّــآ غير متواجد حالياً : حروفـ صامتهـ :
    المشاركات
    4,034
    [frame="7 80"]

    [glint]فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في تضمين من طب الناس وهو جاهل بالطب [/glint]


    روى أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تطبب ولم يعلم منه الطب قبل ذلك فهو ضامن هذا الحديث يتعلق به ثلاثة أمور أمر لغوي وأمر فقهى وأمر طبي فأما اللغوي فالطب بكسر الطاء في لغة العرب يقال على معان منها الإصلاح يقال طببته إذا أصلحته ويقال له طب بالأمور أي لطف وسياسة قال الشاعر وإذاتغير من تميم أمرها كنت الطبيب لها برأي ثاقب ومنها الحذق قال الجوهري كل حاذق طبيب عند العرب قال أبو عبيد أصل الطب الحذق بالأشياء والمهارة بها يقال للرجل طب وطبيب إذا كان كذلك وإن كان في غير علاج المريض وقال غيره رجل طبيب أي حاذق سمى طبيبا لحذقه وفطنته قال علقمة فإن تسألوني بالنساء فإنني خبير بأدواء النساء طبيب إذا شاب رأس المرء أو قل ماله فليس له في ودهن نصيب وقال عنترة أن تغدفي دوني القناع فإنني طب بأخذ الفارس المستلم أي إن ترخي عني قناعك وتستري وجهك رغبة عني فإني خبير حاذق بأخذ الفارس الذي قد لبس لأمة حربه ومنها العادة يقال ليس ذلك بطبي أي عادتي قال فروة بن مسيك فما إن طبنا جبن ولكن منايانا ودولة آخرينا وقال أحمد بن الحسين وما التيه طبي فيهم غير أنني بغيض إلى الجاهل المتغافل ومنها السحر يقال رجل مطبوب أي مسحور وفي الصحيح من حديث عائشة لما سحرت يهود رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس الملكان عند رأسه وعند رجليه فقال أحدهما ما بال الرجل قال الاخر مطبوب قال من طبه قال فلان اليهودي قال أبو عبيدة إنما قالوا للمسحور مطبوب لأنهم كنوا بالطب عن السحر كما كنوا عن اللديغ فقالوا سليم تفاؤلا بالسلامة وكما كنوا بالمفازة عن الفلاة المهلكة التي لا ماء فيها فقالوا مفازة تفاؤلا بالفوز من الهلاك ويقال الطب لنفس الدواء قال ابن أبي الأسلت إلا من مبلغ حسان عني أسحر كان طبك أم جنون
    وأما قول الحماسي فإن كنت مطبوبا فلا زلت هكذا وإن كنت مسحورا فلا بريء السحر فإنه أراد المطبوب الذي قد سحر وأراد بالمسحور العليل بالمرض قال الجوهري ويقال للعليل مسحور وأنشد البيت ومعناه إن كان هذا الذي قد عراني منك ومن حبك أسأل الله دوامه ولا أريد زواله سواء كان سحرا أو مرضا والطب مثلث الطاء فالمفتوح الطاء هو العالم بالأمور وكذلك الطبيب يقال له طب ايضا والطب بكسر الطاء فعل الطبيب والطب بضم الطاء اسم موضع قاله ابن السكيت وأنشد فقلت هل انهلتم بطب ركابكم بجائزة الماء التي طاب طيبها وقوله صلى الله عليه وسلم من تطبب ولم يقل من طب لأن لفظ التفعل يدل على تكلف الشيء والدخول فيه بعسر وكلفة وأنه ليس من أهله كتحلم وتشجع وصبر ونظائرها وكذلك بنوا تكلف على هذا الوزن قال الشاعر وقيس عيلان ومن تقيسا وأما الأمر الشرعي فإيجاب الضمان على الطبيب الجاهل فإذا تعاطى علم الطب وعمله ولم يتقدم له به معرفة فقد هجم بجهله على إتلاف الأنفس وأقدم بالتهور على مالم يعلمه فيكون قد غرر بالعليل فيلزمه الضمان لذلك وهذا إجماع من أهل العلم قال الخطابي لا أعلم خلافا في أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض كان ضمانا والمتعاطي علما أو عملا لا يعرفه متعد فإذا تولد من فعله التلف ضمن الدية وسقط عنه القود لأنه لا يستبد بذلك بدون إذن المريض وجناية المتطبب في قول عامة الفقهاء على عاقلته قلت الأقسام خمسة أحدها طبيب حاذق أعطى الصنعة حقها ولم تجن يده
    فتولد من فعله المأذون من جهة الشارع ومن جهة من يطبه تلف العضو أو النفس أو ذهاب صفة فهذا لا ضمان عليه اتفاقا فإنها سراية مأذون فيه وهذا كما إذا ختن الصبي في وقت وسنه قابل للختان وأعطى الصنعة حقها فتلف العضو أو الصبي لم يضمن وكذلك إذا بط من عاقل أو غيره ما ينبغي بطه في وقته على الوجه الذي ينبغي فتلف به لم يضمن وهكذا سراية كل مأذون فيه لم يتعد الفاعل في سببها كسراية الحد بالاتفاق وسراية القصاص عند الجمهور خلافا لأبي حنيفة رحمه الله في إيجابه للضمان بها وسراية التعزير وضرب الرجل امرأته والمعلم الصبي والمستأجر الدابة خلافا لأبي حنيفة والشافعي رحمهما الله في إيجابهما الضمان في ذلك واستثنى الشافعي رحمه الله ضرب الدابة وقاعدة الباب إجماعا ونزاعا أن سراية الجناية مضمونة بالاتفاق وسراية الواجب مهدورة بالاتفاق وما بينهما ففيه النزاع فأبو حنيف رحمه الله أوجب ضمانه مطلقا وأحمد ومالك رحمهما الله أهدرا ضمانه وفرق الشافعي رحمه الله بين المقدر فأهدر ضمانه وبين غير المقدر فأوجب ضمانه فأبو حنيفة رحمه الله نظر إلى أن الإذن في الفعل إنما وقع مشروطا بالسلامة وأحمد ومالك رحمهما الله نظرا إلى أن الإذن أسقط الضمان والشافعي رحمه الله نظر إلى أن المقدر لا يمكن النقصان منه فهو بمنزلة النص وأما غير المقدر كالتعزيرات والتأديبات فاجتهادية فإذا تلف بهما ضمن لأنه في مظنة العدوان فصل القسم الثاني متطبب جاهل باشرت يده من يطبه فتلف به فهذا إن علم المجني عليه أنه جاهل لاعلم له وأذن له في طبه لم يضمن ولا يخالف هذه الصورة ظاهر الحديث فإن السياق وقوة الكلام يدل على أنه غر العليل وأوهمه أنه طبيب وليس كذلك
    وإن ظن المريض أنه طبيب وأذن له في طبه لأجل معرفته ضمن الطبيب ما جنت يده وكذلك إن وصف له دواء يستعمله والليل يظن أنه وصفه لمعرفته وحذقه فتلف به ضمنه والحديث ظاهر فيه أو صريح فصل القسم الثالث طبيب حاذق أذن له وأعطى الصنعة حقها لكنه أخطأت يده وتعدت إلى عضو صحيح فأتلفه مثل أن سبقت يد الخائن إلى الكمرة فهذا يضمن لأنها جناية خطأ ثم إن كانت الثلث فما زاد فهو على عاقلته فإن لم يكن عاقلة فهل تكون الدية في ماله أو في بيت المال على قولين هما روايتان عن أحمد وقيل إن كان الطبيب ذميا ففي ماله وإن كان مسلما ففيه الروايتان فإن لم يكن بيت المال أو تعذر تحميله فهل تسقط الدية أو تجب في مال الجاني فيه وجهان أشهرهما سقوطها فصل القسم الرابع الطبيب الحاذق الماهر بصناعته اجتهد فوصف للمريض دواء فأخطأ في اجتهاده فقتله فهذا يخرج على روايتين إحداهما أن دية المريض في بيت المال والثانية أنها على عاقلة الطبيب وقد نص عليهما الإمام أحمد في خطأالإمام والحاكم فصل القسم الخامس طبيب حاذق أعطى الصنعة حقها فقطع سلعة من رجل أو صبي أو مجنون بغير إذنه أو إذن وليه أو ختن صبيا بغير إذن وليه فتلف فقال بعض أصحابنا يضمن لأنه تولد من فعل غير مأذون فيه وإن أذن له البالغ أو ولي الصبي والمجنون لم يضمن ويحتمل أن لا يضمن مطلقا لأنه محسن وما على المحسنين من سبيل وأيضا فإنه إن كان متعديا فلا أثر لإذن الولي في أسقاط الضمان وإن لم يكن متعديا فلا وجه لضمانه.
    [/frame]





    رد مع اقتباس  

  5. #35  
    ـآلــثــُـرٍيــّــآ غير متواجد حالياً : حروفـ صامتهـ :
    المشاركات
    4,034
    [frame="7 80"]


    فإن قلت هو متعد عند عدم الإذن غير متعد عند الإذن قلت العدوان وعدمه إنما يرجع إلى فعله هو فلا أثر للإذن وعدمه فيه وهذا موضع نظر فصل والطبيب في هذا الحديث يتناول من يطبه بوصفه وقوله وهو الذي يخص باسم الطبائعي وبمروده وهو الكحال وبمبضعه ومراهمه وهو الجرائحي وبموساه وهو الخاتن وبريشته وهو الفاصد وبمحاجمه ومشرطه وهو الحجام وبخلعه ووصله ورباطه وهو المجبر وبمكواته وناره وهو الكواء وبقربته وهو الحاقن وسواء كان طبه لحيوان بهيم أو إنسان فاسم الطبيب يطلق لغة على هؤلاء كلهم كما تقدم وتخصيص الناس له ببعض أنواع الأطباء عرف حادث كتخصيص لفظ الدابة بما يخصها به كل قوم فصل والطبيب الحاذق هو الذي يراعى في علاجه عشرين امرا أحدها النظر في نوع المرض من أي الأمراض هو الثاني النظر في سببه من أي شيء حدث والعلة الفاعلة التي كانت سبب حدوثه ما هي الثالث قوة المريض وهل هي مقاومة للمرض أو أضعف منه فإن كانت مقاومة للمرض مستظهرة عليه تركها والمرض ولم يحرك بالدواء ساكنا الرابع مزاج البدن الطبيعي ما هو الخامس المزاج الحادث على غير المجرى الطبيعي السادس سن المريض السابع عادته الثامن الوقت الحاضر من فصول السنة وما يليق به التاسع بلد المريض وتربته العاشر حال الهواء في وقت المرض الحادي عشر النظر في الدواء المضاد لتلك العلة الثاني عشر النظر في قوة الدواء ودرجته والموازنة بينها وبين وقوة المريض
    الثالث عشر أن لا يكون كل قصده إزالة تلك العلة فقط بل إزالتها على وجه يأمن معه حدوث أصعب منها فمتى كان إزالتها لا يؤمن معها حدوث علة أخرى أصعب منها ابقاها على حالها وتلطيفها هو الواجب وهذا كمرض أفواه العروق فإنه متى عولج بقطعه وحبسه خيف حدوث ما هو أصعب منه الرابع عشر أن يعالج بالأسهل فالأسهل فلا ينتقل من العلاج بالغذاء إلى الدواء إلا عند تعذره ولا ينتقل إلى الدواء المركب إلا عند تعذر الدواء البسيط فمن سعادة الطبيب علاجه بالأغذية بدل الأدوية وبالأدوية البسيطة بدل المركبة الخامس عشر أن ينظر في العلة هل هي مما يمكن علاجها أولا فإن لم يمكن علاجها حفظ صناعته وحرمته ولا يحمله الطمع على علاج لا يفيد شيئا وإن أمكن علاجها نظر هل يمكن زوالها أم لا فإن علم أنه لا يمكن زوالها نظر هل يمكن تخفيفها وتقليلها أم لا فإن لم يمكن تقليلها ورأي أن غاية الإمكان إيقافها وقطع زيادتها قصد بالعلاج ذلك وأعان القوة وأضعف المادة السادس عشر أن لا يتعرض للخلط قبل نضجه باستفراغ بل يقصد إنضاجه فإذا تم نضجه بادر إلى استفراغه السابع عشر أن يكون له خبرة باعتلال القلوب والأرواح وأدويتها وذلك أصل عظيم في علاج الأبدان فإن انفعال البدن وطبيعته عن النفس والقلب أمر مشهود والطبيب إذا كان عارفا بأمراض القلب والروح وعلاجهما كان هو الطبيب الكامل والذي لا خبرة له بذلك وإن كان حاذقا في علاج الطبيعة وأحوال البدن نصف طبيب وكل طبيب لا يداوي العليل بتفقد قلبه وصلاحه وتقوية أرواحه وقواه بالصدقة وفعل الخير والإحسان والإقبال على الله والدار الآخرة فليس بطبيب بل متطبب
    قاصر ومن أعظم علاجات المرض فعل الخير والإحسان والذكر والدعاء والتضرع والابتهال إلى الله والتوبة ولهذه الأمور تأثير في دفع العلل وحصول الشفاء أعظم من الأدوية الطبيعية ولكن بحسب استعداد النفس وقبولها وعقيدتها في ذلك ونفعه الثامن عشر التلطف بالمريض والرفق به كالتلطف بالصبي التاسع عشر أن يستعمل أنواع العلاجات الطبيعية والإلهية والعلاج بالتخييل فإن لحذاق الأطباء في التخييل أمورا عجيبة لا يصل إليها الدواء فالطبيب الحاذق يستعين على المرض بكل معين العشرون وهو ملاك أمر الطبيب أن يجعل علاجه وتدبيره دائرا على ستة أركان حفظ الصحة الموجودة ورد الصحة المفقودة بحسب الإمكان وإزالة العلة أو تقليلها بحسب الإمكان واحتمال أدنى المفسدتين لإزالة أعظمهما وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعظمهما فعلى هذه الأصول الستة مدار العلاج وكل طبيب لا تكون هذه أخيته التي يرجع إليها فليس بطبيب والله أعلم فصل ولما كان للمرض أربعة أحوال ابتداء وصعود وانتهاء وانحطاط تعين على الطبيب مراعاة كل حال من أحوال المرض بما يناسبها ويليق بها ويستعمل في كل حال ما يجب استعماله فيها فإذا رأى في ابتداء المرض أن الطبيعة محتاجة إلى ما يحرك الفضلات ويستفرغها لنضجها بادر إليه فإن فاته تحريك الطبيعة في ابتداء المرض لعائق منع من ذلك أو لضعف القوة وعدم احتمالها للاستفراغ أو لبرودة الفصل أو لتفريط وقع فينبغي أن يحذر كل الحذر أن يفعل ذلك في صعود المرض لأنه إن فعله تحيرت الطبيعة لاشتغالها بالدواء وتخلت عن تدبير المرض ومقاومته بالكلية ومثاله أن يجيء إلى فارس مشغول بمواقعة عدوه فيشغله عنه بأمر آخر ولكن الواجب في هذه الحال أن يعين الطبيعة على حفظ القوة ما أمكنه فإذا انتهى المرض ووقف وسكن أخذ في استفراغه واستئصال أسبابه فإذا أخذ في الانحطاط كان أولى بذلك ومثال هذا مثال العدو إذا انتهت قوته وفرغ سلاحه كان أخذه سهلا فإذا ولي وأخذ في الهرب كان أسهل أخذا وحدته وشوكته إنما هي في ابتدائه وحال استفراغه وسعة قوته فهكذا الداء والدواء سواء فصل ومن حذق الطبيب أنه حيث أمكن التدبير بالأسهل فلا يعدل إلى الأصعب ويتدرج من الأضعف إلى الأقوى إلا أن يخاف فوت القوة حينئذ فيجب أن يبتدىء بالأقوى ولا يقيم في المعالجة على حال واحدة فتألفها الطبيعة ويقل انفعالها عنه ولا تجسر على الأدوية القوية في الفصول القوية وقد تقدم أنه إذا أمكنه العلاج بالغذاء فلا يعالج بالدواء وإذا أشكل عليه المرض أحار هو أم بارد فلا يقدم حتى يتبين له ولا يجربه بما يخاف عاقبته ولا بأس بتجربته بما لا يضر أثره وإذا اجتمعت أمراض بدأ بما تخصه واحدة من ثلاث خصال أحدها أن يكون برء الآخر موقوفا على برئه كالورم والقرحة فإنه يبدأ بالورم الثاني أن يكون أحدهما سببا للآخرى كالسدة والحمى العفنة فإنه يبدأ بإزالة السبب الثالث أن يكون أحدهما أهم من الاخر كالحاد والمزمن فيبدأ بالحاد ومع هذا فلا يغفل عن الآخر وأذا اجتمع المرض والعرض بدأ بالمرض إلا أن يكون العرض أقوى كالقولنج فيسكن الوجع أولا ثم يعالج السدة وإذا أمكنه أن يعتاض عن المعالجة بالاستفراغ بالجوع أو الصوم أو النوم لم يستفرغه كل صحة أراد حفظها حفظها بالمثل أو الشبه وإن أراد نقلها إلى ما هو أفضل منها نقلها بالضد.


    [/frame]





    رد مع اقتباس  

  6. #36  
    ـآلــثــُـرٍيــّــآ غير متواجد حالياً : حروفـ صامتهـ :
    المشاركات
    4,034
    [frame="7 80"]


    [glint]فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في التحرز من الدواء المعدية بطبعها

    وإرشاده الأصحاء إلى مجانبة أهلها [/glint]


    ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله أنه كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فارسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم ارجع فقد بايعناك وروى البخاري في صحيحه تعليقا من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فر من المجذوم كما تفر من الأسد وفي سنن ابن ماجه من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تديموا النظر إلى المجذومين وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يوردن ممرض على مصح ويذكر عنه عنه صلى الله عليه وسلم كلم المجذوم وبينك وبينه قيد رمح أو رمحين الجذام علة رديئة تحدث من انتشار المرةالسوداء في البدن كله فيفسد مزاج الاعضاء وهيئتها وشكلها وربما فسد في آخره اوصالها حتى تتأكل الأعضاء وتسقط ويسمى داء الأسد وفي هذه التسمية ثلاثة أقوال للأطباء أحدها أنها لكثرة ما يعتري
    الأسد والثاني لأن هذه العلة تجهم وجه صاحبها وتجعله في سحنة الأسد والثالث أنه يفترس من يقر به أو يدنو منه بدائه افتراس الأسد وهذه العلة عند الأطباء من العلل المعدية المتوارثة مقارب المجذوم وصاحب السل يسقم برائحته فالنبي صلى الله عليه وسلم لكمال شفقته على الأمة ونصحه لهم نهاهم عن الأسباب التي تعرضهم لوصول العيب والفساد إلى أجسامهم وقلوبهم ولا ريب أنه قد يكون في البدن تهيؤ واستعداد كامن لقبول هذا الداء وقد تكون الطبيعة سريعة الإنفعال قالبة للاكتساب من أبدان من تجاوره وتخالطه فإنها نقالة وقد يكون خوفها من ذلك ووهمها من أكثر أسباب إصابة تلك العلة لها فإن الوهم فعال مستول على القوى والطبائع وقد تصل رائحة العليل إلى الصحيح فتسقمه وهذا معاين في بعض الأمراض والرائحة أحد أسباب العدوى ومع هذا كله فلا بد من وجود استعداد البدن وقبوله لذلك الداء وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فلما أراد الدخول بها وجد بكشحها بياضا فقال ألحقي بأهلك وقد ظن طائفة من الناس أن هذه الأحاديث معارضة بأحاديث أخر تبطلها وتناقضها فمنها ما رواه الترمذي من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد رجل مجذوم فأدخلها معه في القصعة وقال كل باسم الله ثقة بالله وتوكلا عليه ورواه ابن ماجه من حديث جابر بن عبد الله وبما ثبت في الصحيح
    عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا عدوى ولا طيرة ونحن نقول لا تعارض بحمد الله بين أحاديثه الصحيحة فإذا وقع التعارض فإما أن يكون أحد الحديثين ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم وقد غلط فيه بعض الرواة مع كونه ثقة ثبتا فالثقه يغلط أو يكون أحد الحديثين ناسخا للآخر فإذا كان مما يقبل النسخ أو التعارض في فهم السامع لا في نفس كلامه صلى الله عليه وسلم فلا بد من وجه من هذه الوجوه الثلاثة وأما حديثان صحيحان صريحان متناقضان من كل وجه ليس أحدهما ناسخا للآخر فهذا لا يوجد أصلا ومعاذ الله أن يوجد في كلام الصادق المصدوق الذي لا يخرج من بين شفتيه إلا الحق والأفة من التقصير في معرفة المنقول والتمييز بين صحيحه ومعلوله أو من القصور في فهم مراده صلى الله عليه وسلم وحمل كلامه على غير ماعناه به أو منهما معا ومن ههنا وقع من الاختلاف والفساد ما وقع وبالله التوفيق قال ابن قتيبة في كتاب اختلاف الحديث له حكاية عن أعداء الحديث وأهله قالوا حديثان متناقضان رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا عدوى ولا طيرة وقيل له إن النقبة تقع بمشفر البعير فيجرب لذلك الإبل قال فما أعدى الأول ثم رويتم لا يرود ذو عاهة على مصح وفر من المجذوم فرارك من الأسد وأتاه رجل مجذوم ليبايعه على الإسلام فارسل إليه البيعة وأمره بالانصراف ولم يأذن له وقال الشؤم في المرأة والدر والدابة قالوا وهذا كله مختلف لا يشبه بعضه بعضا قال أبو محمد ونحن نقول إنه ليس في هذا اختلاف ولكل معنى منها وقت وموضع فإذا وضع موضعه زال الاختلاف والعدوى جنسان أحدهما عدوى
    الجذام فإن المجذوم يشتد رائحته حتى يسقم من أطال مجالسته ومحادثته وكذلك المرأة تكون تحت المجذوم فتضاجعه في شعار واحد فيوصل إليها الأذى وربما جذمت وكذلك ولده ينزعون في الكبر إليه وكذلك من كان به سل ودق ونقب والأطباء تأمر أن لا يجالس المسلول ولا المجذوم ولا يريدون بذلك معنى العدوى وإنما يريدون به به معنى تغير الرائحة وأنها قد تسقم من أطال اشتمامها والأطباء أبعد الناس عن الإيمان بيمن وشؤم وكذلك النقبة تكون بالبعير وهو جرب رطب فإذا خالط الإبل أو حاكها وأوى في مباركها وصل إليها بالماء الذي يسيل منه وبالنطف نحو ما به فهذا هو المعنىالذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لا يورد ذو عاهة على مصح كره أن يخالط المعيوه الصحيح لئلا يناله من نطفه وحكته نحو ما به قال وأما الجنس الآخر من العدوى فهو الطاعون ينزل ببلد فيخرج منه خوف العدوى وقد قال صلى الله عليه وسلم إذا وقع ببلد وأنتم به فلا تخرجوا منه وإذا كان ببلد فلا تدخلوه يريد بقوله لا تخرجوا من البلد إذا كان فيه كأنكم تظنون أن الفرار من قدر الله ينجيكم من الله ويريد بقوله و إذا كان ببلد فلا تدخلوه أن مقامكم في الموضع الذي لا طاعون فيه اسكن لقلوبكم وأطيب لعيشكم ومن ذلك المرأة تعرف بالشؤم أو الدار فينال الرجل مكروه أو جائحة فيقول أعدتني بشؤمها فهذا هو العدوى الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى وقالت فرقة أخرى بل الأمر باجتناب المجذوم والفرار منه على الاستحباب والاختيار والإرشاد وأما الأكل معه ففعله لبيان الجواز وأن هذا ليس بحرام وقالت فرقة أخرى بل الخطاب بهذين الخطابين جزئي لا كلى فكل واحد خاطبه النبي صلى الله عليه وسلم بما يليق بحاله فبعض الناس يكون قوي الإيمان قوي التوكل يدفع قوة توكله قوة العدوى كما تدفع قوة الطبيعة قوة العلة فتبطلها وبعض الناس لا يقوي على ذلك فخاطبه بالاحتياط والأخذ بالتحفظ وكذلك هو صلى الله عليه وسلم فعل الحالتين معا لتقدى به الأمة فيهما فيأخذ من قوي من أمته بطريقة التوكل والثقه بالله ويأخذ من ضعف منهم بطريقة التحفظ والاحتياط وهما طريقان صحيحان أحدهما للمؤمن القوي والاخر للمؤمن الضعيف فتكون لكل واحد من الطائفتين حجة وقدوة بحسب حالهم وما يناسبهم وهذا كما أنه صلى الله عليه وسلم كوى وأثنى على تارك الكي وقرن تركه بالتوكل وترك الطيرة ولهذا نظائر كثيرة وهذه طريقة لطيفة حسنة جدا من أعطاها حقها ورزق فقه نفس فيها أزالت عنه تعارضا كثيرا يظنه بالسنة الصحيحة وذهبت فرقة أخرى إلى أن الأمر بالفرار منه ومجانبته لأمر طبيعي وهو انتقال الداء منه بواسطة الملامسة والمخالطة والرائحة إلى الصحيح وهذا يكون مع تكرير المخالطة والملامسة له وأما أكله معه مقدار يسيرا من الزمان لمصلحة راجحة فلا بأس به ولا تحصل العدوى من مرة واحدة ولحظة واحدة فنهى سدا للذريعة وحماية للصحة وخالطه مخالطة ما للحاجة والمصلحة فلا تعارض بين الأمرين وقالت طائفة أخرى يجوز أن يكون هذا المجذوم الذي أكل معه به من الجذام أمر يسير لا يعدى مثله وليس الجذمى كلهم سواء ولا العدوى حاصلة من جميعهم بل منهم من لا تضر مخالطته ولا تعدى وهو من أصابه من ذلك شيء يسير ثم وقف واستمر على حاله ولم يعد بقية جسمه فهو أن لا يعدى غيره أولى وأحرى وقالت فرقة أخرى إن الجاهلية كانت تعتقد أن الأمراض المعدية تعدى بطبعها من غير إضافة إلى الله سبحانه فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم اعتقادهم ذلك واكل مع المجذوم
    ليبين لهم أن الله سبحانه هو الذي يمرض ويشفى ونهى عن القرب منه ليتبين لهم أن هذه من الأسباب التي جعلها الله مفضية إلى مسبباتها ففي نهيه إثبات الأسباب وفي فعله بيان أنها لا تستقل بشيء بل الرب سبحانه إن شاء سلبها قواها فلا تؤثر شيئا وإن شاء أبقى عليها قواها فأثرت وقالت فرقة أخرى بل هذه الأحاديث فيها الناسخ والمنسوخ فينظر في تاريخها فإن علم المتأخر منها حكم بأنه الناسخ وإلا توقفنا فيها وقالت فرقة أخرى بل بعضها محفوظ وبعضها غير محفوظ وتكلمت في حديث لا عدوى وقالت قد كان أبو هريرة يرويه اولا ثم شك فيه فتركه وراجعوه فيه وقالوا له سمعناك تحدث فأبى أن يحدث به قال أبو سلمة فلا أدري أنسى أبو هريرة أم نسخ أحد الحديثين الاخر وأما حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم فأدخلها معه في القصعة فحديث لا يثبت ولا يصح وغاية ما قال فيه الترمذي غريب لم يصححه ولم يحسنه وقد قال شعبة وغيره اتقوا هذه الغرائب قال الترمذى ويروى هذا من فعل عمر وهو أثبت فهذا شأن هذين الحديثين اللذين عورض بهما أحاديث النهي أحدهما رجع أبو هريرة عن التحديث به وأنكره والثاني لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم وقد أشبعنا الكلام في هذه المسألة في كتاب المفتاح بأطول من هذا .

    وبالله التوفيق


    [/frame]





    رد مع اقتباس  

  7. #37  
    ضي الأمل غير متواجد حالياً T৵હ.¸ اللهم إغفر لها وتغمدها برحمتك "¸.હ৵
    المشاركات
    16,625
    يا سلاااام عليكي يا اختي الغالية والله موضوع يحتاج مسمااااااااااااااار
    يثبته
    الله يحفظك يارب





    رد مع اقتباس  

صفحة 4 من 4 الأولىالأولى ... 234

المواضيع المتشابهه

  1. الطب النبوي 2
    بواسطة بوغالب في المنتدى الطب البديل - العلاج و التداوي بالاعشاب
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 24-Jul-2010, 12:38 AM
  2. الطب النبوي
    بواسطة بوغالب في المنتدى الطب البديل - العلاج و التداوي بالاعشاب
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 24-Jul-2010, 12:37 AM
  3. موسوعة الحديث النبوي الشريف - قنبلة الاصدارات
    بواسطة المهاجر في سبيل في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 25-Oct-2008, 12:17 AM
  4. موسوعة الطب النبوي !
    بواسطة طبيب اسنان في المنتدى الطب البديل - العلاج و التداوي بالاعشاب
    مشاركات: 68
    آخر مشاركة: 02-Oct-2008, 05:51 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

عرض سحابة الكلمة الدلالية

المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •