الملاحظات
صفحة 5 من 16 الأولىالأولى ... 3456715 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 50 من 153

الموضوع: موسوعة الصحابة (رضوان الله عليهم)

  1. #41  
    حرف الجيم ( ج )

    جعفر بن أبي طالب
    أبي المساكين000ذي الجناحين



    " لا أدري بأيهما أنا أسر بفتح خيبر000 أم قدوم جعفر000 "
    حديث شريف



    من هو؟

    جعفر بن أبي طالب ، أبو عبد الله ، ابن عم رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- ، أخو
    علي بن أبي طالب ، وأكبر منه بعشر سنين ، أسلم قبل دخول النبـي -صلى الله عليه
    وسلم- دار الأرقم ، آخذا مكانه العالي بين المؤمنين المبكرين بعد واحد وثلاثين انساناً
    وأسلمـت معه في نفس اليوم زوجته أسماء بنت عميـس ، وحملا نصيبهما من الأذى
    والاضطهاد في شجاعة وغبطة000فلما أذن الرسـول -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين
    بالهجرة الى الحبشـة خرج جعفر وزوجـه حيث لبثا بها سنين عدة ، رزقـا خلالها
    بأولادهما الثلاثة000


    جعفر في الحبشة

    ولما رأت قريش أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أمنوا واطمأنوا بأرض الحبشة ، قرروا أن يبعثوا عبدالله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص محملين بالهدايا للنجاشي وبطارقته عله يخرج المسلمين من دياره000وحط الرسولان رحالهما بالحبشة ، ودفعوا لكل بطريق بهديته وقالوا له ما يريدون من كيد بالمسلمين ، ثم قدما الى النجاشي هداياه وطلبا الأذن برؤياه000وقالا له ( أيها الملك ، انه قد ضوى الى بلدك منا غلمان سفهاء ، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك ، وجاؤوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا اليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشيرتهم لتردهم اليهم ، فهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه )000 فأرسل النجاشي صاحب الايمان العميق والسيرة العادلة الى المسلمين وسألهم ( ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا به في ديني ولا في دين أحد من الملل ؟)000

    فكان الذي اختاره المسلمين للكلام جعفر -رضي الله عنه- فقال ( أيها الملك ، كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله الينا رسولا منا ، نعرف نسبه وصدقه ، وأمانته وعفافه ، فدعانا الى الله لنوحده ونعبده ، 00000 ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، 000000 ، فعبدنا الله وحده ، فلم نشرك به شيئا ، وحرمنا ما حرم علينا ، وأحللنا ما أحل لنا ، فعدا علينا قومنا ، فعذبونا وفتنونا عن ديننا ، ليردونا الى عبادة الأوثان ، 00000000 ، فخرجنا الى بلادك ، واخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك )000 فقال النجاشي ( هل معك مما جاء به الله من شيء )000فقال له جعفر ( نعم )000وقرأ عليه من صدر سورة مريم ، فبكى النجاشي وبكت أساقفته ، ثم قال النجاشي ( ان هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة ! انطلقا 0 فلا والله لا أسلمهم اليكما ، ولا يكادون )000

    وفي اليوم التالي كاد مبعوثي قريش للمسلمين مكيدة أخرى ، اذ قال عمرو للنجاشي ( أيها الملك انهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما ، فأرسل اليهم فسلهم عما يقولون )000فأرسل الى المسلمين يسألهم فلما أتوا اليه ، أجاب جعفر -رضي الله عنه- ( نقول فيه الذي جاءنا به نبينا -صلى الله عليه وسلم- فهو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها الى مريم العذراء البتول )000فهتف النجاشي مصدقا ومعلنا أن هذا قول الحق ومنح المسلمين الأمان الكامل في بلده ، ورد على الكافرين هداياهم 000


    العودة من الحبشة

    قدم جعفر بن أبي طالب وأصحابه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح خيبر ، حملهم النجاشي في سفينتين ، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين عينيه والتزمه وقال ( ما أدري بأيهما أنا أسر بفتح خيبر ، أم بقدوم جعفر !)000وامتلأت نفس جعفر روعة بما سمع من أنباء اخوانه المسلمين الذين خاضوا مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- غزوة بدر وأحد وغيرهما000


    أبو المساكين

    قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لجعفر ( أشبهتَ خلقي وخُلُقي )000وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُسميه ( أبا المساكين ) ، يقول أبو هريرة ( إن كنتُ لألصق بطني بالحصباء من الجوع ، وإن كنت لاستقرىء الرجل الآية وهي معي كي ينقلب بي فيُطعمني ، وكان أخيرُ الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب ، كان ينقلب بنا فيُطعمنا ما كان في بيته حتى إن كان ليُخرج إلينا العكّة التي ليس فيها شيء فنشقها فنلعَقُ ما فيها )000


    الشهادة

    وفي غزوة مؤتة في جمادي الأول سنة ثمان كان لجعفر -رضي الله عنه- موعدا مع الشهادة ، فقد استشهد زيد بن حارثة -رضي الله عنه- وأخذ جعفر الراية بيمينه وقاتل بها حتى اذا ألحمه القتال رمى بنفسه عن فرسه وعقرها ثم قاتل الروم حتى قتل وهو يقول 000
    يا حبذا الجنة واقترابها 00000 طيبة وباردا شرابها
    والروم روم قد دنا عذابها 0000 كافرة بعيدة أنسابها
    علي اذ لاقيتها ضرابها
    أن جعفر -رضي الله عنه- أخذ الراية بيمينه فقطعت ، فأخذها بشماله فقطعت ، فاحتضنها بعضديه حتى قتل ، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء000


    الحزن على جعفر

    تقول السيدة عائشة ( لمّا أتى وفاة جعفر عرفنا في وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحزن )000فعندما أتاه نعي جعفر دخل الرسول الكريم على امرأته أسماء بنت عُميس وقال لها ( ائتني ببني جعفر )000فأتت بهم فشمّهم ودمعت عيناه فقالت ( يا رسول الله بأبي وأمي ما يبكيك ؟ أبلغك عن جعفر وأصحابـه شيء ؟)000فقال ( نعم أصيبـوا هذا اليوم )000فقامت تصيحُ ، ودخلت فاطمـة وهي تبكي وتقول ( وَاعمّاه !!)000فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( على مثل جعفر فلتبكِ البواكي )000ورجع الرسول إلى أهله فقال ( لا تغفلوا آلَ جعفر ، فإنّهم قد شُغِلوا )000

    وقد دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- من ذلك همٌّ شديد حتى أتاه جبريل عليه السلام فأخبره أن الله تعالى قد جعل لجعفر جَناحَين مضرّجَيْنِ بالدم ، يطير بهما مع الملائكة000


    فضله

    قال أبو هريرة ( ما احتذى النِّعَال ولا ركب المطَايا بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل من جعفر)000كما قال عبد الله بن جعفر ( كنت إذا سألت علياً شيئاً فمنعني وقلت له بحقِّ جعفر ؟! إلا أعطاني )000وكان عمر بن الخطاب إذا رأى عبد الله بن جعفر قال ( السلام عليك يا ابن ذي الجناحين )000





    رد مع اقتباس  

  2. #42  
    حرف الحاء ( ح )

    حبيب بن زيد
    رضي الله عنه



    وراح يقطع جسده قطعة قطعة ، وبضعة بضعة
    وعضوا عضوا000والبطل العظيم لا يزيد على
    لا اله الا الله ، محمد رسول الله000


    من هو؟

    كان حبيب بن زيد وأبوه زيد بن عاصم -رضي الله عنهما- من السبعين المباركين
    في بيعة العقبـة الثانيـة ، وكانت أمه نسيبة بنت كعب أولى السيدتين اللتين بايعتا
    الرسول -صلى الله عليه وسلم- أما السيدة الثانية فهي خالته ، ولقد عاش الى جوار
    رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته الى المدينة لا يتخلف عن غزوة ولا
    يقعد عن واجب000


    كتاب مسيلمة للرسول ورد الرسول عليه

    في آخر السنة العاشرة000بعث مسيلمة بن ثمامة الى رسول الله- كتابا جاء فيه ( من مسيلمة رسول الله الى محمد رسول الله ، سلام عليك ، أما بعد فاني قد أشركت في الأمر معك ، وان لنا نصف الأرض ، ولقريش نصف الأرض ، ولكن قريشا قوم يعتدون )000
    فرد عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بكتاب جاء فيه ( بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله الى مسيلمة الكذاب ، السلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين )000


    مبعوث الرسول لمسيلمة

    ومضى الكذاب ينشر افكه وبهتانه ، وازداد أذاه للمسلمين ، فرأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يبعث له رسالة ينهاه فيها عن حماقاته ، ووقع الاختيار على حبيب بن زيد ليحمل الرسالة 000وفض مسيلمة كتاب رسول الله له فازداد ضلالا وغرورا ، فجمع مسيلمة قومه ليشاهدوا يوما من الأيام المشهودة000وجيء بمبعوث رسول الله وأثار التعذيب واضحة عليه 000
    فقال مسيلمة لحبيب ( أتشهد أن محمدا رسول الله ؟)000وقال حبيب ( نعم ، أشهد أن محمدا رسول الله )000
    وكست صفرة الخزي وجه مسيلمة ، وعاد يسأل ( وتشهد أني رسول الله ؟)000وأجاب حبيب في سخرية ( اني لا أسمع شيئا !!)000
    وتلقى الكذاب لطمة قوية أمام من جمعهم ليشهدوا معجزته ، ونادى جلاده الذي أقبل ينخس جسد حبيب بسن السيف ، ثم راح يقطع جسده قطعة قطعة ، وبضعة بضعة وعضوا عضوا000والبطل العظيم لا يزيد على همهمة يردد بها نشيد اسلامه ( لا اله الا الله ، محمد رسول الله )000


    الثأر للشهيد

    وبلغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- نبأ استشهاد حبيب بن زيد ، واصطبر لحكم ربه ، فهو يرى بنور الله مصير هذا الكذاب ، أما أمه نسيبة بنت كعب فأقسمت على أن تثأرن لولدها من مسيلمة000ودارت الأيام وجاءت معركة اليمامة ، وخرجت نسيبة مع الجيش المقاتل ، وألقت بنفسها في خضم المعركة ، في يمناها سيف ، وفي يسراها رمح ، ولسانها يصيح ( أين عدو الله مسيلمة ؟)000ولما قتل مسيلمة وأتباعه ، رأت نسيبة وجه ولدها الشهيد ضاحكا في كل راية نصر رفعت000





    رد مع اقتباس  

  3. #43  
    حذيفة بن اليمان
    رضي الله عنه



    كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن "
    " الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني
    حذيفة بن اليمان


    من هو؟

    حذيفة بن اليَمان بن جابر العبسي وكنيته أبا عبد الله وكان صاحب سر رسول الله -صلى
    الله عليه وسلم- ، جاء حذيفة هو وأخـوه ووالدهمـا الى رسـول الله واعتنقوا الإسلام
    ولقد نما -رضي الله عنه- في ظل هذا الديـن ، وكانت له موهبـة في قراءة الوجوه و
    السرائر ، فعاش مفتوح البصر والبصيرة على مآتي الفتن ومسالك الشرور ليتقيها ، فقد
    جاء الى الرسول يسأله ( يا رسول الله ان لي لسانا ذربا على أهلي وأخشى أن يدخلني
    النار )000فقال له النبي ( فأين أنت من الاستغفار 000اني لأستغفر الله في اليوم
    مائة مرة )000هذا هو حذيفة -رضي الله عنه-000


    يوم أحد

    لقد كان في ايمانه -رضي الله عنه- وولائه قويا ، فها هو يرى والده يقتل خطأ يوم أحد بأيدي مسلمة ، فقد رأى السيوف تنوشه فصاح بضاربيه ( أبي ، أبي ، انه أبي !!)000ولكن أمر الله قد نفذ ، وحين علم المسلمون تولاهم الحزن والوجوم ، لكنه نظر اليهم اشفاقا وقال ( يغفر الله لكم ، وهو أرحم الراحمين )000ثم انطلق بسيفه يؤدي واجبه في المعركة الدائرة000وبعد انتهاء المعركة علم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بذلك ، فأمر بالدية عن والد حذيفة ( حسيل بن جابر ) ولكن تصدق بها حذيفة على المسلمين ، فزداد الرسول له حبا وتقديرا 000


    غزوة الخندق

    عندما دب الفشل في صفوف المشركين وحلفائهم واختلف أمرهم وفرق الله جماعتهم ، دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- حذيفة بن اليمان ، وكان الطقس باردا والقوم يعانون من الخوف والجوع ، وقال له ( يا حذيفة ، اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يصنعون ، ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا !)000فذهب ودخل في القوم ، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل لاتقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء ، فقام أبوسفيان فقال ( يا معشر قريش ، لينظر امرؤ من جليسه ؟)000قال حذيفة ( فأخذت بيد الرجل الذي كان الى جنبي فقلت من أنت ؟00قال فلان بن فلان )000فأمن نفسه في المعسكر ، ثم قال أبو سفيان ( يا معشر قريش ، انكم والله ما أصبحتم بدار مقام ، لقد هلك الكراع والخف ، وأخلفتنا بنوقريظة ، وبلغنا عنهم الذي نكره ، ولقينا من شدة الريح ما ترون ، ما تطمئن لنا قدر ، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فاني مرتحل)000ثم نهض فوق جمله، وبدأ المسير، يقول حذيفة ( لولا عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الي الا تحدث شيئا حتى تأتيني ، لقتلته بسهم )000وعاد حذيفة الى الرسول الكريم حاملا له البشرى000


    خوفه من الشر

    كان حذيفة -رضي الله عنه- يرى أن الخير واضح في الحياة ، ولكن الشر هو المخفي ، لذا فهو يقول (000
    كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني000

    قلت ( يا رسول الله ، انا كنا في جاهلية وشر ، فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر ؟)000قال ( نعم )000
    قلت ( فهل من بعد هذا الشر من خير ؟)000قال ( نعم ، وفيه دخن )000
    قلت ( وما دخنه ؟)000قال ( قوم يستنون بغير سنتي ، ويهتدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر )000
    قلت ( وهل بعد ذلك الخير من شر ؟)000قال ( نعم ، دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم اليها قذفوه فيها )000
    قلت ( يا رسول الله ، فما تأمرني ان أدركني ذلك ؟)000قال ( تلزم جماعة المسلمين وامامهم )000
    قلت ( فان لم يكن لهم جماعة ولا امام ؟)000قال ( تعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك )000


    المنافقون

    كان حذيفة -رضي الله عنه- يعلم أسماء المنافقين ، أعلمه بهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وسأله عمر ( أفي عمّالي أحدٌ من المنافقين ؟)000قال ( نعم ، واحد )000قال ( مَن هو ؟)000قال ( لا أذكره )000قال حذيفة ( فعزله كأنّما دُلَّ عليه )000
    وكان عمر إذا مات ميّت يسأل عن حذيفة ، فإن حضر الصلاة عليه صلى عليه عمر ، وإن لم يحضر حذيفة الصلاة عليه لم يحضر عمر000


    آخر ما سمع من الرسول

    عن حذيفة قال ( أتيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي توفاه الله فيه ، فقلت ( يا رسول الله ، كيف أصبحت بأبي أنت وأمي ؟!)000فردَّ عليّ بما شاء الله ثم قال ( يا حذيفة أدْنُ منّي )000فدنوتُ من تلقاء وجههِ ، قال ( يا حُذيفة إنّه من ختم الله به بصومِ يومٍ ، أرادَ به الله تعالى أدْخَلَهُ الله الجنة ، ومن أطعم جائعاً أراد به الله ، أدخله الله الجنة ، ومن كسا عارياً أراد به الله ، أدخله الله الجنة )000قلتُ ( يا رسول الله ، أسرّ هذا الحديث أم أعلنه )000قال ( بلْ أعلنْهُ )000فهذا آخر شيءٍ سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)000


    أهل المدائن

    خرج أهل المدائن لاستقبال الوالي الذي اختاره عمر -رضي الله عنه- لهم ، فأبصروا أمامهم رجلا يركب حماره على ظهره اكاف قديم ، وأمسك بيديه رغيفا وملحا ، وهويأكل ويمضغ ، وكاد يطير صوابهم عندما علموا أنه الوالي -حذيفة بن اليمان- المنتظر ، ففي بلاد فارس لم يعهدوا الولاة كذلك ، وحين رآهم حذيفة يحدقون به قال لهم ( اياكم ومواقف الفتن )000قالوا ( وما مواقف الفتن يا أبا عبدالله ؟)000 قال ( أبواب الأمراء ، يدخل أحدكم على الأمير أو الوالي ، فيصدقه بالكذب ، ويمتدحه بما ليس فيه )000فكانت هذه البداية أصدق تعبير عن شخصية الحاكم الجديد ، ومنهجه في الولاية


    معركة نهاوند

    في معركة نهاوند حيث احتشد الفرس في مائة ألف مقاتل وخمسين ألفا ، اختار أمير المؤمنين عمر لقيادة الجيوش المسلمة ( النعمان بن مقرن ) ثم كتب الى حذيفة أن يسير اليه على رأس جيش من الكوفة ، وأرسل عمر للمقاتلين كتابه يقول ( اذا اجتمع المسلمون ، فليكن كل أمير على جيشه ، وليكن أمير الجيوش جميعا ( النعمان بن مقرن ) ، فاذا استشهد النعمان فليأخذ الراية حذيفة ، فاذا استشهد فجرير بن عبدالله )000وهكذا استمر يختار قواد المعركة حتى سمى منهم سبعة000
    والتقى الجيشان ونشب قتال قوي ، وسقط القائد النعمان شهيدا ، وقبل أن تسقط الراية كان القائد الجديد حذيفة يرفعها عاليا وأوصى بألا يذاع نبأ استشهاد النعمان حتى تنجلي المعركة ، ودعا ( نعيم بن مقرن ) فجعله مكان أخيه ( النعمان ) تكريما له ، ثم هجم على الفرس صائحا ( الله أكبر صدق وعده ، الله أكبر نصر جنده )000ثم نادى المسلمين قائلا ( يا أتباع محمد ، هاهي ذي جنان الله تتهيأ لاستقبالكم ، فلا تطيلوا عليها الانتظار )000وانتهى القتال بهزيمة ساحقة للفرس000
    وكان فتح همدان والريّ والدينور على يده ، وشهد فتح الجزيرة ونزل نصيبين ، وتزوّج فيها000


    اختياره للكوفة

    أنزل مناخ المدائن بالعرب المسلمين أذى بليغا ، فكتب عمر لسعد بن أبي وقاص كي يغادرها فورا بعد أن يجد مكانا ملائما للمسلمين ، فوكل أمر اختيار المكان لحذيفة بن اليمان ومعه سلمان بن زياد ، فلما بلغا أرض الكوفة وكانت حصباء جرداء مرملة ، قال حذيفة لصاحبه ( هنا المنزل ان شاء الله )0 وهكذا خططت الكوفة وتحولت الى مدينة عامرة ، وشفي سقيم المسلمين وقوي ضعيفهم 000


    فضله

    قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( ما من نبي قبلي إلا قد أعطيَ سبعة نُجباء رفقاء ، وأعطيتُ أنا أربعة عشر سبعة من قريش عليّ والحسن والحسين وحمزة وجعفر ، وأبو بكر وعمر ، وسبعة من المهاجرين عبد الله ابن مسعود ، وسلمان وأبو ذر وحذيفة وعمار والمقداد وبلال )000 رضوان الله عليهم000

    قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( استخلفتَ )000فقال ( إنّي إنْ استخْلِفُ عليكم فعصيتم خليفتي عُذّبتُم ، ولكم ما حدّثكم به حُذيفة فصدِّقوه ، وما أقرأكم عبد الله بن مسعود فاقْرَؤُوه )000

    قال عمر بن الخطاب لأصحابه ( تمنّوا )000فتمنّوا ملءَ البيتِ الذي كانوا فيه مالاً وجواهر يُنفقونها في سبيل الله ، فقال عمر ( لكني أتمنى رجالاً مثل أبي عبيدة ومعاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان ، فأستعملهم في طاعة الله عزّ وجلّ )000ثم بعث بمال إلى أبي عبيدة وقال ( انظر ما يصنع )000فقسَمَهُ ، ثم بعث بمالٍ إلى حذيفة وقال ( انظر ما يصنع )000فقَسَمه ، فقال عمر ( قد قُلتُ لكم )000


    من أقواله

    لحذيفة بن اليمان أقوالاً بليغة كثيرة ، فقد كان واسع الذكاء والخبرة ، وكان يقول للمسلمين ( ليس خياركم الذين يتركون الدنيا للآخرة ، ولا الذين يتركون الآخرة للدنيا ، ولكن الذين يأخذون من هذه ومن هذه )000

    يقول حذيفة ( أنا أعلم النّاس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة ، وما بي أن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اسرَّ إليَّ شيئاً لم يحدِّث به غيري ، وكان ذكر الفتنَ في مجلس أنا فيه ، فذكر ثلاثاً لا يذَرْنّ شيئاً ، فما بقي من أهل ذلك المجلس غيري )000

    كان -رضي الله عنه- يقول ( ان الله تعالى بعث محمدا -صلى الله عليه وسلم-فدعا الناس من الضلالة الى الهدى ، ومن الكفر الى الايمان ، فاستجاب له من استجاب ، فحيى بالحق من كان ميتا ، ومات بالباطل من كان حيا ، ثم ذهبت النبوة وجاءت الخلافة على منهاجها ، ثم يكون ملكا عضوضا ، فمن الناس من ينكر بقلبه ويده ولسانه ، أولئك استجابوا للحق ، ومنهم من ينكر بقلبه ولسانه ، كافا يده ، فهذا ترك شعبة من الحق ، ومنهم من ينكر بقلبه ، كافا يده ولسانه ، فهذا ترك شعبتين من الحق ، ومنهم من لاينكر بقلبه ولا بيده ولا بلسانه ، فذلك ميت الأحياء )000

    ويتحدث عن القلوب والهدى والضلالة فيقول ( القلوب أربعة قلب أغلف ، فذلك قلب كافر000وقلب مصفح ، فذلك قلب المنافق 000وقلب أجرد ، فيه سراج يزهر ، فذلك قلب المؤمن000وقلب فيه نفاق و ايمان ، فمثل الايمان كمثل شجرة يمدها ماء طيب000ومثل المنافق كمثل القرحة يمدها قيح ودم ، فأيهما غلب غلب )000


    مقتل عثمان

    كان حذيفة -رضي الله عنه- يقول ( اللهم إنّي أبرأ إليك من دم عثمان ، والله ما شهدتُ ولا قتلتُ ولا مالأتُ على قتله )000


    وفاته

    لمّا نزل بحذيفة الموت جزع جزعاً شديداً وبكى بكاءً كثيراً ، فقيل ( ما يبكيك ؟)000فقال ( ما أبكي أسفاً على الدنيا ، بل الموت أحب إليّ ، ولكنّي لا أدري على ما أقدم على رضىً أم على سخطٍ )000
    ودخل عليه بعض أصحابه ، فسألهم ( أجئتم معكم بأكفان ؟)000قالوا ( نعم )000قال ( أرونيها )000فوجدها جديدة فارهة ، فابتسم وقال لهم ( ما هذا لي بكفن ، انما يكفيني لفافتان بيضاوان ليس معهما قميص ، فاني لن أترك في القبر الا قليلا ، حتى أبدل خيرا منهما ، أو شرا منهما )000ثم تمتم بكلمات ( مرحبا بالموت ، حبيب جاء على شوق ، لا أفلح من ندم )000وأسلم الروح الطاهرة لبارئها في أحد أيام العام الهجري السادس والثلاثين بالمدائن ، وبعد مَقْتلِ عثمان بأربعين ليلة000





    رد مع اقتباس  

  4. #44  
    حسّان بن ثابت
    شاعر الرسول



    "يا حسّان ! أجبْ عن رسول الله
    اللهم أيّده بروح القُدُس "
    حديث شريف


    من هو؟

    حسّان بن ثابت بن المنـذر الأنصاري الخزرجي النجاري المدنـي
    وكنيته أبو الوليد ، شاعر رسـول الله -صلى الله عليه وسلم-اشتهر
    بمدحه للغساسنة والمناذرة قبل الإسلام ، وثم بعد الإسلام منافحاً عنه
    وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، لم يشترك بأي غزاة أو معركة
    لعلّة أصابته فكان يخاف القتال000


    العلّة

    كان حسّان بن ثابت شجاعاً لَسِناً ، فأصابته علّةٌ أحدثتْ به الجبن ، فكان بعد ذلك لا يقدر أن ينظر إلى قتال ولا يشهده ، لذلك لم يشهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مشهداً ، ولم يعبه على ذلك لعلّته000


    الشعر

    قال أبو عبيدة ( فُضِّلَ حسّان بن ثابت على الشعراء بثلاث كان شاعر الأنصار في الجاهلية ، وشاعر النبي -صلى الله عليه وسلم- في أيام النبوة ، وشاعر اليمن كلّها في الإسلام )000وكان يُقال له أبو الحُسَام لمناضلته عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ولتقطيعه أعراض المشركين000


    في مدح الرسول

    متى يَبْدُ في الدّاجي إليهم جبينُه00000يَلُحْ مثلَ مصباح الدُجى الموقّد
    فمن كان أو مَن قد يكون كأحمد00000نظـامُ لحـقّ أو نكالٌ لملحـد


    الرسول وحسّان

    مرَّ عمر بن الخطاب على حسّان وهو ينشد في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فانتهره عمر ، فأقبل حسّان فقال ( كنتَ أنشد وفيه مَن هو خيرٌ منك )000فانطلق عمر حينئذٍ ، وقال حسان لأبي هريرة ( أنشدك الله هل سمعتَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ( يا حسّان ! أجبْ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، اللهم أيّده بروح القُدُس )000قال ( اللهم نعم )000

    كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لحسان بن ثابت ( اهجهم وهاجهم وجبريلُ معك )000وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( لا تسبّوا حسّاناً ، فإنه ينافحُ عن الله وعن رسوله )000


    يوم الأحزاب

    لمّا كان يوم الأحزاب ، وردّ الله المشركين بغيظهم لم ينالوا خيراً ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( من يحمي أعراض المسلمين ؟)000قال كعب بن مالك ( أنا )000وقال عبد اللـه بن رواحة ( أنا يا رسـول اللـه )000قال ( إنّك لحسنُ الشعر )000وقال حسان بن ثابت ( أنا يا رسول الله )000 قال ( نعم ، اهجهم أنتَ ، وسيعينُكَ عليهم رُوح القُدُس )000


    وفاة الرسول

    وبكى حسّان الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال (000
    بطَيْبـةَ رسـمٌ للرسولِ ومعهـد00000منيـرٌ وقد تعفو الرسومُ وتَهْمُـدُ
    ولا تمتحي الآياتُ من دارِ حُرْمَةٍ00000بها منبر الهادي الذي كان يَصْعَدُ
    وواضـحُ آثارٍ وبـاقي معـالمٍ00000ورَبـعٌ له فيه مُصلّىً ومسجـدُ
    بها حُجُـراتٌ كان ينزلُ وسْطَها00000من الله نـورٌ يُستضاءُ ويوقـدُ
    معارفُ لم تُطمَس على العهدِ آيُها00000أتاها البِلـى فالآيُ منها تجَـدَّدُ
    عرفتُ بها رسمَ الرسول وعهدَه00000وقبراً بها واراهُ في الترب مُلْحِدُ
    *****
    *****
    فبورِكتَ يا قبرَ الرسولِ وبوركتَْ00000بلادٌ ثوى فيها الرشيـدُ المسـدد
    وبوركَ لحـدٌ منك ضُمّـِن طيّبـاً00000عليه بنـاءٌ من صَفيـحٍ منضَّـدُ
    تهيـلُ عليه التربَ أيـدٍ وأعيـنٌ00000عليـه وقـد غارت بذلك أسعُـدُ
    لقد غيّبـوا حلماً وعِلْماً ورحمـةً00000عشيـة عَلَّوه الثـرى لا يُوسّـدُ
    وراحوا بحـزنٍ ليس فيهم نبيّهـم00000وقد وهنَتْ منهم ظهورٌ وأعضُـد
    يُبَكّونَ مـن تبكي السمواتُ يومَـه00000ومن قد بكتْه الأرضُ فالناسُ أكْمد
    وهـل عَدَلَـتْ يوماً رزيةُ هالـك00000رزيـةَ يـومٍ ماتَ فيـه محمـدُ؟
    *****
    *****
    فبكيِّ رسولَ الله يا عينُ عبرةً00000ولا أعرفنْك الدهرَ دمعُك يجمد
    ومالك لا تبكين ذا النعمة التي00000على الناس منها سابغٌ يُتَغَمّـدُ
    فجودي عليه بالدموعِ وأعولي00000لفقد الذي لا مثلُه الدهرَ يوجَـدُ
    وما فقـدَ الماضون مثلَ محمد00000ولا مثلُـه حتى القيامـة يُفْقَـدُ


    وفاة حسّان
    توفي حسّان بن ثابت -رضي الله عنه- على الأغلب في عهد معاوية سنة ( 54 هـ )000





    رد مع اقتباس  

  5. #45  
    الحسن بن علي بن أبي طالب
    سيد شباب الجنة



    "اللهـم إني أحـبُّ حسنـاً فأحبَّـه
    وأحِـبَّ مَـنْ يُحبُّـه "
    حديث شريف



    من هو؟

    الحسن بن علي بن أبي طالب ، أبو محمد ، ولدته فاطمة في المدينة
    سنة ( 3هـ ) ، وهو أكبـر أبنائها ، كان عاقلاً حليماً محباً للخير
    وكان أشبه أهل النبي بجده النبي -صلى الله عليه وسلم- 000



    كرم النسب

    قال معاوية وعنده عمرو بن العاص وجماعة من الأشراف ( من أكرم الناس أباً وأماً وجدّاً وجدّة وخالاً وخالةً وعمّاً وعمّةً )000فقام النعمان بن عجلان الزُّرَقيّ فأخذ بيد الحسن فقال ( هذا ! أبوه عليّ ، وأمّه فاطمة ، وجدّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وجدته خديجة ، وعمّه جعفر ، وعمّته أم هانىء بنت أبي طالب ، وخاله القاسم ، وخالته زينب )000فقال عمرو بن العاص ( أحبُّ بني هاشم دعاك إلى ما عملت ؟)000 قال ابن العجلان ( يا بن العاص أمَا علمتَ أنه من التمس رضا مخلوق بسخط الخالق حرمه الله أمنيّته ، وختم له بالشقاء في آخر عمره ، بنو هاشم أنضر قريش عوداً وأقعدها سَلَفاً ، وأفضل أحلاماً )000


    حب الرسول له

    قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- والحسن على عاتقه ( اللهـم إني أحـبُّ حسنـاً فأحبَّـه ، وأحِـبَّ مَـنْ يُحبُّـه )000وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يصلي ، فإذا سجد وثب الحسنُ على ظهره وعلى عنقه ، فيرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رفعاً رفيقاً لئلا يصرع ، قالوا ( يا رسول الله ، رأيناك صنعت بالحسن شيئاً ما رأيناك صنعته بأحد )000قال ( إنه ريحانتي من الدنيا ، وإن ابني هذا سيّد ، وعسى الله أن يصلح به بين فئتيـن عظيمتيـن )000


    الهيبة والسؤدد

    كان الحسن -رضي الله عنه- أشبه أهل النبي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقد صلّى أبو بكر الصديق صلاة العصر ثم خرج يمشي ومعه عليّ بن أبي طالب ، فرأى الحسن يلعبُ مع الصبيان ، فحمله على عاتقه و قال ( بأبي شبيه بالنبيّ ، ليس شبيهاً بعليّ )000وعلي يضحك000

    كما قالت زينب بنت أبي رافع رأيت فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتت بابنيها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شكواه الذي توفي فيه فقالت ( يا رسول الله ! هذان ابناك فورّثْهُما )000فقال ( أما حسنٌ فإن له هيبتي وسؤددي ، وأما حسين فإن له جرأتي وجودي )000


    أزواجه

    كان الحسن -رضي الله عنه- قد أحصن بسبعين امرأة ، وكان الحسن قلّما تفارقه أربع حرائر ، فكان صاحب ضرائر ، فكانت عنده ابنة منظور بن سيار الفزاري وعنده امرأة من بني أسد من آل جهم ، فطلقهما ، وبعث إلى كلِّ واحدة منهما بعشرة آلاف وزقاقٍ من عسل متعة ، وقال لرسوله يسار بن أبي سعيد بن يسار وهو مولاه ( احفظ ما تقولان لك )000فقالت الفزارية ( بارك الله فيه وجزاه خيراً )000وقالت الأسدية ( متاع قليل من حبيب مفارقٍ )000فرجع فأخبره ، فراجع الأسدية وترك الفزارية000

    وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال قال عليُّ ( يا أهل الكوفة ، لا تزوّجوا الحسن بن عليّ ، فإنه مطلاق )000فقال رجل من همدان ( والله لنزوِّجَنَّهُ ، فما رضي أمسك ، وما كره طلّق )000


    فضله

    قال معاوية لرجل من أهل المدينة ( أخبرني عن الحسن بن علي )000قال ( يا أمير المؤمنين ، إذا صلى الغداة جلس في مصلاّه حتى تطلع الشمس ، ثم يساند ظهره ، فلا يبقى في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجل له شرف إلاّ أتاه ، فيتحدثون حتى إذا ارتفع النهار صلى ركعتين ، ثم ينهض فيأتي أمهات المؤمنين فيُسلّم عليهن ، فربما أتحفنه ، ثم ينصرف إلى منزله ، ثم يروح فيصنع مثل ذلك )000فقال ( ما نحن معه في شيء )000

    كان الحسن -رضي الله عنه- ماراً في بعض حيطان المدينة ، فرأى أسود بيده رغيف ، يأكل لقمة ويطعم الكلب لقمة ، إلى أن شاطره الرغيف ، فقال له الحسـن ( ما حَمَلك على أن شاطرتـه ؟ فلم يعاينه فيه بشـيء )000قال ( استحت عيناي من عينيه أن أعاينـه )000أي استحياءً من الحسـن ، فقال له ( غلام من أنت ؟)000قال ( غلام أبان بن عثمان )000فقال ( والحائط ؟)000أي البستان ، فقال ( لأبان بن عثمان )000فقال له الحسن ( أقسمتُ عليك لا برحتَ حتى أعود إليك )000فمرّ فاشترى الغلام والحائط ، وجاء الى الغلام فقال ( يا غلام ! قد اشتريتك ؟)000فقام قائماً فقال ( السمع والطاعة لله ولرسوله ولك يا مولاي )000قال ( وقد اشتريت الحائط ، وأنت حرٌ لوجه الله ، والحائط هبة مني إليك )000فقال الغلام ( يا مولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له )000


    حكمته

    قيل للحسن بن علي ( إن أبا ذرّ يقول الفقرُ أحبُّ إلي من الغنى ، والسقم أحبُّ إليّ من الصحة )000 فقال ( رحِمَ الله أبا ذر ، أما أنا فأقول ( من اتكل على حسن اختيار الله له لم يتمنّ أنه في غير الحالة التي اختار الله تعالى له ، وهذا حدُّ الوقوف على الرضا بما تصرّف به القضاء )000

    قال معاوية للحسن بن عليّ ( ما المروءة يا أبا محمد ؟)000قال ( فقه الرجل في دينه ، وإصلاح معيشته ، وحُسْنُ مخالَقَتِهِ )000

    دعا الحسنُ بن عليّ بنيه وبني أخيه فقال ( يا بنيّ وبني أخي ، إنكم صغارُ قومٍ يوشك أن تكونوا كبارَ آخرين ، فتعلّموا العلم ، فمن لم يستطع منكم أن يرويه أو يحفظه ، فليكتبهُ وليضعه في بيته )000


    عام الجماعة

    بايع أهل العراق الحسن -رضي الله عنه- بالخلافة بعد مقتل أبيه سنة ( 40هـ ) ، وأشاروا عليه بالمسير الى الشام لمحاربة معاوية بن أبي سفيان ، فزحف بمن معه ، وتقارب الجيشان في موضع يقال له ( مسكن ) بناحية الأنبار ، ولم يستشعر الحسن الثقة بمن معه ، وهاله أن يقْتتل المسلمون وتسيل دماؤهم ، فكتب إلى معاوية يشترط شروطاً للصلح ، ورضي معاوية ، فخلع الحسن نفسه من الخلافة وسلم الأمر لمعاوية في بيت المقدس سنة ( 41هـ ) وسمي هذا العام ( عام الجماعة ) لاجتماع كلمة المسلمين فيه ، وانصرف الحسن -رضي الله عنه- الى المدينة حيث أقام000


    الحسن ومعاوية

    قال معاوية يوماً في مجلسه ( إذا لم يكن الهاشمـيُّ سخيّاً لم يشبه حسبه ، وإذا لم يكن الزبيـري شجاعاً لم يشبه حسبه ، وإذا لم يكن المخزومـي تائهاً لم يشبه حسبه ، وإذا لم يكن الأمـوي حليماً لم يشبه حسبه )000فبلغ ذلك الحسن بن علي فقال ( والله ما أراد الحق ، ولكنّه أراد أن يُغري بني هاشـم بالسخاء فيفنوا أموالهم ويحتاجون إليه ، ويُغري آل الزبيـر بالشجاعة فيفنوا بالقتل ، ويُغري بني مخـزوم بالتيه فيبغضهم الناس ، ويُغري بني أميـة بالحلم فيحبّهم الناس !!)000


    مرضه

    قال عبد الله بن الحسين إن الحسن كان سُقِيَ ، ثم أفلتَ ، ثم سُقِيَ فأفلتَ ، ثم كانت الآخرة توفي فيها ، فلمّا حضرته الوفاة ، قال الطبيب وهو يختلف إليه ( هذا رجلٌ قد قطع السُّمُّ أمعاءه )000فقال الحسين ( يا أبا محمد خبّرني من سقاك ؟)000قال ( ولِمَ يا أخي ؟ )000قال ( اقتله ، والله قبل أن أدفنـك ، أولا أقدرُ عليه ؟ أو يكون بأرضٍ أتكلّف الشخـوص إليه ؟)000فقـال ( يا أخـي ، إنما هذه الدنيا ليالٍ فانية ، دَعْهُ حتى ألتقـي أنا وهو عنـد الله )000فأبى أن يُسمّيَهُ ، قال ( فقد سمعتُ بعضَ من يقول كان معاوية قد تلطّف لبعض خدمه أن يسقيَهُ سُمّاً )000


    بكاؤه

    لمّا أن حَضَرَ الحسن بن علي الموتُ بكى بكاءً شديداً ، فقال له الحسين ( ما يبكيك يا أخي ؟ وإنّما تَقْدُمُ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وعلى عليّ وفاطمة وخديجة ، وهم وُلِدوك ، وقد أجرى الله لك على لسان النبي -صلى الله عليه سلم- ( أنك سيّدُ شباب أهل الجنة )000وقاسمت الله مالَكَ ثلاث مرات ، ومشيتَ الى بيت الله على قدميك خمس عشرة مرّةً حاجّاً)000وإنما أراد أن يُطيّب نفسه ، فوالله ما زاده إلا بكاءً وانتحاباً ، وقال ( يا أخي إني أقدِمُ على أمرٍ عظيم مهول ، لم أقدم على مثله قط )000


    وفاته

    توفي الحسن -رضي الله عنه- في سنة ( 50هـ ) ، وقد دُفِنَ في البقيع ، وبكاه الناس سبعة أيام نساءً وصبياناً ورجالاً ، رضي الله عنه وأرضاه000وقد وقف على قبره أخوه محمد بن عليّ وقال ( يرحمك الله أبا محمد ، فإن عزّت حياتك لقد هَدَتْ وفاتك ، ولنعم الروحُ روحٌ تضمنه بدنك ، ولنعم البدن بدن تضمنه كفنك ، وكيف لا يكون هكذا وأنت سليل الهدى ، وحليف أهل التقى ، وخامس أصحاب الكساء ، غذتك أكف الحق ، وربيت في حجر الإسلام ورضعت ثدي الإيمان ، وطبت حيّاً وميتاً ، وإن كانت أنفسنا غير طيبة بفراقك فلا نشك في الخيرة لك ، رحمك الله )000





    رد مع اقتباس  

  6. #46  
    الحسين بن عليّ بن أبي طالب
    سيد شباب الجنة



    "حُسين مني وأنا مِنْ حُسين ، أحَبَّ الله تعالى مَنْ
    أحبَّ حُسيناً ، حُسينٌ سِبْطٌ من الأسباط "
    حديث شريف


    من هو؟

    الإبن الثاني لفاطمة الزهراء ، ولد بالمدينة ونشأ في بيت النبوة
    وكنيته أبو عبد الله000



    حُبَّ الرسول له

    قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( حُسين مني وأنا مِنْ حُسين ، أحَبَّ الله تعالى مَن أحبَّ حُسيناً ، حُسينٌ سِبْطٌ من الأسباط )000كما قال الرسول الكريم ( اللهم إني أحبه فأحبّه )000وعن أبي أيوب الأنصاري قال دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحسن والحسين يلعبان بين يديه وفي حِجْره ، فقلت ( يا رسول الله أتحبُّهُما )000قال ( وكيف لا أحبُّهُما وهما ريحانتاي من الدنيا أشمُّهُما ؟!)000 وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( من أراد أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنة ، فلينظر الى الحسين بن عليّ )000

    كما قالت زينب بنت أبي رافع رأيت فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتت بابنيها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شكواه الذي توفي فيه فقالت ( يا رسول الله ! هذان ابناك فورّثْهُما )000فقال ( أما حسنٌ فإن له هيبتي وسؤددي ، وأما حسين فإن له جرأتي وجودي )000


    فضله

    مرَّ الحسيـن -رضي اللـه عنه- يوماً بمساكين يأكلون في الصّفّة ، فقالوا ( الغـداء )000فنزل وقال ( إن اللـه لا يحب المتكبريـن )000فتغدى ثم قال لهم ( قد أجبتكم فأجيبوني )000قالوا ( نعم )000فمضى بهم الى منزله فقال لرّباب ( أخرجي ما كنت تدخرين )000


    الحسن والحسين

    جرى بين الحسـن بن علي وأخيه الحسيـن كلام حتى تهاجرا ، فلمّا أتى على الحسـن ثلاثة أيام ، تأثم من هجر أخيه ، فأقبل إلى الحسيـن وهو جالس ، فأكبّ على رأسه فقبله ، فلمّا جلس الحسـن قال له الحسيـن ( إن الذي منعني من ابتدائك والقيام إليك أنك أحقُّ بالفضل مني ، فكرهت أن أنازِعَكَ ما أنت أحقّ به )000


    البيعة

    توفي معاوية نصف رجب سنة ستين ، وبايع الناس يزيد ، فكتب يزيد للوليد مع عبد الله بن عمرو بن أويس العامري ، وهو على المدينة ( أن ادعُ الناس ، فبايعهـم وابدأ بوجوه قريـش ، وليكن أول من تبدأ به الحسيـن بن عليّ ، فإن أمير المؤمنين رحمه اللـه عهد إليّ في أمره للرفق به واستصلاحه )000فبعث الوليد من ساعته نصف الليل الى الحسين بن علي ، وعبد الله بن الزبير ، فأخبرهما بوفاة معاوية ، ودعاهما الى البيعة ليزيد ، فقالا ( نصبح وننظر ما يصنع الناس )000

    ووثب الحسين فخرج وخرج معه ابن الزبير ، وهو يقول ( هو يزيد الذي نعرف ، والله ما حدث له حزم ولا مروءة )000وقد كان الوليد أغلظ للحسين فشتمـه الحسين وأخذ بعمامته فنزعها من رأسـه ، فقال الوليد ( إن هجنَا بأبي عبـد الله إلا أسداً )000فقال له مروان أو بعض جلسائه ( اقتله )000قال ( إن ذلك لدم مضنون في بني عبد مناف )000


    من المدينة الى مكة

    وخرج الحسين وابن الزبير من ليلتهما الى مكة ، وأصبح الناس فغدوا على البيعة ليزيد ، وطُلِبَ الحسين وابن الزبير فلم يوجدا ، فقدِما مكة ، فنزل الحسين دار العباس بن عبد المطلب ، ولزم الزبير الحِجْرَ ، ولبس المغافريَّ وجعل يُحرِّض الناس على بني أمية ، وكان يغدو ويروح الى الحسين ، ويشير عليه أن يقدم العراق ويقول ( هم شيعتك وشيعة أبيك )000


    الخروج الى العراق

    بلغ ابـن عمـر -رضي اللـه عنه- أن الحسيـن بن علـيّ قد توجّه الى العـراق ، فلحقه على مسيـرة ثلاث ليال ، فقـال لـه ( أيـن تريد ؟)000فقال ( العراق )000وإذا معه طوامير كتب ، فقال ( هذه كتبهم وبيعتهم )000فقال ( لا تأتِهم )000فأبى ، قال ابن عمر ( إنّي محدّثك حديثاً إن جبريل أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فخيّره بين الدنيا والآخرة ، فاختار الآخرة ولم يردِ الدنيا ، وإنكم بضعة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، والله لا يليها أحد منكم أبداً ، وما صرفها الله عنكم إلاّ للذي هو خير )000فأبى أن يرجع ، فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال ( استودِعُكَ الله من قتيل )000

    وقال ابن عباس -رضي الله عنه- للحسين ( أين تريد يا بن فاطمة ؟)000قال ( العراق و شيعتي )000فقال ( إنّي لكارهٌ لوجهك هذا ، تخرج الى قوم قتلوا أباك ، وطعنوا أخاك حتى تركهم سَخْطةً ومَلّة لهم ، أذكرك الله أن لا تغرّر بنفسك )000

    وقال أبو سعيد الخدري ( غلبني الحسين بن عليّ على الخروج ، وقد قُلت له اتّق الله في نفسك ، والزم بيتك ، فلا تخرج على إمامك )000

    وكتبـت له عمـرة بنت عبـد الرحمن تعظـم عليه ما يريد أن يصنع ، وتأمره بالطاعـة ولزوم الجماعة ، وتخبره إنه إنما يُساق إلى مصـرعه وتقول ( أشهد لحدّثتني عائشة أنها سمعت رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- يقول ( يُقتل حسينٌ بأرض بابل )000فلمّا قرأ كتابها قال ( فلابدّ لي إذاً من مصرعي )000ومضى000


    مقتله

    وبلغ يزيد خروج الحسين -رضي الله عنه- ، فكتب الى عبيد الله بن زياد عامله على العراق يأمره بمحاربته وحمله إليه ، إن ظفر به ، فوجّه عُبيد الله الجيش مع عمر بن سعيد بن أبي وقاص ، وعدل الحسين الى ( كربلاء )، فلقيه عمر بن سعيد هناك ، فاقتتلوا ، فقُتِلَ الحسين رضوان الله عليه ورحمته وبركاته في يوم عاشوراء ، العاشر من محرم سنة إحدى وستين000


    السماء تبكي

    قال ابن سيرين ( لم تبكِ السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلا على الحسين بن عليّ )000وعن خلف بن خليفة عن أبيه قال ( لمّا قُتِلَ الحسين اسودت السماء ، وظهرت الكواكب نهاراً ، حتى رأيت الجوزاء عند العصر وسقط التراب الأحمر )000وقالت أم خلاّد ( كنّا زماناً بعد مقتل الحسين ، وإن الشمس تطلع محمَّرة على الحيطان والجُدر بالغداة والعشيّ )000وكانوا لا يرفعون حجراً إلاّ يوجد تحته دمٌ !!000


    الرؤى

    استيقظ ابن عباس من نومه ، فاسترجع وقال ( قُتِلَ الحسين والله )000فقال له أصحابه ( كلا يا ابن عباس ، كلا )000قال ( رأيت رسول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ومعه زجاجة من دم فقال ( ألا تعلم ما صنعت أمتي من بعـدي ؟ قتلوا ابني الحسيـن ، وهذا دمه ودم أصحابه ، أرفعها الى اللـه عزّ وجلّ )000فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه ، وتلك الساعة ، فما لبثوا إلاّ أربعة وعشرين يوماً حتى جاءهم الخبر بالمدينة أنه قُتِل ذلك اليوم وتلك الساعة !!000


    الدفن

    وقد نقل رأسه ونساؤه وأطفاله إلى ( يزيد ) بدمشق ، واختُلفَ في الموضع الذي دُفِنَ فيه الرأس ، فقيل في دمشق ، وقيل في كربلاء مع الجثة ، وقيل في مكان آخر000





    رد مع اقتباس  

  7. #47  
    حمزة بن عبد المطلب
    أسد الله000وسيد الشهداء


    " سيد الشهداء عند الله حمزة بن عبد المطلب "
    حديث شريف


    من هو؟

    حمزة بن عبد المطلب ( أبو عمارة ) ، عم النبي -صلى الله عليه وسلم-0
    وأخوه من الرضاعة فهما من جيل واحد نشأ معا ، ولعبا معا ، وتآخيا معا
    كان يتمتع بقوة الجسم ، وبرجاحة العقل ، وقوة الارادة ، فأخذ يفسح لنفسه
    بين زعماء مكة وسادات قريش ، وعندما بدأت الدعوة لدين الله كان يبهره
    ثبات ابن أخيه ، وتفانيه في سبيل ايمانه ودعوته ، فطوى صدره على أمر
    ظهر في اليوم الموعود000يوم اسلامه000

    اسلام حمزة

    كان حمزة -رضي الله عنه- عائدا من القنص متوشحا قوسه ، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج اليه وكان اذا عاد لم يمر على ناد من قريش الا وقف وسلم وتحدث معه ، فلما مر بالمولاة قالت له ( يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام ، وجده ههنا جالسا فآذاه وسبه ، وبلغ منه مايكره ، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد -صلى الله عليه وسلم-)000فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته ، فخرج يسعى ولم يقف على أحد ، معدا لأبي جهل اذا لقيه أن يوقع به ، فلما وصل الى الكعبة وجده جالسا بين القوم ، فأقبل نحوه وضربه بالقوس فشج رأسه ثم قال له ( أتشتم محمدا وأنا على دينه أقول ما يقول ؟000فرد ذلك علي ان استطعت )000
    وتم حمزة -رضي الله عنه- على اسلامه وعلى ما تابع عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد عز وامتنع ، وان حمزة سيمنعه ، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه ، وذلك في السنة السادسة من النبوة000


    حمزة وجبريل

    سأل حمزة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يريه جبريلَ في صورته ، فقال ( إنك لا تستطيع أن تراه )000قال ( بلى )000قال ( فاقعد مكانك )000فنزل جبريل على خشبة في الكعبة كان المشركون يضعون ثيابهم عليها إذا طافوا بالبيت ، فقال ( أرْفعْ طَرْفَكَ فانظُرْ )000فنظر فإذا قدماه مثل الزبرجد الأخضر ، فخرّ مغشياً عليه000


    حمزة و الاسلام

    ومنذ أسلم حمزة -رضي الله عنه- نذر كل عافيته وبأسه وحياته لله ولدينه حتى خلع النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه هذا اللقب العظيم ( أسد الله وأسد رسوله )000وآخى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين حمزة وبين زيد بن حارثة ، وأول سرية خرج فيها المسلمون للقاء العدو كان أميرها حمزة -رضي اللـه عنه-000وأول راية عقدها الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- لأحد من المسلمين كانت لحمزة000ويوم بدر كان أسد اللـه هناك يصنع البطولات ، فقد كان يقاتل بسيفين ، حتى أصبح هدفا للمشركين في غزوة أحد يلي الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الأهمية000


    استشهاد حمزة

    (اخرج مع الناس ، وان أنت قتلت حمزة فأنت عتيق)
    هكذا وعدت قريش عبدها الحبشي ( وحشي غلام جبير بن مطعم ) ، لتظفر برأس حمزة مهما كان الثمن ، الحرية والمال والذهب الوفير ، فسال لعاب الوحشي ، وأصبحت المعركة كلها حمزة -رضي الله عنه- ، وجاءت غزوة أحد ، والتقى الجيشان ، وراح حمزة -رضي الله عنه- لايريد رأسا الا قطعه بسيفه ، وأخذ يضرب اليمين والشمال و ( الوحشي ) يراقبه ، يقول الوحشي ( 000 وهززت حربتي حتى اذا رضيت منها دفعتها عليه ، فوقعت في ثنته ( ما بين أسفل البطن الى العانة ) حتى خرجت من بين رجليه ، فأقبل نحوي فغلب فوقع ، فأمهلته حتى اذا مات جئت فأخذت حربتي ، ثم تنحيت الى العسكر ، ولم تكن لي بشيء حاجة غيره ، وانما قتلته لأعتق 000 )000
    وقد أسلم (الوحشي) لاحقا فهو يقول ( خرجت حتى قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ، فلم يرعه الا بي قائما على رأسه أتشهد بشهـادة الحـق ، فلما رآني قال ( وحشي )000قلت ( نعم يا رسـول اللـه )000قال (اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة ؟)000فلما فرغت من حديثي قال ( ويحك غيب عني وجهك فلا أرينك !)000فكنت أتنكب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث كان ، لئلا يراني حتى قبضه الله -صلى الله عليه وسلم-)0

    واستشهاد سيد الشهداء -رضي الله عنه- لم يرض الكافرين وانما وقعت هند بنت عتبة والنسوة اللاتي معها ، يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، يجدعن الآذان والآنف ، حتى اتخذت هند من آذان الرجال وآنفهم خدما ( خلخال ) وقلائد ، وأعطت خدمها وقلائدها وقرطتها وحشيا000وبقرت عن كبد حمزة ، فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها ، فلفظتها 000


    حزن الرسول على حمزة

    وخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- يلتمس حمزة بن عبد المطلب ، فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده ومثل به ، فجدع أنفه وأذناه ، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين رأى ما رأى ( لولا أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدي لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير ، ولئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم !)000فلما رأى المسلمون حزن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وغيظه على من فعل بعمه ما فعل قالوا ( والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب )000

    فنزل قوله تعالى ( وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ، واصبر وما صبرك الا بالله ، ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون )000

    فعفا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونهى عن المثلة ، وأمر بحمزة فسجي ببردة ، ثم صلى عليه فكبر سبع تكبيرات ، ثم أتى بالقتلى فيوضعون الى حمزة ، فصلى عليهم وعليه معهم ، حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة000وكان ذلك يوم السبت ، للنصف من شوال ، سنة (3) للهجرة000


    البكاء على حمزة

    مرّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- بدار من دور الأنصار من بني عبد الأشهل وظَفَر ، فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم ، فذرفت عينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبكى ، ثم قال ( ولكن حمزة لا بواكي له )000فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير إلى دار بني عبد الأشهل ، أمرا نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ولمّا سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكاءهن على حمزة خرج عليهن وهن على باب مسجده يبكين عليه ، فقال ( ارجعن يرحمكن الله ، فقد آسيتنّ بأنفسكم )000


    فضل حمزة

    قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( سيد الشهداء عند الله حمزة بن عبد المطلب )000كما قال لعلي بن أبي طالب ( يا عليّ أمَا علمتَ أنّ حمزة أخي من الرضاعة ، وأنّ الله حرّم من الرضاع ما حرّم من النّسب )000


    عَيْن معاوية

    لمّا أراد معاوية أن يُجري عَيْنَهُ التي بأحد كتبوا إليه ( إنّا لا نستطيع أن نجريها إلا على قبور الشهداء )000فكتب إليهم ( انْبُشُوهم )000يقول جابر بن عبدالله ( فرأيتهم يُحْمَلون على أعناق الرجال كأنّهم قوم نيام )000وأصابت المسحاةُ طرفَ رِجْلِ حمزة بن عبد المطلب فانبعث دَمَاً000





    رد مع اقتباس  

  8. #48  
    حرف الخاء ( خ )

    خالد بن سعيد
    رضي الله عنه



    " لن أدع الإسلام لشيء ، وسأحيا به وأموت عليه "
    خالد بن سعيد


    من هو؟

    هو خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، والده زعيم في
    قريش ، كان شابا هادىء السمت ، ذكي الصمت ، منذ بدأ أخبار الدين الجديد كان
    النور يسري إلى قلبه ، وكتم ما في نفسه خوفا من والده الذي لن يتوانى لحظة عن
    تقديمه قربانا لآلهة عبد مناف000


    اسلامه

    ذات ليلة رأى خالد بن سعيد في منامه أنه واقف على شفير نار عظيمة ، وأبوه من ورائه يدفعه نحوها بكلتا يديه ، ويريد أن يطرحه فيها ، ثم رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل عليه ، ويجذبه بيمينه المباركة من إزاره فيأخذه بعيدا عن النار واللهب000ويصحو من نومه فيسارع إلى دار أبي بكر ويقص عليه رؤياه ، فيقول أبو بكر له ( إنه الخير أريد لك ، وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاتبعه ، فإن الإسلام حاجزك عن النار )000
    وينطلق خالد إلى رسول الله فيسأله عن دعوته ، فيجيب الرسول الكريم ( تؤمن بالله وحده لا تشرك به شيئا ، وتؤمن بمحمد عبده ورسوله ، وتخلع عبادة الأوثان التي لا تسمع ولا تبصر ولاتضر ولا تنفع )000ويبسط خالد يمينه فتتلقاها يمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حفاوة ويقول خالد ( إني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله )000وهكذا أصبح من الخمسة الأوائل في الإسلام000


    والده والعذاب

    وحين علم والده (سعيد) بإسلامه دعاه وقال له ( أصحيح إنك اتبعت محمدا وأنت تسمعه يعيب آلهتنا ؟)000 قال خالد ( إنه والله لصادق ، ولقد آمنت به واتبعته )000هنالك انهال عليه أبوه ضربا ، ثم زج به في غرفة مظلمة من داره ، حيث صار حبيسها ، ثم راح يضنيه ويرهقه جوعا وظمأ ، وخالد يصرخ من وراء الباب ( والله إنه لصادق ، وإني به لمؤمن )000
    وأخرجه والده الى رمضاء مكة ، ود سه بين حجارتها الملتهبة ثلاثة أيام لا يواريه فيها ظل ، ولا يبلل شفتيه قطرة ماء ، ثم يئس والده فأعاده الى داره وراح يغريه ويرهبه وخالد صامد يقول لأبيه ( لن أدع الإسلام لشيء ، وسأحيا به وأموت عليه )000وصاح سعيد ( إذن فاذهب عني يا لُكَع ، فواللات لأمنعنك القوت )000فأجاب خالد ( والله خير الرازقين )000 وغادر خالد الدار ، وراح يقهر العذاب بالتضحية ، ويتفوق على الحرمان بالإيمان000


    جهاده مع الرسول

    كان خالد بن سعيد من المهاجرين الى الحبشة في الهجرة الثانية ، وعاد مع إخوانه الى المدينة سنة سبع فوجدوا المسلمين قد انتهوا للتو من فتح خيبر ، وأقام -رضي الله عنه- في المدينة لايتأخر عن أي غزوة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ويحضر جميع المشاهد ، وقد جعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته واليا على اليمن000


    خلافة أبوبكر

    لما وصل نبأ وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لخالد في اليمن عاد من فوره الى المدينة ، وعلى الرغم من معرفته لفضل أبي بكر إلا أنه كان من الجماعة التي ترى أحقية بني هاشم في الخلافة ووقف الى جانب علي بن أبي طالب ولم يبايع أبا بكر ، ولم يكرهه أبوبكر على ذلك ، وإنما بقي على حبه وتقديره له ، حتى جاء اليوم الذي غير فيه خالد رأيه فشق الصفوف في المسجد وأبو بكر على المنبر ، فبايعه بيعة صادقة000


    عزله عن الإمارة

    يُسير أبو بكر الجيوش للشام ، ويعقد ل( خالد بن سعيد ) لواء ، فيصير أحد أمراء الجيوش ، إلا أن عمر بن الخطاب يعترض على ذلك ويلح على الخليفة حتى يغير ذلك ، ويبلغ النبأ خالدا فيقول ( والله ما سرتنا ولايتكم ، ولا ساءنا عزلكم )000ويخف الصديق -رضي الله عنه- الى دار خالد معتذرا له مفسرا له هذا التغيير ، ويخيره مع من يكون من القادة مع عمرو بن العاص ابن عمه أو مع شرحبيل بن حسنة ، فيجيب خالد ( ابن عمي أحب الي في قرابته ، وشرحبيل أحب الي في دينه )000
    ثم يختار كتيبة شرحبيل ، ودعا أبو بكر -رضي الله عنه- شرحبيل وقال له ( انظر خالد بن سعيد ، فاعرف له من الحق عليك ، مثل ما كنت تحب أن يعرف من الحق لك ، لو كنت مكانه ، وكان مكانك000انك لتعرف مكانته في الإسلام ، وتعلم أن رسول الله توفى وهو له وال ، ولقد كنت ولّيته ثم رأيت غير ذلك ، وعسى أن يكون ذلك خيرا له في دينه ، فما أغبط أحدا بالإمارة000وقد خيرته في أمراء الأجناد فاختارك على ابن عمه ، فاذا نزل بك أمر تحتاج فيه الى رأي التقي الناصح ، فليكن أول من تبدأ به أبوعبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل ولْيَكُ خالد بن سعيد ثالثا ، فإنك واجد عندهم نصحا وخيرا ، وإياك واستبداد الرأي دونهم ، أو إخفاءه عنهم )000


    استشهاده

    وفي معركة ( مرج الصُفَر ) حيث المعارك تدور بين المسلمين والروم ، كان خالد بن سعيد في مقدمة الذين وقع أجرهم على الله ، شهيد جليل ، ورآه المسلمون مع الشهداء فقالوا ( اللهم ارض عن خالد بن سعيد )000





    رد مع اقتباس  

  9. #49  
    خباب بن الأرت
    رضي الله عنه



    " اللهم انصر خبابا "
    حديث شريف


    من هو؟

    خبّاب بن الأرت بن جندلة التَّميمي وكنيته أبو يحيى وقيل أبو عبد الله
    صحابي من السابقين إلى الإسلام ، فأسلم سادس ستة ، وهو أول من
    أظهر إسلامه ، وكان قد سُبيَ في الجاهليـة ، فبيع في مكة ثم حالف
    بني زُهرة ، وأسلم وكان من المستضعفين000


    اسلامه

    لقد كان خباب سيافا ، يصنع السيوف ويبيعها لقريش ، وفي يوم اسلامه جاء الى عمله ، وكان هناك نفر ينتظرون فسألوه ( هل أتممت صنع السيوف يا خباب ؟)000فقال وهو يناجي نفسه ( ان أمره لعجب )000فسألوه ( أي أمر ؟)000فيقول ( هل رأيتموه ؟ وهل سمعتم كلامه ؟)000وحينها صرح بما في نفسه ( أجل رأيته وسمعته ، رأيت الحق يتفجر من جوانبه ، والنور يتلألأ بين ثناياه )000وفهم القرشيون فصاح أحدهم ( من هذا الذي تتحدث عنه يا عبد أم أنمار ؟)000فأجاب ( ومن سواه يا أخا العرب ، من سواه في قومك يتفجر من جوانبه الحق ، ويخرج النور من بين ثناياه ؟)000فهب آخر مذعورا قائلا (أراك تعني محمدا )000وهز خباب رأسه قائلا ( نعم انه هو رسول الله الينا ليخرجنا من الظلمات الى النور )000كلمات أفاق بعدها خباب من غيبوبته وجسمه وعظامه تعاني رضوضا وآلاما000ودمه ينزف من جسده000فكانت هذه هي البداية لعذاب وآلام جديدة قادمة000


    الاضطهاد و الصبر

    وفي استبسال عظيم حمل خباب تبعاته كرائد ، فقد صبر ولم يلن بأيدي الكفار على الرغم من أنهم كانوا يذيقونه أشد ألوان العذاب ، فقد حولوا الحديد الذي بمنزله الى سلاسل وقيود يحمونها بالنار ويلفون جسده بها ، ولكنه صبر واحتسب ، فها هو يحدث ( شكونا الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو متوسد ببرد له في ظل الكعبة ، فقلنا يا رسول الله ألا تستنصر لنا 000فجلس -صلى الله عليه وسلم- وقد احمر وجهه وقال ( قد كان من قبلكم يؤخذ منهم الرجل فيحفر له في الأرض ، ثم يجاء بالمنشار فيجعل فوق رأسه ، ما يصرفه ذلك عن دينه !000وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخشى إلا الله عز وجل ، والذئب على غنمه ، ولكنكم تعجلون )000وبعد أن سمع خباب ورفاقه هذه الكلمات ، ازدادوا إيمانا وإصرارا على الصبر والتضحية000


    أم أنمار

    واستنجد الكفار بأم أنمار ، السيدة التي كان خباب -رضي الله عنه- عبدا لها قبل أن تعتقه ، فأقبلت تأخذ الحديد المحمى وتضعه فوق رأسه ونافوخه ، وخباب يتلوى من الألم ، ولكنه يكظم أنفاسه حتى لايرضي غرور جلاديه ، ومر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- والحديد المحمى فوق رأسه ، فطار قلبه رحمة وأسى ، ولكن ماذا يملك أن يفعل له غير أن يثبته ويدعو له ( اللهم انصر خبابا )000وبعد أيام قليلة نزل بأم أنمار قصاص عاجل ، اذ أنها أصيبت بسعار عصيب وغريب جعلها -كما يقولون- تعوي مثل الكلاب ، وكان علاجها أن يكوى رأسها بالنار !!000


    خدمة الدين

    لم يكتف -رضي الله عنه- في الأيام الأولى بالعبادة والصلاة ، بل كان يقصد بيوت المسلمين الذين يكتمون إسلامهم خوفا من المشركين ، فيقرأ معهم القرآن ويعلمهم إياه ، فقد نبغ الخباب بدراسة القرآن أية أية ، حتى اعتبره الكثيرون ومنهم عبدالله بن مسعود مرجعا للقرآن حفظا ودراسة ، وهو الذي كان يعلم القرآن لفاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد عندما فاجأهم عمر بن الخطاب متقلدا سيفه الذي خرج به ليصفي حسابه مع الإسلام ورسوله لكنه لم يكد يتلو القرآن المسطور في الصحيفة حتى صاح صيحته المباركة ( دلوني على محمد )000

    وسمع خباب كلمات عمر ، فخرج من مخبئه وصاح ( يا عمر والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ، فإني سمعته بالأمس يقول ( اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك ، أبي الحكم بن هشام ، وعمر بن الخطاب )000فسأله عمر من فوره ( وأين أجد الرسول الآن يا خباب ؟)000وأجاب خباب ( عند الصفا في دار الأرقم بن أبي الأرقم )000فمضى عمر الى مصيره العظيم000


    الدَّيْن

    كان خباب رجلاً قَيْناً ، وكان له على العاص بن وائل دَيْنٌ ، فأتاه يتقاضاه ، فقال العاص ( لن أقضيَكَ حتى تكفر بمحمد )000فقال خباب ( لن أكفر به حتى تموتَ ثم تُبْعَثَ )000قال العاص ( إني لمبعوث من بعد الموت ؟! فسوف أقضيكَ إذا رجعتُ إلى مالٍ وولدٍ ؟!)000فنزلت الآية الكريمة (000

    فنزل فيه قوله تعالى "( أفَرَأيْتَ الذَي كَفَرَ بِآياتنا وقال لأوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً ، أَطَّلَعَ الغَيْبَ أمِ اتَّخَذَ عند الرحمنِ عَهْداً ، كلاّ سَنَكتُبُ ما يقول ونَمُدُّ له من العذاب مَدّا ، َنَرِثُهُ ما يقولُ ويَأتينا فرداً ")000
    سورة مريم (آية 77 إلى آية 80 )000


    جهاده

    شهد خباب بن الأرت جميع الغزوات مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-وعاش عمره حفيظاً على إيمانه000يقول خباب ( لقد رأيتني مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أملك ديناراً ولا درهماً ، وإنّ في ناحية بيتي في تابوتي لأربعين ألف وافٍ ، ولقد خشيت الله أن تكون قد عُجّلتْ لنا طيّباتنا في حياتنا الدنيا )000


    في عهد الخلافة

    عندما فاض بيت مال المسلمين بالمال أيام عمر وعثمان -رضي الله عنهما- ، كان لخباب راتب كبير بوصفه من المهاجرين السابقين إلى الإسلام ، فبنى داراً بالكوفة ، وكان يضع ماله في مكان من البيت يعلمه أصحابه ورواده ، وكل من احتاج يذهب ويأخذ منه000


    وفاته

    قال له بعض عواده وهو في مرض الموت ( ابشر يا أبا عبدالله ، فإنك ملاق إخوانك غدا )000فأجابهم وهو يبكي ( أما إنه ليس بي جزع ، ولكنكم ذكرتموني أقواماً ، وإخواناً مضوا بأجورهم كلها لم ينالوا من الدنيا شيئا ، وإنا بقينا بعدهم حتى نلنا من الدنيا ما لم نجد له موضعاً إلا التراب )000وأشار الى داره المتواضعة التي بناها ، ثم أشار الى المكان الذي فيه أمواله وقال ( والله ما شددت عليها من خيط ، ولا منعتها عن سائل )000ثم التفت الى كفنه الذي كان قد أعد له ، وكان يراه ترفا وإسرافا وقال ودموعه تسيل ( انظروا هذا كفني ، لكن حمزة عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يوجد له كفن يوم استشهد إلا بردة ملحاء ، إذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه ، وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه )000

    ومات -رضي اللـه عنه-في السنة السابعة والثلاثين للهجرة000مات واحد ممن كان الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- يكرمهم ويفرش لهم رداءه ويقول ( أهلاً بمن أوصاني بهم ربي )000وهو أول من دُفِنَ بظهر الكوفة من الصحابة000

    قال زيد بن وهب ( سِرْنا مع علي حين رجع من صفّين ، حتى إذا كان عند باب الكوفة إذْ نحن بقبور سبعة عن أيماننا ، فقال ( ما هذه القبور ؟)000فقالوا ( يا أمير المؤمنين إنّ خباب بن الأرت توفي بعد مخرجك إلى صفين ، فأوصى أن يدفن في ظاهر الكوفة ، وكان الناس إنّما يدفنون موتاهم في أفنيتهم ، وعلى أبواب دورهم ، فلمّا رأوا خباباً أوصى أن يدفن بالظهر ، دفن الناس )000فقال علي بن أبي طالب ( رحم الله خباباً أسلم راغباً وهاجر طائعاً ، وعاش مجاهداً ، وابتلي في جسمه ، ولن يضيعَ الله أجرَ مَنْ أحسنَ عملاً )000ثم دنا من قبورهم فقال ( السلام عليكم يا أهل الدّيار من المؤمنين والمسلمين ، أنتم لنا سلفٌ فارطٌ ، ونحن لكم تبعٌ عما قليل لاحِقٌ ، اللهم اغفر لنا ولهم وتجاوز بعفوك عنا وعنهم ، طوبى لمن ذكرَ المعاد وعمل للحساب وقنعَ بالكفاف ، وأرضى الله عزَّ وجلَّ )000





    رد مع اقتباس  

  10. #50  
    خُبيب بن عدي
    رضي الله عنه


    صقراً توسط في الأنصار منصبه سمْحُ السّجية محضاً غير مؤْتَشَب
    حسان بن ثابت


    من هو؟

    خبيب بن عدي من الأوس ، تردد على الرسول -صلى الله عليه وسلم- مذ هاجر إليهم
    وآمن بالله رب العالمين ، كان عذب الروح شفاف النفس وثيق الإيمان ، عابدا
    ناسكا 000


    غزوة بدر

    شهد غزوة بدر ، وكان مقاتلا مقداما ، وممن صرع يوم بدر المشرك ( الحارث بن عامر بن نوفل ) وبعد إنتهاء المعركة ، عرف بنو الحارث مصرع أبيهم ، وحفظوا اسم قاتله المسلم ( خبيب بن عدي)000


    يوم الرجيع

    في سنة ثلاث للهجرة ، قدم على الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد أحد نفر من عضل والقارة فقالوا ( يا رسول الله ، إن فينا إسلاما ، فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا في الدين ، ويقرئوننا القرآن ويعلموننا شرائع الإسلام )000فبعث معهم مرثد بن أبي مرثد ، وخالد بن البكير ، وعاصم بن ثابت ، وخبيب بن عدي ، وزيد بن الدثنة ، وعبدالله بن طارق ، وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- على القوم مرثد بن أبي مرثد000

    فخرجوا حتى إذا أتوا على الرجيع ( وهو ماء لهذيل بناحية الحجاز على صدور الهدأة ) غدروا بهم ، فاستصرخوا عليهم هذيلا ، ووجد المسلمون أنفسهم وقد أحاط بهم المشركين ، فأخذوا سيوفهم ليقاتلوهم فقالوا لهم ( إنا والله ما نريد قتلكم ، ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئا من أهل مكة ، ولكم عهد الله وميثاقه ألا نقتلكم ) فأما مرثد بن أبي مرثد وخالد بن البكير وعاصم بن ثابت فقالوا ( والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا )000ثم قاتلوا القوم وقتلوا000

    وأما زيد بن الدثنة وخبيب بن عدي وعبدالله بن طارق فلانوا ورقوا فأسروا وخرجوا بهم الى مكة ليبيعوهم بها ، حتى إذا كانوا بالظهران انتزع عبدالله بن طارق يده من الأسر وأخذ سيفه وقاتلهم وقتل000وفي مكة باعوا خبيب بن عدي لحجير بن أبي إهاب لعقبة بن الحارث ابن عامر ليقتله بأبيه ، وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف000


    صلب خبيب

    وبدأ المشركين بتعذيبهما -رضي الله عنهما- وقتل نسطاس زيدا ، أما خبيب فقد حبس وعذب وهو صابر ثابت النفس ، حتى أنه يروى بأن ماوية مولاة حجير بن أبي إهاب قد دخلت عليه يوما فوجدته يأكل عنبا ، فخرجت تخبر الناس بذلك ، فلا يوجد في مكة عنبا يؤكل000

    ثم خرجوا بخبيب إلى مكان يسمى التنعيم ، واستأذنهم ليصلي ركعتين ، فاذنوا له ، وصلى ركعتين وأحسنهما ثم قال لهم ( أما والله لولا أن تظنوا أني طولت جزعا من القتل لاستكثرت من الصلاة )000فكان خبيب بن عدي أول من سن هاتين الركعتين عند القتل للمسلمين000ثم رفعوه على خشبة وصلبوه ، فقال ( اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما يصنع بنا !)000ثم قال ( اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ، ولا تغادر منهم أحدا !)000ورموه برماحهم وسيوفهم وقتل-رضي الله عنه-000

    وشعر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمحنة أصحابه ، وترائى له جثمان أحدهم معلقا ، فبعث المقداد بن عمرو ، والزبير بن العوام ليستطلعا الأمر ، ووصلا المكان المنشود وأنزلا جثمان خبيب ودفنوه في بقعة طاهرة لانعرف اليوم مكانها000





    رد مع اقتباس  

صفحة 5 من 16 الأولىالأولى ... 3456715 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. من اروع قصص الصحابة رضي الله عنهم
    بواسطة زخة مطر في المنتدى سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 23-Aug-2012, 08:01 AM
  2. بعض من اقوال الصحابه رضوان الله عليهم في فراش الموت
    بواسطة في خاطري في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 31-May-2012, 07:07 PM
  3. لماذا لا نكتب عنهم رضوان الله عليهم ؟
    بواسطة ميرو2010 في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 01-Feb-2012, 05:15 PM
  4. (((( موسوعة عن سيرة الصحابة[دمج] ))))
    بواسطة ضي الأمل في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 65
    آخر مشاركة: 23-Sep-2006, 06:38 PM
  5. اللقاب الصحابه رضوان الله عليهم
    بواسطة في خاطري في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 11-Sep-2006, 07:43 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

عرض سحابة الكلمة الدلالية

المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •