الملاحظات
صفحة 21 من 29 الأولىالأولى ... 111920212223 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 201 إلى 210 من 290

الموضوع: رواية بين الأمس واليوم

  1. #201  
    المشاركات
    3,260
    كانت نجلا ترتب حقيبة عالية على عجالة
    وهي عاجزة عن منع طوفان دموعها من الانهمار وهي تهمس بكلمات مختنقة أشبه بكلمات متقاطعة:
    ترا والله عمي خالد انحرج من المجلس صالح قال لي إن عبدالرحمن ما خلا له مجال. وهو يطلبه قدام الرياجيل
    تكفين لا تتضايقين بكرة بنجي عندش ونسوي لش أحلى حفلة
    وبأرقص لش بكرشي
    وبجيب لش هدية ماصار مثلها ولا أستوى تكفين لا تتضايقين.
    المهم توفيقش

    كانت نجلاء تنهمر بكلماتها المبتورة المتغرغرة بالدموع وهي تتحرك بتوتر في أرجاء الغرفة بينما عالية جالسة على طرف السرير غارقة في التبلد

    ختاما كانت هي من شدت نجلا لتجلسها وهي تهمس بذات التبلد:
    نجلا بس اقعدي الشنطة خلصتيها من زمان وأنتي نفس الأغراض تدخلينها وتطلعينها
    ومن قال لش أنا متضايقة أنا متقبلة الموضوع ببساطة
    وفعايل أبو صالح فعايل رياجيل صدق وما تنلحق ومهوب أنا اللي أسود وجهه عشان خرابيط مالها داعي


    حينها كانت نجلا من انفجرت في البكاء وهي تدفن وجهها في حضن عالية
    عالية ربتت على كتف نجلاء المنكبة في حضنها وهي تهمس بذات التبلد:
    تدرين عبدالرحمن كنه حاسس فيني
    كنت أفكر أشلون أنا بألبس فستان أبيض حسيته شيء غبي ما يلبق لي
    وأشلون بأمشي فيه مثل البطة!!
    وأشلون أرسم نفسي عروس وأقعد باحترام وذرابة وأنا ما أعرف
    فخلاص تريحت وريحت رأسي من التفكير بكل ذا السخافات

    نجلاء تزايد انهمارها بالبكاء بطريقة هستيرية وهي تشهق: بس عالية تكفين اسكتي
    لا تقولين شيء مافيها شيء لا بكيتي ابكي وفضفضي

    عالية وقفت وهي تهمس بحزم: وليش أبكي أنا أبي أعرف وين المأساة في الموضوع
    عبدالرحمن رجّالي صار له شهور طويلة
    المفروض أساسا أني رايحة بيته من زمان
    ويا الله نجلا كلمي صالح خله يوديني لبيت رجّالي

    نجلا تنظر لعالية بدهشة حقيقية: نعم تبين صالح يوديش
    عبدالرحمن بنفسه بيجيش لين مكانش

    عالية بحزم شديد: عبدالرحمن وضعه مايسمح له يجيبني يجيني مع السواق
    أنا أبي أروح بنفسي وأنتظره هناك


    " تحسب أنك بحركتك بتكسرني يا عبدالرحمن
    بتجي تأخذني وتلاقيني منهارة أبكي
    لا يا ولد فاضل
    ما عرفتني !!
    أنا اللي بأروح هناك وبنفسي وأتعدل وأنتظرك مثل عروس
    ورني أنت أشلون بتمثل دور العريس !! "






    *****************************






    " عبدالرحمن لا تروح تجيب عالية خلاص"

    عبدالرحمن يعتصر هاتفه ويهمس بصوت مبحوح: وليش ما أجيبها أهلها غيروا رأيهم

    شعاع بابتسامة عذبة: لا بس عالية صارت هنا خلاص
    وتقول بس عطها ساعتين قبل تجي

    عبدالرحمن ألقى الهاتف من يده كأنها شعلة من نار أحرقت يده
    ليسقط الهاتف عن المقعد المتحرك الذي كان يجلس عليه في المجلس لأنه اتصل بالسائق حتى يذهب لإحضار عالية

    ماذا تقصد من هذه الحركة
    أن تثبت له سيطرتها على الأمور أو عدم اهتمامها بحركته
    بالفعل يشعر أنه يجهل المرأة التي كان يظن أنه بات يعرفها أكثر من نفسه!!
    وهو يرى الطريق أمامهما بات مليئا بالتعقيدات والعناد والخطوات غير المحسوبة!!


    لا يعلم كيف قضى الساعتين حتى
    يتمزق بين أفكاره المتعارضة المؤلمة والجارحة

    والده غادره منذ فترة مجبرا بناء على حلف عبدالرحمن عليه لأنه يعلم أن والده يفضل النوم مبكرا
    والعمال ذهبوا للنوم أيضا فهو على كرسيه المتحرك ويستطيع تحريكه بنفسه حتى يصل لداخل البيت بعد أن وضع والده الممرات المسطحة على كل المداخل
    سيتصل بشعاع لتساعده فقط ليصعد لداخل البيت
    لا مشكلة حتى الآن في دخول البيت الذي دخله فعلا

    ولكن الـمـشـكـلـة
    أنه يقف الآن على أعتاب باب غرفته ولا يريد الدخول
    لا يريد الدخول فعلا !!!

    عاجز عن توقع شكل المواجهة أو وطأتها وهو فعلا غير مستعد لها ولا بأي شكل!!



    مازال يقف أمام باب غرفته
    يسب نفسه على تسرعه
    هاهو في خضم مواجهة هو غير مستعد لها إطلاقا
    هو غير نادم على التصرف الذي قام به ولكنه تمنى لو أنه قال لعمه أريد أن أدخل على زوجتي بعد أسبوع أو أسبوعين
    يكون تهيأ للأمر نفسيا

    وبهذه الطريقة يكون وصل لكل اهدافه
    أدبها على ما فعلته به
    وفي ذات الوقت استطاع أن يحضرها لتكون جواره

    لا يستطيع حتى أن يتخيل تقبلها له أو تقبله لها.
    نحن حينما نسمع عن شخص أو نتكلم معه دون مشاهدة نرسم في خيالنا صورة ما قد لا تكون حقيقية إطلاقا

    عبدالرحمن لأنه رجل منفتح التفكير كان يرفض أن يتزوج من محض شبح لا يعرفه
    بدأ بالكلام معها وكان يخطط لأن يطلب منها صورة لها على أن يراها ويعيدها لها لكي تكتمل الصورة في ذهنه

    حقيقة وفعلا الجمال لا يهمه إطلاقا ولا يشغل باله ولكن يهمه أن يعرف شكل المرأة التي ستصبح أقرب له من روحه

    لا ينكر أنه رسم لها صورة ما صورة تغلغت في تفكيره من خلال شبه أشقائها
    قد يكونون أولاد خالد آل ليث الذكور يتمتعون بوسامة استثنائية إلا هزاع ولكنه لم يستطع أن يتخيل أبدا أن عالية قد تكون جميلة بأي حال من الأحوال ولكنها ليست دميمة أيضا!!

    بل الغريب أنه شعر أنها قد تكون أقرب شبها لهزاع ولكن بالطريقة الأنثوية


    فالشباب كانوا يتدرجون في هرم على رأسه عبدالله ثم فهد ثم صالح. ثم يأتي هزاع متأخرا جدا في آخر الهرم
    فهزاع يتمتع ببنية جسدية ضخمة هي الأضخم بين أشقائه وتتصف ملامحه بالحدة والخشونة لأبعد حد

    ولأن عالية كانت حتى في حديثها معه تربط بينها وبين هزاع فهذا الربط بدأ يحدث في ذهنه تلقائيا
    وخصوصا أن عالية لم تكن تتمتع بأي أنوثة في الحديث الذي كان هو مفتاحه الوحيد لمعرفتها

    بالتأكيد يعلم أنها ليست ضخمة لأنه رأها بالعباءة الواسعة فطولها طبيعي كطول أي أنثى قريبة من طول شعاع مثلا!!


    إذن فالصورة التي تكونت في ذهنه
    أن عالية عادية الملامح ولكنها (مملوحة) كما يُقال في اللهجة الدارجة أي وجه ترتاح العين لمرآه
    وفي ذات الوقت الأنوثة عندها هي في مستوياتها الدنيا

    ومع كل ذلك كان متأكدا أنها ستكون المخلوقة الأجمل في عينيه
    فمتى كان الجمال هو مقياس كل شيء في الحياة

    ولكن مع هذا التعقيد الحاصل بينهما وهي تجرحه بدون رحمة
    يخشى أنها مهما كان شكلها فهو لن يبصر إلا مساوئها
    وهكذا هي النفس ما حسنته فهو حسن وما قبحته فهو قبيح!!





    هـــــي في الداخل
    تسب نفسها على تسرعها أكثر منه
    بل تسب نفسها أكثر على ثقتها التي شعرت أنها تبخرت في الهواء

    فهي منذ وصلت لبيتهم رغم دفء ترحيب أم عبدالرحمن وشعاع وجوزا وهن يكدن يحملنها عن الأرض
    وهي تشعر أنها عاجزة عن التنفس أما حين وصلت للغرفة ثم تركنها فيها
    شعرت أنها سيغمى عليها.

    كانت تظن أنها ستأتي إلى غرفة رجل جامدة تبدو كأرض حرب محايدة
    ولكن الغرفة كانت تبدو فعلا كغرفة عروسين في أبهى صورة

    فكيف استطاعوا فعل ذلك في أقل من 3 ساعات


    المفرش الأبيض البالغ الفخامة والشموع العطرية المنثورة في المكان والرائحة العطرة الدافئة
    وأكوام العطور والزينة على التسريحة

    أما حين فتحت الدولاب أغلقته بسرعة كما لو كان سيخرج منه عفريت وهي ترى أمواجا من الفساتين الجديدة والقمصان الفاخرة

    قررت أن تهرب للحمام وهي تنتزع فوطتها وروبها من حقيبتها تريد أن تستحم حتى تغسل جسدها من الحرارة والتوتر

    حين دخلت للحمام أصيبت بخجل أعمق حتى الحمام كان غارقا في فخامة استثنائية بطقمه الفاخر الجديد
    وهو يفوح برائحة الزيوت العطرية وغارق في أكوام الكريمات ومعطرات الجسد


    كادت تجن كيف فعلوا كل هذا في وقت قصير بل دون وجود وقت حتى
    بل لماذا فعلوه وهم يسلبونها حقها في القوة والثقة ليجعلوها تشعر بالخجل والتزعزع كأي فتاة غبية

    لم يخطر ببالها أن كل هذه الأغراض هي أغراض شعاع التي كانت جاهزة أصلا
    وكل ما احتاجته هو خادمتين معها لتنتهي من العمل كله في أقل من ساعة

    مع أنه لم يكن لها عقل لتفكر وهي تستحم ولكنهالم تستطع منع نفسها من الشعور بألم عميق
    وهي تلاحظ في الحمام بقرب المرحاض والمغطس وجود الألواح الحديدية التي توضع لذوي الاحتياجات الخاصة لتساعدهم على الحركة داخل الحمام


    حاولت تنحية الألم الذي غمر روحها لأقصاها وهي وتقرر أنها لابد أن تمشي في مخططها كما رسمت مع أنها ماعاد بها قدرة لا للتفكير ولا للتنفيذ


    صلت قيامها قبل أن تقوم بأي شيء وهي تدعو الله أن يقوي عزيمتها ويبعث في روحها القلقة السكينة
    ثم حاولت أن تهدأ وهي تقوم لتبدأ بتنفيذ مخططها

    بعد أن انتهت من تعطير جسدها وشعرها وتبخيرهما أخرجت فستانها الذي قررت أن تلبسه فستان زهري
    ضيق على الصدر ويتسع من الصدر بكسرات متعددة

    فهي بطبعها ولأنها نشأت في بيت كله شباب ثم عاشت سنواتها الأخيرة مع شاب كانت لا ترتدي إلا الملابس الواسعة
    وربما حتى هذا الفستان كانت تراه مخجلا ولكنه كان الفستان الوحيد الجديد الجاهز لديها لأنها كانت أعدته لزواج شعاع

    تركت شعرها المتوسط الطول يجف دون تمشيط وهي تمرر بعض الجل خلاله ليكون مموجا بطبيعية
    ثم رفعت أطرافه من الأمام بفراشات زهرية
    ووضعت زينة خفيفة اعتمدت على ألوان الزهر في مجملها

    لا تعلم حتى لو كان شكلها مرتبا وهي تنهي زينتها برشات كثيفة من العطر
    ولكن هذا ما استطاعت فعله وهي تنظر لساعتها وترى أن الساعتين اللتين طلبتهما من عبدالرحمن عن طريق شعاع قد انتهتا من أكثر من ربع ساعة



    كانت تجلس في الجلسة الصغيرة في الزاوية حين رأت الباب يُفتح
    شعرت أن قلبها يقفز إلى منتصف حنجرتها من الرعب والتوتر
    حاولت أن ترفع عينيها لتنظر له بتحدي و برود حتى تريه أنه لم ولن يكسرها
    ولكنها لم تستطع رفع عينيها عن يديها المتشابكتين وصوت دقات قلبها يكاد يطغى على صوت العجلات التي سمعتها تتقدم لداخل الغرفة



    هــــو. بقي أمام الباب لوقت طويل لا يعلم مدته ربع ساعة نصف ساعة
    يعصف به توجس عميق في داخله كره أن تراه بهذه الضعف وهو يدخل على كرسيه المتحرك
    وكأنها تتأكد بذلك مما وصفته به أنه " مكسح " !!!
    أذى نفسي متزايد هو في غنى عنه!!

    ولكنه في النهاية وجد نفسه مجبرا على الدخول فحتى متى سيبقى أمام الباب
    أ ليس من أراد جلبها لعنده وهاهي عنده كما أراد تماما

    حين دخل لم يستطع حتى أن ينظر ناحيتها
    وإهانتها المرة تقفز فورا لذاكرته.

    غمغم بسلام بارد وهو يتجاوزها للحمام لترد هي بسلام أكثر برودا
    وعبرتها تقفز لمنتصف حلقها وهي تتذكر حين سمعت صوته ماقاله لها في مكالمتهما الأخيرة
    وهو يطعن قلبها الطعنة التي حاولت أن تنحيها من تفكيرها فإذا بها تقفز لتحتل كل المساحات وهي تراه أمامها


    قضى في الحمام نصف ساعة قبل أن يخرج من غرفة التبديل وشعره يبدو مبلولا
    خلال الفترة التي قضاها في الحمام كانت رغما عنها تتساءل بألم شاسع:
    كيف يتصرف في الداخل

    كانت تنظر له بطرف عينها وهي تراه يعبر من أمامها متوجها للسرير ودون أن يوجه لها كلمة واحدة
    نقل نفسه للسرير بدا له أنه عانى طويلا حتى استطاع فعل ذلك
    ولكنها لم تجرؤ على عرض المساعدة وهي تشعر رغما عنها أن كل حركة فاشلة يقوم بها تجعل قلبها ينتفض وهي تخشى أن يقع على الأرض خلال محاولاته

    وهي مازالت تسترق النظرات له وهي تراه يتوجه للقبلة ويصلي قيامه ثم يتناول مصحفه ليتلو ورده
    ثم يضع مصحفه جانبا لينظر أمامه دون أن يتوجه لها بكلمة

    شعرت بغضبها يتصاعد منها لماذا أحضرها هنا إن كان يريد أن يتعامل معها كأحد مقاعد الغرفة
    فهو لم يكن يحتاج لمقعد إضافي


    مرت دقائق صمت قبل أن يكسر هو الصمت وهو يهتف ببرود مقصود:
    تراني تعشيت في ملكة خالش العزيز
    لو تبين تتعشين تعشي أنتي

    قالها وهو يشير بيده للعشاء المرتب على طاولة التقديم في الزواية

    حينها رفعت عينيها وهي تنظر له بشكل مباشر وترد ببرود أشد:
    شكرا مالي نفس نفسي مسدودة طال عمرك

    حينها تجرأ لينظر لها فنبرة التحدي منحته عذرا ليقوي أعصابه


    حـــــيـــــــــنــــها.
    تبعثرت مشاعره تماما
    فالمرأة أمامه شكلها مختلف تماما عما رسمه في ذاكرته
    لا تشبه أي واحد من أخوتها ولها شكلها الخاص بها
    قد تكون فعلا عادية الجمال ولكن ملامحها كانت عذبة وأنثوية ورقيقة لحد بعيد
    كانت فعلا في عينيه هو أنثى فاتنة وهي أمامه كزهرة عطرة متفتحة في أجمل فصول الربيع!!
    لم يتخيل أن من لها هذا اللسان الحاد السليط قد يكون لها مثل هذه الملامح الرقيقة!!


    رغما عنها حين رأته يتفحصها بهذه الطريقة المتمعنة أنزلت عينيها

    " وش فيه الدب يتمقل كذا كنه عمره ماشاف مره
    يمكن يتمسخر هو ووجهه ذا الحين!!!"

    لم تستطع أن تسكت وهي تراه يطيل النظر فيها هكذا فروحها المتمردة رأت في تفحصه لها بهذا الاستهزاء امتهانا لها

    لذا رفعت عينيها وهي تنظر له وتهمس بنبرة تهكمية:
    تطلع الأخطاء السبعة وإلا تحسر على حالك لأنك كنت تتمنى ناس ثانين يكونون مكاني

    حينها رد ببرود: ناس ثانين مثل من

    أجابته حينها بمباشرة غاضبة وكل الأقنعة تسقط: بنت خالك مثلا يابو عين زايغة

    حينها أجاب ببساطة حازمة: لو أنا أبغي بنت خالي على قولتش
    ترا أبسط شيء إنه أتصرف تصرفات القرون الوسطى و أقرع على خالش من يوم دريت إنه خطب
    ولو كنت مثل ما تظنين فخطبة خالش بتحل كل مشاكلي
    لأني لو خطبت عادي لهم حق يردوني لكن لو قرعت ما لحد حق يفتح ثمه
    كذا تقول العوايد يا اللي تعرفين العوايد
    ولو حتى بغيتها الحين ممكن أروح أشتكي عند كبار القبيلة وأخلي خالش يطلقها
    صحيح هذا مهوب حق في الشرع ولا الدين بس حق في العادات والتقاليد
    والرجال العاشق ماعليه شرهة
    أشرايش عالية أسويها

    عالية صمتت بغيظ وغضب وألم أوسع من كل ألم
    وما يؤلمها حتى آخر شرايينها أنه محق تماما!!

    لو كان يريد وضحى ويحبها كما كانت تظن كان يستطيع أن يحجرها على خالها
    فالمحب يستحيل أن يتخلى عن حبيبه تماما كما فعل هو معها الآن بينما هي فعلت العكس العكس تماما!!!


    بدا لها الأمر بسيطا واضحا إلى درجة الوجع ولكن الأمور لا تكون بهذه البساطة والوضوح لامرأة مجروحة!!

    شعرت بتزايد حزنها ووجعها في قلبها حتى شعرت أنها تريد أن تتقيأ دون أن تستطيع!!


    تبادلا النظرات الصامتة لثوان ثم تمدد عبدالرحمن وهو يهتف بسكون:
    تصبحين على خير

    ابتلعت غصتها الصامتة شعرت لضخامة الغصة أنها ستتقيأ فعلا وهي تبتلعها رغما عنها
    " يا الله كم هو مرهق!! "


    بينما هو كان مرهق فعلا متعب من هذه المواجهة القصيرة
    لم يتخيل أن ليلته الأولى مع عالية لن تكون سوى مأساة واستنزاف لمشاعره وأعصابه بهذه الطريقة
    ألا يستطيع أن يناديها ويقول لها تعالي جواري فقط أريد أن أسمع أنفاسك من قرب
    أنفاسك التي رافقت روحي وأخرجتني إلى ضوضاء الحياة!!

    لماذا كل هذه التعقيدات بينهما
    وهو يحاول بفشل ذريع أن يتجاوزها ليجد حاجزين ممتدين أمامها
    معايرتها الجارحة له
    ثم إحضاره لها بطريقة مطلقا لا تناسب قدرها الكبير عنده !!
    رغم أنه بذاته إنسان غير معقد أبدا واعتاد على أخذ الأمور ببساطة وشفافية
    فلماذا يحضر التعقيد بينهما

    وهو يتمدد. تذكر أن الغرفة ليس بها مكان مناسب للنوم عدا هذا السرير
    لأن هذه غرفة مؤقتة له
    والجلسة الصغيرة في الزاوية عبارة عن أربع مقاعد دون أريكة حتى!!

    حاول أن يعتدل بذات الصعوبة التي عاناها في تمدده وكانت مازالت تجلس على المقعد ليهمس بذات السكون:
    عالية تعالي نامي جنبي مافيه مكان تنامين فيه
    ثم أردف بتهكم موجوع: ولا تخافين السرير كبير وأنا واحد مكسح
    ما أقدر أجي جنبش

    شهقت بعنف ولكنها كتمت شهقتها بداخلها مع أخواتها الأخريات
    وهي تسمع معايرتها له بلسانه تبدى لها مقدار بشاعة الكلمة وقسوتها ووحشيتها
    بدت الكلمة فعلا بشعة لأقسى صور البشاعة التي لا يمكن تخيلها حتى!!


    " أ حقا جرؤت أن أجرحه بهذه الطريقة غير الإنسانية
    أ حقا فعلتها"


    قفزت للحمام دون أن ترد عليه
    شعرت أنها ستنفجر في البكاء أمامه ودون مقدمات
    لذا أغلقت باب غرفة التبديل ثم باب الحمام لتنتحب

    يا الله أي ليلة زواج هذه التي قضت أكثر من ثلاثة أرباعها في النشيج والنحيب!!


    حين استكانت بعد أن فرغت ثورة بكائها
    خرجت لغرفة التبديل لترتدي بيجامة حريرية واسعة بلون مشمشي
    لا تعلم لماذا اختارتها
    كانت أقرب شيء ليدها ربما!!
    بريئة ودافئة ربما!!



    حين خرجت كان يتمدد على جنبه عيناه مفتوحتان لكن مسبلتان جزئيا


    "يفكر مهموم !!
    وأي شخص بحاله لا يكون هموما اجتمعت عليه المصائب
    العجز والقهر والحبس. وأنا !! "


    اعتصمت بمكانها في مقعدها حتى أذن الفجر الذي لم يكن بعيدا أساسا
    حينها رأته يزيح غطائه ويحاول النهوض رغما عنها قفزت لتقف
    محاولة الاعتدال وهو يسحب قدميه بدت مؤلمة
    فكيف بمحاولة النزول عن السرير للكرسي المتحرك

    ولكنها لم تتحرك من مكانها فليس لها حق الاقتراب ولا عرض المساعدة!!
    لها حق تجميع الغصات فقط!!


    هــو شعر بأذى نفسي كبير أنها تراقب عجزه وقلة حيلته من هذا القرب
    وقوفها ساكنة متفحصه هكذا يؤلمه بل يذبحه
    ولو عرضت المساعدة فهي ستذبحه تماما لأنها حينها ستريه أي (مكسح) هو!!


    عاني طويلا فعلا لينقل نفسه للمقعد لأن قدميه كانتا متيبستين تماما
    حين دخل للحمام شعرت برغبة مضنية للبكاء هل هناك من آخر لهذه الدموع التي لا تشبهها


    لم تتخيل أن رؤيته بهذا العجز وقلة الحيلة سيؤذيها بهذه الطريقة
    والمؤذي أكثر من كل شيء معرفتها أنه يكابر على وجعه حتى لا يبدو كما قالت له في كلمتها البشعة.


    بقيت معتصمة بمكانها وآلامها الغريبة تتسع وتتسع
    خرج بعد عشر دقائق مرتديا ثوبه ولكنه يحتاج إلى من يسدله له على قدميه

    حينها وقفت وهي تهمس له بحزم رقيق:
    لا تصير سخيف وتعيي
    خلني أوطي لك ثوبك

    هتف لها بحزم أشد: إبي ينتظرني في الصالة وبيوطيه لي

    حينها همست بنبرة أقرب للرجاء: وتشوفها زينة في حقي قدام إبيك إنك طالع من عندي وشكلك كذا

    فأجابها بنبرة أقرب للألم: وهذا كل اللي هامش
    خلاص تعالي وطيه

    ألم شفاف فعلا يغمر قلبيهما النقيين ألم ماعاد له معنى وكل منهما يرى كم الآخر مجروح منه.!!

    انحنت لتسدل ثوبه على قدميه
    تمنى حينها وهو يراها قريبة هكذا لو استطاع أن يضع كفه على رأسها ويقول لها كلمة واحدة تسمعها منه بشكل مباشر: (أنا أسف)

    وتمنت هي لو دفنت رأسها في حجره وبكت فيض دموعها وغصاتها المكتومة وهي تهمس بكلمة واحدة: (أنا آسفة)


    غريب هو الإنسان كيف يهوى تعذيب نفسه!! ويبحث عن مبررات لهذا العذاب وأسباب!!
    مع أن أسباب التسامح والسعادة أقرب وأقرب!!!

    غريب هو الإنسان كيف يكون سهلا عليه أن يغضب ويجرح!!
    ثم يكون صعبا عليه أن يحتوي ويسامح!!

    غريب هو الإنسان كيف يرضى بالعطش والماء بين يديه!!

    غريب هو الإنسان يرضى أن يكون جارحا ويرفض أن يكون مجروحا!!
    غريب هو الإنسان كيف يريد مع كونه جارحا أن يتلبس دور الضحية!!
    ويرفض دور الجلاد مع رفضه للجرح.
    فكيف تكون ضحية لم تُجرح!!
    وكيف تكون جارحا وأنت لست بجلاد !!!


    تساؤلات دارت في النفسين المعذبتين على ذات المستوى من القهر والوجيعة
    وهي تراه يغادرها للصلاة
    ثم وهي تصلي وتقرأ وردها ولا تكف عن البكاء
    ثم وهي تكتم شهقاتها وهي تراه عائدا من الصلاة


    اقتربت هذه المرة دون أن تتكلم لتساعده على خلع ملابسه
    فما عادت تحتمل أن تتركه يتعذب هكذا لوحده وهي مازالت لم ترى عذابه سوى لليلة واحدة

    وتمنى هو أن يرفض
    ولكنه لا يستطيع أن يكون لئيما ولا يعرف

    وهو يعرف أنه إن رفض سيجرحها وهو عاجز عن جرحها متقصدا
    فهو إن كان جرحها عن غير قصد فلا يستطيع أن يكون مثلها ويفعلها عن قصد.


    بدا كل شيء بينهما حينها كثيفا وجارحا وحساسا ومغمورا في شعور جارف لا يمكن صده ولا تحديده
    أنفاسه الدافئة المتوترة قريبة منها وتلفح وجهها!!
    وأناملها الباردة الأكثر توترا على عضده وكتفيه!!


    بدت العملية أكثر من مجرد خلع ثوب إلى معضلة إنسانية موجعة بين الفعل ورد الفعل!!
    بين إحساس كل منهما بالذنب وبالجرح في ذات الوقت!!
    بين إحساس كل منهما بالقرب والبعد!!
    بين اختلاج الإنفاس وارتعاش اللمسات !!

    حين انتهت وهي تشد ثوبه مبتعدة كان كل منهما يشد أنفاسه التي شعر بها احتبست من هذا القرب اللاسع

    همست بخجل وهي عاجزة عن النظر له: أقومك على السرير

    فرد عليها بثقل عميق: لا أقدر بروحي

    فكلاهما بدا غير قادر على احتمال جولة أخرى من هذا القرب المموه اللاسع الجارح!!!

    وبالفعل حاول نقل نفسه بصعوبة بالغة لسريره حتى نجح
    تمدد على جنبه وأسبل عينيه وهي مازالت واقفة
    همس بإرهاق شديد وهو مغلق العينين: تكفين عالية تعالي نامي أنا ميت من التعب ومستحيل أقدر أنام وأنا عارف أنش قاعدة صالبة نفسش كذا

    تنهدت بعمق " إذا كنت عذبا وشفافا هكذا
    فكيف استطعت أن تجرحني بهكذا قسوة"


    وقفت لثوان ثم اقتربت من الناحية الأخرى
    تمنت أن تهرب من المكان كله
    لكنها لم تستطع أن ترفض وهي ترى كم هو متعب!!
    لم تتخيل أن رؤيته قريبا هكذا ستفجر في داخلها مشاعر على مستوى آخر
    أنها تود أن تكون جواره تخفف عنه
    تنسيه هم هذا الثقل الذي لم تستطع هي احتماله فكيف بمن يعانيه


    اقتربت وهي تختنق بخجلها لتجلس على طرف السرير الآخرلم تستطع أن تتمدد حتى
    علم أنها أصبحت جواره هي تسلل إلى أقصى خياشيمه رائحة عطرها العذب المعذب

    فتح عينيه لتنتفض هي بجزع همس بسكون: ليش قاعدة كذا انسدحي ترا أنا ما أعض

    تمددت وهي تشعر كما لو كان الفراش يتحول لفراش من مسامير
    شدت الغطاء على كامل وجهه وهي تترك فقط عينيها اللتين كانتا نتظران نحوه وهي تمسك الغطاء على وجهها.

    حينها همس بيأس حقيقي بصدقه الشفاف: تكفين عالية لا تزيدينها علي
    والله إني ندمان إلى جبتش بذا الطريقة اللي ما تناسب قدرش عندي
    فلا تزيدينها علي وأنا أشوفش خايفة وحزينة كذا!!


    حـــيـــنـــهــــا.
    انفجرت تماما في البكاء ماعادت تحتمل ماعادت تحتمل!!
    أيكون نادما لأنها أحضرها هنا
    وهي أ ليست نادمة ألف مرة على تجريحها البشع له الذي دفعه لهذا التصرف

    هو حين رآها تبكي هكذا شعر بقلبه يتحطم لشظايا
    ظنها تبكي لأنه شعرت بالقهر منه ومن تصرفه معها

    شد نفسه بصعوبة ليقترب منها ثم ربت على كتفها بحنو ذائب وهو يهمس بذات الحنو الذائب الموجوع:
    عالية يا قلبي والله أني آسف الله يلعن الشيطان ويباس الرأس
    تكفين لا تبكين والله قلبي ما يستحمل
    وش اللي يرضيش تبين ترجعين بيت هلش وننتظر لين أقدر أمشي وعقب نحدد عرس أنا حاضر
    أدري إنه كلام مهوب منطقي عقب ماجيتي عندي وأمسيتي في بيتي!!
    بس أنا ما علي من حد وما يهمني كلام الناس يهمني اللي يرضيش أنتي
    تبين الطلاق صدق أنا حاضر حتى لو كان الموت أهون علي المهم أنتي


    تزايد نحيبها وهي تدفن وجهها بين كفيها
    بينما شعر هو أن شظايا قلبه المحطم تتزايد تطايرا كلما رأى تزايد بكاءها
    تمنى لو يشدها ليحتضنها وهو يرى نفسه عاجزا عن تهدئتها
    ولكنه لم يرد أن يزد رعبها منه رعبا


    هـــي مطلقا لم تكن مرعوبة ولا خائفة. بل محض نادمة!!
    عاجزة عن تجاوز تجريحها له الذي يتغلغل ألمه في روحها
    تشعر أن شفافية روحه تكاد تضيء جوانحه بينما تشعر هي أنها روحها ملوثة بسواد لا يليق بطهر روحه!!


    همس عبدالرحمن بذات الحنو الموجوع وهو يمد يده المرتعشة ليمسح على شعرها:
    عالية بس تكفين طالبش خلاص
    زين كلميني بس سبيني لو تبين
    بس طالبش ما تبكين كذا!! حرام عليش بروحي نفسيتي زفت

    حينها أزالت كفيها عن وجهها لتقترب هي منه وهي تحارب خجلها وحزنها ويأسها وتوترها وتصدمه بدفن وجهها في منتصف صدره.


    وحينها ماعاد للكلمات معنى أو قيمة !! تضاءلت كل قيمة لها ومعنى أمام معجزة إحساس سماوي غير مسبوق.


    فيكفيه ارتعاشها بين يديه ودموعها تغرق صدره وأنفاسها تبعث قشعريرة قارصة في كل خلاياه

    ويكفيها صلابة ذراعيه تحيطها بكل حنان العالم وهي تتوسد عضده وتستمع إلى دقات قلبه المتصاعدة من هذا القرب!!



    يكفيه أنها غفرت له جرحه لها وهي تطهر روحه بلهيب دموعها وأنفاسها الساكنة بين حناياه

    ويكفيها أن صدره كان الميناء الذي استقبل بشاعة معايرتها له دون أن يجعل هذه الكلمة المرعبة سدا بينها وبين ميناء حضنه



    يكفيهما هذا الإحساس بالذوبان والتماهي والامتزاج وكل منهما يشعر أن خطيئته في حق الآخر هي الأكبر
    ويشكر الله على نعمة التسامح التي منحها لقلبيهما ولسكينة روحيهما




    #أنفاس_قطر#
    .
    .
    .

    أدري البعض الحين بيقولون خليتهم يتراضون بسرعة موب منطق
    بأقول لهم إلا هذا هو المنطق اللي أنا قصدته هنا
    من أسهل ما يكون أني أطول في زعلهم كم بارت وأحداث زعلهم تمشي جنب لجنب مع أحداث الباقين
    لكن أنا قصدت تمام أخليهم يتراضون بسرعة لسبب مقصود جدا أعتقد إنه وصلكم : )
    .
    .
    .






    رد مع اقتباس  

  2. #202  
    المشاركات
    3,260
    الجزء 76
    .
    قراءة ممتعة مقدما
    .
    .
    لا حول ولا قوة إلا بالله
    .
    .




    بين الأمس واليوم/ الجزء السادس والسبعون





    الليلة السابقة
    ملكة وضحى ونايف
    .
    .
    .




    " يا الله وش إحساسش ياعروس "


    وضحى بتوتر خجول: ما أدريمرحلة عدم توازن!!
    ثم أردفت بحزن عميق: وحزينة واجد
    تخيلي تميم مابارك لي!!

    كاسرة هزت كتفيها بحزم: أنا ما أدري أنتي وش مزعلة تميم فيه بس عطيه كم يوم
    تميم قلبه كنه قلب طفل مسرع ما ينسى!!


    وهما تتحاوران رن هاتف كاسرة ابتسمت وهي تشير للهاتف: السكنية سمور تتصل

    وضحى بعتب: أنا زعلانة عليها ومتقصدة ما أرد على تلفوناتها
    أكلمها أقولها تعالي أنا محتاجتش تطنشني

    كاسرة حينها تنهدت: ردي عليها لا تزودينها عليها ظنش إنها لو روحتها طبيعية لأهلها كان قعدت كذا كله وفوتت ملكتش بعد

    وضحى صرت مابين حاجبيها وهي تهمس بتردد: أنا عارفة إنه فيه شيء مهوب طبيعي بس كل ما سالتها تقول لا
    وأنا ما أتخيل سميرة تدس علي


    حينها ربتت كاسرة على خد وضحى وهمست بعمق: بكرة لا تزوجتي
    دريتي إنه اللي يصير بين الأزواج بيكون سر المفروض ماحد يدري به!!
    كلمي سميرة وخذي بخاطرها






    ************************************





    " يأمك ليش ما باركت لأختك
    عيب عليك اللي تسويه فيها!!
    وضحى ما تستاهل منك كذا!!
    زين وصار اللي صار كانت بزر ونيتها صافية وغلطت دون قصد
    بس أنت عارفها زين وعارف أخلاقها عيب عليك تشك فيها ترا كنك تشك في روحك!!"


    تميم يشير بألم: يمه موجوع منهما واجد أنتي عارفها غلاها عندي
    كن حد حرقني بالنار يوم دريت
    والله العظيم كان ودي أخذها في صدري وأبارك لها
    بس على قد غلاها وجيعتي منها!!
    عطيني كم يوم يمه كم يوم أدري عظامي ما تشلني عليها!!

    حينها همست مزنة بحزم: زين خلنا الحين من وضحى
    ومرتك

    انتفض تميم: وش فيها سميرة

    مزنة بحزم: خلاص مالك عذر أول تعذر أنك مشغول مع وضحى وبفحوصها
    هذي وضحى تملكت وخلصت
    بكرة تروح وتجيب مرتك

    حينها أشار تميم بيأس: بس يمه أنا خايف هلها يعقدون السالفة
    وأنتي عارفتني نفسي عزيزة واجد وأكره ما علي أقعد قدام حد يحاسبني

    حينها ابتسمت مزنة وهي تقف وتهمس بنبرة مقصودة:
    زين أنت روح بكرة واتصل بس لمرتك وقل لها تنزل لك
    وراضها مثل ما الناس السنعين يراضون نسوانهم
    ومهوب أنا اللي أعلمك السنع






    ******************************




    " ها سمور شأخبار العروس"


    سميرة تضع هاتفها جوارها وتهمس بابتسامة: مسوية روحها مستحية الأخت
    لا وزعلانة ليش إني ماجيت

    حينها نظرت لها نجلاء نظرة مباشرة وهمست بنبرة مقصودة:
    وليش مارحتي صار لش أكثر من أسبوع هنا ترا

    سميرة تتشاغل بشيء في يدها وهي تهمس بنبرة تمثيلية: بأروح ذا اليومين
    تميم كان لاهي شوي وعنده مشاغل

    نجلا تنظر لها نظرة مقصودة: زين سلمي لي على تميم لا رحتي

    سميرة تزايد تشاغلها بما في يدها حتى لا تنفجر في البكاء
    تعلم أن أسرتها باتت تشعر بشيء مريب
    الكل بدأ يلمح لها بالسؤال إن كان هناك مشكلة بينها وبين تميم والدها ووالدتها ونجلاء وغانم
    وهي تصر أنه لا شيء وتعلم أن التلميحات ستتحول قريبا لتصريحات
    ستموت أن جابوها بشكل مباشر تعلم ما الذي سيحدث

    " أ ليس هذا من اخترتيه رغم تحفظنا الشديد على اختيارك
    أليس هذا من أصريتي بكل قوتك عليه
    فما الذي حدث الآن "

    باتت تفكر بشكل جدي أن تعود لبيتها حتى لو لم يرجعها تميم
    أ لم يقترح عليها أن تبقى كأخت لو أرادت وهكذا ستفعل إن لم يكن يريدها زوجة

    ولكن مهما كان كرامتها تمنعها أن تتصرف هذا التصرف
    كيف سيحترمها لو تصرفت هكذا

    يا الله تتمزق من كل هذا تتمزق ولا تستطيع طلب المعونة من أحد
    حتى خالتها مزنة ماذا تقول لها
    اطلبي من تميم أن يرجعني




    **************************************






    رد مع اقتباس  

  3. #203  
    المشاركات
    3,260

    " عاد أنا جيت في الوقت الضايع
    لا حضرت ملكتك
    ولا حضرت روحة عالية لبيت سبع البرمبة!! "


    نايف بضيق شديد: لا تذكرني لا تذكرت طرا علي أخنق عبدالرحمن وأبيك فوقه

    هزاع يضحك: عبدالرحمن بكيفك بس عاد أبو صالح دون حلقه حلوق

    نايف بذات الضيق: تلايط بس وأنت من يوم جيت بس تنكت أنت ووجهك

    هزاع مازال يضحك: الشرهة علي اللي جيت أبارك لك وقلت أمسي عندك وأسهر عندك ياعريس

    نايف بتحسر: الله ينكد على عبدالرحمن مثل ما نكد علي قال عريس قال

    هزاع بمرح: لا تخاف عليه عنده بير نكد الليلة عنده حبيبة قلبك بتقوم بالواجب وزيادة

    نايف بذات نبرة التحسر: حتى الشوفة مالحقت أشوفها
    قهروها قهروها وقهروني معها !!

    حينها همس هزاع بجدية: أنا أبي أدري ليه حارق نفسك كذا صار لك ساعتين تأكل في روحك
    والأخت تلاقيها طابخة الطبخة مع رجالها

    نايف تفجر بغضب: ما اسمح لك تقول عنها كذا

    هزاع حينها تفجر غضبه المكتوم عارما: بلا ما تسمح لي بلا بطيخ
    الشيخة عالية طايحة مكالمات مع حبيب القلب وأنت بتموت من الحزن عليها

    نايف بصدمة حقيقية: كذاب عالية ما تسويها كذاب
    وحتى لو سوتها أنت أشلون تدري وساكت يا الرخمة

    هزاع حينها هز كتفيه وهو يتماسك: توني دريت اليوم الصبح وأنا رايح الكلية
    إبي قال لها تروح تسوي له جمر
    فهي خلت تلفونها وقامت خذته أبي أشوف مسجاتها
    وخصوصا إنها ذا الأيام صارت مستحيل تخليه يطيح من يدها واستغربت إنها خلته ذا المرة

    يوم فتحته انفجعت بالمسجات اعتذارات بالكوم والمسكين قلبه ذايب من جده

    ما قدرت افهم السالفة لأن إبي صاح علي : ماعاد إلا تلفونات النسوان تقلب فيها يا الرخمة

    حطيت التلفون وأنا مولع وأبي أروح أوريها شغلها بس إبي موجود وأنا كنت أبي السالفة بيني وبينها بس
    وموعد الكلية تاخرت عليه وانا عندي امتحان اليوم قلت خلاص لا رجعت وريتها شغلها

    ثم أردف بابتسامة: بس سبحان الله جيت لقيتها في بيت رجّالها
    خلاص خلهم ينلمون بدل الفضايح!!


    نايف بصدمة حقيقية: عالية تكلمه وتدس علي بعدعشان كذا كانت بتموت عشان أخذ بنت خاله

    ثم أردف بغضب كأنه يكلم نفسه:
    زين ياعالية زين دواش عندي عطيني كم يوم بس



    ***********************************





    " مبروك ملكة وضحى جعل تشوفين عيالها "


    مزنة تهمس برقة وهي تتناول غترة زايد منه: قلتها لي قبل

    ابتسم ابتسامته الفخمة المعهودة وهو يجلس على الأريكة ويشير للمكان الخالي جواره: بس وجه لوجه غير

    مزنة همست بذات الرقة وهي تجلس حيث أشار : الله يبارك فيك
    ثم أردفت بنبرة حزن مخفية: ولو أنه صعب علي أتخيل إن وضحى بتتزوج
    هذي آخر العنقود ولحد الحين في عيني أشوفها صغيرة

    زايد بذات الابتسامة وهو يستدير ناحيتها: خلي كساب وكاسرة يتشطرون ويجيبون لنا أحفاد يلهوننا عن عيالنا اللي عرسوا

    مزنة حينها ابتسمت بشفافية: الله يرزقهم برزقه


    وحينها مد زايد يده ليمسك بذقنها بين سبابته وإبهامه وهو يهمس بنبرة خافتة دافئة: استغرب وحدة لها ابتسامتش وما تكون مبتسمة على طول

    رغما عنها حضر لها شعور الارتعاش الذي يجتاح فؤادها ما أن يهمس لها زايد بهذا الدفء
    وكأنها تختبر هذا الإحساس لأول مرة

    "وكـــأنــــهـــــا؟ "


    هي فعلا تختبر هذا الأحساس للمرة الأولى.

    والد مهاب لم يعش معها إلا لفترة قصيرة
    أما زوجها الثاني فقد توفي وهي في نهاية العشرينات وهي في صباها كانت حادة الطباع نوعا ما
    حدة هدأتها مرور السنوات وزيادة التدين
    وربما كانت حدتها القديمة حاجزا فصل بينها وبينه
    عدا أنه رحمه الله كان لين الطباع لأبعد حد وترك لمزنة حرية التصرف كيف تشاء

    لم تشعر بهذا الإحساس بالاحتواء بالرجولي المثقل بالزخم إلا الآن
    مـــع زايــــــد!!

    ثم أفسد هذا الإحساس الرائع المذهل المحلق ما همس به زايد بنبرة أكثر دفئا وعمقا وحنانا كأنه يحادث نفسه:
    صحيح الحين ابتسامتش أحلى بدون مقارنة حتى
    بس أول كنت لا شفتش تبتسمين وحن صغار أحس عظامي تبرد لدرجة إني ما أقدر أتحرك من مكاني

    لا تعلم لـِمَ شعرت بضيق غريب. (أول) ليس الآن!!!
    لا تعلم لماذا بدا لها هذا الماضي كأنه حاجز غير مفهوم
    فهذه ليست المرة الأولى التي يفصل فيها في الحديث بين ماكانت في الماضي وما هي الآن كما لو كان يتحدث عن امرأتين مختلفتين!!

    مزنة كانت على وشك النهوض لولا أنه منعها وهو يشدها من كفها التي احتفظ بها بين كفيه وهو يهمس بدفئه المتجذر الغريب:
    زعلتي

    ابتسمت ابتسامتها التي لا يعلم أتعجبه لإثارتها وحسنها أم تثير شجنه بذكرياتها وماضيها :
    وليش أزعل

    زايد بعمق: ما أدري أخاف أني أحيانا يمكن أضايقش بكلامي اللي ماله معنى

    حينها همست بنبرة مقصودة: دامك تشوفه ماله معنى فليش أزعل من شيء ماله معنى
    إلا لو أنت شايفه شيء ثاني وله معنى

    حينها صمت صمته ضايقها أكثر
    كانت تريد القيام وللمرة الثانية يمنعها

    هذه المرة مد كفه ليدخلها في جانب شعرها المنسدل
    أنامله تغوص بين خصلاتها وباطن كفه على خدها
    ويشدها ناحيته ليلصق خده بخدها الآخر وهو يهمس في أذنها بنبرته التي تجمد الدماء في شرايينها حين يهمس اسمها بهذه الطريقة:
    مزنة لو شفتي مني أي شيء يضايقش استحمليني شوي
    أنا مثل واحد كان طول عمره يشرب مع فتحه تنقط الماي نقطة نقطة
    وعقبه عطوه أكبر وأعذب نهر في الكون أشلون بتكون ردة فعله



    " هل يوجد أعذب وأرقى من هذا الرجل"
    كان هذا هو ما يدور في رأس مزنة وهي تمد ذراعيها لتطوق هي عنقه ولتهمس هي في أذنه بصوتها الذي يذيب أوصاله بنبرة دافئة عميقة:
    الله يقدرني وأسعدك بس ما أبي شيء أكثر






    *******************************





    " حبيبي تكفى ما تكون تضايقت من اللي صار من عبدالرحمن الليلة"

    عبدالله يتنهد ومازال رأسه مسندا لفخذها وأناملها تعبر خصلاته الكثيفة:
    ما أقدر أقول أني ما تضايقت بس في النهاية حسيت إن ضيقي ماله معنى
    عبدالرحمن طلب حقه ويمكن لو كنت مكانه كان سوبت نفسه
    رجال محكور ما يطلع إلا بصعوبة والكل لاهي عنه
    من حقه تكون مرته جنبه في ذا الظروف
    واللي ضايقني عقب إنه ليش إحنا ماعرضنا عليه ذا الشيء
    ليه حديناه يحرج نفسه ويحرجننا

    جوزاء مالت لتقبل جبينه وهي تهمس بحنان: صدقني عبدالرحمن بيحطها في عيونه عبدالرحمن أحن مخلوق على الأرض
    بس أنت تكفى ما تتضايق

    عبدالله اعتدل جالسا ثم مد يده ليمسح على بطنها ويهمس بحنان: والله العظيم ماني بمتضايق
    بس أنتي اللي طالبش لا عاد تنحنين على بطنش بذا الطريقة

    حينها همست جوزا بشيء يشغل بالها منذ فترة وبالتحديد منذ صحوة عبدالرحمن من غيبوبته:
    عبدالله

    عبدالله بولع: ياعيون عبدالله اللي يروح وطي لا دعيتيه

    جوزاء حينها مالت لتحتضن ذراعه وهي تهمس بخجل رقيق:
    عبدالله عادك على كلامك أنني ممكن أروح أكمل دراستي

    عبدالله بمودة غامرة ورجولة عميقة: وما أرجع في كلامي بس خل لين تولدين بالسلامة ونروح
    ولا يهمش الوظيفة مضمونة من الحين لو بغيتي

    شددت احتضانها لذراعها وهي تقبل عضده وتهمس بتأثر: ما أبي وظيفة
    أبي أتفرغ لك ولعيالي بس أبي أكمل دراستي





    ***********************************





    " كاسرة بسم الله عليش
    كاسرة قومي قومي "


    كاسرة شهقت وهي تنهض بشكل حاد تمسح وجهها وهي تهمس بنفس مقطوع:
    أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم


    كساب كان لم ينم بعد وهو يجلس جوارها مسندا ظهره للسرير يقرأ في كتاب

    وهي كانت قد نامت قبل أكثر من ساعة وحتى رؤية وجهها وهي نائمة حرمته منها وهي تنام وهي توليه ظهرها
    لذا تناول كتابا يتشاغل به حتى ينام بعد أن صلى قيامه وقرأ ورده

    ثم لفت انتباهه حشرجة غريبة كانت تصدر منها تزايدت الحشرجة وهي تهمس بكلام غير مفهوم

    يبدو أنها تحلم بكابوس ما لأنها بدت متضايقة جدا وملامح وجهها تتقطب حين أدارها بخفة ناحيته

    منذ زواجهما لم يسمعها مطلقا تتكلم وهي نائمة أو حتى حدث معها ما حدث الليلة

    لذا أيقظها وهو يدخل ذراعه تحت كتفيها ويرفعها برفق
    همست بصوتها المقطوع: أعوذ بالله أعوذ بالله صار لي زمان ما حلمت ذا الأحلام

    همس لها بقلق: وش فيش

    همست بذات الصوت المقطوع: أحلام مهيب زينة كنت أحلم فيها من يوم توفى إبي الله يرحمه
    بس صار لي شهور ما حلمت فيها



    منذ وفاة والدها وهي تحلم بكوابيس مرعبة من وقت لآخر ولكنها كانت ترفض أن تحكيها لأحد
    وهي صغيرة كانت لا تحكيها من خوفها منها لكنها حين كبرت كانت لا تحكيها اتباعا للسنة التي توصي بعدم رواية الكوابيس
    ولكنها من بعد زواجها وهي توقفت عن رؤية هذه الكوابيس لا تعلم لِـمَ عادت لها الليلة


    همس لها كساب بحزم حان: تعوذي من الشيطان واتفلي عن يسارش مافيه إلا الزين إن شاء الله نامي

    كاسرة تعوذت من الشيطان ونفثت عن يسارها ثم همست بإرهاق وهي تنهض:
    باقوم أتوضأ وأصلي ركعتين قبل أرجع أنام

    كان كساب يراقبها وهي تتحرك في أرجاء الغرفة بإرهاق حتى أنهت الصلاة وعادت لتتمدد جواره
    هذه المرة لم توليه ظهرها بل أولته وجهها وهي تغمض عينيها

    تمنى بكل جوع روحه الملهوفة القلقة عليها أن يضمها لصدره وألا يتركها تنام إلا على ذراعه وقريبا من قلبه
    وهو ينظر بشجن عميق لملامح وجهها المسترخية بإرهاق شفاف
    ولكنه كتم رغباته في روحه فليس على استعداد أن يعرض عرضا يعلم أنها سترفضه


    وهي أولته وجهها وكأنه ترسل له رسالة من غير شعور منها أنها تحتاج بالفعل أن تنام في حضنه الليلة
    رغم كل التعقيدات غير المعقولة بينهما ولكنها لا تستطيع أن تنكر أنها عاجزة حتى عن مجرد محاولة كرهه
    أو حتى الأقل إيقاف طوفان مشاعرها المتزايد ناحيته
    فلماذا لا تستطيع أن تمنحه الحجم الذي يستحقه؟ ولماذا يستولي على قلبها حتى آخر نقطة وخلية وشريان بينما هي منفية خارج أسواره ومشاعره

    يا الله تشعر أنها ستموت لتدفن وجهها بين عنقه وكتفه وتتنفس عبق رائحته من قرب
    ولكن قلبها مليء بالتعقيدات والضبابية ناحيته

    عاجزة عن مسامحته فعلا عاجزة وكيف تسامحه وهو لم يفكر أن يعتذر حتى
    وكأن كل ما فعله بها حق من حقوقه غير القابلة للنقاش

    بقيا كلاهما ساهرين وكل منهما معتصم في مكانه ومتمرس خلف حصون كبرياءه البغيض
    حتى آذان الفجر






    ***********************************




    اليوم التالي
    .
    .
    .




    " عالية حبيبتي قومي
    باقي على آذان الظهر ساعة"

    كان يهز كتفها برفق شديد الحنو وهو يجلس مسندا ظهره للسرير

    انتفضت بجزع وهي تعتدل جالسة وتشد جيب بيجامتها على عنقها ثم تنظر ناحيته بخجل شديد
    كان مبتسما لها بكل حنان الأرض وجهه مشرق دافئ ومغمور بحنان غريب

    لا تعلم ما الذي حدث لها
    لم تتمالك نفسها أن تعاود الانفجار في البكاء رغم أنها بالكاد سكتت عن البكاء هذا الصباح بعد محايلة طويلة منه وهو يحاول إسكاتها عن بكاءها كطفلة باكية مصرة على الصراخ


    عبدالرحمن حينها همس بألم: عالية الله يهداش حرقتي قلبي أنتي مهوب قلتي لي إنش سامحتيني خلاص وتونا تراضينا
    ليش تبكين الحين وإلا ندمتي على أنش سامحتيني

    عالية بين شهقاتها: والله العظيم مافي خاطري شيء عليك بس أنا ماني بقادرة أسامح روحي
    ما أتخيل أشلون قدرت أكتبها أو حتى أتصورها

    حينها ابتسم عبدالرحمن: زين ما كذبتي أنا مهوب مكسح صدق

    حينها تزايد نحيبها: طالبتك عبدالرحمن ما تذبحني كذا وأنت تعيدها

    عبدالرحمن شد كفها ليحتضنه بحنو وهو يهمس بحنان عميق باسم: كنتي تقولين إنش ما يبكيش شيء
    شكلي تزوجت حنفية دموع

    حينها حاولت مسح وجهها والتماسك وهي تهمس بصوت مختنق:
    وربي اللي خلى خالد آل ليث أغلى خلقه أني عمري ماكنت صياحة كذا
    بس كله منك خليتني حساسة وغبية

    عبدالرحمن يقطب حاجبيه بعدم فهم تمثيلي: نعم عيدي ما سمعت
    من أغلى خلقه ذا وأنا وين مكاني

    حينها ابتسمت عالية ابتسامة مرحة من بين دموعها:
    أبو صالح وعقبه أمي وعقبه خالي نايف وعقبه عبدالله وعقب صالح
    وعقب

    عبدالرحمن يقاطعها باسما: وعقبه راعي البقالة. وعقبه البنغالي اللي يكنس شارعكم وعقبه واحد مات في جنوب أفريقيا

    مازالت عالية تمسح وجهها وتهمس بابتسامة: نسيت واحد في نيبال

    حينها شد عبدالرحمن كفها أكثر ليجذبها ناحيته: مانسيته بس فيه كم واحد قبله لازم نذكرهم

    عالية ارتبكت بشدة حين شدها وارتبكت أكثر حين أحاط كتفيها بذراعيه وهو يهمس بدفء مرح خافت:
    ترا معلق لش في رقبتي وعد

    عالية انتفضت بخجل شديد: وأنا متنازلة عنه

    عبدالرحمن شدها أكثر لحضنه وهو يهتف بذات النبرة الدافئة:
    بس أنا ما تنازلت عنه







    *******************************






    " ليش تأخرتي كذا
    صار لي عشر دقايق من يوم اتصلت لش وقلت لي نازلة"


    كاسرة تغلق بابها وهي تهمس بنبرة أقرب للبرود: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    آسفة أستاذ كساب غصبا عني
    وعلى العموم أنت اللي مارضيت إن السواق والخدامة يجوني

    كساب بنبرة حازمة أقرب للغضب: تدرين إني ما أرضى حد يوديش أو يجيبش غيري إلا لو كنت ما أقدر
    وش اللي تغير

    كاسرة بذات النبرة الباردة: ماتغير شيء بس أنت اللي قاعد تنافخ عشان تأخرت
    صمتت لثانيتين ثم أكملت بثقة: وعلى العموم أنا كنت نازلة بس اتصل لي المدير وعطلني بإلحاحه

    حينها نظر لها كساب نظرة حادة مباشرة وهتف بحدة مباشرة أيضا:
    وحضرة المدير المبجل ليش كان يلح

    كاسرة تنهدت ثم أجابته مباشرة: فيه ورشة عمل في البحرين كنت وافقت عليها يوم كنت عند هلي على أساس تميم بيروح معي
    لأنها يوم واحد بس.
    وبلغتهم رفضي من فترة بس المدير مهوب راضي ويحاول يقنعني أروح لأنهم ما كنسلوا السفرة أساسا

    حينها سألها كساب بنبرة مقصودة: ومتى الورشة

    كاسرة بسكون: بكرة من الساعة 4 لـ8 الليل بس أنا خلاص بلغتهم رفضي

    حينها هتف بنبرة حازمة لا تخلو من التهكم: وليش ترفضين هذا كله عشان ما تطلبين مني

    كاسرة أجابته بنبرة أكثر حزما ولا تخلو من التهكم أيضا:
    وليش ما أطلب منك أنت رجالي وملزوم فيني
    بس أنا عارفة أنك ما تقدر أدري إنك مشغول في تجهيزات عرس علي خلاص ما بقى شيء كلها كم يوم
    عدا إني أدري إنك بتسلم مشروعين الأيام الجاية وتوقع عقد مشروع جديد
    وأكيد ماعندك أي وقت فاضي عشان أشغلك بسالفتي.

    حينها قطب حاجبيه وهو يسأل: من وين عرفتي أخبار مشاريعي وأنا ما قلت لش

    همست بسخرية: اخبارك أعرفها من عمي زايد ليه أنت تتنازل تقول لي شيء

    أجابها بسخرية مشابهة: والله قبل كنت أقول لش بس ذا الأيام أنتي حتى ما تطلين في وجهي عشان أعطيش أخبارش

    ثم أردف بثقة: وعلى العموم مشاغلي أعرف أتصرف فيها زين
    تجهزي نسافر بكرة الظهر والحين بأتصل في سكرتيري يحجز لنا
    وبنرجع بعد بكرة الصبح





    *************************************





    " أنا رحت أصلي وتغديت مع إبي ورجعت وأنتي قاعدة هنا ما طلعتي"

    عالية بخجل: والله أمك وشعاع ماقصروا كلهم طلوا علي وحايلوني
    بس أنا اللي مستحية
    وحتى الغدا أرسلوه لي هنا بس أنا مستحية أدري غريبة أنا مستحية كذا
    بس شأسوي غصبا عني

    حينها همس عبدالرحمن بتأثر: أنا عارف إني حرمتش حقتش من إنش تكونين عروس
    وأطلع أنا وأنتي ونسافر .

    عالية تقاطعه بابتسامة: بس لا تصير سخيف
    خلها معلقة لي في رقبتك عادك بتوديني لين تزهق

    حينها ابتسم عبدالرحمن بخبث: ياكثر اللي تعلقينه في رقبتي وعقبه ما تبينه

    عالية اشتعل وجهها احمرارا: ياثقل طينتك تعال بس خلني أساعدك تبدل ملابسك





    *******************************





    " يمه وش ذا بعد توني متغدية"

    أم عبدالرحمن تضع صحن الكعك والعصير على طاولة شعاع وهي تهمس بنبرة أقرب للغضب: أي غدا اللي ماكلتي منه إلا لقمتين
    والحين حن عقب صلاة العصر

    شعاع برقة : يمه جعلني فداش والله ماني بمشتهية اعفيني

    أم عبدالرحمن بتصميم: والله ثم والله لو ماكلتي ذا كله إني ما أحاكيش اليوم كله

    شعاع تقفز بجزع لتلقي الكتاب على الطاولة وهي تقبل رأس والدتها وتهمس بجزع عذب:
    لا طالبتش بأكل الصحن كله مع إني يمه والله زايدة كيلو ونص
    خايفة يأتي يوم الجمعة الفستان مايدخل فيني

    أم عبدالرحمن رفعت برقعها لتقبل خد شعاع وهي تهمس بحنان:
    وين ذا الكيلو ونص وانتي ذابحة روحش مذاكرة وحتى الرقاد ماترقدين

    حينها همست شعاع بيأس وهي تعاود الجلوس: يمه فصل تخرج عدا أني أحاول ألهي نفسي عشان ما أفكر بعرسي

    أم عبدالرحمن بحنان مصفى: يأمش لا تحاتين شيء رجالش يمدحونه واجد ويقولون رجال فيه خير ومصلي

    شعاع بعذوبة: يمه أدري ذا كله والله بس بس ماني بعارفة حتى أشلون أتعامل معه
    الرجّال مريض وانا مابعد أعرفه ولا أعرف طبايعه
    أخاف أضايقه أثقل عليه !!

    أم عبدالرحمن بذات الحنان المصفى: ياويه ياحظه اللي ضواش يكفيه شوفة وجهش قدامه

    حينها ابتسمت شعاع: ياليته يشوفني بعيونش بس

    أم عبدالرحمن همست بحنان: كل من له عيون بيشوفش كذا
    خلني أنزل أشوف خويتش اللي مثلش ماكلت شيء يافضحي منها والله أني متفشلة في البنية
    وعقب بأروح أشوف تجهيزات العشا والعمال اللي يرتبون الطاولات في الحوش
    وأنتي إياني وإياش تنزلين أولا عندش امتحانات وثاني شيء عرسش الجمعة وعيب النسوان يشوفونش





    **********************************





    " أنا أبي أدري أنت وأبي ليش ملزمين ما أطلع من المستشفى إلا نفس يوم عرسي
    خلاص ما باقي إلا أربع أيام
    بأطلع طلعت روحي"

    كساب يلتفت لعلي الغاضب بطريقته الباردة والحازمة: اقعد ياأخ لا ينقص فيك عرق
    السبب طال عمرك إنك لحد الحين ما تأكل مثل الأوادم
    وفي المستشفى حالك زين ونشيط ووزنك رجع مثل أول. لأنك عايش على المغذيات والفيتامينات اللي يعطونك إياها
    لكن لو طلعناك من الحين بيجي يوم عرسك وأنت حالتك حالة
    خلك متلصمق كذا لين ليلة عرسك لا تفشلنا في المعازيم اللي جايين من كل مكان

    حينها ابتسم علي رغما عنه: حلوة متلصمق ذي شايفني كرتون بيطير (متلصمق=شي متماسك ظاهريا)

    كساب يبتسم: ليتك كرتون إلا قرطاسة
    ثم أردف بمودة: توصي شيء من البحرين

    علي يبتسم: سلامتك أنت أساسا بتلحق تقعد عشان أوصيك
    أنت بس خذ الوقت اللي بتكن فيه مرتك في الورشة تايم أوت عشان تريح
    واجد متعب نفسك ذا الأيام

    كساب باستنكار: يا سلام عليك
    تبيني أخليها في الورشة بروحها أصلا رجلي على رجلها لين نرجع
    أنا حتى الفندق حجزت نفس الفندق اللي فيه الورشة

    علي ابتسم: يا سلام ياراجل ياحمش

    كساب رد عليه بابتسامة مشابهة: أفا عليك لا توصي حريص.





    **********************************





    " يا الله سميرة يامش
    تأخرنا على عشا بنت عمش وصلوح جنني من كثر ما يشد عباتي يبي يطلع
    ومهوي تشد برقعي خلصيني"


    سميرة تلبس عباءتها ووتأكد من وضع الملمع على شفتيها وتهمس باستعجال وهي تنظر للمرأة القريبة من المدخل: هذا أنا خلصت يمه

    حين فتحت أم غانم الباب المؤدي للباحة عادت لسميرة وهي تهمس باستغراب:
    سمور يامال العافية رجالش برا في سيارته وشكله ينتزر
    ليش ماقلتي لي إنش بتروحين معاه كان رحت من زمان

    سميرة ارتبكت لدرجة أن الحقيبة سقطت من يدها وهي تهمس بذات الارتباك:
    نعم تميم

    تناولت هاتفها بسرعة أ يعقل أنه أرسل شيئا وهي لم تراه لإنشغالها بزينتها
    بالفعل وجدت ثلاث رسائل منه وأولها قبل 40 دقيقة

    " حبيبتي أنا أنتظرش برا
    جهزي شنطتش ولا تطولين علي!!"

    سميرة شعرت برعشة حادة قسمتها شطرين وهي تشير لوالدتها أن تغادر
    رسالة بسيطة عذبة ودون تعقيدات

    ثم رسالته الثانية:

    " طولتي علي يا قلبي
    لو تبين وقت زيادة أرسلي لي وأنا بأروح وأرجع بعدين "


    ثم رسالته الثالثة غاضبة عاتبة:

    " أنا ماني برايح لين تردين علي
    ما تبين تروحين معي قولي لي مافيه داعي تنقعيني عند بابكم"


    سميرة تناولت حقيبتها على عجل وهي تخرج له لم تستطع حتى أن تنظر لشيء حتى ركبت جواره
    دفئه الغريب يغمر المكان وعطره الأكثر دفئا يتسلل إلى أنفها إلى أقصى درجات السيطرة!!


    هو كان يقف في الخارج منذ أربعين دقيقة
    كان قد بدأ يسب نفسه أنه وافق والدته شعر بحرج عميق من نفسه
    رغم أن ما خفف عليه أنه يعلم أن غانما ووالده ليسا هنا ولن يحضرا قريبا لأنهما في العشاء عند بيت أبي صالح
    لذلك لن يشعر بالحرج منهما لو سألاه لماذا تقف كل هذا
    ولكن الموقف كله محرج وهي تتجاهل رسائله كان بوده أن يغادر
    لكنه لم يستطع كان يشعر أن هذه هي فرصتهما الأخيرة ولن يدعها تفلت بهذه السهولة

    حين رأى عمته أم غانم تخرج شعر بحرج عميق جدا وهو ينزل ليسلم عليها
    كانت تشير له أن سميرة ستخرج له حالا
    ولكنه لم يستوعب إشارتها غير الدقيقة لشدة حرجه !!

    ولكنه ما أن عاد لسيارته حتى فهم ما المقصود إذ رأها تعبر الباب متجهة نحوه
    شعر حينها أن طبول الحرب أعلنت صراعها بين جنبات قلبه وروحه وشرايينه وأوردته

    أما حين ركبت جواره شعر أنه يريد أن يفتح جيبه قليلا
    لأنه شعر كما لو أن كل الأكسجين المتواجد في السيارة قد فرَّ خارجها هاربا من سطوة حضورها!!


    لم يشر لها بشيء ولم تشر له بشيء وهو يحرك سيارته مغادرا
    كانت تعبث في هاتفها بين يديها
    لتصله رسالة بعد ثوان:

    " أنا آسفة
    والله العظيم ماشفت رسايلك إلا الحين"


    لم يرد عليها وقتها بشيء لأنه كان مشغولا بالسواقة
    لكن ما أن توقفت السيارة في الإشارة
    حتى التفت لها مشيرا بشجن عميق:

    أنا اللي آسف وآسف على أشياء كثيرة ما أدري متى بتسامحيني عليها
    ما كفاش وش كثر عاقبتيني الشهور اللي طافت!!

    سميرة حينها شعرت أنها اختنقت تماما بعبراتها وأنها قد تنفجر في البكاء بين لحظة وأخرى
    كان بودها أن تقول " كنت أعاقب نفسي قبل أن أعاقبك" ولكنها شعرت لضخامة العبرات أنها عاجزة حتى ان اختراع إي إشارة!!

    كانت تدعك أناملها بعصبية لم تشر له بشيء وهي مشغولة بالتفكير
    ولكنها انتبهت بعد فترة أن الطريق طال أكثر من المعتاد
    لتصدم أنها تتجه في طريق مختلف تماما
    لم تجرؤ حتى أن تتساءل الهواجس والحزن واليأس والأمل مشاعر تصطرع في ذاتها على أقسى مستوى!!

    حتى توقفا بداخل منتجع "شرق" لم يتوجه للداخل بل توجه للفلل الصغيرة في الخارج بعد أن سلم سيارته لموظف صف السيارات

    شعرت سميرة بالتوتر والترقب أ يعقل أن يكون قد أعد لها مفاجأة ما
    شعرت حينها بشعور طفلة مبهورة الأنفاس تترقب هديتها بفارغ الأنفاس

    كانت سميرة تراقب تحركاته وهو يفتح الباب
    أي أن حجزه حجز مسبق وسبق له الحضور

    في خلال الدقائق القليلة بعد دخولهما للمنتجع دار في رأسها عشرات الأفكار
    ولكن ما رأته أمامه فاق الوصف فاق الوصف تماما
    فالمكان كله كان غارقا في الأزهار والشموع بطريقة بارعة غاية في الاتقان والبراعة
    وفي المنتصف كانت تقف المضيفة بجوار طاولة طعام معدة

    أشار لها تميم أن تغادر بينما سميرة كانت مبهوتة تماما شعرت كما لو كانت في حلم غير معقول
    فأي شاب تخطر له مثل هذه الأفكار!!

    حينها التفت لها تميم وهو يشير بإبتسامة: أتمنى إن مفاجأتي عجبتش
    ولو فيها قصور ماعليه سامحيني توني عليمي!!

    لم تستطع أن تشير بشيء حتى
    اقترب منها ليشير بدفء: زين خليني أشوف وجهش

    سميرة أزالت نقابها وشيلتها بإرتباك بدت بأناقتها وحسنها كما لو كانت مستعدة لمفاجأته وحمدت الله أنها كانت متوجهة للعشاء المقام لعالية

    يالله كم افتقد دفء ملامحها وبريق ابتسامتها
    شدها من كفها برفق ليجلسها ثم أشار:
    حتى إشارة وحدة م أشرتي لي حرام عليش سميرة عبريني شوي

    حينها أشارت له بإشارة واحدة: مصدومة

    ابتسم بدفء: ترا أنا ما نسيت هديتش حطيتها في الخزنة هنا

    سميرة أشارت بارتباك: لويش الهدية

    همس بدفء حان: عشان تعرفين إن زعلش مهوب رخيص عندي
    وصدقيني كل هدايا الدنيا ماتعبر
    بس اعتبري هذي شيء صغير

    حينها بدئت عيناها تترقرق بالدموع مد يده ليلمس أسفل عينيها وهو يمسح الدمعة التي ستسقط
    ثم يشير بابتسامة: على ذا الكشخة كلها وتبكين

    أشارت بابتسامة متاثرة: أي كشخة!! لو أدري أنك بتجيني الليلة
    كان كشخت شيء غير

    حينها ابتسم بخبث لطيف: هذا إحنا فيها ملابسش فوق في شنطة جهزتها أمي من الملابس اللي كنتوا داسينها عني
    وخليتو قلبي يحترق أحسبش شليتش قشش كله وخليتيني بروحي!!

    حينها تفجر وجهها احمرارا وهي تشير بخجل: هذي فكرة أمي مزنة

    ابتسم تميم: ويازين أمي لا فكرت
    ثم أردف بما يشغل باله وحياته وفكره أشار كما لو كان يشير بما بقي من أعصابه ومشاعره: زين خلينا ذا كله!!
    وخلينا من الاهم

    عاجبش حالنا كذا من اللي ممكن يعيش حياته كذا وبذا الطريقة
    أنا غلطت في حقش أول عرسنا وأنا آسف وحقش على رأسي
    بس عقب أنتي مقتنعة فيني وراضية فيني كزوج وإلا لأ


    سميرة شعرت أن كل هذا كثير عليها لم تعرف كيف تعبر سوى بدموع سفحتها بين كفيها
    حينها اقترب منها ليزيل كفيها عن وجهها
    ويشدها برقة ليحتضنها بين ذراعيه وهو يشعر برعب بالغ أنها ستتقبل حضنه لدقيقة ثم ستفر منه كالعادة
    حتى عندما استكانت في حضنه وهي تدفن وجهها في كتفه ودموعها تنهمر بشفافية كان مازال إحساسه بالرعب مستمر
    فما كانت تفعله به هو مايشبه ما يحدث الآن تستكين في حضنه لثوان ثم تقفز كما لو كان لسعها أفعى

    ولكن الاطمئنان والسكينة بدأ يتسربان لروحه شيئا وشيئا وهو يراها تشدد احتضانها لخصره وهي تدفن وجهها أكثر في صدره حتى بدأ يشعر بتبلل ثوبه من أثر دموعها

    كان مازال عاجزا عن التصديق أو منح نفسه الأمل لطيلة ماعانى الحرمان
    كان يريد أن يشدها أكثر حتى يخبئها بين أضلاعه ولكنه لم يرد إثارة رعبها منه أو فقدان خيط تواصله معها الذي مازال يشعر به رقيقا هشا

    ولكن الدقائق كانت تمر وتمر وهي تهدي روحه إحساسا خرافيا بالطمأنينة لأنها مازالت تستكين بين جنبيه لم تهرب لم تتحجج!!
    حينها تجرأ أن يشدها إلى حناياه أكثر وأكثر رغم أنه مازال خائفا أن يجد كل هذا الإحساس المعجز يتهاوى في لحظة حين تهرب منه

    ولكن إحساس الخوف بدأ يتسرب من بينهما ويحل مكانه إحساس مختلف
    دافئ وعميق وحان ومكلل بالأمان وكثير من السكينة!!




    ************************************





    " يعني عشان عارفة إن عمتش هنا لبستي اللي على الحبل كله
    وش ذا الكشخة كلها وخر عنها هذا كله عشان أم غانم توصل لحضرة الكابتن!!"


    كانت جميلة تهمس بذلك في أذن مزون التي ردت عليها بإبتسامة مشابهة:
    والله ماحد لبس اللي على الحبل وفوق الحبل وتحت الحبل غيرش
    يعني ذا الكشخة كلها عشان قربتي تخلصين العدة وتبين تدورين عريس

    جميلة بإبتسامة: أي عريس حسرة!!!
    البنات الآنسات مالقوا عرسان عشان المطلقة اللي مثلي تلقى
    خلاص أنا خلصت من موال الزواج كله جربت نصيبي واكتفيت

    حينها همست مزون في أذن جميلة بغضب: لا تتكلمين عن نفسش كذا
    وش مطلقته وش خرابيطه

    حينها همست جميلة بجدية خافتة: مزون خلاص سكري ذا السالفة
    أنا مطلقة وما أبي أتزوج خلاص وش الشيء الغريب في الكلام اللي قلته
    ثم أردفت بتنهيدة: خلاص مزون أنا طالعة أغير من حبسة البيت وماراح أطول عشان ما أتأخر على أمي
    فخلينا ما نقلب القعدة نكد
    ثم أردفت بابتسامة وهي تحاول نسيان الشد الحاصل وتنظر ناحية عالية:
    يا حليلها عالية كنت أنتظر شوفتها في الفستان ماني بمتخيلة شكلها فيه
    وسبحان الله ماصار بس والله إنها طالعة الليلة كيوت وتجنن وشكلها مبسوطة وهذا أهم شيء

    حينها ابتسمت مزون: أنا عاد كنت جاية مخصوص أبي أشوف شعاع أبي أشوف لو غيرت شيء في شكلها قبل العرس
    بس يا الله الظاهر مافيه نصيب أشوفها قبل العرس

    مازال الحوار الباسم الخافت يدور بين الاثنتين وجميلة تهمس وهي تنظر ناحية كاسرة:
    والله مافيه حد يدوخ في القعدة كثر مرت أخيش يأختي كساب لحد الحين معقد مافككت كاسرة عقده

    مزون ضحكت بخفوت: نفس الكلام قلته لخالتي أول ماخطب كاسرة
    قلت لو هذي مافككت عقد ولد أختش مستحيل إنها تفكك
    بس الظاهر عقد كساب من النوع الأصلي مافيه شيء يفككها!!






    ****************************************





    " تأخرت حبيبي!!
    وأنا قاعدة بكشختي أبيك لين تجي"

    كانت هذه هي عبارة عالية لعبدالرحمن وهي تتلقاه داخلا وتدفعه بكرسيه المتحرك للداخل

    همس بإبتسامة مثقلة بالولع: والله العظيم أني أبي أجي من بدري ميت أبي أشوفش
    بس وش أسوي أخوانش اللي أخروني الظاهر يبون يعاقبوني عشان خذتش من عندش
    حلفوا إلا أقعد ألعب معهم (بيلوت) عقب العشاء
    أنا وصالح كنا فريق وعبدالله وهزاع فريق
    أنا اللي خسرت صالح لأن بالي مهوب معي وكل شوي غصبا عني أتفكر في الساعة
    مارحموني من تعليقاتهم

    حينها همست بنبرة مهتمة وهي تتناول غترته عن رأسه:
    زين فهد ونايف وينهم

    عبدالرحمن حينها شاب ابتسامته شيء من الضيق:
    الاثنين كانوا مادين بوزهم شبرين تقولين ميت لهم ميت
    وعقب العشاء سروا على طولتقولين مهوب طايقين شوفتي

    ابتسمت عالية بحنو وهي تقترب بخجل لتفتح أزرار جيبه:
    ماعليك منهم أساسا فهد لازم يكمل سهرته عند منصور آل كساب وإلا ما يعتدل مزاجه
    ونايف لازم يوقع حضور وانصراف عند خالتي نورة وإلا بتسود عيشته!!

    ابتسم عبدالرحمن بشفافية: حبيبتي عاد جيبي أعرف أفتحه بروحي

    عالية بذات النبرة الحانية: دامني موجودة كل شيء يخصك أنا أبي أسويه
    بتمنعني يعني

    عبدالرحمن بمرح: ومن اللي يقدر يمنعش
    هذا اللي بايع روحه لا تسوين فيه مخططات بعيدة المدى

    عالية بخجل عذب: لا يصير قلبك أسود عاد

    عبدالرحمن حينها شد كفها بين كفيه واحتضنها بحنو بالغ:
    قلبي يصير أسود على الناس كلهم إلا عليش مايقدر !!





    ************************************






    رد مع اقتباس  

  4. #204  
    المشاركات
    3,260
    صباح اليوم التالي
    .
    .
    .


    نقرات ناعمة حانية كانت تلامس خده فتح عينيه ببطء
    ليرى شعاع الشمس يبرق بين خصلات شعرها الذهبية وجهها الندي الخالى من المساحيق يبدو محمرا بشفافية لشدة الصفاء

    ابتسم بشفافية غامرة كما لو كانت رؤيتها هذا الصباح أشبه بالبلسم الحاني للروح بينما كانت تشير له بابتسامة مرحة:
    قوم يا الكسلان صرنا قريب الظهر
    قوم أنا ميتة من الجوع

    مد أنامله ليمسح خدها وهو مازال مستلقيا ثم أشار بإبتسامة:
    زين عطيني شوي من العسل أول

    أشارت حينها سميرة بخجل رقيق وهي تشير لشعرها: لا تقول لي عسل ذي ما أحبها لسببين
    الأول إن العسل اللي عندي تايواني مهوب أصلي
    الثاني إن هذي كلمة صالح لأختي نجلاء دور لي كلمة حقي بروحي!!

    أشار لها حينها بمرح مشابه: زين مربى وقشطة وجبن وبيض وزيتون وحمص وفول وكل شيء يفطرون عليه الناس

    ثم أنهى إشارته بإن شدها لجواره وهو يحتضنها بحنو بالغ
    لا تنكر أنها تتمنى وهي في حضنه لو استطاعت أن تتكلم أن تهمس في أذنه من قرب
    ولكنها لكي تستطيع أن تخبره بشيء لابد أن تنهض من حضنه وتبتعد لمسافة كافية حتى تشير
    أي أنها يستحيل أن تجمع الإحساسين فهي لابد أن تكتفي بأحدهما!!
    بدا لها هذا الأمر موجعا إلى حد كبير
    أن تتخلى عن الاستكانة في حضنه بينما هي لا تريد. ولكنها مجبرة على فعل ذلك حتى تخاطبه!!
    ولكنها يجب أن تتأقلم مع ذلك فوجودها لجواره يكفيها عن كل كلمات العالم الباردة!!





    ******************************************




    " طالعين الحين للمطار
    اقعدوا تغدوا الغدا جاهز!!"


    كساب يضع الحقيبتين اليدوتين الصغيرتين من يده ويميل ليقبل رأس مزنة ثم رأس والده وهو يهتف باحترام:
    مافيه وقت يمه طيارتنا الساعة ثنتين يا الله نوصل ونحط أغراضنا وتروح كاسرة الورشة


    خلفه كانت كاسرة تنزل وتتوجه لزايد أولا لتقبل رأسه ثم رأس والدتها وهي تسلم وتسأل باحترام عميق:
    توصون على شيء

    زايد هتف بفخامته المعتادة: سلامتش يأبيش لا تطولون علينا

    كساب يحمل الحقيبتين وهو يهتف بحزم: بكرة الصبح حن هنا إن شاء الله


    حين غادرا هتف زايد لمزنة بإبتسامة: ليش قاعدة بعيد تعالي اقعدي جنبي

    ابتسمت مزنة برقة: مزون صارت على وصول رايحة تشوف آخر ترتيبات عرس علي
    مايصير تجي تلاقيني لاصقة فيك!!

    حينها اتسعت ابتسامة زايد وهو يتساءل: ليش قدام مزون أحسش تصيرين معي رسمية ومستحيل تقربين مني

    مزنة ابتسمت برقة: لأنه البنت بالذات تكون حساسة
    ولا تنسى إنك ذا السنين كلها كنت لها بروحها فلازم إنها بتحس بالضيق مني حتى لو ما بينت أو حتى لو كانت ماتبي تحس ذا الإحساس
    بس البنات بطبعهم حساسات واجد وأنا ما ابي أضايقها أو أزيدها عليها

    حينها همس زايد بعمق خافت: زين تعالي اقعدي جنبي ولا تلصقين فيني
    من قال إني باستحمل لاحسيتش قريب مني
    بس باقول لش سالفة

    مزنة رغما عنها تفجر خجل رقيق في روحها وهي تقوم لتجلس جواره مع ترك مسافة متباعدة فاصلة بينهما

    ابتسم زايد: مهوب كن المسافة كبيرة شوي

    همست مزنة برقة باسمة: لا زينة

    حينها همس زايد بخفوت بنبرة عميقة متجذرة دافئة: مزنة ماعمرش سألتي نفسش ليه سميت بنتي مزون

    مزنة أجابت بتلقائية: لا
    ثم بترت عبارتها برعب جازع اخترم روحها كسهم حقيقي بعثر مشاعرها بصدمة موجعة

    همست حينها باختناق فعلي بنبرة لأول مرة يسمعها منها:
    مرتك كانت تدري

    زايد بجزع: لا طبعا ما كانت تدري ماني بمعدوم المشاعر لذا الدرجة
    ثم أردف بدفء: بس عشان تدرين أشلون اسم مزنة لزق في روحي وماقدرت أشيله

    حينها تزايد اختناق نبرتها رغما عنها: لا زايد حرام عليك لا تسوي فيني كذا والله العظيم حرام عليك!!

    لم تستطع حتى أن تكمل عبارتها وهي تقف متوجهة لجناحها كالملسوعة حاول زايد إيقافها ولكنها كانت قد ابتعدت عن مدى يده


    هي مشاعرها كانت مبعثرة تماما الخبر بعثر مشاعرها تماما لم تستطع أن تكون أنانية
    وهي تضع نفسها مكان وسمية تتخيل زوجها يسمي ابنتها باسم امرأة يحبها!!
    ولكنه طمأنها أنها لم تكن تعلم
    لذلك مابقي في روحها هو إحساس أكثر ضخامة وسموا ووجعا. موجع لابعد حد

    أيكون يحبها لدرجة أن يسمي ابنته باسمها
    بينما هي كانت عاجزة حتى عن مجرد الإحساس به وهي تقذفه بالشتائم الطفولية كلما رأته؟


    كانت تقف في غرفتها وهي تستند بكلتا كفيها لظهر المقعد الذي تمسك به بقوة وترتعش ترتعش فعلا كمصابة بالحمى!!
    شعرت أنها عاجزة عن التنفس لذا انتزعت برقعها وجلالها بحركة واحدة وكأنها تريد لها مساحة للتنفس

    تشعر أن الدنيا تدور بها وتدور وتدور فالخبر كان صادما لها لأبعد حد
    صادما بشفافيته ورقته وعذوبته وتجذره وعمقه
    عاجزة حتى عن مجرد وصف صدمتها وهي تشعر أن إحساسها بالدوار يتزايد وكأنها تنفصل عن هذا العالم

    لذا حين شعرت بكفيه على خصرها من الخلف وهو يهمس لها بقلق "مزنة اشفيش زعلتي"
    شعرت أن قواها تخور وهي تكاد تسقط بين ذراعيه

    أسندها وهو يشدها ليجلسها على الأريكة ثم يجلس جوارها ويهمس بقلق اعمق:
    مزنة أشفيش

    لم تجبه بشيء بل احتضنت خصره وهي تقبل صدره مكان شفتيها حيث اختبأ راسها في طيات ضلوعه

    شدها إلى حضنه بيد ويده الآخرى تمسح على شعرها وهو لا يعلم هل كان محقا في إخبارها بخبر صدم مشاعرها هكذا!!

    واثق تماما أنها لن تخبر أحدا ولكن هل من حقه أن يعلقها فيه بهذه الطريقة بينما مشاعره هي ملك للماضي وحده





    ******************************************






    " كساب وش ذا التصرف الهمجي
    تسحبني من الورشة بدون ما أكملها حتى!!"

    كانت هذه هي عبارة كاسرة الغاضبة التي قالتها لكساب بعد أن شدت كفها منهفور دخولهما لجناحهما وهو يسحبها في ممرات الفندق

    كساب ببرود ملتهب: أنا ما سحبتش منها أنا ماخليتش ترجعين عقب ماصلينا صلاة العشاء
    وش اللي بقى نص ساعة خلاص انتهينا من ذا الورشة

    كاسرة بغضب: زين وش السبب وش بيضرك لو خليتني أكمل ذا النص ساعة

    كساب بذات النبرة الباردة الملتهبة: ماني بمرتاح لذا الورشة المختلطة

    كاسرة تشد لها نفسا عميقا حتى لا تنفجر فيه: شوفت عينك النسوان كانوا في ناحية والرجال في ناحية وأنا ما فتحت ثمي بكلمة
    وحضرتك قاعد معي كنك بودي جارد

    كاسرة قالت ذلك وهي تشد نقابها لتخلعه حتى لا يظهر غيظها وغيرتها المتزايدة رغما عنها وهي تتذكر معاناتها واحتراقها من نظرات النساء له.

    حينها اقترب منها وهو يهمس بغضب: وليش حاطة كحل

    كاسرة شدت نفسا أعمق (الصبر من عندك يارب!!) وهي تهمس ببرود متحكم:
    أنا حاطة كحل أنا لا حاطة كحل ولا ماسكرا ولا حتى فاونديشن ولا أي شيء حتى
    دامك منت بمقتنع بجيتي للورشة ليش تجيبني أساسا عشان تحرق أعصابي وبس

    حينها همس بذات النبرة الغاضبة: أنا اللي حرقت أعصابش وإلا أنا الي حاس كل اللي في الورشة عيونهم عليش

    كاسرة حينها همست بغضب: لا شكلك استخفيت أنا أنا ؟!!
    أنا ولا حتى حد طالع ناحيتي وش يطالعون سواد مهوب باين منه شيء
    وليش أنا ما أقول إن اللي صار صدق إن عيون النسوان اللي في القاعة كانت بتطلع على البودي جارد اللي معي بدون احترام لي كني طوفة
    كساب أنت وش فيك الليلة تبي لك سبب تهاد عشانه وخلاص

    حينها فوجئت به يشدها من معصمها وهو يثبت كفيها بقوة على صدره
    ويهمس بحزم غريب مثقل بالشجن: إيه أبي أهاد لأنش وحدة ما تفهمين وإذا ماطلعتيني من طوري ما ترتاحين!!

    ثم شدها أكثر وهو يفلت كفيها ليطوقها بذراعيه وهو يهمس في أذنها بدفء عميق مخلتلط بنبرته الحازمة:
    أنا أبي أدري أنتي اللي يجري في عروقش دم مثل باقي البشر وإلا ماي
    دامش الإحساس ملغي من قاموسش
    لين متى وأنتي تعامليني كذا كني ماني بموجود


    ليست غبية لتفهم ما الذي يريده وأنامله تشد شعرها بحنو وقبلاته تعبر محيط وجهها بشغف
    وبقدر ماقد يثيره هذا فيها من سعادة كأنثى
    يثير أضعافا مضاعفة من الحزن كأنسانة لأن كساب عاجز عن رؤية ماهو خارج حدود الجسد

    كان بودها أن تدفعه عنها لماذا يغضبها ويلف ويدور إن كان هناك ما يريده منذ البداية لماذا لم يصارحها
    لماذا لا يعرف أن يكون صريحا فأي حال من الأحوال


    همست باختناق توتر مشاعرها وارتباكها من قربه الموجع:
    كساب أنا ما منعتك من حقوقك عشان تلف وتدور ذا كله

    همس في داخل أذنها تماما بنبرة موجعة لقلبها بطريقة تستعصي على الوصف:
    أدري ما منعتيني من حقي السخيف بس أنا أبي شيء ثاني عجزتي تفهمينه!!


    لماذا كل منهما عاجز عن إيصال جنون مشاعره التي تجاوزت الحد إلى الآخر
    لماذا كل هذا التعقيد والضبابية بينهما لدرجة الاختناق
    كيف يكون قلبها غارقا في الألم هكذا بينما هو يحاول إيصال عمق مشاعره لها
    كيف كيف ولماذا ولماذا

    عشرات من علامات الاستفهام والأسئلة تعبر المحيط والاجواء لأقصى درجات الأختناق وهي تصنع شبكة معقدة من المشاعر والأحاسيس والأوجاع!!





    ***************************************





    بعد ثلاثة أيام
    .
    .
    .

    " جوزا تكفين مانمت من البارحة وتوني راجعة من الجامعة مابعد حطيت عباتي حتى تقولين لي الصالون خليه العصر"

    جوزاء تنظر بشفقة حقيقية لشعاع التي تبدو منتهية تماما من التعب ومع ذلك شدتها بإصرار:
    الحين نروح للصالون عشان تخلصين شغلش كله
    العصر بتجيش الحناية
    يا الله اللون يبين ويغمق على بكرة!!

    شعاع تكاد تبكي: تعبانة جوزا حرام عليش!!

    جوزاء بإصرار: مافيه إذا صليتي العشاء ارقدي لين بكرة ولا صليتي الصبح ارقدي لين الظهر
    بتشبعين رقاد وزود




    .
    .
    .




    " يبه فديتك روح للبيت"

    زايد يبتسم بحنو: مثل ما شاركتني آخر ليلة في العزوبية لازم أشاركك

    حزن عميق يخترم روح هذا الشاب هذه الليلة غدا سيحكم على روحه بأسر جديد

    ألا يكفي إحساسه بالذنب لمشاعره لحبيبته المجهولة حتى يتزايد إحساسه حين يرى زوجته التي لا ذنب لها أمامه
    والمشكلة أنه عاجز حتى عن مجرد فكرة تقبل هذه الزوجة

    كيف يتقبلها وكل ذرة في كيانه هي لامرأة أخرى

    حاول أن يهمس بابتسامة: بس ليلتك كانت غير يبه أنت كنت تنتظر حلمك سنين
    بس أنا الله يعين ما أدري أشلون بيكون إحساسي حتى
    خايف أجرح بنت الناس وأنا ما أقصد


    زايد ربت على فخذه وهو يهمس بحزم:
    ما ينخاف عليك يا أبيك
    بس الحين فيه سالفة مهمة أبي أقولها لك يا أبيك!!




    .
    .
    .
    #أنفاس_قطر#
    .
    .
    .







    رد مع اقتباس  

  5. #205  
    المشاركات
    3,260
    بين الأمس واليوم/ الجزء السابع والسبعون





    " يبه فديتك روح للبيت"

    زايد يبتسم بحنو: مثل ما شاركتني آخر ليلة في العزوبية لازم أشاركك

    حزن عميق يخترم روح هذا الشاب هذه الليلة غدا سيحكم على روحه بأسر جديد

    ألا يكفي إحساسه بالذنب لمشاعره لحبيبته المجهولة حتى يتزايد إحساسه حين يرى زوجته التي لا ذنب لها أمامه
    والمشكلة أنه عاجز حتى عن مجرد فكرة تقبل هذه الزوجة

    كيف يتقبلها وكل ذرة في كيانه هي لامرأة أخرى

    حاول أن يهمس بابتسامة: بس ليلتك كانت غير يبه أنت كنت تنتظر حلمك سنين
    بس أنا الله يعين ما أدري أشلون بيكون إحساسي حتى
    خايف أجرح بنت الناس وأنا ما أقصد


    زايد ربت على فخذه وهو يهمس بحزم:
    ما ينخاف عليك يا أبيك
    بس الحين فيه سالفة مهمة أبي أقولها لك يا أبيك!!



    بدأ زايد يخبر عليا بما قاله له الطبيب الغاضب حين أعطاه زايد بطاقة حضور حفل زفاف علي قبل يومين
    بينما كان وجه علي يحتقن شيئا فشيئا

    وحينما انتهى زايد من الحديث انفجر علي بغضب وهو يقفز واقفا:
    أنا وجهي في وجه الدكتور كل يوم ليش كلام مثل هذا يقوله لك وما يقوله لي كلام مثل هذا خاص فيني بروحي!!

    زايد بعتب: علي يأبيك وش أنا وش أنت
    الدكتور ارتاع يوم عزمته على عرسك وقال لي وضعك الصحي ما يسمح لك
    وإن هذا كان استعجال منا
    وكان يبي يتكلم معك بس أنا قلت له خلاص بأقول لك

    علي ألقى بنفسه جالسا على المقعد مرة أخرى لشدة الهم الملقى على كاهله

    هل يوجد امتهان للمشاعر والأدمية أكثر من هذا
    تفاصيله الحميمة والخاصة يتناقشون بها كعارض طبي

    امرأة لا يريد حتى مجرد النظر لوجهها ولكنها تبقى زوجته وعلاقته بها خاصة بهما وحدهما
    فكيف تقبل على رجولتك أن يأتيك طرف ثالث مهما كان قربه من روحك ويقول لك لا تقترب من زوجتك حتى تتحسن صحتك
    لأن وضعك الصحي المتردي داخليا لن يحتمل!!
    أي امتهان ومساس بالكرامة هذا!!

    وكل هذا بسببها بسببها هي!! هــي !! تلك الغائبة الآسرة !!
    ليس غبيا ليدرك رغم تماسكه الظاهري أن قلبه وكبده خصوصا يعانيان من ضعف شديد لذا كان إصرار والده على السفر!!

    يعتبر أن هذا كله ليس أكثر من ابتلاء من رب العالمين له ويؤمن أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه
    ولكن هناك طرف ثالث لا ذنب له فعلا زوجته لا ذنب لها لتعاني معه من جنونه ويأسه وعشقه

    ربما كان يحاول أن يجاري الجميع في قضية زواجه وهو يحاول أن يضع والده كمثال له فوالده كان رجلا عاشقا ولكنه استطاع الزواج أخرى وعاش سعيدا معها
    فألا يستطيع أن يكون مثل والده
    ألا يستطيع


    لا لا يستطيع هذا ماهو يشعر به
    فكل يوم يمر يشعر أن سيطرة تلك الغائبة المجهولة تزداد على روحه ماعاد حتى يستطيع إزاحتها من ذاكرته ولا لثانية واحدة
    أصبحت حياته كما لو كانت تعيش على اجترار ذكراها الوحيدة الأسطورية
    ملمسها ملامحها رائحتها صوتها شذى روحها كل ذلك حُفر في روحه بمنجل غائر حتى أقصى وأعمق مسافة

    تتعاظم في روحه أحاسيس العشق والغيرة والقهر واليأس والندم

    العشق لكل مافيهالكل تفصيل صغير من تفاصيلها المحفورة في قلبه وعقله

    والغيرة لأنها لسواه الغيرة تنهش روحه بطريقة دموية تقتله شيئا فشيئا
    في أكثر الليالي يقفز من نومه جزعا لأنه يتخيل يد رجل مجهول تمتد إلى حسنها لينهل منه
    فيشعر حينها أن القهر يتزايد في روحه ويتزايد وهو عاجز عن التصرف بأي شيء!!

    واليأس لأنه يعلم أنها لم ولن تكون له يوما فهذا العشق لا أمل له يوما بالقرب الذي هو دواء العاشق

    والندم لأنه يعلم أنه تعدى على حرمات غيره والذنب ينهش روحه خوفا وجزعا من العقاب رغم كثرة استغفاره وإبداءه الندم
    وما يؤلمه أكثر من أي شيء أنه رغم كثرة استغفاره فهو لا يستطيع نزعها من كيانه بل كل دقيقة تمر يزيد انغراسها في روحه!!

    فهل يكون الله عز وجل غاضبا عليه فعلا ويريد معاقبته بها





    *************************************




    " جننوني وضحى وسميرة يبون يجون ويصحونها
    أقول لهم تجون حياكم الله بس تصحونها لا
    يقولون حن جايين نبي نسهر معها
    أقول لهم هذي منتهية تعب مهوب راضين يفهمون"


    كانت هذه جملة جوزاء المرحة لعالية وهي مشغولة بترتيب أغراض شعاع وتكمل باهتمام:
    تروحين معي بكرة الصبح الأوتيل نرتب جناح العرسان ونودي أغراض شعاع
    مزون بعد بتجي تجيب أغراض أخيها!!

    عالية بحماس رقيق: نروح ليش لأ حلوة أجواء حوسة العرس وإن الواحد يكون عنده عروس في البيت ويدبك لها ومشغول معها
    أنا أخواني كلهم شباب ماجربت ذا الحوسة
    حتى أنا حنيتوني غصبا عني مع إني ما أحب الحنا

    حينها لم تستطع جوزاء إخفاء تأثرها: كان المفروض إن حن اللي رتبنا لش وانشغلنا معش وحسسناش بأجواء العرس


    مهما كانت عالية تدعي أن هذه شكليات لا تهمها
    فهي مهما كان شابة كانت تنتظر هذه الليلة وترسم لها مخططات طويلة من التجهيز والاستعداد
    وخصوصا وهي ترى هذه الاستعدادات أمام عينيها بينما هي حُرمت منها

    ومع ذلك همست لجوزاء بمرح مصطنع: يا بنت الحلال الله رحمني يدري إني مالي بال على ذا كله

    جوزاء حينها كانت تعبث بهاتفها كما لو كانت ترسل رسالة ما وهي تهمس لعالية بمودة صافية: الله يعطيش على قد نيتش ويسخر عبدالرحمن لش
    قولي آمين

    ابتسمت عالية: والله يرزقش أنتي وعبدالله بولد وإلا بنوتة وأنتي بصحة وسلامة
    على قد ما تعبتي مع شعاع وهلكتي نفسش






    **********************************






    " كاسرة أشفيش تونين"

    كاسرة تعتدل بصعوبة وهي تلتفت لكساب الذي تمدد جوارها للتو وتهمس بألم:
    ظهري ذابحني اليوم كنت أساعد مزون في ترتيب أغراض علي
    وشلت شنظة ثقيلة وحسيت إنه فيه شيء في ظهري انعقد

    كساب حينها هتف بغضب حقيقي: ليه من قلة الخدامات في البيت عشان تشيلين الشنطة بروحش
    كان دعيتوتهم وخليتهم يتساعدون على الأغراض والشنطة اللي شلتيها بروحش كان شالوها ثنتين منهم

    كاسرة بضيق نابع من ألمها: كساب واللي يخليك اللي فيني مكفيني
    بكرة عرس أخيك وبنت عمتي ومن الصبح بأكون مشغولة ما أدري حتى متى بألحق أروح المستشفى

    كساب شد له نفسا عميقا حتى لا ينفجر فيها وهو يهتف لها بأمر: وين ظهرش يوجعش خلني أحاول فيه

    كاسرة بجزع: لا كساب تكفى تبي تقرطبه تقوم وتكسره

    كساب بأمر أكثر حزما: والله ما أقرطبه بس وريني ( يقرطب= يطرقع فقرات الظهر أو الأصابع بصوت مسموع)

    كاسرة أشارت له أين الألم حتى تسكته وهي تهمس له برجاء مخلوط بحزمها:
    كساب يا ويلك توجعني

    كساب تحسس ظهرها بدقة حيث أشارت حتى وصل إلى مكان معين ثم همس بإبتسامة:
    هذي هي

    ضغط المنطقة المعقودة ضغطة بسيطة جدا فانحلت كاسرة شهقت وهي تعتدل وتهمس بدهشة: وش سويت ظهري كأنه ما كان فيه أي شيء!!

    ابتسم وهو يجيبها ببساطة: فكيت العضلة اللي انعقدت يوم شلتي الشنطة

    كاسرة بدهشة أشد: ووين تعلمت ذا الشيء بعد

    كاسرة كان بودها أنها لم تسأل لأنها تعلم أنه لا جواب لسؤالها
    لذا تفاجأت أنه أجابها ببساطة غريبة: تعلمتها من ربع السجن الله لا يذكرهم بالخير ولا يرد أيامهم كانت ظهورنا تتعقد من النومة على البلاط
    فالصبح إذا طلعنا للساحة فيه واحد تايلندي كان سكنيّ علمني أشلون أفكها وأنا أشوف وش يسوي للمساجين

    كاسرة مازالت غير مستوعبة لما قاله فهي لم تعلم أنه قد سُجن إلا في حادثة قتل العامل قبل زواجهما وحتى تلك الحادثة لم يدخل السجن حتى
    مع ذلك أجابته باستنكار: كذاب السجن عندنا مايخلونهم ينامون على البلاط ينامون على سراير

    اجابها بذات البساطة الغريبة: ومن قال لش انسجنت هنا انسجنت هناك في أمريكا

    مازالت عاجزة عن الاستيعاب: متى متى

    أجابها بذات النبرة الواثقة البسيطة: بعد تخرجي من الماجستير على طول

    كاسرة حينها كما لو كانت ضُربت على رأسها وهي تهمس بصدمة حقيقية: الخمس شهور اللي قلت إنك كنت فيها في رحلة تخييم فوق الجبال

    أجابها بشبح ابتسامة: شاطرة!!

    لا يعلم لماذا أخبرها بشيء لا يعلمه أحد ربما أراد أن يوصل لها رسالة لا يعلم هل وصلتها ام لا

    ولكنها لم تكتفِ بما قاله لأول مرة تشعر به يشاركها هكذا سر لا يعرف به احد
    شعور غريب كان يجتاح كيانها وهي تسأله بإصرار:
    زين ليش انسجنت وش سويت

    أجابة حينها بحزم: ماسويت شيء أبد

    سألته بذات الإصرار: يعني انسجنت ظلم

    أجابها بذات الحزم: ولا انسجنت ظلم

    كاسرة تشعر بالتشوش: دامك ماسويت شي ولا انسجنت ظلم فليش دخلت السجن

    أجابها حينها بحزم أشد: السبب مالش دخل فيه يكفيش إني قلت لش شيء ماحد يدري فيه ابد

    أجابته بغضب: لا لي دخل لا تقول لي نص السالفة وتسكت على نصها
    ما كان قلتها من أساسها

    حينها أجابها بتلاعب خبيث حتى يلهيها عن السؤال:
    يعني ذا اللفة كلها عشان ما تعطين الدكتور اللي عالج ظهرش أتعابه

    كاسرة قفزت وهي تهمس بغضب حقيقي:
    كساب لا تسخف الموضوع ليش يوم تقربني منك وتقول لي شيء.
    ترجع تبعدني في نفس اللحظة هذي مهيب حياة حرام عليك
    معيشني في فيلم غامض ما أعرف شيء عنه!!

    حينها وقف ليجابهها واقفا وهو يهتف بحزم غاضب: وليش ما تقولين إنش ما تشوفين أبعد من خشمش وتفكيرش محدود وتموتين في النكد

    كاسرة تناولت روبها الموضوع على طرف السرير وهي تهمس بحزمها الغاضب:
    القعدة معك تقصر العمر بأروح أرقد في الصالة أحسن لي

    ولكنه شدها ليثبتها في مكانها
    غاضب بالفعل رغم خطورة ماقاله لها ومع ذلك لم تكتفِ لم تنظر لما قاله لها وأهميته بل نظرت إلى مالم يقوله

    "يا الله متى ستفهمه هذه المخلوقة الغبية " لذا هتف بغضبه المتفجر:
    أنا أبي أعرف النكد يمشي في عروقش بدل الدم.
    منتي برايحة مكان وبترقدين جنبي وفي حضني برضاش وإلا غصبا عنش





    ******************************************





    " هلا حبيبي مهوب كنك تأخرت شوي!!"


    عبدالرحمن يحرك مقعده للداخل وهو يبتسم: بلى تأخرت بس كان عندي مشوار ضروري

    عالية بفضول: مشوار شنو

    عبدالرحمن بمودة صافية: أخذي الكيس المعلق في مقبض الكرسي وتدرين

    عبدالرحمن منذ جاءت عالية لبيته وإحساسه بالذنب الرقيق يتزايد لا يستطيع أن يتناسى مطلقا أنه بأنانيته حرمها من حقها بالفرح كعروس
    وخصوصا وهو يرى الأيام الماضية كيف يقف البيت على قدم واحدة استعدادا لزواج شعاع

    أ لم تكن عالية تستحق استعدادا كهذا وهي وحيدة والديها المدللة!!
    وماكان ينقصه لاكتمال احساسه بالذنب هو رسالة جوزا الليلة وهي توصيه أن يحاول التخفيف عن عالية لأنها حتى لو أخفت تأثرها فهي متأثرة وبشدة!!

    يعلم أن الهدية مهما كانت ثمينة لن تكون تعويضا لها فالهدية أمر مستحق لها ولن تعوض النقص الذي حصل
    ولكن ماذا يفعل ليس بيده شيء آخر!!

    عالية ابتسمت بشقاوة وهي تستخرج العلبة المغلفة: هذي لي

    ابتسم عبدالرحمن بحنان: لا حق حبيب قلبش اللي في جنوب أفريقيا
    افتحيها وشوفي لو ذوقي بيعجبه

    عالية شدت مقعد عبدالرحمن حتى قربته من من مقعدها ثم جلست وهي تفض غلاف الهدية حين فتحتها همست بتأثر:
    تجنن ياقلبي بس واجد كلفت على نفسك
    شكلها أغلى حتى شبكتي بواجد

    ابتسم بذات الحنان: شبكتش مابعدني أعرفش
    بس الحين كل ماشفت شيء في المحل قلت والله مهوب قدرها عندي
    ولو علي كان جبت لش المحل كله
    بس هذا اللي قدرت عليه الميزانية
    عشان تلبسينه بكرة في عرس شعاع

    عالية وضعت الطقم الماسي الثمين جانبا ثم وقفت لتقبل رأسه بتأثر وهي تهمس بذات التاثر: الله يكبر قدرك ولا يحرمني منك قول آمين

    عبدالرحمن شدها ليجلسها على قدميه وهو يطوق خصرها ويهمس بولع حقيقي مغلف بندم شفاف:
    خليني أمشي والله يمن علي والله لأعوضش عن اللي سويته فيش وأنا أجيبش هنا بدون عرس

    عالية حينها طوقت عنقه ودفنت وجهه تحت أذنه وهي تهمس بدفء:
    عبدالرحمن الله يهداك اشفيك واجد متحسس من ذا الموضوع
    ماراح أكذب وأقول أني ما تمنيت عرس مثل باقي البنات
    بس والله العظيم وهذا أنا حلفت لو خيروني بينك وبين ألف عرس
    إنك كفتك اللي ترجح بدون مقارنة





    ***************************************






    رد مع اقتباس  

  6. #206  
    المشاركات
    3,260
    " عبدالله حبيبي تعبانة أبي أنام!!"

    عبدالله بخفوت دافئ: بس كلميني عشر دقايق ياقلبي
    أشلون يجيني نوم وأنا حتى ماسمعت صوتش
    مهوب كفاية إنش من البارحة بايتة عند هلش ومخليتني

    حينها ابتسمت بشغف رغم إحساسها بالنعاس وهي تعدل المخدة تحت رأسها:
    يا النصاب أنت ما تنسى حركات النصب لو مهما صار

    عبدالله ابتسم: إيه على قولت أخواننا المصريين اللي إيدو في المية مش زي اللي أيدو في النار
    وش عليش نايمة عند هلش ومبسوطة وأنا قاعد بريحاتي أعد الوردات اللي في جبس السقف

    جوزاء ضحكت برقة: صدق نصاب

    عبدالله بولع: دام أبو حسن سمع ضحكتش تراه راح في خرايطها وماعاده بممسي الليلة

    جوزاء بولع أعمق: جعل أم حسن ماتذوق حزن أبو حسن وعمره طويل لها ولعياله

    عبدالله برجاء رجولي دافئ: زين وشرايش أمرش الصبح نطلع نتقهوى سوا

    جوزاء برفض مرهق: لا ياقلبي والله ماعندي وقت

    عبدالله بتأفف: حرام عليش يالظالمة يومين ما شفتش

    جوزاء برقة: خلاص بكرة في الليل راجعة لا تسوي فيها ذايب وأنت من جنبها

    عبدالله يضحك: أنا من جنبها زين بكرة أول مايزفون المعرس ترا بأجي أخذش
    خلاص لا زفوا أختش مالش في العرس عازة






    *********************************************






    " أم زايد الله يهداش حولتيني اقعدي"


    ضحكت عفراء برقة: حبيبي أنا كذا لاصار وراي شيء مهم ما أقدر أقعد
    وهذا مهوب أي شيء هذا عرس علي فديت قلبه

    منصور يتمدد بشكل جانبي وهو يستند على كفه ويقبل زايد الصغير اللذي مدده جواره على السرير وهو يهتف بفخامة حميمة:
    زين أنا وش ذنبي اقعدي خليني أشبع من شوفة وجهش شوي
    أنا شكلي أتبرا من عيال أخي كلهم أحسن
    شايلة همهم من قلب

    عفراء تجلس خلفه وهي تهمس برقة: يمه منك هذا أنا جيت ما يوكل عشاك لا تخاف على روحك

    منصور حينها وضع عاد للوراء وهو يتمدد على ظهره ويضع رأسه على فخذها ويبتسم:
    يخسى اللي يأكل عشاي مابعد جابته أمه ( ما يوكل عشاه= كناية عن الرجل الذي لا يُداس له على طرف)
    والحين أنتي رايحة جاية وعرس علي بكرة ليش

    عفراء تمسح على شعره وتهمس برقة: ما أدري مشتطة ياقلب خالته
    يا سبحان الله كنت دايم أقول من اللي تستاهل علي وكفو له
    وياسبحان الله الطيبون للطيبات مرته مهما أقول رقيقة وطيبة ما أوفي

    منصور يبتسم: فلت مني الهيس لو أنه ماخذ بنت فاضل وإلا كان خليته يأخذ جميلة

    عفراء باستنكار: لا حرام عليك أنا أصلا ما أرضاها لعلي حتى لو كنت أشوف إنه مافيه أحسن منه لبنتي!!
    بس جميلة آجعته واجد يوم رفضته نروح نغصبه عليها

    حينها أجاب منصور بغموض خيرة من الله: جميلة كلها كم يوم وتخلص عدتها وربي يرسل لها اللي أحسن منه

    عفراء بضيق: ياربي يامنصور أنت ليش مصمم على ذا الموضوع قلت لك ما أبي بنتي تعرس

    حينها هتف منصور بغضب: إلا بتعرس وتعرس وإلا تبينها تقعد على أطلال اللي باعها برخيص
    تدرين إن الشيخ عرسه كان قبل كم يوم اقعدي ابكي عليه وخلي جميلة تبكي معش

    عفراء بصدمة: عرسه قبل كم يوم
    ثم أردفت بعصبية: خلاص الله يوفقه رجال وتملك وما عقب الملكة إلا العرس
    بس هذا ما يغير من أنه بنتي ما تبي العرس وتبي تكمل دراستها وبس

    منصور اعتدل جالسا وهو يهتف بحزم: وأنا أقول إنها بتعرس
    لأن الرجّال اللي ابيه لها وش يدريني يقعد ينتظر ماعاده بصغير في السن وأنا مستحيل أخليه يضيع من يد بنتي!!






    ****************************************




    " أي واحد أحلى هذا وإلا هذا "


    تميم يشير لسميرة بإبتسامة مرهقة: حرام عليش حبيبتي دوختني
    أنتي أساسا موب مسوية لعرس شعاع فستان ليه ما تلبسينه وخلاص

    سميرة بتأفف: يعني هذا كله عاجز تعبر لي عن رأيك

    ابتسم تميم: ماصار رأي صار قضية الشرق الأوسط

    ابتسمت سميرة وهي تعيد الفستانين لداخل الدولاب مازالت تعترف أنها حتى بعد تواصلها الحميم مع تميم مازالت تعاني أنها لابد أن تفرغ يديها الأثنتين حتى تستطيع أن تشير
    كأبسط موقف الذي حدث قبل قليل لا تستطيع أن تحمل الفساتين بيديها وتسأله أيهما أفضل بل لابد أن تعلقها أولا حتى تستطيع أن تتحاور معه

    ومغ ذلك هاهي تحاول جاهدة ألا تجعل ذلك عقبة بينهما
    لذلك وحتى تعاقب نفسها على مجرد التفكير بهكذا تفكير
    أخرجت كل فساتينها وهي تعرضها أمام تميم حتى تعتاد أنها لابد أن تفرغ يديها كلما تحاورت معه وأن تراه أمرا تلقائيا لا يدعو للضيق

    ولكن مع شخصية كثيرة الكلام كما هي ترى نفسها يبدو الأمر أصعب بكثير!! وسيحتاج لكثير من الجهد منها!!





    ************************************





    " يعني ما أشوفش استئذنتيني تروحين للعرس
    لا تكونين ناوية تروحين بدون استئذان!!"

    نجلاء تبتسم بإرهاق وهي تعدل المخدة وراء ظهرها: إلا أفكر ما أروح من أساسه تعبانة واجد حبيبي

    صالح بعتب: مايصير يا قلبي هذولا جماعتنا عدا إنه بيننا وبينهم نسب
    العروس أخت مرت عبدالله ورجّال عالية


    نجلاء بذات النبرة المرهقة: أدري حبيبي بس الليلة من كثر ما أنا تعبانة حاسة مالي خلق شيء
    يمكن بكرة نفسيتي أحسن تلاقيني متزكرته ومرتزة وأقول لك ودني

    صالح بقلق: يا بنت الحلال توش على التعب توش في السابع

    نجلاء بابتسامتها المرهقة: ثقيلة يا قلبي ذا الحمل مع إني أوله ما حسيت فيه

    ابتسم صالح: بنتي ما تجي بالساهل بنتي كايدة !!

    نجلاء تضحك: وأنت ليش ملزم إنها بنت .

    صالح يضحك: أنا أدري إنه من النذالة اللي فيش ماتبين تسألين الدكتورة عشان تحرقين أعصابي. بس أنا حاسس إنها بنت
    ميت أبي بنت. حتى خوات ما كان عندي إلا عالية لا ولابسة ثوب ولد على طول وهي صغيرة
    خاطري أشوف شعور مربطة وفساتين وألوان وردية!! جفاف وتقشف عندنا في ذا العايلة عساكر وجباوة !! لاعت كبدي!

    نجلاء بخبث: ولو جبت ولد

    صالح يهز كتفيه بمرح: عادي نعطيه عبدالله ونأخذ بنتهم اللي بيجيبونها

    نجلاء تضحك برقة: وأنت وشدراك إن عبدالله بيجي ليه بنت

    صالح بإبتسامة: تحلمت إنه بيجيب بنت وكم مرة

    نجلاء تبتسم: زين فالح تحلم لعبدالله وماحلمت لروحك

    صالح يمد كفه ليمسح على بطنها بحنو ويهتف بإبتسامة:
    من كثر شفقتي على بنتي ما قدرت أحلم فيها!!






    ***********************************





    اليوم التالي
    .
    .
    .



    " وش فيش يأبيش قاعدة ذا الحزة"


    شعاع التي كانت تجلس في الصالة وهي تجلس على الأريكة وتضم ساقيها لصدرها
    انتفضت بخفة وهو تلتفت لوالدها
    لا تعلم كيف قفزت العبرات لتزدحم في حنجرتها وهي تراه أمامها وماء الوضوء مازال يتقاطر من لحيته

    همست باختناق خجول: راقدة البارحة بدري وشبعت رقاد وتوني قمت وقلت بأنتظر آذان الفجر
    أنت اللي أشفيك نازل قبل الآذان حتى

    أبو عبدالرحمن حينها همس بحزم مخلوط بالحنان وهو يجلس جوارها: أنا ماجاني رقاد البيت يأبيش عقبش بيغدي عقبش كن مافيه حد بسلامة هله

    حينها استدارت شعاع لتدفن وجهها في كفه وعبراتها المكتومة تسيل مع شهقاتها الخافتة
    أبو عبدالرحمن احتضنها بحنو وهو يهمس بذات النبرة الحانية الحازمة:
    يا أبيش لا تهتمين من شيء رجالش رجّال فيه خير
    الله الله فيه تراه تعبان واجد!!

    شعاع لم تستطع أن تجبه بشيء وهي تشدد احتضانها لخصره وشهقاتها الرقيقة تتزايد وتتزايد
    بينما صمت وهو يتنهد ويشدد احتضانه لها وهو يمسح على خصلات شعرها بحنو بالغ.







    ********************************************






    " لا زايد أنا اللي بأقول للبنت ماراح أقول لأم عبدالرحمن تقول لها شيء!!"

    زايد بحزمه المعتاد: بس أخاف الموضوع يكون محرج لش وأنا ما أبي أحرجش
    كفاية الحرج لا قلتي لأم عبدالرحمن أشلون لا قلتيه للبنت"

    مزنة بمنطقية: صحيح السالفة محرجة شوي بس شعاع مثل بنتي
    والأحسن إني أقول لها بدون وسيط. لأن السالفة ذي كل ما قلوا اللي يعرفون بها كان أحسن
    يعني كفاية أنت وعلي وأنا وشعاع
    الموضوع فيه حرج كبير لعلي وأنا ما أبي عمته تشيل في خاطرها من أولها

    ابتسم زايد: الله يكملش بعقلش
    أنا أدري إن علي بيزعل لو درا أني وصلت الكلام للبنت
    بس أنا ما أبي البنت تتضايق يوم تشوفه كاش منها وإلا مايقرب ناحيتها!!
    وهي خذته وهي عارفة أساسا إنه مريض!!

    مزنة بمودة: لا تحاتي يا أبو كساب أنا بأوصيها ما تبين له شيء

    زايد يتناول كفها ويفتح باطنها ليقبلها قبلة واحدة دافئة شديدة العمق وهو يهمس بامتنان عميق مغلف بنبرته الواثقة:
    ما أدري أشلون كنت باتصرف في الموضوع من غيرش
    مستحيل كان أقول لبنتي او عفرا مثل ذا الكلام
    وأنا واجد مهتم من موضوع علي وما أبي شيء يضايقه كفاية اللي فيه!!





    *************************************






    " وأخيرا شفت الشارع آخر مرة شفته قبل أسبوعين ليلة عرس إبي"


    كساب يبتسم: اصطلب وصر رجّال وشوف الشارع على كيف كيفك

    ابتسم علي: يا ثقل طينتك يا ولد إبي تراني الليلة عريس يعني عاملني معاملة سبيشل ماعندك إلا كلامك اللي يسم
    الله يعين بنت ناصر عليك

    كساب يبتسم: أنا والله (مثل العومة ماكولة ومذمومة). الله يعيني عليك أنت وبنت ناصر
    الحين أنا الصبح وصلتها هي ومزون للفندق والحين جاي أخذك أوديك لحلاق
    وعادك تبي تحاسبني على الحكي !!


    علي مازال يبتسم ابتسامته الشفافة التي تغلف كثيرا من الأسى:
    أنت كم جناح حجزت

    كساب بثقة: أربعة واحد لك واحد للعروس وأهلها واحد للبنات يتعدلون فيه والرابع للعرسان عشان ماحد يفتح جناحكم لين الزفة

    علي تنهد: قلت لمزون إني ما أبي أنزل للكوشة اللي تحت

    كساب بعملية: قلت لها فهي تقول إنهم سووا لكم كوشة بسيطة في جناحكم عشان التصوير
    ثم أردف وهو يبتسم: مع أني أدعي ربي تسوي فيك مثل ما سوت مرتي فيني
    تقول مهيب طالعة لين أنت تجي وتطلعها!! عشان أتشمت فيك مثل ما تشمت فيني تيك الليلة

    حينها أجابه علي بإبتسامة مرهقة: مرتك ماشاء الله رأسها يابس مثلك
    لكن أنا واحد رايق ويقولون مرتي مثلي
    يعني كل واحد ربي يعطيه اللي مثله!!
    وبعدين أنت وضعك كان غير
    أنا لو عليّ والله ودي ما أكسر بخاطرها في شيء
    بس لا نفسيتي ولا وضعي يساعدون





    *********************************





    " مرت خالش سابقا وش فيها تزن في أذن شعاع"


    جوزا بتلقائية: يمكن توصيها خالتي مزنة نعتبرها أمنا الثانية!!

    ابتسمت عالية (بعيارة): أكيد لازم توصيها ولد رجّالها!!

    ابتسمت جوزاء وهي تنظر لشكلها في المرآة فستانها الشيفون البحري المتسع قليلا من عند بطنها التي بدأت تبرز وهي تهمس بابتسامتها:
    يا السكنية حرام عليش رجّالها يستاهل من يوصي عليه صبي تعبان

    عالية المتأنقة بخصوصية راقية في فستان فضي ضيق جديد اشترته للتو كانت تضحك: زين ليه ما وصيتيني على الدحمي

    جوزاء تنظر لها من الأسفل للأعلى وهي تهمس بخبث باسم:
    ما تحتاجين وصاة
    إلا إذا تبين أقول لش خفي شوي من اهتمامش فيه خنقتيه!!

    عالية تكبر في وجهها بطريقة تمثيلية مرحة: الله أكبر عليش لا حول ولا قوة إلا بالله
    والله لو فيه وحدة بيوصونها تخف اهتمامها برجالها تكون أنتي!!
    اللي لو صار قاعد معش في الجلسة ما تقدرين تشيلين عينش من عليه تخافين تفوتش منه نظرة ولا كلمة

    جوزا تقرصها في فخذها وهي تهمس بمرح: يمه منش يا اللي ما تستحين حشا مهيب عيون. مشغلة أبراج مراقبة!!

    .
    .



    في زواية الجناح
    مزنة تنتهي من حديثها مع شعاع التي كانت قد أنهت مكياجها وفرد شعرها
    وتنتظر فقط أن تلبس فستانها حتى تعمل تسريحة شعرها
    وتحمد الله أنها تضع أطنانا من البودرة والإضاءة وإلا كان احمرار وجهها ظهر صارخا متفجرا

    بينما مزنة كانت تختم حديثها بنبرة أمومية حازمة:
    يأمش أدري إنه الكلام ذا ما يليق أقوله لش بس أنتي مثل بنتي وعلي مثل ولدي
    وأنا مابغيت أدخل حد في السالفة وعلي ترا مافيه عيب يأمش نهائي
    بس.


    شعاع قاطعتها بخجل: بس يمه تكفين والله أني فهمت قصدش والموضوع بكبره ما يهمني ولا حتى فكرت فيه
    أنا أساسا أدري إن علي مريض وماني بمنتظرة منه شيء تكفين يمه لا تحرجيني أكثر
    ولا تحاتين علي في عيوني وأنا معه لين يتشافى من مرضه


    مزنة تقف لتقبل جبين شعاع وهي تهمس بحنان:
    الله يعطيش على قد نيتش ويجمع بينكم في خير. خلني أروح أشوف البنات خلصوا وإلا لا



    .
    .
    .




    " يمه ليش أحس أنش ما تهضمين خالتي مزنة"


    عفراء باستغراب وهي تلف زايد جيدا لتحمله: أشلون ما أهضمها
    هذا أنا قبل شوي أسولف معها عادي

    جميلة بنبرة مقصودة مع نظرتها السابرة: يمه لو دسيتي على خلق الله ما تقدرين تدسين علي
    يعني عشانها خذت رجال أختش ترا خالتي وسمية قربت على 18 سنة من يوم توفت

    عفراء تقف وهي تهمس بحزم: ما سمعت أسخف من ذا الكلام
    هاش اخذي أخيش خلني أروح أشوف مزون خلصت وإلا لا

    عفراء غادرت غرفة النوم حيث كان زايد الصغير نائما متوجهة لصالة الجناح
    تعلم في داخلها أن جميلة محقة
    فهي مازالت غير قادرة على تقبل مزنة.لا تستطيع أن تنسى أنها كانت سببا لتعاسة أختها وحتى لو بغير قصد منها

    وما يؤلمها وآلمها أن مزنة مازالت حتى الآن باهرة الجمال وجمالها من النوع الذي يدير رؤوس أعتى الرجال
    فماذا بقي لأختها في ذاكرة زايد ومثل هذه بين يديه!




    .
    .
    .


    " يمه أنا وسميرة خلصنا ونبي نروح لشعاع"

    ابتسمت مزنة وهي تجيب وضحى: يمه منكم توكم كنتو عندها قبل تجيكم الكوافيرة ومابغيتوا تجون لين حرقتكم بالتلفونات
    روحوا الله يسهل عليكم واقعدوا عندها بعد لين تنزل ريحوني من حنتكم

    سميرة تضحك: يمه هذي ريحة عرس الواحد يلاقي ريحة عرس كل يوم

    كاسرة كانت من أجابت هذه المرة بإبتسامة: على شفاحتكم على العرس
    تقولون مابعد عرستوا. وحدة عرست والثانية في الطريق


    وضحى وسميرة ارتدتا عبايتيهما وغادرتا. بينما كانت مزنة تلتفت لكاسرة وتهمس بحزم: يا الله يأمش تجهزي عشان ننزل لازم نكون في الاستقبال من بدري

    كاسرة باستعجال: خمس دقايق وأكون جاهزة!!

    ثم أردفت مزنة كمن تذكرت لها شيئا: كاسرة يأمش فيزتش خلصت وإلا

    كاسرة بتلقائية: خلصت بس ماراح نروح مع علي وكساب يقول إن سفر علي أساسا تأجل يومين
    لأنه عمي زايد هو اللي بيروح مع علي!! ما رضى يخليه بروحه!!


    حينها تصاعد ضيق عميق عميق في روح مزنة
    أ يقرر أن يسافر دون أن يعطيها خبرا حتى

    بالتأكيد لا مشكلة لديها مطلقا أن يسافر مع ابنه ولكن المشكلة أنها تعلم خبرا مثل هذا من سواه
    وهي كانت قد رأته للتو هذا الصباح حين عاد من المستشفى وطلب منها إخبار شعاع بوضع علي الصحي!!

    أ لم يجد حينها الوقت أيضا ليخبرها أنه سيسافر مع ابنه؟!!!!
    أو بمعنى أصح لم يجد دقيقة واحدة ليخبرها
    ماذا يقصد بذلك
    أنها غير ذات أهمية في حياته لدرجة أن يتجاهل إخبارها بهذا الموضوع الشديد الأهمية؟







    ***********************************





    " يبه تبي تكسر عليّ
    قاعد جنبي ولابس بشت أسود تقول أنت العريس
    عرسك قبل أسبوعين ما لبست بشت جاي تلبس الحين!!"


    زايد يبتسم برزانة محترفة وهو ينظر لعلي بمودة غامرة: من جدك
    أنا ملكة بس وفي مجلسي وأنت جاي لك أمة لا إله إلا الله تبيني أقعد قدامهم بدون بشت

    ثم أردف باهتمام: ترا يأبيك سفرنا عقب يومين إن شاء الله أنا غيرت في الجدول شوي عشان الدكتور اللي حن رايحين له تغيرت مواعيده

    علي حينها أجاب بنبرة أقرب لعدم اهتمام: مهوب مشكلة بكيفك


    ولماذا يهتم أو حتى يشعر أو يحس
    يشعر كما لو كان أشبه بأحد ممثلي الكومبارس الذين يمثلون أنهم أفراد من جيش ما في مسلسل تاريخي
    لا يمكن أن ينتبه لهم أحد ولا أهمية لهم سوى تكثير أفراد الجيش

    كل شيء يتم تقريره في حياته دون أن يعودوا له زواجه حياته وحتى علاقته بزوجته!!
    فما الذي سيهتم له بعد

    لم يكن هكذا مطلقا من قبل بل كان رغم هدوءه وسماحة أخلاقه حين يقرر قرارا لا يتراجع عنه
    مثلما قرر أن يسافر ليعمل في مكاتب التمثيل الخارجي ولم يستطع أحد ردعه



    لــكــــــن.
    من بعدها هي. أحواله كلها تغيرت
    دخلت في حياته لمجرد دقائق حتى تقبلها رأسا على عقب!!
    في أحيان كثيرة بات يظن أن ما رآه مجرد شبح أو طيف أرسله الله له ليعاقبه على ذنب لا يعلم ماهو !!

    ولكنه في ذات اللحظة رغما عنه تستعيد ذاكرته المثقلة بالشجن واليأس
    ملمس ليونة جسدها ورقة عظامها وعبق رائحتها ليعلم أنه لا يمكن أن توجد حقيقة أقوى منها!!
    تبدو كما لو كانت الحقيقة الوحيدة في حياته التي باتت ضبابية من بعدها!!


    يزفر بحرارة تنهيدة بضخامة المجرة. حتى في هذه الليلة التي يجب أن يكون تفكيره محصور في امرأة واحدة هي زوجته
    لا يستطيع أن يفكر في شيء سواها حبيبته المجهولة!!
    هي الحلم الذي يبدو أنه سيموت وهو يلهث وراءه!!


    يستغفر ويكثر من الاستغفار لتدمي روحه أكثروأكثر!!
    لأنه كلما استغفر كلما تزايد تفكيره بها


    "يبدو أنها فعلا عقوبة من الله عز وجل لي!!
    فمتى ترحمني يارب متى
    تعبت يا الله!! تعبت!! "




    .
    .
    .

    زاوية أخرى من حفل الزواج الضخم





    " أبو زايد اقعد شوي الله يهداك
    استقبال واستقبلت وترحيب ورحبت والمعازيم كل واحد قاعد في مكانه وانتفخ من كثر ما تقهوى وكل حلى
    اقعد خلاص"

    كساب يتنهد وهو هو يجلس جوار غانم: هي ليلة وحدة يعني أخي بيتزوج كل يوم

    غانم يبتسم وهو يهمس بمرح: والحين ليلة عرسي كنك بتسوي لي كذا
    كبرت المخدة ورقدت لين أجي في الزفة بس

    كساب يبتسم: أنا ليلة عرسي علي سوى لي أكثر من كذا
    وأنت ماشفت وجهك إلا مع المعازيم يوم جاو

    غانم يضحك: والله تيك الليلة ماكنت نسيبي لو أنك كنت نسيبي كان لقيتني في العرس من فجر

    كساب يضحك: يا الكذوب هذا علي نسيبك وماشفنا وجهك إلا مع المعازيم بعد

    غانم مازال يضحك: والله العظيم توني جاي من رحلة يا الله لحقت أبدل

    كساب بابتسامة: مهوب شغلنا كان اعتذرت عن الرحلة
    مهوب تاخذ أختنا وتبينا نرتب عرسك بعد
    احنا أساسا بنجي نخربه عشانك خذت شمعة بيتنا.

    ابتسم غانم ابتسامة مقصودة: هذا أنتو منتو بمقصرين علي بالنكد
    حتى موعد عرس منتو براضين تبلون ريقي بموعد

    كساب ينظر له نظرة مقصودة باسمة: شين الطفاقة ياناس اركد يا ولد الناس قدام نغير رأينا أختنا وكيفنا!!

    غانم يضحك: مايسوى علي أختك ذليت أبو طوايفنا!!




    .
    .
    .


    زاوية ثالثة من الحفل



    " ماشاء الله ماهقيت بأشوف علي كذا
    صار لي مدة مازرته بس حالته تحسنت واجد عن أول
    تقريبا راجع لحالته الطبيعية"

    منصور بفخامة: الحمدلله على كل حال

    فهد يبتسم: والله شوفته بالبشت شهوتني على العرس

    منصور يرد بابتسامة مشابهة: أنت كل عرس نحضره تقول شوفت المعرس بالبشت تشهويك على العرس ولا حصل ذا العرس

    فهد يضحك: وش أسوي بأنتظر عشرين سنة لين تكبر بنتك اللي أنت وعدتني فيها

    حينها همس منصور بنبرة حازمة مقصودة: وليش تنتظر 20 سنة وأنا عندي بنت عمرها 20 وجاهزة

    فهد بمرح: ماشاء الله على بنتك نازلة من بطن أمها عمرها 20.
    يالله حاضرين متى الملكة

    أجابه منصور بجدية : عقب أسبوعين تعال اخطب مثل الناس وعقبها انشد متى الملكة

    فهد مستغرب نوعا ما حتى وإن كان حضرة العقيد من النوع الحاضر البديهة المرح بتوازن ولكنه مطلقا لا يبالغ في المزح كما يفعل هذه الليلة
    لذا خشي لاحترامه الشديد له أن يتمادى معه في المزح فصمت!!


    لكن (حضرة العقيد) لم يصمت وهو يردف بنبرة شديدة الحزم:
    فهد أنا ما أرخص بنتي يوم أعرضها عليك ولو أنه حد غيرك ماعرضتها عليه
    بس أنت عارف غلاك عندي أنا اعتبرك مثل ولدي عشان كذا أبيك لبنتي


    فهد بدأ يتشوش لأبعد حد ولا يعلم حتى عن ماذا يتكلم عن أي بنت يتحدث وهو ليس لديه سوى ولد عمره أشهر قليلة

    ولكنه فهم مايقصده العقيد لتتبعثر مشاعره من الصدمة تماما ومنصور يكمل بذات النبرة الحازمة:
    أدري مايصير نتكلم في موضوعها الحين لين تخلص عدتها وعدتها بتخلص عقب أسبوع
    بس الكلام جر بعضه وإلا أنا ماكنت ناوي أتكلم معك الحين


    فهد بهت تماما من الصدمة بهت تبعثر تماما
    " أ يقصد بكل هذا الحديث ابنة زوجته المطلقة
    أ هي من يقصدها بابنته
    متى أصبحت ابنته وهو للتو تزوج من أمها من سنة واحدة "


    " لذا الدرجة أرخصتني يا حضرت العقيد وأنت اللي أغلى علي من خلق الله
    تبي تزوجني مطلقة ولا هيب من قبيلتنا حتى
    لذا الدرجة هنت عليك عشان بنت مرتك "

    فهد أغلق عينيه وفتحها وكأنه يحاول نفض الصدمة التي لا تنتفض

    " مطلقة كانت لرجال قبلي "

    فهد ارتعش بعنف ارتعاشة لم تتعد داخله إلى ملامحه المتحكمة الخارجية
    قد يكون لم يفكر بالزواج كفكرة قريبة الوقوع
    ولكنه كأي شاب كان في خياله مواصفات معينة ولم تكن امرأة كانت لرجل قبله من ضمن خياراته أبدا

    لماذا يتزوج من فتاة ليس هو الأول في حياتها وهو من لم يسبق له حتى مجرد الاحتكاك بامرأة
    لم يهاتف فتيات ولم يرفع جتى طرف عينه إلى امرأة
    فكيف تكون نصيبه امرأة على جسدها آثار رجل آخر وعلى نحرها آثار أنامله وعلى شفتيها رائحة أنفاسه

    يشعر أنه سيتقيأ فعلا
    كما لو كان أحدهم يجبره على استعمال شيء مستعمل
    كما لو أن أحدهم يطلب منه مثلا أن يغسل أسنانه بفرشاة استعملت قبله عشرات المرات ومع ذلك ليس حقه الرفض بل لابد أن يقبلها

    رغم بشاعة المثال. ولكن هذا ماشعر به فهد هذه اللحظة!!
    شعور بالقرف يتزايد في روحه إلى درجة الاختناق!!


    يعلم أن مثل هذا التفكير لا يجوز ومثل هذه المقارنة لا تجوز ولكن هذا هو تفكيره وهو هكذا!! هكذا خلقه الله!!
    هو يرى نفسه كصقر حر لا يقبل بالفضلات وتأبى نفسه أن يلمس شيء لمسه سواه


    وحتى بعيدا عن كونها مطلقة وعن كونها ختاما من قبيلة مختلفة تماما
    هي كيف هي
    فهو رجل على حدود الثلاثين بشخصية حادة جدا
    وأكثر ما يكرهه في العالم هي الأنثى المدللة لا يستطيع ابتلاعها حتى
    بينما هي من أطراف الحديث الذي كان يصله من منصور بدون قصد يعرف أنها مدللة جدا
    بل إنه في أحد المرات وهو مع منصور في سيارته اتصلت بعمها ففتح منصور الميكرفون دون قصد فوصله صوتها:
    " عمي حبيبي وينك تأخرت علي صار لي ساعة لابسة وأنتظرك!!"

    منصور أغلق الميكرفون بغضب وهو ينزل من السيارة كاملة ولكن صوتها وصله بوضوح وأثار قرفه

    صوت بالغ النعومة إلى درجة تثير الغثيان وطريقتها في الحديث مدللة إلى درجة تثير الصداع
    فكيف يبتلي بمثل هذه في بيته


    ومن ناحية ثالثة أو ربما رابعة يتخيل شكل من تضطر حضرة العقيد أن يتنازل عن كبرياءه وبرجه العالي ليخطب لها
    لابد لأنه يعلم أنها يستحيل أن تجد عريسا لبشاعتها لذا قرر أن يصتاده لها
    هذه التي فر زوجها منها وهما مازالا في المطار
    لابد أنه كان لزوجها المبرر القوي ليفعل ذلك في ابنة عمه!!

    "مطلقة وشينة ودلوعة !!
    والله العظيم ثلاث ضربات في الرأس مهيب توجع
    إلا تذبح !!"


    كانت هذه أفكار فهد التي غرق فيها الثوان التي تلت عرض منصور عليه قبل أن يقطع منصور عليه أفكاره بحزمه: فهد وشفيك سكتت

    فهد نظر لمنصور بمودة غامرة واحترام جزيل
    رغم كل شيء هذا حضرة العقيد لو طلب منه أن يلقي نفسه في النار سيفعلها دون تردد
    فكيف والمطلوب أهون من ذلك زواج !!!. من أجله مستعد أن يتزوج الغولة حتى!!

    لذا هتف بحزم بالغ: وليش ننتظر أسبوعين. عقب أسبوع تخلص عدتها ونكون عندك نخطب ثاني يوم






    *************************************






    " يمه الله يهداش بسش دموع شعاع بروحها متوترة تكفين لا تشوف دموعش تحوس الدنيا"

    أم عبدالرحمن بتأثر: هذا أنا قاعدة برا عشان ماتشوفني

    جوزاء بتأثر رقيق: بس هي كل شوي تسأل عنش وتقول أمي وينها تكفين يمه تعالي بس عقب ما تمسحين دموعش

    أم عبدالرحمن تنهدت بحرارة: زين يأمش خلني أروح الحمام أغسل وجهي وأجيش



    .
    .

    زاوية أخرى من حفل النساء



    " تدرين ماهقيت الأحمر بيطلع عليش يجنن كذا"

    مزون تبتسم: ولا أنا
    ماتعودت صراحة على الألوان الجريئة كذا

    جميلة برقة: ياحلوه الأحمر ولو أنه ما يناسبني بس عليش خيال ورب العالمين

    مزون بمرح: يعني أروح أتمصلح عند أم غانم؟

    جميلة بمرح مشابه: تمصلحي والئلب داعي لك والعتبة خضراء
    وكلها على قولت هريدي خال سميرة

    مزون بتردد: جد شايفته حلو علي

    جميلة بابتسامة: ياملغش بس!! يجنن وربي يا البايخة!!

    .
    .
    .
    .

    في غرفة العروس الملحقة بالقاعة
    .
    .



    " يالبي قلبها طالعة تجنن تجنن !!"

    سميرة بتأفف باسم تجيب وضحى التي كانت تنظر لشعاع بتأثر بالغ والدموع تترقرق في عينيها:
    هذا كله معجبة ببنت عمتش
    لوعتي كبدي هذي المرة العشر طعش عقب الألف اللي تقولينها
    يأختي خلي للعريس شيء يقوله خلصتي الغزل كله عليه!!
    وإلا تدرين خلصي الكلام على العريس لأنه المسكين يقولون مريض
    يشوف شعيع الليلة بيطب ساكت

    وضحى باستنكار: يمه منش فاولي على المسكين

    سميرة تضحك: أنا الحين اللي أفاول عليه شعيع دارية المسكين تعبان وقلبه مايستحمل وشو له تكشخ كذا
    ما ألومه يطب ساكت!!
    على قولت خالي هريدي: دا يبئى موت وخراب ديار

    وضحى بغضب مرح: لو أن الله يفكنا منش أنتي وأمثال خالش كان حن بخير!!



    .
    .


    " شعاع ياقلبي ترا ابي كلمني يقول اطلعي فوق
    العريس واصل بعد شوي"

    حينها أمسكت شعاع يد جوزا بقوة وبدأ ذقنها يرتعش: أمي وينها أمي وينها


    " هذا أنا يأمش هنا" جاءها صوتها الحاني ولمسة يدها الأحن شعاع حينها أمسكت ذراع والدتها بقوة وكل مافيها يرتعش
    أم عبدالرحمن ربتت عليها بحنو وهي تسمي عليها وتدعو لها وتقرأ عليها آيات من القرآن الكريم
    ثم التفتت وهي تهمس بحزم أمومي حتى تمنع نفسها من البكاء: جوزا هاتي عباة أختش
    وأنتي ياوضحى روحي ادعي أمش تطلع معنا فوق




    **********************************






    رد مع اقتباس  

  7. #207  
    المشاركات
    3,260
    دقائق مرت منذ غادرهما الجميع وأغلقوا باب الجناح خلفهم
    وكلاهما معتصم بمكانه دون أن ينظر للآخر مطلقا


    حين دخل للجناح تلقته خالته وأخته وعمته مزنة وأجلسوه بجوار العروس
    التي كانت وصلت قبله بدقائق ورتبوا شكلها وجلست
    ولم يبق معها سوى والدتها التي كانت توصيه بابنتها بصوت بالغ الاختناق
    لم يستطع حتى أن يتكلم شعر أنه يختنق فعلا لذا هز رأسه بهزة حاول جعلها واثقة

    كانوا يباركون له وهو يشعر أنه في عالم آخر آخر!!
    أبعد مايكون عنهم. وعن أجواءهم
    لم يرد على أحد
    خشي أن ينفجر
    أن يقول لهم لماذا تباركون لي المفترض أن تعزوني لأن روحي تموت تموت!!


    كان كلاهما يجلسان على المقعد الطويل يشعر بأطراف ثوبها الأبيض المتسع بعفوية تلامس بشته الأسود
    ومع ذلك يشعر أن بينهما مسافة ككل محيطات الأرض!!

    لم يستطع حتى أن ينظر ناحيتها
    كان كل ما اقتحمه منها هو رائحة عطرها وبخورها الفاخر تزكم أنفه من هذا القرب!!

    أما كل مالمحه منها فهو عضدها النحيل المطرز بنقوش الحناء
    شعر حينها بألم غير مفهوم يغوص في حناياه
    كل شيء يعود ليذكره بها رغما عنه!!

    فهي أيضا كان عضدها نحيل وعظامها غاية في الرقة
    حينها عاوده الشعور بالذنب يعتصر روحه
    يعتصره من الناحيتين هاهي حلاله جواره. وهو يفكر في حلال سواه


    "يا الله ما كل هذا الألم!! ماكل هذا الألم!!
    يارب ماعاد في القلب مكان!!
    ماعاد في القلب مكان ارحمني
    ارحمني!!"



    هي مازالت تعتصم بمكانها ترتعش بخجل شديد لم تستطع مطلقا أن ترفع عينيها له
    وهي تمسك بمسكتها وتفرغ توترها فيها وهي تشدد قبضتها حولها


    وحين جلس جوارها كادت تقفز من مكانها خجلا وهي تشعر بحفيف بشته يلامس عضدها العاري
    وتشعر أنها ستنتختنق فعلا وعاجزة عن سحب الأكسجين !!

    ففستانها كان برقبة عالية (هاي نك) على الطريقة الفيكتورية يزين منتصفه (بروش) دائري من الألماس
    وأسلاك الكورساج الحديدية تشعر بها تطبق على أضلاعها و أنفاسها أكثر وأكثر

    ورغم بساطة الفستان ونعومته ورقيه إلا أنها شعرت أن كل مافيه يطبق على أنفاسها ويخنقها

    ومازادها اختناقا تجاهل هذا الجالس جوارها لها
    لا تعلم لِـمَ قفز لذاكرتها برعب ليلة جوزاء الأولى مع عبدالله.
    أ يعقل أن يكتب عليها ذات المصير الذي قلب حياة أختها

    كانت الدقائق تمر وتمر وتمر وهو يتجاهلها دون أن يتحرك من مكانه أو يوجه لها كلمة واحدة
    بينما هو لم يكن مطلقا يقصد تجاهلها ولكنه لم يشعر بمرور الوقت وهو غارق في أفكاره ويخشى أن يقول لها شيئا فيضايقها!!
    مشاعره الرقيقة ممزقة بين عمق مشاعره في تلك الآخرى
    وخوفه من إيذاء من تجلس جواره!!



    شعاع حين يأست أنه قد يبادر بشيء قررت أن تنهض فهي ماعادت قادرة على احتمال الفستان
    شعرت بضيق عميق أنه دفعها لتجاهل خجلها الطبيعي
    بينما هو حين رأى خيالها يعبر أمامه . كان بوده أن يقول لها أي شيء حتى لو كانت مجاملة باردة لا تقدم ولا تؤخر
    فهي مهما يكن صبية ليلة زفافها ولا تستحق التجاهل
    لكنه حين رآها تتجه للحمام قرر أن يتركها حتى تنتهي من الحمام قبل أن يحاول محادثتها


    شعاع دخلت الحمام استندت للمغسلة بكفيها وهي تشد لها نفسا عميقا
    وتهمس لنفسها بتجلد عذب:
    ماني باكية ماني باكية لازم أقدر إنه تعبان ونفسيته تعبانة
    وأكيد الموضوع اللي قالته لي خالتي مزنة متعب نفسيته أكثر
    لازم أراعي ذا الشيء


    شعاع لا تعلم إن كان رأى زينتها حتى لكنها تتوقع أنه رآها حين دخل
    كان بودها أن تجلس معه بزينتها قليلا فلمن تزينت هذه الليلة
    لكنها خشيت أن يسيء فهمها وخصوصا مع تجاهله لها

    لذا خلعت ثوبها رغم صعوبة الأمر
    ثم مسحت زينتها بعناية بالغة ثم فككت تسريحتها اللولبية لتتناثر اللفات بنعومة على كتفيها
    كانت تريد أن تستحم ولكنها رأت أنها بذلك ستستغرق وقتا طويلا ولا يليق أن تتركه كل ذلك


    ارتدت فستانا أبيضا ناعما خفيفا من الشيفون يصل طوله لمنتصف ساقها كانت طلبت من جوزا أن تعلقه لها في الحمام
    ولكنها حين رأت كشفه ساقيها تمنت لو أنها اختارت فستانا طويلا
    ولكن لم يكن هناك سواه هو وقميص نومها الذي لم تكن تريد أن ترتديه أبدا
    لذا لبست صندلها الشفاف الذي يكشف عن نقوش الحناء التي كانت تصل
    لأسفل ركبتيها
    ثم وضعت ماسكرا وأحمر شفاه مشمشي اللون واكتفت بهما وقررت الخروج


    وقفت لوقت طويل أمام باب الحمام الذي كانت فتحته أساسا ولكنها لم تستطع الخروج عبره لشدة إحساسها بالخجل

    حتى سمعت الهمس الرجولي العميق الهادئ والقريب: شعاع تعالي لا تستحين

    بدا لها الصوت مألوفا لحد ما لكنها لم تستطع التعرف عليه
    ولكنها تعترف في ذاتها أنها شعرت برعشة حادة دافئة وهي تسمع اسمها بنبرته الرجولية العميقة!!


    خرجت وهي تكاد تتعثر في خطواتها
    هو كان قد خلع بشته وغترته ويجلس بثوبه فقط في الجلسة القريبة من الحمام

    عاود الهمس لها بذات نبرته الهادئة العميقة: تعالي اقعدي قلت لش لا تستحين!!

    صرت جبينها قليلا "الصوت غير غريب كأني قد سمعته قبلا لكن لا أعلم أين!!"

    تقدمت باستيحاء وجلست مقابلا له على الأريكة.
    هو لم يكن يشعر بأي رغبة لا في محادثتها ولا في النظر إليها ولكن إحساسه بالذنب من ناحيتها كان يجبره على ذلك

    حينها رفع عينيه لها بينما كانت هي تخفض رأسها بشدة فلم يرى إلا خصل شعرها الملتوية بعذوبة تتناثر للأمام


    لا يعلم حينها لِـمَ شعر برعشة حادة صارخة تجتاح روحه حتى أقصاها حين نظر لها
    شيء غير مفهوم يحصل له !!
    شيء لا يعقل يحصل له!!


    لماذا ترتعش يداه هكذا
    وريقه لماذا جف هكذا
    وأنفاسه لماذا تتثاقل هكذا
    ودقات قلبه لماذا تتزايد بعنف هكذا

    إحساس شعر به مرة واحدة فقط واحدة فقط في حياته كلها!!

    المرة الثانية التي تبع فيها حبيبته المجهولة في ممر المستشفى!!
    فلماذا يعود له الآن لماذا


    حينها همس باختناق لا يعلم له سببا: ترا العشا جا من أول مادخلتي الحمام تعشين

    همست باختناق خجلها الرقيق دون أن ترفع رأسها: شكرا ما أبي



    كلمتان
    كـــــلــمتــــان
    كــلـــمـــتــــــان فقط!!


    أحرف معدودة من بين شفتيها!!
    بل لو همست بحرف لعرفها بينما هي سمعت كل هذه الجمل ولم تعرفه

    فكيف تعرفه وهي نحرته ومضت
    كيف تعرفه وهي ارتكبت جريمتها فيه ثم ارتحلت

    كان يكفيه حرف واحد من صوتها الذي سكن روحه ليعرفها
    كان يكفيه همسة واحدة من همساتها التي رافقت أحلامه ويقظته طيلة الوقت الماضي ليعرفها


    كيف كانت جواره طوال الساعة الماضية ولم يعرفها
    كيف لم يتعرف على رائحتها حتى لو غطتها أطنان البخور والعطور
    كيف كانت جواره ولم يروي ضمأ روحه لروحها منذ الدقيقة الأولى
    كيف سمح أن يضيع دقيقة واحدة من بين يديه


    لم يسأل لحظتها كيف ولماذا
    فالحقيقة بدت واضحة كوضوح الشمس وهكذا كان يجب أن تكون منذ البداية!!
    هي له منذ البداية ولم تكن أبدا لسواه
    وكان يستحيل أن تكون لسواه!!
    هكذا العدالة تقول وهكذا الحق يقول
    يستحيل أن يحبها كل هذا الحب ويعشقها كل هذا العشق وترتبط روحه بها إلى درجة التمازج ثم تذهب لغيره
    فهو لم يعشقها هكذا إلا لأن روحه نادت نصفه الثاني في حناياها!!
    كانت له له وحده منذ البداية لــــــه!!
    لـــــــــــه هو فقط!!


    هي أنهت همستها القصيرة وصمتت لتتفاجأ بعد ثانية واحدة بيديه الأثنتين تنتزعانها من مكانها ليوقفها

    شهقت برعب لأنها لم تعرف لماذا تصرف هكذا وهي ترفع عينيها له
    وبقدر الرعب الصارخ الذي ارتسم على ملامحها وهي تتعرف على الواقف أمامها


    على الضد كانت ترتسم على محياه أضعاف مضاعفة من مشاعر الشجن والوجع واليأس والألم والولع والعشق اللامحدود
    وعيناه تلتهمان بعطش قرون وقرون تفاصيلها تفصيلا تفصيلا
    تلتهم بشوق سرمدي لا نهائي كل انحناءات وجهها التي حُفرت في روحه وعلى مجاري دمه


    هي بدأت ترتعش بعنف حين رأته ينقل كفيه من عضديها إلى وجهها ويتحسسه بأصابع يديه الأثنتين

    كانت روحه تبكي وتنزف طوفانا تلو طوفان وهو يتحسس مخمل وجهها بأنامله المرتعشة
    يريد أن يتأكد أنها أمامه فعلا أمامه فعلا!!


    "يا الله ما أكبر رحمتك ما أكبر رحمتك!!
    أنا كنت على أبوب قبري خلاص"


    كان ارتعاشها يتزايد وعيناها الجزعتان تمتلئان بالدموع
    أ يكون هذا هو نصيبها ومع هذا الرجل بالذات


    بينما هو كان مشغوف بالنظر لها وكأنه لن يشبع مطلقا من النظر
    وهو ينقل يديه من وجهها ليدفنهما في طيات شعرها
    وهو يقترب منها برفق ليدفن رأسه بين خصلاتها ويتنفس
    يتنفس بعمق موجوع وكأنه يتنفس كل أكسجين الحياة بعد اختناق
    يتنفس بعد التصقت رئتاه من الجفاف واليأس
    يتنفس بعد أن جف الهواء في مسارب جسده وروحه!!


    " يالله أشعر أني سأموت الآن
    أحقا هاهي بين يدي"


    حينها شدها بحنو ليحتضنها بكل قوته وهو يدفنها بين أضلاعه بين حناياه
    بين خلايا جسده الذي جف شوقا لها وآن له يزهر ويرتوي برؤيتها وقربها!!

    " هي هي
    ملمسها وعظامها وعبق روحها
    هي هي!!"


    شعاع بدأت تشهق بخفة وهي تحاول إبعاد نفسها عنه دون جدوى
    لم تعد المشكلة لديها أنه شاب عابث أو يطارد الفتيات
    ولكن المشكلة أصبحت أنه اقتحم خجلها دون تمهيد وأنه كسر حياؤها الرقيق دون اهتمام!!


    أما حين أفلتها ليمسك بوجهها بين كفيه ليقبلها بكل شغف العالم وولعه
    شعرت أنها ستنهار فعلا من شدة الصدمة والخجل


    بينما هو كان يحلق في عالم آخرآخر
    يشعر أنه يعود ليتنفس الحياة عبر أنفاسها الداخلة إلى صدره
    رائحة أنفاسها التي تربعت في روحه ولم تغادر أبدا وهي تستنزف الحياة منه رويدا رويدا
    هاهي تعيد له الحياة الذاهبة مرة أخرى!!


    شدت نفسها بقوة من بين ذراعيه لتسقط للخلف على الأريكة
    وهي تتراجع لأقصى الخلف وترفع قدميها للأعلى وهي تضمهما لصدرها وتنتحب


    حينها زالت الغيبوبة اللذيذة التي كان غارقا فيها إلى مافوق أذنيه
    انتبه إلى أنه صدمها بتصرفه غير المعقول بالنسبة لها
    فالصورة التي ظهرت لها أنه هجم عليها دون مقدمات


    شعر أنه عاد للتعبثر وهو يسمع نحيبها الذي عاد لتمزيق روحه من جديد

    " لا يمكن أن أسمح للدموع أن تجدا طريقا لعينيها!!"


    علي جلس جوارها وهو يضع كفيه على كتفيها المنحنيين على ركبتيها ويهمس بوجع عميق مغلف بسعادته الأعمق:
    شعاع حبيبتي لا تلوميني والله العظيم ماحسيت بنفسي
    أنا ماكنت في وعيي أنا ماصدقت أشوفش
    أنا من عقب سالفة الأصنصير وأنا لا ليلي ليل ولا نهاري
    أنا كل المرض اللي جاني من سبة فرقاش مادريت إنش أساسا مرتي وحلالي
    ياقلبي أنا كنت مثل واحد ميت عطش وعقبه لقى الماي قدامه.
    تكفين لا تبكين!!


    شعاع هزت كتفيها لتبعد كفيه عنها وهي ترفع رأسها وتبتعد أكثر لطرف الأريكة
    بينما علي اقترب أكثر منها وهو يتناول كفيها ويدفن وجهه بينهما
    وهو يغمرهما بقبلات ملهوفة وموجوعة ومشتاقة ويهمس بمقدار وجع قبلاته وشوقها:
    حبيبتي تكفين لا تبكين واللي يرحم والديش لا تحرقين قلبي
    سوي فيني اللي تبينه أنا ما أبي إلا شوفتش قدامي
    بس تكفين لا تبكين لا تبكين


    شعاع تراجعت أكثر وهي تشد كفيها منه وملامح الرعب تتزايد على وجهها
    لم تعد المشكلة لديها أنه عابث أو يطارد الفتيات!!
    ولم تعد المشكلة في اقتحامه الجريء لخجلها الرقيق


    بل المشكلة باتت أخطر. أخــطــر من ذلك بكثير!!!
    والفكرة تقفز لبالها بكل وضوح ومنطقية. ورعب !!!




    #أنفاس_قطر#
    .
    .
    .


    خالص اعتذاراتي يا نبضات القلب لكل وحدة تضايقت من كلام فهد
    بس يا بنات هذا رأي الشخصية مهوب رأيي
    في الرواية هذي امهاب كان بيتزوج أرملة وهو شاب ما تزوج وماسمعتوا هالكلام عنده
    منصور وزايد كلهم تزوجوا أرامل
    .
    في أسى الهجران راكان اللي كان أحسن شخصية في الشباب تزوج مطلقة بس ماسمعتوا منه ذا الكلام
    لأنه كلام فعلا يدل على جلافة وانحطاط في التفكير

    وأنا شخصيا والله العظيم ثم والله العظيم لو أخوي أو ابني عقبه بغى مطلقة إني لأشجعه بدون تردد
    .
    .
    لكن يا بنات أنا قصدت أبين وجهة نظر الشخصية بكل حدتها وغرابتها
    أنا شخصيا سمعت واحد من قرايبي كانت أمه تعرض عليه بنت مطلقة يوصفها بوصف أسوأ من وصف الفرشاة
    أنا يصراحة حسيت رأسي بينفجر من العصبية والغيظ منه
    ودعيت ربي إنه يتزوج مطلقة ويذوب في هواها
    بس ماصار تزوج بنت وهو اللي طلقها وعاده عزابي الحين
    .
    .
    يعني ياقلبي لا تسقطون رأي الشخصيات علي
    والله إن قلبي يوجعني وأنا أكتب كلامه
    بس الكاتب لازم يخلي كل شخصية تتصرف من منطق شخصيتها موب شخصية الكاتب عشان يكون فيه مصداقية في الأحداث
    أنا والله لي رسالة هامة من ذا الشيء
    والرسالة بتتضح لكم بعدين :)
    .
    .
    البارت الجاي يوم الأحد موعدنا الصباحي المعتاد الساعة 7 ونص صباحا
    .
    .
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    .
    .

    .







    رد مع اقتباس  

  8. #208  
    المشاركات
    3,260
    يا الله قدامي على البارت
    78
    وموعدنا الجاي الساعة 8 صبح الثلاثاء إن شاء الله
    .
    قراءة ممتعة مقدما
    .
    .
    لا حول ولا قوة إلا بالله
    .
    .





    بين الأمس واليوم/ الجزء الثامن والسبعون





    مازالت تنظر له برعب متزايد
    بينما هو ينهمر بالكلمات بيأس ماعاد حتى قادرا على الصمت
    ولماذا يصمت وكيف يصمت

    تعب من الصمت تعب من الكتمان!!
    تعب من الحرمان!!
    يعلم أنه تهور في تصرفها معها ولكن أ يمكن أن يُلام على ذلك


    فالذي حدث له لا يمكن تخيله ولا تصوره.
    كما لو أنك سافرت لبلد بعيد وبقيت تعمل في هذا البلد لـ 40 عاما متواصلة بلا راحة
    وتواصل الليل بالنهار وحرمت نفسك من كل متع الحياة وأنت تعاني بصمت لا تشتكي حتى عما تعانيه لتجمع لك مالا يريحك حين تعود لبلدك

    ثم في رحلة العودة فقدت حقيبة المال وسط شارع مزدحم
    فكيف سيكون حالك وأنت تبحث وتبحث وتبحث وتمر الأشهر ولا تجد مالك
    ثم تعود لبلدك البعيد مقهورا منحورا يائسا أشبه بجسد ميت أنهكه العمل دون فائدة!!

    ثم تفتح باب غرفتك

    لتجد حقيبة المال تتربع على سريرك

    كيف ستكون ردة فعلك كيف

    فرحة هذا الرجل بماله لن تكون قطرة واحدة في محيطات فرحة علي برؤية شعاع أمامه
    أ تلومه حينها على تعبيره عن فرحته!!


    فهو كان مخنوقا على آخر رمق يزفر أنفاسه الأخيرة فأرسلوا له الهواء!!

    كان عطشانا تشققت روحه من العطش فأرسلوا له أعذب ماء في الكون!!

    كان محموما تجاوزت حرارته الأربعين ووضعوه في درجة حرارة تجاوزت الخمسين
    وحين تحمص من الحرارة سكبوا عليه ثلجا رقيقا باردا !!

    فكيف ستكون ردة فعله كيف

    يعلم أنه فاجاءها وصدمها ولكن هل كان بيده شيء آخر!!
    مازال حتى الآن لم يروي حتى واحدا من مليارات شوقه لها وهي مرعوبة منه هكذا
    فكيف لو سكب لها ما تبقى!!


    اقترب منها أكثر وهو يلتصق بركبتيها المطويتين ويهمس بكل وجعه ويأسه وولعه:
    سامحيني يا قلبي والله العظيم غصبا عني ماقصدت أخوفش كذا
    بس أنا كنت ميت بكل معنى الكلمة
    فاهمة أشلون ميت ميت من تفكيري فيش وشوفي لش
    وأنا كنت أظنش حلم مستحيل مستحيل ألقاه يوم!!
    تكفين لا تخافين مني


    مازالت تنظر له بذات الرعب والجزع
    وهي في داخلها لا تصدق حرفا واحدا مما يقول فهناك فكرة مرعبة واحدة اجتاحت تفكيرها وتغلغلت فيه ولم تسمح لها بالتفكير بشيء آخر سواه!!


    مد يده بيأس ليمسح طرف خدها بظهر أنامله
    سيموت ليضمها إلى صدره ليتنفس رائحتها من قرب ليرتشف أنفاسها التي أضناه الشوق لها

    ولكنها قفزت عن الأريكة كاملة وهي تهمس بارتعاش:
    أنت الدكتور ماقال لك لا تقرب مني
    لا تقرب مني!! لا تقرب مني!!

    حينها قفز علي بغضبه المتفجر المصدوم المفجوع: من اللي قال لش ذا الكلام من

    شعاع بدأت تنتحب: مهوب مهم من اللي قال لي بس أنت لا تقرب مني
    لا تقرب مني
    والله العظيم لو حاولت تقرب مني مرة ثانية إني لأصيح مع الدريشة وأفضحك في الأوتيل كله!!

    علي تنهد بعمق وقهر عظيم يتصاعد في روحه كيف يسمحون لأنفسهم أن يتدخلوا في حياته ويفسدوها بهذه الطريقة

    تنهد بعمق أكبر لا يريد منها شيئا يكفيه رؤيتها أمامه
    لكنه تمنى أن تسمح له ببعض القرب فقط بعضه لا يريد شيئا أكثر
    بعضا من القرب يروي روحه المجدبة
    بعضا من القرب ينسكب بنداه على صحراء خلاياه القاحلة

    ولكن كيف يقترب وهي جافلة هكذا!!

    تنهد وهو يهمس لها بحنان عميق:
    خلاص حبيبتي لا تخافين ماني بجاي جنبش أنا الحين بأتوضأ أصلي قيامي
    وأنتي هدي هدي


    حين غادرها عادت للانهيار على الأريكة وهي تنفجر في النحيب بصوت مسموع
    " قال يصلي تعرف ربك أنت
    يا الله ليه ياربي كذا ليه
    اللهم لا اعتراض سامحني يارب
    بس ماسويت في دنيتي اللي أستاهل عليه تعاقبني بواحد مثل هذا
    يارب سامحني
    اللهم لا اعتراض
    إنا لله وإنا إليه راجعون!! "



    لم يعلم زايد ومزنة أن تدخلهما الحاني قلب الأمور رأسا على عقب
    فربما لو لم تقل مزنة لشعاع ماقالته لربما كان لعلي بصيص أمل في مسامحتها له
    فهي كانت ستظنه شاب عابث ككثير من الشباب ولكنه حين تسمع تبريراته قد تصدقها بحسن نيتها
    أو ربما تغضب منه لأياموترضى مع تعرفها على شخصيته العذبة الشفافة


    ولكن ماسمعته من مزنة مع ماحدث الليلة مع أحداث مرضه مع ماحدث لها معه في مقابلتهما الأولى في المستشفى .
    مع معرفتها بعمله في الخارج لسنوات.
    كل هذه المعطيات صنعت من علي شخصية بشعة بل غاية البشاعة في عينيها!!


    فالصورة التي تكونت لديها
    أن علي شاب تجاوز عبثه كل حدود لدرجة الانغماس في الخطيئة التي من المؤكد أنها نقلت له مرضا خطيرا معديا ناتج عن علاقاته غير المشروعة

    وإلا كيف تفسر هجومه عليها إلا بكونه شاب لا يهمه غرائزه
    ولأن مزنة كانت تخاف عليه منه أو أن يجرها معه أو يصيبها بالعدوى
    حذرتها بطريق غير مباشر أن لا تسمح له بلمسها

    لا تشك في نوايا أهله أو أنهم زوجوها ابنهم وهو مريض بهكذا مرض
    فمن المؤكد أنهم لم يكتشفوا مرضه إلا في الأيام الأخيرة وسيكون إلغاء الزواج فضيحة مدوية
    لذا أخبرتها مزنة بشكل غير مباشر فعلي لم يبدو لها مريضا للدرجة التي وصفتها لها مزنة
    لكن لأنها خائفة عليها ألفت كل هذه الحكاية عن أن صحته لا تحتمل حتى تحميها منه


    ومازاد في بشاعة الصورة أمامها أنه أراد منذ اللحظة الأولى أن يجرها معه لإشباع رغباته دون اهتمام بما سيجلبه لها من مصائب
    بل ويؤلف لها حكاية لا تصدق عن عشقه لها ليقنعها بما يريد
    فأي رجل بشع هذا!!
    أي رجل بشع !!






    **************************************





    " مزنة اشفيش الليلة مزاجش كنه مهوب رايقأول مرة أشوفش كذا"

    مزنة تترك المشط الذي كانت تمشط بها شعرها وتضعه على التسريحة لتلتفت لزايد الذي كان يجلس على طرف السرير
    وتهمس بنبرة مقصودة: لا أبد وليش مايروق مزاجي
    أنت سويت شيء يعكر المزاج يا أبو كساب

    ليس جاهلا كي يجهل أن نبرتها تحمل الكثير من الغضب هتف بحزم بالغ:
    وأبو كساب وش سوى يعكر مزاجش
    توني كنت عندش اليوم الصبح ومافيش شيء

    حينها أكملت بذات النبرة المقصودة الحادة:
    إيـــــه !! اليوم الصبح !! قلت لي كلام واجد اليوم الصبح
    تدري من كثرته نسيته!!

    حينها وقف زايد ليقترب منها (هذي وش فيها الليلة أبد مهيب عوايدها!!) وهتف بغضب حازم:
    مزنة عندش شيء تقولينه قوليه لا تلفين وتدورين كذا!!
    بروحي تعبان من الصلبة في عرس علي

    حينها وقفت مزنة لتقابله وهي تهمس بحدة حازمة: ليه أنت قلت لي شيء
    عشان أقول لك شيء

    ثم حين أنهت عبارتها استدارت لتغادر لتوقفها قبضة زايد التي انتزعت عضدها بقوة وهو يشدها ليديرها ناحيته بطريقة حادة آلمتها في عضدها
    وهو يهتف بغضبه الحازم المتماسك:
    ما اسمح لش تعطيني ظهرش وأنا أكلمش

    حينها تفجر غضب مزنة المتجمع منذ بداية الليل وهي تشد عضدها بقوة من يده وتهتف بغضبها الحاد المتفجر:
    وأنا ما أسمح لك تمسكني بذا الطريقة وذا المرة بأعديها عشان خاطر علي بس وأنك تعبت في عرسه.
    لكن لو تكررت إنك تمد يدك علي بأي طريقة بيكون تصرفي شيء مايخطر على بالك أبد
    مهوب أنا اللي تنمد علي يد عقب ذا السنين كلها
    وإن كنت عديتها لك وأنا بزر
    ما أعديها لك الحين!!

    بعثرت الصدمة تفكير زايد وهو ينظر لها بذهول حقيقي: مزنة تهدديني

    مزنة ابتعدت لتجلس على طرف السرير وهي تهمس بحزم واثق:
    ما أهددك محشوم يا أبو كساب بس أحط النقط على الحروف
    ثم أردفت بذات الحزم الواثق وبنبرة مقصودة جدا:
    ومتى ما بغيتني أرتب شنطتك قل لي إلا لو أنت مرتبها من زمان ومخليها في المطار!!


    حينها علم زايد سبب غضبها ولكنه بالفعل مازال مذهولا مذهولا بمعنى الكلمة ذهوله منعه من التصرف كما يجب

    فهو من ناحية . كان يشعر بدغدغة لذيذة ما
    وهو يرى حدتها القديمة وسلاطة لسانها تتدفق أمامه تماما كما كانت في صباها
    وكأن الأيام لم تنقضي!!
    كأنها لم تنقضي!!


    ولكن الغريب الغريب!!
    من ناحية أخرىأن تصرفها المتحدي مطلقا لم يرضيه ولم يعجبه
    يكره أن تتصرف معه زوجته بهذه الطريقة الحادة وهي تضع رأسها برأسه
    وخصوصا أن مزنة عودته الأيام الماضية على أقصى درجات اللطف والاحترام بل والتبجيل!!
    فأين كانت تخفي هذه الحدة كلها





    ****************************************





    " عسى ماتعبتي الليلة "

    كان هذا سؤال كساب لكاسرة التي تمددت جواره بعد أن أنهت قيامها ووردها

    أجابته بسكون: لا ماتعبت بالعكس العرس كان رايق ويجنن مثله مثل المعاريس


    مد ذراعه لها دون أن يتكلم فاقتربت هي أيضا دون تتكلم ووضعت رأسها على عضده ليحتضنها بخفة

    لا فائدة من المعارضة فهذا الرجل غير قابل للإصلاح.
    عدا أنها تعلم مهما كان فرضه لرأيه يضايقها فهي لن تستطيع النوم براحة إلا قريبا منه
    وإلا فأنها ستعاني الأرق والكوابيس التي تعانيها بعيدا عنه!!

    همست برجاء ووجهها يختبئ قريبا من عنقه: كساب قل لي تكفى ليش انسجنت
    والله العظيم ما أقول لأحد تشك إني ممكن أطلع أسرارك
    بس تكفى ريحني

    كساب أجابها بحنان مرهق وهو يمسح على شعرها: أدري إنش ماراح تقولين لأحد
    بس صدقيني السالفة كلها ماتهمش لا تلحين يا بنت الحلال
    أنا ما أدري متى بتصيرين تأقلمين مع طبايعي
    أنتي تدرين إني لو عندت في شيء ما أحب حد يناقشني ليش دايما تبين تطلعيني من طوري

    حينها همست كاسرة بعمق: وأنت متى بتفهم إني ما أقدر أتأقلم مع حياة الغموض اللي أنت معيشني فيها
    أشلون نعيش حياة طبيعية وأنت حاط بيننا ذا الحواجز كلها

    كساب صمت بيأس وهو يشدها أكثر لصدره
    وهي متى ستفهم أن يريدها أقرب من أنفاسه دون أي حواجز

    ولكن هذا مايقدر عليه!!
    فعلا هذا مايقدر عليه مع كل التعقيدات في شخصيته وحياته!!






    ********************************************





    كانت مستغربة من طول صلاته فعلا
    فهي استحمت وصلت وقرأت وردها وهو مازال قائما يصليويدعو ويبتهل.

    ومضى له أكثر من نصف ساعة الآن وهو يقرأ القرآن
    كيف يستوي أن شخصا عابثا مثله يصلي هكذا صلاة ويعرف الورد


    " تمثيل يا الخبلة يمثل وإلا واحد مثل هذا يعرف صلاة وإلا قرآن!!"


    كانت تجلس على الأريكة وهي ترتدي لها قميصا حريريا بأكمام طويلة بأطراف من الدانتيل
    فهي يستحيل أن تلبس عند هذا المخلوق المنحط الهمجي قميص نوم أو حتى بيجامة!!


    هو كان يختم ورده وصلاته بعد أن أكثر من شكر الله الذي منّ عليه بالمغفرة وبنعمة وجود شعاع جواره

    ثم التفت لها ليبتسم وتبتسم روحه وهو يراها كزهرة ندية في غلالتها الزهرية وشعرها المبلول مازال يتناثر على كتفيها
    بدت له أشبه بلوحة خيالية لا يمكن أن توجد على أرض الواقع!!
    فكيف يكون على أرض الواقع هذا الحسن وهذه البراءة وهذه الفتنة


    اقترب ليجلس قريبا منها لتتأخر هي بجزع
    حينها تأخر هو قليلا وهو يشعر أنه يقهر روحه لأقصى درجات القهر ليبعد نفسه عنها
    بينما يشعر أنها كالمغناطيس الذي رغما عنه لابد أن يلتصق به


    همس علي بيأس: شعاع ياقلبي أنتي يانور عيوني أدري إني غلطت يوم خوفتش مني بس غصبا عني
    لا تخلين ذا الشيء حاجز بيننا تكفين أنا ماهقيت إني بشوفش قدامي
    لا تخربين علينا شهر عسلنا عشان غلطة صغيرة والله ماقصدت أضايقش فيها

    شعاع بصدمة: غلطة صغيرة وشهر عسل
    أي عسل هذا اللي في ظنك إني ممكن أعيشه وياك

    ثم أردفت برجاء طفولي عميق: تكفى علي أنا بسافر معك لعلاجك وماراح أقول لأحد شيء
    بس تكفى لا تجي جنبي وإذا رجعنا طلقني تكفى!!

    علي قفز وهو يرتعش بشدة وكلماته تتبعثر بصدمة كاسحة: نعم نعم
    أطلقش أنتي صاحية
    أخليش عقب ما لقيتش

    شد له نفسا عميقا وهو يحاول التماسك رغم أنه يشعر أنه سينهار
    وكل الطاقة التي في جسده كما لو كانت سُحبت فجأة ككقنديل سُحب ضوءه فجأة

    همس بنبرة تهدئة مرهقة: اسمعيني زين شعاع
    ماراح أجي جنبش إلا برضاش.
    بس تكفين طاري الطلاق ذا ما تجيبينه حتى لو كنتي ماتقصدينه سمعتيني
    لا تستعجلين يمكن تكونين أرملة أقرب


    شعاع انتفضت بجزع

    " يعني عارف إنه مريض لدرجة إنه ممكن يموت
    ومع كذا يركض وراء شهواته لين آخر لحظة!!
    أعوذ بالله من مثل ذا الإنسان!!
    أعوذ بالله!! "


    علي أنهى عبارته ثم توجه للسرير وأندس فيه وهو يتمتم بالأذكار
    مثقل بإرهاق غير طبيعي.
    إرهاق نزع منه إحساس الحياة المذهل الذي شعر به يتدفق إلى عروقه إلى درجة الأمتلاء المتفجر حين رآها أمامه
    فالطاقة الروحية المتدفقة التي شعر بها جابهها الآن رغما عنه يأسه وصدمته وضعف جسده فعلا
    فآخر غذاء دخل لعروقه هو الجلوكوز الذي عُلق عليه هذا الصباح!!


    "يا الله وش فيها عليّ
    يعني تهورت وضميتها وحبيتها يكون سبب عشان تطلب مني الطلاق
    والله العظيم ما أبي منها شيء تكفيني شوفتها
    بس شوفتها برضاها وهي مبسوطة مهوب وهي مجبورة وتبكي!!
    يا ربي.
    تكون وافقت علي مغصوبة!!
    أو زعلت لأني مهما كان عرضت على وحدة الزواج وهي على ذمتي!!

    بس هي ماقالت لي وش سبب زعلها
    ما على لسانها إلا لا تقرب مني!!
    ياقلبي ما أبي أقرب
    .
    إلا أبي أقرب وأبي أكون أقرب أنفاسش!!
    يا ربي بأستخف بأستخف "


    تنهد بعمق وهو يحاول إراحة جسده المنهك
    ورغم كل شيء كان يغلق عينيه وعلى شفتيه إبتسامة شفافة
    فهو لم يتخيل ولا حتى في أكثر أحلامه جموحا وبعدا عن التصديق أنه قد ينام وهي معه في ذات المكان
    إنه قد ينام وروحه قد سكنت بمعرفتها بل بضمها لصدره بعد كل أيام الشقاء والقهر واليأس

    لا بأس لتخف منه الليلة
    الايام طويلة ومادامت أنفاسه تردد
    تكفيه بالفعل رؤيتها أمامه رغم كل التضادات والتعارضات!!






    ******************************************






    رد مع اقتباس  

  9. #209  
    المشاركات
    3,260
    كان يهز كتفها برفق وهو يهمس قريبا من أذنها:

    " مزنة مزنة !! "

    انتفضت بعفوية وهي تهمس بحميمية عفوية ناعسة: لبيه حبيبي

    ابتسم هو أيضا بشكل عفوي عميق عميق عميق وهو يراها تعتدل بحرج أو ربما بعتب عليه وعلى نفسها قبله
    وهي تشد روبها من جوارها لتلبسه شد روبها من يدها وهو يقبل رأس كتفها ثم يهمس في أذنها بدفء:
    أول مرة تقولين لي حبيبي!!

    مزنة شدت الروب من يده وهمست بحزم وهي ترتديه: وحدة قايمة من النوم نعسانة وماعليها شرهة

    ابتسم زايد وهو يحيط كتفيها بذراعه: زين خلي الشرهة علي
    وأنا آسف لأني ماقلت لش على السفر بس السالفة جات بسرعة
    توها ترتبت أمس عقب ماطلعت من عندش ومالحقت أقول لش

    مزنة شدت نفسا عميقا لتهمس بعدها بحزم مختلط بالرقة:
    أنا ما أبيك تعتذر زايد بس أنا جد تضايقت إني سمعت الخبر من بنتي!!
    يعني كساب لقى وقت يقول لها وأنت مالقيت
    أنا اللي آسفة بس أنا لا قفلت صرت شينة ومخي يقفل

    ابتسم زايد وهو يشدد احتضانه لكتفيها: وعسى التقفيلات ذي مهيب واجدة بس

    ابتسمت مزنة وهي تحتضن خصره: الله كريم أنت وحظك!!


    " أما إنك غريب يازايد!!
    مهوب هذا اللي تبيه مزنة المقفلة الحادة!! مثل مزنتك في شبابها!!
    ليه الحين ماعجبك تصرفها
    .
    ما أدري ما أدري
    مـــــا أدري!!
    يمكن ما قدرت أتقبل ذا الشيء من مزنة الحين
    اللي عرفتها رايقة وهادية ورزينة!!
    وبشكل عام ماقدر أتقبل إن مرتي ترادني وتطول صوتها عندي
    صدق إنك غريب يازايد!! "


    زايد هتف بحزم حان: زين مزنة أبيش تتصلين بشعاع وتسألينها عن حال علي لو زين أو بأمر أوديه المستشفى
    لأني لو كلمته بيقول مافيني شيء.

    ابتسمت مزنة وهي تقف: شوي زايد بأتصل فيهم عقب ساعة
    يمكن مابعد قاموا الحين!!






    ************************************************






    تنهدت بعمق وهي تنهي اتصالها مع مزنة
    أكثرت مزنة عليها من الوصايا التي أرهقت روحها البريئة الشفافة
    " علي مريض وما يأكل
    وهذا سبة مرضه
    حاولي فيه يأكل لأنه لو ماكل بيجي أبيه يوديه المستشفى يركبون عليه مغذي"


    مع إنهاءها للاتصال كان علي يخرج من الحمام وهو يستند بإرهاق على باب الحمام
    كان يبتسم بإرهاق وابتسامته تتسع وهو يراها أمامه إشراقها أكثر من إشراق شمس هذا الصباح
    وبهجة رؤيتها تبعث في روحه سعادة أكثر من أقطار الأرض الأربعة!!

    كان على وشك سؤالها من كان يتصل بها لولا أنه ترنح ثم سقط مغشيا عليه دون مقدمات
    شعاع قفزت بجزع ناحيته وهي تجلس على الأرض وترفع رأسه إلى حضنها
    كانت تربت على خده برفق وهي تهمس برفق جازع: علي علي

    لا تعلم كيف بدأت الأفكار المتعارضة تتوارد إلى بالها بجنون وهي تنظر لملامح وجهه وتحاول إيقاظه بجزع روحها المتزايد:

    " ياربي أشلون واحد له ذا الوجه الحلو السمح اللي ماينشبع من شوفته ويكون كذا
    صدق إنه تحت السواهي دواهي!!
    .
    يا ترا المرض اللي معه ممكن يكون ينتقل بالنفس!!
    لا. لا ما ظنتي
    لأنه أكثر الأمراض هذي ما تنتقل إلا بالإتصال!!
    .
    يا ربي هذا وش فيه ما يقوم"


    همست برقتها الجزعة: علي علي تكفى قوم

    فتح عينيه بضعف ليجد رأسه مسندا لحضنها وقريبا من صدرها
    كان بوده أن يدير رأسه ليدفن وجهه في ثنايا صدرها ولكنه منع نفسها حتى لا يخيفها منه
    كل ما أستطاع فعله أنه همس بيأس مثقل بالولع:
    ليتش تعرفين بس وش كثر أحبش.
    أنا مهوب بس أحبش أنا أتنفس هواش
    عشان كذا الفترة اللي راحت كلها ماكنت قادر أتنفس
    توني قدرت أتنفس من البارحة بس!!
    يا الله ياشعاع حرام عليش اللي سويتيه فيني قبل واللي تسوينه الحين


    رغم أنها تعلم أنه يكذب ولكنها لم تستطع منع قلبها البريء الغبي من الارتعاش!!
    فهي لأول مرة تسمع مثل هذا الكلام وبهكذا نبرة تذيب القلب فعلا!!

    همست بتوتر خجول: ما تبي تتريق

    ابتسم بإرهاق: ما أبي تكفيني شوفة وجهش قدامي ياقلبي!!

    حينها شعرت شعاع بالصداع وهي تهمس له بنبرة خجولة رقيقة:
    خلاص ما تبي تأكل ماني بماكلة مع إني بأموت من الجوع

    حينها همس بحنان وهو يعتدل جالسا: لا خلاص بأتريق بس تعالي سنديني مافيني حيل أقوم

    لا يعلم هل هو فعلا يحتاج لمن يسنده أم هي حيلة العاشق غير المقصودة

    شعاع همست بخجل عميق وهي تخشى أنها قد لا تستطيع أسناده:
    خلاص حط يدك على كتفي

    أحاط كتفيها بذراعيه وهو يقف معها متوجهان للجلسة
    الرحلة القصيرة كانت بالنسبة لها أشبه برحلة عذاب كريهة وهو ملتصق بها هكذا
    وماخفف عنها لا تعلم كيف رائحة عطره كانت رائحة تسبب الدوار الأشبه بالغيبوبة العذبة
    شمت رائحة عطور والدها وعبدالرحمن وكلها من العطور الفخمة الفاخرة
    ولكن لم يكن لهما ذات تأثير عطره. شفاف أثيري فخم حنون!!
    فما هو سر عطره؟ ماسره


    هو كان يشعر أنه سيذوي فعلا وهو يشتم عبق رائحتها من هذا القرب.
    ويشعر بليونة عظامها تحت ذراعه
    تمنى هو ألا تنتهي هذه الرحلة أبدا
    ولكنها انتهت وهي توصله للمقعد وتبتعد عنه هاربة وهي تجر أنفاسها المحتبسة!!


    كانت تنظر له بيأس
    يبدو اليوم مريضا فعلا
    ستقوم بواجبها ناحيته كما يفترض من اي زوجة
    لكن كل ماتريده ألا يفكر أن يقترب منها أبدا!!


    همست برقتها التلقائية وهي تقرب طاولة الفطور : دام أنك ماكنت تاكل الأيام اللي فاتت
    كل بس شيء خفيف واشرب حليب طازج وبس

    ابتسم علي بولع شفاف: إذا شفتش تأكلين بأكل اللي بتعطيني إياه
    حتى لو عطيتيني المخدات كليتها بدون ما احس!!






    ********************************************





    " وش عندش مصحبتنا من بدري يا المزعجة
    إيه وش عندش سريتي البارحة من بدري مع أبو الشباب وجيتي تزعجينا الحين
    مهوب كفاية توني خلصت من أختش البارحة واقول بأسيطر على الشيبان ألاقيش ناطة!! "


    جوزاء تضع حقيبتها وهي تشد حسن لتجلسه وتهمس لعالية بخفوت:
    ياكثر بربرتش
    أمي شأخبارها

    عالية حينها هزت كتفيها وهمست بسكون: ما أدري ماشفتها أنا قاعدة هنا من بدري عشان أقهويها بس هي مانزلت من غرفتها
    واستحيت أطلع لها
    بس مر علي أبيش يهاد ذبان وجهه

    جوزا بتاثر: إذا أبي يهاد وجهه أجل أمي وش مسوية
    أنا بأطلع أشوفها حطي عينش على حسون

    عالية تشد حسن لحضنها وهي تهمس بنبرة مرعبة تمثيلية مضحكة:
    خليه عندي لأني أبي أكله جوعانة ماتريقت!!

    جوزاء صعدت لغرفة والديها وهي تسمع صوت ضحكات حسن المتعالية لأن عمته كانت تدغدغه.
    طرقت باب الغرفة بخفة وفتحت الباب فلم تجد أحدا
    حينها علمت أين ستجدها


    توجهت لغرفة شعاع لتجدها هناك فعلا تضع ملابس شعاع المتبقية في حقائب وتبدو عيناها الباديتان من خلف فتحات برقعها متورمتان من البكاء

    جوزا جلست جوار والدتها على الارض وهي تضم كتفيها وتقبل رأسها وتهمس بتاثر عميق:
    يمه الله يهداش ترا بنتش ماهاجرت ترا كلها خطوتين
    ثم حاولت أن تردف بمرح فاشل: الظاهر اشعيع أغلى مني بواجد
    ماسويتي كذا يوم رحت أنا

    أم عبدالرحمن لم تجبها حتى وهي مستمرة في وضع الملابس في الحقائب
    همست حينها جوزاء بذات النبرة المتأثرة:
    زين أنتي الحين وش تسوين

    أم عبدالرحمن أجابت باختناق: أبيش كان يفكر يسوي الطابق الثاني كله لعبدالرحمن بس حادث عبدالرحمن أجل الفكرة
    خلاص خليني الحين ألهى في ذا السالفة لا أستخف!!
    بأنزل أغراضنا كلها في الغرف اللي تحت!!

    جوزا تشد أمها بلطف: زين فديتش خلاص أنا والخدامات بنرتب الأغراض ونخلي العمال ينزلونهم

    أم عبدالرحمن برفض حازم: لا أنا أبي أشتغل بروحي!!








    ***************************************





    " ياربي عليش ياجميلة
    يعني إلا تجيبني هنا وصباحية عرس أخي
    حاسة إني بأموت من التعب"

    جميلة تبتسم وهي تخلع نقابها وتضعه جواره: أي صبح حن الحين عند الظهر
    وبنشرب الحين كوفي وبتصحصحين

    مزون بتأفف: تدرين بعد إني ما أطيق اللاندمارك بكبره

    جميلة تبتسم: شأسوي متعودة أفصل عباياتي في المتحجبة هنا تعودت شأسوي
    خلينا الحين نتقهوى وعقب نأخذ عباتي ونمشي على طول

    مزون تبتسم بإرهاق: زين ماكان ينفع بكرة أنا عطلت خلاص بأوديش أي وقت

    جميلة تبتسم: لا ماينفع بكرة رفيقاتي مسوين لي بارتي صغير
    كانوا ينتظرون يخلصون امتحانات الجامعة وتوهم خلصوها وأبي ألبس عبايتي الجديدة

    مزون بذات النبرة المتأففة: زين كنت بأوديش الصبح والبارتي أكيد عقب العشاء

    ابتسمت جميلة: لا البارتي العصر لأنه أمي مارضت يكون في الليل
    وبعدين أنا بكرة من الصبح مشغولة
    أبي أسوي لنفسي حمام مغربي وأدلع نفسي صايرة خبيرة حمامات مغربية من القعدة البطالية
    وعقب بتجيني الكوافيرة تسوي شعري وتسوي لي بديكير منيكير يالله ألحق أخلص على العصر

    ضحكت مزون: أما أنا بصراحة ماشفت وحدة تهتم بنفسها كثرش
    وش الحمام المغربي اللي صايرة تسوينه لروحش كل أسبوعين
    لو منتي بملاحظة جلدش قرب يسيح من النعومة وانتي أساسا ذايبة على روحش من خلقتش!!

    قالتها مزون وهي تشد معصم جميلة البالغ النعومة تتحسه بمرح جميلة شدت معصمها وهي تهمس بمرح: الله أكبر عليش
    قولي ماشاء الله خليني أهتم بنفسي وش وراي
    أنا أساسا كنت أنتظرش تخلصين جامعة عشان أستلمش شوي
    إذا ماخليت كابتن غانم يستقيل ويقعد جنبش قولي جميلة ماقالت!!

    مزون بخجل: صدق قليلة أدب تحشمي يا بنت أنا أكبر منش بـ3 سنين ياقليلة الحيا!!


    كان الحوار مستمر بين الاثنتين وهما ترتشفان قهوتيهما في مقهى أوبرا القسم النسائي
    كانتا على وشك الانتهاء حين دخلت فتاتين أحدهما تدفع عربة طفل صغير عمره حوالي 9 أشهر

    انتفضت جميلة بشفافية وهي تتعرف على الطفل
    الذي عرفته من الصور الكثيرة التي رأتها وعرفته كذلك من عربته وملابسه!!
    فهذه العربة بل حتى الملابس التي يرتديها والتي تشكل طقما مع العربة هي من اشترتها له من محل لايوجد أبدا في قطر !!

    والغريب أنهما جلستا في أقرب طاولة لمزون وجميلة
    مزون همست لجميلة باستغراب: وش فيش كن القطوة كلت لسانش

    جميلة باختناق متوتر: مزون خلاص خل نحاسب ونطلع

    أشارتا للنادلة أن تأتيهما بالفاتورة
    بينما كانت الفتاة الثانية تهمس بتأفف رقيق لأم الطفل: الله يهداج أم أحمدوه أخاف أطول على خليفة قلت لج خل نأخذ أغراضي ونطلع
    بس أنتي إلا تيين هني

    جميلة شعرت بالصداع وهي تسمع حوارهما بهذا الوضوح ومع سماعها لاسم خليفة زاد صداعها

    ابتسمت أم أحمد: يعني أنتي ساحبتني معاج تقولين تبين أغراض وحتى قهوة حرام تشربيني
    أنتي مامليتي من مجابل ويه خليفة طول هالأسبوع اللي فات حتى سفر ماسافرتوا
    خلاص فكي عنه خله يتوله عليج يا المسبهة

    ابتسمت العروس برقة: ياربي منج صج الرازق في السما والحاسد في الأرض
    ما ألوم جاسم يشرد من ويهج النكد


    جميلة قفزت وهي ترتدي نقابها وتهمس لمزون باختناق: خلاص أنتي ادفعي وتعالي لي في المتحجبة


    مزون كانت تنظر لها باستغراب وهي تهرب متعثرة في خطواتها وهي تركض باتجاه الدرج
    كانت تهمس في داخلها " لن أبكي لن أبكي"


    (خلاص الله يهنيه!!
    دامه مبسوط أنا ما أبيه إلا مبسوط
    أنا ماقدرت أسعده ولا أملأ عينه
    الله يهنيه!!
    الله يهنيه!! )


    كانت تكرر عبارة (الله يهنيه) دون أن تشعر بانحدار دموعها الشفافة التي أغرفت نقابها
    مشاعر حزن شفافة تغزو قلبها وكأنها تُجبر على أن تطوي صفحة من حياتها لم تكن تريد أن تطويها بعد!!






    ***************************************






    " أنت من جدك سقت سيارتك من الفندق لين هنا"


    علي ببساطة: إيه وش فيها

    زايد بغضب: لا والله منت بصاحي لو أنك دعمت في الطريق لا قدر الله
    أنت فيك حيل تسوق

    علي يبتسم: ما أشين فالك يبه

    زايد يتنهد: يأبيك ما أفاول بس أنا تروعت يوم طلعت ومالقيت سيارتك
    وتروعت أكثر يوم قالوا لي العمال إنك اتصلت وطلبت واحد منهم يجيب سيارتك للفندق

    علي بذات الابتسامة الودودة: زين مرتي تبي تروح تشوف أهلها أوديها على تاكسي

    ابتسم زايد بأبوية: يا النصاب السواق اللي جاب لك السيارة كان جابك أنت وياها

    علي بذات ابتسامته المحلقة: يعني أول مشوار لي أنا ومرتي ويودينا سواق.
    شايفها حلوة في حقي

    إحساس دافئ غريب يتعاظم في روح زايد بدأ منذ رأى علي يدخل عليه هذا المساء هتف بدفء حان:
    يأبيك وجهك متغير وضحكتك ماشاء الله مافارقت وجهك.
    الظاهر إن شوفة بنت فاضل جايبة نتيجة غير متوقعة

    ابتسم علي وهمس بنبرة مقصودة تماما: فوق ما تتصور يبه!!

    زايد مستغرب تماما الفتى كان سيموت من العشق وفور رؤيته لزوجته بدأ يتحسن
    أما مازاد في استغرابه فعلا أن عليا أشار للمقهوي: يا ولد قرب الفوالة
    وصب لي قهوة أنا وعمك زايد

    كان زايد ينظر له بذهول حقيقي وهو يراه يلتهم نصف حبة المعمول ويرتشف فنجانين من القهوة
    ثم يضع فنجانه وهو يهتف بمودة باسمة: لو علي أنا كان كلت الصحن كله وشربت الدلة كلها
    حاس لي سنين ماشربت قهوة
    بس ما أبي أثقل على بطني وأنا توني ماتعودت على الأكل


    زايد سأل بصدمة سعادته غير المعقولة: يأبيك أنا أفرح ماعلي أشوفك تأكل وتشرب
    وأنا اللي كنت بأموت عشان أشوفك تشرب ربع قلاص عصير
    بس يأبيك ماحد يتغير في يوم وليلة إلا لو صارت له معجزة

    علي بنبرة مقصودة جدا: ويمكن اللي صار معي معجزة!!

    زايد يتنهد بعمق سعادته المحلقة التي شعر توشك أن تفجر حناياه: الله يديم المعجزات عليك يأبيك وش معجزتك أنت

    علي بأبتسامة مقصودة: تقدر تقول إن مرتي دخلت مزاجي وعقب عدلته لين آخر جد

    زايد بصدمة: يأبيك حدث العاقل بما يعقل هو مزاجك مثل الزر اللي يشغلونه ويطفونه
    ثم قطع زايد كلامه وهو يردف بسعادة حقيقية وابتسامة متسعة جدا:
    خله يكون زر مايهمني المهم إنك مبسوط
    مبسوط يأبيك

    علي بسعادة حقيقة: مبسوط شوي على اللي أنا حاس فيه!!

    شعر زايد حينها أن شرايين قلبه تكاد تتهاوى من فرط ضغط السعادة وهو يهمس بتأثر رجولي:
    لازم أقوم أصلي ركعتين شكر الحين!!

    وفعلا نهض من مكانه قبل أن يردف باهتمام : شوفتك نستني وش كنت أبي أقول لك
    خلاص رحلتنا بكرة العصر إن شاء الله

    ابتسم علي: تقصد رحلتي أنا ومرتي

    زايد ضحك: ماتبي خوتي يا الهيس

    علي بمرح: خوتك على الرأس والعين بس حد يأخذ أبيه في رحلة شهر عسل

    حينها تغير وجه زايد للقلق الجدي: علي الله يهداك وضعك الصحي أنت عارف إنه تعبان ولازم يكون معك حد.
    لو تعبت هناكالبنية المسكينة بتبلش فيك!!

    علي بإصرار: يبه أنا أعرف أتصرف زين أنا واحد شغلي كله كان برا ماني بعارف أتصرف يعني

    زايد يحاول اقناعه: يأبيك ماقلت إنك منت بعارف تتصرف
    بس أنا ما أقدر أخليك وأنت وضعك كذا

    علي بإصرار حازم: أرجوك يبه خلاص قلت بسافر بروحي
    وأوعدك أخلص فحوصي كلها لا تحاتي







    ******************************************





    كانت شعاع غاية في التألق والتأنق وهي تبالغ في التزين حتى لا يلاحظ أهلها شحوب لونها
    أما توترها فهي تعلم أنهم سيرجعونها لخجل العرائس الطبيعي!!

    جوزاء تقرص جنبها بمودة وهي تهمس بحنان: العرس يخلي البنات حلوين كذا؟!!

    همست شعاع بذبول فسروا نبرته المنخفضة بأنه خجل: مثلش
    هذا أنتي من عقب رجعتش لعبدالله وأنتي محلوة بزيادة!!

    همست جوزاء في أذنها بخفوت: علي شأخباره معش

    شعاع تتلاهى عن إجابة سؤالها بسؤال آخر: أمي وين راحت

    جوزاء بحنان: أمي شكلها بتسوي لش العشاء بنفسها ياربي نفسيتها زفت من الصبح توها زانت يوم شافتش

    شعاع بتأثر: فديت قلبها زين علوي أم لسانين مامنها فايدة تخفف عن أمي

    جوزاء تبتسم: المسكينة تحاول بس أمش مقفلة من الضيقة

    شعاع قطبت جبينها بتساؤل: إلا عالية وين راحت

    جوزاء بتلقائية: اتصل فيها عبدالرحمن وقال لها إن خالها بيجي يسلم لها وراحت له في مجلس النسوان






    *****************************************





    وإن كانت شعاع تأنقت للتظاهر فهناك عروس أخرى تأنقت لإحساسها الحقيقي بالألق والسعادة


    نايف ينظر لها بنظرة مقصودة من تحت أهدابه: ماشاء الله نفسيتش جايه على العرس
    منورة من قلب وشدوقش تقولين إعلان معجون أسنان!!

    عالية تضحك: تنظلني يا الدب يعني غاط من يوم عرسي ويوم طلعت جاي عشان تنظلني

    نايف بذات النبرة المقصودة تماما: والله ماشفتش فقدتيني ولا كلمتيني
    مشغولة الله يعينش

    عالية بعفوية: لا تزعل مني فديت عينك بس والله لهيت مع البنات في تجهيز عرس حماتي وتوها تزوجت البارحة.


    نايف بذات نبرته المقصودة المريبة: مبروك إن شاء الله وعقبال مايصير عندكم عرس ثاني

    ضحكت عالية: خلاص خلصوا إلا لو عمي فاضل يبي يجدد شبابه

    نايف يكمل بذات النبرة: فيه من هو أصغر من فاضل
    تدرين علوي الطبخة عجبتني مـــــوت!!

    عالية باستغراب: أي طبخة

    نايف بتلاعب: يووووه أقصد حركة عبدالرحمن يوم أحرج خالد وحركة عطني وجهك وتم
    ذكرتني بسوالف أمي الله يرحمها.

    عالية شعرت بخجل رقيق فلم تعرف ماذا تقول وصمتت ولكن نايف لم يصمت فهو لديه ماخطط تماما ليقوله:
    تدرين علوي عبدالرحمن على حركته المنقرضة خلاني أشتهي أسوي حركة أكثر انقراض

    عالية باستغراب: أي حركة

    نايف بنبرته المقصودة المتلاعبة الحازمة:
    تذكرين يوم كانت أمي تسولف لنا عن إن الرجال أول كان أحيانا إذا طلق مرته يقول (ترا فلانة طالق من وجهي في وجه فلان)
    عشان يجبر الرجّال الثاني إنه يأخذ مرته. وفضيحة عليه لو ماخذها وطليقها علقها في وجهها.

    عالية لم ترتح مطلقا لنبرة نايف وهي تهمس بغضب: وش لازمة ذا الحكي الفاضي

    نايف بحزم بالغ مرعب: مهوب فاضي لأني باطلق وضحى وبأطلب من عبدالرحمن يأخذها!!
    وبأحرجه وأحده على أقصاه عشان يأخذها!!






    #أنفاس_قطر#
    .
    .
    .
    يا الله نجمتنا اليوم للحلوة (يا الله الخيرة) لأنها اللي جابت سبب خوف شعاع من علي
    فيه بالضبط ثنتين غيرها قالوه بس هي كانت أول وحدة.
    مبروك ياحضرة الملازم علقتي النجمة !!
    .
    .






    رد مع اقتباس  

  10. #210  
    المشاركات
    3,260
    يا الله الجزء 79
    قراءة ممتعة مقدما
    .
    لا حول ولا قوة إلا بالله
    .
    .
    بين الأمس واليوم/ الجزء التاسع والسبعون






    نايف بنبرته المقصودة المتلاعبة الحازمة:
    تذكرين يوم كانت أمي تسولف لنا عن إن الرجال أول كان أحيانا إذا طلق مرته يقول (ترا فلانة طالق من وجهي في وجه فلان)
    عشان يجبر الرجّال الثاني إنه يأخذ مرته. وفضيحة عليه لو ماخذها وطليقها علقها في وجهها.

    عالية لم ترتح مطلقا لنبرة نايف وهي تهمس بغضب: وش لازمة ذا الحكي الفاضي

    نايف بحزم بالغ مرعب: مهوب فاضي لأني باطلق وضحى وبأطلب من عبدالرحمن يأخذها!!
    وبأحرجه وأحده على أقصاه عشان يأخذها!!



    عالية قفزت بغضب شديد: تدري أسخف من ذا الكلام وأحقر ماسمعت

    نايف وقف أمامها بتحدي ونبرة حازمة: لا والله يا بنت أختي
    الحقارة إن البنت تطبخ الطبخة مع حبيب قلبها وعقبه تلعب على خالها وتخليه مثل البهيمة اللي تنفذ مخططاتها بدون تفكير
    هذي هي الحقارة!!

    عالية تفجر غضبها أكثر: أنت وش تبربر وش تقول

    نايف ضحك بسخرية: وش أبربر لا والله البربرة هذرتيها مع حبيب القلب من ورا هلش

    عالية تراجعت خطوة للخلف وهي تهمس بصدمة مختلطة بنبرتها الغاضبة:
    نعم

    ولكن نايف شدها بقوة من عضدها وهو يهتف بقسوة حازمة:
    الله ينعم عليش ياحبيبة خالش
    يا اللي ماتدسين عليه شيء يا اللي أسراركم وحدة

    يعني كنتي تكلمين عبدالرحمن من ورا هلش صحيح إنه منقود لكن لا هو حرام ولا عيب عشان تدسين علي أنا سالفة مثل ذي
    وأنتي تلفين وتدورين عشان تزوجيني بنت خاله.

    يعني وش فيها لو قلت لي كل شيء بصراحة من متى وأنا وأنتي بيننا حواجز
    لكن دامش حطيتي الحواجز وخدعتيني وأرخصتيني وضحكتي علي
    جزاش مثل ماسويتي فيني

    وحدة خذتها بالخدعة وعشانش مالي حاجة فيها. خل عبدالرحمن يأخذها!!
    وانبسطي أنتي وإياها وصيروا ربع وانتوا في بيت واحد ضراير وش حليلكم

    حينها همست عالية باختناق حقيقي وعيناها تمتلئان بالدموع:
    نايف أنت جدك

    نايف أفلتها وهو يدفعها بحدة ويهتف بحدة قاسية:
    ومابعد كنت من جدي مثل الليلة!!






    **************************************





    " يبه علي وش فيه
    أنتو غيرتوا له العلاج وأنا مادريت
    أو عطيتوه فاتح شهية قوي"


    ابتسم زايد ابتسامته الفخمة باتساع: ليه تسأل يعني

    كساب بصدمة: ليش أسأل أنا قربت أنسى شكل علي وهو يمد يده لثمه ويأكل
    انصدمت إنه قام معنا على العشاء صحيح كل أكل خفيف بس أنا ماهقيت إنه بيأكل حتى!!

    ابتسم زايد : يقول إن شوفت بنت فاضل فتحت نفسه

    لم يستطع كساب إلا أن يضحك لفرط سعادته: والله إن بنت فاضل تستاهل السمن يصب إيديها كانها اللي خلته يأكل

    منصور العائد من الحمام ليغسل يديه بعد العشاء جلس جوار زايد وهو يشده ناحيته ويهمس في أذنه بذات سؤال كساب

    بينما علي توجه ليجلس جوار كساب من الناحية الآخرى وهو يهمس في أذنه بمرح:
    مايسوى علي ذا العشاء اللي تعشيته
    بتطلعونه من بطني أنت وعمك وعيونكم طايرة فيني وأنا أكل تقولون مابعد شفتوا ناس يأكلون

    كساب يبتسم: شنسوي كنا خايفين تأكل عشانا وتخلينا ماشبعنا
    ثم أردف بمودة: تبيني أوصلك للأوتيل

    علي برفض باسم: مشكور طال عمرك بأروح بنفسي وتكفى ماترادني عجزت من المرادد مع أبيك
    وعلى طاري المرادد أنت وأبيك لين متى منشفين ريق غانم المسكين
    خلوا المسكين يحدد موعد عرسه
    أنا طيب مافيني شي ولا تخلوني عذر لكم
    ومزون خلصت الفصل على الأقل خلهم يتزوجون ذا الصيفية قبل ما ترجع الجامعة الفصل الجاي





    **************************************






    " عالية وش فيها من يوم رجعت من عند خالها وهي مكتمة مرة وحدة!!"

    جوزاء تجيب شعاع باستغراب: ما أدري وش فيها

    حينها سألتها شعاع برقة: منتي برايحة لبيتش زين

    جوزاء بتردد: ما أدري ودي أرقد عند أمي بس لو أقول لعبدالله بيذبحني!!

    شعاع بيأس رقيق: لذا الدرجة أمي متضايقة

    جوزا تبتسم: مهيب متضايقة بس تبي تتدلع على أبيش شويتين
    لا تهتمين خلي ذا السالفة علي وقومي تجهزي
    رجالش مهوب كلمش وقال إنه جايش الحين

    شعاع بضيق: بلى جاي

    جوزاء بمرح: وليش لاوية بوزش قومي البسي عباتش عيب تنقعينه في السيارة


    شعاع سلمت على أمها وعالية وخرجت ترتدي عباءتها عند مرآة المخرج ومعها جوزاء التي كانت تحمل حقيبتها حتى تنتهي من لبس نقابها

    رنة رسالة تصل لهاتف شعاع فتهمس جوزاء بخبث: عادي نقراها وإلا صار عندنا أسرار

    شعاع بعفوية : افتحيه تلاقينه مسج من كيوتل يقولون ادفعوا الفاتورة لا نحوسكم حوس!!

    جوزاء بابتسامة متلاعبة: الرقم سبيشل والكلام سبيشل والله من بهينة يا بنت فاضل
    وأنا اللي أقول اشعيع بريئة جبتي رأس الرجال من أول ليلة!!
    "طعون" مرة وحدة خفي اللعب عالمسكين

    شعاع انتزعت الهاتف والحقيبة من يد جوزا ووجهها يتفجر حرجا وتختنق بغصات خجلها وضيقها
    وهي تلمح الرسالة التي مازالت الشاشة مفتوحة عليها قبل أن تضع الهاتف في الحقيبة وتخرج:


    " أنت الوحيد اللي بقلبي تمكنت
    تمون !! لكن لا تكثر طعونك!! "


    ركبت جوار علي وهي تتمتم بسلام خجول متوتر ثم تلتصق بالباب
    وهي تتمنى لو استطاعت البقاء في حضن أهلها وأمانهم بعيدا عن الرعب المجهول الذي تعيشه مع هذا الرجل المجهول المتلاعب

    همس علي بدفء حقيقي: هلا والله إني صادق ومن جدي
    اشتقت لش ياقلبي والله العظيم كني قاعد على مقلى من شوقي!!


    كان بود شعاع أن تصرخ به (لا تقول لي ذا الكلام ولا تكذب علي)
    وكان بودها أن تبكي وتنزف كل هذا الحزن المكتوم في روحها
    ولكنها صمتت بيأس وهي تبتلع غصاتها بينما علي لم يتوقف مطلقا عن الكلام

    حينا يتغزل بها غزلا شفافا عميقا موجعا
    وحينا يحكي لها عن بعض الأماكن الي يمرون بها عن ذكرياته فيها أو معلوماته الخاصة عنها

    كان يحادثها وكأنها شخص يعرفه منذ قرون بينما هي عاجزة عن مجرد التواصل معه


    بموضوعية تامة كان حديثه غاية في المتعة والدفء ونبرة صوته الهادئة العميقة والدافئة أشبه ما تكون بمهدئ فعّال للأعصاب
    ولكنها عاجزة عن الإحساس به أو بما يقوله وإحساس الرعب منه يسيطر عليها تماما


    حتى وصل في محور حديثه إلى قوله: حبيبتي ترا بكرة سفرنا على طيارة العصر

    حينها همست باختناق خجول: ومن اللي بيسافر معنا كاسرة ورجّالها

    ابتسم علي: ماحد مسافر معنا فيه حد يأخذ معه مرافقين في شهر العسل

    شعاع بصدمة تتخيل حالها وهي معه لوحدهما كيف يتركونها معه وهو أشبه مايكون بقنبلة موقوتة تخشى تفجرها فيها في أي وقت
    كيف تفعل بها خالتها مزنة ذلك
    كيف تتركها معه لوحدهما


    صمتت. ماذا لديها لتقوله
    ليس لديها إلا الله عز وجل تدعوه أن يحميها منه!!

    بينما كان علي يكمل بقية حديثه بهدوء واثق: بكرة قبل الظهر بنسوي شيك آوت من الأوتيل وعقب بنروح نتغدى عند هلي
    وعقب بأمر بش هلش تسلمين عليهم قبل نطلع المطار
    وقبل أنسى هاش خذي هذا مفتاح بيتنا عطيه أمش لو تبينهم يرتبون أغراضش قبل نرجع من السفر

    همست حينها شعاع باختناق أشد: أنا وأنت بنسكن بروحنا

    ابتسم علي بمودة: عندي بيت وش كبره وين نسكن يعني
    صحيح إبي لو عليه يبيني معه في البيت بس الحين معه كساب
    وأنا أبي نكون بروحنا وبراحتنا.

    شعاع بتبعثر: قصدي بس

    شعاع تريد أن تبكي فعلا بماذا يفكر هذا الرجل
    أيفكر بجعلها سجينة له طوال عمرها وهو يرسم هكذا مخططات طويلة الأمد
    ماعادت تعرف ماذا تقول أصبحت مشوشة تماما وبدأت تنتابها حالة اكتئاب يبدو أنها ستتعمق!!






    **********************************






    " حبيبتي حرقتي قلبي
    طالبش تقولين لي وش مضايقش "


    عالية بذبول: مافيني شيء حبيبي صدقني

    عبدالرحمن بيأس: عالية ياقلبي نشفتي ريقي صار لي ساعتين ألح عليش وأنتي تقولين ولا شيء
    مستحيل مافيه شيء
    نايف وش قال لش جوزا تقول إنش من عقب ماراح من عندش وأنتي متغيرة

    حينها قفزت عالية بجزع: نايف ماقال لي شي ماقال شي
    تكفى لا تسأله عن شيء طالبتك لا تسأله

    ثم بشكل مفاجئ جلست على الأرض ودفنت وجهها في السرير قريبا من ساقيه الممدتين على السرير وهي تشهق بخفة!!

    عبدالرحمن فُجع منها وهو يمد يده ليمسح على شعرهاويهمس بقلق شديد:
    والله العظيم حرقتي قلبي تعالي هنا تعالي

    عالية رفعت رأسها لتدفن وجهها في حضنه وهو يحتضنها بخفة لم يسألها عن شيء لأنه يعلم أنها لن تخبره

    عالية كانت شبه محطمة ليس خوفا من أن عبدالرحمن قد يفعلها ويتزوجها
    ولكن من صدمتها في نايف توأم روحها ونبضها

    لم تتخيل أنها بسبب خطأ بسيط قد ارتبكته قد يعاقبها هكذا عقاب وبهكذا قسوة
    لم تتخيل أن قلب نايف الحاني قد يقسو عليها هكذا

    فنايف دائما كان ملاذها حين تُغلق كل الأبواب في وجهها
    للحظات ظنت أنه يمزح ولكنه كان غاضبا منها فعلا وهددها بطريقة فاجعة وصارمة
    " معقولة يا نايف أنا تسوي فيني كذا!!"


    عبدالرحمن ظل محتضنا لها بكل حنو حتى أفرغت طاقة بكائها حتى رفعت رأسها وهمست باختناق وهي تمسح وجهها
    وتهمس بذبول مختنق: آسفة حبيبي أشغلت بالك معي سامحني
    بأروح أتسبح عشان أهدأ شوي وبأجيك


    فور مغادرتها له تناول عبدالرحمن هاتفه فهو كان ينتظر مغادرتها بفارغ الصبر ليقوم بهذا الاتصال


    فور أن رد الطرف الثاني هتف عبدالرحمن بمودة: مساء الخير نايف

    نايف بمرح: قده صبح طال عمرك

    ابتسم عبدالرحمن: وش نسوي بك وانت مسهرنا لين الصبح

    نايف بحرج: أنا

    حينها همس عبدالرحمن لنايف بحزم: نايف أنت وش قلت لعالية من يوم طلعت من عندها وهي حالتها حالة

    حينها انفجر نايف في الضحك المجلجل وهو يتناثر بالكلمات بين ضحكاته:
    خلها تستاهل أنا كنت أبي أثقل العيار عليها
    بس قلبي ما يطاوعني عليها الحمارة مع إنها تستاهل وأنت معها تستاهل مع احترامي لك.
    لو خليتها تنكد عليك يومين زيادة بعد أحسن
    بس يا الله بأحتسب أجري عند رب العالمين


    عبدالرحمن ضحك مع تهديد نايف المرح له ومن يغضب من نايف؟ :
    وليه وش سويت أنا بعد خلني بعيد عنك أنت وبنت أختك ماني بحملكم

    نايف مازال يضحك: قلها تفتح تلفونها وتقرأ المسج اللي بيجيها بعد شوي
    وأنت على قولتك اطلع من بيننا لأنه حن اثنين خبلان


    عبدالرحمن سمع بالفعل صوت رنة الرسالة التي وصلت هاتفها الموضوع على التسريحة
    كان بوده أن يقرأ الرسالة ولكنه كتم رغبته لسببين:
    الأول أنه ليس من حقه التدخل بينها وبين خالها فقد يكون هناك سر ما بينهما
    الثاني أنه حتى لو فكر أن يفعلها فحتي يقوم على كرسيه المتحرك ويصل هناك ستكون قد خرجت من الحمام.


    لذا انتظر حتى خرجت تلف شعرها بفوطتها بعد أن ارتدت بيجامتها
    كان وجهها ذابلا فعلا وهي تستدير لتنام جوار عبدالرحمن
    ولكن عبدالرحمن أوقفها وهو يهمس بإبتسامة: افتحي تلفونش جاش رسالة


    عالية توجهت لهاتفها بذات الخطوات الذابلة تناولته لتفتحته تفاجأت أن الرسالة من نايف فتحتها بتوتر

    لتتغير ملامحها للنقيض تماما. من ملامح ذابلة ساكنة إلى ملامح متفجرة بالحياة والحدة والصراخ والغضب:
    الحيوان النذل خالي الزفت خال العازة
    يا من يجيبه عندي أعضه لين أقول بس
    أشلون أمسي الحين من الحرة!!
    زين يانويف زين دواك عندي والله ما أعديها لك!!


    عبدالرحمن انفجر في الضحك لأنه كان يراها تسبه وتشمته وهي تضحك بشكل هستيري:
    والله أنك أستاذ يانايف بس عاد مهوب على الدكتورة عالية.
    انا ماحد آكلني الأونطة قدامك والله لاردها لك دبل


    عبدالرحمن استغل أنها اقتربت منها حتى يتنزع الهاتف من يدها لأنه علم أن في الحكاية مقلب وأراد أن يعرفه
    عالية تركت الهاتف له وهي تستدير لتجلس جواره وهي تحتضن عضده بقوة سعادتها وهي تقرأ معه الرسالة للمرة الثانية:

    " والله كان ودي أخليش تحترقين يوم يومين
    بس ماتهونين علي يا الدبة

    نسيت اقولش يوم جيتش
    إني اليوم رحت لتميم في شغله عشان يسأل هله متى يبون موعد العرس بالتحديد
    لأني مستعجل شويتين وأبيه على أبعد حد عقب شهر ونص شهرين.
    .
    تعيشين وتأكلين غيرها "


    عبدالرحمن ضحك: بصراحة مافهمت شيء يعني أنتي زعلانة ذا الزعل كله عشان نايف ماقال لش متى يبي موعد عرسه
    ما أشوفه سبب بصراحة!!


    عالية احتضنت عضده أكثر وهي تهمس بسعادة حقيقية لأن نايف لم يخذلها:
    لا النذل نويف ما ادري أشلون اكتشف إني كنت أكلمك
    وقال لي أنتي خدعتيني وإنه يبي يطلق مرته ويورطك تزوجها عشان يأدبني


    ضحك عبدالرحمن: وأمانة عليش صدقتي سالفة خبلة مثل هذي
    نايف رجّال فيه خير أنا اللي ماعشت معه مستحيل أصدق لو قال لي
    أشلون أنتي

    عالية بمرح: ما أدري مخي اختبص وهو بين شكله جدي ويروع من قلب

    حينها همس عبدالرحمن بغرور تمثيلي: وذا كله وبغيتي تموتين عشانش غيرانة علي لأجيب على رأسش وحدة

    عالية تفلت ذراعه وهي تهمس بمرح: روح بس. شايف روحك على الفاضي
    عادي عندي أنا ووضحى ربع أصلا

    عبدالرحمن رقص حاجبيه: زين ولو جبت لش كتكوتة من بنات الجامعة اللي كاشخين تقولين رايحين عرس مهوب للجامعة

    حينها همست عالية بغيظ فعلي: والله لأقطعك وأحطك في أكياس نايلون
    وخل الكتكوتة تشبع فيك حزتها






    **************************************









    رد مع اقتباس  

صفحة 21 من 29 الأولىالأولى ... 111920212223 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  2. علاقة الجار بالجار بين الأمس واليوم
    بواسطة بوغالب في المنتدى خارج مقص الرقيب
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-Nov-2011, 08:50 PM
  3. الأمس واليوم وغدا الخصر النحيل هو رمز الأنوثة والخصوبة
    بواسطة بوغالب في المنتدى الاسرة والطفل
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 09-Aug-2010, 08:17 AM
  4. بعد مباريات الأمس واليوم .جدول الترتيب للدوري السعودي
    بواسطة البنت التي كويس في المنتدى كرة القدم المحلية و العربية و الاوربية
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 31-Oct-2008, 01:37 PM
  5. المغازل بين الأمس واليوم وعقب باكر
    بواسطة سفيرة الصمت في المنتدى نكت مضحكة - طرائف - الغاز - Joke
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 18-Jan-2007, 02:18 PM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •