الملاحظات
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: رواية زوجة رجل مشغول

(زوجة رجل مشغول) بقلم/ *دانة* الفصل الأول(متى ستعرف كم أهواك يا رجلاًأبيع من أجله الدنيا و ما فيها – نزار قباني) دانة مستلقية على ظهرها فوق السرير، تبحلق

  1. #1 رواية زوجة رجل مشغول 
    المشاركات
    3,260
    (زوجة رجل مشغول)
    بقلم/ *دانة*


    الفصل الأول(متى ستعرف كم أهواك يا رجلاًأبيع من أجله الدنيا و ما فيها – نزار قباني)

    دانة مستلقية على ظهرها فوق السرير، تبحلق في الثريا كعادتها، لقد حفظت شكلها تماماً لكثرة ما تتعلق بها عيناها لساعات دون أن تشعر بالوقت، إلا أنها في بعض الأحيان تطيل التمعن فيها ثم تكتشف أن الوقت لم يمر وأن التأمل لم يدم لأكثر من دقائق، وكأن للثريا مع دانة نظاماً زمنياً مختلفاً، وكأن هذه الثريا العجيبة تستوقف الشمس لحظات كي تمنح دانة وقتاً لايعرفه غيرهما، ثم تستعجلها أحياناً أخرى إشفاقا على دانة من رتابة الوقت.

    هذه المرة آثرت الثريا أن تستعجل الشمس بالمغيب، ثم بالشروق، تخلل الوقت نوبات من نوم أو ربما "إغماءات إرادية" فقد استطاعت دانة أن تطور لديها مهارات تخدير عالية الجودة، إن حبها لسيف كان أقوى لديها من غريزة البقاء، لاتهمها صحتها بقدر ماتهمها مشاعره،تفضل أن تئد مشاعرها على أن تجرحه بمعرفة أن مشاعرها مجروحة! إن حبها لسيف كان أكبر من طموحها الذي كان يطاول السحاب، لم تستطع أن تغضبه بتمسكها بالوظيفة التي لطالما تمنتها، لم تستطع أن تقنعه أن يسمح لها بمزيد من الزيارات الأسبوعية لمنزل أهلها، فراق أهلها لأيام أهون عليها من اتهامه لها بالإلحاح (الحنّة) .

    يفسر الرجال تكرار أي طلب من زوجاتهن بال"حنة" لأن ذلك يبرر لهم التهرب وعدم الاستجابة،سهل عليهم أن لا يلحّوا لأن أمرهم بيدهم، أما المرأة فتضطر للإلحاح لأن أمورها بيد الزوج الذي إن تجاهلها لا يعتبر مهملاً لاحتياجاتها وإنما تعتبر هي "حنانة"، دانة لا يمكن أن تسمح لنفسها بإعطاء سيف سببا ليجد فيها عيباً، تخشى أن يبغضها فيبتعد عنها أكثر من ابتعاده الآن.

    لقد جعلها حبها له تضحي بغريزة الأمومة في سبيل إرضائه، منعت نفسها من محاولة الإنجاب بناءاً على طلبه ولم تفتح معه الموضوع حتى لا تزعجه، أصبح حبها له إعاقة تعاني منها، إعاقة تمنعها حتى من الاستمتاع بصلاة قيام الليل كما السابق، لقد تجاوز حبها له بعض الحدود الدينية التي وضعتها لنفسها، لليال عدة تؤجل مفارقتها لسريرهما لتظل بقربه أو تنتظر أن يبعد يده عنها وهو نائم كي تذهب وتصلي، لا يطاوعها قلبها أن تحرك يده وهو نائم، فتنتظر أن يقوم هو بذلك حتى تفاجأ بآذان الفجر يخترق سيمفونية أنفاسه التي تطربها، فتشعر بالذنب والتقصير، فتستغفر الله وتعزم على عدم العودة لهذا التصرف مجدداً،ولكنها تكرره.

    "يوم كامل دون أن تسأل عني يا سيف ؟" لا تعرف أخباره و لا يسمح لها بذلك، لا يحب أن يشعر بقيد من أي نوع، يفعل ما يريد وقت ما يريد دون أن يلزم نفسه بإخبارها أي شيء عن يومه، تمنت لو أنها سكرتيرة لديه ليس لإشباع فضول الأنثى التي لم تشك في إخلاصه يوماً، وإنما لتطمئن عليه فقط، تعشقه.

    يتجاوز تفكير دانة الإيجابي حدود الذكاء إلى ما هو عكسه، ترى المسالمة في الاستسلام، والطاعة في الضعف، تسمع الموسيقى في صفارات الإنذار،وترى نصف الكوب المملوء بالماء حتى وإن كان الكوب مكسوراً ويرشح! لا ترى في تصرفات سيف إلا الخير، أقنعت نفسها بخيرية عدم معرفتها لكيفية سير يومه لتتعلم الاستعداد الدائم لحضوره، ألهمها بقاؤها اليومي لساعات أمام التلفاز أن تكون رائعة الجمال طوال اليوم مثلهن، تقطر ملابسها مسكاً ويعبق المنزل بروائح العطور، كل شيء مثالي وجاهز لاستقبال سيف، في أي لحظة.

    لعل سبب تعلقها المفرط بسيف هو حياتها قبله، البنت المثالية التي يضرب المثل بكمال عقلها، كانت حلم الأمهات وكابوس الفتيات لمقارنة أمهاتهن بينها وبينهن، لم تلتفت يوماً لصغائر الأمور، ولم تهتم بأي ما يمت للعشق بصلة من بعيد أو قريب، أصمت أذنيها عن كل قصيدة حب، وأعمت عينيها عن كل وردة حمراء،أقفلت قلبها لاإرادياً وشددت الرقابة حتى على الخيال، شكت في نفسها كثيراً ووصلت لمرحلة التسليم بأنها هكذا، باردة "من الله" ،حتى جاء سيف فقلب موازين حياتها الدقيقة،وفجر فيها ينابيع العطاء، لم تكن قبل بمثل هذا الحنان، أبداً! بل إنها كانت مادة للتندر بين أوساط صديقاتها لجفافها العاطفي "دانوه الله يعين ريلج عليج ماعندج إحساس كلش" كما ظنن، والواقع المتناقض أن الأولى هو طلب العون من الله لها بسبب كم الحنان الذي ستستنزفه .

    عودة للثريا التي تبحلق بها دانة، إذ لها معها ذكريات عديدة:
    • ففي أول مرة يتأخر فيها سيف خارج المنزل إلى الصباح اكتشفت أن عدد الخرز حول إحدى اللمبات يقل عن البقية، 23 وليس 24 خرزة.
    • في أول مرة يغلق فيها سيف الهاتف في وجهها اكتشفت أن الثريا لم تكن معلقة بشكل مستقيم وإنما مائلة قليلاً.
    • انطفأت إحدى لمبات الثريا في ذكرى زواجهما.

    ما بال غريق انشغل عن الاستغاثة أثناء الغرق بتأمل لون السماء التي لم يلتفت لها يوماً؟ لعل العقل البشري العاجز عن تحمل بعض الإحباطات الشديدة يلجأ إلى هذه الحيلة اللاإرادية التي تضمن تخديره مؤقتاً بانشغاله بشيء آخر، أي شيء! فالطالب المتكاسل لا يجد أنسب من ليلة امتحان أصعب المواد عليه ليقرر أنه بحاجة ماسة لمعرفة عدد مربعات البلاط في فناء المنزل الخلفي! والأم العاقلة المفجوعة بزواج زوجها من أخرى تقرر فجأة أنها بحاجة ماسة لتنظيف الدعامات الحديدية أسفل السرير،والتي لم ترها يوماً.

    غريب أمر هذه الثريا، يظن الشخص أنها وضعت لتزيد من إنارة المكان، إلا أن إضاءتها خافتة كئيبة، ثم لماذا ترتبط الإضاءة الخافتة بالرومانسية؟ هل هناك ما يجب إخفاؤه كي تتحقق الرومانسية؟ أم أنها وهم نخشى أن يفضحه النور؟ ألن تتأتى الرومانسية إلا بإخفاء واقع ما؟ تساؤلات مزعجة دارت في خلد دانة ، "هل وصل بي الحال إلى نبذ الرومانسية بعد أن وجدت أن التعطش لها لم يأت بنتيجة؟" لتسكت الأصوات في رأسها قبل أن تتمادى تطاولت دانة علبة الفيتامينات الموجودة بجانب السرير والتي تخبئ بداخلها الأقراص المنومة، تناولت قرصين ، ثم قرص، ثم قرصين! لم تنتبه وظنت أنها لم تتناول ما يزيد عن ثلاثة، حدها الأقصى، هي عموماً لا تهتم، تشعر أنها تسدي لسيف معروفاً بتخدير نفسها في غيابه الغير مبرر كي يمر الوقت بسرعة فلا ينفذ صبرها وهي تنتظره فتنفعل في وجهه إن أطل ببساطة وكأن شيئاً لم يكن، سحبت اللابتوب (جهاز الكمبيوتر المحمول) من تحت السرير، فتحت موقع اليوتيوب العالمي المختص بمقاطع الفيديو، استلقت على ظهرها واستمعت لعدد من القصائد المصورة حتى شعرت بالنعاس، أغمضت عينيها واختارت أن تغفو على قصيدة نبطية لشاعر سعودي اسمه سعد الخلاوي ففتحت الصفحة عليها،استمعت لمقدمتها، سحبت اللحاف وأغمضت عينيها حتى نامت

    وطارت من يدينـي أمنيـات اسـرااب
    ولاحطت علـى ضفـة عناوينـي

    تنهدت دون أن تشعر، انتقلت لجنبها الآخر، وشعرها الأسود الناعم قد غطى وجهها، ونزلت دميعة من عينها فاختلط سواد الكحل ببياض الوسادة، كالعادة.

    ومـرّت صورتـك وترقـرق العنّـاب
    ولون التوت غنّـى فـي شرايينـي

    ياليت آكون حلـم يعيـش ماينجـاب
    وانااااام وصفـة رموشـك تغطينـي

    سمعت هذا البيت الذي تداخل مع الحلم الذي تراه في نفس اللحظة ،لعل مخيلتها رسمت المنظر لكثرة جلوسها أمام التلفاز تأثراً بإعلان تلفزيوني لنوع من الأجبان، به طفلة ترتدي فستاناً أبيض وتزين شعرها بأزهار الأقحوان من الحقل، رأت دانة نفسها في حقل يشبهه مليء بتلك الأزهار ذات الأقراص الذهبية والأوراق البيضاء، كانت ترتدي الأبيض وتزين شعرها كتلك الطفلة ولكنها تنتحب بصمت، أتاها زوجها سيف من بعيد فاستبشرت، هو نفسه بطوله الفارع وقد سد قرص الشمس وراءه، وبشرته السمراء التي بدت في الحلم بيضاء لحضوره المضيء المبهر، أمسك يديها فأشاحت بوجهها عنه، أدار وجهها جهته بحنانه المعهود في لحظات الصفاء،أبعد خصلات الشعر عن عينيها ليفاجأ بالدمعة التي حاولت إخفائها، نظر إليها وكأنه أراد أن يقول بعينيه النادمتين: "صدقيني لن أُ ُبكيك مجدداً" ،صدقته، مسح الدمعة وقبّلها بين عينيهافأغمضتهما وابتسمت

    واحلق بك سمـا ود وغـلا واعجـاب
    وفي قلبك عـن العالـم توارينـي

    واذا تسأل : صحيح إن الهـوى غـلاب
    جوابي لـك : تكـرّم ناظـر بعينـي

    تشوف إنسـان بهيـام المشاعـر ذاب
    يغني لك " أحبـك لـو تجافينـي "

    وحانت رحلتـي والأمنيـات ركاب
    مقادير البدو . .قامـت تسرّينـي


    وفجأة، رن هاتف سيف الجوال في الحلم، تضايقها جداً رنة ال "نوكيا" البغيضة، أفلتها من يديه، وانشغل بالاتصال الذي جاءه، نظرت إليه بتحسر وتباعدت المسافة بينهما في الحقل، نبتت بينهما المزيد من الأزهار ولكن الجراد كان قادماً من بعيد ولم ينتبه سيف لدانة أو الحقل أو الجراد، حاولت أن تتكلم، أن تصرخ، ولكن صوت المتصل والجراد والقصيدة كان أعلى منها.

    رحلت بـحلم شايب وبعزيمـة شـاب
    مرامي : عودة الـورد لـبساتينـي

    حبيبي ماعلى الصلب الكسيـر عتـاب
    وانا جور الزمـان المـر مروينـي

    تعاتبني . وانا مابين ناب وناب!؟
    وعن لمّة حطامي . عجزت ايديني

    كفاني من عذابـي وحشـة الأغـراب
    وأنا اشوف بعيونك . " لاتخليني!"


    (زوجة رجل مشغول)
    بقلم/ *دانة*


    v,hdm .,[m v[g lay,g







    رد مع اقتباس  

  2. #2  
    المشاركات
    3,260
    (زوجة رجل مشغول)
    بقلم/ *دانة*


    الفصل الثاني
    (اليوم أوقن أنني لا أحتمل – روضة الحاج )


    استيقظت دانة من النوم بعد ساعات و هي تشعر بعطش و دوار شديدين، لا تعرف كم مضى لها نائمة وهل سيف في المنزل أم لا، اعتادت الاستسلام مؤخراً فصعبت عليها المقاومة، لا بأس بأن يشتري الإنسان راحته فيتنازل عن بعض الأمور بعض الأحيان، ولكن أن يتحول هذا الأمر إلى طبع تعتاده النفس فإن ذلك سيلقي بظلاله على حياة الإنسان بمختلف أبعادها، الحياة الكريمة تستحق القتال من أجلها بين فترة وأخرى كي لا تضعف الروح ،حاولت دانة أن تقف بصعوبة بالغة، اتكأت على الطاولة المقابلة للمرآة وهي ترتجف من البرد وتتنفس بصعوبة ،تختل لديها الرؤية تدريجياً وهي تحاول أن تستوعب منظرها في المرآة ومدى شحوب لونها ،تشبثت بمفرش الطاولة قبل أن تفقد الوعي فسقطت على الأرض وسحبت معها المفرش الذي سحب بدوره زجاجات العطور التي تملأ الطاولة فوقعن عليها.


    اليوم أوقن أنني لا أحتمل!
    اليوم أوقن أن هذا القلب مثقوب و مجروح و مهزوم
    وأن الصبر كَل!
    (روضة الحاج)


    وصل صوت ارتطامها بالأرض وتكسر زجاجات العطور إلى غرفة المكتب التي كان سيف قد دخلها فور وصوله للمنزل وباشر مراجعة بعض أعماله التي لم ينهيها في مكتبه بإحدى المؤسسات الخاصة بالدولة.خرج من غرفته (كما تسميها دانة) إلى غرفة النوم فذهل من المنظر وظل صامتاَ للحظات ليستوعب الأمر، دانة على الأرض وقد شج رأسها فتفلتت الدماء على وجهها وصدرها، بها عدد من الكدمات والجروح في أماكن متفرقة من جسدها. لم يعرف كيف يتصرف، خشي أن يحملها فيؤذيها إن كانت تعاني من كسور، وخشي أن يطلب سيارة الإسعاف فتتأخر، قرر أنه لا يستطيع أن يحملها فاتصل بالإسعاف وظل ينظر إليها مصدوماً، بلا مشاعر، لوهلة شعر أنها شخص غريب،حاول أن يتذكر ملامحها،ابتسامتها،صوتها، ويربطهم بما أمامه، فلم يستطع.


    أفكار مشتتة تتسابق في رأسه وهو ينظر إليها، هل ماتت؟اقترب منها ولمس يدها المزرقة فإذا بها باردة ورطبة، انتفض ومسح يده بثوبه ثم خرج من البيت ينتظر سيارة الإسعاف في "الحوش".


    تذكر سيف وفاة خاله الفجائية، واسترجع ذكريات العزاء،تعوذ من الشيطان وجلس يحاول أن يدعو لها لكنه لم يستطع أن يقول شيئاً غير "يارب" ظل يكررها حتى سمع صوت سيارة الإسعاف قادمة من بعيد.


    الساعة الثانية ظهراً من اليوم التالي في أحد ممرات المستشفى البعيدة عن تجمعات الناس سيف واقف مع أحد الأطباء يتحدثان دون علم بمن اختبأ يسترق السمع على مقربة منهما :


    الدكتور (بصوت منخفض) : احنا الحمدلله اتطمنا إن المدام مافيهاش أي كسور أو أي نزيف داخلي، لكن زي ماحضرتك شفت امبارح كان الضغط عندها نازل نزول مش طبيعي أبداً، إكستريملي إكستريملي أبنورمال، وده هو اللي سبّب الإغماء

    سيف (مقاطعاٌ) : طيب، وشنهو سبب انخفاض الضغط يعني؟

    الدكتور: صبرك عليه ياأستاز، بص حضرتك،االاغماء اللي حصل ده حاجة طبيعية ومتوقعة للمريض المصاب بانخفاض ضغط الدم، ولو ماجاتش هنا كان لاسمح الله اتطورت الحاله إلى تلف في أعضاء الجسم لأن انخفاض الضغط الشديد بيمنع الدم من توصيل الأوكسجين، وده شيء إكستريملي إكستريملي دينجرس يا أخ سيف.

    سيف باهتمام: طيب ماعرفتوا السبب؟

    الدكتور:أنا حاكون صريح معاك، أنا كلمت المدام النهارده الصبح، بصراحة بعد تحليل الدم أنا كان عندي شك كبير إن السبب محاولة انتحار

    سيف (وقد علا صوته وهو يهم بالابتعاد) : هالشي مستحيل ، أنا الغلطان اللي جبتها اهنيه علشان تلعبون بها! ماعرفتوا اشفيها وقلتوا منتحرة!

    (شهق الغريب الذي كان يسترق السمع فانتبه سيف لوجود حركة غير طبيعية في الممر فأخفض صوته مجدداً)

    الدكتور(بهدوء وجدية):أنا قلت كان عندي شك، داوت يعني خليك مركز معايا شويه، الكلام اللي حقولهولك دلوقت إز إكستريملي إكستريملي سيريس!

    سيف(وقد هدأ وعاد مجدداً): تفضل يادكتور (بنفاذ صبر)

    الدكتور:المدام بتتناول نوع من الحبوب المنومة من غير وصفة طبية وبجرعات كبيرة ومن غير مايكون عندها مشكلة في النوم الطبيعي بالليل يعني.

    (سيف يستمع باهتمام ويسترجع بعض الأحداث التي يتصل بها فالبيت أو يحضر فيجدها نائمة في غير وقت النوم)

    الدكتور:يبدو والله أعلم إن المدام خدت عدد كبير من الأقراص من غير ماتنتبه، ده حسب روايتها وأنا مصدقها لأن الحبوب دي بتسبب ضعف في التركيز، فممكن جداً تكون فعلاً خدت الجرعة زايدة ومن غير ماتنتبه، والحمد لله إننا في بداية الحالة وإنها جات على انخفاض ضغط وإغماء، يعني الضرر ماوصلش الدماغ ولاعمل لها ضمور مثلاً زي آثار أتيفان مثلا، وغيره من الأدوية التجارية اللي بتتباع زي البمبون في الدكاكين

    (سيف ينصت بجدية)

    الدكتور:عموماً،هيه مش أول ست بتعاني من الموضوع ده، نسبة إكستريملي إكستريملي كبيرة من النساء بيلجأوا للحبوب المنومة والمهدئة بسبب الاكتئاب أو للتخلص من القلق وغيرهولو حابب أنا ممكن أحولك على دكتورة نفسية شاطرة أوي علشان تحل الموضوع معاها، حاسب ياأخ سيف أصل الحبوب المنومة والمهدئة دي تركيبتها إدمانية، يعني بتسبب الإدمان لكن اللي أنا استشفيته من المدام إن هيه والحمدلله ماوصلتش للمرحلة دي

    سيف: طيب الله يعطيك العافية يادكتور،أنا رايح أشوفها

    الدكتور: قبل ماتمشي بس اتفضل كرت الدكتورة اللي كلمتك عنها،أرجوك ياأستاز سيف إنك تكون حنيّن عليها وبلاش أي لوم عالأقل في الفترة دي.

    سيف( وهو يأخذ البطاقة محاولا أن ينهي الموضوع) : طيب طيب يصير خير.



    اتجه إلى غرفة دانة وصادف عند الباب وجود والدتها التي كانت قد خرجت للتو من الغرفة، سلم عليها وطمأنها على ابنتها، أخبرها أن الموضوع لا يعدو كونه انخفاضاً في ضغط الدم أدى إلى الإغماء، وأنها لو لم تكن قرب الطاولة لما تعرضت للإصابات التي سببت الكدمات والحاجة لخياطة عدد متفرق من الجروح في الجبهة والذراعين، تمتمت الأم بحمدالله ومضت في طريقها وهي تعتزم أن تتدخل مستقبلاً في حياة ابنتها الزوجية رغم أنها كانت قد عاهدت نفسها على عدم فعل ذلك.




    لو كنت تعرف أنني من أوجه الغادين والآتين أسترق التبسم
    أستعيد توازني قسراً
    وأضحك حينما ألقاك في زمن البكاء
    لوكنت تعرف أنني أحتال للأحزان أرجئها لديك
    وأسكت الأحزان حين تجيء
    أخنق عبرتي بيدي
    ما كلفتني هذا العناء!
    ولربما استحييت لو أدركت كم أكبو على طول الطريق إليك
    كم ألقى من الرهق المذلمن العناء
    ولربما ولربما ولربما!
    ( روضة الحاج)



    دخل سيف غرفة دانة، وجدها وقد استفحل أثر كدمات الوجه عن اليوم السابق، تحولت إلى البنفسجي، وقد خاط الأطباء غرزاً متعددة في مناطق متفرقة من جسدها أبرزها الجبهة ، رغم ذلك كانت هادئة ولم تبد أمامه أي إشارة لمعاناتها من أي ألم. أمعنت النظر في عينيه، تبحث عن الندم أو الحب فلم تجد إلا التعاطف مشوباُ بلوم وغضب، رسمت تفاصيل هذا المشهد في خيالها كثيراً ،يا لسذاجتها، تخيلته وقد أقبل عليها بالأحضان ،مقسماً بأغلظ الأيمان أن لن يتركها بعد اليوم للوحدة والفراغ، كم تمنت في السابق أن يصيبها مكروه فيهرع إليها معتذرا عما كان في الماضي من هجر وتجاهل لأبسط احتياجاتها؛ الاهتمام. و لكن تجري الرياح بما لا تشته السفن، هاهو سيف واقف أمامها الآن كالغريب، لاحرارة في اللقاء، لاندم، لا لمسات، لاشيء، فقط مزيد من التجاهل لاحتياجاتها التي أبسطها نظرة حنان تشعرها بأنها شيء. أخبرها بكلام الطبيب (دون أن يشير إلى الأقراص المنومة، الموضوع الذي لا يعتزم فتحه) وبشّرها بأنها ستخرج من المستشفى غداً صباحاً ثم خرج، تعلقت عيناها بالباب ببلاهة، أهذا كل شي؟



    "خطئي أنا
    أني نسيت معالم الطرق التي لا أنتهي فيها إليك!
    خطئي أنا
    أني لك استنفرت مافي القلب مافي الروح منذ طفولتي
    وجعلتها وقفاً عليك!
    خطئي أنا
    أني على لاشيء قد وقعت لك!
    فكتبت أنت طفولتي، وأحبتي، ومعارفي، وقصائدي
    وجميع أيامي لديك"

    "أنا قد تعبت
    ولم يعد في العمر مايكفي الجراح
    أنفقت كل الصبر عندكوالتجلد والسماح
    أنا ما تركت لمقبل الأيام شيئا إذ ظننتك آخر التطواف في الدنيا!
    فسرحت المراكب كلها
    وقصصت عن قلبي الجناح"
    ( روضة الحاج)



    لم يع سيف أنه بتعامله الهادئ معها كان قد بتر صخب مشاعرها، جفاف أسلوبه قصم ظهر اهتمامها اللامتناه به، لو حنّ عليها لأكد لها أنها ضحية كما كانت تعتقد، حسناً فعل، لقد أسدى لها معروفاً عظيماً، فطمها من تعلقها الطفولي به؛ الأمر كان لابد أن يحدث. بعد أن تأكدت أنه فعلاً خرج من الغرفة ولم ينس شيئاً ليعود من أجله، اتجهت بحكم العادة لوسادتها وحينها حدث شيء غريب جداً
    لم تبك!!



    لافرق عندك إن بقيناأو مضيت!
    لافرق عندك إن ضحكنا هكذا – كذبا ً-
    وإن وحدي بكيت!
    فأنا تركت أحبتي ولديك أحباب و بيت
    وأنا هجرت مدينتي
    وإليك - يا بعضي- أتيت
    وأنا اعتزلت الناس، والطرقات، والدنيا
    فما أنفقت لي من أجل أن نبقى؟
    وماذا قد جنيت؟
    و أنا وهبتك مهجتي جهراً
    فهل سراً نويت؟
    (روضة الحاج)



    أيقنت دانة تلك الليلة بما لا يدع مجالاً للشك أن ماهي فيه إنما هو من صنع يديها، سيف يحبها هي تشعر بذلك رغم انشغاله عنها بأمور متنوعة كثيرة (العمل،الأقارب،الصداقات،الرياضات،العمل،الرحلات،الت رفيه بأنواعه ، و العمل) هو هكذا، لم يطلب منها يوماً أن تجعله محور حياتها، لم يحفل باهتمامها به ولم يتجاوب معها، إلا أنها قد أمعنت في المحاولات المخجلة لاستمالته لجانبها، مثاليتها الزوجية لم تكن ما يريده، آلمها الاكتشاف أنها استنزفت سنوات ثلاث من حياتها مضحية بذاتها في سبيل رجل لم يرد يوما ما تعرضه عليه، هو لم يخدعها ولم يتلاعب بمشاعرها يوماً لكن حبها له أعماها عن رؤية الحقيقة الواضحة وضوح الشمس،الحقيقة التي رأتها عارية تلك الليلة في عينيه، الحقيقة/ الصفعة؛ أنه رغم حبه لزوجته إلا أن(ككثير من الرجال) وجود المرأة ليس محورياٌ في حياته ولن يكن يوماٌ كذلك. قضي الأمر.



    نامت تلك الليلة ملئ جفنيها دون الحاجة للأقراص المنومة، نامت وهي تملك ذاتها لأول مرة منذ ثلاث سنوات.




    (زوجة رجل مشغول)
    بقلم/ *دانة*







    رد مع اقتباس  

  3. #3  
    المشاركات
    3,260
    (زوجة رجل مشغول)
    بقلم/ *دانة*


    الفصل الثالث
    ( أخاف عليك من خوفي عليك – عمر أبو ريشة)



    في الليلة التي تقضيها دانة في المستشفى، سيف في سيارته يهيم على وجهه في الشوارع بلا هدف، قلبه يعتصر ويتألم حتى من نبضه ،فتح زر ياقة ثوبه الذي شعر به يضيق عليه،تنهد ووضع يده على صدره يتحسس قلبه فشعر بالبطاقة التي أعطاه إياها الطبيب، أخرجها من جيب الثوب العلوي باستياء،ونظر إليها مستنكراً احتفاظه بها إلى الآن ، لم يستحمل وجودها فرماها في الشارع، رفض الاعتراف بأي معاناة نفسية من زوجته، فالأمر بالنسبة له لا يعدو كونه نوعا من "الدلع الماصخ".

    تمنى أن يحضنها حينما دخل عليها الغرفة، أن يلثم كل كدمة ويمسح الدموع قبل أن تنزل، يعلم يقيناً أنها بكت بكاءاً حاراً بعد خروجه! ولكن غضبه عليها منعه من التعبير، استاء منها لأن الطبيب يعلم الآن أنها ليست سعيدة معه ، شيء ما في بعض الرجال يجعلهم يتيقنون إن رأوا نسائهم سعداء بأنهم السبب الأوحد في هذه السعادة، فتعد سعادة نساؤهم مدحاً فيهم! أما إن كانت نساؤهم تعيسات فإن ذلك يعيب رجولتهم ويغضبهم ! وقد غضب منها أيضاً لأنها آذت نفسها وهي تعلم أنها غالية عليه فكأنما هي آذته هو ويجب عليها الاعتذار، لسان حاله يقول " تلك المجنونة، كيف تتجرأ وتؤذي نفسها وهي تعلم أنني أخاف عليها من كل شيء، أخشى عليها من العمل و التعامل مع أناس لا أعرفهم، أخشى أن تحمل فتتعبها أعباء الحمل و الأمومة، أخاف عليها من نفسي أكثر الأحيان فأبتعد لأنني أعلم أن قربي قد يكشف لها جوانب عدة من شخصيتي التي لاتعرفها و لا أريدها أن تضطر للتعامل معها، كيف تصاب بالاكتئاب لمجرد أنني لا أفعل ما يفعله الأزواج الخائنون الذين يخدعون زوجاتهم بالتمثيل و معسول الكلام و"الطلعات" و الهدايا خوف أن يكتشفن شيئاً عن النساء الأخريات في حياة أزواجهن!"

    أخـاف عليك أن أطوي كتابي
    وأقرأ مــا بـه في مقلتيك

    فكم من لهفـــة أودعـت فيهــا
    ولم أهمس بهـــا في مسمعيك

    تقاسمني الرضا والسخط لما
    نفضت زمــــام أمري من يديك

    أراك على دروب الشوك حيرى
    فكيف تـرى انتهت منـّي إليــك


    ليحزننـي اكتئابـك لا تطلــِّي
    عليَّ بما تبقـــى لي لديك !

    دعي ماضيَّ يطويني فإني
    أخاف عليك من خوفي عليك

    (عمر أبو ريشة)

    في جانب آخر من المستشفى، شخص منذ أٌدخلت دانة للغرفة وهو باق في الدور الذي هي فيه، الرابع، ألغى انشغالاته و فرغ نفسه للمكوث هناك، فلا يفعل شيئاً سوى مراقبة الغرفة، لا يبتعد إلا إذا أراد أن يدخّن سيجارة فيذهب لمخرج الحريق أو الدرج.

    الساعة الواحدة صباحاً، المستشفى هادئ والغرف لا يكاد يُسمع منها إلا أنين بعض المرضى الذين لم يتمكنوا من النوم، دانة مستغرقة في النوم، دخل غرفتها بهدوء دون أن تنتبه له الممرضات.

    نظر إليها وهي نائمة ، أطال النظر وهو يحدثها في سره " ملااااك يادانة، رغم كل هالضربات بس بعد حلوة، أوعدج نرجع لبعض"، نزلت من عينيه دمعة حارقة مسحها سريعاً و أخرج من جيبه شيئاً دسّه في حقيبة يدها، ثم أخرج هاتفه الجوال ليستخدم الكاميرا في التقاط صورة لها، اقترب منها، صورها " آه يا دانة، هذي آخرتها تحاولين تنتحرين! حسبي الله على سيفوه الحرامي اللي باقج مني، كله منه، أنا أراويج فيه، والله ماخليه"اقترب منها أكثر حاول أن يلمسها ولكن قربه منها أشعرها بحركة غير طبيعية في الغرفة فتحركت وخرج مسرعاً فلم تتمكن من رؤيته ،صرخت وضغطت على جهاز نداء الممرضات فأتين مهرولات إذ سمعن صوت خطواته المتسارعة ولكنه خرج بسرعة ثم توارى عن الأنظار، ظنت دانة أن مارأته قد يكون من الجن أو ربما من محض خيالها فتناست الأمر.

    صباح اليوم التالي خرجت دانة من المستشفى، عاد بها السائق إلى المنزل امرأة أخرى، امرأة لا تسلم قلبها العاشق زمام الأمور كلها، امرأة توزع الحب الذي في داخلها على ما حولها ولا تخنق نفسها أو زوجها باستنزاف معظم طاقتها في تحقيق هدف واحد ثم استنزاف بقية الطاقة في النحيب انتظاراً للمقابل، امرأة لا تمحور حياتها كلها حول شيء واحد: "الرَيِل".

    أثناء الطريق للمنزل أخذت تبحث في حقيبة يدها عن هاتفها الجوال لتكلم أمها، وبينما هي تبحث وجدت صورة فوتوغرافية قديمة، استغربت وجودها ،مزقتها وهي تتساءل عن كيفية وصولها لحقيبتها، انشغل بالها فقد ظنت أنها قد مزقت كل الصور التي سببت المشاكل، قالت في نفسها لعلها مزحة ثقيلة من شخص يريد أن يذكرني بالخلاف التي حدث بين أمي وخالتي شريفة منذ خمس سنوات، تؤلمها القطيعة المرة بين أمها وخالتها بعد أن كانتا مثالاً رائعاً للأختين الصديقتين، أمها لازالت تعاني فراق أختها التي رفضت أي محاولة للصلح، لعل من وضع هذه الصورة يلومني في تفرقتهما،أنا مع أمي لأن الحق معها، أما خالتي رغم أنها الأخت الكبرى إلا أن عقلها صغير وقلبها عباية كريب سعودي ممتاز/ درجة أولى (أسود جداً).

    فور وصولها للبيت اتصل سيف على غير عادته ليخبرها بأنه سيتأخر في العمل إلى الليل، حاولت أن لا تفرح كثيراً لاهتمامه بإعلامها كي لا تحزن إن عاد لما كان عليه؛ وهذا ما سيحدث بعد أن تخبو فورة التعاطف عاجلاً أم آجلاً، كان ذلك الدرس الأول الذي لقنته لنفسها، أن لا تفرح ولا تحزن، وإنما تتقبل الأمور برضا وتتعامل مع المتغيرات بمرونة وتلقائية، فلا حزن يدوم ولا سرور، السعادة المفرطة كالتعاسة المفرطة،:مؤقتة.




    (زوجة رجل مشغول)
    بقلم/ *دانة*






    رد مع اقتباس  

  4. #4  
    المشاركات
    3,260
    (زوجة رجل مشغول)
    بقلم/ *دانة*


    الفصل الرابع
    (وإن أتاني يمشي أتيته هرولة – حديث قدسي )




    منذ أول يوم في بيتها بعد المستشفى، عقدت دانة العزم على بناء علاقة مستمرة مع رب العالمين، أيقنت أن الجانب الروحي وحده هو ما يحقق لإنسان التوازن في كافة جوانب حياته الأخرى، هو الدعامة التي تمنع الحياة من الاختلال أو الانهيار باسم الحب أو غيره، هو الصخرة التي يستند إليها العبد إن تلاطمته أمواج الاكتئاب وتجاذبته هموم الحياة، توضأت وصلت ركعتين ثم دعت الله أن يعلق قلبها به وحده لأنه سبحانه لاشك سيفرح بقلبها ويرفع قدرها عنده وبين ملائكته وعباده، أما البشر فسيستغلون هذا الحب لمصالحهم، ناجت الرحمن مناجاة دامعة ورجته أن يشغل وقتها بما يقربها إليه، وييسر لها الصحبة الصالحة التي تعينها على السير في طريق الجنة، ذلك المكان السرمدي الرائع،دار النعيم المقيم .

    اتجهت إلى غرفة النوم، أخرجت من الدرج الشموع العطرية الغالية والورود التي تحاكي الطبيعية في جمالها، ملئت حوض الاستحمام بالماء الدافئ ووزعت بتلات الورود في الحمام، تماماُ كما تفعل لسيف،وأفضل. شغّلت التسجيل الذي تحتفظ به لأصوات الطبيعة من شلالات وطيور وغيرها، أشعلت الشموع وأغمضت عينيها في حوض الاستحمام معتبرة هذا الحدث من طقوس احتفالها بنفسها التي قررت صقلها مجدداً. خرجت من الحمام وأشعلت قطعة من الفحم أحرقت بها العود الغالي، تبخرت به وحدها هذه المرة و قررت أنه ليس حكراً على سيف بعد اليوم.

    بعد أسابيع:

    سجلت دانة اسمها لحضور حلقة لتحفيظ القرآن الكريم، بدأت في الحضور والحفظ وتطوعت في المؤسسة الخيرية التي تحفظ بها للقيام بأنشطة متعددة، تنتشي بالعطاء كالزهرة التي تتفتح وتبهر من حولها باللون والعبير بعد أن كانت منغلقة على ذاتها لا يعلم أحد بالقدرات الكامنة فيها.

    أما سيف، فهو مرتاح لسعادتها ويحاول أن يتجاهل حقيقة أن لا يد له في ذلك، يحاول أن يقنع نفسه أنه السبب وراء إنجازاتها لأنه سمح لها بالخروج، يصاب بالغيرة ممن تمنحهم دانة وقتها، إلا أنه كلما تذكر حادثة الانتحار المزعوم يثني نفسه عن قرار منعها من ممارسة الأنشطة التي تهدد مكانته في قلبها كما يظن، فهو في كل الأحوال لن يسد هذا الفراغ، يملؤه الاستغراب من تصرفات زوجته التي لم يعتد عليها هكذا، أبداً! كانت شمعة تحترق لتضيء له الطريق، سعد بالإضاءة ولكنه لم ينتبه للاحتراق إلا بعد الحادثة، أما الآن، فهي كالنحلة، تأخذ الرحيق لتعطي العسل، عمر الشمعة قصير ،لابد ستذوب يوماً ويعود الظلام، أما النحلة فأذكى، تفيد وتستفيد.

    على الجانب الآخر أصبحت جذابة أكثر في عينيه لوجود عامل الغموض في حياتها الآن، كانت مجندة في خدمته أما الآن فهو يعلم بالصدفة عن أنشطتها إن صادف أن استمع لها تتحدث بالهاتف عن حملة توعية ما، أو رأى أوراقاً على الطاولة بها أرقام وحسابات لتحديد ميزانية مشروع دعوي، أو كالمرة التي تلقت فيها اتصالات تطلب منها حضور اجتماع عاجل لإعانة عائلة طردت للشارع بعد عجزها عن دفع إيجار مسكنها، نظر سيف لدانة باستغراب وهي تهرع لكتابة رسالة وإرسالها بالفاكس ( الذي لم يكن يعلم أنها تعرف استخدامه ولم يعلم أنها تحتفظ بأرقام فاكسات الجهات الحكومية) للجرائد وتنتظر الرد، ثم بعد أيام واتصالات يجدها تحمد الله و عينيها تدمع سعادة وهي تتلقى بشرى انتقال العائلة إلى السكن الجديد بإعانات المحسنين.

    بشكل عام فإن سيف و دانة يعيشان هذه الأيام أسعد مراحل زواجهما حتى الآن، رضيت منه بالقليل فوجدته يعرض المزيد من تلقاء نفسه، أصبح تواجده بقربها ممتعاً لأنها عرفته على أبعاد أخرى للمجتمع لم يكن ينتبه لوجودها، وصار يتكلم معها عن بعض أمور عمله وأصدقائه أيضاً، بل إنه في أحد الأيام دخل عليها الغرفة وهي جالسة أمام شاشة الكمبيوتر،وضع يده على كتفها ضاغطاُ بحنان فابتسمت و التفتت له لتجده ينظر إلى الشريط أسفل الشاشة و الذي تضيء به نوافذ عدة صغيرة من محادثات الماسنجر التي تجريها مع صديقاتها اللواتي فرحن بعودتها مجدداً إلى الحياة الاجتماعية، وإذا به يسألها إن كانت تقبل دعوته لها على العشاء في أحد الفنادق الراقية! مفاجآت العشاء معاُ في الخارج كانت في السابق ضرباً من الخيال بالنسبة لها، لم تكن لتتوقع أنه سيفرغ نفسه ليلة من أجلها، ولكنه فعل، وتكررت الدعوات التي لم تقتصر على العشاء، تطورت إلى وجبات من المثلجات!! أصبح هناك وقت يخرجان فيه لتناول الآيسكريم!!! الأمر الذي يعتبر رفاهية لم تكن دانة لتحلم بها من قبل، و رغم الإغراءات التي يعرضها عليها سيف بين فترة وأخرى لتعود كما كانت قبل متفرغة كلياُ له وحده إلا أنها ترفض ذلك بدلع وثقة لايقاومهما، هي تعلم أن رغبته في التواجد قربها إنما هي وليدة الحياة الجديدة، ولن تقبل بتغير هذه البيئة الصحية لحبهما.


    وجاء شهر رمضان الكريم فاستهلكت فيه دانة طاقاتها ونوعت طاعاتها، لو كان لرمضان لسان لتحدث بجرائمنا في حقه، نملأ ليله صخباً بغير عباده، ونهاره شخيراً وبلاده، ثم نلومه لتقصيرنا! نزعم أحياناً بأنه في عام كذا كان به روحانية أكثر من عام كذا، وفي عام كذا مر سريعاً "مامدانا نختم" ،وفي عام كذا كان مليئا بالأحداث التي شغلتنا عن العبادة، نتهمه بأمور هو بريء منها متناسين أنه هو نفسه يعاد سنوياً، نحن الذين نتغير و يتغير تعاملنا معه وبالتالي لا تستسيغ أرواحنا طعم حلاوته بعض الأحيان بسبب مرارة الغفلة وغيرها.

    شهر رمضان هذا العام مختلف جداً بالنسبة لأم دانة (عائشة) و أختها شريفة، فهو كاد أن يكون سادس رمضان يمر عليهما وهما على قطيعة، إلا أن شريفة جاءت باكية لمنزل أختها في ليلة 20 من رمضان بعد أن استمعت إلى محاضرة مؤثرة عن فضل العشر الأواخر من رمضان وذكرت فيها عظمة صلة الرحم وخطورة الأمر، يملؤها الندم والحسرة، تترجى أختها أن تسامحها.

    عائشة (وهي تبكي من الفرحة): خلاص يا أم شاهين بس لاتصيحين قطعتي قلبي،الحمد لله إن الله شرح قلبج ورجعتي
    شريفة (وهي تبكي بحرقة): والله إني من يوم ماقاطعتكم وأنا في ضيق، مادري اشلون ضاعت من عمري خمس سنين وأنا محاربتج، سامحيني ياعاشة سامحيني ياختي

    وجاء العيد فتعمدت دانة أن تظهر به في أبهى حلة، لأنه عيد من نوع آخر، يسجل دانة جديدة، ليست دانة العاشقة فحسب، وإنما دانة كوكتيل ( متنوعة)، مسلمة متفانية، و زوجة سعيدة وراضية ، و ابنة بارة، و قريبة واصلة للرحم، وصديقة مخلصةوغيرهن، أما على صعيد أسرة دانة فيعد هذا العيد من أسعد الأعياد التي مرت عليهم منذ سنين، حيث أن القطيعة بين أمها وخالتها سببت لأمها حالة من الضيق النفسي الشديد حيث وصل بها الأمر أن لجأت إلى العلاج النفسي في فترة من الفترات إذ أنها تملك روحاً شفافة كابنتها لاتحتمل جرح الأحبة، كانت شريفة أختها أقرب إنسانة لها ولم تتخيل أن تفارقها يوماً لغير الموت، بل لو ماتت شريفة لكان الأمر أهون عليها من أن تفارقها بإرادتها، الفراق مؤلم والشوق موجع ولكن يصعب تقبل أرواحنا للأمر عند معرفة أن الأمر لايعدو كونه خياراً اتخذه أحبابنا بإرادتهم، هم باقون، في مكان آخر من هذا العالم، يتنفسون ويتحركون، ينامون ويستيقظون، يضحكون ويبكون، أحياء يرزقون ،قد اختاروا نفينا عن أرواحهم، قرروا أننا اكسسوار بشري رافقهم في مرحلة من العمر و لم يعودوا بحاجة إليه.

    ليلة ماقبل العيد:

    شاهين( ابن شريفة) جالس على الكرسي في الحلاق ينتظر دوره، يتحاشاه كل من يعمل في الحلاق من هنود وأتراك بسبب عصبيته وبذاءة لسانه، يحاول كل منهم أن يقنع الآخر بأنه مشغول عن حلاقة شاهين، احتد الحوار بينهم بلغاتهم التي لا يفهمها، لم يهمه الأمر إذ أن باله كان مشغول بآخر أحداث العائلة حيث لم تسعده المصالحة بين أمه وخالته، شعر بأن ذلك قد يفسد مخططاته التي تسعى للاستيلاء على قلب دانة ( حبيبة الطفولة والصبا التي لم يعرف قلبه غيرها حتى وإن لم يكن له مكان في قلبها يوماً) حيث قام شاهين بنبش أسرار سيف التي عمل جاهداً على إخفائها عن دانة.

    مالبث شاهين أن استوعب حقيقة أن المصالحة هي أفضل مايمكن أن يحصل الآن فلمعت عيناه تفاؤلاً بالأمر، جاء دوره في الحلاقة وكان من نصيب محيي الدين، الحلاق الذي عرف عنه الإتقان وحسن الخلق، سلم شاهين رأسه للحلاق مطمئناً على غير عادته، شرح له ما يريد بوجه بشوش، نظر بقية الحلاقين إلى بعضهم في استغراب شديد، كان يريد من الحلاق أن يقصر من شعره إلى نصف رقبته حيث وصل طوله لتحت كتفيه بقليل، جلس يفكر في المصالحة التي أصبح يراها كورقته الرابحة للضغط على دانة التي بدورها قد عادت إلى الاندماج في شؤون أسرتها بعد أن تغيرت علاقتها بسيف مؤخراً.

    يعلم شاهين أن لدانة معرفة لابأس بها بالأمور النفسية فيما يتعلق بحالة أمها التي لن يحتمل قلبها صدمات جديدة حيث لايمكن أن تحتمل خسارة العلاقة الرائعة التي كانت تجمعها بأختها بعد أن فارقتها خمس سنوات في كابوس صحت منه الاثنتين مؤخراً، شريفة لم تمثل لعائشة الأخت الكبرى فحسب، وإنما الأم التي احتضنتها بعد وفاة أمهما وتكفلت بكافة احتياجاتها النفسية والمادية في مرحلة المراهقة وما بعدها.

    أنهى محيي الدين قص وتهذيب شعر شاهين، وجاء دور اللحية، طلب شاهين منه أن يحدد أطراف ذقنه التي كانت حلاقته على طريقة "الديرتي" ويجعله كأحد التقليعات الشبابية حيث تكون "اللحية" عبارة عن خط رفيع حاد الزوايا، ثم بعد أن أنهى محيي الدين الأمر نظر شاهين لنفسه في إعجاب شديد وهم خارجاً ثم مالبث أن تحول اعتداده بشكله إلى قلق من عدم تقبل دانة لهذا الستايل، "فديتها مابي أخرعها من أولها"، عاد إلى كرسي الحلاق وطلب منه حلاقة اللحية بالكامل وسط تعليقات الحلاقين وضحكاتهم حيث ظنوا أن ما فعله شاهين لا يعدو كونه "حركة نذالة" غير مستبعدة منه في حق محيي الدين كبير الحلاقين الذي أضاع على لحية شاهين وقتاً لايستهان به في ليلة العيد المزدحمة.


    (زوجة رجل مشغول)
    بقلم/ *دانة*






    رد مع اقتباس  

  5. #5  
    المشاركات
    3,260

    الفصل الخامس
    (يوم العيد - يا قو قلبك و كيك و عسل - محمد بن فطيس)

    صوت تكبيرات العيد يخترق مسامع دانة فتصحو من نومها بابتسامة رائعة و نعاس لذيذ ، ماأجمل تكبيرات العيد التي تملأ الأجواء فرحاً مغلفاً بروحانية لامثيل لها، التفتت على سيف فوجدته قد غط في نوم عميق بسبب سهره ليلة العيد في العمل (الذي لم يكن إلزامياً ،وإنما اختار كعادته أن يتطوع بمزيد من ساعات العمل)، دانة لم تعد تنتظره كالسابق لأن لا وقت عودة محدد له لاسيما وأنها عادت إلى المواظبة على قيام الليل، تعلم أن الروتين بدأ يتسلل إلى حياتهما بسبب عودته لجفافه العاطفي ولكن بشكل عام لازالت اللحظات الجميلة تتخلل علاقتهما، أقنعته بأن الإنجاب سيجعل حياتهما مكتملة أكثر، فوافق، وأصبحا يتوقعان خبر الحمل في أي لحظة.

    كان سيف ليلتها قد عاد للمنزل قبيل الفجر دون أن يعلمها بتأخيره مسبقاً، أخذ منه التعب مأخذه لاسيما وأنه سهر قبلها عدة ليال في العمل دون أن ينام إلا لساعتين أو ثلاث، دخل البيت فوجدها مستيقظة أنهت للتو صلاة التهجد

    ياقو قلبك على الصدة ويا صبرك
    . ويا وسع صدري على صدك و ياصبري!


    لم تفلح محاولاتها معه ليسهر دقائق معدودة حتى يدخل موعد صلاة الفجر، فكانت النتيجة أن عظم قدر العمل في نفسه قد أضاع عليه صلاتي الفجر والعيد، كان إهماله للصلاة يضايقها كثيراً في السابق ولكنها الآن مطمئنة النفس تكتفي بنصحه بين آن وآخر والدعاء له،لن تسمح لأمر بينه وبين ربه أن يعكر عليها صفو حياتها الجديدة، هي تحبه وتتمنى من كل قلبها أن يواظب على صلاة الجماعة، ولكن هوسه بوظيفته سبب له اختلال بسيط في علاقته بربه دون أن يلقي لذلك بالاً، أقنعت نفسها بـ " صحيح إنه يأخر الصلاة وتكون فالبيت، بس عالأقل يصلي، أحسن من غيره، والحمد لله إن اللي منعه من الطاعة الشغل مب المغازل مثلاً! الحمدلله على كل حال" ابتسمت ابتسامة كاذبة وبدأت في التزين وهي تسترق النظرات إليه أثناء نومه بحب رحيم، لاتريده أن يأثم حباً فيه لاأكثر هو رغم كل شيء كامل في عينيهاولاتريده أن ينقص

    ودك تحطه فالعيون من العيون
    وتبسط على رمضا الثرى يمناك له!
    وتظله من الشمس في ظل العيون
    .ولا يمر اذنه سوى " لبّاك له" !



    _____________________________________


    دانة وسيف في السيارة الساعة الثامنة صباحاً في طريقهما إلى بيت أهله.

    سيف: مارح نطول عاد، نص ساعة ونطلع، باوديج بيت هلج وأمر الدوام شوي بس
    دانة (و كلمة "شوي" تتردد في داخلها بعنف مذكرة إياها بالليالي التي قضتها مستيقظة إلى الصباح وهي تنتظره ليأتي لها بعد"شوي" كما كان يقول): الله يعطيك العافية

    والله لو إن حمل صبري فوقك إن تبرك!
    .و والله لو تعتذر منت بعلى خبري!


    سيف (مبتسماً، وهو يضغط على يدها): خبرج الشغل مرتي الثانية ولاتبين مرة ثانية صجية؟
    دانة (وقد أربكتها لمسة اليد الغير متوقعه): آه من هالجملة! إلا مالقلتلي شرايك فالعطر؟
    سيف: روووووعة ماتشوفيني متسبح به، حبيبتي والله ماكان في داعي الفلوس اللي عطيتج اياها حق أغراض العيد لج انتي مب عشان تحطينها في هالعطر الغالي(وهو يضغط على يدها مجدداً)
    دانة: اشدعوه سيف معقولة ماأجيب لك هدية فالعيد لو عندي راتب كان جبت لك شي عدل
    سيف(مبتسماً وقد أبعد يده عنها): بدت النقزات!! يعني جيب لي هدية و وظفني!
    دانة (ضاحكة): هههههه لاااا والله سيف حرام عليك كله ظالمني جد كان ودي أشتريلك شي أغلى لأن ماعاد أهديك شي إلا في المناسبات

    ( تبتسم بفخر لأنها تمكنت من قطع تلك العادة في تدليله أكثر من اللزوم رغم أنها تتذكره في كل زوايا السوق ولو كان الأمر بيدها لاشترت له كل جميل تقع عيناها عليه ولكنها تجبر نفسها على إخفاء مشاعرها الفاضحة قدر الإمكان!)

    سيف: خلاص يبه هديتج بتوصلج عقب يومين "وعد"! شتبين بعد


    ضايقت دانة كلمة "وعد" فاختفت الابتسامة من وجهها تحت غطاء الوجه (الغشوة) وبدأت تسترجع وعوده السابقة لها بالوظيفة ،والسعي للإنجاب بكل طريقة، ومزيد من الزيارات لمنزل أهلها، والسفر ،وغيره

    إن ماجبرك الغلا مقدر على جبرك!!
    . ياللي على ارض الوفا ما شبرك بشبري

    ثم مالبثت أن ذكرت نفسها بأن معاملته لها تحسنت كثيراً وأن كل ماتريده سيتحقق مع الوقت، فرسمت على شفتيها ابتسامة تفاؤل إجبارية ووضعت يدها على يده متمتمه "الله لايحرمني منك".


    _____________________________________

    هما الآن في السيارة في الطريق من بيت أهله إلى بيت أهلها.

    دانة: نورة أختك صار لها أربع سنين كل عيد تقول عندها إحساس إن العيد الجاي بتعطي ولدنا عيدية ههههههه حطمتني اليوم لما قالتها تشائمت قلت في قلبي خلاص عيل مافي بيبي السنة الجاية بعد
    سيف (لاتعليق)
    دانة (لتلطيف الجو): ماشاء الله أحس أمي حصة (والدة سيف) صحتها أحسن هالأيام، الأسبوع اللي طاف لما جيتهم كان شكلها تعبان شوي
    سيف: الله يهداها الدكتور قايل لها صحتها ماتساعد بس هي مصرة تصوم
    دانة: الله يعطيها على نيتها واعليه، تدري إنها ناوية تبدا بكرة تصوم الست من شوال!
    سيف: إي سمعتها وهي تقوللج الله يعين بس

    سيف آخر العنقود لأبوين مسنين وأخوات كبيرات في السن ومتزوجات علاقة دانة بأهله ممتازة تزورهم ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع وكثيراً ماتحضر لهم الهدايا، لكنها رغم ذلك لاتندمج معهم كثيرا خوفاً من المشاكل إذ أن إلحاحهم على الإنجاب يضايقها حيث أن سيف ابنهم الوحيد

    تسمع دانة نغمة الرسائل فتخرج جوالها وتقرأ الرسالة في سرها

    المرسل "أخت الغالي"

    نص الرسالة:

    " نظرة أخوي ذبحتني وهو يطالع عيالنا، أنا وظبية اتفقنا نسحبج الأسبوع الجاي عالعطار مارح ينفع إلا العلاج الشعبيمارح تندمين سيف أخوي وأنا أعرفه محد يهمه في أي لحظة بيتزوج عشان العيال طيعيني أحسن"


    شعرت بغصة شديدة وضايقها توقيت المسج "يوم العيد!" التفتت على سيف قائلة "مسجات العيد ماتخلص! يمكن هالمسج رقم عشرين تصدق!يابخت كيوتل بس في كل مناسبة تربح من ورانا ذهب"

    وعادت تكتب في جوالها:

    إرسال إلى " أخت الغالي"

    نص الرسالة:

    "الله يجزاكم خير باشوف يمكن أروح مع أمي إذا سيف راضي وسوري فديتج ترى جوالي بيفضي الحين!"



    سيف: عيل شخبار أمج مع خالتج؟
    دانة: كل شي تمام الحمد لله
    سيف: شوفي مافي روحة بيت شاهينوه كاني قلتلج
    دانة: بس
    سيف (مقاطعاً): لا بس ولا شي! أنا قلت مافي يعني مافي وسكري السالفة أحسن لاتنرفزيني والناس عيد
    دانة (وهي تقول في نفسها هذا إنت قلتها عيد!!) : .

    اقتربت السيارة من بيت أهل دانة، سيف يبارك لأهلها بالهاتف عادة لذلك لن تستغرب عدم نزوله)

    سيف: نسيت أقوللج إحتمال أسافر الليلة!
    دانة (باستنكار): وين!!
    سيف: عرس رفيجي في سوريا ، كل شي صار في آخر لحظة
    دانة (بتشكك): غريبة، يعني موعد العرس أكيد محدد من قبل
    سيف: إي كنت أبي أسويها لج مفاجأة وأسفرج معاي بس الشباب قالوا بيجون معاي في آخر لحظة عرفتي
    دانة (بحماس وسذاجة مفتعلة ودلع زائد): وااااي سيييييف فددددددديتك عمري صج كنت مسويلي مفاجأة؟
    سيف (مصدّقاً): إي.
    دانة: مشكووور حبيبي (وهي تكمل قائلة في نفسها " على تأليف هالكذبة مراعاة لمشاعري أحبك سيف وأكره حبي لك" )


    تزعل و ترجع و تلقاني على خبرك!
    وانا انكسر لك واجيك ادور لجبري


    دخلت بيت أهلها محملة بجرحينجرح سيف في عمله يوم العيد وسفره المفاجئ، وجرح أخته في عدم احترامها لمشاعرها و تهديدها المبطن بزواج سيف من أخرى.

    بعد نصف ساعة من السلامات وتبادل الأخبار.

    دانة: يمه فديتج طول عمرج ماتجيبين إلا الزين فالة العيد رووووعة، من زمان ماكلت حلويات هالكثر! بالذات الكيك بالعسل رووعة
    أم دانة: فالعافية يا أم الزين
    سارة: كيك وعسل هذي قصيدة ابن فطيس اللي متولعة فيها هالأيام هههه
    دانة: الكيك بالعسل مب كيك وعسل ياحظي
    سارة: أو ماي قاااد دانوه عليج ذكاء مووب صاحي أدري بس ذكرتيني بالقصيدة، على طاري القصيدة، لاتنسين تقرين على عمرج عن عيون مريوم


    كيك وعسل، لكن ماهو في صحون
    ودعاك من عين الحسود غطاك له
    الله لايعطيه ناس ينظلون
    و يستر عليه من النحل لاياكله !


    أم دانة: ماقلتيلي بكم شريتي هالفستان؟

    كانت دانة ترتدي فستاناً حريريًا بسيطاً مفعماً بالنعومة لونه لؤلؤي منعكس على بشرتها الصافية، وقد أسدلت شعرها الأسود الناعم الذي يصل طوله لمنتصف ظهرها، تضع خطاً رفيعاً من الكحل السائل فوق جفنيها و على شفتيها اللون الأحمر المطفي

    أبو دانة يمد يده ليعطيها العيدية.

    دانة: يبه فديتك اشدعوه أنا مب ياهل
    أم دانة: أبوج مستحب يعطيج خذيها
    أبو دانة: تعرفين ردي نفس كل عيد! باتم أعطيج عيدية لين ماتتوظفين! وإذا تبين أنا بكلم سيف بنفسي
    دانة (بضيق): لا يبه فديتك مافي داعي إن شاء الله أتوظف قريب أهم شي خل أستفيد من العيادي هالأيام ههههه قبل لايجيني الشغل وأصير أنا اللي أعطي
    سارة (أخت دانة الصغرى): عاد فصخي عبايتج في بيت خالتي شريفة خل يشوفون كشختج
    دانة (بارتباك): ليش بتروحون بيت خالتي شريفة؟!
    أم دانة: طبعاً بنروح أنا ماصدقت ربي يردنا على بعض
    دانة (بتردد): معليش أنا بقعد اهنيه أعطي عيال الفريج العيادي وأحرس لكم البيت (مبتسمة)
    سارة: نعم!!! إنتي يا مب صاحية يا تتغشمرين! تبين تخربين كل شي على أمي وتحرقين قلبها؟ نسيتي إن سبب الهوشة كلها كان انتي؟
    أم دانة: بتروحين يا دانوه ولاتعورين راسي
    دانة: بس سيف موصيني ماروح بيت شاهينوه على قولته!
    سارة: الشيخ سيف بس يتمنى وانتي تنفذين! وبعدين مب لازم تعلمينه اشدعوه هو يعلمج عن شي أصلاً خليه يسافر سوريا ويستانس وانتي انحبسي مع عيادي عيال الفريج!

    أمحق وليف و محبة ولا اقول أبرك!
    .حسبي عليك أعشقك وانت تحفر قبري!


    دانة: صح كلامج، بس بعد ماقدر أحس بالذنب
    أم دانة: لاتحسين بالذنب، هو مايبيج تروحين عشان شاهينوه، وشاهينوه مارح يكون موجود فـ ريحي بالج!
    دانة: صج!! زين الحمد لله

    ونظرت سارة لأمها نظرة عرفت كلاهما معناها
    ___________________________________________

    دانة وسارة وأمهما في السيارة في الطريق إلى بيت الخالة شريفة، في هذه الأثناء شاهين في غرفته يعدل هندامه، لم يغمض له جفن ليلة العيد، نظر إلى نفسه في المرآة وابتسم ابتسامة انتصار، نظر إلى الصورة المعلقة على المرآة له ولدانة وهما صغار لم يصلا لسن المدرسة بعد، وقد ارتدت دانة ملابس العروس وارتدى هو الثوب والغترة والعقال والبشت تتساقط فوقهما بتلات الورود في عرس طفولي صغير أقامه لهما الأهل كنوع من الدعابة التي أخذها شاهين على محمل الجد العمر كله مسك جواله وأرسل ملفاً صورياً إلى جهاز الكمبيوتر المحمول. تم تحميل ملف "محاولة انتحار حبي" .

    بعض العرب حبه يوردك الجنون
    ولا يوصّف له غلاك حكاك له


    مسك جواله، وأرسال الآتي لأخته مريم:

    إرسال إلى: م55

    نص الرسالة:

    لاتنسين اللي وصيتج عليه اليوم :-) ولاترى أزعل وأعتقد تعرفين يعني شنو أزعل :-)


    (زوجة رجل مشغول)
    بقلم/ *دانة*







    رد مع اقتباس  

  6. #6  
    المشاركات
    3,260

    (زوجة رجل مشغول)
    بقلم/ *دانة*




    الفصل السادس والأخير
    (ن.قباني)


    السيارة في طريقها إلى منزل الخالة شريفة (أم شاهين)، دانة متوترة وتشعر بالندم الشديد لكسرها كلمة سيف الذي حذرها بشدة من الذهاب، كانت بين نارين، نار عصيان أمر الزوج الذي تعشقه ونار إفساد فرحة الأم بإصلاح العلاقة مع الخالة، جزء منها اختار التضحية بالنار الأولى بسبب موقف سيف في سفره المفاجئ يوم العيد، أرادت أن تنتقم منه بعصيان أمره التعسفي، كلما اقتربت السيارة من منزل الخالة شريفة يزداد ندم دانة، شعور الندم يؤلمها بشدة لأنها لم تعتد عليه، من عادتها أن تحسب لسيف ألف حساب ولم يسبق لها أن شعرت بالندم لأمر في حقه، ماذا لو اتصل بها الآن، ماذا لو مر بسيارته ورآها، أفكار مقلقة تزدحم في رأسها

    الأغنية في مسجل السيارة "أكثر من اول احبك بس ماابغى أقول أخاف لو قلتلك تتغلى علي مرة أنا بصراحة أحبك حب مو معقول " اغرورقت عيناها بالدموع تحت غطاء الوجه، فاجأها حبه على غفلة، كل الحيل لشغل نفسها عن التفكير فيه لم تعد تغنيها عنه وإنما خدرت بها نفسها قليلاً، كما كانت تفعل بالحبوب المنومة سابقاً

    زمنا تجنبت التقاءك خيفة فأتيت في زمن الوجل
    خبأت نبض القلب
    كم قاومت
    كم كابرت
    كم قررت
    ثم نكصت عن عهدي أجل
    ومنعت وجهك في ربوع مدينتي علقته
    وكتبت محظورا على كل المشارف والموانئ والمطارات البعيدة كلها
    لكنه رغمى اطل
    في الدور لاح وفى الوجوه وفى الحضور وفى الغياب وبين إيماض المقل
    حاصرتني بملامح الوجه الطفولى الرجل
    أجبرتني حتى تخذتك معجما فتحولت كل القصائد غير قولك فجة
    لا تحتمل

    (روضة الحاج)



    في هذا الوقت في منزل شريفة؛ شاهين جالس في الغرفة المقابلة لمجلس الضيوف، والتي يفصلها عن المجلس حائط من الزجاج السميك يسمح برؤية من في المجلس بوضوح في الحين الذي يوحي لهم من جهة الصالة بأنه مرآة عادية، اعتاد الضيوف أن يصلحوا هندامهم أمام المرآة الفخمة دونما أدنى شك بكونها عاكسة للصورة، وقد سبب هذا الأمر العديد من المواقف المحرجة في الماضي والتي كان شاهين يشارك خلود فيها بالضحك والتعليقات، أما اليوم فشاهين لا يسعى للضحك البريء، جاد.

    أضاع السائق طريق المنزل بسبب عدم مجيئه له منذ سنوات وتغير المنطقة حيث لم تكن قد عمّرت بالكامل كما الآن.

    سليم: ماما أنا مافي ريميمبر وين بيت ماما شريفة!
    أم دانة (ضاحكة): سليم الحين إنتا يجي عيوز مافي معلوم بيت ماما شريفة؟
    سليم: ماما زمان ما يجي!
    أم دانة: انزين روح سيدة بعدين أول يمين
    دانة (وقد اعتبر هذا الموقف رسالة إلهية وفرصة للعودة عن موقفها): خلاص يمة رجعوني البيت (بصوت راجف)
    سارة: دانوووووه عن الحركات
    دانة (بصوت حازم) سليم ارجع البيت الحين!!
    سليم (وهو يبطئ سرعة السيارة): خلاص يرجع؟
    أم دانة: دانة يمه اشفيج، كلنا نخش على رياييلنا أشياء وايد، ماعفس قولونج إلا هالتوتر اللي حاطة نفسج فيه انتي مب رايحة مكان غلط ولاتسوين شي يغضب الله
    دانة: يمه عصيان الزوج يغضب الله
    سارة: دانووووو ويعه لازم تخربين قلنالج شاهينوه مححححد مسااااافرررر ماتفهمين! يعني لو سيف يدري بيرضى!
    دانة: طيب يمه خلاص بس هذي آخر مرة آجي معاكم هالبيت
    أم دانة: مادري من بيجيبج مرة ثانية مايسوى علينا وترتي نفسج ووترتينا
    سارة: مسوية سيفوه بعبع والله حالتج صعبة!
    سليم: خلاص يرجع بيت؟
    أم دانة: لا ، روح بيت ماما شريفة

    تلومني الدنيا إذا أحببته
    كأنني أنا خلقت الحب واخترعته!

    ن.ق


    في منزل أم شاهين، خلود تبخر المجلس وتعطره، أم شاهين تتصل بأم دانة من الجوال لتسأل عن موعد مجيئهم، فوجئت بأن بطارية جهازها فارغة، وجدت جوال آخر على الكرسي فاتصلت منه

    أمتار قليلة تفصل السيارة عن المنزل، قبل أن يدخل السائق في الشارع الفرعي رن جوال أم دانة، انتبهت دانة للعبارة على الشاشة (شاهين يتصل بك)! بكت بهستيرية وفهمت في لحظتها سر تبادل النظرات بين أمها وأختها بخصوص شاهين! علمت انهما احتالتا عليها لأن ماتفعله بالنسبة لهما لايعدوا كونه مبالغة في طاعة الزوج لا داعي لها! ظلت تبكي وتهدد بالنزول من السيارة إن لم يرجعوها إلى البيت، فكان ذلك.

    دانة في منزل أهلها، لاأحد فيه غير الخادمة، دخلت باكية ورمت العباءة و الشيلة على كرسي غرفة المعيشة، اتجهت للحمام وأقفلت الباب، نظرت إلى وجهها في المرآة وقد سالت الماسكرا والكحل الأسود من عينيها فشكلا هالات سوداء وأصبحت عيناها الجميلتان كعيني حيوان الراكون الذي كانت تشبه نفسها به في بداية زواجها لكثرة تزينها للسيف دون أن يرى ذلك ثم ينتهي بها المطاف بأن تتحول إلى شكلها الليلي، الراكون، كحالها كل ليلة على أرضية الحمام الباردة ساهرة إلى الفجر بنحيب خافت مهيب يوم أن كان سيف محور حياتها، وقد عاد شيئا فشيئا ليحتل مساحات أكبر من حياتها بعد أن اعتادت الانشغال وأصبح روتينيا وعادت لسيف مكانته القديمة.

    رغم تحسن علاقتها بسيف إلا أن بداخلها غضب قديم بدأ يطفوا إلى السطح في الفترة الأخيرة، حبها لنفسها مؤخراً جعلها تدرك فداحة مايفعله في حقها، كيف لم يشفق عليها مما كانت فيه، بل كيف لايزال غير مستوعباً لأخطائه في حقها، لماذا يرى لايرى إهماله لها إهمالا، حبها لنفسها جعلها تقتنع بأنها تستحق منه الأكثر، بينما كبرياؤها لايسمح لها بطلب ماتستحقه.

    لا زالت جالسة على أرض الحمام، مستندة إلى الزاوية وتحدق في اللاشيء، تذكرت أيام شهر العسل الذي قضاه في عمله وهي في حمامها تستحم لعل الماء يأخذ معه الأفكار المزعجةتذكرت حالتها المزرية قبل أن تكتشف جمال النوم وعالم الأقراص الذي حرمت منه لاخوفاً من الموت وإنما من أن يعد انتحاراً بطيئاً يدخلها ناراً أكبر من النار التي تحرق قلبها حباً لسيف، وأي نار(والعياذ بالله)

    جولة سريعة في رأس دانة

    ليش ياسيف ماعلمتني عن سفرتك من قبل وليش انتظرت لين ماقربت السيارة من بيت هلي عشان تقوللي الخبر سيوفي والله أحبك بس لييييش ماتعطيني خبر أنا زوجتك أنا مب الكرسي، ولا الطاولة، أنا إنسانة، أنا مب حيوانه بس أنا راكون, الراكون حيوان طيب أنا حيوانة بس الحيوانة هذي زوووجتك يعني لازم تعلمها أكرهك سيفوه يالحقير طلقني إنت أصلا ماتبيني، من خذتني وإنت قاطني، الأيام الحلوة أتذكرها بتفاصيلها لأنها شوي خمس سنين مابردت قلبي بإجازة تاخذها من شغلك اللي مايخلص طيب سيف أبي بيبي أبي أصير أم علشان أفكك مني وأعطي هالحب حق البيبي لأنك ماتستاهل الحب روح سوريا ياليتك تخوني سيف روح حق الحريم ويارب أصيدك علشان تعطيني سبب وجيه يطلقني منك قدام الناس بس أنا أحبك سيفوه يالحيوان حرام عليك آآآآه راسيييي يارب والله ماقدر شيل هالحب من قلبي أو خذني إنت ماتكلف نفس إلا وسعها وأنا نفسي ماتوسع أكثر من كذا تكفى خذني أبي أجيك مابي الدنيا

    تشعر بصداع شديد، كمقدمة إغمائها المرة السابقة، يصلها مسج منه في اللحظة ذاتها، تمسك الجوال (الذي لايفارقها أبدا لتأهبها لأي اتصال منه) يصلها المسج:

    المرسل: سيف

    نص الرسالة:
    كل شي صار بسرعة! أنا فالطيارة، ماقدرت أكلمج الشباب معاي


    اتسعت حدقتا عينيها وهي تقرأ الرسالة، ابتسمت باستنكار و ألم، عذر "الشباب معاي" هو عذره الأزلي للتنصل من أبسط حقوقها في معرفة أخباره، حاولت أن تفهمه مراراً أن الشباب لايعرفون الغيب وأن طريقته في كتابة الرسالة هي نفسها لرجل أو امرأة، ثم ماذا لو عرفوا أنك تكتب الرسالة لزوجتك؟ هل في ذلك مايعيبك أم أنها نهاية العالم؟

    و سددت في وجهي الطريق بمرفقيك
    و زعمت لي
    أن الرفاق أتوا إليك
    أهم الرفاق أتوا إليك؟
    أم أن سيدة لديك تحتل بعدي ساعديك؟

    ن.ق



    بدأت الرسالة تتحرك أمام عينيها وهي تشعر بدوخة وعطش شديدين، تتسارع نبضات قلبها، يضيق عليها الفستان لتضخم حجم بطنها بسبب تهيج القولون العصبي لديه

    لو كنت أدري أنه
    نوع من الإدمان ما أدمنته
    لو كنت أدري أنه
    باب كثير الريح ما فتحته
    لو كنت أدري أنه
    عود من الكبريت ماأشعلته
    هذا الهوى أعنف حب عشته
    فليتني حين أتاني فاتحاً
    يديه لي رددته
    وليتني من قبل أن يقتلني قتلته

    ن.ق


    تحاول الوقوف فتقف ثم يغمى عليها فتسقط على الأرض ويرتطم رأسها بأرضية الحمام


    انظر لكفك ما جنت
    وامسح على ثوبي الدماء
    أنا كم أخاف عليك من لون الدماء !

    (روضة الحاج)



    (زوجة رجل مشغول)
    بقلم/ *دانة*








    رد مع اقتباس  

  7. #7  
    روووووووووعه جداً
    عسى ربي يحفظكم ويكتب لك الخير في الدنيا والآخرة





    رد مع اقتباس  

  8. #8  
    تسلم الايادي
    بارك الله فيكِ وأسعدكِ وعائلتك يارب





    رد مع اقتباس  

المواضيع المتشابهه

  1. رواية ما علموك البارحه ويش سويت
    بواسطة ĄŁ3ŊŏΘōĐ في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 39
    آخر مشاركة: 03-Jan-2013, 05:42 PM
  2. انا مشغول
    بواسطة سحابة أمل في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-Feb-2010, 01:45 PM
  3. مشغول في غيري وانا فيك مشغول-- وياي واحساسي يقول انت مو لي
    بواسطة العنود العنزي في المنتدى محبرة شاعر - شعر - قصائد - POEMS
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 15-Sep-2008, 12:54 AM
  4. مشغول في غيري وانا فيك مشغول
    بواسطة شرقيه مطيحه غتر في المنتدى محبرة شاعر - شعر - قصائد - POEMS
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 09-Jan-2008, 12:39 AM
  5. اذا اتصلت بموبايل مشغول او مغلق شو يطلعلك .
    بواسطة لـحـن الـمـشـاعـر في المنتدى نكت مضحكة - طرائف - الغاز - Joke
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 17-Jun-2007, 01:23 AM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •