|
كان ذلك الشاب الذي لم يتخطى السابعة والعشرين - على حد علمي - ينظُر إلينا بازدراء ونحنُ نقف أمامه مُنتظرين أوامره ، بادلتُـه نظراتٍ شبيهة بتلك وقُلت في عجل
- ماذا تُريد ؟!
نظر إليّ مُطولاً ثُم قال
- أُريد منكمـا الذهاب إلى غُرفة موجودة في سطح المدرسة مليئة بالصناديق القديمة
رفع نظارتهُ الطبية إلى مُستوى عينيـه وقال مُحركًا يديه في الهواء ليُشكل بها مُجسمًا يوضح لنا مدى حجمه
- هُنالك صندوق بهذا الحجم أحضروه إليّ في الحــال
سألته مينــوري باستغراب وقالت رافعة حاجبيها مُتعجبة
- هذا كُل مافي الأمر ؟
هَز رأسهُ إيجابًا ثُم استدار بكُرسيه المُتحرك وأخذ إحدى الكُتب الموضوعة على مكتبـه وراح يتصفحُه
خرجنــا ببساطة وتبادلنا أطراف الحديث إلى أن وصلنا إلى المكان المقصــود
وقفت مينــوري أمام الباب وقامت بفتحهِ بواسطة المفتاح الذي أعطاها إياه الاستاذ
- لم أتوقع أن يكون عـِقابُنا هكذا
أردفتُ باستهزاء
- ولا أنا
نظرت إليّ بنصف عينها وقالت
- ما بك ؟
نظرتُ إلى السماء وقُلت بلا مُبالاة جاعلاً أصابع يدي تتخلل شعري
- إنه فقط أستاذٌ كسول كم أكرهُه ، مغرور جدًا لأنه وسيم قليلًا بل لا يمُت للوسامة بصلة !
قالت مينـوري وهي تدلف إلى الحُجرة المُظلمة المليئة بالصناديق
- قليلًا ؟ ولا يمُت إلى الوسامة بصـِلة ؟ أنت تغار منه ، إنه وسيمٌ جدًا حتى أنا لن أتعجب من نفسي إن وقعتُ في حُبه يومًا ما
قرصتُ ذراعهـا بقوة وشددتُ شعرهــا من الخَلف فصرخت مُتألـِمة وقالت بامتعاض
- ما بال هذه الأفعال الخرقاء ؟
- لا تُحــاولي إثارة غضبي حينها لن أُعجـِبك !
ضربتني بكوعهــا على خاصرتي ورفعت رأسها ثُم نفثت الهواء لتتطاير خُصلات شعرها دلالة النصر
أردتُ أن أوبخها بشدة فهي قد آلمتني كثيرًا لكنني بدلاً من ذلك صرختُ مُشيرًا إلى كتِفها الأيمن
- مينــوري عنكبوت !
صرخَت فـِزعة جدًا وقفزت نحوي لتصطدم بصدري بقوة فاصطدمت أنا بالجدار خلفي وكان هذا فـِعلاً موجـِع !!!
نظرت إليّ بعينين دامعتين وقالت مُحاولةً ضبط أعصابها
- أبعِدهُ عني أرجوك !!
في الحقيقة لقد طار مُسبقًا عـِندما قفزت نحوي كان حجمُه صغيرًا جدًا ، وأردتُ طمأنتها فقُلت بضحكة بسيطة
- اوه مينوري ، أنتِ جبانةُ كثيرًا كانت مُزحة مُزحة صغيرة جدًا !!
لم تستوعـِب كلمآتي فهي ما زالت تنظُر إليّ بصدمة وخوف لكنها مالبثت أن بدلتها إلى غضب بعدما فهمت أنها احدى مقالبي لا أكثر - مع أنها لم تكُن كذلك حقًا -
دفعتني بقـوة لتُبعد جسدها النحيل عنـي وصرخت بغضب
- أكرهُـــك !!
أردتُ أن أهدِئها قليلًا إلا أنها لم تتح لي الفُرصة للحديث فقد خرجت مُسرعة وتركتنــي وحدي .
نظرتُ إلى الصناديق وزفرتُ بضيق إنها حساسةُ جدًا ، ولا أعرف كيف أتعامل مع هذا النوع من الفتيات !!
لمـِحتُ الصندوق المقصــود فقررتُ أخذه إلى الاستاذ حتى لا تُضاعف العقوبـة إن أهملناها
توجهتُ إليه بخُطىً بطيئة باردة وحمُلته بيدٍ واحدة ثُم خرجتُ وأغلقت الباب وأقفلته باليد الأخرى ، كان الصندوق خفيفًا جدًا .
- لابد أنه كان يُريد أحدًا ما ليُحضره إليه فقط فتعمد مُعاقبتنا استاذٌ كسول !
توجهتُ إلى غرفة الأساتذة مُسرعًا بخُــطاي لكي يتسنى لي اللحاق بمينــوري ، لمحتُ الباب مفتوحًا قليلًا فدفعتـه بقدمي بقوة واتجهت حيث يجلس الاستاذ
وضعتُ الصندوق على مكتبه وهممت بالذهآب إلا أنه استوقفنــي قائلاً بصوته البــارد العميق
- أين مينــوري ؟
توترتُ قليلًا من نبرته الصارمـة فقُلت محاولاً ضبط كلماتي
- آه إنها . إنها في الحمام !
هز رأسه تفهُمًــا وسمح لي بالإنصراف ، أخذتُ أبحث عنها في جميع أرجاء المدرسة لكن دون جدوى !
لآبد أنها في غُرفتها بمبنى الفتيـات إذًا لا شك في هذا .
ولسوء الحظ هُناك لا يُسمح لي بالدخول بما أني طالبٌ عآديّ كباقي الطُلاب !
بعد عدة دقآئق أصبحتُ أقف أمام مبنى الفتيــات أُفكر . حتى لمعت فكرة بسيطـة في ذهني
انتشلت مجموعـة أحجار صغيرة من على الأرض واحتضنتها بين كفيّ
حاملاً إياها قاصدًا نافذة مينــوري ، ما إن وصلتُ حتى أخذت أرمي حجرًا تلو الآخر على تلك النافذة الزُجاجية الصغيرةِ علّها تستجيب !
بعد عدة لحظات رأيتُهــا تُطل برأسها مُتعجبة وما إن لمحتَني حتى ابتسمت ولوت فمها باستخفاف
فَتحت النافذة بهدوء و أسندت رأسها على كفيـها وتحاشت النظر إليّ
إقتربت خطوة إليها وعيناي ثابتتان لا تنظُر لسـِواها لكنها فجأة اختفت !
تعجبتُ كثيرًا واقتربت خُطوة أخرى ، ودون سابق إنذار سقطت لُـعبة دُب محشوة على الأرض قُرب قدماي بعدما اصطدمت بوجهي مُباشرةً بقوة !
نظرت إلى اللعبة عدة دقائق ثم رفعت رأسي مشدوهًا مُتعجبًــا من ردة الفعل المُفاجئة هذه !
وسُرعان ما أخذت ترمي بأشياء عدة كُــلما اقتربت خطوة إليها دون أن تُتيح لي الفُرصة للشرح أو حتى للإعتذار .
قفزت بخفة وتسلقت الجدار حتى وصلتُ إلى النافذة بينمـا هي تبحث عن شيء تُلقيه عليّ
اغتنمت الفرصة ودخلتُ بسُرعة ثم أمسكت كُم قميصها ودفعتها لتصطدم بالجدار بقوة وحاصرتُهـا بيداي حتى لا تهرُب !
نظرتُ إليها بغضب بينما كانت تنظُر إلي بغموض مقطبة حاجبيهــا
- أين مينــوري ؟
لمـِحتُ نظرات الدهشة تعتري وجههـا فقالت
- ماذا ؟ ومن تكون التي أمامك الآن ؟ شبح ؟
أجبتهُــا باستخفاف
- رُبما ، فلستِ من أعرفها إطلاقًــا !
ظلّت تنظُر إليّ بتمعُن ويبدو أنها لم تفهَم مقصدي
كسرتُ حاجز الصمت بقولي
- لم أعُد أفهمُكِ !
أشاحت بوجهها عنــي وحاولت إبعاد يدي بقوة فأزحتُها تاركًا المجال لها حتى تذهب
- أنا لم أتغيّر
هذا فقط ماتستطيع قولـه ؟ أنها لم تتغيّر ؟ .
هي فعلاً قد تغيرت في الآونة الأخيرة أصبحت سريعة الغضب كثيرة الإنفعال ولا تتحمل المُزاح أبدًا !
نظرتُ إليها بنظراتٍ مكســورة علّها تعرف ما يُحس بهِ قلبيّ أو تفهمني من نظراتي ، لكنها بدلاً من ذلك أشارت لي بالخروج . ومن النافذة !
زفرتُ بعُمق وصاحبت زفرتي ابتسامة يائسة لا أعلمُ مابها أو لـِمَ تفعلُ ذلك لكن ، سأعرف قريبًا حتى إن لم تُخبرني بذلك ، لن تستطيع الكبت إلى الأبد !
//////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
//////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
( مينــــــوري )
أشرتُ إلى النافذة ليخرُج منهــا كما دخل !
هُو إلى الآن قد تحمّل تصرفاتي المُزعجة والأنانية مُدة أسبوعين ونصف
سأرى إلى متى سيتحملنــي هكذا وما هي ردة فعلـِه .
مازال كلآم آكي يدور بذهنــي لا أستطيع محوه على الإطلاق !
-
قبل فترة ، عند نهاية الدوام كان ريو ذاهبًــا ليسأل أحد الاساتذة عن شيء ما
عندما كُنت أنتظره في صفنــا أقبلت آكي نآحيتي بابتسامة واثقة ونظراتٍ أشبه بالمُستَحقِـرة !!
- آوه أصبحتِ من مُهرجة إلى صديقة ، هذا مُذهل ! كيف لفقيــرة أن تجذب إنتباه ريو ؟
ضحـِكَت ضحكةً ساخرة ثُم عاودت القول
- لا تفرحــي كثيرًا لستِ النوع المُفضل له ، ولا تُصدقي كُل مايقول إنه مُجرد هُرآء هو دائمًا هكذا !
وددتُ أن أقاطعهــا بغضب إلا أنها أشارت لي بالصمُت
- لا تتكلمــي أنا صديقة طفولتهِ وأعرفُه جيدًا وأحببتُ تحذيركِ لأنك فتاة ساذجة بريئة لا تعرف شيئًا
أخذت دفترهــا من دُرج الطاولة ثُم ذهبت ببساطة .
-
وما أدراها هيَ ؟ كيف تحكُــم عليّ بهذه السهولة وهي لا تعرفُنـي جيدًا !
ولكن كلامها أثار الشكْ فيّ فقررت فعل هذا .
أثناء الفُسحة .
صرختُ مُعترضة تمامًـــا وأنا أنفي قولها ذاك
- أتقولين أنني سأقوم بتنظيف الفصول في نهاية الدوام ؟ تمزحين !
عدّلت تلك الطالبة نظارتها الطبيـة قائلة بجدية وكأنها انسانة آلية
- أقسم لكِ أن الأستاذ هو من أخبرني بذلك .
زفرتُ باستياء ومالذي فعلتُـه لأستحـِق هذا ؟
أشرت لها بالإبتعاد عني فأنا لن أتحمل رؤية شخصٍ ما أبدًا في هذه اللحظة .
فجأةً ودون سابق إنذار أصبحت لا أرىَ إلا السواد
- من أنا ؟
كُنت سأخبره بكل بساطة من يكون إلا أنني أمسكتُ بيديه وأبعدتهُما بعُنف عن وجهــي ثم صرخت غاضبة
- ألا ترى بإني لستُ في مزاج جيد لهذه السخافات ؟
- سخافات ؟
لمحتُ الإنكسار في عينيه لابُد أنه كان فرحًا كثيرًا لسببٍ أجهله لكن لا بأس ، مع أن هذا الأمر قد فطر قلبي في الحقيقة .
قال ببرود بعدما تنحنح
- تعالي إلى منزلي في الليل بما أن اليوم آخر يوم دراسي في الأسبوع في الســاعة السابعة لا تتأخري !
- آه لكن
- سأكون بانتظاركِ
لم ينتظرني لأُكمل كلامي بل هَم بالجَري مُبتعدًا ليُرغمنــي على الذهاب
لكن . لماذا ؟ حسنًا لا يُهم سأعرف قريبًا !
الآن يجب عليّ التفكير بالعقاب المفاجئ هذا . لماذا ؟!!
عند الساعة السابعة مساءً
كُنت أجادل نفسي بإنفعال والأضواء عند رصيف الشارع مُسلطة عليّ
- لآ يحق لهُ هذا نعم هذا ظُلم !
ركلتُ الحصى بقدمـي دلالة غضبـي الشديد من فعل الأستاذ
عوقبت فقط لأنــي لم أُحضر الصندوق له مع ريو ألا يكفــي أنه قد حصل عليهِ فقط ؟! ساذج !
تنهدتُ براحة عندما وقفتُ أخيرًا أمام منزل ريو الضخم حمدًا لله أنني لم أُضيعه كالمرة الســابقة
عندما دققت النظر على البوابة لم أجد الحارس الذي حدّثه أكيرا سابقًا . ذلك الوغد !
لكن ظهور ريو المُفاجئ قد أفزعنـي كثيرًا
كان مُبتسمًا بحنان ينظُر إلي بحُب مما جعلنــي أبتسم أيضًا لكنها ابتسامة استفهام وفضول
فتح لي البوابة الحديدية ثُم أخذ يمشي ناحيتــي أمسك بيدي وجذبني معه إلى المنزل
- مالذي يجري هُنــا ؟
وقفنــا أمام باب الدخول إلى المنزل
فجأةً أمسك بكتفيّ بقوة ودفعنــي إلى الجدآر سيُكسر ظهري إن عاد لفعل هذه الحركة مرةً ثالثة !!
نظرتُ إليـه بخوف وقُلت بتردد
- مـ مالأمر ريو ؟
نظر إلى عينيّ فترة لا أعلم طولهــا لكنه قال أخيرًا بهمس
- أنا أنا . لن أستطيع الكبت أكثر يجب أن تكتشفي حقيقتي !
- حقيقتُــك ؟
فجأة برُزت أنيابه من بين الظلام واقترب ناحية رقبتــي ثم قال بهمس أشبه بفحيح الأفعى
- أنا مصاص دماء !
سرت قشعريرة في جميع أنحاء جسدي وتجمدت كمَن صُب عليهِ قـِدر ماء مُلئ بالثلج !
وددتُ القول أنه يمزح أو أن هذه أحد مقالبه لكن شعوري بأنيابه تُـلامس رقبتي أشعرني بالذُعر
ركلتُـه بقوة ثُم دفعتُـه بعيدًا عني وفتحت باب الدخول إلى المنزل كان المكان مُظلمًا جدًا ولا يُمكنني الرؤية
أسندت كفي على الجدآر لأبحث عن زر تشغيل الضوء وعندما سمعت خطواته تقترب أكثر فأكثر منيّ ركضت بأقوى سُرعتي حتى تعثرت بشيءٍ ما وسقطتُ عليه
أغمضتُ عيني بقوة حينما وقف بجانبـي
سمعتُ ضحكــاته وقهقهاته مما جعلنــي أغضب وفتحت عينيّ لأرى مالم يكُن بالحُسبان !!!
الجميع هُنا الجميع يصرخ ويضحك بســرور .
طُلاب فصلي جدي وجد ريو ، والد ريو وجين وجين أيضًا ، كين رين ، جميعُهم مُلتفون حول طاولة كبيـرة مليئة بالطعام والحلوى والعصائر !!
وتتوسط تلك الطاولة كعكــة كبيــرة جدًا !
نظرتُ إلى ريو بعينين دامعتيــن وكان قد أزال الأسنان الاصطناعية وهو يبتسم
- لا أصدق أنكِ صدقتــي ذلك المقلب التافه لقد توقعتُ أن أحصل على لكمـة قويّة تجعل أسناني تتطاير بالهواء !
وأنفجر بعدها ضاحكًــا .
وقفتُ من على الأريكة التي تعثرت بها ثُم أخذتُ أضربه والدموع تنهمر من عينيّ بغزارة وأخذتُ أشير إلى الجميع بينما هو يضحك
- كيف لك أن تفعل هذا بي ؟
- أنا أُحبكِ وكيف لا أفعل ذلك !
- أحمق
ابتسم وضمني بقوة
- كُل عامٍ وأنتي بخيــر !!
بينما الجميعُ يحتفل . كُنت أنا وريو مُتجهين وحدنا إلى الشُرفة .
جلستُ على حافة السور المُحيط بها أما هو فقد اتكأ عليه
- أتعلمين مينوري ؟
كُنت أحرك قدميّ إلى الأمام والخلف كالأطفال وأنظُر للسماء المُمتلئة بالنجوم والقمر مُتربع في كبدهــا
- ماذا ؟
نظرتُ إليه عندما ابتسم قائلاً
- أتعلمين مالذي شدّني إليكِ كثيرًا ؟ من أول نظرة !
هززت رأسي نفيًا فقال بعد لحظة شرود
- أنكِ تُشبهين أُمي كثيرًا !!!
توسعت عيناي اندهاشًا فأكمل
- حتى رين تصرُفاتها المُزعجة تلك وحُبها الشديد لكِ ، هذا كُله لأنها كانت مُتعلقة جدًا بأمي
توقفت عن تحريك رجليّ وظللت أنظُر إليه ثُم قُلت وكأني تذكرت شيئًا ما
- آه فعلاً أين هي والدتُك ؟!
أجاب بعدما أمال رأسه وقد لوى فمه باستهتار
- ماتت !
صمتتْ صُدمتْ لم أتوقع ردًا كهذا ، كُنت اظن أنه سيقول أنها مُنشغلة أو مُسافرة ، هذا حقًا مُفاجئ !
نظرتُ إلى الأرض باستياء للتو أعلم أن والدته قد تُوفيت يالحماقتي !!
ظللتُ أفكر كثيرًا بهذا الأمر حتى قاطع تفكيري قوله وهو يُمسك ذقني ويجعل وجهي مُواجهًا لوجهه
- لـِمَ لم تعودي مينــوري التي أعرفها
هل أُخبره ؟ لكن أخشى أن تحدث مِشكلة كبيرة بيننــا ماذا سأفعل ؟!
قفزت من على السور وأصبحتُ أواجهه ثُم قلت باسمة
- آه . لقد إجتزت الإختبار !
قال مُتعجبًا
- أي اختبار ؟
- لقد كُنت أختبر مدى صبرك ومصداقيتك في حُبك لي وإلى أي حد تستطيع تحمُل تصرفاتي ، ولقد أثرت إعجابي !
رفع حاجبه استغرابًا ثم قال بصوت أشبه بالهمس
- ولــِمَ هذا الإختبار ؟
توترتُ كثيرًا وتحاشيتُ النظر إليــه أردت جمع الحروف ببعضها لأشكّل أي كلمة أو أي جملة إلا أنني لم أستطـِع !
زفرتُ بعمق فقُلت مستسلمة
- لقد . لقد قالت آكي أني لستُ نوعك المُفضــل وأنك تخدعُني ، لذلك أردت إختبارك ففي النهاية هي صديقة طفولتـِك
صمت قليلًا ثُم ضحـِك بخفة و صاح بمرحٍ عابثًا بشعري
- مُشاكسة !! حمدًا لله أن الأمر لم يكُن كما توقعت ظننت أنكِ بتِّ تكرهيننـي !
مينوري إن آكي تُحبنــي مُنذ فترة ليست بقصيرة لهذا تشعُر بالغيرة منكِ ، تُحاول دائمًــا إبعاد جميع الفتيات عني مع أني أخبرتها سابقًا بإنها مُجرد صديقة لا أكثر !
أٌقسم لكِ أني أحبكِ فلا تسمحي لأي كلمة عابرة من أفواه الحمقىَ تجعلكِ تشُكين بي
ابتسامة واسعة رُسمت على ثغري وأعقبت كلامه
- إذًا أنت لست غاضبًــا لهذا ؟
هز رأسه نفيًا و بادلني الابتسامة فقُلت بشيء من المرح
- أتعلم ، لم أعتقد أن فارس أحلامي سيكون فتىً مُتعجرف وأبله كما أنه مغرور ومُصاب بداء العظمَة !
ضحك بخفة ثُم أردف
- إذًا ، لم تتوقعي أني سأكون فارسك يا مُهرجتي ؟
أغمضتُ عينيّ مُحاولة ضبط أعصابي
- ماذا قُلت ؟
- مُ هَ رِ جَ ة !!
هممتُ بصفعهِ بقوة إلا أنه أمسك بكلتا يدآي وقال مُقربًا وجهه إلى وجهي و ينظُر إلى عينيّ مُباشرةً
- أحُبكِ
شعرتُ بوجهــي يحترق وكأنه شُعلة من نار وأخذت أحاول الهروب منه بشتّى الوسائل إلا أنهُ كان مُمسكًــا بي بقوة .
توقفتُ عن الحركة بعُنف ثُم صرخت دون النظر إليـه
- أنا أيضًــا
- أنتِ ماذا ؟
- إذًا فجهودي قد أثمرت أخيرًا !!
إلتفتنــا إلى صاحب الصوت الذي صدر فجأة فكان صاحبه هو أكيرآ !
نظرنا أنا وريو إلى بعضنــا ثُم إليه بغضب
حَرك يديه في الهواء طالبًا منّــا التريُّث قائلاً
- لا تنظُرا إليّ هكذا . جئت لأشرح لكُما بعضَ الأمور فقط
ترك ريو يداي ثُم لفّ ذراعهُ حولي
- تشرح ماذا ؟
ابتسم أكيرا بثقة
- مينوري لا تُعجبني أبدًا ، إنها ليست النوع المُفضل لديّ على الإطلاق !
نظرتُ إلى ريو الذي رفع حاجبهُ كما فعلتُ أنا ثُم عاودت النظر إلى أكيرآ
- ريو ، لقد فعلتُ مافعلتُه لأرى إن كُنت صادقًا هذه المرة أم لا ففي كُل مرة تُخبرني أنك تُحب فتاة ، تُأتي لتُخبرني في اليوم التالي أنها لا تُناسبك أو أنك قد مللت منها !!
حَك رقبته ثُم قال مودعًا بيده
- حسنًا لن أُطيل عليك أظن أن مينــوري مُناسبةٌ لك تمامًا . فإهتم بها !!
ضحكتُ رُغمًــا عني فهذا هو أكيرا الذي كُنت أعرفه الذي كُنت مُعجبة به دومًــا خـِلتُ أنه تغيّر ، لكنه كما هو . طيّب القلب وإن دلّت أفعالُه على عكس ذلك !!
ظللنا فترة شاردي الذهن والصمت سيّد الموقف بيننــا ، الهواء يُداعب خصلات شعرنـا وننظر إلى الفرآغ !
- مينــوري .
نظرتُ إليــه فكان يُحدق للسمــاء لكنه أمال رأسه ناحيتي ونظر إلي بنصف عين وقال
- كُل هذا لن يُنسينــي ما كُنت أريدُ سماعه !
حاولت الهَرب إلا أنه أمسك بمعصمي و أوقفنــي بسُرعة
استسلمتُ للأمر وتوقفت دون حركة مُعطية إياه ظهري
- حسنًا حسنًا سأقولها !
لم يُفلت يدي بل جذبني إليه أكثر وجعلنــي أستدير لأواجهه
- أنظري إليّ وأخبريني ، أنتِ ماذا ؟
- أنا أحبـــك .
ضمّنــي بقوة إلى صدره وزفر براحة
- وددتُ دومًــا أن أسمعها تخرُج بدفء من بين شفتيك
بقينــا ننظُر إلى بعضنا مُطولاً في تلك الليلــة وفي أعيننا يلمع بريق ضوء القمر الساقط علينــا
وكأن أعيننــا تتكلم وتُحدث بعضها عن مانُحس به عن مشآعرنا تجاه بعضنــا . والهواء البــارد الذي داعب خُصلات شعرنا يُضفي إلى تلك اللحظة جوًا ساحرًا .
أمسك ريو بيدي وأخذني معه لنحضر مابقي من وقت مع الجميع ونحتفــل
وكان ذلك اليوم من أسعد أيام حيــاتي
يومًا لن أنساه ماحييت !!
[ النهآيـــة ]
« رواية شمعة أمل | رواية طريق الشيطان » |