الفصل الثاني والعشرون
إلى الجنة
استيقظت نانسي متاخرة في صباح اليوم التالي ووجدت نفسها وحيدة إلا انها لم تبالي . فهي ومحمود لم يناما حتى الساعات الاولى من الصباح تذكرت ما حدث وهي تبتسم لنفسها عاطفة محمود الجياشة أحاديثهما التي استمرت طوال الليل احمرت وجنتاها وهي تشعر بالسعادة في اللحظة التي ارتفعت بها طرقات الباب قبل أن يفتح لتطل حنان حاملة صينية الإفطار قائلة :- صباح الخير يا عروس
شدت نانسي البطانية حول جسدها وهي تقول بحرج :- صباح الخير يا حنان ما سبب دلال هذا الصباح فأنا لم أطلب فطورا إلى السرير
لست أنت من طلب يا عزيزتي بل الدكتور محمود قبل ان يخرج صباحا أصر على ألا يوقظك احد وأن آخذ لك إفطارا كاملا إلى السرير بدا راضيا تماما هذا الصباح
احمر وجه نانسي وهي تغمغم :- توقفي يا حنان . أنت تحرجينني
بعد ان أخذت حماما سريعا جلست تتناول إفطارها برفقة حنان التي لم تستطع كبح دموعها وهي تراقب نانسي تأكل بشهية وبريق السعادة يطل من عينيها لاحظت نانسي دموعها قالت بقلق :- ما الأمر يا حنان ؟ لماذا تبكين ؟
مسحت حنان دموعها وهي تقول متأثرة :- أفكر بأمك وأتمنى لو كانت موجودة لترى سعادتك بعينيها
توقفت نانسي عن الاكل وهي تفكر بأسى في امها التي توفيت قبل أن تطمئن على بناتها فتمتمت :- وأنا أيضا
ربتت حنان على كتف نانسي قائلة بحرارة :- الدكتور محمود رجل رائع يا نانسي ويحبك بجنون حافظي عليه بكل قواك ولا تسمحي لنفسك بخسارته
ابتسمت نانسي وهي تقول بامتنان :- لن أفعل يا حنان أعدك
ارتفع رنين هاتفها في هذه اللحظة فأجابت باسمة .:- صباح الخير
اتاها صوته الدافئ يقول :- صباح النور أيتها الغالية نائمة حتى الآن ؟
قالت متهكمة :- لم يجرؤ احد على إيقاظي بناءا على أوامرك يا أستاذي العزيز ظننتك غضبت لغيابي عن الجامعة صباح الامس
:- لنقل بانني اقتنعت بوجهة نظرك وأدركت استحقاقك لشهر عسل حقيقي لذا أطلب منك إعداد حقيبة باحتياجات تكفي 3 أيام
قالت بلهفة :- إلى أين سنذهب ؟
ضحك لفضولها الطفولي وقال :- إنها مفاجأة سيحضرك مأمون إلى الشركة حيث أنهي الآن بعض الاعمال تحضرا لغيابي ومن هناك سننطلق معا
أنهى المكالمة فظلت نانسي تحدق في الهاتف حتى سألتها حنان بفضول :- حسنا ماذا قال لك ؟
قالت نانسي غير مصدقة :- سيأخذني بعيدا لمدة ثلاثة أيام بدلا من شهر العسل الذي لم أحصل عليه
أشرق وجه حنان وهي تقول :- هذا رائع يا نانس ي أنت محظوظة للغاية سأعد لك حقيبة صغيرة ببعض الضروريات على الفور
راقبتها نانسي وهي تبدأ بتوضيب بعض الأغراض داخل حقيبة صغيرة بينما هي تفكر بكلماتها قلقة إنها محظوظة بالفعل ولكن إلى متى ؟ بهجة محمود ودلاله لها يسعدها إلى حد تشعر معه بالألم في قلبها وهي تتذكر كلمات ريم القاسية ماذا سيحدث لها إن مل يوما إن سئم من جمال وبهجو لعبته الحالية وأراد الحصول على المزيد ؟ ماكانت لتشك لولا تلك النظرة القاتلة التي تقفز لتطل أمام عينيها بين اللحظة والاخرى لتذكرها بأن محمود إن ضعف مرة فمن الممكن ان يضعف ألف مرة
أزاحت تلك الأفكار المسمومة من عقلها وقررت بأن محمود لها ولن يأخذه منها أحد وأنها ستستمتع بوقتها معه دون ان تسمح للشكوك بأن تعكر عليها صفو حياتها فمحمود يظهر لها في الوقت الحالي الشغف الكبير وما عليها إلا ان تسعى للحفاظ على هذا الشغف بكل جهدها
ارتدت سروالا ضيقا من الجينز الذي اظهر جمال ساقيها وكنزو حمراء جميلة التصميم عالية الرقبة وتبرجت برقة وهي تنظر إلى وجهها الذي امتلك وهجا مختلفا بسبب السعادة
في السيارة وبينما يقلها مأمون إلى مقر الشركة في قلب المدينة كانت نانسي تنظر إلى المدينة المبتلة عبر النافذة ماهي إلا اسابيع قليلة وينتهي الشتاء وياتي الربيع حاملا معه الخضرة والأزهار والبهجة والحب
عندما توقفت السيارة في كراج المينى الضخم للشركة خطر في بالها سؤال أقلقها جعلها تنظر إلى مأمون وتسأله :- أخبرني يا مأمون هل هناك موظفات في الشركة ؟
أجفل لسؤالها بعد صمتها الذي استمر طوال الطريق وقال وهو يطفئ المحرك :- بالتأكيد هناك الكثير من الموظفات منهن الآنسة هلا سكرتيرة الدكتور محمود إنها لطيفة جدا
سكرتيرة لطيفة جدا اشتعل بريق التحدي والشقاوة في عيني نانسي وهي تترجل من السيارة بعد أن فتح لها مأمون الباب نظرت إلى ملابسها البسيطة بحسرة متمنية لو أنها ارتدت شيئا أكثر أناقة سألت مأمون بقلق :- هل يبدو مظهري جيدا ؟
تأملها بنظراته المتفحصة وهو يقول :- تبدين رائعة يا سيدتي أي من الموظفات لا تقارن بك مهما كانت بساطة ملابسك
انتبهت فجأة إلى أنها قد تبسطت كثيرا مع مأمون الذي كان يشبه بطباعه البسيطة حنان كان مستعدا للتواطئ معها فور أن يلمح تشجيعا فقالت له متظاهرة بالحزم :- ما الذي تنتظره ؟ أوصلني إلى مكتب محمود
ابتسم وقد اعتاد على طباع سيدته المتناقضة وقال فاهما توترها :- بالتأكيد يا سيدتي تفضلي
قادها إلى داخل صالة الاستقبال حيث حياها رجل الأمن باحترام ووقفت موظفة الاستقبال لتحييها فور معرفتها بهويتها لا لا خوف من هذه الموظفة صعدت مع مأمون إلى الطابق الخامس حتى أشار إلى باب كبير قائلا :- هذا هو مكتب السيد محمود سأنقل حقيبتك إلى سيارته وأذهب هل تأمرينني بشيء
شكرته بتوتر وهي تسير نحو الباب المفتوح وتدخل إلى مكتب السكرتيرة الجميلة اتي انهمكت في العمل على شاشة الكمبيوتر بتركيز مماأتاح لنانسي الفرصة لتأملها جيدا كانت جميلة بالفعل بأناقة كلاسيكية متمثلة بطقم أبيض شديد الأناقة وشعر أسود مرفوع بإتقان فوق رأسها ندمت نانسي تماما على بساطة مظهرها ثم دخلت رافض أن يهز شيء سخيف كهذا ثقتها بنفسها فهي نانسي راشد زوجة محمود بملابس أنيقة أو لا
رفعت الفتاة رأسها نحو نانسي قائلة باستغراب :- هل من خدمة يا آنسة ؟
قالت نانسي بشموخ :- أنا هنا لرؤية محمود
ذكرها لاسمه بدون ألقاب جعل الفتاة تعبس وهي تتأمل الهيئة الشبابية لنانسي قالت ببرود :- ومن تكونين ؟
قالت نانسي ببرود مماثل :- لم لا تخبرينه بوجودي وتسألينه بنفسي عمن أكون
قالت الفتاة بغيظ من وقاحة نانسي :- لديه اجتماع مهم وهو لا يحب أن يقاطعه أحد أثناء عمله
خرج في تلك اللحظة العم طلال برفقة رجلين أنيقين ودعهما ثم نظر إلى نانسي بدهشة قائلا :- أهلا بك يا نانسي ما الذي تفعلينه هنا ؟
رفعت رأسها بتحدي وقد لاحظت بأن وجودها لم يسعده وقالت :- جئت لأرى محمود يا عمي أظنه متفرغ الآن لمقابلتي
أسرع يخفي كل مشاعره وهو يقول :- بالتأكيد تفضلي بالدخول إلى مكتبه
دخلت وهي تنظر إلى الفتاة السمراء مبتسمة بانتصار وسرعان ما كانت تقف داخل مكتب محمود الذي وقف وهو يقول مبتسما :- أحييك على سرعتك لم أتوقع وصولك باكرا
قالت بدلال :- أهذا تذمر يا دكتور محمود؟ أستطيع الذهاب والعودة لاحقا إن كنت مشغولا
وصل إليها جذبها نحوه قائلا :- تستحقين عقابا على لسانك السليط
قالت بوقاحة :- هل تعني عقابا شبيها بعقاب ليلة الأمس ؟
ضحك قائلا : - وعقابا آخر لوصفك ما حدث ليلة الأمر بالعقاب
قالت وهي تشير إلى الباب :- لقد قابلت العم طلال لتوي ولم يبدو سعيدا لرؤيتي هنا
اختفت ابتسامته وهو يقول بوجوم :- ولماذا يتذمر من وجودك ؟ لابد أنك تتوهمين
ندمت على ذكر عمه وهي التي تعرف مدى حساسية محمود اتجاه عائلته أحاطته بذراعيها قائلة :- ألن تخبرني إلى أين سنذهب ؟
ابتسم قائلا :- توقفي عن طرح سؤال تعرفين بأنني لن أجيبك عليه لقد قلت لك بأن مقصدنا مفاجأة لك
ابتسمت قائلة :- متى سنذهب إذن ؟ هل يحق لي بطرح هذا السؤال ؟
:- بالتأكيد سنذهب فور أن أنهي بعض الأمور سآخذك إلى مكان لا يسعك فيه التفكير بسواي
كأن غيره من الممكن أن يشغل عقلها لاحظ نظراتها التي سهمت بعيدا فلكز رأسها بطرف إصبعه قائلا :- هل فهمت ما أعنيه ؟
ابتسمت وهي ترفع نظرها إليه :- آسفة من الآن فصاعدا لن أفكر بسواك