1-الجواب:
هذا السؤال تضمن السؤال عن مجموعة من البدع التي انتشرت مؤخرا نسأل الله العفو والعافية، وهي كالتالي:
الأولى: قوله: (يا حبيبي يا رسول الله).
فهذه لا يمكن أن تكون على سبيل التفجُّع، ولا على سبيل الذكر والاشتياق؛ لأنه إذا ذكره حقيقة واشتاق إليه صلى عليه وتابعه واستن بسنته حتى تكون سببًا للقائه يوم القيامة، كما قال للرجل: ((أعِنِّي على نفسِكَ بكثرة السجود)).
فلم يبق إلا أن تكون على سبيل الاستغاثة والنداء والاستعانة به - صلى الله عليه وسلم، وهذا خالص حق الله لا يجوز صرفه لغير الله - سبحانه وتعالى، وإذا كان الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - أنكر على من استغاث به وهو حيٌّ قادرٌ على إجابة من استغاث به، ولكنه أنكر ذلك حمايةً لجناب التوحيد، فكيف بمن يستغيث به بعد موته؟!
وقد وروى الطبراني بإسناده أنه كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - منافقٌ يُؤذِي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا المنافق. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنه لا يُستغاثُ بي، وإنما يُستغاثُ بالله)).
قال عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله - في (شرح كتاب التوحيد): "قوله: "قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم" مرادهم: الاستغاثة به فيما يقدر عليه بكفِّ المنافق عن أذاهم، بنحو ضربِهِ، أو زجرِهِ لا الاستغاثة به فيما لا يقدر عليه إلا الله".
قوله: ((إنه لا يُستغاثُ بي، وإنما يُستغاثُ بالله)) قال بعضهم: فيه التصريح بأنه لا يُستغاث بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في الأمور، وإنما يُستغاثُ بالله.
والظاهر: أن مراده - صلى الله عليه وسلم - إرشادهم الى التأدُّب مع الله في الألفاظ؛ لأن استغاثتهم به - صلى الله عليه وسلم - من المنافق من الأمور التي يقدر عليها؛ إما بزجره، أو تعزيره، ونحو ذلك، فظهر أن المراد بذلك: الإرشاد إلى حسن اللفظ، والحماية منه صلى الله عليه وسلم - لجانب التوحيد، وتعظيم الله - تبارك وتعالى.
فإذا كان هذا كلامه - صلى الله عليه وسلم - في الاستغاثة به فيما يقدر عليه، فكيف بالاستغاثة به أو بغيره في الأمور المهمة التي لا يقدر عليها أحد إلا الله، كما هو جارٍ على ألسِنَةِ كثيرٍ من الشعراء وغيرهم، وقلَّ من يعرف أن ذلك منكر فضلاً عن معرفة كونه شركًا، فليحذر العبد من سخط الله ومكره، وليبتعد عن مواطن الشبه، ومزالق الأقدام.
الثانية: قوله ( أمانة) فهذا من الحلف بالأمانة وهو من الشرك الأصغر ومعلوم أن صغيرة الشرك أعظم من كبيرة الذنب فيما عدا الشرك فلا يتساهل المرء بها فهي أعظم من الزنا والربا وغيرها من الكبائر .
الثالثة: قوله كل واحد يدخل يصلي على الرسول في سطور ، فليس من مواطن الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم أن تجعل كالسلام عند الدخول سواء في المجالس التي يتقابل الناس فيها بأجسادهم أو يتقابلون فيها من خلال الأجهزة كالإنترنت، ومواطن الصلاة والسلام عليه كثيرة جدا وقد أفرد لها العلماء مواطن في كتبهم وأفرد لها الإمام ابن القيم رحمه الله كتاب (جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام ) فليراجع.
وليس قول أئمة الإسلام مثل هذا عن الرسولصلى الله عليه وسلم: إنه لا يستغاث به ، أو لا يصلى عليه عند الدخول فتجعل كالسلام من انتقاص قدره، بل توفيته قدره وتوقيره صلى الله عليه وسلم أعظم من ذلك وحقيقة تعظيمه صلى الله عليه وسلم في اتباع سنته والاقتداء بهديه، ونحن نعلم من فضائله صلى الله عليه وسلم ما فاق به سائر الأنبياء فهو إمامهم وسيدهم يوم القيامة وأفضلهم عن ربهم وهو الشافع المشفع يوم الحشر، وكل ذلك لا يخرجه عن أن يكون بشرا رسولاصلى الله عليه وسلم.
والله أعلم وصلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.
الدكتور محمد بن عبدالله السحيم
2-الجواب :
قول : (حبيبي رسول الله) لا بأس به .
قَالَ أَبِو الدَّرْدَاء رضي الله عنه : أَوْصَانِي حَبِيبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . الحديث . رواه مسلم .
وقول عمر ء في تقبيل الحجر السود : إني لأعلم أنك حجر ولو لم أرَ حبيبي صلى الله عليه وسلم قبّلك أو استلمك ما استلمتك ولا قبلتك . رواه الإمام أحمد . وأصله في الصحيحين .
وهو مثل قول أبي هريرة : أَوْصَانِي خَلِيلِي . الحديث . رواه البخاري ومسلم .
ومثل قول أبي ذر رضي الله عنه : قَالَ لِي خَلِيلِي . الحديث . رواه البخاري ومسلم .
وقوله رضي الله عنه : إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي . الحديث . رواه مسلم .
والْخُلَّة أكمل وأعلى مِن المحبة . والْخُلَّة هي المحبة التي تَخَلَّلَتْ رُوح الْمُحِبّ وقَلْبه .
وكذلك قول : (حبيبي الله) ، وإن كان لفظه غريبا ، إلاّ أن معناه صحيح ، لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) ، ولقوله عزّ وَجَلّ : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) .
والله تبارك وتعالى يُحِبّ ويُحَبّ .
فإن الله يُحِبّ التوابين ، ويُحِبّ المتطهرين ، ويحب الْمُتوكِّلِين .
قال بكر بن عبد الله : من أُعْطِي خيرا فَرُؤي عليه سُمِّي : حبيب الله مُحَدِّثًا بِنِعْمَة الله عز وجل .
وقال يحيى بن معاذ : إلهي أدعوك في الملأ كما يُدْعَى الأرباب ، وأدعوك في الخلاء كما يُدْعَى الأحباب ، أقول في الملأ : يا إلهي ، وأقول في الخلاء : يا حبيبي . رواه البيهقي في " شُعب الإيمان " .
يعني : أنه يقول في حال خلوته بالله : يا حبيبي .
وروى أبو نُعيم في الحلية من طريق عبدالقدوس بن عبدالرحمن الشامي قال : سمعت أبا الفيض ذا النون بن إبراهيم المصري يقول : إلهي ، وَسِيلتي إليك نِعَمك عليّ ، وشفيعي اليك إحسانك إليّ . إلهي ، أدعوك في الملأ كما تُدْعَى الأرباب ، وأدعوك في الخلا كما تُدْعَى الأحباب ، أقول في الملأ : يا إلهي ، وأقول في الخلا : يا حبيبي ، أرغب إليك ، وأشهد لك بالربوبية ، مُقِرًّا بأنك ربي وإليك مَرَدِّي .
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبدالرحمن السحيم
مركز الدعوة والارشاد بالرياض
glh`h r,g dh pfdfd dh vs,g hggi 2013