الثقة بالنفس عامل مهم في تطوّر شخصية الطفل، وهي من العوامل التي يكتسبها ممّا حوله على نحو كامل في بداية حياته، ثمّ تتكون لديه بحيث تصبح إحدى الصفات التي تتسم بها شخصيته، وإذ ذاك سيتمتع باستقلالية وابداع يتمكن بهما من أن يسجّل في حياته انجازا ما، ويجعل لها مغزى فلا تمضي هباء دون ترك أثر طيّب هنا أو هناك، وفي هذا وذاك.
من أجل ذلك كلّه، امدح طفلك أمام الغير ولا تجعله ينتقد نفسه فمديحك له عندما يكون صائبا يعطيه دفعا للمزيد أما انتقاده لنفسه فإنه يحطم ما ينمو من شخصيته ، ولا ضير أن تقول لابنك: لو سمحت، فهذه العبارة من العبارات التي يجب الاعتياد على استعمالها في حياته، ولا فرق في استعمالها بين كبير وصغير، ومن الضروري أن تعامله كطفل وتجعله يعيش طفولته، ففي الطفولة لعب، واللعب ضرورة قصوى لنمو نفسيّ سليم، وعليك أن تساعده في اتخاذ القرار بنفسه، فآجلا أم عاجلا سيقوم باتخاذ القرارات، فلمَ تأخير تدريبه على ذلك؟ وعليك أن تعلّمه السباحة أو ما يوازي ذلك من رياضات وتمارين، ففي ذلك صحة لجسمه وعقله، والتمارين تفتح عيونه على تفكير التحدي والتصدي وروح الفريق والعمل من أجل نتيجة ما والتخطيط للفوز والتحضير المسبق واللعب تحت مظلة القانون والأخلاق. ومن المفيد أن تجعل إبنك مرّة ضيف شرف في إحدى المناسبات، فهذا يشعره بوجوده، وإذا ما استمرّ شعوره بوجوده استمرّ عصفه الذهني بما له وبما عليه وبما بدر عنه وما وجه إليه .
ومن المفيد أن تسأله عن رأيه، وتأخذ رأيه في أمر من الأمور، فهذا يشير إلى وجوده، ويحرّك التساؤلات لديه، ويجعل من اتخاذ القرارات لديه شأنا عاديا، وسيكون ذو قيمة أن تجعل له ركنا في المنزل لأعماله وأن تكتب اسمه على إنجازاته، فذلك يوضّح له حدود وجوده أكثر، ويعطي خارطة معالمه خطوطا تعكس بدقّة أكبر السلوك الخطأ والانجاز المميز، وعليك أن تساعد ابنك في كسب الصداقات، فإن الأطفال لا يعرفون دائما كيف يختارون أصدقاءهم، ولا يتنازلون عن صداقاتهم بسهولة، فكن حذرا في هذا الجانب من حياة أطفالك، وكن وقائيا لا معالجا، ومارس الانخراط مع ابنك وصداقاته لا أن تكون نظريا مما يجعله يشعر بأهميته ومكانته، ومن المهم أن تقوم دوما بما يمنح طفلك شعورا بأن له قدراته الخاصة، وعليك أن تعلّمه مهارات إبداء الرأي والتقديم وكيف يتكلم ويعرض ما عنده للناس، مثلما عليك أن تعلّمه كيف يقرأ التعليمات ويتبعها، وأن تعلّمه كيف يضع لنفسه مبادئ وواجبات ويتبعها وينفذها.
ومن المهم أن نعلّم أبناءنا مهارات الإسعافات الأولية لما يواجهون من حاجة لها، ومن المهم أن نجيب عن جميع أسئلتهم، وأن نوف بوعدنا لهم، وأن نعلّمهم مهارة الطبخ البسيط كسلق البيض وقلي البطاطا وتسخين الخبز وغيرها، وأن نعلّمهم كيف يعملون ضمن فريق، وأن شجعهم على توجيه الأسئلة، وأن نجعلهم يشعرون أن له مكانتهم بين أصدقائهم، وأن نفصح عن أسباب أي قرار نتخذه، وأن نكون في أول يوم من أيام المدرسة معهم، وأن نروي لهم قصصا من أيام طفولتنا.
ولا مانع من أن تجعل طفلك يلعب دور المدرس وأنت تلعب دور التلميذ، وأن تعلّم طفلك كيف يمكن العثور عليه عندما يضيع، وأن تعلّمه كيف يرفض ويعبّر عن هذا وذاك، وعلّمه كيف يمنح ويعطي، وأعطه مالا يكفي ليتصرف به عند الحاجة، وشجّعه على الحفظ والاستذكار، وعلّمه كيف يدافع عن نفسه وجسده، واشرح له ما يسأل عنه من شبهات وشكوك في نفسه، ولا تهدّده على الإطلاق، وإنما أعطه تحذيرات مسبقة، فالتهديد يشوّه نفسه وينمّي لديه التردد والتلكؤ.
علم طفلك أيضا كيف يواجه الفشل، وعلّمه كيف يستثمرماله. جرّب شيئا جديدا له ولك في آن معا مع معرفة النتائج مسبقا، وعلّمه كيف يصلح أغراضه ويرتبها، وشاطره أحلامه وطموحاته وشجّعه على أن يتمنّى، فالتمنّي نافذة على الحلم، والحلم مدعاة النجاح، وعليك أن تعلّم طفلك عن الاختلاف بين الذكر والأنثى، وأن تعلّمه القيم والمبادئ السليمة والكريمة، وأن تعلّمه كيف يتحمل مسؤولية تصرفاته، وكيف يسجّل إنجازاته، فتسجيل الانجازات يعني أن الباب دائما مفتوح لها، ويعني أيضا أن ما يسجّل هو العمل المشرّف.
ومن الضروري أن نعلّم أطفالنا كيف يتعاملون مع الحيوانات الأليفة، فالشفقة من ضرورات الشعور بالثقة بالنفس، واعتماد الحيوانات الصغيرة عليه في إطعامها وتنظيفها سيمنحه شعورا بالمسؤولية يغذي ثقته بنفسه، كما أن تعامله مع الحيوانات الأليفة سيضطره إلى البحث عن لغة مشتركة، فإذا ما وجدها مرّة سيتمكن من أن يجدها ثانية عندما لا تكون قنوات التفاهم مفتوحة مع أحد ما في العمل أو الشارع، وعلينا أن نعتذر لأطفالنا عن أي خطأ واضح يصدر عنّا، وأن نجعل لهم يوما فيه مفاجآت، وأن نعوّدهم على القراءة كل يوم، فمهما تعددت وسائل التلقّي، تبقى المطالعة سيّدة الطرق، ويبقى الكتاب أعزّ صديق، وعلينا دوما أن نخبر أبناءنا أننا نحبهم ونضمّهم إلى صدورنا، فهذا كلّه يزرع فيهم الثقة بالنفس.
'vr jugdl hg'tg hgerm fhgkts