المراد بالأشهر الحُرُم ? :
???????
⬅ الأشهر الحُرُم هي التي ورد ذكرها في قول الله تعالى : { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 36] .
⬅ وعن أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ، السنة اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حُرُم: ثلاث متواليات ، ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب مُضر الذي بين جمادى وشعبان » متفق عليه واللفظ للبخاري .
[ ورجب مُضر ] نسبة إلى قبيلة مُضر ، لأنهم كانوا أشد تعظيما له من غيرهم . أما ربيعة فكانوا يحرمون شهر رمضان ويسمونه رجباً، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم :
[ الذي بين جمادى وشعبان ] تأكيداً وبياناً لصحة ما سارت عليه مُضر .
⬅ فالأشهر الحُرُم : ثلاثة سرد وواحد فرد ، وهي : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب .
? سبب التسمية ? :
??????
⬅ قال ابن باز - رحمه الله - : " والظاهر أنها سميت حُرُماً ؛ لأن الله حرم فيها القتال بين الناس فلهذا قيل لها حُرم جمع حرام. كما قال الله جل وعلا: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } وقال تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ } فدل ذلك على أنه محرم فيها القتال، وذلك من رحمة الله لعباده حتى يسافروا فيها وحتى يحجوا ويعتمروا "
[ مجموع فتاوى ابن باز 18 / 433 ]
⬅ وقال السعدي رحمه الله : " سميت حُرُماً لزيادة حرمتها، وتحريم القتال فيها "
[ تفسير السعدي ص: 336 ]
? خصائص الأشهر الحُرُم ? :
?????????
1⃣ تحريم القتال فيهن :
قال الله تعالى { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ }
كان القتال في الأشهر الحُرُم محرماً في الجاهلية قبل الإسلام ، فكانت الجاهلية تعظمهن وتحرم القتال فيهن ، حتى لو لقي الرجل منهم فيهن قاتل أبيه أو أخيه تركه
?قال النيسابوري - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى : { ذَلكَ الدِّيْنُ القَيِّمُ } ، أي هو الدين المستقيم الذي كان عليه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، وقد توارثته العرب منهما فكانوا يحرمون القتال فيها . ثم جاء الإسلام يؤيد حرمة القتال في الأشهر الحُرُم بقوله تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ . }
[ الموسوعة الفقهية الكويتية 5 / 51
? وقال العلامة ابن باز - رحمه الله - : " واختلف العلماء هل حرمة القتال فيها باقية أو نسخت؟ على قولين: الجمهور على أنها نسخت وأن تحريم القتال فيها نسخ، وقول آخر: أنها باقية ولم تنسخ وأن التحريم فيها باقي ولا يزال، وهذا القول أظهر من جهة الدليل "
[ مجموع فتاوى ابن باز 18 / 433 ] .
2⃣ تحريم الظلم فيهن :
قال الله تعالى { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ } ، فالضمير ( فيهن ) عائد على الأربعة الحُرُم، وليس على الاثني عشر شهراً ؛ لأنه أقرب مذكور .
? قال قتادة - رضي الله عنه - : " إن الظلم في الأشهر الحُرُم أعظم خطيئةً ووزراً من الظلم فيما سواها ، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً ، ولكن الله يُعَظِّمُ من أمره ما يشاء " .
? وقال الأمين الشنقيطي - رحمه الله - : " السيّئة إنما تجزى بمثلها من غير زيادة . {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} . وإذا علمت أن السيئات لا تضاعف، فاعلم أن السيئة قد تعظم فيعظم جزاؤها بسبب حرمة المكان؛ كقوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}، أو حرمة الزمان؛ كقوله تعالى في الأشهر الحرام: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} "
[ أضواء البيان 6 / 147 ]
3⃣ عظم العمل الصالح فيهن :
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : خصَّ الله من شهور العام أربعة أشهر فجعلهن حُرماً ، وعظّم حرماتهن ، وجعل الذنبَ فيهن والعمل الصالح والأجر أعظم .
4⃣ اشتمال هذه الأشهر على فضائل وعبادات ليست في غيرها ، ومنها :
? عشر ذي الحجة :
لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما -أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ " رواه البخاري .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره "
[ فتح الباري 2 / 460 ]
? فريضة الحج :
قال تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} قال ابن عمر: هي: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة .
? يوم عرفة :
وهو يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً ، وفي الحديث : " صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده " رواه مسلم من حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - .
? يوم النحر :
يقول شيخ الإسلام : " وأفضل أيام العام هو يوم النحر، وقد قال بعضهم يوم عرفة والأول هو الصحيح، لأن في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القَرِّ ) لأنه يوم الحج الأكبر في مذهب مالك والشافعي وأحمد، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يوم النحر هو يوم الحج الأكبر.، وفيه من الأعمال ما لا يعمل في غيره كالوقوف بالمزدلفة ورمي جمرة العقبة وحدها والنحر والحلق وطواف الإفاضة " .
[ مجموع الفتاوى 25 / 288 ]
? أيام التشريق : أيام ذكر الله تعالى وشكره وإن كان الحق أن يذكر الله تعالى ويشكر في كل وقت وحين, لكن يتأكد في هذه الأيام المباركة ، حيث روى نبيشة الهذلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله " أخرجه مسلم .
? شهر الله المحرم : لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل" .
? يوم عاشوراء : لحديث أبي قتادة - رضي الله عنه - ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله " رواه مسلم .
? مسائل متفرقة ? :
??????
1⃣ العمرة في الأشهر الحُرُم :
ذهب بعض أهل العلم إلى أن العمرة في الأشهر الحرم أفضل من غيرها ، لأن عُمر النبي صلى الله عليه وسلم كلها كانت في ذي القعدة وذي الحجة .
? والصحيح : أن عمر النبي صلى الله عليه وسلم كانت في أشهر الحج ، وهي " شوال وذو القعدة وذو الحجة " ، فذو القعدة وذو الحجة يتفقان مع أشهر الحج والأشهر الحرم .
? يقول ابن عثيمين رحمه الله : " فكل عمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانت في أشهر الحج، ولم يعتمر لا في رمضان ولا في رجب، لكن رمضان ورد فيه أن عمرة في رمضان تعدل حجة، أما رجب فلم يعتمر فيه " .
[ مجموع فتاوى ورسائل العثيمين 22 / 279 ]
2⃣ الصيد في الأشهر الحُرُم :
لا حرج من الصيد في الأشهر الحُرُم ، إنما التحريم للصيد متعلق بأمرين
?الأول : الإحرام بحج أو عمرة لقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } .
?الثاني : الصيد في حدود الحَرم ، والمقصود به مكة والمدينة للأحاديث الواردة في ذلك .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام يوم الفتح فقال : ( إن الله حرم مكة لا ينفَّر صيدُها ولا يعضد شوكها ) متفق عليه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول : لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما بين لابتيها حرام ) متفق عليه . والآبة : الحرة .
[ موقع الإسلام سؤال وجواب ]
3⃣ الزواج في الأشهر الحُرُم :
لا يُكْرَه الزواج في الأشهر الْحُرُم ، وقد تزوّج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها في شهر ذي القعدة ، وهو من الأشهر الْحُرم .
[ موقع مشكاة ]
4⃣ الحدود والقصاص في الأشهر الحُرُم :
يقول ابن حزم - رحمه الله - : " وأما الحدود فتقام في الشهر الحرام كلها من رجم وغيره ، لأن الله تعالى لم يأت عنه نص بالمنع من ذلك ، ولا من رسوله عليه الصلاة والسلام - وتعجيل الطاعة المفترضة في إقامة الحدود واجب بيقين ، ندري أن الله تعالى لو أراد تأخير ذلك عن الشهر الحرام لبينه تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم كما بين ذلك في الحرم بمكة ، فإذا لم يفعل فنحن نشهد بشهادة الله تعالى أنه ما أراد قط أن لا تقام الحدود إلا في الأشهر الحرم . وهكذا القول في حرم المدينة { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّا } وبالله تعالى التوفيق " .
[ المحلى لابن حزم 11 / 154 ]
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
hglvh] fhgHaiv hgpEvEl ? :