ولكن أين يذهب ذاك الإنسان المؤمن ؟ لا أطباء حوله ولا مستشفيات ، وإنما هناك طبيب الإنسانية جمعاء الذي قال فيه الله عز وجل :
 
 
 
 ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم )
 
 
 فعن   نبيه بن وهب قال : " خرجنا مع أبان بن عثمان ، حتى إذا كنا بملل اشتكى  عمر  بن عبيد الله عينيه ، فلما كنا بالروحاء اشتد وجعه ، فأرسل إلى أبان  بن  عثمان يسأله ، فأرسل إليه أن أضمدهما بالصبر ، فإن عثمان رضي الله عنه  حدث  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل إذا اشتكى عينيه وهو محرم  ضمدهما  بالصبر " رواه مسلم في كتاب الحج
 
 
 فماذا في الصبر يا رسول الله من منافع ؟
 
 
 وتمر أربعة قرون  ويأتي ابن سينا الطبيب المسلم فيقول عن الصبر :
 
 
 " إنه ينفع من قروح العين وجربها وأوجاعها ، ومن حكة المآق  ويخفف رطوبتها . وله قوة قابضة مجففة للأبدان منومة . 
 والصبر الهندي كثير المنافع ، مجفف بلا لذع ، وفيه قبض يسير " . 
 وقال فيه أبو بكر الرازي : وهو أيضا نافع للعين مجفف للجسد .
 
 
 وقال   في الصبر إسحق بن عمران : " إنه ينفع من ابتداء الماء النازل في العين ،   وينقي الرأٍ والمعدة وسائر البدن من الفضول المجتمعة فيها " .
 
 
 وجاء   في تذكرة داود " أن الصبر من الأدوية الشريفة . قيل : لما جلبه الإسكندر   من اليمن إلى مصر كتب إليه المعلم أن لا يقيم على هذه الشجرة خادما غير   اليونانيين لأن الناس لا يدرون قدرها " .
 
 
 وقال داود الأنطاكي : والاكتحال به يحد البصر ، ويذهب الجرب والحرقة وغلظ الأجفان
 
 
 وتمر قرون عديدة ، وتأتي الأبحاث الحديثة من أمريكا ، لتؤكد ما جاء في وصفة الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا المحرم المصاب في عينيه .
 
 
 فقد نشرت مجلة Cuits الأمريكية الشهيرة مقالا عن الصبر عام 1986 جاء فيه :
 
 
 "   لقد تبين من خلال الدراسات السريرية الحديثة أن للصبر دورا في معالجة   الالتهابات الجلدية الشعاعية ، وسحجات الجلد السطحية ، وفي تقرح قرنية   العين ، وفي قروح الرجلين " .
 وقد اكتشف العلماء وجود أربع مواد كيميائية فعالة في الصبر ، وهي :
 
 
 1. برادي كينياز :
 
 
 وهي   مادة تزيل الألم والحكة والاحتقان ، ولها فعل مقبض للشرايين ، مما يخفف   الانتفاخ والاحمرار الحاصل مكان الالتهاب . وهذا يفسر لماذا تدخل شركات   الأدوية ومستحضرات التجميل مادة الصبر في المستحضرات التي تعالج حرق الشمس .
 
 
 2. لاكتات المغنيزيوم :
 
 
 وقد ثبت أن هذه المادة تمنع تشكل الهيستامين
 ( وهي المادة التي تسبب الحكة في الجلد ) . 
 وهكذا يخفف الصبر من الحكة والالتهاب .
 وهذا ما يفسر فاعليته في علاج لدغات الحشرات .
 
 
 3. مضاد البروستا نلاندين :
 
 
 وهذه   المادة تخفف أيضا الألم والالتهاب مثلما تفعل حبوب الأسبرين . وهكذا تعمل   هذه المواد الثلاثة معا على تخفيف الألم والتهاب ، وتسكين الحكة والحرقان  .
 
 
 وتأتي   الأبحاث العلمية الحديثة بعد أكثر من ألف وأربعمائة عام لتؤكد للعالم أن   ما داوى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه كان هو الدواء السليم .   فكيف يصنع هذا الرجل الذي يشتكي من عينيه وهو محرم ؟ يشكو من الألم   والاحتقان  وليس هناك مسكنات ولا مضادات حيوية ؟!! 
 
 
 لقد   وضع الله تعالى في هذا النبات مزيجا من مواد مسكنة ، وأخرى مهدئة للحكة   والالتهاب . نعم ، إن هذا المؤمن المحرم بحاجة إلى ما يسكن ألمه  ويخفف   التهابه  فاهتدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإلهام من الله تعالى إلى   علاجه بوضع الصبر ضمادا على عينيه الملتهبتين . 
 ولفته   أخرى إلى عمل الصبر الفعال في الوقاية من حرق الشمس . فهذا الحاج المحرم   في قيظ الحر ، وقد أصيبت عيناه ، ينتظر دواء يأتي على عينيه بردا وسلاما   بإذن الله . 
 وأما المادة الرابعة فهي مادة الانتثراكينون ، ويعزى لها الفعل المسهل للصبر .
 
 
 الصبر مادة ملطفة للجلد :
 
 
 وأثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن للصبر تأثيرا مرطبا للجلد ، فيلطف الجلد وينعمه .
 
 
 روت أم سلمة - رضي الله عنها - " دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سلمة ، وقد جعلت علي صبرا . 
 فقال : ( ماذا يا أم سلمة ) ؟ فقلت : إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب .
 قال عليه الصلاة والسلام : ( إنه يشب الوجه فلا تـجعليه إلا بالليل ) يشب الوجه : أي يلونه ويحسنه 
 
 
 ويعزو العلماء ذلك إلى أن الصبر يحبس الماء في الجلد فيرطبه وينعمه .
 وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال لأم سلمة 
 ( إن يشب الوجه ) . 
 
 
 فمن علم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الخاصة التي يتمتع بها هذا النبات ؟
 
 
 ونجد الآن في الأسواق مركبات مختلفة من كريمات ومستحضرات دوائية ، وقد دخل في تركيبها مادة الصبر .
 
 
 الصبر والتهاب المفاصل الرثواني :
 
 
 التهاب المفاصل الرثواني مرض مؤلم جدا ، قد يؤدي إلى حدوث تشوه في المفاصل ، وإعاقة شديدة في حركتها .
 ويصيب المفاصل الصغيرة في اليدين والقدمين بشكل خاص .
 وقد نشرت مجلة النقابة الطبية لأمراض الأقدام بحثا استخدم فيه الصبر موضعيا على مفاصل ملتهبة عند الفئران . 
 وقد أظهرت الدراسات الحديثة أن الصبر فعال في علاج هذا الالتهاب . وهناك تجارب علمية تجرى حاليا على الإنسان .
 وهكذا نجد الأبحاث العلمية الحديثة تثبت ما جاء في طب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
 فإذا   كانت مادة الصبر قد دخلت الموسوعة الصيدلانية الأمريكية عام 1820 ، فقد   دخلت موسوعة الرسول عليه الصلاة والسلام الطبية قبل ذلك بألف واربعمائة عام