بالكتابة, ونهْجاً, كيف
إن الأدب الرّاقي لَهو نِتاج فكر راقٍ وروح صافية من كلِّ
شوائب الذات .
حتى يعيش الأدب , لا بُدَّ وأن يكون الأديب صادِقاً مع ذاته أولاً
ومِنْ ثَمَّ مع قُرَّائه, ويستَمِدَّ مواضيعه مِنْ صُلْب واقعهم المُعاش
كي يُحاكي نبض أحاسيسهم وأمانيهم , فيكون بمثابة لسانهم الذي
يُترجِمْ أوجاعَهم .
ولا يعيبُ الأديب من نَقْدٍ لأدبه , فلا بُدَّ من نقد سواء إيجابياً
أو سلبياً , فدائماً هناك الضِّد وهناك المؤيِّد . وعلى قَدْرِ نجاح العمل
يكون النقْد .
ولكن يهمُّنا نقدٌ بنّاء يُعطي الأديب حقَّهُ ويُعالج النصوص بكل موضوعية
وبلا تحيُّز لأي فِئَة , وإبراز الجوانب الجمالية في النصوص أو حتى تلكَ
القضايا مهما كانتْ حساسيتها والتي أثارها الأديب . فعلى قَدْرِ تفاعُل القارىء
مع النص على قَدْر ما وُهِبَتْ له الحياة .
وأخيراً أقول : أن ينتبه كل ناقد أن النص والنص فقط هو مَنْ يوضعُ
في الميزان , فعَلَيه على النُّقاد أن ينتقدوا الأفكار دون المساس بأصحابِها
روحاً .فكلّ أديبٍ يهوى الواقعية ويحترم أدبه يتقبَّل النقد بروح رياضية
طالما لمْ يَمْسَسْ النّقد كرامته وكبرياءه .
وسأقوم بدوري بتعداد مقومات الأسلوب الذي لو انتهجه الكاتب لضمن
تحقيق الرسالة المرجوه منه , حيث يُخاطب النص عقل القاريء
وأحاسيسه ويختمِرُ فيهما :
1) أن ينهج الكاتب الموضوعيّة والمُعالجة المباشرة للموضوع , دون الإلتفاف
حوله , الأمر الذي يُفقده نجاعة تلقّي القاريء له, فيضيع في متاهاته , ويضيع
جهد الكاتب وحتى رسالته المنشودة.
2) الإبتعاد قدر الإمكان عن الزخرفة والمحسنات البديعية , بل يُبقي على الجِرْس
اللغوي والنحوي السليمين , بحيث يبتعد النص عن الركاكة سواء في المعنى
أو الأسلوب أو التعبير .
3) أن ينهج الكاتب أسلوباً يُقرِّب مفاهيمه علمية كانتْ أم أدبيّة مِنْ استيعاب
القاريء , بحيث يراعي التفاوُت في المستوى الثقافي والعلمي من فرْدٍ لآخر
وحتى البيئي .
4) أن يتجنب قدر الإمكان كل ما من شأنه أن يجرح كبرياء فئة ما سواء في
الطّرح أو النقد , بل يُعالج الموضوع مُعالجة أدبيّة موضوعيّة صِرْفَة , دون
المساس بالمشاعر , فينزلق إلى دوّامة العنف الكتابي , بحيث يُثير حُنْق هذه
الفئة أو تلك , فيقوموا بالرد , فينزل الجميع خندق التنابُز بالألفاظ والقَدْح ,
وهذا ما نهى عنه ديننا الحنيف " ولا تنابزوا بالألقاب " .
وهكذا تتجرَّد النصوص مِنَ الوقار لغوياً أو أدبياً .
5) أن ينهج الكاتب أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة حين يتطرق إلى مناقشة
مواضيع ذات حساسيّة كالقضايا الدينية والحزبية والطائفية .
6) أن يتميَّز الأسلوب بالجرأة الأدبيّة بحيث يكون الكاتب مُتمكناً منْ موضوعه
قيد الطرح أو البحث , ودارساً لكل تداعياته قبل طرْحِه , حتى لا يجنَح فيقع
في طائلة الشك, ويوقع نفسه في مطبات ومفاجئات كان في غنى عنها لو أنه
تمهل حتى يستجمِع كل الخيوط والدلائل والمؤشرات قبل أن يقوم بالنشر
والإشهار , وخاصة في تلك القضايا التي تُشير إلى طبيعة العصر من فساد
وفوضى وصراعات على كافة الصعد .
7) أن يجنح الكاتب للمرونة في أسلوبه فيكون طيِّعاً وقابلاً لتحفيز
أقلام أخرى للتعليق أو الإبحار في ذات التيّار , فيُثري بذلك طرْحَه
ويُعطي فرصة للأقلام الأخرى كي تصول وتجول وتُبرز مواهبها .
المهم كيف نستحث الأقلام الأخرى أو حتى نستفزها حضارياً .
8) أن يُغلِّف الكاتب حرْفَه بنكهات المرح بدل التعصب , فيُضفي
أجواء من الإسترخاء النَّفْسي لدى القاريء , وأن يعتمد الكاتب
التجديد ويبتعد عن الرتابة في الطَّرْح واختيار المواضيع .
اخوكم
رجــــــــــــــأوي
;dt kvjrd fhg;jhfm Hsg,fhW ,kiX[hW