الثابتة, الحسنى, الكتاب
أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة
إعجاز نبوي جديد بتقنية الحاسوب
أكتشفه الدكتور محمود عبد الرزاق الرضواني
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فقد أمرنا الله عز وجل في غير موضع من كتابه أن ندعوه بأسمائه الحسنى فقال: (وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) [الأعراف:180]، وقال: (قُل ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [الإسراء:110] . لكن السؤال الذي يطرح نفسه على أهل العلم منذ زمن طويل: ما هي الأسماء الحسنى التي ندعو الله بها ؟ وكيف ظهرت الأسماء المشهورة التي يعرفها ملايين المسلمين حتى الآن ؟ وهل هذه الأسماء سمى الله نفسه بها أو سماه رسوله صلى الله عليه وسلم ؟
· المتفق علي ثبوته هو الإشارة إلى العدد تسعة وتسعين .
إن المتفق علي ثبوته وصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الإشارة إلى العدد تسعة وتسعين الذي ورد عند البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) . لكن لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عين الأسماء الحسنى التسعة والتسعين أو سردها في نص واحد، وهذا أمر لا يخفى على العلماء الراسخين قديما وحديثا والمحدثين منهم خصوصا، إذاً كيف ظهرت الأسماء التي يحفظها الناس منذ أكثر من ألف عام !
.
· ثلاثة من رواة الحديث اجتهدوا في جمع الأسماء الحسنى .
في نهاية القرن الثاني ومطلع القرن الثالث الهجري حاول ثلاثة من رواة الحديث جمعها باجتهادهم، إما استنباطا من القرآن والسنة أو نقلا عن اجتهاد الآخرين في زمانهم، وكان الأول منهم وهو أشهرهم وأسبقهم الوليد بن مسلم مولى بني أمية (ت:195هـ) وهو عند علماء الجرح والتعديل كثير التدليس في الحديث، والثاني هو عبد الملك الصنعاني وهو عندهم ممن لا يجوز الاحتجاج بروايته لأنه ينفرد بالموضوعات، أما الثالث فهو عبد العزيز بن الحصين وهو ضعيف ذاهب الحديث كما قال الإمام مسلم، هؤلاء الثلاثة اجتهدوا وجمع كل منهم قرابة التسعة والتسعين اسما ثم فسر بها الحديث المجمل في الصحيحين.
· إحصاء الوليد بن مسلم اشتهر منذ أكثر من ألف عام .
لكن ما جمعه الوليد بن مسلم هو الذي اشتهر بين الناس منذ أكثر من ألف عام فقد جمع ثمانية وتسعين اسما بالإضافة إلى لفظ الجلالة وهي: الرَّحمنُ الرَّحيمُ المَلِك القُدُّوسُ السَّلاَمُ المُؤْمِنُ المُهَيمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّر الخَالِقُ البَارِيءُ المُصَوِّرُ الغَفَّارُ القَهَّارُ الوَهَّابُ الرَّزَّاقُ الفتَّاحُ العَلِيمُ القَابِضُ البَاسِطُ الخافضُ الرَّافِعُ المعزُّ المذِل السَّمِيعُ البَصِيرُ الحَكَمُ العَدْلُ اللّطِيفُ الخَبِيرُ الحَلِيمُ العَظِيمُ الغَفُورُ الشَّكُورُ العَلِيُّ الكَبِيرُ الحَفِيظُ المُقِيتُ الحَسِيبُ الجَلِيلُ الكَرِيمُ الرَّقِيبُ المُجِيبُ الْوَاسِعُ الحَكِيمُ الوَدُودُ المَجِيدُ البَاعِثُ الشَّهِيدُ الحَق الوَكِيلُ القَوِيُّ المَتِينُ الوَلِيُّ الحَمِيدُ المُحْصِي المُبْدِيءُ المُعِيدُ المُحْيِي المُمِيتُ الحَيُّ القَيُّومُ الوَاجِدُ المَاجِدُ الوَاحِدُ الصَّمَدُ القَادِرُ المُقْتَدِرُ المُقَدِّمُ المُؤَخِّرُ الأوَّلُ الآخِرُ الظَّاهِرُ البَاطِنُ الوَالِي المُتَعَالِي البَرُّ التَّوَّابُ المنتَقِمُ العَفُوُّ الرَّءوف مَالِكُ المُلْكِ ذُو الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ المُقْسِط الجَامِعُ الغَنِيُّ المُغْنِي المَانِعُ الضَّارُّ النَّافِعُ النُّورُ الهَادِي البَدِيعُ البَاقِي الوَارِثُ الرَّشِيدُ الصَّبُور .
· الأسماء التي ذكرها الوليد للناس لم تكن متطابقة
ولننظر كيف اشتهرت هذه الأسماء التي اجتهد الوليد بن مسلم في جمعها ؟! كان الوليد في أغلب الأحيان عندما يحدث الناس بحديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه - والذي يشير إجمالا إلى إحصاء تسعة وتسعين اسما – ثم يتبعه في أغلب الأحيان بذكر هذه الأسماء التي توصل إليها كتفسير شخصي منه للحديث، وقد نُقِلت عنه مدرجة مع كلام النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أو بمعنى آخر ألحقت أو ألصقت بالحديث النبوي، وظن أغلب الناس بعد ذلك أنها نص من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فحفظوها وانتشرت بين العامة والخاصة حتى الآن، ومع أن الإمام الترمذي لما دون هذه الأسماء في سننه مدرجة مع الحديث النبوي نبه على غرابتها، وهو يقصد بغرابتها ضعفها وانعدام ثبوتها مع الحديث، بل من الأمور العجيبة التي لا يعرفها الكثيرون أن الأسماء التي كان الوليد بن مسلم يذكرها للناس لم تكن واحدة في كل مرة ولم تكن متطابقة أبدا، بل يتنوع اجتهاده عند الإلقاء فيذكر للناس أسماء أخرى مختلفة عما ذكره في اللقاء السابق، فالأسماء التي رواها عنه الطبراني وضع الوليد فيها القائم الدائم بدلا من القابض الباسط اللذين وردا في رواية الترمذي المشهورة، واستبدل أيضا الرشيد بالشديد، والأعلى والمحيط والمالك بدلا من الودود والمجيد والحكيم، وأيضا فإن الأسماء التي رواها عنه ابن حبان وضع فيها الرافع بدلا من المانع في رواية الترمذي، وما رواه عنه ابن خزيمة وضع فيها الحاكم بديلا عن الحكيم، والقريب بديلا من الرقيب، والمولى بديلا من الوالى، والأحد مكان المغني، وفي رواية البيهقي استبدل الوليد المقيت بديلا من المغيث، ورويت عنه أيضا روايات أخرى اختلفت عن رواية الترمذي في ثلاثة وعشرين اسما، لكن العجيب أن ما رواه عنه الترمذي هو الذي اشتهر .
· اتفق الحفاظ من أئمة الحديث على أن الأسماء المشهورة لم يرد في تعيينها حديث صحيح
والقصد أن هذه الأسماء التي يحفظها الناس ليست نصا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هي ملحقة أو ملصقة أو كما قال المحدثون مدرجة مع قوله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا )، وهذا أمر قد يكون غريبا على عامة الناس لكنه لا يخفى على أهل العلم والمعرفة بحديثه صلى الله عليه وسلم ، قال العلامة ابن حجر: (والتحقيق أن سردها من إدراج الرواة) [بلوغ المرام 346]، وقال الأمير الصنعاني: (اتفق الحفاظ من أئمة الحديث أن سردها إدراج من بعض الرواة) [سبل السلام 4/108]، وقال ابن تيمية عن رواية الترمذي وابن ماجه: (وقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن هاتين الروايتين ليستا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كل منهما من كلام بعض السلف) [دقائق التفسير 2/473]، وقال أيضا: (لم يرد في تعيينها حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأشهر ما عند الناس فيها حديث الترمذي الذي رواه الوليد بن مسلم عن شعيب عن أبي حمزة، وحفاظ أهل الحديث يقولون: هذه الزيادة مما جمعه الوليد بن مسلم عن شيوخه من أهل الحديث، وفيها حديث ثان أضعف من هذا رواه ابن ماجه، وقد روي في عددها غير هذين النوعين من جمع بعض السلف) [الفتاوى الكبرى 1/217] . وقد ذكر أيضا أنه إذا قيل بتعيينها على ما في حديث الترمذي مثلا ففي الكتاب والسنة أسماء ليست في ذلك الحديث مثل اسم الرب فإنه ليس في حديث الترمذي، وأكثر الدعاء المشروع إنما هو بهذا الاسم، وكذلك اسم المنان والوتر والطيب والسبوح والشافي؛ كلها ثابتة في نصوص صحيحة وتتبع هذا الأمر يطول [السابق1/217]، وقال ابن الوزير اليماني: (تمييز التسعة والتسعين يحتاج إلى نص متفق على صحته أو توفيق رباني، وقد عدم النص المتفق على صحته في تعيينها، فينبغي في تعيين ما تعين منها الرجوع إلى ما ورد في كتاب الله بنصه، أو ما ورد في المتفق على صحته من الحديث) [العواصم 7/228]، ولما كان هذا حال الأسماء الحسنى التي حفظها الناس لأكثر من ألف عام وأنشدها كل منشد وكتبت على الحوائط في كل مسجد، فينبغي تنبيه الملايين من المسلمين على ما ثبت فيها من الأسماء وما لم يثبت، ثم تعريفهم بالأسماء الحسنى الصحيحة الثابتة في الكتاب والسنة ؟ وكيف يمكن أن نتعرف عليها بسهولة ؟ ·
أجمع علماء أهل السنة على أن الأسماء الحسنى توقيفية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد اتفق علماء الأمة على اختلاف مذاهبهم أنه يجب الوقوف على ما جاء في الكتاب وصحيح السنة بذكر أسماء الله نصا دون زيادة أو نقصان؛ لأن أسماء الله الحسنى توقيفية لا مجال للعقل فيها؛ فالعقل لا يمكنه بمفرده أن يتعرف على أسماء الله التي تليق بجلاله، ولا يمكنه أيضا إدراك ما يستحقه الرب عز وجل من صفات الكمال والجمال؛ فتسمية رب العزة والجلال بما لم يسم به نفسه قول على الله بلا علم، وهو أمر حرمه الله عز وجل على عباده، وقد اشتهرت في ذلك مناظرة بين الإمام أبي الحسن الأشعري وشيخه أبي على الجبائي عندما دخل عليهما رجل يسأل: هل يجوز أن يسمى الله تعالى عاقلا ؟ فقال أبو علي الجبائي: لا يجوز؛ لأن العقل مشتق من العقال وهو المانع، والمنع في حق الله محال فامتنع الإطلاق، فقال له أبو الحسن الأشعري: فعلى قياسك لا يسمى الله سبحانه حكيما؛ لأن هذا الاسم مشتق من حكمة اللجام، وهي الحديدة المانعة للدابة عن الخروج ويشهد لذلك قول حسان بن ثابت رضي الله عنه : فنحكم بالقوافي من هجانا، ونضربُ حين تختلط الدماء، وقول الآخر: أبني حنيفة حكموا سفهاءكم، إني أخاف عليكمُ أن أغضبا، والمعنى نمنع بالقوافي من هجانا، وامنعوا سفهاءكم؛ فإذا كان اللفظ مشتقا من المنع، والمنع على الله محال لزمك أن تمنع إطلاق حكيم على الله تعالى، فلم يجب الجبائي إلا أنه قال للأشعري: فلم منعت أنت أن يسمى الله عاقلا وأجزت أن يسمى حكيما ؟ قال الأشعري: لأن طريقي في مأخذ أسماء الله عز وجل الإذن الشرعي دون القياس اللغوي، فأطلقت حكيما لأن الشرع أطلقه ومنعت عاقلا لأن الشرع منعه، ولو أطلقه الشرع لأطلقته [طبقات الشافعية3/358] .·
بنى الله السماء وسقانا الغيث ولا يجوز أن يسمى بناء أو سقاء
وقال ابن حزم: (لا يجوز أن يسمى الله تعالى ولا أن يخبر عنه إلا بما سمى به نفسه أو أخبر به عن نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أو صح به إجماع جميع أهل الإسلام المتيقن ولا مزيد، وحتى وإن كان المعنى صحيحا فلا يجوز أن يطلق عليه تعالى اللفظ، وقد علمنا يقينا أن الله عز وجل بنى السماء فقال: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا) [الذاريات:47]، ولا يجوز أن يسمى بناء، وأنه تعالى خلق أصباغ النبات والحيوان، وأنه تعالى قال: (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) [البقرة:138]، ولا يجوز أن يسمى صباغا، وأنه تعالى سقانا الغيث ومياه الأرض ولا يسمى سقاء ولا ساقيا، وهكذا كل شيء لم يسم به نفسه) [الفصل/2/108]، وقال الإمام النووي: (أسماء الله توقيفية لا تطلق إلا بدليل صحيح) [شرح النووي7/188]، واحتج الإمام الغزالي على أن الأسماء توقيفية بالاتفاق على أنه لا يجوز لنا أن نسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم لم يسمه به أبوه ولا سمى به نفسه وكذا كل كبير من الخلق، قال: فإذا امتنع ذلك في حق المخلوقين فامتناعه في حق الله أولى [فتح الباري11/223]، وقال الإمام السيوطي: (اعلم أن أسماء الله تعالى توقيفية بمعنى أنه لا يجوز أن يطلق اسم ما لم يأذن له الشرع وإن كان الشرع قد ورد بإطلاق ما يرادفه) [شرح سنن ابن ماجة275]،وقال أبو القاسم القشيري: (الأسماء تؤخذ توقيفا من الكتاب والسنة والإجماع، فكل اسم ورد فيها وجب إطلاقه في وصفه، وما لم يرد لم يجز ولو صح معناه) [سبل السلام4/109]، وقال ابن المرتضى: (فأسماء الله وصفاته توقيفية شرعية، وهو أعز من أن يطلق عليه عبيده الجهلة ما رأوا من ذلك) [إيثار الحق 1/314]، والأقوال في ذلك كثيرة يعز إحصاؤها وكلها تدل على أن عقيدة أهل السنة والجماعة مبنية على أن الأسماء الحسنى توقيفية، وأنه لابد في كل اسم من دليل نصي صحيح يُذكر فيه الاسم بلفظه، إذا كان الأمر كذلك فمن الذي سمى الله عز وجل الخافض المعزّ المذِل العَدْل الجَلِيل البَاعِث المُحْصِي المُبْدِيء المُعِيد المُمِيت المُقْسِط المُغْنِي المَانِعُ الضَّارّ النَّافِع البَاقِي الرَّشِيد الصَّبُور .
· لابد لثبوت كل اسم من دليل نصي صحيح يذكر فيه الاسم بلفظه
هذه جميعها ليست من أسماء الله الحسنى لأن الله عز وجل لم يسم نفسه بها وكذلك لم ترد في صحيح السنة، وإنما سماه بها الوليد بن مسلم ضمن ما أدرجه باجتهاده في رواية الترمذي، فالخافض مثلا لم يرد في القرآن أو السنة اسما وإنما ورد فعلا في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل لاَ يَنَامُ وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ)، ولا يجوز لنا أن نشتق لله من كل فعل اسما ولم يخولنا الله في ذلك أبدا، وإنما أمرنا سبحانه بإحصاء أسمائه وجمعها وحفظها ثم دعاؤه بها، فدورنا حيال الأسماء الحسنى الإحصاء وليس الاشتقاق والإنشاء، ولو أصر أحد على تسميته بالخافض وأجاز لنفسه ذلك فيلزمه تسميته البناء لأنه بنى السماء، والسقاء لأنه سقى أهل الجنة شرابا طهورا، والمدمدم لأنه دمدم علي ثمود، والمدمر لأنه دمر الكافرين، والطامس لأنه طمس على أعينهم، والمقطع لأنه قطع اليهود أمما، والمنسي لأنه أنساهم ذكره، والمفجر لأنه فجر الأرض عيونا، والمفصل لأنه فصل الآيات، والمضاعف لأنه يضاعف الأجر، والمضحك والمبكي لأنه أضحك وأبكى، والمخرج لأنه يخرج الزرع وغير ذلك من آلاف الأفعال في الكتاب والسنة والتي سيقلبها بدون حق إلى أسماء، كما أن الله عز وجل قال: (وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)، (فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [الإسراء:110]، ولم يقل: ولله الأوصاف أو فله الأفعال، وشتان بين الأسماء والأوصاف، فالوصف لا يقوم بنفسه كالعلم والقدرة والعزة والحكمة والرحمة والخبرة وإنما يقوم الوصف بموصوفه ويقوم الفعل بفاعله؛ إذ لا يصح أن نقول: الرحمة استوت على العرش، أو العزة أجرت الشمس، أو العلم والحكمة والخبرة أنزلت الكتاب وأظهرت على النبي صلى الله عليه وسلم ما غاب من الأسرار،فهذه كلها أوصاف لا تقوم بنفسها بخلاف الأسماء الدالة علي المسمى الذي اتصف بها كالرحمن الرحيم والعزيز العليم والخبير الحكيم القدير .
ويقال هذا أيضا في اشتقاق الوليد بن مسلم وغيره للمعزُّ المذِل حيث اشتق هذين الاسمين من قوله تعالى: (قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران:26]، فالله عز وجل أخبر أنه يؤتي ويشاء وينزع ويعز ويذل ولم يذكر في الآية بعد مالك الملك واسمه القدير سوى الأفعال، فهؤلاء اشتقوا لله اسمين من فعلين وتركوا على قياسهم اسمين آخرين، فيلزمهم تسمية الله عز وجل بالمُؤْتِي وَالمنْزِعُ فضلا عن تسميته بالمشيء طالما أن المرجعية في علمية الاسم إلى الرأي والاشتقاق دون التتبع والجمع والإحصاء
.
· دورنا تجاه الأسماء الإحصاء ثم الحفظ والدعاء وليس الاشتقاق والإنشاء
وكذلك العدل لم يرد في القرآن اسما أو فعلا ولا دليل لمن سمى الله بهذا الاسم سوى الأمر بالعدل في قوله تعالى: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان) [النحل:90]، أما الجليل فلم يرد اسما في الكتاب أو صحيح السنة ولكن ورد وصفا في قوله تعالى: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) [الرحمن:27]، وفرق كبير بين الاسم والوصف لأن الله عز وجل وصف نفسه بالقوة فقال: (ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) [الذاريات:58]، وسمى نفسه القوي في قوله: (وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) [الشورى:19]، ووصف نفسه بالرحمة فقال: (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَة ِ) [الأنعام:133]، وسمى نفسه الرحمن الرحيم فقال: (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [فصلت:2]، ولما كانت أسماء الله توقيفية ولا نسمي الله إلا بما سمى به نفسه، فإن الله وصف نفسه بالجلال ولم يسم نفسه الجليل، وكذلك البَاعِثُ المُحْصِي لم أجد حجة أو دليلا على إثبات هذين الاسمين، والذي ورد في القرآن والسنة صفات الأفعال فقط كما في قوله تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ِ) [المجادلة:6]، وهي كثيرة في القرآن والسنة، ومن الملاحظ أن الذي اشتق الباعث من قوله يبعثهم والمحصي من قوله أحصاه الله ترك المنبئ من قوله فينبئهم؛ لأن الآية لم يرد فيها بعد اسم الله الشهيد سوى الأفعال التي اشتق منها فعلين وترك الثالث في حين أن هذه الأسماء جميعها لم ترد نصا صريحا في الكتاب أو صحيح السنة، وكذلك أيضا المُبْدِيء المُعِيدُ اسمان لا دليل على ثبوتهما، فقد استند من سمى الله بهذين الاسمين إلى اجتهاده في الاشتقاق من قوله تعالى: (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) [البروج:13]، ومعلوم أن أسماء الله الحسنى توقيفية على النص وليس في الآية سوى الفعلين فقط، أما الضار النافع، فهذان الاسمان لم يردا في القرآن أو السنة، وليس لمن سمى الله بهما إلا اجتهاده في الاشتقاق من المعنى المفهوم من قوله: (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلا مَا شَاءَ اللهُ) [الأعراف:188]، أو ما صح في سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن عباس رضي الله عنه : (وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ)، ولم يُذكر في الآية أو الحديث النص على الاسم أو حتى الفعل، فالضار فلم يرد اسما ولا وصفا ولا فعلا، ولم أجد في القرآن أو في السنة إلا ما ورد عند البخاري من قول عائشة: (فَمَا كَانَتْ مِنْ خُطْبَتِهِمَا مِنْ خُطْبَةٍ إِلاَّ نَفَعَ اللهُ بِهَا، لَقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ وَإِنَّ فِيهِمْ لَنِفَاقًا فَرَدَّهُمُ اللهُ بِذَلِكَ) . وقس على ذلك في بقية الأسماء التي ذكرناها سابقا، والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هي الأسماء الحسنى التي ندعو الله بها وكيف يمكن التعرف عليها ؟
كيف نتعرف على أسماء الله الحسنى من الكتاب والسنة ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد قال ابن الوزير اليماني: (تمييز التسعة والتسعين يحتاج إلى نص متفق على صحته أو توفيق رباني، وقد عدم النص المتفق على صحته في تعيينها، فينبغي في تعيين ما تعين منها الرجوع إلى ما ورد في كتاب الله بنصه أو ما ورد في المتفق على صحته من الحديث) [العواصم 7/228]، والرجوع إلى ما أشار إليه ابن الوزير مسألة أكبر من طاقة فرد وأوسع من دائرة مجد، لأن الشرط الأول والأساسي في إحصاء الأسماء هو فحص جميع النصوص القرآنية وجميع ما ورد في السنة النبوية مما وصل إلينا في المكتبة الإسلامية، وهذا الأمر يتطلب استقصاء شاملا لكل اسم ورد في القرآن، وكذلك كل نص ثبت في السنة، ويلزم من هذا بالضرورة فرز عشرات الآلاف من الأحاديث النبوية وقراءتها كلمة كلمة للوصول إلى اسم واحد، وهذا في العادة خارج عن قدرة البشر المحدودة وأيامهم المعدودة، ولذلك لم يقم أحد من أهل العلم سلفا وخلفا بتتبع الأسماء حصرا، وإنما كان كل منهم يجمع ما استطاع باجتهاده، وكان أغلبهم يكتفي برواية الترمذي أو ما رآه صوابا عند ابن ماجة والحاكم فيقوم بشرحه وتفسيره كما فعل الزجاج والخطابي والبهقي والقشيري والغزالي والرازي والقرطبي وغيرهم من القدامى والمعاصرين، لكن الله عز وجل لما يسر الأسباب في هذا العصر أصبح من الممكن إنجاز مثل هذا البحث في وقت قصير نسبيا، وذلك من خلال استخدام الكمبيوتر والموسوعات الالكترونية التي قامت على خدمة القرآن وحوت آلاف الكتب العلمية واشتملت على المراجع الأصلية للسنة النبوية وكتب التفسير والفقه والعقائد الأدب والنحو والصرف وغيرها الكثير والكثير، ولم تكن هذه التقنية قد ظهرت منذ عشر سنوات تقريبا، أو بصورة أدق لم يكن ما صدر منها كافيا لإنجاز مثل هذا البحث، ولما عايشت الحاسوب منذ أول ظهوره وظهور الموسوعات التراثية الالكترونية حتى جمعت بين يدي تباعا أكثر من خمس وثلاثين موسوعة الكترونية تراثية دفعني ذلك ومنذ عامين تقريبا إلى أن أقدم على هذا الموضوع مستعينا بالله أولا ثم بما سخره من هذه التقنية الحديثة وقدرة الحاسوب على قراءة آلاف المراجع الأصلية من هذه الموسوعات في ثوان معدودات؛ فالرغبة في إتمام البحث مهما كانت النتائج أمر ملح وضرورة يصعب دفعها عن النفس؛ وكثيرا ما يشعر أي متخصص أو أي داعية بالحيرة والاضطراب عندما يسأل عن تحرير المسألة في اسم من أسماء الله المشهورة كالخافض والرافع والمعطي والمانع والضار والنافع والمبديء والمعيد والمعز والمذل والواجد والماجد والكافي والمنتقم والرازق والباقي والجليل وغير ذلك مما اشتهر على ألسنة العامة والخاصة، هل هذه من أسماء الله الحسنى ! فكانت الإجابة محيرة بالفعل . لقد كان لارتباط التقنية الحديثة بخبرة التخصص في العقيدة والتوصل إلى القواعد العلمية والشروط المنهجية لإحصاء الأسماء الإلهية التي تعرف الله بها إلى عباده أثر كبير في ظهور المفاجأة التي لم تكن متوقعة ولم تكن في حسبان أحد، وهي تصديق قول النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا) .
ولنبد أولا بذكر الشروط التي يتمكن من خلالها أي مسلم أن يتعرف بسهولة ويسر على كل اسم من الأسماء الحسنى والدليل على تلك الشروط من كتاب الله:
· الشرط الأول هو ثبوت النص في القرآن أو صحيح السنة
طالما أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في تعينها وسردها فلا بد لإحصائها من وجود الاسم نصا في القرآن أو صحيح السنة، وهذا الشرط مأخوذ من قوله تعالى: (وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)، ولفظ الأسماء يدل على أن أنها معهودة موجودة، فالألف واللام فيها للعهد، ولما كان دورنا حيال الأسماء هو الإحصاء دون الاشتقاق والإنشاء فإن الإحصاء لا يكون إلا لشيء موجود ومعهود ولا يعرف ذلك إلا بما نص عليه القرآن والسنة، ومعلوم من مذهب أهل السنة والجماعة أن الأسماء توقيفية على الأدلة السمعية ولا بد فيها من تحري الدليل بطريقة علمية تضمن لنا مرجعية الاسم إلى كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا يكون ذلك إلا بالرجوع إلى ما ورد في القرآن بنصه أو ما صح في السنة على طريقة المحدثين؛ فمحيط الرسالة لا تخرج عن هذه الدائرة، وعلى ذلك ليس من أسماء الله النظيف والسخي والواجد والماجد والحنان والهْوِيّ والمفضل والمنعم ورمضان وآمين والأعز والقيام لأنها جميعا لم تثبت إلا في روايات ضعيفة أو موقوفة أو قراءة شاذة .
· الشرط الثاني علمية الاسم واستيفاء العلامات اللغوية .
يشترط في جمع الأسماء وإحصائها أن يرد الاسم في النص مرادا به العلمية ومتميزا بعلامات الاسمية المعروفة في اللغة، كأن يدخل على الاسم حرف الجر كما في قوله: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الذِي لا يَمُوتُ) [الفرقان:58]، أو يرد الاسم منونا كقوله: (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [يس:58]، أو تدخل عليه ياء النداء كما ثبت في الدعاء المرفوع: (يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ) [صحيح أبي داود 1326]، أو يكون الاسم معرفا بالألف واللام كقوله: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) [الأعلى:1]، أو يكون المعنى مسندا إليه محمولا عليه كقوله: (الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً) [الفرقان:59]، فهذه خمس علامات يتميز بها الاسم عن الفعل والحرف وقد جمعها ابن مالك في قوله: بالجر والتنوين والندا وأل: ومسند للاسم تمييز حصل [شرح ابن عقيل1/21]، فلا بد إذا أن تتحقق في الأسماء علامات الاسم اللغوية وهذا الشرط مأخوذ من قوله: (وَللهِ الأَسْمَاءُ)، ولم يقل الأوصاف أو الأفعال، فالوصف أو الفعل لا يقوم بنفسه كالسمع والبصر والعلم والقدرة وهي بخلاف الأسماء الدالة علي المسمى بها كالسميع والبصير والعليم والقدير، كما أن معنى الدعاء بالأسماء في قوله: (فادعوه بها) أن تدخل علي الأسماء أداة النداء سواء ظاهرة أو مضمرة، والنداء من علامات الاسمية، وعليه فإن كثيرا من الأسماء المشتهرة على ألسنة الناس ليست من الأسماء الحسنى وإنما هي في الحقيقة أوصاف أو أفعال لا تقوم بنفسها، فكثير من العلماء ورواة الحديث جعلوا المرجعية في علمية الاسم إلى أنفسهم وليس إلى النص الثابت، فاشتقوا لله أسماء كثيرة من الأوصاف والأفعال وهذا يعارض ما اتفق عليه السلف في كون الأسماء الحسنى توقيفية على النص، فالمعز المذل اسمان اشتهرا بين الناس شهرة واسعة على أنهما من الأسماء الحسنى، وهما وإن كان معناهما صحيحا لكنهما لم يردا في القرآن أو السنة، وقس على ذلك الخافض المبديء المعيد الضار النافع العدل الجليل الباعث المحصي المقسط المانع الباقي، والفاتن والبالي والراتق والساتر والسخط والمبغض والمحب والمفني والمنجي والمرشد والمنزع وغير ذلك من الأسماء التي اشتقها الكثيرون من أوصاف الله وأفعاله .
· الشرط الثالث إطلاق الاسم دون إضافة أو تقييد
والمقصود بهذا الشرط أن يرد الاسم مطلقا دون تقييد ظاهر أو إضافة مقترنة بحيث يفيد المدح والثناء بنفسه، لأن الإضافة والتقييد يحدان من إطلاق الحسن والكمال على قدر المضاف وشأنه، وقد ذكر الله أسماءه بطلاقة الحسن فقال: (وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)، أي البالغة مطلق الحسن بلا حد أو قيد، قال القرطبي: (وحسن الأسماء إنما يتوجه بتحسين الشرع لإطلاقها والنص عليها) [تفسيرالقرطبي10/343]، ويدخل في الإطلاق أيضا اقتران الاسم بالعلو المطلق لأن معاني العلو هي في حد ذاتها إطلاق فالعلو يزيد الإطلاق كمالا على كمال، وكذلك أيضا إذا ورد الاسم معرفا بالألف واللام مطلقا بصيغة الجمع والتعظيم فإنه يزيد الإطلاق عظمة وجمالا وحسنا وكمالا وينفي في المقابل أي احتمال لتعدد الذوات أو دلالة الجمع على غير التعظيم والإجلال، قال ابن تيمية في تقرير الشروط الثلاثة السابقة: (الأسماء الحسنى المعروفة هي التي يدعى الله بها وهي التي جاءت في الكتاب والسنة، وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها) [الأصفهانية ص19] .
وإذا كانت الأسماء الحسنى لا تخلو في أغلبها من تصور التقييد العقلي بالممكنات وارتباط آثارها بالمخلوقات كالخالق والخلاق والرازق والرزاق؛ أو لا تخلو من تخصيص ما يتعلق ببعض المخلوقات دون بعض؛ كالأسماء الدالة على صفات الرحمة والمغفرة مثل الرحيم والرءوف والغفور فإن ذلك التقييد لا يدخل تحت الشرط المذكور، وإنما المقصود هو التقييد بالإضافة الظاهرة في النص، فلا يدخل في أسماء الله الحسنى البالغ لقوله: (إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) [الطلاق:3]، ولا يصح إطلاقه في حق الله، بل يذكر على التقييد كما ورد النص، وليس من أسمائه المخزي أو العدو أو الخادع أو المتم أو الفالق أو المخرج لأنها أسما مقيدة لا يجوز إطلاقها بل تذكر كما وردت في قوله: (وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ) [التوبة:2]، وقوله: (فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ)[البقرة:98]، وقوله: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ َ) [النساء:142]، وقوله: (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ) [الصف:8]، وقوله: (إِنَّ اللهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ ) [الأنعام:95]، وكذلك من الأسماء المقيدة الغافر والقابل والشديد وقس على ذلك الفاطر والجاعل الرافع والمطهر المهلك والحفي والمنزل والسريع والمحيي والرفيع والنور والبديع والكاشف والصاحب والخليفة والقائم والزارع والموسع والمنشيء والماهد وغير ذلك كثير، فهذه أسماء مقيدة تذكر في حق الله على الوضع الذي قيدت به ويدعى بها على ما ورد في النص من غير إطلاق اللفظ، فتقول كما قال النبي: يا مقلب القلوب، ولا نقل يا مقلب فقط .·
الشرط الرابع دلالة الاسم على الوصف
والمقصود بدلالة الاسم على الوصف أن يكون اسما على مسمى لأن القرآن بين أن أسماء الله أعلام وأوصاف، فقال في الدلالة على علميتها: (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [الإسراء:110]، فكلها تدل على مسمى واحد؛ ولا فرق بين الرحمن أو الرحيم أو الملك أو القدوس أو السلام إلى آخر ما ذكر في الدلالة على ذاته، وقال في كون أسمائه دالة على الأوصاف: (وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)، فدعاء الله بها مرتبط بحال العبد ومطلبه وما يناسب حاجته واضطراره من ضعف أو فقر أو ظلم أو قهر أو مرض أو جهل أو غير ذلك من أحوال العباد، فالضعيف يدعو الله باسمه القادر المقتدر القوي، والفقير يدعوه باسمه الرازق الرزاق الغني، والمقهور المظلوم يدعوه باسمه الحي القيوم إلى غير ذلك مما يناسب أحوال العباد والتي لا تخرج على اختلاف تنوعها عما أظهر لهم من أسمائه الحسنى، فلو كانت الأسماء جامدة لا تدل على وصف ولا معنى لم تكن حسنى، وعندها يلزم أنه لا معنى لها، ولا قيمة لتعدادها أو الدعوة إلى إحصائها، ويترتب على ذلك أيضا رد حديث الصحيحين: (إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا)، كما أن الله أثنى بها على نفسه فقال: (وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)، والجامد لا مدح فيه ولا دلالة له على الثناء، أما مثال ما لم يتحقق فيه الدلالة على الوصف من الأسماء الجامدة ما ورد عند البخاري مرفوعا: (قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَل: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ أُقَلِّبُ الليْلَ وَالنَّهَارَ) [البخاري4549]، فالدهر اسم لا يحمل معنى يلحقه بالأسماء الحسنى كما أنه في حقيقته اسم للوقت والزمن، فمعنى أنا الدهر أي خالق الدهر [فتح الباري10/566]، ويلحق بذلك أيضا الحروف المقطعة في أوائل السور والتي اعتبرها البعض من أسماء الله فلا يصح أن تدعو الله بها فتقول في ألم: اللهم يا ألف ويا لام ويا ميم اغفري لي .
· الشرط الخامس دلالة الوصف على الكمال المطلق
.
والمقصود به أن يكون الوصف الذي دل عليه الاسم في غاية الجمال والكمال فلا يكون المعنى عند تجرد اللفظ منقسما إلى كمال أو نقص أو يحتمل شيئا يحد من إطلاق الكمال والحسن، وذلك الشرط مأخوذ من قوله تعالى: (وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)، وكذلك قوله: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) [الرحمن:78]، فالآية تعني أن اسم الله تنزه وتمجد وتعظم وتقدس عن كل معاني النقص لأنه سبحانه له مطلق الحسن والجلال وكل معاني الكمال والجمال، فليس من أسمائه الحسنى الماكر والخادع والفاتن والمضل والمستهزيء والكايد ونحوها لأن ذلك يكون كمالا في موضع ونقصا في آخر، فلا يوصف الله به إلا في موضع الكمال فقط كما ورد به نص القرآن والسنة .
· ارتباط البحث في الموسوعات الالكترونية بالشروط المنهجية أظهرت مفاجأة لم تكن متوقعة
هذه هي الشروط التي تضمنها قوله تعالى: (وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)، وعندما تتبعت ما ورد في الكتاب والسنة من خلال الموسوعات الإلكترونية واستخدام تقنية البحث الحاسوبية، وما ذكره مختلف العلماء الذين تكلموا في إحصاء الأسماء، والذين بلغ إحصاؤهم جميعا ما يزيد على المائتين والثمانين اسما ثم مطابقة هذه الشروط على ما جمعوه أكثر من مرة، فإن النتيجة التي يمكن لأي باحث أن يصل إليها هي تسعة وتسعون اسما فقط دون لفظ الجلالة، أكرر تسعة وتسعون اسما فقط، وهو إعجاز جديد بتقنية الكمبيوتر يصدق قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث:(إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا)، وقد كانت مفاجأة لي كما هو الحال لدى القارئ، وها هي الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة بأدلتها التفصيلية:
1-الرَّحْمَنُ 2-الرَّحِيمُ: قال تعالى: (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [فصلت:2]، 3-المَلِك 4-القُدُّوسُ 5-السَّلامُ 6-المُؤْمِنُ 7-المُهَيْمِنُ 8-العَزِيزُ 9-الجَبَّارُ 10-المُتَكَبِّرُ: (هُوَ اللهُ الذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الحشر:23]، 11-الخَالِقُ 12-البَارِئُ 13-المُصَوِّرُ: (هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ) [الحشر:24]، 14-الأَوَّلُ 15-الآخِرُ 16-الظَّاهِرُ 17-البَاطِنُ: (هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الحديد:3]، 18-السَّمِيعُ 19-البَصِيرُ: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى:11]، 20-المَوْلَى 21-النَّصِيرُ: (وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) [الحج: 78]، 22-العفو 23-القَدِيرُُ: (فَإِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً) [النساء:149]، 24-اللطيف 25-الخَبِير: (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الخَبِيرُ) [الملك:14]، 26-الوِتْرُ: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مرفوعا: (وَإِنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ) [مسلم 2677]، 27- الجَمِيلُ: حديث ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه مرفوعا: (إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ)[مسلم:91]، 28- الحَيِيُّ 29-السِّتيرُ حديث يَعْلَى بن أمية رضي الله عنه مرفوعا: (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل حَيِىٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ) [صحيح أبي داود:3387]، 30- الكَبِيرُ 31- المُتَعَالُ، قال تعالى: (عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الكَبِيرُ المُتَعَالِ) [الرعد:9]، 32- الوَاحِد ُ33- القَهَّارُ، قال تعالى: (قُل اللهُ خَالقُ كُل شَيْءٍ وَهُوَ الوَاحِدُ القَهَّار ُ) [الرعد:16]، 34- الحَقُّ 35- المُبِينُ، قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ المُبِينُ) [النور:25]، 36- القَوِيُِّ، قال: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) [هود:66]، 37- المَتِينُ،قال تعالى: (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) [الذاريات:58]، 38-الحَيُّ 39-القَيُّومُ:(اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) [البقرة:255]، 40-العَلِيُّ 41-العَظِيمُ،قال تعالى: (وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ) [البقرة:255]، 42-الشَّكُورُ 43-الحَلِيمُ،قال تعالى: (وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ) [التغابن:17]، 44-الوَاسِعُ 45-العَلِيمُ،قال تعالى: (إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة:115]، 46-التَّوابُ 47-الحَكِيمُ،قال تعالى: (وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيم ٌ) [النور:10]، 48-الغَنِيُّ 49-الكَريمُ،قال تعالى: (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) [النمل:40]، 50-الأَحَدُ 51-الصَُّمَدُ، قال تعالى: (قُل هُوَ اللهُ أَحَد اللهُ الصَّمَدُ)، 52-القَرِيبُ 53-المُجيبُ، قال تعالى: (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) [هود:61]، 54-الغَفُورُ 55-الوَدودُ،قال تعالى: (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُود) [البروج:14/15]، 56-الوَلِيُّ 57-الحَميدُ، قال تعالى: (وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) [الشورى:28]، 58-الحَفيظُ، قال تعالى: (وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) [سبأ:21]، 59-المَجيدُ،قال تعالى: (ذُو العَرْشِ المَجِيدُ) [البروج:15]، 60-الفَتَّاحُ، قال تعالى: (وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيم ُ) [سبأ:26]، 61-الشَّهيدُ،قال تعالى: (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [سبأ:47]، 62-المُقَدِّمُ 63-المُؤِّخرُ:حديث ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه مرفوعا: (أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ) [البخاري1069]، 64-المَلِيكُ 65-المَقْتَدِرُ،قال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِر) [القمر:55]، 66-المُسَعِّرُ 67-القَابِضُ 68-البَاسِطُ 69-الرَّازِقُ،حديث أَنَسٍ رضي الله عنه مرفوعا: (إِنَّ اللهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ) [صحيح الجامع 1846]، 70-القَاهِرُ، قوله تعالى: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ) [الأنعام:18]، 71-الديَّانُ: حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ مرفوعا: (يَحْشُرُ اللهُ الْعِبَادَ فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ، أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ) [البخاري 6/2719]، 72-الشَّاكِرُ، قال تعالى: (وَكَانَ اللهُ شَاكِراً عَلِيماً) [النساء:147]، 73-المَنَانُ: حديث أَنَسِ رضي الله عنه مرفوعا وفيه: (لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَنَّانُ) [صحيح أبي داود:1325]، 74-القَادِرُ،قوله تعالى: (فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ القَادِرُونَ) [المرسلات:23]، 75-الخَلاَّقُ، قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيم ُ) [الحجر:86]، 76-المَالِكُ،حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مرفوعا: (لاَ مَالِكَ إِلاَّ اللهُ عَزَّ وَجَل) [مسلم:2143]، 77-الرَّزَّاقُ، قال تعالى: (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) [الذاريات:58]، 78-الوَكيلُ،قال تعالى: (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) [آل عمران:173]، 79-الرَّقيبُ،قال تعالى: (وَكَانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً) [الأحزاب:52]، 80-المُحْسِنُ:حديث شداد بن أوس رضي الله عنه مرفوعا: (إن الله محسن يحب الإحسان) [صحيح الجامع 1824]، 81-الحَسيبُ،قال تعالى: (إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حسِيباً) [النساء:86]، 82-الشَّافِي: حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها مرفوعا: (اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي) [البخاري:5351]، 83-الرِّفيقُ: حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها مرفوعا: (رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ) [البخاري:5901]، 84-المُعْطي: حديث مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ رضي الله عنه مرفوعا: (وَاللهُ الْمُعْطِي وَأَنَا الْقَاسِمُ) [البخاري:2948]، 85-المُقيتُ:قوله تعالى: (وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) [النساء:85]، 86-السَّيِّدُ: حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ رضي الله عنه مرفوعا: (السَّيِّدُ الله) [صحيح أبي داود:4021]، 87-الطَّيِّبُ:حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مرفوعا: (إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا) [مسلم:8330]، 88-الحَكَمُ:حديث شُرَيْحٍ بن هَانِئٍ رضي الله عنه مرفوعا: (إِنَّ اللهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ) [صحيح أبي داود:4145]، 89-الأَكْرَمُ، قال تعالى: (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ) [العلق:3]، 90-البَرُّ،قال تعالى: (إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) [الطور:28]، 91-الغَفَّارُ قال تعالى: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) [ص:66]، 92-الرَّءوفُ،قال تعالى: (وَأَنَّ اللهَ رءوف رَحِيم ٌ) [النور20]، 93-الوَهَّابُ،قال تعالى: (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ) [ص:9]، 94-الجَوَادُ:حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مرفوعا: (إن الله عز وجل جواد يحب الجود) [صحيح الجامع:1744] 95-السُّبوحُ:حديث عَائِشَةَ مرفوعا: (سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ) [مسلم:487]، 96-الوَارِثُ:قوله: (وَإِنَّا لنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُون) [الحجر:23]، 97-الرَّبُّ،قال تعالى: (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [يس:58]، 98-الأعْلى،قال تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) [الأعلى:1]، 99-الإِلَهُ،قال تعالى: (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ لا إِلهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) [البقرة:163] .
هذه تسعة وتسعون اسما هي التي توافقت مع شروط الإحصاء بلا مزيد ثمانية وسبعون اسما في القرآن وواحد وعشرون في السنة، ويجدر التنبيه على أن هذا العدد لا يعنى أن الأسماء الكلية لله عز وجل محصورة فيه فقد جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في دعاء الكرب: (أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ) [السلسلة الصحيحة1/383]، فهذا الحديث يدل على أن العدد الكلى لأسمائه الحسنى انفراد الله عز وجل بعلمه، وما استأثر به عنده لا يمكن لأحد حصره ولا الإحاطة به، أما حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه في ذكر التسعة والتسعين فالمقصود به الأسماء التي تعرف الله بها إلى عباده في الكتاب والسنة وتناسب الغاية من وجودهم .
وتجدر الإشارة إلى أن ترتيب الأسماء الحسنى بأدلتها المذكورة مسألة اجتهادية راعينا في معظمها ترتيب اقتران الأسماء حسب ورودها في الآيات مع تقارب الألفاظ على قدر المستطاع ليسهل حفظها بأدلتها والأمر في ذلك متروك للمسلم وطريقته في حفظها .
وإتماما للفائدة فإنه بعد مراجعة الأسماء المشهورة على ألسنة الناس منذ أكثر من ألف عام تبين أن الأسماء التي وردت فيها ليست تسعة وتسعين اسما بل ثمانية وتسعين لأن لفظ الجلالة هو الاسم الأعظم الذي تضاف إليه الأسماء ويكمل به عند إحصائه مائة اسم كما هو واضح وظاهر من نص الحديث: ( إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا )، كما أن الأسماء الحسنى التي ثبتت بنص الكتاب والسنة في المحفوظ على ألسنة الناس عددها تسعة وستون اسما فقط وهي: الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط السميع البصير الحكم اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الشهيد الحق الوكيل القوي المتين الولي الحميد الحي القيوم الواحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الآخر الظاهر الباطن المتعالي البر التواب العفو الرءوف المالك الغني الوارث، أما الأسماء التي لم تثبت أو توافق شروط الإحصاء فعددها تسعة وعشرون اسما، منها اثنان وعشرون ليست من الأسماء الحسنى ولكنها أفعال وأوصاف لا يصح الاجتهاد الشخصي في الاشتقاق منها وهي: الخافضُ الرَّافِعُ المعزُّ المذِل العَدْلُ الجَلِيلُ البَاعِثُ المُحْصِي المُبْدِيءُ المُعِيدُ المُمِيتُ الوَاجِدُ المَاجِدُ الوَالِي ذُو الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ المُقْسِط المُغْنِي المَانِعُ الضَّارُّ النَّافِعُ البَاقِي الرَّشِيدُ الصَّبُور، وكذلك سبعة أسماء مقيدة لا بد من ذكرها مضافة كما ورد نصها في القرآن وهي: الرَّافِعُ المُحْيِي المنتَقِمُ الجَامِعُ النُّورُ الهَادِي البَدِيعُ .
أما الأسماء المدرجة التي لم تثبت أو توافق ضوابط الإحصاء عند ابن ماجة فعددها تسعة وثلاثون اسما وهي: الْبَارُّ الْجَلِيلُ الْمَاجِدُ الْوَاجِدُ الْوَالِي الرَّاشِدُ الْبُرْهَانُ الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ الْبَاعِثُ الشَّدِيدُ الضَّارُّ النَّافِعُ الْبَاقِي الْوَاقِي الْخَافِضُ الرَّافِعُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْمُقْسِطُ ذُو الْقُوَّةِ الْقَائِمُ الدَّائِمُ الْحَافِظُ الْفَاطِرُ السَّامِعُ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ الْمَانِعُ الْجَامِعُ الْهَادِي الْكَافِي الأَبَدُ الْعَالِمُ الصَّادِقُ النُّورُ الْمُنِيرُ التَّامُّ الْقَدِيمُ .
وبخصوص ما أدرجه عبد العزيز بن حصين عند الحاكم فالأسماء التي لم تثبت فيها أو توافق شروط الإحصاء عددها سبعة وعشرون اسما هي: الحنان البديع المبديء المعيد النور الكافي الباقي المغيث الدائم ذو الجلال والإكرام الباعث المحيي المميت الصادق القديم الفاطر العلام المدبر الهادي الرفيع ذو الطول ذو المعارج ذو الفضل الكفيل الجليل البادي المحيط .
وقد أجرينا دراسة كاملة لكل اسم من الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة تناولت الأدلة التفصيلية على ثبوتها وكيف انطبقت عليها شروط الإحصاء ثم تناولت شرح الأسماء وتفسير معانيها بما ورد في القرآن والسنة وصح عن سلف الأمة، ثم دلالتها على أوصاف الكمال بأنواع الدلالات المختلفة مطابقة وتضمنا والتزاما، وكيف ورد الاسم علما في موضع وورد وصفا لله في موضع آخر ؟ ثم اشتملت على كيفية الدعاء بالأسماء الحسنى دعاء مسألة، وما هو الدعاء القرآني أو الدعاء النبوي الصحيح المأثور في كل اسم من الأسماء بمفرده ؟ وأخيرا تناولت الدراسة كيفية الدعاء بالأسماء الحسنى دعاء عبادة ؟ أو أثر الأسماء الحسنى ومقتضاها على سلوك المسلم وأقواله وأفعاله
Hslhx hggi hgpskn hgehfjm td hg;jhf ,hgskm