شكرا اليك
بارك الله فيكِ
|
بمرتبة, عيش
الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. فهل يوما سألنا أنفسنا هذا السؤال : هل نعيش بهذه المرتبة ،
أم أننا مسلمون ومؤمنون فقط؟ ألسنا محسنون
إن العيش بمرتبة الإحسان هو أن تشعر يقينا حقا بأن الله يراقبك، وهذا يعني أن الله يراك ويسمعك ويحفظ كل تصرفاتك. وإن كنت كذلك فإنك بإذن الله لن تقع في معصية ، وإن هممت بأمر وراقبت الله فإذا كان خيرا مضيت فيه وإذا كان شرا تركته. وهذا يؤدي إلى تقوى الله في السر والعلن ومخافة الله حتى في وحدتك لأن الاختبار الحقيقي هو مقدرة الفرد على تقوى الله وكبح الشهوات عندما يكون الإنسان وحده لا يراه أحد إلا الله سبحانه وتعالى، وإذا نجح الفرد في مراقبة الله وصد نفسه عن الشهوات عمل أكثر لآخرته وانتظر بفارغ الصبر الحساب الأخير لاجتياز آخر مرحلة يوم الحساب ثم الجنة إن شاء الله.
كيف للإنسان أن يخاف من مراقبة الإنسان وأخذ كل الاعتبارات التي يمكن أن توقعه في الخطاء أمامه، مثل رئيس العمل أو المدير في المدرسة أو المدرس عند الطلاب أو الوالدين أو الأخ الكبير أو الأخت الكبيرة؟ أليس من باب أولى أن يكون هذا الخوف والمراقبة والخشية لله الخالق الذي لا تخفى عليه خافية، الذي يسمع دبيب النمل ولا تتشابه عليه الوجوه والأصوات ، الذي قدر الحياة منذ ولادتها وحتى مماتها ومن ثم بعثها من جديد والحساب، الشهيد على كل شيء، الذي يرى في الظلام الحالك، ويلاحظ اللمحة والرمشة؟
لقد وصف نفسه بالرقيب والحسيب والسميع والبصير والحفيظ ألا يجب أن نراقبه في كل تصرفاتنا؟
قال تعالى: (( والله بما تعملون بصير (96) – البقرة ))
قال تعالى: (( إن الله كان على كل شيء حسيبا (86) – النساء ))
قال تعالى: (( إن ربي على كل شيء حفيظ (57) – هود ))
قال تعالى: (( إن الله كان عليكم رقيبا (1) – النساء ))
قال تعالى: (( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم (127)- البقرة)).
لقد دلل الله سبحانه وتعالى عن نفسه في كتابه العزيز بصفاته العلى التي هي منفردة ملك له فكيف لنا ألا نراقب الله ونتيقن حقا بهذا.
ما أروع أن يعيش المرء ويشعر بوجود الله معه فلا يخاف من أي شيء ويكون واثق بشدة بالله الذي سوف يعصمه من أي شيء ويدله على الطريق القويم ويهديه ولا يضيعه. ما أروع أن يعيش المرء وهو يحفظ الله في عقله وقلبه وجوارحه حتى يكون يده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، لا يخشى في الله لومة لائم . وبذلك يزيد في عمل الخير وقول الخير والدلالة على الخير حتى يلاقي الله حقا في الجنة بعد أن حفظه في نفسه طيلة حياته. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف.)
ما أروع أن يعيش الإنسان ويشعر برقابة الله، فإنه لا يستطيع انتهاك حرمات الله ويعمل لآخرته بإخلاص ودون خوف من الذنب بإذن الله لأنه لن يرضى بالمعصية، والعيش بدون معصية وخشية الله وتقوى الله تبعد هموم الدنيا الزائلة الفانية من قلب الإنسان ويبقى في معية الله قال تعالى: (( هو معكم أين ما كنتم ))، ويحيا برضا الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إن الله تعالى يغار، وغيرة الله تعالى أن يأتي المرء ما حرم الله عليه ). وهكذا على كل مسلم مؤمن بالله أن يوقن بمراقبة الله له وعلمه بكل شيء في أنفسنا وفي هذا الكون، قال تعالى: (( الذي يراك حين تقوم (219) وتقلبك في الساجدين )) – الشعراء، وقال تعالى: (( إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء )) – آل عمران، وقال تعالى: (( إن ربك لبالمرصاد )) – الفجر، قال تعالى: (( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور)).
حلاوة العيش بمراقبة يجعل الإنسان حميد الأخلاق، محبوبا من الله ومن الناس. حلاوة العيش بمراقبة الله يجعل الإنسان واثقا صبورا لأنه يعلم أن الله هو العليم. حلاوة العيش بمراقبة الله يجعل الإنسان عزيزا، لأنه لن يسأل ولن يطلب ولن يستعين ولن يذل إلا لله، لأن الشكوى لغير الله مذلة. حلاوة العيش بمراقبة الله يجعل الإنسان ينام وهو واثق بأنه بين يدي الله ويصحو وهو واثق أنه بين يدي الله. حلاوة العيش بمراقبة الله يجعل الإنسان متواضع لأنه
يعلم أن الكبرياء لله. حلاوة العيش بمراقبة الله يجعل الإنسان ينتظر الموت بسرور رجاء للقاء الله في الجنة والثواب العظيم.
ويتم الشعور بهذا الإحساس كالتالي من تجربة شخصية:-
1- التوبة إلى الله.
2- البحث في أسماء الله : (( السميع والبصير والحفيظ والحسيب والرقيب )).
3- قراءة القرآن المتواصلة.
4- المداومة على الصلاة والسنن وكل النوافل.
5- المداومة على الأذكار.
6- محاسبة النفس يوميا قبل النوم.
7- الصحبة الصالحة.
أرجو من الله العلي القدير أن يهدي المسلمين والمسلمات إلى العيش في أعلى مرتبة وهي مرتبة الإحسان ويتذوقون حلاوة العيش بمراقبة الله.
هذا الموضوع كتبته من تجربة شخصية وقد أحسست فعلا هذه الحلاوة، وقد بحثت في الأدلة وتابعت البرامج الدينية لتوسيع المعلومات الكتابية حتى تكون أكثر إقناعا.
وأسأل الله الإفادة، والله على ما أقول شهيد.
وجزاكم الله خير
منقوووووولuda flvjfm hghpshhhhhhhhhhk
شكرا اليك
بارك الله فيكِ
حيااااااااااااااااااااااااك الله انرت متصفحي
جزاك الله خيرا
وبارك الله في هذه الجهود القيمه.
الاعتداد بالدين، والإفتخار والتمسك بسنة سيد المرسلين، وبغض الكفرة والمنافقين والمبتدعين، وعدم التشبه بهم، سر ظهور هذا الدين وبقائه: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة وهم على ذلك"، ولا يتم ذلك إلاّ بمخالفة الكفار في المخبر والمظهر، إذ مخالفتهم قربى وعبادة، حيث أمرنا بمخالفة اليهود والنصارى ونحوهم في أكثر من ستين حالة وهيئة.
الأمور التي تتعين فيها مخالفة الكفار
مخالفة الكفار واجبة في المخبر والمظهر سيما:
1. الهدي والسمت، لأن الهدي الصالح والسمت الصالح جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة.
2. التحدث برطاناتهم إلاّ عند الضرورة ـ والتزام العربية الفصحى.
3. في الأعياد، فليس للمسلمين إلاّ عيدان سنويان هما الفطر والأضحى، وعيد أسبوعي هو الجمعة.
4. العمل بتقاويمهم والعمل بالتقويم القمري الغروبي، سيما في الصوم، والحج، والعدد، والكفارات، وصرف المرتبات، والتأريخ، لأن عزة الأمة في إعتدادها بمظهرها، ولغتها، وتاريخها، وتراثها، ولهذا لا يحل العمل بالتقويم الشمسي إلاّ في معرفة أوقات الصلوات.
قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: "إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً" الآية1: (هذه الآية تدل على أن الواجب تعليق الأحكام من العبادات وغيرها إنما يكون بالشهور والسنين التي تعرفها العرب2، دون الشهور التي تعتبرها العجم والروم والقبط، وإن لم تزد على اثني عشر شهراً، لأنها مختلفة الأعداد، منها ما يزيد على الثلاثين، و منها ما ينقص، وشهور العرب لا تزيد على الثلاثين وإن كان منها ما ينقص، والذي ينقص ليس يتعين له شهر، وإنما تفاوتها في النقصان والتمام على حسب اختلاف سير القمر في البروج)3.
ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا، وعقد الإبهام في الثالثة، والشهر هكذا وهكذا وهكذا، يعني تمام الثلاثين"4.
وقال: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدد"5.
ينبغي للمسلمين أن يلتزموا بذلك ولو أصبحوا كلهم كتاباً حاسبين لأن الإسلام دين الفطرة .
قال أبو العباس القرطبي المالكي في "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم"6: (قوله صلى الله عليه وسلم "إنا أمة أمية."، أي لا نكلف في تعرف مواقيت صومنا وعبادتناما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة، وإنما ربطت عباداتنا بأعلام واضحة، وأمور ظاهرة، يستوي في معرفة ذلك الحساب وغيرهم، ثم تمم هذا المعنى وكمله حيث بينه باشارته بيديه7، و لم يتلفظ بعبارة عنه نزولاً إلى ما يفهمه الخرس8 والعجم، وحصل من إشارته ثلاث مرات، أن الشهر يكون ثلاثين، ومن خنسه ابهامه في الثالثة: أن الشهر يكون تسعاً وعشرين. وعلى هذا الحديث من نذر أن يصوم شهراً غير معين، فله أن يصوم تسعاً وعشرين).
وعليه يحرم على الحاسب، والمنجم، ومن يعرف منازل القمر أن يصوم أويفطر بذلك دون الرؤية أويصّوم غيره فإن فعل فلا يجزئه .
قال الإمام النووي رحمه الله :( لا يلزم الحاسب ولا المنجم ولا غيرهما بذلك، لكن يجوز لهما دون غيرهما، ولا يجزئهما عن فرضهما)9.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية الفلكي الحاسب رحمه الله: (فإننا نعلم بالا ضطرار من دين الاسلام أن العمل في رؤية هلال الصوم، أوالحج، أوالعدة، أوالإيلاء، أوغير ذلك من الأحكام المتعلقة بالهلال، بخبر الحاسب أنه يُرى أولا يُرى لا يجوز.
والنصوص المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كثيرة، وقد أجمع المسلمون عليه، ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلاً، و لا خلاف حديث إلاّ أن بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة زعم أنه إذا غم الهلال جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب، فإن كان الحساب دل على الرؤية صام وإلاّ فلا، وهذا القول وإن كان مقيداً بالإغمام ومختصاً بالحاسب فهو شاذ، مسبوق بالإجماع وعلى خلافه، فأما اتباع ذلك في الصحو، أوتعليق عموم الحكم العام به فما قاله مسلم)10.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية11 وقد سئلت عن جواز العمل في الصوم بالحساب الفلكي: (أولاً – القول الصحيح الذي يجب العمل به هو ما دل عليه قوله صلى الله عليه و سلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة"، من أن العبرة في بدء شهر رمضان – وشوال - وانتهائه برؤية الهلال، فإن شريعة الإسلام التي بعث الله بها نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم عامة خالدة مستمرة إلى يوم القيامة.
ثانياً: أن الله تعالى علم ما كان وما سيكون من تقدم علم الفلك وغيره من العلوم، ومع ذلك قال: "فمن شهد منكم الشهر فليصمه"، وبينه رسوله بقوله: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" الحديث، فعلق صوم شهر رمضان والإفطار منه برؤية الهلال، ولم يعلقه بعلم الشهر بحساب النجوم، مع علمه تعالى بأن علماء الفلك سيتقدمون في علمهم بحساب النجوم وتقدير سيرها، فوجب على المسلمين المصير إلى ما شرعه الله لهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من التعويل في الصوم والإفطار على رؤية الهلال، وهو كالإجماع12 من أهل العلم، ومن خالف في ذلك وعول على حساب النجوم فقوله شاذ لا يعول عليه).
ã
الخلاصة
وعليه فإنه لا يحل لإمام المسلمين ولا لغيره، من قاضٍ، أومجلس فتوى أن يصوِّم المسلمين أويفطِّرهم بالحساب، فإن فعل ذلك فقد باء بإثمهم وتحمل وزرهم، ولا يجزئ صومهم هذا، سواء كان الجو صحواً أم لا.
ولا ينبغي لمسلم أن يطيع أحداً في ذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ã
والدليل على ذلك ما يأتي:
أولاً: القرآن الكريم
قوله تعالى: "إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً" الآية.
وقوله: "فمن شهد منكم الشهر فليصمه" الآية.
ثانياً: السنة
قوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" الحديث.
ثالثا: الإجماع
حيث أجمع أهل السنة قاطبة ـ إلا من شذ ـ أهل الحق والعدل على ذلك، ولم يعمل بالحساب إلا أهل الأهواء الرافضة، فبئس حال ومآل من اتخذ الرافضة قدوة له.
وأخيراً نقدم للمتساهلين في هذه المسألة المتهاونين فيها موقف الإمام الشهيد البطل قاضي قضاة مدينة برقة في عهده محمد بن الحُبُلي رحمه الله، الذي رفض أن يفطِّر الناس بالحساب ويتقلد إثمهم ويبوء بوزرهم، وإن أدى ذلك إلى استشهاده رحمه الله:
قال الإمام الذهبي رحمه الله: (الإمام الشهيد قاضي مدينة برقة محمد بن الحُبُلي أتاه أمير برقة ـ عندما كانت تحت وطئة الرافضة ـ فقال: غداً العيد؛ قال: حتى نرى الهلال، ولا أفطر الناس وأتقلد إثمهم؛ فقال: بهذا جاء كتاب المنصور13؛ وكان هذا رأي العبيدية يفطِّرون بالحساب، ولا يعتبرون رؤية، فلم ير الهلال، فأصبح الأمير بالطبول والبنود وأهْبَة العيد، فقال القاضي: لا أخرج ولا أصلي؛ فأمر الأمير رجلاً خطب، وكتب بما جرى إلى المنصور، فأمر، فعُلِّق في الشمس إلى أن مات، وكان يستغيث من العطش، فلم يسق، ثم صلبوه على خشبة، فلعنة الله على الظالمين)14 مصحوبة بغضب رب العالمين على الرافضة أجمعين إلى يوم الدين.
قلت: لو كان لهذا الإمام سعة أن يفطر الناس بالحساب لما جاز له أن يفضل القتل عليها، ولأخذ بها لعلمه أن هؤلاء الخبثاء سيقتلونه قطعاً إذا خالف باطلهم، كما قتلوا أسلافه من أئمة أهل السنة المالكيين على يد هؤلاء الطغاة المارقين.
قال الذهبي الحافظ الكبير والمؤرخ القدير: (قال أبو الحسن القابسي صاحب "الملخَّص"15: إن الذين قتلهم عبيد الله الرافضي الشيعي وبنوه أربعة آلاف في دار النحر في العذاب من عالم وعابد ليردوهم على الترضي عن الصحابة، فاختاروا الموت، فقال سهل الشاعر:
وأحل دار النحر في أغلاله من كان ذا تقوى وذا صلوات
ودفن سائرهم في "المنستير" وهو بلسان الفرنج المعبد الكبيـر، وكانت دولة هذا بضعاً وعشرين سنة).16
وما فعله الشيعة الرافضة المتسمين بالقرامطة بالمسلمين بالمشرق في ذلك العهد فاق ما فعله إخوانهم في الضلال بالمغرب الإسلامي، كما بين ذلك المؤرخان المحدثان الذهبي وابن كثير.
يقول الذهبي في ترجمة القرمطي17 هذا: (عدو الله ملكُ البحرين أبو طاهر القرمطي الذي سار إلى مكة 317هـ ، فاستباح الحجيج كلَّهم في الحرم، واقتلع الحجر الأسود، في سبعمائة فارس، فاستباح الحجيج كلهم في الحرم، واقتلع الحجر الأسود، وردم زمزم بالقتلى، وصعد على عتبة الكعبة يصيح:
أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا
فقتل في سكك مكة وما حولها زهاء ثلاثين ألفاً، وسبى الذرية، واقام بالحرم ستةأيام، بذل السيف في سابع ذي الحجة ولم يُعَرِّف أحد ـ لم يقف أحد بعرفة ولم يحج ـ تلك السنة. دخل القرمطي سكران على فرس، فصفر له فبال عند البيت، وضرب الحجر بدُبوس هَشَّمه ثم اقتلعه، وأقاموا بمكة أحد عشر يوماً، وبقي الحجر الأسود عندهم نيفاً وعشرين سنة).
نقدم ذلك للمخدوعين بالدعايات الشيعية، والتقية الرافضية، الداعين إلى التقارب بين اللاعنين لكبار الصحابة، السابين لخيارهم، القاتلين للمترضين عليهم.
وفق الله المسلمين للعمل بكتابه، والتمسك بسنة نبيه، وعصمهم من تقليد الكفار والتشبه بهم، المفضي بهم إلى غضب الجبار، والحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين
رمضان هو شهر القرآن: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن"1.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إنه أنزل جملة واحدة من اللـوح المحفــوظ إلى بيت العزة في ليلة القدر، ويشهد لذلك قول تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة القدر"2، وقوله: "إنا أنزلناه في ليلة مباركة".3
ولهذا كان جبريل عليه السلام يدارس الرسولَ صلى الله عليه وسلم القرآنَ في كل رمضان مرة، وفي السنة التي مات فيها عليه الصلاة والسلام دارسه القرآن مرتين، قالت فاطمة رضي الله عنها: "إن أباها أخبرها أن جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن في كل عام مرة، وأنه عارضه في عام وفاته مرتين"4، وعن ابن عباس: "أن المدارسة بينه وبين جبريل كانت ليلاً".
وكان هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام والسلف العظام الإكثار من قراءة القرآن وتلاوته في الصلاة وخارج الصلاة في رمضان، وكان من أراد الإطالة في القراءة في الصلاة في القيام صلى وحده وبمن يطيق.
وإليك نماذج من هديهم في ذلك:
أ. الرسول صلى الله عليه وسلم
في الصلاة
كان يطيل القراءة في قيام رمضان بالليل أكثر من غيره، كما حكى عنه حذيفة رضي الله عنه وقد صلى معه ليلة: "فقرأ بالبقرة، ثم النساء، ثم آل عمران، لا يمر بآية تخويف إلا وقف وسأل، قال: فما صلى الركعتين حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة"5، وذلك لأن ركوعه وسجوده في كل ركعة كان قريباً من قيامه.
وصح عن أبي ذر رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بهم ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل، وليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، فقالوا: لو نفلتنا بقية ليلتنا؟ فقال: إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له بقية ليلته".6
خارج الصلاة
كان يعرض على جبريل القرآن في ليالي رمضان.
ã
ب. هدي السلف الصالح
في الصلاة
o كان بعض السلف يختم في قيام رمضان في ثلاث ليالٍ.
o وبعضهم في سبع، منهم قتادة.
o وبعضهم في عشر، منهم أبو رجاء العطاردي.
خارج الصلاة
كان الأسود بن يزيد رحمه الله يقرأ القرآن في كل ليلتين في رمضان.
وكان للإمام الشافعي ختمتان في كل يوم سوى الصلاة.
وكان النخعي يختم في كل ثلاث ليال في العشرين الأول من رمضان، وفي العشر الأواخر يختم في ليلتين سوى الصلاة.
وكان لأبي حنيفة كذلك ستون ختمة في رمضان.
وكان الزهري إذا دخل رمضان قال: فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام.
وكان مالك كما قال ابن عبد الحكم: إذا دخل رمضان نفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن في المصحف.
وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن.
وكانت عائشـة رضي الله عنها تقرأ في المصحف أول النهار في شهر رمضان، فإذا طلعت الشمس - أي ارتفعت - نامت.
وكان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف، وجمع إليه أصحابه.
ã
تنبيه
النهي عن الختم في أقل من ثلاثة أيام هذا في غير رمضان، أما في رمضان خصوصاً العشر الأواخر منه وفي الأماكن المقدسة نحو مكة والمدينة فيستحب الإكثار من تلاوة القرآن، وذلك لشرف الزمان والمكان.
هذا ما ذهب إليه الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وغيرهم، ويدل عليه هديُهم.
ومن أهل العلم من قال إن النهي عام، منهم الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، حيث قال: (بعض السلف قال: إنه يستثنى من ذلك أوقات الفضائل، وأنه لا بأس أن يختم في كل ليلة، كما ذكروا هذا عن الشافعي وغيره، ولكن ظاهر السنة أنه لا فرق بين رمضان وغيره، وأنه ينبغي له أن لا يعجل، وأن يطمئن في قراءته، وأن يرتل كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو فقال: "اقرأه في سبع"، هذا آخر ما أمر به، وقال: "لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث"، ولم يقل إلا في رمضان، فجعل بعض السلف هذا على غير رمضان محل نظر).7
قلت: يؤيد استثناء رمضان خاصة العشر الأواخر منه والأماكن المقدسة من هذا النهي فعله صلى الله عليه وسلم، حيث كان إذا دخل العشر الأول: "شد مئزره، وأيقظ أهله، وأحيى ليله"، كما صح بذلك الخبر، وما كان يصنع هذا في غير هذه الليالي من العام، والله أعلم.
وظيفة الشيطان وأوليائه الأساسية حرف الناس عن الصراط المستقيم، والسنن القويم: "قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين. إلا عبادك منهم المخلصين"، وذلك بإماتة السنن وإحياء البدع، إذ لا تحيى بدعة إلا إثر إماتة سنة.
وقد حذر رسول الإسلام من الابتداع في دين الله ما لم ينزل به سلطاناً تحذيراً شديداً، وخوف من ذلك تخويفاً عظيماً، فقال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وفي رواية: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، أي عمله هذا مردود عليه لا يقبله الله بل يُعاقب عليه.
وحَمَّل المبتدع الأول وزر المقلدين إلى يوم القيامة: "ما من نفس تُقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها لأنه أول من سن القتل"، وقال: "من سنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أوزراهم شيئاً"، وكل هذا في الصحيح.
والبدع كلها سيئة وضلال بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة"، ولا يرد على ذلك تحكم البعض بتقسيمهم البدع إلى حسنة وقبيحة لأنه يقوم على التحسين والتقبيح العقليين وعلى الهوى.
ولو يعلم الناس خطورة الابتداع والإحداث في الدين لفروا منه فرارهم من الأسد.
ومما يؤسف له أن يصبح مصدر كثير من الأعمال التقليد للآباء والأسلاف: "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون".
ونسي هؤلاء أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يقبضه ربه إلا بعد أن أكمل الله على يديه الدين، وأتم عليه النعمة، وترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، ولهذا قال مالك الإمام: "ما لم يكن في ذلك اليوم ديناً فلن يكون اليوم ديناً"، و"لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها"، فمن لم يسعه ما وسع الصحابة والتابعين والسلف الصالحين فلا وسَّع الله عليه.
ومما يحز في النفس ويدعو إلى الأسى جرأة البعض على منكري البدع، وشن حملة شعواء عليهم، وانتقاصهم، ورميهم بالغلو والتشدد، وهم أولى بالذم وبالعقوبة، وبالتعزير والتأديب.
ما من عبادة من العبادات إلا وأصبحت منغصة ومكدرة بعدد من البدع المنكرات، والحوادث، والمخالفات.
وبعد
فهذه بعض البدع التي اخترعها عدو الله إبليس على أوليائه، ونشرها بين العامة، وأفرحهم بها وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
من تلكم البدع الرمضانية ما يأتي:
ã
ما يتعلق بثبوت الأهلة
1. الصيام والفطر بالحساب، الذي هو شعار الرافضة وأهل الأهواء، على الرغم من تحذير أهل العلم قديماً وحديثاً من ذلك، حيث قرروا أن من صام وأفطر بالحساب لم تبرأ ذمته، ولو كان الحاسب نفسه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته".
2. عدم تحري رؤية الهلال، وكان السلف يتحرون ذلك.
ã
ما يتعلق بالسحور منها
1. ترك البعض للسحور بالكلية، على الرغم من الأمر به: "تسحروا فإن في السحور بركة"، وفي ذلك إماتة لهذه السنة.
2. تقديم البعض له والسنة تأخيره: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور".
3. إمساك البعض عملاً ببعض التقاويم والإمساكيات عن الأكل والشرب قبل حين من طلوع الفجر، وقد أباح الله الأكل والشرب إلى طلوع الفجر: "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر".
4. التنبيه والتسحير – وهو أقبح الجميع، سواء كان بالقول، نحو: "تسحروا فإن في السحور بركة"، أوببعض الأذكار، أوبضرب الطبول وجوبان الشوارع بذلك، ويتضمن ذلك عدة مخالفات شرعية بجانب بدعيته، منها:
تقديم السحور.
ومنها إزعاج النائمين.
وقد يكون ذلك سبباً لتفويت السحور بل صلاة الصبح على البعض.
وكلها مخالفات شرعية.
قال ابن الحاج المالكي1 رحمه الله: (اعلم أن التسحير لا أصل له في الشرع الشريف، ولأجل ذلك اختلفت فيه عوائد أهل الإقليم، فلو كان من الشرع ما اختلفت فيه عوائدهم.
وقال: وينهى المؤذنين عما أحدثوه في شهر رمضان من التسحير لأنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أمر به، ولم يكن من فعل من مضى، والخير كله في الاتباع لهم كما تقدم، سيما وهم يقومون إلى التسحير بعد نصف الليل.
إلى أن قال:
وكذلك ينبغي أن ينهاهم الإمام عما أحدثوه من صفة الصلاة والتسليم على النبي عند طلوع الفجر.
وقال:
ومنهم من يُسَحِّر بالآيات والأذكار، ومنهم من يسحر بالطبلة والشبابة والغناء، ومنهم من يسحر بالبوق والنفير، وكلها بدع، وبعضها أشنع من بعض، ورد على من يقول أنها بدعة مستحسنة).
وقال الحطاب في مواهب الجليل2: (وفي النوادر قال علي بن زياد عن مالك: وتنحنح المؤذن في السحر محدث، وكرهه).
ã
الأذان الأول
تقديه والزيادة عن ألفاظ الأذان المشروعة كما يفعل بعض المؤذنين، والسنة ألا يزيد الوقت بين الأذان الأول والثاني عن خمس أوعشر دقائق، فقد صح أن الفرق بين أذان بلال الأول وأذان ابن أم مكتوم الثاني أن يطلع هذا المنارة وينزل هذا، ولا يزيد حرفاً عن الألفاظ المأثورة.
ã
الفطر
1. تأخير الفطر بعد غروب الشمس، بل بعد أذان المغرب كما يفعل البعض، وفي ذلك مخالفة صريحة لهديه صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "إذا أدبر النهار من هاهنا وأقبل الليل من هاهنا فقد أفطر الصائم"، أكل وشرب أم لم يأكل ولم يشرب.
2. المبالغة في إعداده والإسراف فيه.
ã
صلاة القيام
البدع المتعلقة بصلاة القيام منها:
1. التخفيف المخل بحيث لا تستغرق ربع ساعة أوثلث ساعة مع العشاء، ويتخلل ذلك دعاء وأذكار، بل يكتفي البعض بقراءة آيتين في الركعة الأولى وآية في الركعة الثانية، بل يكتفي البعض بقوله: "مدهامتان"، ويكتفي جُلُّ الأئمة بقراءة الإخلاص في الركعة الثانية.
2. ما يتخلل صلاة التراويح من قراءة بعض السور، كالإخلاص ثلاث مرات، وبعض الآيات، والصلاة على الرسول، والاستغفار بصورة جماعية، وكل هذا ليس له أصل في الدين، ولا يُقرب من رب العالمين، ولا يُرضي رسوله الكريم، وفي بعض المساجد قد تستغرق هذه المحدثات أكثر من وقت الصلاة نفسها.
3. التفتيش والهجرة إلى بعض المساجد وترك المساجد المجاورة، وفي ذلك مخالفة للسنة.
4. تحريك ونقل بعض الأئمة من مسجد إلى مسجد، بحيث يصلي ركعتين في مسجد، وركعتين في مسجد آخر، وربما ركعتين في ثالث، وفي ذلك مخالفة للسنة، ومدعاة للرياء والسمعة للأئمة والمأمومين إلا من رحم ربك.
5. رفع الصوت في المساجد بعد الفراغ من الصلاة والصخب بالسلام وغيره.
ã
القنوت ودعاء ختم القرآن
1. الإطالة فيهما، وقد تصل مدتهما في بعض المساجد إلى قريب الساعة كما هو الحال في الحرمين الشريفين.
2. تكلف السجع والإكثار منه.
3. الاعتداء في الدعاء فيهما.
4. المداومة عليه في كل رمضان، والأفضل أن يترك في بعض الأحيان.
وكل هذا خلاف ما كان عليه السلف الصالح ونهى عنه الأئمة الأعلام، وإن استلطفه العوام.
ã
الاعتكاف في العشر الأواخر
1. ترك غالبية المسلمين له ولم يتركه نبيهم منذ هاجر إلى المدينة إلى أن توفاه الله، فهو سنة مؤكدة.
2. تكدس بعض المعتكفين في عدد قليل من المساجد، مع منافاة ذلك لغرض الاعتكاف وهو الخلوة الشرعية.
3. دعوى البعض أن الاعتكاف لا يجوز إلا في المساجد الثلاثة.
4. عدم تقيد البعض بآداب وأحكام الاعتكاف.
ã
زكاة الفطر
من البدع المنكرة التي أحدثها البعض واستمرأها الجل في السنوات الأخيرة هذه إخراج زكاة الفطر نقداً، والأصل أن تخرج من غالب قوت أهل البلد، وهذا مذهب الأئمة الأربعة إلا أبا حنيفة، فقد أجاز إخراجها نقداً، ولا حجة لأحد مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال أحمد لمن قال له: أجاز عمر بن عبد العزيز إخراجها نقداً: (أقول لك رَوَى ابنُ عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر، أوصاعاً من شعير"، وتقول أجاز عمر بن عبد العزيز إخراجها نقداً؟!!!).
فمن أخرجها نقداً لم تبرأ ذمته منها، حتى قال ابن القيم: (من كان طعامهم سمكاً أولبناً أخرجوها من السمك واللبن).
والله أسأل أن يؤلف بين قلوب المسلمين ويهديهم سبل السلام، ويجنبهم الفتن والآثام، وأن يردهم إليه رداً جميلاً، وأن يعصمهم من الابتداع في الدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على رسول الإسلام، ونبي الملحمة، وخاتم الرسل الكرام، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم، ما ناح قمري وغرد حمام.
ã
الزكاة ركن من أركان الإسلام، وفرض من فروضه، فمن أنكر وجوبها فقد كفر، ومن منع أداءها قوتل حتى تؤخذ منه عَنْوة، وإن أدى ذلك إلى قتله، وهي أخت الزكاة، ولهذا قرن الله بين الصلاة والزكاة في العديد من الآيات: "وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ"1، ولذات السبب قال أبوبكر رضي الله عنه عندما منع البعض إخراج زكاتهم: "والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة".
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (ثلاثة لا تقبل إلا بثلاثة، قال تعالى: "وَأَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ"2، فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل الله طاعته، وقال: "أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ"3، فمن شكر لله ولم يشكر لوالديه لا يقبل الله شكره، وقال: "وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ"4، فمن أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة لا تقبل له صلاة)، أوكما قال.
لهذا يجب وجوباً عينياً لمن ملك النصاب في أي مال من الأموال التي تجب فيها الزكاة أن يتعلم أحكام الزكاة، هذا بجانب وجوب تعلمه لأحكام البيوع إن كان يشتغل بالتجارة، وبأحكام المزارعة إن كان يشتغل بالزراعة.
لقد توعد الله عز وجل مانعي الزكاة وعيداً شديداً، وحذرهم تحذيراً مفزعاً، وبشرهم تبشيراً مخيفاً: "وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ5 الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ"6.
وقال رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم فيما صح عن أبي هريرة رضي الله عنه: "من آتاه الله مالاً7 فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع8 له زبيبتان9 يُطوَّقه10 يوم القيامة، ثم يأخذ بلهْزمتيه – يعني شدقيه – ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا: "وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"11 الآية.12
ã
والأموال التي تجب فيها الزكاة هي:
النقدان الذهب والفضة، وما حل محلهما من العُمَل، ونصابها بالعملة السودانية مليونان من الجنيهات فأكثر، أوما يعادل قيمة 85 جراماً من الذهب.
السائمة من بهيمة الأنعام، وهي الإبل، والبقر، والغنم.
الحبوب، وهي كل ما يُكال ويدخر ويقتات، كالقمح، والشعير، والأرز، والذرة، ونحوها، والقطاني نحو الفول، والعدس، والفاصوليا، واللوبيا، والترمس، وما شاكلها.
أما الثمار فهي قاصرة على التمر والعنب فقط.
عروض التجارة، وهي كل ما أعد للبيع والشراء.
المعادن، سيما الذهب والفضة.
الركاز، وهو ما وجد مدفوناً من الذهب والفضة ونحوهما، وما سواها فلا تجب فيه الزكاة.
وهذه الأموال لا تجب فيها الزكاة إلا إذا توفرت فيها شروط، وهي:
إكمال النصاب.
وحولان الحول، إلا في الحبوب والثمار والمعادن.
تمام الملك.
القابلية للنماء.
واعلم أخي المسلم أن التعدي في الزكاة بأخذ الزكاة من أموال لم يوجب الشارع فيها الزكاة لا يقل إثماً عن منعها، ولهذا حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذاً وقد بعثه إلى اليمن: "وإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنها ليست بينها وبين الله حجاب" الحديث.
ã
ومن أنواع المال التي لا تجب فيها الزكاة ما يأتي:
المعلوفة من بهيمة الأنعام، إذ السوم شرط في وجوب الزكاة فيها، وما ذهب إليه مالك مرجوح، لقوله صلى الله عليه وسلم: "وفي سائمة الغنم" الحديث.
المرتبات مهما بلغت.
الفواكه، والخضر، والبقوليات بجميع أصنافها، وما ذهب إليه أبو حنيفة من إيجاب الزكاة في كل ما أخرجته الأرض مردود بالسنة العملية، إذ لم يأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم منها زكاة، ولا خلفاؤه الراشدون، وقد كان الطائف ينتج منها الكم الهائل، ولهذا رجع أبو يوسف إلى قول مالك في هذا، وقال: لقد رجعت إلى قولك يا أبا عبد الله، ولو سمع صاحبي ما سمعت لرجع كما رجعت.
المال المستفاد ما لم يكن عند صاحبه أصله الذي بلغ النصاب، ولهذا كان أبو بكر رضي الله عنه إذا جاء أحد لأخذ عطائه سأله: ألك مال بلغ النصاب؟ فإن قال: نعم، أخذ زكاته من عطائه، وإلا أعطاه عطاءه كاملاً.
قصب السكر والقطن.
العلف كالبرسيم، والقصب، ونحوها.
الحلي المعد للزينة، بالغاً ما بلغ في أرجح قولي العلماء: مالك، والشافعي، ورواية عن أحمد.
أصول الأموال، مثل المصانع، والعقار، والحافلات، ونحو ذلك.
ما أعد للقنية، أي للاستعمال الخاص وليس للبيع والشراء.
ما اشتري من العقار والسيارات ونحوها، لا على البائع ولا على المشتري.
أصحاب المهن والحرف، إلا إذا حال عليهم الحول وبلغ فائض دخلهم النصاب.
الأموال الموقوفة على الفقراء والمساكين، وسبل الخير المختلفة.
هذا ما عليه العامة من أهل العلم، وما سواه شذوذ وزلات لا ينبغي الالتفات إليها، ولا يحل الأخذ بها، "فمن تتبع رخص العلماء وزلاتهم تزندق أوكاد، وتجمع فيه الشر كله".
وليحذر الموظفون والعمال المقدرين للزكاة والجابين لها من تلك المقولة: "أنا عبد المأمور"، إذ لا طاعة إلا في المعروف، وليتذكر أنه عبد الله، ولو أمره هذا المأمور بما فيه إجحاف بنفسه أوبمن له به صلة لما نفذ هذا الأمر.
بعد هذه المقدمة والتوطئة التي يغفل عنها كثير من الناس، سيما ونحن مقبلين على شهر رمضان – نسأل الله أن يبلغنا إياه وإياكم – وكان السلف يستحبون إخراج زكاتهم فيه، وإن كان كل إنسان له شهر زكاة خاص به، أحببت أن أنبه نفسي وإخواني المسلمين على ما سبق، ندلف إلى موضوعنا، وهو بيان ما يضم من الأموال بعضها إلى بعض في الزكاة لإتمام النصاب.
فأقول وبالله التوفيق:
ã
ما يُضمُّ بعضُه إلى بعض في إكمال النصاب في الزكاة وما لا يُضمّ
أولاً: الذهب والفضة، والعُمَل التي حلت محلهما
1. يضم الذهب بعياراته المختلفة إلى الفضة كذلك بأنواعها المختلفة، سواء كان ذلك بعينها أوقيمتها.
2. العُمَل المختلفة، فمن كان يملك أنواعاً مختلفة من العُمَل نحو الجنيه السوداني، الريال السعودي، الدولا، اليورو، ضم بعضها إلى بعض وأخرج من جميعها الزكاة.
3. قيمة عروض التجارة المعدة للبيع، أما ما أعد للاستثمار والاحتكار فلا يقوم سنوياً، وكذلك أصول الأموال والعقار، لكن إذا باعها أوشيئاً منها أضاف ذلك إلى ما عنده وأخرج الزكاة من الجميع.
4. الدَّيْنُ المضمون، وهو ما كان على مليء – غني – مقر، أما إن كان الدَّين على معسر أوجاحد فلا يُزكى إلا عند قبضه ولو بعد سنين لعام واحد.
هذه الأموال كلها يضاف بعضها إلى بعض، ويخرج الزكاة من مجموعها، بعملة واحدة أوبعُمَل مختلفة.
ã
ثانياً: بهيمة الأنعام
يضم ما يأتي:
1. البقر والجاموس صنف واحد.
2. الماعز والضأن صنف واحد.
3. جميع أنواع الإبل صنف واحد.
4. مال الخلطاء، سواء كانت الخلطة خلطة أعيان، وهي على الشيوع، أوخلطة أوصاف لكل خليط أنعامه المعلومة، إذا توفرت فيها هذه الشروط:
إذا كان الخلطاء من أهل الزكاة مسلمين كلهم.
اتحد الخلطاء في المسرح، والمرعى، والمحلب، والفحل، والمبيت.
فإنها تجعل مال الخلطاء كمال الرجل الواحد، وتؤثر في وجوب الزكاة ومقدارها سلباً وإيجاباً، ولهذا نهى الشارع عن التفرق أوالضم عند مجيء المصدق هروباً من الزكاة بالكلية أوإنقاصاً لقدرها، لا فرق في بهيمة الأنعام بين المهجنة المحسنة والمحلية، فالكل سواء ويكمل بعضه بعضاً في النصاب.
ã
ثالثاً: الحبوب والثمار
يضم منها الآتي:
1. جميع أنواع التمر جيده ورديئه صنف واحد.
2. جميع أنواع العنب صنف واحد.
3. الذرة بأنواعها المختلفة صنف واحد.
4. الأرز بأنواعه المختلفة صنف واحد.
5. القمح بأنواعه المختلفة صنف واحد.
6. القمح والشعير بأنواعهما المختلفة يضم بعضها إلى بعض عند مالك، وهذا هو الراجح، وأبى ذلك الشافعي.
7. أنواع القطاني13 كالبسلة، والجلبان، والترمس، والحمص، والفول، والعدس.
قال ابن عبد البر بعد أن ذكر أنواع الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة عند العامة من أهل العلم، سيما مالك والشافعي رحمهما الله: (هذه الحبوب التي تقتات وتدخر تجب فيها الزكاة عند مالك والشافعي، وإنما اختلفا في شيئين، أحدهما أن مالكاً يقول: إن القطاني يضم بعضها إلى بعض في الزكاة، وأن القمح والشعير والسُّلّت14 يضم بعضها إلى بعض، فمن حصد عند مالك وسقاً من الفول، وحصد وسقاً من الجلبان، وحصد وسقاً من بسيلية، ووسقاً من لوبيا، ووسقاً من حمص، فإنها تجب عليه الزكاة، لأنها خمسة أوسق من جنس واحد، وإن اختلفت أنواعها، يضم بعضها إلى بعض ويخرج من كل نوع بحسبه؛ والشافعي يقول: لا يضم شيء منها إلى شيء، فلا يضم فول إلى لوبيا، ولا ترمس إلى حِمَّص، بل كل في جرابه، وإن حصد خمسة أوسق من واحد وجبت الزكاة، وإلا فلا، كما قال الشافعي: لا يضم قمح إلى الشعير، ولا الشعير إلى القمح، ولا السُّلت إلى واحد منهما).15
ã
تنبيهات
الشركاء في الزرع والوُرَّاث لا تجب الزكاة على واحد منهم إلا إذا ملك نصاباً بمفردته، فالشراكة في الزرع لا تؤثر في الزكاة كما هو الحال في الماشية.
الحبوب الزيتية كالسمسم، والفول السوداني، والزيتون - عند من يوجب الزكاة فيه وهومالك – إذا أخذت الزكاة من حبه لا تؤخذ من زيته، وإن لم تؤخذ من حبه أخذت من زيته، العشر أونصف العشر حسب طريقة السقي، وفي مشهور مذهب مالك الوجوب في الحب والإخراج من الزيت.
الحبوب والثمار إذا زكيت ثم بيعت فلا يزكى ثمنها.
الخمسة أوسق تعادل خمسة جوالات سعة مائة كيلو غرام.
ã
رابعاً: من استفاد مالاً في أثناء الحول وعنده أصله أضافه إلى أصله
فيضاف ما يأتي:
1. نسل بهيمة الأنعام.
2. الأرباح التجارية.
3. إذا اشترى صنفاً وعنده أصله من بهيمة الأنعام.
4. أرباح الأسهم.
الزكاة من أجل العبادات، ومن أفضل القربات فلا ينبغي أن تمارس فيها أساليب الرسوم والجبايات، وإنما ينبغي التشجيع والحض والحث على إخراجها، وخطورة التواني فيها أومنعها.
وليكن لنا في السلف الصالح الأسوة الحسنة، والقدوة المثلى، فها هو أبوبكر رضي الله عنه كان إذا جاءه أحد ليستلم عطاءه سأله: ألك مال وجبت فيه الزكاة؟ فإن قال: نعم، أخذ منه الزكاة، وإن نفى تركه، ولم يلح عليه، ولا سعى في التجسس والبحث والتفتيش عن صدقه.
وكان عثمان يذكر ولا يلح، ويقول: هذا شهر زكاتكم.
وروى ابن القاسم أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامل المدينة أن يضع المَكْس، فإنه ليس بالمَكْس ولكنه البخس، قال تعالى: "وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ"16، ومن أتاك بصدقة فاقبلها منه، ومن لم يأتك بها فالله حسيبه، والسلام.
جاء في ترجمة التابعي الكبير طاوس اليماني كما قال الذهبي17: (عن ابن جريج حدثنا إبراهيم ابن ميسرة أن محمد بن يوسف الثقفي استعمل طاوساً على بعض الصدقة، فسألت طاوساً: كيف صنعت؟ قال: كنا نقول للرجل: تزكي رحمك الله مما أعطاك الله؟ فإن أعطانا أخذنا، وإن تولى لم نقل تعال).
أين نحن من هذا الأسلوب، ومن ذاك الرفق؟ ولماذا لم يواجه الذين يمارسون الشركيات، ويضيعون الصلوات المكتوبات، وينتهكون حرمة الصيام، ويقترفون الفواحش والمنكرات، ويتعدون على المال العام بهذا العنف؟ وهم أولى بذلك وأحق.
بل لماذا يكون الكفار أحسن منا ظناً برعاياهم، حيث يكتفون بما يقال لهم، ويصدقون ما يدفع إليهم، اللهم إلا إذا تبين لهم خلاف ذلك.
اللهم اجعل ولايتنا في عهد من خافك واتقاك واتبع رضاك، اللهم ولِّ علينا خيارنا ولا تولِّ علينا شرارنا، اللهم لا تجعل للكافرين والمنافقين علينا ولاية ولا سلطاناً.
اللهم احفظ علينا ديننا، وسوداننا، وصلى الله وسلم وبارك على نبي الملحمة، ورسول الرحمة، وعلى آله، وصحابته، والتابعين لهم إلى يوم البعث والنشور.
أيها الراقون احذروا خمساً
بدع الجنائز ومحدثاتها
الاعتكاف
الأضحية
إتحاف الساجد بما ينبغي أن تصان منه المساجد
إتحاف العروسين بحق الزوجين
من لم يتجاوز الأربعين من عمره من العلماء
ما خالف فيه الترابي ما هو معلوم من الدين ضرورة
التعزية
العقيقة
من شروط حج المرأة واعتمارها
أولاً: إذن الزوج
ثانياً: المحرم
محرم المرأة
يشترط في المحرم
ثالثاً: أن لا تكون معتدة من طلاق ولا وفاة
إن لم تجد المرأة محرماً
الحج واجب على المستطيعين من الرجال والنساء، هناك شروط صحة يشترك فيها الرجل والمرأة، وهي:
1. الإسلام.
2. الحرية.
3. العقل.
4. البلوغ.
5. الاستطاعة المتمثلة في الزاد، والراحلة، وإذن الوالدين أوأحدهما.
ولكن هناك شروطاً تنفرد بها المرأة عن الرجل، وهي متعلقة باستطاعتها، بحيث إن لم تتوفر لها لا تكون مكلفة بأداء الحج والعمرة، والشروط الخاصة بالمرأة هي:
1. إذن الزوج.
2. المحرم.
3. أن لا تكون معتدة من طلاق أووفاة.
فإن وجد مانع من هذه الموانع فإن الحج لا يجب على المرأة في عامها هذا، ولها أن تؤخره إلى العام القابل أوبعده.
أولاً: إذن الزوج
من أرادت الحج أوالعمرة وعزمت على ذلك عليها أن تستأذن زوجها، وعلى الزوج أن لا يمنعها من حجة الإسلام وعمرته إلا لعذر شرعي، سيما وأن الراجح من قولي العلماء أن الحج يجب على الفور، فإن تعنت ومنعها لغير عذر شرعي فلا طاعة له في ذلك، وعليها أن تذهب من غير إذنه ورضاه إذ استوفت الشروط الأخرى، خاصة المحرم، هذا فيما يتعلق بحجة الفريضة وعمرة الإسلام لمن يقولون بوجوبها، أما التنفل بالحج والعمرة فلا يحل لها أن تتنفل بحج أوعمرة إلا بعد إذن ورضا زوجها، وإن عصته في ذلك ولو لم يكن له عذر شرعي فقد عصت الله ورسوله.
ومما تجدر الإشارة إليه ويجب التنبيه عليه أن تكرار الحج والعمرة والتنفل بهما للمرأة ليس من السنة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمهات المؤمنين بعد حجة الوداع: "هذه ثم ظهور الحصر" الحديث، ولهذا قالت سودة وزينب بنت جحش: "والذي بعثك بالحق لا تحركنا بعدك دابة"، قال الراوي فلم تخرجا إلا بعد موتهما إلى المقبرة.
قال صاحب "نيل المآرب في تهذيب شرح عمدة الطالب"1: (ولا تحرم زوجة بنفل حج وعمرة إلا بإذن زوجها، ولا يمنعها من فرض حج وعمرة2 كملت شروطه).
العذر الشرعي الذي يخول للزوج منع زوجه الذهاب إلى الحج والعمرة المرض الذي يحتاج إلى ملازمة والكبر، إلا إذا وجد من ينوب عن الزوجة كالبنت والأخت والأم ونحوها.
ثانياً: المحرم
من شروط استطاعة المرأة للحج والعمرة وجود المحرم الذي يرافقها ويسافر معها إلى مكة والمناسك، بحيث لا يجوز لها السفر لحج ولا عمرة ومن باب أولى لغير ذلك من غير محرم.
ولهذا فإن العامة من أهل العلم ذهبوا إلى أنه لا يحل للمرأة أن تسافر إلى حجة الفريضة وعمرة الإسلام إلا مع ذي المحرم، دعك عن التنفل بالحج والعمرة، وذلك للأدلة الآتية:
1. "لا تسافر المرأة إلا مع محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم".3
2. وصح عنه صلى الله عليه وسلم أن رجلاً قال له: "إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا؟ قال: انطلق فحج مع امرأتك".4
3. وصح عنه أنه قال: "لا يحل لامرأة تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم".5
ولهذا قال أحمد رحمه الله: (المحرم من السبيل، فلمن لم يكن لها محرم لم يلزمها الحج بنفسها ولا بنائبها).
وقد أجمع العلماء رحمهم الله أنه لا فرق في ذلك بين سفر وسفر، سواء كان سفر المرأة للحج والعمرة، أولطلب العلم، أولغير ذلك.
محرم المرأة
الزوج وكل ما يحرم عليه زواجها تحريماً مؤبداً، سواء كان سبب التحريم نسب، أورضاع، أومصاهرة، نحو ابنها، وأخيها، وعمها، وخالها، وابن أخيها أوأختها، وزوج أمها، وابن زوجها، أوكأخيها أوأبيها من رضاع.
تنبيه
نفقة المحرم على المرأة إلا إذا تبرع بذلك.
يشترط في المحرم
يشترط في المحرم أن يكون:
1. مسلماً.
2. بالغاً.
3. عاقلاً.
هذا هو المذهب الراجح الذي لا يجوز العدول عنه.
وأجازت طائفة من أهل العلم للمرأة أن تسافر إلى حجة الإسلام مع رفقة مأمونة، وهو قول مرجوح.
ومما يؤسف له أن هذا القول المرجوح أصبح هو الغالب، ليس في حجة الإسلام فحسب، بل في التطوع بالحج والعمرة، وفي ذلك مخالفة وجسارة على مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام النووي رحمه الله: (هل يجوز للمرأة أن تسافر لحج التطوع، أولسفر زيارة، أوتجارة، ونحوهما مع نسوة ثقات أوامرأة ثقة، فيه وجهان حكاهما الشيخ أبوحامد، والماوردي، والمحاملي، وآخرون من الأصحاب في باب الإحصار، وحكاهما القاضي حسين والبغوي وغيرهم، أحدهما يجوز كالحج، والثاني وهو الصحيح لا يجوز لأنه سفر ليس بواجب).
واستدل على عدم الجواز بالأحاديث السابقة.
وسئل الشيخ العثيمين رحمه الله عن صحة حج المرأة من غير محرم فقال: حجها صحيح، لكن فعلها وسفرها بدون محرم محرَّم ومعصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
إلى أن قال: وهاهنا أمر نأسف له كثير وهو تهاون بعض النساء في السفر بالطائرة بدون محرم وتعليلهم لهذا الأمر يقولون إن محرمها يشيعها في المطار والمحرم الآخر يستقبلها، وهذه العلة عليلة في الواقع)6، ثم ذكر مخاطر ذلك.
وممن أجاز للمرأة السفر لحجة الإسلام مع رفقة مأمونة شيخ الإسلام ابن تيمية، والصواب ما ذهب إليه العامةمن أهل العلم، سواء كانت المرأة شابة أم عجوز، وسواء كان السفر طويلاً أم قصيراً، والله أعلم.
ثالثاً: أن لا تكون معتدة من طلاق ولا وفاة
من الأمور التي أصبح يتهاون فيها بعض النساء خروجهن للحج والعمرة سواء كانت حجة فريضة أم نافلة وهن في عدة وفاة أوطلاق، وهذا لا يحل ولا يجوز، إذ العدة واجبة على المرأة المدخول بها من طلاق أووفاة، وعلى غير المدخول بها من وفاة فقط، فإذا طلق الزوج المرأة بعد العقد وقبل الدخول فليس عليها عدة، لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً".7
أما إذا عقد الرجل على المرأة ومات قبل الدخول بها فعليها العدة لأن العدة شرعت لسببين اثنين، هما:
1. إكراماً لعقد الزوجية.
2. وتبرئة للرحم.
ومن شروط العدة عدم خروج المرأة من بيت الزوجية إلا لسبب قاهر، ومبيتها في بيت زوجها حتى تنقضي عدتها، فإذا منعت من المبيت في غير بيت زوجها الذي تركها فيه فكيف يحل لها أن تسافر إلى الحج أوالعمرة؟!
يستوي في هذا الحكم الكبيرة، والصغيرة، والكافرة، والمسلمة.
قال مالك رحمه الله: (لا تخرج له ـ أي الحج ـ معتدة وفاة).8
الدليل على أن المعتدة من وفاة لا تخرج من بيت الزوجية حديث الفريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم؛ قالت: فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوأمرني فنوديت له، فقال: كيف قلت؟ فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي، فقال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله؛ قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً، قالت: فلما كان عثمان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته، فاتبعه وقضى به".9
قال الحافظ ابن عبد البر: (وفي هذا الحديث وهو حديث مشهور ومعروف عند علماء الحجاز والعراق أن المتوفى عنها زوجها عليها أن تعتد في بيتها ولا تخرج منه، وهو قول جماعة فقهاء الأمصار بالحجاز، والشام، والعراق، ومصر، منهم مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، وأصحابهم، والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، وهو قول عمر، وعثمان، وابن عمر، وابن مسعود، وغيرهم).10
وخالف في هذه المسألة ابن عباس، وقال: إنما قال الله: تعتد أربعة أشهر وعشراً، ولم يقل في بيتها.
وعائشة رضي الله عنها، حيث خرجت حاجة ومعتمرة بأختها أم كلثوم في عدتها على طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم.
ولا قول لأحد بعدما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عبد البر: (أما السنة فثابتة بحمد الله، وأما الإجماع فمستغنى عنه مع السنة).
ولله در القاسم بن محمد ابن أخ عائشة حين قال: أبى الناس ذلك عليها ـ أي على عائشة.
وقال الزهري: أخذ المترخصون في المتوفى عنها بقول عائشة، وأخذ أهل العزم والورع بقول ابن عمر.
قلت: لقد نهينا عن الأخذ بزلات وهفوات أهل العلم مهما كانت مكانتهم ومنزلتهم، فكل يؤخذ من قوله ويترك إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن تتبع رخص العلماء تزندق أوكاد، وتجمع فيه الشر كله.
إن لم تجد المرأة محرماً
إن لم تجد المرأة محرماً وتعذرعليها ذلك فعليها أن تنيب من يحج عنها ويعتمر.
تعريف الحج، وحكمه، وفضله، وشروط وجوبه
الإحرام: مواقيته، أوجهه، محظوراته وفديتها
أركان الحج، وواجباته، وسننه
العمرة
من شروط حج المرأة واعتمارها
من حجَّ بمال حرام فليس له حج
ما على من نوى الحج وعزم عليه؟
الحج عن الغير
الاستنابة في رمي الجمار
الحج بالصبيان
زيارة مسجد رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم
« بكيت على شخص لا اعرفه | كنوز الحســـنات » |
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع |