الأغاني, الخليعة, سماع, غير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فأوصيكوا أولاً بتعلم أمور دينك، لتكون على بينة وبصيرة، فلا يسع المسلم هذه الأيام أن يجهل الحلال والحرام، وما افترض الله عليه معرفته، من مسائل التوحيد، وقد قال تبارك وتعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) [محمد:19]. لاسيما وقد سهل التعلم في هذه الأيام، لتوفر آلات التعلم الحديثة، التي لم تكن معهودة من قبل .
وثانياً: لا تشغل نفسك بالمناظرات، والمجادلات في مثل هذه الشبه التي يلقيها عليك الكفار وغيرهم. وإن التبس عليك أمر فعليك بوصية الله تبارك وتعالى في قوله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [النحل:43]، وقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [الأنبياء:7].
فالنصوص جاءت صريحة بحرمة الغناء المشتمل على آلات اللهو والطرب، ومن الأدلة على تحريم الغناء قوله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين) [لقمان: 6]، قال الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية: قال ابن مسعود في قوله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) قال: هو والله الغناء.
ومن أدلة السنة ما ورد من حديث عامر أو أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخمر، والحر، والحرير، والمعازف" أخرجه البخاري في كتاب الأشربة، باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه، تعليقاً بصيغة الجزم، ووصله الحافظ ابن حجر –رحمه الله- في كتابه "تغليق التعليق" فهو صحيح. ولفظ (المعازف) عام يشمل جميع آلات اللهو، فتحرم؛ إلا ما ورد الدليل باستثنائه كالدف، فيجوز للنساء الضرب به في الأعياد، والأعراس،. وهذا مستثنى من عموم آلات اللهو لدلالة السنة عليه.
وقال الإمام القرطبي: (أما المزامير والأوتار والكوبة (الطبل) فلا يختلف في تحريم استماعها، ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك. وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور، والفسق، ومهيج الشهوات والفساد والمجون! وما كان كذلك لم يشك في تحريمه، ولا تفسيق فاعله وتأثيمه). انتهى.
وأما ما خلا عن الأصوات الموسيقية، والكلام المؤجج للغرائز، والأصوات الفاتنة فهذا مثل الشعر، فله حكمه، فحسنه حسن، وقبيحه قبيح.
وفي الختام أوصيكوا بالبعد عن الجدال قدر الإمكان إلا في حدود ضيقة بقدر الحاجة، ولا تجعل قلبك وعاءً للشبهات. قال ابن القيم –رحمه الله – في كتابه مفتاح دار السعادة: (1 /140): (فمتى باشر القلب حقيقة العلم لم تؤثر تلك الشبهة فيه بل يقوى علمه ويقينه بردها ومعرفة بطلانها، ومتى لم يباشر حقيقة العلم بالحق قلبه قدحت فيه الشك بأول وهلة فإن تداركها، وإلا تتابعت على قلبه أمثالها حتى يصير شاكا مرتابا، والقلب يتوارده جيشان من الباطل: جيش شهوات الغي، وجيش شبهات الباطل. فأيما قلب صغا إليها وركن إليها تشربها وامتلأ بها فينضح لسانه وجوارحه بموجبها، فإن أشرب شبهات الباطل تفجرت على لسانه الشكوك والشبهات والإيرادات، فيظن الجاهل أن ذلك لسعة علمه، وإنما ذلك من عدم علمه ويقينه. وقال لي شيخ الإسلام -رضي الله عنه- وقد جعلت أورد عليه إيرادات: لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها، فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته، وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقرا للشبهات).
هذا ونسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق والثبات.
أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
slhu hgHyhkd ydv hgogdum!