بناء وترميم الكعبة المشرفة
قال الله تعالى في سورة آل عمران :
( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين) ،
وهو أن الله عز شأنه ، جعل بيته الشريف أول بيت بنى لعبادته بكيفية مخصوصة، وهى الطواف حوله واستلام الركن الأسود ، والوقوف عند بابه بالملتزم بذلة وخشوع ، واستقبال والتوجه إليه في الصلاة حال القرب والبعد ، إلى غير ذلك مما اختصه الله تعالى من المزايا والأسرار .
إن الكعبة المشرفة هي أول بيت بني في مكة ، حيث كانت قفراء خلاء ، لا ناس فيها ولا ماء ولا كلا ، ولم تعرف مكة إلا بعد أن اكتشفها إبراهيم عليه السلام ، بواسطة جبريل حينما أمره الله تعالى : أن يأخذ ابنه إسماعيل وأمه هاجر إلى مكة ويتركهما بها ، فكان من أمرهم ما كان ، من إخراج زمزم ، ثم اهتداء قبيلة من جرهم إليهما واقامتهم معهما ، حتى أمر الله تعالى خليله إبراهيم عليه السلام ، ببناء بيته الحرام ، فأتى إليهم بمكة وقام يبني بيت الله عز شأنه، مع ابنه إسماعيل بعد أن كبر في المكان الذي بوأه الله له ، يبنيه بالرضم بدون طين ولا نورة .
اختلف المؤرخون في أول من بنى الكعبة المشرفة وأن الفترة الأولى من بناء الكعبة غابت تفاصيلها عن التاريخ ، والذي أجمع عليه أنها بنيت قبل آدم عليه السلام وأن الملائكة قاموا بتشييد أول بناء لها ، ويقول المحققون : انه إذا ثبت وخلص التاريخ إلى أن الكعبة المعظمة بنيت إحدى عشر مرة ، بنتها 1) الملائكة 2) سيدنا آدم 3) شيت ابن سيدنا آدم 4) إبراهيم الخليل 5) العمالقة 6) جرهم 7) قصي بن كلاب 8) قريش 9) عبد الله بن الزبير 10) الحجاج بن يوسف 11) السلطان مراد من سلاطين آل عثمان ، وذلك سنة أربعين وألف هجرية ، وبذلك يكون التعاقب في البناء على النحو التالي :
بناء الملائكة عليهم السلام للكعبة المشرفة
ذكر أن الكعبة بنتها الملائكة قبل سيدنا آدم عليه السلام ، وروي أن أول شئ عمله آدم عليه السلام ، حين نزل من السماء ، أن طاف بالكعبة المشرفة فلقيه الملائكة فقالوا له: نسكك يا آدم ، طفنا بهذا البيت قبلك بألفي عام . ومن صحة هذه الرواية تكون الملائكة هم أول من بنى الكعبة المشرفة ، مما يرجح رأي من روى أن آدم عليه السلام هو أول من بناها .
بناء آدم عليه السلام للكعبة المشرفة
وردت عدة روايات حول بناء آدم للكعبة ومنها روي أنه لما أهبط آدم من الجنة إلى الأرض قال : يا رب مالي لا أسمع أصوات الملائكة ولا أحسهم ؟ قال خطيئتك يا آدم . ولكن أذهب فأبن لي بيتاً فطف به و اذكرني حوله كنحو ما رأيت تصنع الملائكة حول عرشي ، فانتهى آدم إلى مكة فبنى البيت الحرام وان جبريل عليه السلام ضرب بجناحه الأرض فأبرز عن أس ثابت على الأرض السفلى فقذفت فيه الملائكة من الصخر ما لا يطيق حمل الصخرة منها ثلاثون رجلاً ، وبناها من خمس جبال من لبنان ، وطور زيتا ، وطور سينا ، والجودي وحراء حتى استوت على وجه الأرض .
بناء شيت بن آدم عليهم السلام للكعبة
وردت في الروايات أنه بعد وفاة آدم عليه السلام ، بنوا أبناءه الكعبة من بعده . وقيل لما رفعت الخيمة التي عزى الله بها آدم من حلية الجنة حين وضعت له بمكة في موضع البيت ومات آدم عليه السلام ، فبنى بنو آدم من بعده مكانها بيتاً بالطين والحجارة فلم يذل معموراً يعمرونه هم ومن بعدهم ، فنسفه الغرق وغير مكانه حتى بوئ لإبراهيم عليه السلام .
وذكر أن شيت ابن آدم هو أول من بنى الكعبة بعد وفاة والده آدم عليه السلام.
بناء إبراهيم عليه السلام
إن بناية خليل الله إبراهيم عليه السلام ثابتة بالقطع من القرآن الكريم ، وذلك بعد هجرة إبراهيم إلى مكة لأول مرة ، فإذ قال إبراهيم : يا إسماعيل إن ربك أمرني أن أبني له بيتاً ، قال : أطع ربك ، قال إنه قد أمرني أن تعينني عليه ، قال : إذاً أفعل أو كما قال : فقاما فجعل إبراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجارة ويقولان : ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم قال : حتى ارتفع البناء ، وضعف الشيخ على نقل الحجارة ، فقام على حجر المقام فجعل يناوله .
وقد بنى إبراهيم عليه السلام الكعبة بحجارة بعضها فوق بعض من غير طين وجص وحفر في باطنها على يمين من دخلها حفرة عميقة عرفت بجب الكعبة وخزانتها يلقى فيها ما يهدى إليها ، ولم يجعل للكعبة سقفاً ، وكان بابها لصقاً بالأرض بمثابة فتحة في جدارها الشرقي للدلالة على وجه البيت .
وقد كان بناء إبراهيم عليه السلام للكعبة من خمسة جبال من طور سينا ، ولبنان ، وطور زيتا ، وحراء والجودي . وكانت الملائكة تنقل له الحجارة من هذه الجبال . وبناء الكعبة على أساس آدم . بارتفاع تسعة أذرع ، وعرض جدار وجهها الذي فيه الباب اثنين وثلاثين ذراعاً ، والجدار المقابل له أحداً وثلاثين ذراعاً ، وعرض الجدار الذي فيه الميزاب جهة الحجر أثنين وعشرين ذراعاً ، والجدار المقابل له عشرين ذراعاً ، وجعل للكعبة ركنين فقط هما : الركن الأسود والركن اليماني ولم يجعل لها أركاناً من جهة الحجر بل جعلها على شكل نصف دائرة ، وجعل الحجر على جانبها عريشاً من أراك ، وجعل الباب لاصقاً بالأرض .
بناية قصي بن كلاب
روي أن العمالقة وجرهم بنوا الكعبة قبل قصي بن كلاب ، وهو الجد الرابع للنبي صلى الله عليه وسلم ، فلما تولى قصي أمر البيت واستلم مفتاح الكعبة من خزاعة ، كان أول رجل من بني كنانة أصاب ملكاً وأطاع له به قومه ، وكانت له أمور مكة الستة الحجابة ، الرفادة ، السقاية ، الندوة ، اللواء والقيادة .
بناء قصي هو البناء السابع للكعبة المشرفة ، وكان سقفها من خشب الدوم الجيد وجريد النخل
بناية قريش
همت قريش حين اجتمعت لهدم الكعبة وإعادة بنائها وسقفها ، إذ كانت رضماً فوق القامة فأرادوا رفعها .
ذُكر أن سبب بناء قريش للكعبة: إن امرأة جمرت الكعبة بالبخور فطارت شرارة في ثياب الكعبة فاحترق أكثر خشبها ، ثم أن سيل الأمطار صدع جدرانها ، وأن قريش أرادت أن ترفع باب الكعبة حتى لا يدخلها إلا من شاءوا ، ذلك أن نفراً سرقوا كنزاً من جب الكعبة وخزانتها.
وفي ذلك الوقت كان البحر قد رمي بسفينة لباقوم الرومي ، فخرج الوليد بن المغيرة في نفر من قريش فابتاعوا خشب السفينة لسقف الكعبة المشرفة .
وفى رواية انه لما أرادت قريش هدم الكعبة لإصلاحها ، كانت حية عظيمة تخرج من جب الكعبة ، فأهابها أهل قريش ، فبعث الله طائراً فاختطفها وذهب بها . فقالت قريش نرجو أن يكون الله رضى لنا بما أردنا فعله . فقام أبو وهب بن عمر فتناول حجراً من الكعبة فوثب الحجر من يده حتى رجع مكانه ، فقال: يا معشر قريش ، لا تدخلوا في بناءها من كسبكم إلا طيباً لا يدخل فيه مهر بغي ، ولا بيع ربا ولا مظلمة أحد من الناس.
ثم أن قريشاً اقتسمت جوانب البيت فكان لبني زهرة وبني عبد مناف شق الباب ، ولبني مخزوم ومن انضم إليهم من قريش الركن الأسود والركن اليماني ، وكان ظهر الكعبة لبني جمح وبني سليم ، وشق الحجر لبني عبد الدار وبني أسد بن عبد العربي وبني عدي بن كعب، وجمعوا الحجارة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم حتى وصلوا إلى الأساس فأفضوا إلى حجارة خضر فضربوا عليها بالمعول فخرج برق يكاد يخطف الأبصار فانتهوا عند ذلك الأساس .
فجمعت قريش الحجارة ثم بنت حتى بلغ البنيان موضع الركن ، فاختصموا فيه ، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى ، حتى تخالفوا واعدوا للقتال .
وفي الرواية قال أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر (آسن قريش): يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضى بينكم فيه ، ففعلوا فكان أول داخل ، رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوه قالوا: هذا الأمين رضينا ، هذا محمد ، فلما انتهى إليهم وعلم منهم ، بسط رداءه ثم وضع فيه الركن فدعا من كل ربع رجلاً فاخذوا بأطراف الثوب . فرفع القوم الركن فوضعه النبي صلى الله عليه وسلم بيديه الشريفتين ثم بني عليه ، فبنوا حتى رفعوا أربعة اذرع وشبراً ، ثم كبسوها ووضعوا بابها مرتفعاً ورفعوها وكان طولها تسعة اذرع ، وجعلوا في داخلها ست دعائم في صفين ، في كل صف ثلاث دعائم ، وجعلوا لها سقفاً وميزاباً من الجهة الشمالية مصبه على حجر إسماعيل عليه السلام ، وجعلوها ارتفاعها ثمانية عشر ذراعاً مبنية على أساس إبراهيم عليه السلام ، وجعلوها مدورة من جهة حجر إسماعيل فقط ، كما كانت في بناء إبراهيم عليه السلام ، وجعلوا في داخلها من الركن الشامي درجة من خشب يصعد بها إلى ظهرها.
يتبع


 LinkBack URL
 LinkBack URL About LinkBacks
 About LinkBacks 
 
 
  @هل من بنى الكعبة المشرفة هم الملائكة عليهم السلام@ –
 @هل من بنى الكعبة المشرفة هم الملائكة عليهم السلام@ –
                
            
 
 




 
 
 
 



