أمريكا, آسيوية, الإيرانية
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكـم؟
إن شاء الله تكونوا جميعآ بخير
كلنا يعلم أن لعبة الشد والجذب بين إيران من ناحية والدول الكبرى من ناحية أخرى مستمرة، خاصة وأن طهران لم تستجب لقرار مجلس الأمن رقم 1737 الصادر ضدها في السادس والعشرين من ديسمبر الماضي بوقف تخصيب اليورانيوم الذي قد يستخدم في إنتاج الأسلحة النووية؛ حيث ترى طهران أن من حقها تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، بمعنى استخدام الطاقة النووية في توليد الكهرباء خاصة في ظل احتياجها الشديد لذلك، في حين ترى الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة أن هناك غموضا يحيط بالبرنامج النووي لطهران، وهو ما يستتبع التحرك ضدها بإيجابية ليكون السؤال هل سيكون هذا التحرك اقتصاديا فقط، أم قد يتضمن تحركا عسكريا -عند اللزوم؟!
عقوبات أم حرب؟!
وهنا يمكن القول بأن البدائل المتاحة أمام أمريكا ومن خلفها للتعامل مع إيران ينحصران في اثنين فقط:
الأول: يقوم على تشديد العقوبات الواردة في قرار مجلس الأمن رقم 1737؛ حيث إن القرار تضمن عقوبات -ضعيفة من وجهة نظر الكثيرين- خاصة وأنه جاء وفق المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة والتي تجيز فرض العقوبات دون اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية؛ لذا فإنه من المحتمل أن يشمل القرار الجديد تجميد الأصول والأرصدة التي تمتلكها الشخصيات والهيئات الإيرانية التي يثبت أن لها دورا رئيسيا في برنامج إيران النووي، ومنع إيران من تصدير أي أجهزة أو تكنولوجيا لها علاقة بالأسلحة النووية، وقد يطول إلى توسيع نطاق الحظر ليشمل حظر تصدير السلاح لطهران بكافة أنواعه، وهو الاقتراح الذي اعترضت عليه روسيا بشدة على اعتبار أنها واحدة من أكبر الدول الموردة للسلاح إلى طهران.
أما الثاني: فيقضي توجيه ضربة عسكرية لطهران. وهو الاقتراح الذي تعارضه بشده قوى عدة داخل وخارج الولايات المتحدة على حد سواء. ففي الداخل يعترض الكونجرس على اتخاذ الرئيس "بوش" أي قرار بشأن توجيه ضربة عسكرية لإيران، خاصة بعد فشل تجربتي أفغانستان والعراق. لذا فإن النواب الديمقراطيين قاموا بالتحرك للحيلولة دون إصدار "بوش" مثل هذا القرار دون موافقة الكونجرس، بالرغم من أن الدستور الأمريكي يعطيه الحق في ذلك. كما أن الرؤساء السابقين حذروا "بوش" -أيضا- من المضي قدما في هذا الأمر، لأن ذلك سيضر بالمصالح الأمريكية، بل والقوات الأمريكية الموجودة في المنطقة، خاصة في ظل وجود قيادة متشددة من وجهة نظرهم مثل الرئيس "أحمدي نجاد" على قمة السلطة في طهران.
وفي الخارج فإن الدول الكبرى تعترض بشدة –أساسا- على قرار توسيع العقوبات الاقتصادية، والدليل على هذا ذلك الجدل الدائر الآن داخل الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا بشأن توسيع هذه العقوبات؛ حيث تأتي الصين وروسيا في مقدمة الدول المعترضة على ذلك، الأمر الذي جعل هناك صعوبة في استصدار قرار جديد من مجلس الأمن بشأن تشديدها.
وإذا الأمر كذلك فما بالنا بتوسيع نطاق العقوبات ليشمل توجيه ضربة عسكرية، فلا شك أن كل هذه الدول -بما في ذلك بريطانيا التي أعلنت مؤخرا عزمها سحب جزء من قواتها من العراق بسبب الصعوبات العسكرية– لن توافق على ذلك، لأن هذه الحرب سوف تضر بمصالحها أيضا.
ثلاثة حلول صعبة!
وهنا يبقى السؤال ما الحل؟
قد يكون أمام واشنطن ثلاثة خيارات في هذا الشأن:
الأول: اللعب على ورقة المعارضة، واستغلال تردي الأوضاع الاقتصادية هناك بعض الشيء، فضلا عن عدم تحقيق "نجاد" قدرا كبيرا من وعوده الانتخابية من أجل زعزعة الاستقرار الداخلي، الأمر الذي قد يدفع مرشد الثورة "علي خامنئي" لسحب الملف النووي من "نجاد" وإعطائه لأحد الإصلاحيين الذي قد يقوم بتجميد أنشطة تخصيب اليورانيوم لفترة، لحين التوصل لاتفاق مع الدول الكبرى، وبالطبع الولايات المتحدة في هذا الشأن.
الثاني: الدخول في مفاوضات مباشرة مع الرئيس "نجاد" -على غرار ما هو حادث الآن مع كوريا الشمالية- من أجل إقناعه بوقف تخصيب اليورانيوم مقابل الحصول على التكنولوجيا النووية السلمية من الخارج. وقد رحب النظام الإيراني بفكرة التفاوض غير المشروط، لكن واشنطن لا تزال ترفض الفكرة.
الثالث: قيام واشنطن بفرض عقوبات أحادية ضد إيران على غرار العقوبات التي تفرضها على دول أخرى مثل السودان، مع محاولة إقناع الدول الكبرى بأن تحذو حذوها في هذا الشأن. وبالفعل بدأت وزارة الخزانة الأمريكية في توقيع عقوبات على بعض المؤسسات الإيرانية ومن ذلك فرض حظر تعامل على بنكين إيرانيين بتهمة تعاملهما في أنشطة تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، كما أنها تضغط على الشركات الأجنبية النفطية العاملة داخل طهران لوقف هذا التعامل مقابل تقديم إغراءات مادية لها.
لكن يبدو أن العقوبات الأحادية لم تثبت جدواها بعد، خاصة في ظل عدم وقوف المجتمع الدولي وراءها من ناحية، كما أن واشنطن ليست شريكا تجاريا مهما لطهران من ناحية ثانية، ومعنى ذلك أن واشنطن -سواء أقامت بذلك أم لم تقم- لن يؤثر ذلك على معاملات طهران الدولية. ومما يزيد من تعقيد الأمور أن الدول الكبرى ترفض فكرة تطبيق العقوبات الأحادية التي تدعو لها واشنطن.
وهو ما يعني أن البحث عن طريقة للتعامل مع إيران في نفس صعوبة التوصل لطريقة للتعامل مع الوضع الأمني المنفلت في العراق الاثنان كلاهما أشد مرارة من الآخر!
تحياتى لكــم جميعـآ / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
,v'm Hlvd;h "hgYdvhkdm" ;g hg'vr ls],]m!