الايقاع, الغناء, الإقناع, ادلة, بيان, تحت, تحريم, حكم, رائع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
الإقناع
في
حكم الإيقاع
إِعْدَاْدُ/
عَاْمِرِ بنِ مُحَمَّدِ فِدَاْءِ بنِ بَهْجَت الْجُدِّي
غفر الله له ولوالديه ولمشايخه -
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَىْ أَشْرَفِ الْمُرْسَلِيْنَ، سَيِّدِ الأَوَّلِيْنَ والآخِرِيْنَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ، أمَّاْ بَعْدُ:
فَقَدْ تَتَاْبَعَ العُلْمَاْءُ رَحِمَهُمُ اللهُ فِيْ القَدِيْمِ وَالْحَدِيْثِ عَلَى ذَمِّ المَعَاْزِفِ وَآلاتِ اللهْوِ، وَحَذَّرُوا مِنْهَاْ وَأَنْكَرُوا عَلَىْ المُخَاْلِفِ، وَاتَّفَقَتْ المَذَاْهِبُ الْفِقْهِيَّةُ الأَرْبَعَةُ عَلَىْ تَحْرِيْمِهَاْ وَالْمَنْعِ مِنْهَاْ وَوَقَعَ الخِلافُ بَيْنَهُمْ –قَدِيْمَاً وَحَدِيْثَاً- فِيْ حُكْمِ الْغِنَاْءِ بِالْكَلِمَاْتِ المُبَاْحَةِ بِغَيْرِ اسْتِخْدَاْمِ الْمَعَاْزِفِ مَاْبَيْنَ مُبِيْحٍ وَمَاْنِعٍ وَمُفَصِّلٍ.
أَيَّاً مَاْ كَاْنَ فَلَيْسَ المُرَاْدُ بِهَذِهِ الْوَرَقَاْتِ تَقْرِيْرَ تَحْرِيْمِ الْمَعَاْزِفِ وَآلاتِ الّلهْوِ، وَلاْ تَقْرِيْرَ جَوَاْْزِ الْغِنَاْءِ الْخَاْلِيْ مِنَ الْمَعَاْزِفِ أَوْ مَاْ يُسْمَّىْ بِاْلأَنَاْشِيْدِ، بَلْ مَحَلُّ الْبَحْثِ فِيْ هَذِهِ الْوَرَقَاْتِ عَنْ حُكْمِ مَاْ دَخَلَ عَلَىْ بَعْضِ الأَنَاْشِيْدِ مِنْ المُؤَثِرَاْتِ الصَّوْتِيَّةِ الْمُسَمَّاةِ بِـ" الإيقاعات".
وقبل الكلام عن الحكم أكشف الستار عن معنى "الإيقاع" لغة، واصطلاحاً، ثم صورة المسألة التي يراد الكلام عليها والمراد بالإيقاع هنا إذ "الحكم على الشيء فرع عن تصوره" فأقول:
الإيقاع لغة:
مصدر أوقع يوقع إيقاع، وقد ذكر ابن منظور في اللسان من معاني الإيقاع قوله: (و الإِيقاع : من إِيقاع اللـحْنِ والغِناءِ وهو أَن يوقع الأَلـحانَ ويبـينها، وسمى الـخـلـيل، رحمه الله، كتاباً من كتبه فـي ذلك الـمعنى كتاب الإِيقاع .)
وقال الفيروز آبادي في القاموس المحيط: (و الإيقاعُ : إيقاعُ ألْحانِ الغناءِ، وهو أن يُوقِعَ الأَلْحانَ ويَبْنِيَها)
وهذا المعنى هو المناسب للإيقاع هنا.
الإيقاع اصطلاحاً:
عرفه الخوارزمي(ت:387هـ) في فصل الإيقاعات المستعملة من باب الموسيقى من كتابه مفاتيخ العلوم بقوله: (الإيقاع هو النقلة على النغم في أزمنة محدودة المقادير والنسب.)
صورة المسألة:
المراد بالإيقاع في هذا البحث أن يدخل الإنسان صوته الطبيعي أوغيره من الأصوات الطبيعية إلى جهاز الكمبيوتر أو نحوه من الأجهزة الحديثة أو بعض برامج الصوت فيقوم هو بتعديله أو يعدله البرنامج أو الجهاز من تلقاء نفسه ليخرج بعد ذلك صوتاً مشابهاً أو مماثلاً لصوت الموسيقى الصادرة عن آلات اللهو "المعازف"، أو يضيف البرنامج لصوت المنشد خلفيات موسيقية أو شبيهة بالموسيقى.
وزيادة ففي توضيح أنقل كلام مهندس الصوت محمد الريمي عن الإيقاعات في لقاء أجري معه في منتدى واحات صحاري على الشبكة:
((1- ماهو الإيقاع وهل هو أنواع .؟
ج/ الايقاع هو عبارة عن تفعيلة معينة بآلة او مجموعةآلات كل آلة تقول شي مختلف عن الثانية مثلا الطيلة تقول دوم دوم تك تك وتستمر والالة الثانية مثل البونجوز تك تتك دوم وهذا يعتبر عزف حر لكن بموازير محددة مثلا 4/4 او 2/4 او 3/4 وهذي الارقام عباره عن ازمنه للسرعات وفي اكثر واكثر من هذاوالرق يقول شي ثاني تش تش تش تش
ايضا مفهوم الازمنه للايقاعات كالمترونوم ودقات القلب وعقارب الساعه ايضا خطوات الاقدام وو هذي تعتبر ازمنه ايقاعيه وتختلف على حسب سرعاتها كدقات قلب الطفل والرجل والخائف والمريض وخطوات المشي السريع والهادئ والبطئ وهكذا
هذا شيء مختصر جدا لمفهوم الايقاع وأنواع الايقاعات او بالاصح آلات الايقاعات كثيره كالدرامز والدفوف والطار والبونجوز والرق وووووو الخ وهناك ايقاعات غربيه وعربيه مصريه وخليجيه ووو الخ ))
((3- الأصوات البشريه والتلاعب بها . فهناك من يتلاعب بها لدرجه تصبح شبيه بالموسيقى . ما رأيك بهذا الشي ؟ وهل يوجد أصوات بشريه لا تصل في هندستها للموسيقى .!
ج/ الأصوات البشريه والتلاعب بها هذا نوع جيد للتجديد وانا شخصيا استخدم هذه الطرق محاولة في اضافة الجديد وتطوير الفن الاسلامي والرقي به فرأيي بهذا الشيء كرأي الكثيرين من مهندسي الصوت بأننا نسعى لتطوير الفن الاسلامي لبلوغ الهدف الاساسي للفن الاسلامي وهو اكتساب شريحه من المجتمع ووصلونا إليهم عبر الكلمه الهادفه واللحن الجميل والأداء المتميز
الجزء الثاني من سؤالك شوي ملخبط فاذا كان تقصدي بأنه توجد اصوات بشريه تصل في هندستها للموسيقى نعم قد تصل بعض الاصوات البشريه إلى اصوات الموسيقى ولكنها بالاصل صوت بشري طبيعي 100%
4- بالنسبه للآهات كيف يتم التلاعب بها.؟ وكيف نفرق نحن كمستمعين للنشيد بينها وبين الموسيقى؟
ج/ الآهات طريقة التلاعب بها عده طرق من هذه الطرق هي البلاجنس الحديثه وهناك ايضا طرق تقليديه استخدمها المنشد يوسف اسلام لو احد سمع اعماله يلاحظه آهاته مرتبه بشكل جميل جدا بحيث يمتع السامع بعمل آهات مرتبه جدا ومنسقه جدا ولكأنها آلات خاصة البيز (Bass) والهارمونيات الذي يقوم بادخالها بصوته وبصوت المشاركين معاه فاحيانا المؤدي يكون لديه خامة صوت جميله جدا ومقدره في الأداء الرائع فيؤدي الآهات بشكل متقن جدا وهذا نجده في الغرب كثير احيانا يتم ادخال الموسيقى لمساعدة المؤدي في إدخال الآهات المناسبه وتنسيقها بشكل متقن ومناسب وبعد انتهاء التسجيل يتم حذف هذه الآلات الموسيقيه ويبقى الصوت البشري بحيث تترتب بشكل افضل ومنسق بشكل رائع طرق عده يطول المقام لشرحها في هذا الجانب وكل هذه الطرق تؤدي عملها بشكل رائع متقن ومتميز فمنها من تظهر الصوت بشكل ولكأنه موسيقى ومنها من تبقى من نوعية الصوت البشري وهكذا وهذا ظهر بالطبع مؤخرا لتقدم التكنلوجيا وتطورها بشكل سريع كان من قبل لاتوجد هذه الاشياء والسبب ان كان التسجيل والاستديوهات كل اجهزتها أجهزه غير ديجيتال ومعتمده على الهارد وير والاجهزه الخارجيه والافكتات الخارجيه والان اصبح الكمبيوتر له الدور الكبير في تطور الاستديوهات والتقنيات الرقميه الحديثه اصبح لها دور في تطور التسجيل والمكساج سواء للأغاني او للاناشيد او لأي شيء كان
الجزء الثاني من سؤالك كيفية التفريق سؤالك وجيه جدا فأحيانا حتى مهندسين الصوت مايقدرو يفرقون أو بالاصح يحاول انه يفرق ويكتشف بصعوبه فهنا تكون الأمانه من المنتجين والمهندسين بنفس الوقت أي انه يتم كتابة ذلك على اغلفه الاشرطه بأنه لايوجد اي موسيقى في العمل وكل ذلك باصوات بشريه طبيعيه هنا اصبحت الأمانه في اعناقهم ولكن اغلب الاناشيد والآهات بسهوله يتم التعرف عليها للذي يمتلك حس فني واذن فنيه لهذا الامر يستطيع التمييز في ذلك مره من المرات قرأت لأحد الاعضاء في احد المنتديات يقول بأن الطريقه هي تسريع النشيد وبيلاحظ ان هناك كعزف موسيقي عندما تم تسريع الانشوده ولكن للاسف طريقته خاطئه لأن الأداء واللحن للأنشوده تفرض هذا الصوت وهو مجرد صوت عادي أو ادخالات عاديه وغالبا مايظهر هذا الشيء مع صوت البيز أي القرار ))
فما حكم هذا الصوت الناتج، هل يحكم عليه بالجواز نظراً إلى أن أصله أصوات بشرية؟ أم بالتحريم لأن الناتج صوت موسيقي أو شبيه بالصوت الموسيقي؟
الجواب:
اختلف أهل العلم المعاصرون في الحكم على هذه النازلة ما بين مانع ومجوِّز، وسأعرض هنا كلا القولين بأدلتهما فإلى ذلك:
فأما أدلة القول بالتحريم، فمنها ما يلي:
الدليل الأول:
أن الشرع لا يفرق بين المتماثلات، فلا يليق أن ينسب إلى الشرع الحكيم أنه يحرم صوتاً ثم يبيح صوتاً مماثلاً له، فالتفريق بين المتماثلات ممتنع شرعاً، قال ابن القيم: (وإذا تأملت أسرار هذه الشريعة الكاملة وجدتها في غاية الحكمة ورعاية المصالح لا تفرق بين متماثلين ألبتة، ولا تسوي بين مختلفين ولا تحرم شيئاً لمفسدة وتبيح ما مفسدته مساوية لما حرمته أو رجحته عليه، ولا تبيح شيئاً لمصلحة وتحرم ما مصلحته تساويه لما أباحته ألبتة، ولا يوجد فيما جاء به الرسول شيء من ذلك ألبتة.)
ويناقش هذا الدليل من وجهين:
الوجه الأول: أن الغالب في هذه الأصوات أنها لا تماثل الصوت الصادر من الآلات مماثلة تامة بل يدرك المتخصص الفرق بينهما.
ورُدَّ: بأن وجود الفارق اليسير بين الصوتين لا يمنع التسوية بينهما في الحكم، كما أن آلات اللهو يختلف صوتها باختلاف العازف عليها وطريقة العزف، لاسيما وإن عامة الناس لا يدركون الفرق بين الصوتين، فعُلِمَ أن هذا الفارق غير مؤثر في الحكم.
الوجه الثاني: أن الشرع قد يفرق بين صوتين متماثلين فيبح أحدهما ويحرم الآخر لاختلاف مصدرهما، فإن الرجل يباح له سماع صوت تغنج زوجته وتكسرها في الكلام ولا يباح له سماع صوت الأجنبية على تلك الحال ولو كان الصوتان متماثلين تماماً.
ورُدَّ: بأن منع سماع صوت الأجنبية على تلك الصفة إنما هو من باب منع الوسائل المفضية إلى الزنا، ولما كانت الزوجة حلالاً له انتفت العلة التي من أجلها منع من ذلك الصوت، وليس ذلك لاختلاف مصدر الصوت فإنه لو طلّق زوجته وبانت منه حرم عليه ذلك منها مع أن المصدر واحد، بخلاف مسألتنا.
الدليل الثاني:
أن العبرة بمآلات الأمور، ولا يحكم على الأفعال بمجردها دون نظرٍ إلى ماتؤول إليه، فصوت الآدمي إذا غُيِِّر فآل إلى الصوت الموسيقي فالعبرة بما آل إليه لا بأصله، كما أن النفخ وإخراج الهواء من الفم جائز لكن إذا كان النفخ في مزمار أو بوق أو نحوهما حرم لأن مآله إلى صوت موسيقي محرم.
الدليل الثالث:
أن الطرب الحاصل بهذه الأصوات نفس الطرب الحاصل بآلات الموسيقى فوجب إلحاقها بها بهذا الجامع بل قد يكون بعض هذه الأصوات أبلغ من بعض أدوات الموسيقى، قال ابن القيم: (وإذا كان الزمر، الذي هو أخف آلات اللهو، حراماً، فكيف بما هو أشد منه؟ كالعود، والطنبور، واليراع، ولا ينبغي لمن شم رائحة العلم أن يتوقف في تحريم ذلك. فأقل ما فيه: أنه من شعار الفساق وشاربي الخمور).
ويناقش من أوجه:
الأول: أنه لم يأت دليل صريح على أن علة تحريم المعازف التي يدور معها الحكم وجوداً وعدماً هي الطرب ولا نحوه من العلل.
الثاني: أنه لو قيل بأن علة تحريم المعازف هي الطرب للزم منه: جواز سماع المعازف على وجه لاطرب فيه.
الثالث: أن الشرع لم يحرم كل مطرب، فقد يطرب الإنسان لصوت زوجته فلا يحرم سماع صوتها، وقد يطرب لصوت البلبل فلا يحرم سماعه، وقد يطرب لصوت قارئ وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمع صوت أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال صلى الله عليه وسلم: «لقد أوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود » وقال أبو عثمان النهدي:” دخلت دار أبي موسى الأشعري فما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا ناي أحسن من صوته ” والصنج هو آلة تتخذ من نحاس كالطبقين يضرب أحدهما بالآخر، والبربط آلة تشبه العود ، والناي هو المزمار، فهل يكون صوت أبي موسى محرماً؟.
الرابع: أن الطرب أمر ذوقيٌ يتفاوت الناس فيه فليس هو وصف ظاهر منضبط يمكن تعليل الحكم به.
الدليل الرابع:
أن هذه الأصوات تتردد بين أصلين:
أصل مباح: وهو صوت الآدمي.
وأصل محرم: وهو صوت المعازف والموسيقى.
فتلحق بأكثرهما شبهاً بها ولاشك أن شبهها بأصوات الموسيقى أقرب من شبهها بأصوات الآدميين الطبيعية المجردة.
ويناقش: بأن قياس الشبه ضعيف في حجيته وقد أنكر حجيته كثير من الأصوليين منهم الإمام المحقق ابن القيم في إعلام الموقعين.
الدليل الخامس:
أن جهاز الكمبيوتر أو البرنامج المستخدم لتعديل الصوت إذا استخدم على هذا الوجه كان من آلات اللهو المحرمة الداخلة في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" فالمعازف تتطور وتتغير من زمان لآخر، ولا يمكن قصر الحديث على الآلات الموجود في زمن الرسالة، وقد قال ابن القيم: (لا خلاف بين أهل اللغة في أن المعازف هي جميع آلات اللهو) وقال ابن تيمية: (والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها.)
ويناقش: بأن أجهزة الكمبيوتر وبرامج الصوت لا تسمى "معازف" لا لغة ولا عرفاً.
ورُدَّ: بأن استخدامها على ذلك الوجه يجعلها آلة لهو، وإن لم تكن معدة لذلك في الأصل، ثم إن اعتماد كثير من المطربين وأهل الفن على برامج الصوت والأجهزة الحديثة يجعلها من أبرز آلات اللهو في هذا العصر عند استخدامها لهذا الغرض.
الدليل السادس:
أن كون هذه الأصوات أصلها مباح وهو الصوت البشري الذي يدخل للجهاز ويجري تعديله لا يجعلها مباحة نظراً لأصلها بل إجراء عملية تعديل الصوت يجعل حكم الصوت الخارج مخالفاً لحكم الصوت الداخل، فالعزف بالبوق والمزمار أصله: نفخ الآدمي فيها وإخراج الهواء من فمه، ونفخ الآدمي وإخراج الهواء من الفم جائز وسماع صوت خروج الهواء جائز لكن لما أدخل ذلك في البوق والمزمار صار حراماً وهذا نظير مسألتنا، فوجب الحكم على الصوت الخارج من الجهاز بالتحريم، ولايشوش على هذا أن الصوت الداخل جائز.
الدليل السابع:
أن استخدام هذه الأصوات في الأناشيد فيه تشبه بالفسقة والكفرة، والتشبه بهم محرم لحديث: (من تشبه بقوم فهو منهم).
ويناقش من وجهين:
الأول: أن هذه الأصوات ليست من خصائص لفسقة والكفرة فلا تكون تشبهاً فقد استخدمها أهل لخير ولصلاح فانتفى التشبه عنها.
الثاني: أن استخدام الفسقة أو الكفرة للتقنية في الباطل لايوجب على غيرهم تركها في الدعوة إلى الخير.
الدليل الثامن:
على فرض وجود مبرر لإباحة هذه الأصوات فالقاعدة أنه (إذا اجتمع مبيح وحاظر غلب جانب الحظر).
ويناقش: بعدم التسليم بوجود الحاظر فإن الأصل الإباحة وما استُدِلَ به على الحظر غير مسلّم به.
الدليل التاسع:
أن مجرد مشابهة بالزمر والمعازف مذموم ولو لم يكن بآلات كما روى البخاري عنْ عَائًّشةَ قالَتْ دَخَلَ علَيَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعِنْدِي جارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ فاضْطَجَعَ عَلى الفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ ودخَلَ أبُو بَكْرٍ فانْتَهَرَنِي وقال مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فأقْبَلَ علَيْهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال دَعْهُمَا فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُما فخَرَجَتَا.
قال العيني في شرحه:
((وقال المهلب: الذي أنكره أبو بكر كثرة التنغيم وإخراج الإنشاد من وجهه إلى معنى التطريب بالألحان، ألاَ ترى أنه لم ينكر الإنشاد، وإنما أنكر مشابهة الزمر بما كان في المعتاد الذي فيه اختلاف النغمات وطلب الإطراب، فهو الذي يخشى منه، وقطع الذريعة فيه أحسن.))
ويناقش: بأن إقرار النبي صلى لله عليه وسلم يدل على جواز فعل الجاريتين، فكيف يستدل بإنكار أبي بكر، ولا يستدل بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم.
الدليل العاشر:
أن هذه صوت تلك الإيقاعات ونحوها نظير الصوت الصادر من المعازف، والمعازف من الباطل والإجماع منعقد على أن نظير الحق حق ونظير الباطل باطل، قال ابن القيم نقلاً عن المزني: (وأجمعوا بأن نظير الحق حق، ونظير الباطل باطل)
ويناقش: بأن نظير الشيء مثيله، وقد بينا أن بين هذه الأصوات وبين المعازف فرقاً من جهة الصوت - غالباً- ومن جهة المصدر فلا يصح أن تكون نظيرة لها.
ورُدَّ: بأن الفارق المذكور غير مؤثر في الحكم فلا يخرجها عن كونها نظائر.
الدليل الحادي عشر:
أن القول بجواز هذه الأصوات ذريعة لاستماع الموسيقى المحرمة، فإن عامة الناس وغير المتخصصين لا يميزون بين هذه الأصوات وبين الموسيقى المحضة، فقد يستمع الإنسان للموسيقى يظنها من هذه الأصوات.
فلو قلنا بجواز هذه الأصوات: فهل يكون سماع الصوت الموسيقي الذي لا يُعلم مصدره مباحاً أم محرماً؟
إن قيل: مباح أفضى إلى جواز الموسيقى حتى يعلم أن مصدرها الآلات المخصوصة، فينتهي الأمر إلى سماع الموسيقى إلا للمتخصص الذي له قدرة على تمييز الأصوات.
ثم إن هذا سيفتح الباب لتجار الفن والموسيقى في ترويج أنواع الموسيقى زاعمين أنها أصوات بشرية، فما الضابط أم سيشترط أن يشهد مسلمين عدلين من أهل الاختصاص أنها أصوات غير موسيقية!
وإن قيل: بل يحرم سماعها حتى يعلم أنها أصوات بشرية فهذا تحكم مخالفٌ للأصل وهو الإباحة.
فوجب المنع منها سداً للذريعة.
وأما أدلة القول بالجواز، فهي مايلي:
الدليل الأول:
أن الأصل الجواز والإباحة، ولا ينتقل عنه إلا بدليل، وأدلة التحريم لا تسلم من مناقشة فوجب استصحاب الأصل والبقاء على عليه حتى يصح الدليل الناقل، وهذا ما يسمى عند الأصوليين بـ"الاستصحاب".
ويناقش: بأن الأدلة السابقة تكفي للانتقال عن هذا الأصل، وأما ما ورد على بعضها من المناقشة فكثير منها غير مسلّم وعلى فرض التسليم ببعضه فيبقى البعض الآخر سالماً من المعارض الراجح.
الدليل الثاني:
أن تحسين الصوت البشري لا يوجب تحريمه ولو فاق أصوات الآلات في الحسن وهذه الأصوات إنما هي أصوات بشرية محسنة فلا وجه لمنعها، وقد قال أبو عثمان النهدي:”دخلت دار أبي موسى الأشعري فما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا ناي أحسن من صوته ” قال ابن حجر: والصنج هو آلة تتخذ من نحاس كالطبقين يضرب أحدهما بالآخر، والبربط آلة تشبه العود ، والناي هو المزمار.
ويناقش: بأن هذا مسلّم في تحسين الصوت بغير آلات أو على وجه لا يماثل المعازف المحرمة، ثم ليس مراد أبي عثمان أن صوت أبي موسى مماثل أو مشابه لأصوات تلك الآلات بل هو تشبيه لجمال الصوت وحسنه، وهذا جلي فإنه لايمكن أن يشتبه على ذي سمع تلاوة أبي موسى للقرآن بأصوات المعازف ألبتة.
الدليل الثالث:
أن الشرع قد يبيح صوتاً ويحرم صوتاً مماثلاً له لاختلاف مصدرهما كما في صوت تغنج الزوجة وتكسرها بالكلام وصوت الأجنبية في ذلك فإن الأول مباح والثاني محرم ولو كان صوت الأجنبية مماثل 100% لصوت الزوجة، فكذلك في مسألتنا يفرَّق بين الصوتين لاختلاف مصدرهما فالشرع نهى عن المعازف ولم ينهَ عن صوت الآدمي فيبقى صوت الآدمي جائزاً ولو تماثل مع المعازف في الصوت لاختلاف المصدر.
ويناقش: بأن منع سماع صوت الأجنبية على تلك الصفة إنما هو من باب منع الوسائل المفضية إلى الزنا، ولما كانت الزوجة حلالاً له انتفت العلة التي من أجلها منع من ذلك الصوت، وليس ذلك لاختلاف مصدر الصوت فإنه لو طلّق زوجته وبانت منه حرم عليه ذلك منها مع أن المصدر واحد، بخلاف مسألتنا، وقد سبق بيان هذا.
ومن وجهٍ آخر فإن استخدام الأجهزة والبرامج الحديثة على هذا الوجه يجعلها داخلة في عموم "المعازف" كما سبق بيانه.
الدليل الرابع:
أن الشيئين قد يتماثلان في الصورة والشكل ويختلفان في الحكم فيحرم أحدهما ويباح الآخر إبقاء له على الأصل، ومن صور ذلك: يحرم على الرجال لبس الحرير الطبيعي للنهي عنه، ويباح لهم لبس الحرير الصناعي ولو كان ملمسه كالطبيعي فلم يوجب اتفاقهما في الصورة والشكل اتفاقهما في الحكم.
ويناقش: بأن معنى الحرير المنهي عنه هو حرير دودة القز، أما ما يسمى بالحرير الصناعي فليس حرير في اللغة ولا في الشرع وتسميته "حرير" تجوز، أما المعازف المنهي عنها فهي "جميع آلات اللهو بلا خلاف بين أهل اللغة" وآلات اللهو مهما تطورت داخلة في عموم "المعازف" ومن آلات اللهو تلك البرامج التي تستخدم لإيجاد الأصوات الموسيقية عند استخدامها على هذا الوجه.
الدليل الخامس:
أن هذه الأصوات لاتدخل في "المعازف" لغة ولاعرفاً فلا تدخل في الحرام.
ويناقش: بأن هذه الأصوات خرجت باستخدام الأجهزة والبرامج الحديثة واستخدامها على هذا الوجه يجعلها داخلة في عموم "المعازف" كما سبق بيانه.
الدليل السادس:
أن في استخدام هذه الأصوات مصالح متعددة: ففيها مندوحة عن استخدام المعازف المحرمة، وفيها إبعاد للناس عن المحرم الظاهر "المعازف"، وفيه غنية لمن ابتلي بسماع المعازف، وإيجاد البدائل الشرعية عن المحرمات مطلوب شرعاً.
ويناقش: بأن هذا إنما يسلم إذا قيل بجواز هذه الأصوات وقد سبقت الأدلة الدلة على تحريمها، والبديل الذي يشرع إيجاده هو البديل المباح لا البديل المحرم.
ورُدَّ: بأن تحريم هذه الأصوات –على فرض التسليم به- ليس كتحريم المعازف في القوة ففي نقل الناس من المعازف إليه تخفيف للشر وارتكاب لأخف المفسدتين.
ويجاب عن هذا من وجهين:
1. بأنه يمكن نقل الناس إلى المباح وهو النشيد الخالي من هذه الأصوات فلا وجه لنقلهم من محرم إلى محرم أخف –على فرض التسليم بأنه أخف- .
2. أن الواقع أن كثير ممن يستمعون لهذه الأصوات المصاحبة للنشيد هم ممن لا يستمعون الموسيقى أصلاً.
هذا ما تيسر جمعه من أدلة الفريقين، وليعلم أني مكثت مدة في بحث هذه المسألة غير متبنٍ لأحد الرأيين وسألت عنها عدداً من أهل العلم فكنت أميل للجواز تارة وللمنع تارة، ولا يظنن ظان أني نصرت رأياً منهما أكثر من الآخر بل جمعت كل ما أمكنني من أدلة الفريقين.
الخلاصة:
تبين مما سبق رجحان أدلة المانعين وقوتها، وذلك لأن أدلة المجيزين راجعة إلى عدم وجود دليل للتحريم وأن الأصل الإباحة، وهذه الأصوات لاتدخل في المعازف المحرمة، وقد بينا أدلة التحريم فبطل القول بعدم وجود دليل للتحريم، وبينا أنها داخلة في "لمعازف" أو ملحقة بها.
قال محمد بن صالح المنجد - حفظه الله-: (هذه المؤثرات الصوتية التي تشبه الموسيقى مماثلة للأصوات الموسيقية لا تجوز ولا يجوز سماعها)
وقال الشيخ هاني الجبير - حفظه الله-: (لو أُخذ صوت آدمي فوضع في الأجهزة الصوتية المغيرة له فأخرجتْ صوتاً موسيقياً فلا ريب أن هذا الناتج صوت معازف لا صوت آدمي.)
وقال الشيخ عبد الرحمن السحيم - حفظه الله-: (ولا يجوز استعمال مؤثِّرات صوتية في القصائد والأناشيد ، أعني المؤثِّرات التي تُعطي نغمات موسيقية ، كجهاز " السامبلر " وغيره.)
وقال الشيخ/ عصام الحميدان - حفظه الله- : (فإن صاحبت المؤثرات الصوتية الشبيهة بالموسيقى هذه الأناشيد الإسلامية ، حرمت هذه الأناشيد ؛ لما تقدم من تحريم المعازف.)
وقد حدثني الشيخ عبد الله بن يعقوب الشمراني –حفظه الله- أنه سمع الشيخ العلامة محمد بن حسن الددو - رعاه الله- يفتي بتحريمها.
وبعدُ:
فإن النشيد الخالي من هذه المؤثرات يؤدي الغرض المنشود سواء في الترويح عن النفس أو في الدعوة أو في التحميس للجهاد أو غير ذلك، فلا حاجة لإدخال هذه المشتبهات إلى عالم النشيد إذ ليس فيها سوى زيادة الطرب.
وقبل الختام أبعث هذه الرسالة:
إلى إخواني المنشدين، وإلى القائمين على القنوات الفضائية "الإسلامية"، وإلى مستمعي الأناشيد
إخواني - رعاكم الله وسدد على طريق الخير خطاكم- أوصي نفسي وإياكم بأمور:
الورع واتقاء الشبهات بترك المؤثرات المشابهة للموسيقى فإنها في أحسن الأحوال من المشتبهات، (ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه).
التميزَ التميزَ فغير لائق بكم أن تشابهوا أهل الفن والغناء، ولا يكن حالكم معهم (كلما دخلوا جحر ضب دخلتموه).
وإلى أصحاب القنوات: لا تكونوا سببا في امتناع بعض الناس من الاستفادة من قنواتكم بسبب هذه المشتبهات - لاحرم الله المسلمين منكم ومن نفعكم الذي يشهد به القاصي والداني-.
ثم أما بعد:
فتأمل أخي القارئ في هذا الحديث الذي عدّه الأئمة من أصول الإسلام:
عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ﴿ إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ﴾
والله أعلم وصلى الله وسلم على سيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتبه/ عامر بن محمد "فداء" بن محمد بن بهجت الجُدِّي
4-ذو الحجة-1426هـ
ملحق (1) فتوى الشيخ هاني بن جبير – حفظه الله-
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل العبرة في الآلات الموسيقية هي الصوت المسموع أم الأداة المستخدمة؟ أو بعبارة أخرى إذا استطعنا أن نقلد صوت آلة موسيقية بالصوت البشري لوحده فهل يجوز استخدام هذا النتاج؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فكل المعازف سواء كانت وترية أو هوائية أو جوفية أو غيرها فهي محرمة على الصحيح من أقوال أهل العلم باستثناء الدف في الأعراس والأعياد ونحوها.
فإذا قلد إنسان أو حاكى صوت آلة موسيقية بترنمه بلسانه أو ترديد للهواء في جوفه أو نحو ذلك فليس هذا استعمالاً لشيء من المعازف فلا يحرم، وإن كان سيئاً أن يتشبه المسلم بما نهى الشرع عنه.
أما لو أُخذ صوت آدمي فوضع في الأجهزة الصوتية المغيرة له فأخرجتْ صوتاً موسيقياً فلا ريب أن هذا الناتج صوت معازف لا صوت آدمي.
وأحب أن أنبه إلى أن من أهل العلم من منع الأناشيد الملحنة التي تحرك الطباع وتجري على وفق ألحان الأغاني ووفق القوانين الموسيقية، والتي يكون مقصود سامعها اللحن والطرب بالذات لما في استماعها من إغراق في اللهو وإلهاء للقلوب عن تدبر كلام الله، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.
فتوى للشيخ هاني بن جبير في موقع الإسلام اليوم
ملحق (2) فتوى دار الإفتاء بلأزهر
نحن شركة نقوم بإنتاج برامج تعمل على الكمبيوتر، ومحتوى هذه البرامج مواد تعليمية وترفيهية، ويقتضي هذا الإنتاج وجود مؤثرات صوتية وإلا كان البرنامج صامتاً، والسؤال الذي نتوجه به هو:
1 ـ ما الحكم الشرعي في هذه المؤثرات وهل هي من قبيل الموسيقا الممنوعة شرعاً؟
2 ـ ما الحكم الشرعي في وجود بعض الرسومات لذوات الأرواح على أغلفة هذه البرامج؟
وقد تم إحضار جهاز الكمبيوتر إلى اللجنة واستمعت إلى المؤثرات الصوتية المشار إليها بالسؤال الأول وسألت اللجنة المستفتي ما يلي:
ـ ما أصل هذاالصوت المسموع من الجهاز؟
فأجاب بأن الصوت الخارج من الجهاز عبارة عن نوته مصنوعة بطريقة دقيقة وهي لمجرد إعطائها الأوامر تستحيل في الكمبيوتر إلى هذا الصوت المسموع وليس الصوت ناشئاً من تسجيل صوت موسيقي مخزَّن في الجهاز·
أجابت اللجنة بما يلي:
إن الأصوات المنبعثة عن إيقاع منفرد بذاته والمقصود به التعليم وشد الانتباه أو بيان الخطأ والصواب لا يدخل في الموسيقا المختلف في تحريمها، بل هو جائز إن شاء الله لأنه إيقاع منفرد لا يسمى عزفاً في العرف·
وأما الأصوات المركبة التي تولد طرباً والتي هي عزف عرفاً فهي مختلف فيها بين التحريم والإباحة، ولم يرد فيها نص قاطع فهي من الأمور المشتبهة التي تترك ورعاً ولا ينكر على فاعلها وإنما يرشد إرشاداً، وهذا إن لم يصاحبها مفاسد بيِّنة التحريم كالرقص الماجن والإثارة والتعطيل عن الواجبات، وأما الصور التي في الكمبيوتر والمعدة للأطفال، فإنها تأخذ حكم لعب الأطفال وهو جائز·
ملحق (3) فتوى الشيخ عبد الرحمن السحيم
السؤال : بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم الاستماع إلى أشرطة بعض المشايخ في القصائد الزهدية حيث يغلب عليها المؤثرات الصوتية والكورال .
وجزاكم الله خيرا
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك .
الحث على الزهد في الدنيا له اصل في الشرع ، وهو غير ما يَفهمه بعض الناس من ترك ما أحلّه الله وأباحه لعباده ، ولكنه ترك ما لا ينفع في الدار الآخرة ، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية .
فليس من الزهد ترك أكل الطيبات ، ولا لبس الجميل .
فإن سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام – محمد عليه الصلاة والسلام - لم يُعرض عليه طعام أو لباس وتَرَكه تزهّداً ، وهو عليه الصلاة والسلام الأسوة والقدوة .
فلم يكن عليه الصلاة والسلام يتكلّف ضد حاله ، فلا يطلب معدوما ولا يردّ موجوداً إلا أن يكون لا يشتهيه أصلا .
وأما بالنسبة للقصائد الزهدية فالقصد منها أصلاً ترغيب القلوب في الدار الآخرة ، والحثّ على عدم التعلّق بالدنيا
أما أن تُصحب بمؤثِّرات صوتية وغيرها فقد أصبح القصد منها السماع وحده ، أو السماع والتلذّذ بالصوت الحسن .
ولا يجوز استعمال مؤثِّرات صوتية في القصائد والأناشيد ، أعني المؤثِّرات التي تُعطي نغمات موسيقية ، كجهاز " السامبلر " وغيره .
والله أعلم .
المصدر: شبكة المشكاة الإسلامية
ملحق (4) فتوى الشيخ عصام الحميدان
حُكم الأناشيد بالمؤثرات الصوتية
كتبه / د. عصام بن عبدالمحسن الحميدان
الأستاذ المساعد بقسم الدراسات الإسلامية والعربية
جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعـــد
للجواب عن هذه القضية جانبان شرعيّ ، وتربويّ :
أولاً : الجانب الشرعي :
إن الاستماع إلى الآلات الموسيقية عدّه جمهور علماء السلف الصالح من اللهو المنهي عنه بقوله تعالى ) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) ( لقمان:6 ) ، وقوله صلى الله عليه وسلّم " كل لهوٍ يلهو به الرجل فهو باطل إلا ثلاثة . " رواه
وبأقوال وردت عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
وعارضهم آخرون من القدماء والمحدثين بأن اللهو المنهي عنه ما كان يصدّ عن سبيل الله بنصّ الآية ، وبأن الأصل في الأشياء الإباحة ، وبما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى غناء جوارٍ – وهما تضربان بالدفّ - في مناسبة(1) ، وبأن امرأةً نذرت أن تضرب بالدفّ في فرح ، فأمرها بالوفاء بنذرها(2) ، وبما ورد أن بعض الصحابة رضي الله عنهم كان يستمع للغناء بالآلات الموجودة آنذاك .
ولكلٍّ من أنصار الفريقين ردود ومناقشات للقول الآخر ، وترجيحات قابلة للنظر .
ومن هنا يتبين أن مسألة الاستماع للغناء واللهو من مسائل الفروع المختلف فيها ، والتي لا تدخل في مسائل الإجماع المتفق عليها .
ويتفق الفريقان على أن الغناء يصبح حراماً إذا استخدم في الصدّ عن سبيل الله ، أو الاستهزاء بآيات الله ، أو شرعه ، أو المؤمنين ، أو يتضمن الفحش والفجور ، والدعوة للدعارة ، أو الاختلاط بين الرجال والنساء ، أو صور الفاتنات ، أو الرقص المختلط ، أو الاستماع للمرأة جميلة الصوت من قبل الرجال بألفاظ الغزل .
بقي أن نعرف هل سبب التحريم في الغناء هو الصوت الحسن ، أم الكلام ، أم الآلة المستعملة .
الحقيقة أن الصوت الحسن لا يستطيع أحدٌ تحريمه ، لأنه هبةٌ من الله تعالى ، ومأمور بإظهاره في بعض الحالات كالتغني بالقرآن الكريم ، فإذا اقترن به ما يمنع منه كأن يستخدم في الفحش أو الفتنة ، كقوله تعالى ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ) فيحرم حينئذ .
وهذا الاقتران لا يختصّ بالصوت وحده ، بل يشمل كل تصرفٍ إنساني ، كالمشي ، والإشارة باليد أو بالعين ، وغير ذلك ، فالأصل في هذه الأشياء الإباحة ، وتجب في حالات وتحرم في أخرى .
فثبت أن الصوت الحسن لا يحرم لذاته ، وقد كان أنجشة يحدو بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، أي يتغنى ببعض الكلام ، ولم ينكر عليه .
والحقيقة الثانية أن الكلام المنظوم لا يستطيع أحدٌ تحريمه لذاته؛ لأنه شعر ، والشعر كان ينشد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره ، بل كان يأمر به أحياناً كما كان يأمر حسان بالشعر ، وحتى الشعر الغزلي كان ينشد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، كقول كعب رضي الله عنه : بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو من الغزل العفيف .
ولكن الشعر يحرم إذا استخدم فيما نهى الله عنه ، كالصوت تماماً ، فثبت أن الكلام المنظوم لا يحرم لذاته .
وبقي القول في الآلات الموسيقية .
وهنا نجد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " رواه البخاري عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري رضي الله عنه .
فقرن المعازف بالخمر والزنا المجمع على تحريمهما ، وأكّد ذلك بقوله " يستحلُّون " مما يدلّ على سبق التحريم .
وحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع صوت زمارة فوضع أصبعيه في أذنيه ، وقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع زمارة راعٍ فصنع مثل هذا . رواه الإمام أحمد وأبوداود بسندٍ حسن ( نزهة الأسماع في مسألة السَّماع لابن رجب الحنبلي بتحقيق محمود الحداد : صفحة 51 ).
( انظر أدلة التحريم وترجيحها على أدلة المخالفين في : حكم ممارسة الفنّ في الشريعة الإسلامية لصالح الغزالي : 187 ، وهي رسالة علمية للماجستير أشرف عليها د. عابد السفياني وناقشها د. صالح بن عبدالله بن حميد ود. سليمان التويجري ، وأجيزت بتقدير " ممتاز " )
ونظراً لأن التحريم لا يمكن أن يتوجه إلى الصوت أو الكلام ؛ لما ذكرته سابقاً ، فيبقى التحريم منصباً في هذا الحديث وغيره على ذات المعازف ، وهي الآلات الموسيقية .
فمتى صاحب الأغنية آلات موسيقية حرمت ، وإن لم تصحبها آلات فهي كلام ، قد يحلّ وقد يحرم بحسب ما يتضمنه ، وما يقترن به مما ذكرته آنفاً .
مع العلم أن بعض العلماء ذكر مبررات أخرى لتحريم الغناء غير هذه ، لكنها لا تنهض للمناقشة .
بعد هذه المقدمة - التي أراها ضرورية – عن حكم الأغاني ، يتساءل القارئ : ما علاقة هذا الشرح بالأناشيد الإسلامية المصحوبة بالمؤثرات الصوتية ؟
أقول : إن العلاقة قوية جداً ، بل لعل بعض القراء فهموا الجواب مما تقدم ، ومن لم يتضح له الجواب أزيد فأقول :
لا شك أن الأناشيد الإسلامية لا يمكن القول بتحريمها إذا خلت عن المؤثرات الصوتية الشبيهة بالموسيقى ؛ لأنها كلامٌ حسن مؤدَّى بتنغيم ، وهو جائز ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستمع لمثله أحياناً ، ولا ينكره ، ولكنه بلا شك ليس خيراً من ا لاستماع للقرآن الكريم ، وليس بديلاً عنه ،إلا أنه – الاستماع للأناشيد الإسلامية - يفيد في الترويح عن النفس ، وشحذ الهمم للطاعات .
فإن صاحبت المؤثرات الصوتية الشبيهة بالموسيقى هذه الأناشيد الإسلامية ، حرمت هذه الأناشيد ؛ لما تقدم من تحريم المعازف .
فإن كانت هذه المؤثرات ليست شبيهة بالموسيقى ، ولا يحصل بها الترنُّم ، كأصوات السيارات، وسقوط الأشياء ، وكسر الزجاج ، فلا مانع منها .
وأما الدفّ فالخلاف فيه معروف ، وحكم المؤثرات الصوتية الشبيهة بصوته كحكمه سواء بسواء .
hgYrkhu td p;l hghdrhu ( fpe vhzu td fdhk h]gm jpvdl hgykhx )