الألباب, الذباب, تنبيه, حديث
تنبيه الألباب إلى حديث الذباب
الأستاذ الدكتور كارم السيد غنيم
أمين جمعية الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
اتخذ بعض من لا دين لهم (حديث الذباب) تكئة للتنديد بالدين، وأنكره بعض ضعاف الإيمان، وحاول المستنكرين من المتدينين أن يبحثوا عن تأويل مقبول له، لمواجهة استهجان بعض المتخصصين في العلوم والطب، أو سخرية البعض الآخر من نص هذا الحديث النبوي.
ونحن ـ فيما يلي من صفحات لا ندَّعي أننا سنأتي على جميع جوانب الموضوع، وإنما بحسب ما توافر لدينا من مراجع، وما أسعفنا به الوقت، سنوضح جوانب في الموضوع، ونجلي أوجهاً من الغموض الذي واجه البعض في فهم هذا الحديث النبوي الشريف.
الحديث النبوي: سنداً ومتناً:
روى البخاري في صحيحه وابن ماجه في سننه عن أبي هريرة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإن في أحد جناحيه داء في الآخر شفاء). ذكره البزار، وكذلك التبريزي في (مشكاة المصابيح)، وابن حجر في (تلخيص الحبير).
إن حديث الذباب إسناده صحيح وجميع رواياته متصلة وصحيحه، زادت عن عشرين طريقاً[6].
أما من حيث المتن، فإن الذباب مما يتعذر دفعه كثيراً، وتصعب الوقاية منه في كثير من الأحوال، فإذا دعت الضرورة ووقع الذباب في الطعام، فإن الحديث النبوي يكشف عن وجود مواد مضادة لكثير من الأمراض، فإن نحن غمسنا الذبابة وخرج منها السائل قتلت المادة الموجودة فيه تلك الجراثيم المرضية، وهذا غير مرفوض عقلياً، وإن كان مستغرباً، والغرابة تأتي من الجهل بمادته، ولأن النفس تعافه.[7]
يقول ابن قتيبة: إن من حمل أمر الدين على ما شاهد، فجعل الذباب لا يعلم موضع السم، موضع الشفاء، واعترض على ما جاء في الحديث مما لا يفهمه، فإنه منسلخ من الإسلام، مخالف لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به عليه الأخبار ـ من صحابته ـ والتابعون. ومن كذّب ببعض ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، كمن كذّب به كله[8].
يقول الخطابي : تلكم على هذا الحديث من لا خلاق له، فقال : كيف يجتمع الشفاء والدواء في جناحي الذباب؟ كيف يعلم ذلك في نفسه حتى يقّدم جناح الداء، وما ألجأه إلى ذلك؟ قال: وهذا سؤال جاهل، أو متجاهل، فإن كثيراً من الحيوان قد جمع الصفات المتضادة، وقد ألف منها وقهرها على الاجتماع، وجعل منها قوى الحيوان. وإن الذي ألهم النحلة البيت العجيب الصنعة للتعسيل فيه، وألهم النملة أن تدّخر قوتها أوان حاجتها، وأن تكسر الحبة نصفين لئلا تُستنبت، لقادر على إلهام الذبابة أن تقدم جناحاً وتؤخر الآخر وقال ابن الجوزي: إن النحلة تعسل من أعلاها وتلقى السم من أسلفها والحية القاتل سمّها تدخُل لحومُها في الترياق، الذي يُعالج به السم
jkfdi hgHgfhf Ygn p]de hg`fhf