الملاحظات
صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 39

الموضوع: رواية سيدة الحرية

  1. #21  
    كنت امشي وأنا أتخيله أي شخص إلا أن يكون عمر،اصفع الذكريات مع كل خطوة وأحاول تجميد عقلي لدقائق فقط
    إلا انه عمل كما لم يعمل بحياتي
    لم استطع الدخول وأنا اعلم انه ينتظرني كيف ستوافقني قدمي
    عندما اقتربت جداً من الباب قلت لبدر
    -"خله يجي بالمجلس داخل"
    لم اعطه فرصة ليعترض، سبقته للمجلس أشعلت الأضواء والتكييف على قدر من البرودة ليجمد حواسي
    -"وش تسوين انتي"
    جاءني صوت جَنان وقد غطاها الذهول
    اجبتها-"بدر"
    "وشفيك؟ وشو بدر"
    -"عمر"
    -"رسيل وش تقولين جنيتي؟"
    اقتربت حينها مني وحاولت طمأنة قلبي أمسكت بيدي وقالت
    -"حبيبتي لاتخافين ترا كلها بيشوفك ويطلع يلا نروح"
    قلت بلا استيعاب كامل
    -"لا هو بيجي هنا قلت لبدر"
    قفزت جنان مفزوعة
    -"بيدخل هناليش ماقلتيليلو انه جاي وانا هنا"
    وركضت للخارج وبدر صادفها ولم يسأل
    قال لي مستنكراً
    -"وش الفرق الحين"
    -"ناده وخلصني"
    كان متضايقاً ليس للسبب ذاته بل لأنه على ثقة كبيرة بأنني غير راغبة بهذا الزواج
    كررت:
    -"بدر"
    -"طيب (نظر قليلاً ثم أضاف بتعب) الله يكتب اللي فيه الخير"
    وخرج ولم اعد اشعر بقدماي وضعت يديَ فوق بعضهما وأنا جالسة اراقب تنفسي المضطرب

    .-.
    .-.
    أتى لي بدر واتجهت عيناي للمكان خلفه ابحث عنها!
    قيل أنها ستأتي هنا
    شعرت بخيبة أمل هل غيرت رأيها!
    هذه المرة الثالثة التي ارفض فيها إن صحت ظنوني!
    المرة الأولى كما تذكرون قبل عامين، عندما صرفني بدر بلا اهتمام والمرة الاخرى كانت قبل أشهر من الآن لكن بدر صرفني ايضا لكن باهتمام!
    كنت تقدمت إليه رسمياً ،بهدف مجهول لايزال بدر يحاول الاستشفاف مني ويكرر انه يعي أنني مشفق عليها لا أكثر ولم أتجرأ أن اخبره بما يكنه لها قلبي المجنون!
    قبل ان اعرف الحب،أحببتها، وذلك فقط يكفي ان أراها غير الناس!

    لذا شعرت ببعض الغضب من بدر عندما رفضني أخيراً،وفضلت ان اغضب بعيداً عنه حتى لايشعر بي، لأنني رغبت بالغضب حينها،غضبت بشكل لم أتصوره
    هو لأنه لايدري أني متورط بحبها منذ القدم،يخاف أن أتورط بها الآن،حاول إفهامي أنها سعيدة جداً في منزل عمها،وأنها لم تستعد للزواج وان استعدت فليست مناسبة ليلكنني لا افهم
    ولا اريد أن افهملذا غضبت!

    شيء ما ساعدني أكثر على الغضب، هو أن علاقتي ببدر لم تعد كما كانت فقد يمر اسبوع لايصلني به سوى هاتف،ولأنه يعمل مع الشخص الذي اريد ان اقتله بيدي!مازن
    لأن والده اراد لهم العمل معه، ومع الأيام تمكنت علاقتهم لكن بدر لم يتعمد جمعنا في مكان واحد
    وكان مايرعبني حينها أن مازن قد يتزوج حقاً بأخته!
    دفعني ماخفت منه تدريجياً لأن اخبر والدي بنيتي للزواج، ورد علي بابتسامة كانما تقول:أخيراً
    اما والدتي،فكانت كرنيم،يريدون مني الزواج بامرأة اخرى، لكن امي لم تعارض رغبتي بالزواج باخت بدر!
    ورنيم عارضت دون صوتلكنها قالت فقط-" وانا اقول ليشاثرك حاط عينك عليها"
    والدي حينها اتفق مع والدها،فعلاقتهم كانت على مايرام وربما اعتبر أمري صفقة اخرىفتمت بنجاح!
    وعندها،رفضني بدر لحجة رفضها.!
    لم اعد املك غضباً آخر،ولم أكن اريد أن ابتعد عن بدر بسبب امرأة ولو كان ذلك لأيام فقط!
    لكني دون قصد ابتعدت تدريجياً، لأني شعرت باليأس اخيراً
    -"والله اقتنعت انا فيك ههههههه لكن هي رافضه الموضوع اساساً"
    كلمات بدر الأخيرة كانت الباب الأخير الذي صفعه في وجهي، لسبب ما، شعرت بخلو الحياة وكأنني امضي وحدي!
    .-.
    لأن عملي يتطلب مني إهدار وقت أطول في التسكع!، كنت اسافر كلما ضاقت المدينة،وكلما اتسعت لحد اضاعتي، لكنني هذه المرة اسافر برجاء من والدي لأقابل والد بدر لأوراق سخيفة ذات أهمية!
    جاءني اتصال من بدر،لم اجبه ليس لأنني غاضب بل لأنني سأصعد الطائرة
    لكنه عندما تكرر أجبته
    -"هلا"
    -"مرحبا يالنسيب"
    استثقلت مزحته
    -"هه مرحبا ها بدروه شعندك"
    -"بس كيف حالك"
    -"بخير وسلامه شوف حبيبي بتصل بك اذا وصلت انا بالطيارة الحين"
    -"ها وين مسافر؟ وليش ماقلت لي "
    -"ههه توه طرى على الوالد بوديله شغله واظاهر بقابل ابوك بعد"
    -"ايه اذا سألك عنا قل اني بزوره قريب"
    -"ان شاءالله اجل اكلمك اذا وصلت"
    -"ياخي مابي اسكر طيب ماسألت ليش قلت لك النسيب"
    جملته تلك ضخت أملاً في جسدي جعلني أتوقف عن المشي وعن الجلوس!
    -"ههه ياخي انت فاضي تمزح"
    -"هههه والله صدق جتني امس وانا راجع من صلاة الفجر وقالت انها موافقهشكلك طالع لها بحلم"
    تركت الحقيبة التي بدأت اشعر انها أثقل من همي حينها، وتوقفت لأوقف حشد الركاب خلفي
    -"من صدقك"
    -"ههههه والله بس مشكلة اذا بتصير انت زوج اختي ورطه هههه"
    -"بدر اختك وافقت؟ رسيل وافقت؟"
    -"ايه يابن الحلال بس ترى عندها شروط تعجيزية بتخليك تهون"
    -"شلون وافقت؟"
    كان يضحك واخبرني انه لايعرف شروطها بعد،رغم انعدام استيعابي سوى لموافقتها،لا ادري كيف أنهيت المكالمة ولا أي رحلة غادرت بي ولا كيف وصلت هناك
    حتى حذائي لم يعد يشعر بثقل جسدي، فخطواتي تكاد أن تطير!
    ما اذكره فقط أنني كنت أتقرب لوالدها قدر ماستطعت من الاحترام، ولست انافق!!
    (نافق ونافق ثم نافق ، ثم نافق لا يسلم الجسد النحيل من الأذى إن لم تنافق.نافق فماذا في النفاق إذا كذبت وأنت صادق نافق!) احمد مطر

    عندما عدت، التقيت بدر اولاً،وتأكدت مما قاله، ووالدينا حددا بعد ذلك يوماً لأراها
    وحاولت قدر المستطاع ان اتحاشى بدر،لانني اخاف الحديث معه في الموضوع ذاته، واخاف ايضاَ أن يرى سعادتي التي تكاد تنزلق من محياي!

    تلك الايام كانت لاتشبه سوى الأحلام،وان يكون الحلم حقيقة حتماً هو الحلم!
    وانا هنا انتظر قدومها،وارى بدر فقط يجعلني اشعر بانها لن تاتي!

    قطع تفكيري بدر ساخراً:
    -"قوم تراها داخل"
    ثم أضاف ابتسامة خبيثة!
    "حياك"
    ضحكت متوتراً ومشينا للداخل وكأن الطريق أصبح سفراً
    مادامت بانتظاري،كل خطوة تكاد تقطع وعداً
    في داخلي شيء يود أن يدوي العالم بصرخته، صرخة تشق السحاب ليهطل مطرا يغذي البشرية بهجةً وحبوراً ، اريد من المطر الهطول حتى يوقف العصف في داخلي، اريده ان يهطل حتى تغرق في روحي تلك التي احب

    .-.
    .-.
    .-.
    رفعت عيني بسرعة فاصطدمت بالجبل الواقف هناك والذي تقدم ليجلس على الأريكة الاخرى وكلانا ينظر لبدر
    -"السلام عليكم"
    سمعتها منه، ولم أرد السلام سوى في نفسي
    عمر -"بدر"
    بدر-"سم"
    ثم عم الصمت طويلاً، الكل يبدوا متوتراً وأنا لم ارفع عيني بعد
    قال عمر بصوت منخفض قليلاً،ويتهيأ لي انه يبتسم
    -"روح عدل غترتك"
    ضحك بدري واقترب مني فقال
    -"بروح شوي واجي"
    ثم ألقى نظرة طويلة،وفرك جبينه مبتسماً وتركني احتفظ بكل علامات النفي
    -انه شخص لااعرفه لااعرفه
    كنت اردد ذلك في داخلي لأهدأ لكني ازداد توترا
    كانت حاسة السمع تعمل بشكل مزعج،سمعت صمت المكان حتى يبدأ يزعج رأسي سمعت أصوات المارة خارج المجلس أو حتى خارج المنزل! حتى تأكدت أن لااحد في هذا المجلس سواي
    رفعت رأسي فاصطدمت بنظراته، فوقعت عيناي ارضاً
    يبدو انه عدل من جلسته، وفرقع أحد أصابعه، اشعر أن سمعي بدأ بالضعف والرؤية بدأت تعتم
    شيئاً فشيئاً أفقد الإشعاعات الكهرومغناطيسية التي احتاجها لأبصره في كومة العتمةالتف على نفسي بمقعد طويل استقل إحدى زواياه المنعزلة عازلة ذاتي عن ذاتي،
    مُشكّلة حولي هالة من ضباب، فيخالني أن الجالس عن بعد يسمح لي بممارسة الشهيق والزفير على حذر الجسم الذي فرقع إصبعه قبل الآن!
    الجسيمات الصغيرة تترنح وفق الخطوط المستقيمة فتهز افتراض نيوتن للضوء، ولم اعد املك إيمان أن الضوء يتمتع بالحرية كما غبطته سابقاً.فهاهو يتقلص فيكون غلاف يجعل الأشياء خلفه غير مرئيةويفقد صلاحياته في الانتشار!
    -انه لايزال هنا، أشعر بوجوده ولا أراههدوئي ساعد الأشياء حولي بارتداء عباءات السكون الجميع بدا يحسن الإنصات في خرس تام!
    .-.
    .-.




    وأنا انظر إليها، ولم انظر لسواها
    ربما لم يحدث أن رمشت أثناء تخيلي لوجودها، كيف وإذ بها هنا!
    كنت أتمنى أن اقرأها الآن لم يورثني أبي علم الفراسة لأعلم مافي باطنها
    اردت التحدث معها عن اي شيء،لكني مشغول بوجودها
    عاتبت النظر وألقيت عيناي بعيداً،أخذت أتأمل المجلس،أو اقصد أرضية المجلس، هناك حفلة في صدري وهنا قمر يهبط على أنفاسي ضوءه يكاد يخنقني
    قلبي بها ينبض منذ سنين وعندها اشعر به توقف!
    القي نظرة خاطفة خائفة غير مصدق أنني سألمس النجوم
    لو رآني بدر الآن لانزلق مني اعتراف ربما لن ينكسر، هذا الوقت أصبحت أقوى وكأن لاشيء سيكسر ولاشيء سيتلف فيني لأنها هنا لرؤيتي!
    لسبب لا اعرفه رفضتني سابقاً،ولسبب آخر جاءت لرؤيتي،لم افتش عن إجابات لأنني لا أجد لها سبباً أيضاً!
    تماماً كأسباب حبي لها،او اسباب رغبتي المفاجأة بالزواج او أسباب ارتدائي الهدوء رغم ان رجل في داخلي يريد ان يصرخ عالياً انه يحب تلك الفتاة!

    تبدوا أكثر خجلاً مما كنت أتوقعه،هي لم تلقِ نظرة واحدة، هل مهووسي القصص مأخوذين بالمفاجأة! ام تراها كاتبة تريد صناعة رجل آخر في مكاني يشبهها!
    رجل تكتبه في قصتها يجعلني غيور،وأنا الرجل الذي كتب له القدر أن يكون هنا بصحبتها بعد انتظار شاخ باللهفة،حتى جعل من لهفتي رجل لايقوى على الحراك خطوة واحدة،ويحلم بمد يديه لشعرها ويمسح عليه كمن يتحسس ألوان في لوحة غير جافة!
    فقط لأنها هي،رسيل الحلم المؤقت بأرقام لاتفجره، كموعد مع الفرح الذي لاتؤقته ساعة حائط!
    ربما صدقت هي عندما قالت ان الساعة قد تتوقف أحياناً!
    لازلت في مامضى بعيداً عنها قريباً جداً حيث تكتب، اشعر أنني اريد جدالها في شيء كتبته يوماً أن الأحلام لاتتحقق!
    الأحلام تبتئس عندما تصطف في سطر مع الأوهام!
    فإحداهما يوعد باللقاء والآخر يوهمنا به!.تلك الجالسة أمامي تراها أي من الاثنتين!
    "لا أدري كيف رماني الموج على قدميكلا أدري كيف مشيت إليّو كيف مشيت إليك كم كان كبيراً حظي حين عثرت عليك !" نزار قباني


    .-.
    .-.
    -"رسيل"
    صوت بدر جاءني وكأنه قادم من بئر عميقة،تلتها حركة من الآخر على مقعده،شعرت بضجيج ناقض الخرس السابق
    وكأن كل شيء يتحدث دفعة واحدة لا بدري فقط!
    -"."
    كان يبتسم وأشك أن ضحكة تكاد تفلت من شفتيه ،لو أن الرؤية واضحة في داخلي لأيقنت انه كان يضحك،
    كيف كنت أبدو إذن!

    ربما قال شيئاً ،لأنني أراه ولا ابصره، اسمعه ولا افهمه، وقفت هاربة في إدراك متأخر جداً أن المكان كان ضيقضيق جداً ليحمل كل ماشتغل به رأسي!
    تخطيت الباب وكأنني تخطيت الحدود بيني وبيني،الفاصل بين تلك الأرض وهذه لايغير شيء في المنزللكنه يكتفي بي
    الفاصل ذاكفصل بين جزأين من حياتي،نقلني للفصل الآخر من عمري، هذه الأرض أنا وتلك سأكونها هي! الوطن من أقف عليه الآن وسأغدو للمنفى.
    بإرادتي عبرت الخط ووافقت للزواج منه،أقصد لم اكن حقاً اريد أن اغامر بحريتي لأصل لها!
    ليست لي رغبة بالحضور هنا لرؤيته،فنحن لانزال نملك ذاكرة تجمعنا، لكن الامور عندما تجري هكذافقط هكذا،ليس لنا سوى المضي دون معاكستها،لأن ذلك سيعيقنا نحن!

    أثق انه ملأ عينيه بي قبل قليل، عندما كنت شخص لم يرتبط به استرق النظر طويلاً،كيف الآن!
    انا لم استطع رؤيته سوى للتأكد من وجد شخص ما
    بما أن الباب لايزال منه جزء مفتوح، وأنا لاازال في تشبث بأرض الوطن!
    تلصصت عيناي للمنفى!كم من المسافة تفصلني عنه الآن.وكم من الوقت سيصلني به
    أكنت اعتقد أن المسافات التي قد تصل إليه لاتقاس سوى بالسنة الضوئية!
    كم كنت مخطئة عندما اعتقدت انه واخته البغيضة لن يكونا ارقاماً مهمة في حياتي.!
    تمنيت لو أني لا أراه كما أراه الآن، تمنيت لو أني لااستطيع تحديد موقعه إلا بخارطة تشبه خرائطي الغير معنونةوتشبه مساحات الصحراء الكبرى في كل خريطة رسمتها في دفتري مساحات خالية.ليتني هناك.
    بالطبع الأراضي الغير منتهية هي وطن الحرية!
    بدت لي الظلال تعكس نفسها.ولا شيء يحفز فيني الأمل للمستقبل الذي أراه فيه أردت أن أتحرر مني فارتبطت به وأمسكت بيدي في اليأس العظيم
    أغمضت عيني ثواني وكررت ذلك حتى تصفو الصورة أماميوما ان اتضح كل شيء ازداد رعبي!
    بعض من الضوء كان ينتقيه وهو يتحدث مع بدري منتصفاً المقعد الطويل الذي كان قريباً منيكان يبدو جالساً على أهبة الوقوف،ويده الكبيرة التي شغلت بالي ذات فلسفة تتشابك أصابعها معلنة شجار داخلي، اعرفه جيداً واراه واضحاً واكرهه كثيراً فهو عندما أشفق علي. تزوجني!
    عمر.سأكون معكولست لك!
    .-.
    .-.
    .-.

    لم اود العودة للمنزل،لكني عدت
    اشعر ان الجميع يحدق بي كأنما قد ارتكتب خطأ لايغتفر، أو ربما كأنني قد ادهشتهم لما استطعت تحقيقه!
    لا أدري،ولست مهتم فقط اريد الذهاب للسرير فقد تظهر لي مرة اخرى في حلم
    اكان ماحدث هذا اليوم أيضاً حلم!
    -"ماغيرت رايك؟"
    جائني صوت رنيم وهي تتبعني لغرفتي
    بابتسامة كبيرة أجبت-"وليش اغيره"
    -"عمر احس انها ماتصلح لك"
    لازلت احتفظ بها-"وليش"
    -"مدري كل صفاتها مو زينه وتدري اني ماقد شفتها لو مرة وحده تضحك؟"
    ضحكت وأنا اغادر قائلاً:
    -"أجل فاتك نص عمرك"

    .-.
    .-.
    عندما غادر عمر،واشك انه لايزال بالخارج!ورحلت رسيل لغرفتها
    شعرت بشيء غريب
    صديقي سيصبح زوجاً لأختي،واختي كانت ساخرة من الفكرة وبلا مقدمات وافقت
    عندما ظننت انها قد تحمل له بعض عاطفة تذكرت حديثها دوماً عنه بعدم رضا وكانه المخطئ الذي يتعمد اغاظتهارغم ان لاشيء كان سيحدث واليوم اختي ستتزوج قبل انهاء دراستها
    كثيراً من الاسباب تجعلني لا اود ان اوافق،شيء مريب ان هذا قد حدث!
    لكني لااستطيع ان اقف في وجه رسيل لأنها مرت بالكثير وربما تعلمت شيئاً
    قبل عامين ظننته مازحاً،او اردت ان اظنه هكذاوعندما كرر طلبه ايقنت بجديته،لكنها رفضته هي وانا في داخلي، واثناء تلك الايام شممت رائحة لم اذكرها فيه منذ زمن، عندما عاد للسجائر عدت لطرح السؤال بطريقة اخرى لرسيل وكأنني من خلال ذلك ارجوا موافقتها! ويالدهشتي حين وافقت دون أي سؤال
    شيء آخر يجعلني ارتاب لهذا الزواج،ان عمر قال مهدداً عدة مرات ان رسيل ان لم تكن له فلن تكون لمازن
    ربما ظن ان علاقتي بمازن قد تجعلني اقف في صفه لتغير رأيها!
    فقط أتمنى أن لايكون أمله في الزواج منها منافسة لمازن!

    .-.
    .-.
    .-.
    بعد عدة مساءات،،

    كنت أظن ذات وهم، أن الرجل الذي سيأخذني بحصان ابيض،سيكون زوجي ، وظننت ذات حلم أن الرجل الذي سيهديني وردة زرقاء كما خلقت سيكون الوحيد الذي أتزوجه
    ربما لأن الاثنتين لاصحة من وجودهما، وانني امرأة تؤمن بالمستحيلات وتنتظر قدراً من المستحيل
    أحببت الحرية!
    لأنها تشبه المستحيل كثيراً،ان تتحقق المستحيلات تلك الحرية!
    وان أتزوج رجلاً دون حصان،ودون وردة زرقاء.هو الإيمان في داخلي أن ذلك المستحيل لايسكن سوى الحرية
    واخترت شروطاً ليست بقياس حلمي،انما كانت بقياس الحرية حيث أنني طلبت أولاً"
    -"بيت خاص"
    أجاب بدري
    -"مؤقتاً بشقة وبعدين تطلعون ببيت خاص يعني منتي مع اهله"
    ربما يظن أن ذلك مطمئناً، لكني قلت
    -"طيب بيتنا اللي شراهليش مانسكن فيه؟"
    نظرته التي رمقني حينها جعلتني أبدو كمن كشف الستار عما يخبئه في وقت لم يكتمل فيه الجمهور!
    أضفت مستدركة
    -"يعني اقصد ليش ماتقوله نعيش ببيتنا أحسن من شقه"
    -"رسيل الزواج مو مسألة بيت"
    كان يبدو متضايقاً وكأن طلبي الطفولي بنظره إجابة لموافقتي للزواج!
    قلت اخيراً
    -"ترا حتى لو كان غير عمر مو مسألة بيتنا"
    وهربت قبل ثاني شروطي وقبل أن اسمع من بدري مايجعني اعدل عن قراري بأكلمه!
    قال مرة اننا نكون اغلا اثنين في حياته،لايريد ان يفقدنا بهذا الجنون. ربما زواجي منه جنونلكنه جنون بعقل وفسحة عميقة تتسع لأكثر من خلل واتزان!
    اريد الحديث أكثر عن هذا الجنون،اريد وصف عميقه وظاهره،لست وحدي من يريد الحديث هذا اليوم فالأشياء تبدو جميعاً ممتلئة بالكلام فقط لأننا لاندري كيف نتخلص من رفات الأحلام،ولا بأي ثمن نشتري الامل،والحياة،
    هذا الوقت أنا عروس،يجب ان اشعر بجناح من التفاؤل تحت كتفي ارتيابي،اريد قصيدة لاتحوي حروف استهلكها الم،اريد العودة لما قبل اللغات،اريد العيش في قرن لغة الاسبرانتو حتى لا اخلف اثراً عني حيث نتلاشى معاً!

    قريباً جداً زواجي
    ليتني امرأة تكتفي ان تكون عروس،تكتفي ان تتسوق نهاراً وتحلم ليلاً، تكتفي بصوت زوجها وصورته،تكتفي بالعيش معه في سقف واحد! بل ليتني امرأة لاتعرف عن الحلم سوى اسمه، والصمت سوى ظاهره، وتهاب المستحيلات، ليتني امرأة تخاصمها جميع الأشياء وتكتفي بالسكوت، ليت تلك الدهاليز في حياتي ليست سوى إعلان محل تجاري نلتقيه صدفة في شارع ولانخوض بتفاصيله ،ولاتقف أمامه امرأة تتساءل من صممه من صوره من وضعه هنا ولاحتى كيف يشعر من يظهر فيه عندما يعبر لاحقاً!






    رد مع اقتباس  

  2. #22  
    .-.
    .-.

    كنت جالسة قرب بدري لا استمع لحديثه الهاتفي وجنان تتابع برنامجاً، جنان احتراماً لي ربما بدأت تغطي رأسها عند وجوده،
    فكرت في خالتي التي أزورها كثيراً ،أخبرتني أن مازن غاضب أشد الغضب من قراري هذا، وبالأخص من أن عمر هو من فضلته عليه
    وطلب منها ان ارجع بقراري أيضاً
    وكنت متخوفة من رنيم، وانها قد تكون أسوأ من لمى لكني اطمأننت للأمر عندما زارتني هادئة ومتفهمة لتأخذ رأيي في بعض الاستعدادات، وجَنان من كانت متفاعلة جداً للموضوعلا أنا

    أنهى هاتفه وكما اعتقد كان يتحدث لعمر،سألته عندها
    -"هو يشتغل معكم انت ومازن؟"
    كنت اعلم انه لايعمل معهم، لكنني أردت التوصل إلى إجابة تشبع فضولي،وكأن الأمر برمته مجرد فضول!
    -"لا عاجبته شغلته بالصحافة"
    صحفي!
    منذ متى وهو يهتم بجمع الأخبار؟الم يقل سابقاً أن الصحفيين يجب يكونوا نساء لأنه يستوجب الثرثرة وتناقل الكلام!
    أم تراه حتى هو نسي ماقاله! وأنا شخص عندما اغرس فكرة في رأسي ادعها تنمو لاتموت
    إذن هو صحفي! لأي صحيفة!،لأني على ثقة انه لن يكون في إذاعة أو تلفاز!
    سابقاً كان الصحفي ينعت به كل من يجلب المعلومات من الكتب بلا حاجة لمعلمين،وكل من يبحث في نقاش الأشياء، لكنه الآن زمن النساء!
    حضر في بالي رامي،وجعلته في مقارنة سريعة بعمر! إذن استطاع امتلاك ورقة في صحيفة هو الآخر!
    أصبح حر أيضاً، ذلك مشجع جداً!

    -فقط بكلمة من بدر صنعت له مقالة في رأسي ورتبت له مقعد في صحيفة، وكأني اريد الحصول على ما اشتهي بحرية فكرة!
    وليس ذلك آخر ما أخطاته عنه!
    .-.
    .-.

    اخبرتهم انني اريد زفافي يوم الثلاثاء، حبي لذلك اليوم شيء يعنيني
    لكنهم أصروا على الخميس
    ولأنه يوم مهم لي أنا،ولا احد غيري لم ارضخ لهم!
    ربما لأن اليوم الذي ارادوه هو يوم لا يأتي كل اسبوع إلا وهو في كامل زينته،ومجهز تماماً للأفراح
    وأنا احب الأيام التي لاتكون على استعداد،احب مباغتة الأشياء في طبيعيتها لأستطيع أن احبها بلا أقنعة!

    اخبروني سابقاً أن أعقد قراني به "الملكة" لكنني رفضت، فبعد الرؤية الشرعية فضلت أن يكون عقد القرآن هو اليوم الوحيد في حياتي حيث يحضره الجميع ، فلا زلت ابغض التدرج في الأشياء!
    والدة عمر غضبت لذلك،وخالتي كما اعتقد، ودانة نصحتني مؤكدة انها ستكون الفترة الأجمل، لكني لازلت ارفض الفترة التي أتقاسم بها لقبين!


    .-.
    .-.
    .-.
    -"لازم فستان ابيض؟"
    ردت جَنان ببهجة كان يفترض أن تكون بي
    -"لا اسود ههه أكيد ابيض ولا بعد!!"
    راقتني الفكرة قليلاًبالطبع لست امرأة تود الاختلاف والمعارضة! لابل الأسود جميل، ولا اعني ملائمته للمآتم بل انه أنيق فحسب!
    لكن ماذا لو حدث وارتديت الأسود! سأكون مضحكة للبعض، وجالبة شؤم بنظر العجائز، ومستهترة بنظر من سيكون زوجي!
    أو ربما لايعنيه شيئاً اذكر انه قال ذات نقاش طفولي: أن الألوان جميعها رائعة وانه يكره الأشياء التي لا لون لهاواذكر أن بدر قال مستهتراً انه لايوجد شيء بلا لونليأتيه الرد بصفعة على رأسه ذلك اليوم كنت افكر بالأشياء التي لا لون لها وكنت مؤمنة كثيراً أن الزجاج مثلاً مثال لشيء لالون له،وبحثت كثيراً عن ذلك اللون. لم أكن طفلة تترك الأشياء نصف مغلقة حتى خطأي بالزجاج لم اعترف به كخطأ لأنه من دون كل الأشياء يملك حرية أن يبقى كما يريد!
    .-.
    التاريخ الذي لن انساه!
    جاء ليجعل كل الأرقام سواه دون قيمة، وكأن لااحد غيري سيتزوج هذا اليوم،ولا غيري اتخذ موعداً من حلم لم يلتقيه ذات يوم!
    .-.

    بينما تركت جسدي على مقعد طويل، ليقوموا برسم ملامحي وتصفيف شعري، كنت اسبق الزمن بساعات مستبقة كل شيء كل حدث وكل موقف قد يأتي مهنئاً بحريتي أو معزياً فقدي لها
    تلك المصففة اخالها تجن لو سمعت حديثي الآن،وكأنني سأتزوج من الحرية!
    كنت على وشك ان اخبرها بالاستدلال بنزار عندما قال:كان هناك ألف امرأة في تاريخي
    إلا آني لم أتزوج بين نساء العالم إلا الحرية، وأتحدث لها في نقاش طويل كيف كان يحب النساء ويفضل الحرية! وكأن لاشيء عندي لقوله في هذا اليوم الا قصيدة وتبرير حلم!

    -"الازرق او الاسود؟"
    كنت سأرد على سؤالها بالأسود طبعاً،او ربما كدت سأقول أريد اللون الذي لا لون له!
    لثقتي انه المؤمن الوحيد بذلك اللون غيري!
    عند ذلك فقط شعرت أنني سألقاه إن تحركت من هذا المقعد، وسيكون زوجي بعد خطوات
    هناك شريان بدأ ينبض،وهناك حنجرة تستغل الفرص لتقتصد في الهواء،تمنيت أن تخفيني جيداً بألوان التجميل ولاتبقي من ملامحي مايذكرني بي!

    لم اخرج لأحد سواه، بل جاءني الأقربون ممن احب ولا احب وتبادلنا قبلات وتهنئة،وسألتني دانة لمِ لااخرج للجميع فحتماً سأبهرهم! ابتسمت لها قائلة:أن ابهره هوَ،فقط مااريد،
    وطبعاً هو ليس الجواب الذي اريد،احتفظت به كي لا ابدوا حزينة حتى في هذا اليوم،لأنني وددت ان أقول:لست في مزاج جيد لتحمل رؤية الحشد الكبير من العيون الفضولية!التي لاتتكاثر إلا في الأفراح.والتي لم أرى منها عيناً في عزاءاتي الطويلة!

    كنت اشعر بالوقت لايمر.حقاً أطرافي بدأت ترجف رهبة!
    -"رسولة تعاليتعالي"
    أمسكت بيدي وسرنا نحو النافذة الصغيرة المطلة على الحفل بالأسفل، انه حفل لأجلي!
    رؤية جميع النساء جعلت عيناي تتسع أكثر فأكثر، رباه يبدوا الأمر ليس بمزاح أبداً!
    لم أتزحزح عن مكاني، بقيت أرى تلك الحشود البشرية بالأسفل، وكأن ذلك العالم الصغير تحتي قد صنع لأجلي!
    لبرهة شعرت أن الجميع "متنكرين بثيابي"
    ويمارسون طقوس لم اجربها ويقلدوني في كل مالم افعله!
    .-.
    .-.
    .-.
    اجلس بجواره،يغلق الباب بدري، واغلق عيناي تبعاً لذلك، واشعر بالسيارة تتحرك
    إن فتحت عيناي الآن سأرى أن من يقود بجانبي عمر!
    عمر ذاك عمر ليس بأحد غيره!عمر.وفوق ذلك زوجي!

    .-.
    .-.
    امسك بالمقود وكأنني اقبض هذا اليوم كي لايرحل او يصير حلماً، امسكه بشدة افيق ولا افيق
    انتِ بجانبي تجلسين.! انتِ هنا بالقرب مني ولي !
    استرق النظر اليك كل ثانية شيء فيني لايصدق ان كنتِ حقيقة!

    كنت بجانبي كتمثال في متحف مغلق
    قلبي يرتعش،وجسدك كذلك!
    اقطع الطريق بجنون،وتبدولي كل المراكب المجاورة ليست إلا حمامات ضائعة، خالفت سرب الحمام
    الكون أمامي يختلف عما كانلم تعد إشارات المرور تعني التوقف
    اشعر بالكون يراقب حركاتي ،يتوقف ويصطف الطريق أمامي دفعة واحدة،ويطل علي من النوافذ في فضول ،وكل شيء يهمس عنا
    اشعر بضوء يسطع عاكساً رغد الحياة أمامي فلم افقد الشمس، كل شيء يشع هذا اليوم
    يوم زواجي منكِ،افترشت الطرق نفسها لنا، وألبستنا أجنحة كي نطير عليها!
    حضر لأجلنا هذا اليوم شمس وقمر،فاختلفت الأضواء في الطرق أمامي،وبدأت كل الأشياء ليست كما هي
    ولم يكن عقدكِ سوى نجوم،وروحكِ سوى غيوم،وعيناكِ تذكرتي حول العالم، وأنتِ بجانبي فقط اشعر بك تتحولين لشجرة-كريسماس- لأعلق عليك جميع أحلامي وامنياتي

    -التفتت إليّ،كان هناك غطاء لايجعلني أرى أي نظرة كانت،لكن تراجعها على المقعد قليلاً نبهني إلى مؤشر السرعة الذي بلا أدنى شعور مني تخطيت السلامة بكثير!

    ربما كدت اهرب من تلصص الأشياء علينا،أو ربما كنت اسابق لأصل لسرب الحمام!
    كنت ارتكب الحماقات منذ الصباح، بل منذ أن أدركت الحب، وبحثت عنك

    .-.
    توقفنا أمام الفندق، خرجت من السيارة بعد أن ألقيت نظرة عليك مفادها تعرفينه جيداً –اخرجي أيضاً- ولم انطق بشيء
    وقفت على بعد خطوات،ارجوا مزيداً من الهواء ليزيح توتري،فأنا اجن كلما تذكرت انكِ هنا معي!

    .-.
    .-.
    .-.
    ارتجل من السيارة فاسحاً لي المجال بالتنفس
    قيادته مجنونة، رفعت رأسي ورفعت الغشاء عنه قليلاً لأنعش رئتي، فرأيته بوضوح يقف بثوبه الأبيض –وغترة- بيضاء، استفزتني رؤيته وكأنه يظهر نية السلام،
    أسدلت الغطاء بسرعة وأسندت رأسي على المقعد وكنت احسب دقات قلبي المفزوع ولا اريد مغادرة السيارة ابداً
    فجأة عاد للسيارة، شعرت بالضيق مرة اخرى، وكأنه لايجب عليه أن يعود هنا
    -"وش تنتظرين؟"
    رفعت عيني بسرعة وعدت ادقق فيما قاله!
    أهكذا تطلب من عروسك النزول! ربما لم ترد ان تفتح الباب لي ايضاً
    كان لايزال واقفاً مغلقاً بجسده الكبير الباب!ومنفذ الاوكسجين!
    -"الباب"
    قلتها بصوت ضعيف جداً لايساوي قوة الغضب فيني، الا يجب ان تفتح الباب ألا ترى فستاني الكبير!
    وفتح الباب مباشرة، وخرجت بطيئة الخطى وحذائي يطرق الأرض كما يطرق في رأسي
    إلى أين نحن متجهون!
    اهو جاد؟ إلى أين يأخذني!
    استقبلونا مجموعة رجال لايتحدثون العربية، شعرت أنني اريد بلغة لا أتحدثها ولا يتحدثونها أن اشتكي ذلك الشخص أمامي
    إلا انني كنت اتبعه حتى المصعد
    وقفت أمام المصعد ولم ادخل، لم أكن أخاف المصاعد أبداً،ولا املك رهاب الأماكن الضيقة، لكني كنت أخافه هو!
    -"نطلع مع الدرج؟"
    ذلك ماقاله كمن فهم أمراً، لكني غير مؤهلة لصعود الدرجات بهذه الأشياء الثقيلة، وبلا فهم منه تبعته
    التصقت بالزجاج الخلفي وبدأ بالارتفاع وواكبته دقات قلبي،توقف المصعد قبل أن أتفجر من ارتفاع الضغط بوجوده!
    وخرج قبلي،
    فتح الباب بيده اليمنى وبقي مسكاً له كي لايغلق لأدخل، لكن ذراعه الاخرى من كانت يغلق الطريق
    كان يبتسم، وأعي انني املك بؤبؤاً احمقاً لايراه الا عندما يطير إليه!
    تراجعت خطة للوراء مهددة بالهروب!!
    لا ادري سبب ارتفاع إحدى حاجبيه عندها، وهو يحتفظ بابتسامة مزعجة!

    ابتعد كثيراً وعندما تقدمت للداخل قال:
    -"بنزل شوي وبرجع"
    أغلق الباب خلفه، رفعت الغطاء عن عيني والقيت نظرة للمكان كمن يتفحص وجوده،
    ان لايعود هنا شيء مطمئن، عندما تقدمت اكثر لم اجد سواها،
    انقبض قلبي رعباً مع اول رسالة رنت في هاتفي،واول فكرة ترددت في عقلي
    أيعقل ان لاتكون سوى غرفة واحده!
    -ان تكون غرفة واحدة،وسرير واحد، وتلفاز واحد،ومنشفتين!
    شيء هائل! شيء لايصل بالحرية بشيء،
    كل صوت بالخارج يهزني حد الدعاء ان لايكون هو،عبائتي تتشبث بي رهبة سكون المكان
    اجلس دون إحداث أي تغيير،وكأنني مجهزة للرحيل،وكل دقيقة تمر تعلمني بخطورة ماقدمت عليه!
    عشرون دقيقة مرت،ولا شيء يتغير،ولاهو يؤكد صحة وجوده!
    ربما اعتادت الاشياء اخلاف موعدها معي.!

    -مضت ساعة، كأنها خارج الزمن، وأنا على يقين انني لو خرجت من هنا لرأيت الحياة بالخارج متوقفة، ذات يوم تمنيت لو أن اموت، لكني الآن اتمنى لو أني لم اولد بعد!

    يتبع

    -2-
    -أن تكون غرفة واحدة،وسرير واحد، وتلفاز واحد،ومنشفتين!
    شيء هائل! شيء لايصل بالحرية بشيء،
    كل صوت بالخارج يهزني حد الدعاء أن لايكون هو،عباءتي تتشبث بي رهبة سكون المكان
    اجلس دون إحداث أي تغيير،وكأنني مجهزة للرحيل،وكل دقيقة تمر تعلمني بخطورة ماقدمت عليه!
    عشرون دقيقة مرت،ولا شيء يتغير،ولاهو يؤكد صحة وجوده!
    ربما اعتادت الأشياء اخلاف موعدها معي.!

    -مضت ساعة، كأنها خارج الزمن، وأنا على يقين انني لو خرجت من هنا لرأيت الحياة بالخارج متوقفة، ذات يوم
    تمنيت لو أن اموت، لكني الآن اتمنى لو أني لم اولد بعد!
    .-.
    .-.
    الساعة الثانية عشر وأربعون دقيقة
    انه منتصف الإدراك،ومنتصف الندامة،والسخط !
    لمَ تصبح الأشياء عندما تتصل بي ناقصة الاتساق،لم أخلفت الحرية موعدها ورمت بي على مقعد بارد،مع رجل غادر قبل حضور، أيعقل أنها لن تأتي قريباً، هل الأجمل دوماً يأتي متأخراً!
    "حين تصير الحياة كابوساً تصبح الحواس ادوات تعذيب"*غادة
    .-.
    كنت قد بدلت ملابسي،وملامحي،وإحساسي،وجلست على مقعد يفصلني آخر مثله عن السرير الكبير
    وانتظر الرجل الذي تأخر قرابة الساعتين،لا لأتأكد من وجوده،بل لأرى أي جنون دفعه لأخذ غرفة واحده!
    -من الأفضل أن يبيت خارجاً
    كنت انظر للباب وانا اردد ذلك في داخلي،ماذا يحدث ان تقدمت الآن وأقفلته واستلقيت على السرير ونمت بعمق!
    جميل ا ن أعي أن الحرية اقتصرت على رجل واحد، فقط واحد،إن غادر ملكتها!
    تحرك الباب الذي كنت أتخيل فيه جنوني، وعاد الرجل!
    .-.
    .-.
    .-.
    أغلقت الباب وتقدمت للداخل،وقفت بالقرب منها
    التقت نظراتنا بعمق هذه المرة،وبدا لي انها تنطق بشوقِ لي!
    عند ذلك.اصيب لساني بنوبة نطقية!!
    -إذا وقفت أمام حسنك صامتاًفالصمت في حرم الجَمال جَمالُ*
    -كلماتنا بالحب تقتل حبناإن الحروف تموت حين تقالُ*
    اردت ان اقول شيئاً كهذا لكني قلت شيئاً آخر :
    -"بعد شوي.بيجبون العشاء"
    لم يكن منها سوى حركة نفي من رأسها وجملة لم استطع سماعها، لذا استغليت هذا العذر لأقترب منها أكثر
    ربما أحست بتحرك الاريكة حيث جلست جوراها،بعد ذلك غطى المكان صوت لاصوت له فبدت لي كحلموجميع الاشياء أصبحت غير محسوسة!
    ربما حتى هيَ!
    ماتراني سأقول الآن!
    -"كنتي ماتشربين عصير البرتقال عشان كذا طلبتلك كوكتيل"
    وبدأ استعراض الذاكرة سابقاً لأوانه!ولم اقصد سوى ان تعي أن ابسط شؤونها تهمني!
    ما ان أنّبت لساني،حتى قال متجاهلاً:
    -" مو كأن الإضاءة هنا عالية"
    تركته ينطق مايشاء،فربما هي لاتسمع على أية حال!
    ولاتنظر الي،ولاتتحرك.هل يصيب الخجل الفتيات بالنعاس؟ هل ياترى نامت!
    ابتسمت،بل ضحكت، واردت ان ابتعد قليلاً
    ما أن وقفت حتى اعادني حشد الكلام في حنجرتي لأجلس قبالتها، لم يتوتر فيها سوى أصابع يدها، كنت حقاً مفلس من الكلام وعاقداً صفقات فاشلة مع عدة مواضيع
    طالما أيقنت بقدرتي على الإفصاح عما اريد، دوماً شعوري كان واضحاً كخبر رئيسي يضطجع في صحيفة!
    افقد كل الثقة الآن، قلبي حانق جداً على لساني، فكلما مر الوقت أصيب بخيبة جديدة،وليالي السهاد التي أعدتني لموقف كهذا،تضع خيباتها فوق رأسها بإحباط !

    هذا اللقاء،وهذا الوقت،وربما ان كذبت سأقول هذه الأريكة وذاك الباب جميع الأشياء فكرت بها معكِ منذ أن صار إسمك لايمر عادياً على مسامع قلبي!
    اذكر أن رساماً قضى نصف عمره في لوحة رسمها لمعرض عشيقته،وعندما حقق ما أراد اصطف معها،لتبدوا اللوحة صامتة،ويبقى بقية العمر اخرس!
    وان أكون هنا دون لوحة عاجزاً حتى عن الصمت يجعلني فقط أؤمن ان اللحظات الأجمل بودها أن تصبح لوحة لاتحتاج لأصوات لتنعم بها الذكرى!
    عندما ألقت نظرة خاطفة علي،فكرت بلا تفكير
    -أتراني أعجبتها هذا اليوم؟ اقصد هل ابدوا شبيهاً بالشخص في قصتها؟
    ليتني احمل مسبحة!!
    -كان يحمل مسبحة عندما يفكر، ويبدوا انني ان فعلت مثله الآن لرأيتم حباتها منتشرة قرب قدمي!

    -"رسيل"
    -"الف مبروكحبيبتيالف مبروك"
    أكاد اقبل رأس الكلمة التي استلذ لساني بها،قبل ان تعجبها! فقد كانت كما خلقها قلبي!
    ولم تعقب أبداً، وتدريجياً اكتفيت بمجرد ان تكون تستمع إلي
    -"كان الفستان(ضيقت إحدى فتحتي عيني تصنعاً لتفكير كاذب) زايد وزنك"
    اتبعتها بنصف ضحكة
    -"كنت طالع عشان تاخذين عالمكان براحتكوش رايك بالغرفة؟"
    كنت أتأملها وهي ملقية بعينيها قرب قدمها،متجاهلة وجودي تماماً
    تابعت:
    -"اليوم بدر اخذ جوالي يصور فيه ولا رجعه تدرين ماخلا شي ماصوره حتى الكراسي"
    تعلمينباستطاعتي الآن سرد كل ماقرأت في حياتي،ووصف كل مالم اشاهده،استطيع أن أقول أي شيء الا عن النابض في داخلي!
    .-.
    قال حبيبتي!
    ذلك الصنف من الرجال،مشتريّ العبارات الأكثر رواجاَ، لاابغض سواهم!
    لعلمي أن بدري لايحب التصوير،وانني لم اكره عصير البرتقال من قبل،وانني اقل وزناً بالفستان،وان الإضاءة طبيعية،يجعلني أود أن اخبره أن يصمت!
    لكنني سمعته يقول ضاحكاً متفاجئاً من نفسه ربما:
    -"حاس اني بسجد شكر"
    طُرق الباب وقد اهتز جسدي بفزع،وكان العشاء
    أنصت! لاتفكر ان تتقدم لي بصحن طعامك!
    حسناً! حاول أن تكون لطيفاً إن أردت،وكن غير ذلك ان وددت أيضاً، لن يغير شيئاً حديثك،فأنا لا اشعر بالخوف فقط،ولا بالخجل فقط،ولا بالنعاس وخيبة الأملفقط،اشعر اني سألفظ الطعام ان حاولت إطعامي!
    اتجهت أنظاري إليه عن بعد،كان بقدر كبير من الابتهاج،يتعسني ان أكون عكسه تماماً في ليلة كهذه!
    الا يجب ان تكون ليلة مرتبطة بالفرح!
    نعمدققت في ملامحه،خلسة! وازداد قلقلي عندما تأكدت انه لم يعد عمر الذي رأيته في طفولتي!
    .-.
    .-.
    استلمت العشاء، كلانا لم يكن قادراً على تناول الطعام ولا الحديث ولاحتى النوم
    كي لاازيد الجو شحنة جديدة،قررت ان اصمت حتى تسترخي بعض العضلات!
    فما احوج وجهي لاسترخاء فقد أتعبته الابتسامات!

    نظرت للساعة كانت تشير الواحدة،ثم لعينيها المشيرة بالهلع ،ثم للتلفاز المغلق الذي فتحته مقلباً القنوات والمزاجات
    قرب مقعدها كنت أجلس، والتلفاز أمامي ، وكانت تستحوذ على تلك الرقعة بلا امل حتى لتعديل جلستها، أن أعي انها خجولة مني لهذا الحد يجعلني اشعر بنشوة غريبة!
    اتابع تغيير القنوات دون استيعاب مايعرض فيها،لست متأكداً ان بإمكان رجل شغف بفتاة
    عندما تكون معه ،يترك عينيها ويتابع التلفاز!
    يبدو ان الأقدار ستكون مميزة معنا! وكل مايعرض بدا مميزاً عندما فوجئت بها تتابع التلفاز معي!
    فلم تعد الأريكة تشعر بثقلي!
    رن هاتفها،فأغلقتْ الشاشة مباشرة،مما اضحكني انها ألقت بنظرة علي وكأنني تخطيت حقوقها!
    تجَاهَلَت الهاتف بعد ان هبطت عينيها فجأة
    -"الجوال"
    قلتها بمكر من يريد نظرة اخرى!
    عندها توقف عن الرنين وبدأ هاتفي أيضاً، ذهبت لحيث يوجد مبتعداً عنها قليلاً ، وكان بدر
    -"هلااا حبيبيههههه ياخي اسكت اصلا مضيع من الصبح ههههه ايه ابشر بس على فكرة مفروض تقول لي يااستاذ ياسيد تعرف انا عريس هههه اوكي الحين انا كم بدر عندي هههه"
    شعرت بها تلتفت الي مباشرة،فقط بعد أن سمعت اسم أخيهاوأسعدني انه اراد مهاتفتها لتتحدث معي!




    .-.
    سماعي لاسم بدري يشعرني بأمان،بحق اشعر بالأمان!
    احتقرت حينها كذب ذلك المخلوق منذ البداية! ألم يقل ان هاتفه مع أخي!
    قبل ان يدعني أتحدث معه عاد ليقول لبدر
    -"على فكرة تراها ماتتكلم بس تسمع هههه لالالا آسفين يالشيخ هههه"
    اقترب الي ممسكاً بهاتفه،وأمسكت احد أطرافه وتمتمت لبدر بعدة كلمات وأنا مشبعة بالغضب على الآخر ذاك
    -"عليكم السلام،بخير،ايه،(وفجأة أردت السكوت حتى أدرك خجلي فوعدني بمعاودة الاتصال وأضفت)وانت من اهله"
    بعد أن أغلقت،تورطت بهاتفه
    قررت ان اتركه على المنضدة أمامي،كنت أتأمل جهازه الأسود ولحظت عدة خدوش تبدو حديثة
    يبدوا معتاداً على خدش كل شيء لم يقتصر على الجمادات!
    رتبت المقعد من حاجياتي،وترددت كثيراً قبل أن أتحرك، وأنفذ مافكرت به مباشرة أثناء وقوفي،
    رفعت مرتبتيه، وعيناي لاتحاول الإقلاع ابداً!
    أن يصبح للمقعد الذي جُهّز ليجلس عليه اثنين سرير طوارئ لفصل احدهما عن الآخرهو أفضل ماحظيت به هذا اليوم
    عندما انزلق السرير للخارج فوجئت بلساني ينعقد أكثر،فأين لي بغطاء لاختبئ فيه عن ذلك المذهول أمامي؟!
    اقترب مني، خطوة بعد اخرى وصل أمامي مباشرة، أقدامي بدأت ترجف حتى كدت اسقط
    قال،"وش تسوين؟"
    في وضعي الطبيعي لم أكن قادرة على النطق كيف بي الآن!
    نظر إلي طويلاً،ثم أدبر وجسده الذي يبدولي كبيراً كظلّ رجل صممت له توقيعاً ذات حدة طباع، يتعملق كلما ازداد هلعي!
    ثم ابتعد وأنا اتبعه بعيني رهبة من رد لفعلي،وقف أمام السرير وقال:
    -"تعالي"
    وكأن من يظنها قبل قليل لاتتحدث،هاهي لاتسمع أيضاً!
    اقسم أن أطرافي تهتز،وضربات قلبي كخطوات جيش بدأ معركة!
    ثم حمل هاتفه وجاء إليّ فكدت اسبقه بالهروب لولا انه تخطاني وفتح باب الخزانة بجوار التلفاز واخرج وسادة وغطاء!
    وضعهم على سرير المقعد وقال:
    -"انا بنام هنا"
    وكأنه يتحدث بلغة لااعرفها تابعت النظر بعدم استيعاب،أضاف:
    -"نامي هناك"
    واتجهت أعيننا للسرير،وما ان منحني تلك الموافقة حتى كدت اركض هاربة، استلقيت وأحكمت الغطاء حتى على وجهي وأنا اشعر بالراحة رغم الاختناق
    ربما مرت قرابة الساعة وغفوت
    .-.
    استيقظت على أذان الفجر،وتلك المرة الأولى التي يوقظني فيها صوت الأذان!
    طالما كانت اذنيّ تنام معي!
    أخذت استشعر السكون الذي لفَ المكان،تلك المآذن جميلة حد البكاء،في طفولتي كنت أتمنى خمس مرات في اليوم ان أتسلقها وقت الآذان،وعندما كبرت تمنيت لو كنت مئذنة،ليعم الحق بالنداء!
    تذكرت تلك التي حَسَدَت المآذن والأطفال الرضّع، لأنهم يملكون وحدهم حق الصراخ والقدرة عليه، قبل أن تروض الحياة حبالهم الصوتية، وتعلِّمهم الصمت!*
    رأيته بالظلام يقف قرب النافذة بهدوء،ظَلّ منكبيه يشكلان نافذة اخرى لاتطل على تلك المآذن التي تصدر من قلبي وتفقدني صوابي!
    في صغري سألت امي،عندما رافقني ظلان لي،هل هؤلاء هم الملكين في كتفي؟وعندما فوجئت بظل واحد لاحقاً،اعتقدت أن الآخر يلعب معي لعبة الاختباء،فقفزت كثيراً باحثة عنه!
    دوماً عندما اشعر باليأس اذكر طفولتي،وعندما اشعر بالوحدة ابحث عن الظلال!
    .-.
    .-.
    خرجت للصلاة،وكنت في حاجة لأبقى بعد ذلك قليلاً ارتب افكاري دون ان يكون لوجودها تأثير عليَ
    لااشعر بالنعاس،طيلة الليل افكر بملامحها الخائفة جداً مني، لو رآها أحد ما لاعتقد انني تحولت لأسد! لالا بل نمر.لا ربما هي لاتخاف منذ ذلك بقدر الهلع الذي بدا منها!
    وعند انشغالي بتعداد الحيوانات المتوحشة عدت لغرفتنا،وما ان رأيتها نسيت شكل الأسد!
    ذلك الشيء المتراب في نفسي،بدأ بالزوال كلما تعذر لي حياؤها بنظرة وجلة!
    وكم أحببتها.!!

    ظهيرة اليوم التالي
    صحوت وأنا أتفقدها،واستيقظت جميع السعادة فيني ما أن تأكد الواقعكانت نائمة،توضأت وفتحت الستار لتدخل الشمس كاشفة عن امتعاض ملامحها المتفاجأة
    خرجت وانا اشعر بتوعك بسيط،ذلك السرير غير مريح بالطبع، أكان خطأها الغير متوقعام خطأي لقبولهام خطأ الغرفة الواحدة!
    بعد عودتي بمزاجي الجيد،رأيتها تجلس قرب المرآة، أطلت النظر إليهماورؤية اثنتين منها يفقدني صوابي!
    ابتسمت على جشعي وقلت للتي بالمرآة
    -"كيف نمتي"
    لم تقل شيئا لكنها فعلت الأدهى من ذلك، ابتسمت وخفضت رأسها
    أليس من المعيب ان يرتعش قلبي اثر ذلك،واشعر اني سأفقده بسببها!
    كدت أقول شيئاً عما يؤيدني قلبي به لكنها قالت
    :"خالتي تسلم عليك"
    -"الله يسلمها من كل شر تبين نروح لها؟"
    وسألت على استحياء متجاهلة نظراتي
    -"وبيت عمي؟"
    قلت مباشرة-"اكيداي شي تبيه الحلوة يصير"
    لم تكن فقط حلوة،كنت سأصاب بداء السكري بسببها!
    وما ان بقيت لي التي بالمرآة حتى اقتربت،وحطت يدي على كتفيها وأنا اقول:
    -"الله يخليك لي"
    لاادري لم ملكت صوتا لطيفاً، لا لااقصد كصوت فتاة صوتي أجش قليلاً، وجميل لكني لااصلح مطرباًلاتضحكوا، فأنا سعيد كما لم يسعد بشر قبلي في الخمسين عاماً الأخيرة
    هل تصدقوا إحصائياتي؟
    عندما نظرت الي من المرآة،وددت الخروج بإحصائية أكثر دقة، لكني فضلت ان لااكذب أمام حشر الكلمات على طرف لساني
    ربما منذ الأمس علمت ان معدتي الأكثر بديهية!!
    -"تجهزي عشان نطلع نتغدى"
    حركت رأسها ايجاباً،فقلت
    -"وين تحبين نروح؟"
    قالت بارتباك-"اللي تحب"
    احبكِ انتِاحبكِ انتِ خذي بقلبي مقعداً واغفي هنا وارتاحي!
    كدت اغنيها لو ان صوتي لايستدعي للبكاء حينها، حبك يجلب لي كل شعور يجعلني ساخراً من نفسيوفخوراً بها!
    خلال ذلك الوقت وقبل ان نخرج للغداء،كنت اسألها عن أي شيء وتجيب مرة باقتضاب،ومرة بنعم واخرى بلا،وتجيب كثيراً بلا صوت!
    وددت ان تُقلع سيارتي،وان أطير معها حيث لاشيء سواها، وجودها يطغى على كل شيء،كدت اجزم ان لا امرأة سواها في هذه الحياة!
    ألهذا السبب تغار الحموات!انني عابث جداً بوجودها،لن تغضب والدتي بالطبعاخبروها فهي تحتل الماء في كرتي ان احتلت رسيل اليابسة!
    وكنت أقود باتزانمتظاهراً بكوني رزين!
    .-.
    هناك.
    اشعر براحة مذ صحوت، لم أكن كالأمس أبداً.اشعر انني ابتسم لاصادقة لكنني لااجد غير ذلك عوضاً عن صمتياعلم أن التصفيق وسيلة مؤدبة لإسكات المتحدث،لكنني لم اقتنع بها ابداً،لذا ابتكرت وسيلة أكثر أدباً لإسكات المتحدث لي، دون الحاجة إلى تبرير!
    لايهم اقتناعي بالاخرى ايضاً،لكنه راضٍ بابتسامتي،بل وسعيد
    -احياناً لامفر من إجابة،ولا تعويضاً عن سؤالوالآن افكر بشيء خطير.سأحاول التحدث معه تمهيداً لما سأطلب!
    وهذا المطعم يبدو مشجعاً للكلام
    هناك أماكن جهزت لفتح شهيتك للطعام،واخرى قادرة لإشعال شهيتك للكلاموهذا المكان يبدوا اخرساً، لكنه يجيد الاستماع
    ولأنها المرة الأولى التي أتناول فيها غداء مع رجل في مكان عام،لم استطع ان آكل شيئاً، وبما انه عمر لم يعدني جهازي الهضمي بخير!
    -"اختاري"
    مد لي قائمة الطعام وكما يكون"بكل سرور"!!
    لكن كلمته-اختاري- كانت جافة لاتستحمل عروس تتناول أول غداء مع زوجها!كان يجب ان يضيف كلمة مرطبة عليها ليست فقط بشراتنا تحتاج على ترطيب، لكن بالطبعذلك لايعني أنني أريد الحصول على مرطب منه!
    لكنه انتقاد كما انتقد في داخلي قائمة الطعام للونها القبيح،ونوع قماش الكرسي الذي سيرحل معك بعضه،واثر أجوائنا على ألسنة الشعب، ولا انتقد الجو طبعاً لكنني انتقد عدم استخدامهم لمرطبات!
    نسيت أرضية المكان لامعة ولاتصلح لمطعم،وحتى الرجل الواقف ليكتب طلبي نسيته!
    لم اسمع ماطلبه عمر،لكني قلت:
    -"اثنين"
    وعدت ادقق بقائمة الطعام،ولا اذكر منها سوى اللون،ولو اُخبرت أنها تحمل لغة روسية لصدقت!

    كان عمر يتحدث عن المكان والتصميم وإستراتيجية الموقعة والخ،ربما نسي انني لست احد أصدقائه!
    وعندما حضر الطعام حمل لي ملعقتي من أمامي ومدها لي، وبدأ بتناول طبقه مشجعاً
    لكني أكاد آكل ملعقتي فارغة
    -أدوات الطعام حين تصل فمي،وتعود للصحن الموضوع لا تأخذ وقتاً ولاجهداً، إلا أنها الآن تمثل إدخال إبرة في قماش ثقيل!
    فقط لأنه يتابعني.دقيقة،واثنتين،واخريات،
    يزداد توتري كلما مر الوقتفحدث أن سقطت ملعقتي أرضاً!
    أخفيت يدي سريعاً إلى حضنيفزعت!قلبي يواصل الخفقان،ويدي كانت ترتعش كلما يزداد ضغطي النفسي من ذاك الذي وقف الآن!
    حاولت سبقه لأجلب الملعقة،ولم اعد احسن التصرف،إلا انه اقبل مسرعاً وامسك بيديّ
    لا بل ان أغلق عليهما بكفيه التي تذكرون!
    وذلك لم يخفف من رعشتها حتى سرت بجسدي كله!





    رد مع اقتباس  

  3. #23  
    .-.
    .-.
    كنت اراقب توترها منذ البداية،ورأيته يزداد كلما نظرت اليها او تحدثت معها
    عندما أسقطت الملعقة سقط قلبي من مكانه،ولم اشعر بنفسي إلا قابضاً رجفة يديها محاولاً ان ازيل توترها!
    انحنيت لأركز إحدى ركبتي كي أبقى ثابتاً وأنا أقول:
    -"بسم اللهيابعد هالدنياياحياتي بسم الله عليك الرحمن الرحيم"
    لم تهدأ،وكلما ضغطت قليلاً على يديها حاولت سحب كفيها، وكانت عينيها مرتكزة بانفعال شديد على مكان الملعقة
    -"نرجع؟"
    حركت رأسها ايجاباً متحاشية النظر إلي تماماً
    .-.
    .-.
    في السيارة،وبعد وهلة قالت:
    -"ماقدرت آكل"
    وتابعت-"ماتعودت"
    وأضافت -"عليك"
    كنت قلقاً جداًشعرت انه اعتذار،قلت مبتسماً
    -"بتتعودين علي معك وقت"
    .-.
    .-.
    رغم خجلي الشديد من نفسي،ومن الموقف وماحدث، الا اني الآن افكر بشيء آخر
    جملته الاخيرة،جعلتني ادقق في تكوينه للجمل،ربما هذا مالاحظته جبراً أثناء حديثه الكثير!
    ويتكرر في بالي ماحدث بدقة اكبر،وأخاف ان يستمر حالي معه هكذا
    ستكون مصيبة حينها
    ان المصيبة تبدوا كبيرة جداً عندما تحضر،وتجعلها الأيام اصغر تدرجاًومصيبتي معه بدأت كبيرة ويبدوا أنها ستتضخم مع الأيام
    هل مايحدث لي ثمن للحرية!
    كيف ستقبل بي؟ ،مايدور حولي يفقدني حتى شهيتي للطعام،رغم انني جائعة!
    .-.
    .-.
    مر الوقت سريعاً بعد عودتنا،قطعناه بخروجه وعودته،وبتحدثي بالهاتف،وتحدثه معي
    -"نطلع نتعشى؟ولا يوصلون لنا؟"
    سألني وهو يضيف مبتسماً بمكر-"ماتغدينا"
    أجبته-"كيفك"
    ثم غيرت رأيي-"نطلب"
    ضحك وهو يقول باحثاً عن هاتفه
    -"يلا بنتظرك تحت"
    لمَ تسألني مادمت تريد الخروج،تصرفاته طالما أغاظتني
    كنت افكر أثناء خروجي،لن استطيع ايضاً تناول شيئاً،لكنني دهشت عندما توقف أمام منزل عمي!
    التفت الي وهو يخرج حزام الأمان
    -"اتصلت ببدر(ضحك قائلاً) ماله نية يرجّع جوالي قلت أجي آخذه"
    مالم يرى مني حركة ولا صوت قال موضحاً
    "اتصلت فيه وقلتله بجي آخذ الجوال -وعزمتني- عالعشاء "
    -"ليش؟"
    سألت غير صدقة فقال:
    -"مابي تدوخين علي واتورط فيك"
    ضحك وكدت اضحك سعادة لأخرج،لكني أبيت الحراك
    -"ليش ماقلت "
    جملي ناقصة،لكنه يستطيع الإجابة عليها،فتح بابه وهو يقول:
    -"مايحتاج"
    .-.
    .-.
    خرجت مباشرة،ولولا الخجل لسبقته للباب،ولم يعد يهمني وكأنني لن أعود إليه
    رحبت جنان فيني،وكدت لاافارق حضنها
    ولم أرى غيرها،فكادت تموت ضحكاً عندما أخبرتها عما حدث في المطعم، وتناولت أشهى الأطعمة، بدريحبيبي قال لي بحدة
    -"مالت عليك مستحية من هذا(بالطبع عمر لم يكن موجوداً) خلاص ماعليك منه كل يوم بجي وقت الوجبات وبطرده"
    -"ههههه ياليت(أضفت) صدق؟"
    -"هههه لالا ماعليك منهبس بكرة بجيك تبين غدا ولا عشا؟"
    -"كلهم تعال العصر"
    -"هههه صدق انه دب ماخذك يجوعك وهو تلقينه شبعان"
    ضحكت وأنا اجيب بخجل-"لا ماطلع ولا اكل شي"
    رن هاتفي فأجبت سريعاً،وكان هو!
    خرجت سعيدة،وقد عادت روح الحياة الي، وقال لي بضحكة ساخرة:
    -"تعشيتي؟"
    لم اجبه،فأوقف محرك السيارة قائلاً:
    -"ماراح نمشي الا اذا قلتي"
    فأومأت بالإيجاب،وأنا أود الكذب هذه المرة
    -"ههه بالعافية بس انا ما اكلت شي"
    لا ادري بما اجيبه،
    -"ماقدر آكل شي وانتي مو معاي"
    قبل يومين وقبلهما أعوام وأنت تأكل بدوني،ألا تزال لاتعي أنني أتقزز من كذبات الرجال!
    -"بكرة بدري بيجي ويجيب معه غدا"
    بالرغم انني لااقصده،إلا انها كانت كفيلة بأن تجعلنا نضحك نحن الاثنين!
    كنت اريد إخباره،لكنها لم توافق الوقت
    -"ههههه يعني اتصبر لين غدا بدّوور"
    ثم حرك السيارة ومشى،معتقده انه سيمر بأحد المطاعم، لكنه لم يفعل
    وتبعني ايضاً للغرفة، والمفاجئ انه دخل يستحم مستعداً للنوم
    -ألن يتناول شيئاً!
    بعد خروجه،استلقى على السرير الكبير،ثم نظر إلي مستأذناً ولم ترحب به ملامحي!
    ابتعد وأصلح المقعد وهو يقول:
    -"منتي نايمة؟"
    كنت أقف قرب النافذة،فقلت
    -"الحين"
    بعد ان سحب الغطاء،رأيته ينظر الي بتعجب
    ثم جلس وهو يبتسم قائلاً:
    -"مستغربة من شعري حلو شكله وهو مبلل؟"
    ولم انتبه لشعره الا حينها،لم يكن طويلاً لكنه بفوضى تمنحه سناً اصغر، سواءً كان جميلاً ام لا لايهمفانا كنت انظر اليه عن دهشة ماشغل بالي!
    -"ماتعشيت؟"
    ضحك كثيراً لإجابتي،مما جعلني اندم على سؤاله ان تناوله للطعام ام عدمه ايضاً غير هاملكنه شيء غريب!
    -"شربت شاهي وكان فيه بسكوت عند بدر سد نفسي"
    -"متى طلعت؟"
    -"ماطولت"
    -"اخذت جوالك؟"
    -"اكيد"
    لأني أتحدث معه عن بعد،استرسلت بفضولي،لكن يبدو انه مرهق ولايحتمل ذلك،لكنه تابع
    -"هو اللي اتصلت عليك منه احفظيه"
    -"اكيد"
    عندها كان مضجع وجلس،وكأنه ترك النوم على وسادته،وهو يضحك مدهوشاً
    -"هههه منك.منك احلا "
    لم اقصد ان أقلده الآن وربما هو دوماً مايقولها، أعجبتني لأنها كلمة مفيدة لقطع سيل من الأسئلة!
    وضعت هاتفي،وأطفأت النور واختفينا!
    الرائع في عمر،انه منحني بعضاً من الحرية وانقضى يوم كامل لي مع هذا الرجل ما أثقله هل يعقل أن أكون مثقلة به بقية العمر!!
    رجل يملك هاتفين، رجل مزعج. مزعج كثيراًفي نظري!
    .-.
    .-.
    استيقظت مصابة بخمول، لم أجد احداً غيري لكني اشعر أن هذه الغرفة مملة
    استحممت،وجلست طويلاً أمام المرآة دون ان افعل شيئاً يذكر،وقلبت التلفاز دون أن يستوقفني شيء، اتصلت ببدري وما ان أنهيت مكالمتي منه حتى شعرت بإحباط آخر،
    تعذر عن حضوره هذا اليوم!
    ودخل عمر وبدأ الإزعاج!
    تركته يتحدث دون ان انطق بحرف واحد، حتى قلت:
    -"بدري مو جاي اليوممشغول"
    -"ليش كان بيجي؟ ماقال لي"
    -"انا قال لي امس"
    افٍمن هما
    -"نومتي امس تكسر الظهر الله يعيني اليوم"
    لم اعلق طبعاً
    -"قولي شي ههه قاعد المح "
    فقلت-"ببادلك اليوم"
    ضحك واقترب حتى جلست عنه ،فقال:
    -"الى متى؟"
    إن اصبت بإغماءة،فالسبب أنت أهذا وقت مناسب!
    لم أكن افقد الجلوكوز فقط،بل وحتى الأكسجين
    -"لين اتعود عليك"



    .-.
    .-.
    لا ادري لمَ تضطرب هكذا كلما اقتربت منها،يبدو انها لن تعتاد علي قريباً
    قلت مطمئناً مازحاً:
    -"اكيد"
    -"طيبغير الغرفة "
    جلست مستغرباً تلك الفتاة،أهي تقول ماتفكر به وحسب؟ام تأخذ وقتاً لتفكر بما تقول!
    -"ماعجبتك؟"
    -"الا"
    -"طيب؟"
    رفعت عينيها واخفضتها، ثم قالت:
    -"نسيت أصلي"
    وابتعدتدوماً ماتفاجئني بتغيير الموضوع،وأصبحت ماتبقى من اليوم صامته، بمزاج يختلف عن الأمس
    مادوري إن لم اسعدها؟!
    .-.
    عند أذان المغرب،خرج للصلاة وكدت اقفز فرحاً
    شيء مزعج أن تكون تحركاتك متابعة،وهذا اليوم هو لايفعل شيئاً سوى ان يجعلني كرته الأرضية ويدور حولي كفلك!
    فتحت التلفاز مهيأة وضعي حتى يعود،لينشغل كلانا! ،توقعت جلوسه في مكان ما وأوليته ظهري.،حضر سريعاً، قال على عجل:
    -"تتابعين هذا البرنامج؟"
    حركت رأسي نفياً
    -"ليش فاتحته؟"
    صددت عنه، اتابع حتى قال آتياً إلي:
    -"شعرك متغير؟"
    أيتحدث عن شعري!!
    رفعت رأسي ولاشعورياً تحركت يدي اليمنى لتصفيفه خلف اذني
    تلك عادة،ربما عندما ارفع رأسيلكن خجلي ألهم مزاجه،ماجعله يجلس مباشرة وهو يقول:
    -"يناسبكاصلاً أي شي تسوينه(تراجع) اقصد حلو"
    ثم تابع وهو مبتسم،ليحثني على الكلام
    -"كيف صار كذا؟"
    أهو يحاول معاكسة زوجته الآن! ان كان كذلك فهذا مضحك جداً.
    لكنني لو تعلمون لم افعل شيئاً بشعريعدا بعض من إرخائه بالهواء الساخن!
    ولن افعل ذلك طالما سيجعله لاينقشع من أمامي!
    .
    عندما يأس من تجاوبي معه قال:
    -"وش رايك نطلع نتمشى شوي"
    -ربما كانت نزهة.وربما كانت أشبه برياضة المشي التي أتقدم بها وحدي
    مشيت حتى تعبت،وتحدث عن تعبوتناولنا بعض من الحلوى والكعك وربما قهوة باردة وبسكويت وشوكلا ومعجنات،وبعض من العصائر ومثلجات ولا اذكر ماذا ايضاً،لكننا لم نتناول حقاً سوى القليل،وبالنسبة لي قطعة واحدة
    -"شرايك بالمكان؟"
    -"حلو"
    بالطبع سأقول ذلك فكل شيء هنا يخبر بذلك،عداه!
    -"من غيركحلو!"
    ابتسمت بانتصار من أثبتت معلومة في رأسه،أخبرتكم جمله لم تكن مركبة كما تعودت
    كان يوزع نظراته على المكان كمن يبحث عن شيء
    تنهد-"كنت دايم اقول اذا تزوجت بجيب زوجتي هالمكان"
    حديثه زاد فضولي قلت وأنظاري تهتز بينه وبين الأطعمة الشهية
    -"ليش؟"
    -"انا ادخل النت من هذا المكان ولي سنين اجيهتصدقين هذا الجزء كله موسعينه كان اضيق اتوقع الجدار اللي ورا بنوه عشان العوائل الغو مواقف السيارات وهذي الجهة اخذو كم متر من مواقف السيارات"
    وبدأ بحديث طويل نصفه لا اريد ان افهمه!
    أيحضر زوجته ليتحدث عن أمتار المكان وزاويته؟ربما الأفضل ان لااسأل!
    -"دايم تطرين على بالي بهالمكان"
    استوقفتني عبارته التي أتت معلنة عن غموض ما،وقال مغيراً سير الحديث
    -"ماحب الدونات (ضحك وهو يقول) ايام المدرسة كنت ادخل فيها قلم واسوي سيارة هههه وكم مرة عاقبني الاستاذ"
    استطرد مباشرة وجعلني اشعر بالحنين الشديد،وكأن الجو انقلب الى شجن!
    -"تذكرين صح؟"
    عندما سألني بصوت أكثر حنيناً،أنعشت ذاكرتي نفسها
    قلت لاارادياً
    -"كان بدري يقلدك بس هو يحبها ياكلها اذا خلص لعب"
    -"هههه طفولتنا تفشل!(ثم سألني بأقل حدة) ليش للحين تسمينه بدري؟"
    سؤاله كان مؤلماً،حيث تذكرت المرة الأولى التي شهد نطقي بها، ذلك اليوم الكئيب
    لقد تخطى الحدود بسؤاله!وأية حدود كنت وضعتها ياترى!
    -"ماتغيرتي"
    ثم قال وعينية ترتكزان في عيني
    -"ولا انا"
    اصرَف عيني يميناً وشمالاً، وعيناه اشعر بها تواصلان التحديق بإصرار
    بدا التوتر جلياً علي،حيث قال وهو يأخذ كأس شيء ماربما كان ماء!
    -"اقصد نفس شعوري لكم قبل"
    .-.
    .-.
    شربت من الكأس، أنهيته، كنت أظنه ماءً لكنه كان عصير!
    هل يسجل ذلك اعترافاً ما؟ ربما لكني اشعر بالكلمات تختنق في صدري ولا استطيع البوح
    هل كنت أظن البوح امراً بسيطاً!
    صحيح انه ذات المقهى الذي ألتقيها واهرب منها فيه،والذي شهد مئات الاعترافات ولو نطق الحديد لشهدت أرضه من قاعها انني احبها حتى لااستطيع البوح!
    لدرجة ان لساني فر هارباً وعكف طرفة اثر انزلاق، فخرجت "لكِ" فضفاضة جداً لتكون "لكم"!
    أخذت تلعب بغطاء حقيبتها،اصبع يفتح والآخر يعيده والمغناطيس تعب من الطرد والجذب!
    -"ماشربتي قهوتك؟"
    التقطتها مباشرة،وقلتلها:
    -"للحين ماتبغين تزورين خالتك؟"
    ترددت وهي تقول:
    -"بعدين"
    .-.
    .-.
    وما ان غادرنا،كل شخص منا قد أبقى في فمه شيئاً لم يستطع النطق به
    هوابتلع ما أراد قوله، وانا تركته مع كوب القهوة ،وفعلت طويلاً تمارين استرخاء لشد ما ثارت أعصابي!
    حملت هاتفة لسريره اقصد للمقعد للتأكد من تواجده هناك،وشرعت في نوم غير عميق
    .-.
    .-.
    -عند استيقاظي رأيته نائماً، ويبدو أفضل وهو لاينظر الي!
    ورأيت رسالة من أخي يخبرني بقدومه ظهراً
    .-.
    كنت اجلس على الأرض بجانب بدري وقبالة عمر،نتناول الغداء،بعد دقائق وقفت:
    بدري-"وين ماكلتي؟"
    -"الا الحمدلله"
    -"اقول تعالي اجلسي"
    -"رجلي تعبت من الجلسة بمشي شوي "
    علق عمر الذي كدت أنسى وجوده مذ حضر أخي:
    -"مدري ليش الحريم يعجزون بسرعة"
    ضحك بدري ساخراً-"تقول بمشي شوي من كبر الغرفة"
    وضحكا كثيراً وكأن الزمن لم يتغير أبداً
    كأنهما هنا يسخران مني وأنا اشتعل غضباً إلا أن تلك التي كنتها أصبحت لها حق على الاثنين!
    -
    بينما أخذت أتحرك بحرية،لمحت قرب الباب عموداً طويلاً أسود اللون قد عكف ساقه،وبعض من التوابع لهاحضرها هذا اليوم ربما!
    أيكون رساماً؟!اتراه يرسم شيئاًكم ياترى قد مر بحالة نفسية؟اقصد أنهى رسمة فنية؟
    تلك السنوات فعلت الكثير كما يبدوا!
    .-.
    لا تذهب!
    شيعته بنظري حتى غادر،وما ان اختفى حتى كتبت له رسالة طارئة،مفادها ان يتحدث مع عمر لتغيير المكانفهو ضيّق بالفعل
    وسمعت هاتف عمر يرن مباشرة،وفهمت من حديثه انه اخبره بأنني غير مرتاحة هنا ،وذلك مالاحظه أثناء زيارته، وأغلق عمر مقترباً وهو يقول:
    -"لو غيرنا المكان واخذنا غرفتين(قال بمكر)لازم يكون بكل غرفة سرير؟(أضاف)ماراح اشوفك أجل"
    ابتسمت وقد علمت ان رأسي سيبدأ تجميع كلامه مرة اخرى،أعانني الله على هذا البعل الثرثار!
    اريد ان اضحك عندما اسميه بعلبعلي هذا.نعم بعلي ، حتى انني كنت سأعيد تسميته في جهازي الى بعلي!
    لكنني أبقيته كما كانفقط " هوَ"
    -"وش رايك نسافر ؟"
    هو يعلم برفضي لذلك،لكن هذا البعل يريد ازعاجي
    -"ماودي"
    -"ليش "
    -"على الاقل بعدين"
    -"انا ودي اعرف ليش كل هذا "
    -"انت وعدتني"
    -"اكيد اصلاً أي شي تامرين فيه ماراح اقول لالكن "
    -"عندي طلب"
    أفلتها لساني!

    كنت جالسة تماماً الى جانبه، او العكس صحيح،لذا هو يطل علي من الأمام ظناً منه ان عباراتي الناقصة تكتب في وجهي!
    لكني ما ان قال ان طلباتي ستنفذ، ليظهر نفسه كالفارس في شهر العسل!
    أردت ان اطلب وتوكلت على الله
    -"مابي تفهمني غلط ومابي تسكت بعد ماتسمعه"
    -"آمري "
    كنت اشد على أصابعي حتى فقدت الألم
    -"قولي ومن عيوني"
    دق قلبي كثيراً هلعاً من قربه هكذا،حتى كدت أغير رأيي،لكنه يصر على سماعي
    ,ما أربكني حقاً لم يكن عطره ذاك!بل انني لم اجهز طريقة لطلبي،فانا ترجلت في هذا!
    -"يمكن تتضايق واهلك بعد"
    يجيب بهدوء ناقض تصرفاتي
    -"هذي حياتي اللي يصير فيها مايضايق احد وانتي بالذات لايمكن تضايقيني"
    كلامه مشجع حد الإحباط، أردت الزحف لليمين شيئاً فشيئاً لكنه قال:
    -"وين بتروحين يعني هههه سامعك سامعك "
    هل اكون في مزاج للضحك! ربما طلبي ليس عظيماً كما أتصور!
    -"بيتنا اللي شريتوه"
    وعم الصمت، بل أصبح صمت مريع!
    قلت محاولة إنهائه
    -"مؤقتاً نسكن فيه"
    واخلف وعده،عندما ظل صامتاً!
    واخلفت ظن الآخرين بي! سيظنون بي السوء!
    أي جنون قمت به!
    سئمت هذا الصمت،وهذا المكان،وهذا الزوج،وخجلي وعطره الذي شعرت به يترك الهواء ويجتمع في عينيحتى دمعت!
    أخلوا لي المساحات اريد البكاء على حالي كثيراً
    عدنا نختلف أنا ونفسي! كما اختلفنا عند زفافي به، تلك ترفض وانا اوافق، وهانحن نلوم بعضنا، وكأن مابيَ آلاف من النساء كما في الواقع،تتحدثن بوقت واحد!
    فلم يكن الصمت خارجاً إلا معينا للبكاء!
    شعرت ان كل ماختبئ منذ زفافي يخرج دفعة واحدة على هيئة دموع!
    وتلك اليد التي أحاطت بي بقوة،لم تفزعني،ولم توقف دمعاتي، بل زادتني الماً فوق ألم
    وربما أصبح صوت بكائي مريراً تائهاً، شتت كل ماحولي من أصوات
    هوَكان ينطق بشيء لم أود سماعة،ولم اسمعه مع تلك الضجة في داخلي
    ما ان توقف كل شيء، كما يتوقف المطر وتغدوا العواصف الهوجاء،سرت في جسدي رعشة تزداد كلما دق قلبي بقوة،وكأن العالم حولي يطرق الحديد!
    كان صوته مفزوعاً وهو يقول:
    -"اهدي ياحياتي بسم الله عليكوالله الدنيا كلها ماتسوى دموعك آسف آسف بس مدري شقول "
    اطمأننا قليلاً بعد برهة قال:
    -"اذا البيت عنده للحين بقول لابوي ويصير خير"
    أضاف-"انتي لو طلبتي القمر بقول حاضر واجيبه"
    نظرت إليه بسرعة والقيت بعيني بعيداً،فقال
    -"مقدرادري كذاب ههههه"
    ضحكت،لاصطيادي اعتراف كنت اعرفه!
    فقال وهو في قمة مزاجه،ماجعلني ابتسم
    -"اجيب القمر وهو عندي"
    .-.
    بكائي جعلني اشعر ببعض من الراحة،لكني غاضبه من نفسي كثيرا لانها حطت من نفسها وجعلته يشفق عليها
    قربه لم يكن مريحاً بل يجعلني ارجف رعباًلكن عفويته بالكلام تذكرني بشخص آخر يشبهه!
    تصرفه أيضاً،حديثه الغير مرتب وانسحابه السريع تماماً فوجئت به يشبه طفولته،كل ذلك يجعلني ابتسم بصدق!
    هل يعقل انني طلبت منه ذلك!
    .-.
    ان تبكي أمامي يجعلني اذكر أكثر من صورة لها كانت تبكي!وآخرها أيضاً في أيام العزاء ألاتصدقون أن ذلك يؤلمني بشدة،قربها كان آخر ماتحقق لي من امنيات فأن تطلب منزلاً يجعلني اريد ان اهديها مدينة!
    انها لم تبكِ لأنها تحن إليه فقط،بل هي تشتاق لنا هناكوللزمن الجميل. ذاك!
    لا احد يعرفها مثلي لذا سأضطر لأخبر أبي قريباً
    .-.
    .-.
    بكائي ذاك جعلني اطيل الاستحمام، فبجسدي قشعريرة لم تبالِ بالماء الساخن!
    أن افكر لدرجة أن أملأ المكان رغوة جل الاستحمام بعدي،يعني انني وصلت لدرجة الانتقال للتفكير كلياً
    .-.
    .-.
    يومين متواصلين من اللاتغيير بيننا.
    استأذنتها بالخروج مساءً،
    وصلت لأبي أخبرته انني اريد منزلهم السابق مؤقتاًدهشته كانت تساوي دهشتي سابقاً
    سألني السبب فأخبرته بنيتي في مفاجأتهالااكثر
    ونصحني باستئجار منزل آخر وان فعلي ربما سيضايقها ولن تسعد بالمفاجأة .لكن طلبي كان مجاب في نهاية المطافوسيجهز خلال أيام
    أعانني الله على إخبار والدتي ،فلا اعتقد انها سترحب بذلك أبداً
    أتمنى ان تصدق نيتي الكاذبة،فهل عندما أصبحت رسيل بين يدي اتركها حزينة!
    لا والذي خلقني،فهو طلب بسيطوهي رسيل. حبيبتي

    اصابني النعاس :) اعذروا الاخطاء
    - البقية بالغدان شاءالل





    رد مع اقتباس  

  4. #24  
    .-.
    بينما كانت والدتي ثائرة،وقفت رنيم بجانبها مؤيدةوازداد اللظى!
    -"كنت احسبها عاقلة وانت مجنون تخليها على كيفها"
    -"الا قولي مجنون اللي تخليه على كيفها"
    قصدت اخبارها بطريقة مباشرة،القصد منها تبسيط الامر لا التحدي!
    لكن تجربة طريقة كهذه مع امي بوجود رنيم،جعل الامر يزداد تعقيداً،ولااطيق كثرة التبرير وبالاخص بوجود اختي التي لاتنوي الانتهاء من الجدال الآن
    واسترسلا، وأنا صامت أعي ماتقولانه
    لكنعند هذه الجملة:
    -"الوقحة اثرها ناوية على بعيد(اضافت بسخرية) متزوجه عشان بيت الحمدلله والشكر"
    لولا وجود والدتي لصفعتها بكل ما اوتيت ،لكني التفتّ الى والدتي غاضاً بصري عن الاخرى
    -"نتكلم بالموضوع وقت ثاني"
    اجابتني حانقة-"هذي الي بتخليك تمشي على كيفها؟"
    -"أي تمشية يمه الله يهديك انتي ليش تفكرين فيها كذا"
    رنيم بضحكة مزعجة-"حلوة تفكرين هذا الصدق"
    تابعت-"يايمه ابوي ماستاجر وحنا عاملين حسابنا اني اذا رجعت من السفر بيلقى لنا بيت لكن هي ماتبي تسافر شسوي اجبرها؟"
    رنيم بضحكة-"والله وتتشرط وبعدين ليش ماتسافر ماتعودت ههه"
    لآخر مرة اتمالك نفسي،تلك النظرة التي رمقتها بها،جعلت والدتي تتدارك الموقف قائلة:
    -"ياولدي انا اشوف انك تقعد بمكانك لين تلقون بيت بس بيتهم ماله داعي وش يقولون الناس"
    -"وبيتهم غلط؟ وش دخل الناس"
    -"ياولدي اشوف انك تشيل الفكرة من راسك احسن لنا ولها"
    لافرصة أملك! سأغادر إذن،
    لكن جسدي بقي ثابتاً في مكانه امام امرأتين قلما اصطفتا ضدي! اشعر ان ثقلي الآن قد يبيّن لأبي اثر قدمي على الارض!
    وربما يتقصى خيبة املي!
    قلت وانا اهم بالمغادرة:
    -"خلاص براحتكم"
    ما ان وصلت الى الباب،حتى رأيت والدتي قادمة:
    -"انت عارف هذا لمصلحتك لان اللي تفكر فيه غلط حاول انك ماتقرر هالقرارات وتاخذ بشورها عالفاضي والمليان "
    قلت بصوت بارد-"ان شاءالله في امان الله "
    .-.
    .-.
    ربما لأنها المرة الاولى التي اعي تماماً انها على علم بما اريد،وتقف ضدي دون اظهار أي نية لمعاودة التفكير!
    يجعلني اثق ان بدايتي مع رسيلمحبطة!
    لو كنت اقطع الطريق بقدماي إليها، لأخبرتكم عن التصاق نظراتي بأطراف أصابعي،الاحباط أكثر كآبة من أي شيء،يفوق الحزن تعبيراً،والألم تصويراً،وتشعر معه أن النهاية لن تتغير مهما واصلنا تبديل الوسائل،ومهما كان العطر قوياً فلن يصل لإحساس أحد،
    الاحباط هو من ارتدى زياً فاخراً فلم يحظى بعمل،وكأن لاوظيفة للشمس سوى إبصارنا!
    وحين توقفت خطاي المحبطة قرب قدميها،صعدت بها سريعاً، وجربت شيئاً آخر،
    طلبت كوباً من الشاي ولأول مرة أطلب شيئاً
    .-.
    .-.
    رأيته وكأن أمراً قد ألمّ به، كان يطيل التركيز بشيء ما وكأنه يبادله الحديث
    كم اضيف من السكر؟ أين الغلاّية؟ أين أكياس الشاي؟
    واما ان تذكرت ان هنالك شاياً معقداً أوراق كثيرة وإبريق وغليان، تبدو طريقة صعبة،اهملتها لثقتي انها لاتستحق الجهد!
    عملت الأبسط وخلال دقيقتين احضرته له،وكأنني صنعت غداءً! لم أكن سعيدة بخدمته،لكني أجد وقتاً فارغاً وإن صدقت القول كنت فخورة لأثبات قدرتي على -الطبخ-!!
    -شكرني،وارتشف منه،وكرر ذلك، ثم رفع رأسه إليَ وكأنه تذكر وجودي
    -"احلا كوب شاي شربته بحياتي"
    كدت على وشك تأكيد فخري لولا انه أضاف-" بجد احلا شاهي كم حاطه سكر؟ شكله نص الكوب هههه"
    وانا من اعتقدت ان هناك مايشغل باله!
    -"أي شي اصلحه انايكون حاليعشان كذا اخدم نفسك"
    وذهبت وشيء من الغرور علاني بغير وقته! ،فناداني ضاحكاً
    -"تعالي ترى انا احب السكرواحبالسكر"
    كررها بابتسامة غريبة!
    عدت بعد دقائق وبيدي علبة احاول اعادة ترتيب حاجياتها، منذ ايام وانا اشعر انني مشغولة رغم فراغي الشديد!
    ما ان انتهيت حتى فوجئت به مشغول البال جداً كأنه يفك رموزاً في الارض!
    ليس الغريب ان لايتفرغ لمراقبتي رغم ان ذلك بذاته غريب،لكني لم اعتد ذلك الوجه الجاد!
    وأيضاً مراقبتي له هذا اليوم غريبة!
    وكأني ابحث له عن مكان شاغر في تلك العلبة بيدي! فلايزال وجوده غير مألوفاً!
    ابتسمت وانا احاول اغلاق العلبة عليه، لأفاجئ به متعجب من ابتسامتي!
    قلت متشككة-"وشو"
    كان يبادلني الابتسامة، ثم قال حينها ما اضحكني حقاً لكونه حديث لاصلة له:
    -"نظمت قصيدة بقولها لك لالا بيت واحد"
    اهذا ماشغل بالك؟ اضحك بسخرية وانا اقول -"اثر عليك السكر(اضفت بمكر)قول"
    وضع الكوب جانباً وقال مباشرة-" لحظة ارتبها طبعاً بتكون عن ابتسامتك"
    ازداد حماسي ولم تفارقني تلك الابتسامة حيث بدا لي الوضع كأنني اتابع برنامجاً لا رجل يحاول الغزل بابتسامتي، ربما هي المرة الاولى التي اتحدث معه دون ان افكر بنا كحياة مشتركة،وإلا للذت بالصمت!
    وعندها قال:
    -"وودت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المبتسم"
    ثلاث ثواني مدة دهشتي،ودقيقة قضيتها ضحكاً كما لم اضحك معه من قبل
    -جداً مناسبة ياسيدي الشاعر،قال اثناء ضحكي:
    -"تضحكين الواحد ساعه يحاول يألف لك قصيدة "
    -"ههه لالا شاعر موهوب"
    -"اكيد من يشوفك ولا يصير شاعر!"
    وكأنه اعادنا للجو القديم!
    سلبت جملته حديثي بحرية!
    بل واتاحت لي الفرصة للنظر حولي،وكيف لهذا المكان الصغير،ومحادثة رجل بوجل ان تَعد بحرية ما!
    انه قوت الفقير،كالأمل تماماً حريتي، هل كان الأمل سراباً ؟حينما تتاح لنا الفرصة للقياه،يبتعد ونظن اننا أدركناه،نقول انه الامل،يزودنا بنفسه حتى نواصل الركض اليه!
    أيكذب الأمل كما يحتال السراب!

    .-.
    كاد السكّر يقضي علي،ان تتحدث معي بسعادة،يصبح حتى الماء حلواً!
    وتصبح الآمال مجهزة للاقتناء،فمن لايشتري الامل،يعاقب بالسراب!
    وما ان ازهرت الحياة حولي،وبدت الشوارع حدائق، قررت الطيور حيالها الغناء، كاد الحماس يقتلني قبل ان اصل لأبي في محاولة ليست اخيرة مادام اغلا الناس قد يرجوها!

    وعدت منه بعد أن وعدني خيراً، ولو لم يفعل لبقيت عنده حتى يعدني!
    اصدق الآن ان ابتسامة كليوباترا كادت ان تودي بأكبر امبراطورية!!
    .-.
    يومين فقط واتصل والدي مساءً
    اخبرني انه ينتظرني في المنزل،أقصد منزلنا الجديد!
    .-.
    .-.

    .-.
    بعد ان تكفل بكل شيء بما في ذلك امي!
    اصبت ببعض من القلق حين علمت بموافقتها بعد رفض،وازددت تردداً ما ان شعرت بامتلاكي للمنزل!
    وانا ارى والدي يوجه العمال بنقل الأثاث وترتيبه،بدا لي كأنه مشروع سطو!،وان لاحق لي بوجودي في هذا المنزل
    فلا يبقيني اخرساً سوى رسيل،لأنها فقط قالت انها تريده

    رغم انه ليس السبب الذي اخبرت الجميع به الا ان والدي فاجئني موجهاً قبل انصرافه نصيحة: ان زوجتي صغيرة قد لاتفكر بشكل صحيح فيتوجب علي الاستشارة دوماً,,لذا صرفت النظر عن اخبار بدر بالسبب ذاتهفهو حتماً لم يجهل اخته!

    أخبرته عندما التقتيه بعد العصر
    صب جم غضبه علي،وسألني مراراً عن السبب،يقصد سبب موافقتي لطلبها! وما ان نصحني بإعادة التفكير حتى كدت اخبره
    بأن لايعظ عاشقاً حتى يعود لرشده!وانني سعيد بكوني مجنوناً طالما يسعدها!
    لكنني طمئنته بكلمة: مؤقتاً.!
    وتأخرت قرابة الثلاث ساعات مع بدر،وعيناي على هاتفي،لمَ لاتتصل بي رسيل؟!
    .-.
    تأخر
    او ربما تأخر ترددت قليلاً في مهاتفته، لكن هاتفي رن أخيراً
    -كان بدر!
    تحدثت معه بأريحية مستغلة غياب عمر،واخبرني انه يريد رؤيتي قريباًفي منزل عمي
    وبطبيعة الحال كنت سأزورهماشتقت لهم ولجنان واريد بعض حاجياتيوحاسوبي بالأخص!
    .-.
    .-.
    -"تأخرت صح؟"
    اقترب مبتسماًوانا أتجاهله:
    -"ليش ماتصلتي "
    سؤاله محرج،لكنني قلت تفادياً لذلك"
    -"لازم اتصل؟"
    -" لا طبعاً"
    ثم قال بشيء من الضيق،لا ادري لجملة سابقة ام لتلك التالية:
    -"كنت اشرف عالبيت رحت اشوف وش ناقصه وغيرنا بعض الاثاث"
    رفعت نظري اليه،لا ادري لمَ كان الوجوم عليه، لكن ماشغلني تلك اللحظة هو الخبر السعيد ذاك،وماغير ذلك بمهم!
    -"صدق؟"
    -"اكيد"
    صوته لم يكن بالحماس المتوقع،لذا قلت له بهدوء اثناء استدارته عني:
    -"مشكور"
    ربما لأنها خرجت منفردة،خرجت بصوت هادئ،وكانها ناقصة،وصغيرة جداً
    كما اتضح لي قبل أن يقول
    -"بس مشكور؟"


    .-.
    دخلت مبتسمة،ووضعت حقيبتي التي أصبحت اكبر بسبب كتاب أحضرته معي لايختص بمعاني الاسماء!
    لدي الكثير من الكتب اتنقل بها،ولا أقرأ شيئاً، ويكون الكتاب لدي عذر انشغال!
    أبتسم له مرة اخرى، ويبادلني حديث بسيط، ويحول الظلام دون رؤيتنا ونحن نيام
    ،
    كما تروضنا الحياة نروض ملامحنا!
    اذكر ان وجهي اصيب ببرمجة الابتسامة التلقائية، وأضرب في حنجرتي كل الكلام، ومر اسبوع كامل لنا في الوضع ذاته، والمكان ذاته،والابتسامة ذاتها، لكن بتفاوت كبير في رضاي عنه وسخطي، تارة اضحك وتارة اكبت الدمع،وتارة احاول الصمت اكثر كي لايجهدني الكلام
    .-.
    .-.
    رسيل بمزاجها المتقلب تربك سير حياتي،وكأنني في كل يوم اقبل هدية عيد الميلاد!
    تعلمون اني مأخوذ بها كلياً،عشقت بها حتى المفاجآت،لكن خروجنا هذا اليوم للمنزل سيبدأ احتفالاً جديداًتبدو سعيدة جداً الآن لذا أنا افوقها سعادة!
    يبدو جديداً ومختلفاً، هذا ماقالته لحظة دخولنا .بالأعلى كانت غرفة المكتب لوالدهم كما اذكر،وتنتصف الدور العلوي، وبما أنها الاكبر فقد استبدلتها بغرفة نوم عظيمة!
    وسعدت رسيل بذلك معلقة،أنها لم تكن تخص أحداً،لذا لن تطرق بها الذكريات حالما تكون فيها!
    أما غرفتها التي اذكرها جيداً،كانت مستبدلة بأثاث جديد مسبقاً،وغرفة بدر كذلك
    ما ان مر الوقت وهي كمن ينفض الغبار عن صندوق ذكرياته، عاودني الشعور بالضيقلا لا اقصد الضيق فأنا مبتهج لسعادتها لكنه شعور يراودني مؤخراً ويجعلني أتساءل هل انتقالنا جيد؟
    مرتني وهي تواصل الانبهار،تمرر عينيها بالمنزل مأخوذة بكل شيء،وتتحدث الى نفسها بجمل غير مفهومة، مبتورة بالأصح!
    وأنا كنت انظر للمجلس بعد تجديده أيضاً،وكل زاوية بدأت تتحدث لي عن شيء ما، كأطفال خرجوا من صالة عرض أفلام!
    حتى رأيت نفسي قبل سنوات افتش عن ظلالها هنا،عن حديث مرت به هنا، عن نفسي التي لم تفكر بشيء سواها!
    هناطفولتي كانت مشدوهة بها، ومراهقتي كانت محصورة بها،وحتى هذا الوقت الذي بدوت رسمياً ملهوفاً بها!
    ان نكون معاً في المنزل ذاته يجعلني اتأمل كيف أنا كنت لها!!
    -هيَ التي غيرت حياتي في المرحلة الأكثر حساسية في حياتي،فعندما كان الجميع يحلم بالسيارات الفارهة،كنت احلم بهاوعندما يفكرون بشيء عابث كنت افكر بها!
    فقط أغلقت عيناي منذ وقت سابق عليها،واريد أن آويها بها
    .-.
    .-.
    وكأنني عدت للوطن!
    نسيت كل خوفي من مواجهته،اشعر بأن انتمائي لهذا المنزل لازال قائماً،وامتناني لعمر يكاد يجعلني اريد التصفيق له!!
    فكأنني احضر عرض "شهامة رجل" اراد إسعاد عروسته في شهر الغزل!
    لقد حقق ذلك،رائع!
    لكنكم ياترى ستدوم كلمة مؤقتاً التي اخبرني بها!
    الحرية أن تتصرف كما تريد،يبدو انني صرت على موعد أكيد معها، هذه الامنية التي تحققت كمفتاح باب يصلني بها،اعتقد ذلك
    ولولا ان قلبي ينقبض امام كل ذكرى لكنت الأسعد على الاطلاق، لذا تركت الغرف المقفلة مقفلة ولاجرأة لي بفتحتها
    فاختفيت برهة حتى سمعته يناديني
    وجدته في غرفتي، له ملامح غريبة بالطبع ليست السعادةلكنه يقول:
    -"كانت غرفتك"
    وددت لو ان عبارته كتبت على سطر لأرى أيصحبها استفهام!
    لم يكن سؤالاً بقدر ماكان تنبيه كما أعتقد،فكانت لاوجود لها في الحاضر
    أضاف خاتماً الحديث-"غرفة بدر مانحتاجها بقفلها"
    لم يبق شيء في المنزليبدو انه أحب إقفال الأبواب لكن تقليص مساحة المنزل تبدو أفضل
    -"وش رايك بغرفتنا"
    -"ماشفتها"
    .-.
    .-.
    -"شرايك؟"
    سبقتني،وبتلك البهجة قالت-"رووعه"
    ثم خرجت، لاادري لمَ شعرت بها تتصرف كأنه منزلها؟ محبط أن أكون كمتطفل هنا!
    كنا في الصالة نريح أجسادنا على الأرائك الفاخرة، مزاجي كلما تقدم الوقت بدأ يسوء، حتى تحسن عندما قالت بكل حبور!
    -"تبغى عشاء؟"
    نظرت إليها بغرابة وسرور
    -"طبعاً!"
    .-.
    ورطني بجمله الغير قابلة للنفي،فهي تأتي مثبة لاجدال فيها!
    ربما اتضح أنني في مأزق لساني!
    وربما للمنزل أثراً قديماً يعود بي للوراء أكثر فأكثر حتى أكاد اقفل غرفتي واخرج للمدرسة!
    -"اا(كنت انظر للمطبخ الخاليثم نظرت لساعة يدي مباشرة استنجد مطعماً لايزال يعمل)"
    -"ههههه يعني تفكرين تسوين لي عشاء امم سوي باستا(كرر بخبث) ابغى باستا"
    -"مايصلح باستا بالليل"
    -"الا يصلح"
    نظرته الثاقبة المملوءة بالدهاء،جعلتني أقول:
    -"المطبخ فاضي ومافيه اصلاً شي"
    النصف الأول من الجملة كان كافِ عن الآخر،ربما لنفاد مخزون الكلام لدي، او نية مبهمة في إثبات الجمل كما يثبتها هوَ في كلمة!
    -"هههههههه"
    حتى ضحكته تلك أنعشت الذكريات في هذا المنزل،لو كان هذا الشخص أمامي مجرد صديق أخي، لكنت اسعد من الآن،ولكنت قلت له:-"تروح تجيب عشاء؟"
    وربما قلتها فعلاً!
    ليزداد ضحكاً حتى شعرت أنني غبية!لكنني ضحكت أيضاً فأنا من استحق ذلك
    كنت انظر لعينيه كما اعتقد،أي ربما الخجل بالفعل قد أخذ غفوة!
    -"هههه بشرط تعوظيني بعشاء بكرة"
    ابتسمت موافقة،حقيقةً انني اكبت ضحكات طويلة
    فأن اكون متزوجة،وزوجي يملك منزلي،ويطلب موعداً لعشاء، يجعلني اريد الضحك وحدي!
    استغليت فرصة غيابه،ليحضر العشاء
    وضعت مفرشاً جديداً على سريري،بالطبع غرفتي الخاصة،وعلقت ملابسي،وبعد ان وضبت كل شيء خرجت لغرفتنا المشتركة
    ربما فكرت أن اعلق ملابسه أيضاً،لا لشعوري بواجب ما لكن لأضمن استقلاليتنا التي رضاها حتى الآن!
    لكن عندما اقتربت من الحقيبة شعرت انه لايجب فعل ذلك،إنها تخص -الغير-!!

    لمحت قرب الخزانة ثلاث حقائب إحداهن لم تكن مغلقة،ربما قد اسُتخرج منها شيء،
    وما أثار فضولي ذلك العمود للرسم الذي رأيته سابقاًإذن أين رسوماته؟
    ألقيت نظرة للوراء وكسارقة تفحصت الحقيبة،إذ كان مايفسر عدم وجود أي لوحات للرسم
    ،ان ذلك لم يكون سوى عمود لتثبيت آلة التصويرلا لاحتواء لوحة!
    إذن هو مصوَر لا رسام!؟
    سمعت صوت الباب بالأسفل،فذهبت إليه،وبالي منشغل بهوايته تلك،أو على الأرجح مهنته!
    وبدأت مع الوقت استرجع كلام بدري عنه، حتى انتهى العشاء الذي تناولناه بشهية مفتوحة،وأحاديث لاتنتهي من قبله
    بوجوده،ظلمت مقولة أن النساء ثرثارات !
    .-.
    بعد منتصف الليل
    ذلك الوقت الذي سارعت بتنظيف أسناني،وترتيب أفكاري،والتهدئة من توتري
    دخلت الغرفة فابتسم لوجودي، وقلت له:
    -"بنام بغرفتي"
    ضغط على الابتسامة،حيث قال:
    -"طيب تعالي"
    طلبني للجلوس بجانبه،ومازادني ذلك إلا نبضاً في جسدي كله!!
    -"في شي مضايقك؟"
    سجدت عيناي حينها،ولم ادري بما اجيبه!
    -"لا"
    -"اممم المشكلة يارسيل اني حاس انك مو على طبيعتك(رفع عيناي الخاشعة!) طيب انتي ليش احسك تتجاهليني وغالباً ماتحسسني اتكلم مع نفسي"
    -"توَنا"
    -"اخاف انك ماتبين تتعودين عليطيب خلينا نسافر"
    -"مو الحين"
    -"وان قلت بنسافر؟"
    هنا رفعت عيناي من السجود،بل وانغرست في عينيه لترى أي تحدي فيهما!
    -"غصب؟"
    تسارعت دقات قلبي،انني حقاً عندما اكون بصحبته يتضاعف جهد داخلي فينيلا اطيق ذلك!
    انتظرت اجابته،وكل ما اخافه ان تخرج جملة مثبته!!
    -"طبعاً.لا"
    خرت عيناي للأرض،ربما سجود الشكر هذه المرة!
    -"أي شي ماتبينه ماراح يصير قلتلك هالكلام قبل"
    قلت بهدوء:
    -"ما ارتاح معك"
    اتبعتها:
    -"ما ارتاح اكون مع احد الحين ودي تعطيني فرصة اتعود عليك"
    ربما كانت تلك أطول جملة جادة قلتها متواصلة منذ ان كنت معك!
    وكانت اغرب ردة فعل منك !
    قبلت جبيني وتمنيت لي ليلة سعيدة!
    وقبل ان اخرج قلت لي
    -"يكفي انك مبسوطة معي الحين"
    .-.
    .-.
    بالغد،انشغلنا بعدة امور تخص المنزل،وعند المغرب خرجت لقضاء بعض الأعمال،ورسيل استقبلت صديقة لها
    ما ان عدت مساءً حتى رايتها تشاهد التلفاز، وأخبرتني قبل صعودي أن عمها سوف يرسل لها خادمة بالغدمؤقتاً
    شعرت ان كل شيء يبدو مؤقتاً،بكلمة"مؤقتاً"حتى حياتي! ستر الله من الانفجار
    -
    -
    غمرني لطف دانه هذا اليوم، كعادتها دواء يرفع المعنويات في حال قصده
    تعجبَت كثيراً من قدرتي على إقناعه للعودة هنا!! لم تعلم انني لم افعل شيئاً سوى البكاء!!
    نزل من الأعلى وهو يمسك بجهازه الحاسوب،وجلس بالقرب
    -"وين اقرب فيش؟"
    بالطبع انه منزلي،وشيئاً فشيئاً شعرت بالمسؤولية أمام البيتوليس كامرأة متزوجة!
    أخبرته بمكانه،ثم خجلت وأوصلته له،وقد حفزتني رؤيته على العمل على حاسوبي أيضاً
    أحضرته وقد اشتقت إليه
    جعلت بيننا مسافة ليست قريبة، لكنها تسمح للرؤية
    ثم بدأ البعل بالثرثرة! اخبرني أين ذهب،ومن قابل،وأخبرني انه سيعود للعمل غداً!
    ثم أضاف السبب أنه سيؤجل اجازته حتى نقرر السفر
    فتحت متصفحي فلم يعمل،سألته بعد تردد دام خمس دقائق
    -"في تلفون؟"
    كنت اقصد بذلك هل أوصلت شبكة في المنزل
    -"أكيد"
    كان قد رفع رأسه وهو يجيب،وقال ما ان رآني:
    -"العيطموسة الي تقلد زوجها بكل شياحبها"
    ضحكت وانا ابحث عن شبكات وفي رأسي من يحيل تجمع الدم احراجاً من دعابته التي لاتبدو لي اكثر من شبكة فشل الاتصال بها!
    ووجدت واحدة لاادري أهي ملك لنا أم لا، لكنها تفي بالغرض
    جلست قرابة الساعة أتصفح ملهوفة،وكأنني غبت سنوات عنه
    وما ان انتهيت،أخذت اتصفح اشياء لااهتم بها، وتذكرت فجأة انه سيعود للعمل،أي انني سأجد ساعات فارغة أكثر!
    أردت البحث عن الحرية في هذا المحرك الا انني كتبت اسم بعلي ذاكوسألت المحرك عن عمله باستخفاف من لايشغل وقته!
    لكن لم يظهر شيء كما تعلمون فألقيت نظرة عليه،كما يفعل هو بين الفينة والاخرى،وتساءلت في داخلي
    لمَ لم تحب التصوير سابقاً، انك حقاً تبدو مختلفاً جداً عن الآخر!
    ما ان يزداد فضولي حتى اكرر محاولاتي في البحث!
    تراه ماذا يلتقط عادةً!
    اشعر بانزعاج شديد منه في كل مرة لايظهر لي البحث شيئاً!
    وليست المشكلة تبدو أنني اكتشفت انه مصور لارسام، بل لأنه مصور لاكاتب!
    العديد من الأشياء ربما سأعرفها لاحقاً لكن الآن اشعر انني مخدوعة به! وكأنه المسئول عن اعتقاداتي التي بنيتها استناداً لكلمة صحافة!
    شيء قفز في ذاكرتي حينهافكتبت بمحرك البحث اسم المؤسسة التي اخبرني عنها بدري، ربما يكون عمله ، كنت املك فضول عن ماهية الصور التي يحب التقاطها،وعمله بالتحديد،وأوقات دوامه
    رفعت عيناي إليه مرتابة أكثر! فعندما أصبح أمر مهنته أكثر أهمية منه بدا كل شيء غامض!
    لم أجد شيئاً بالبداية،لكني واصلت البحث
    .-.
    .-.
    كنت أراها تعمل بصمت،حتى ان لاصوت للوحة المفاتيح، إلا أن توتراً كان يعتريها، أن ترفع رأسها مراراً يجعلني اعتقد أنها تكتب قصيدة!
    أسعدتني تلك الفكرة،اتجهت لمفضلتي وضغطت اسمها المستعار،
    بالحقيقة كنت أحفظ المنتدى بملفها الشخصي، لكنها لم تكن متصلة
    انني لم أفارقه طويلاً،لكنني لاازور سوى صفحاتها
    ربما تكون سعيدة وقد تكون كتبت شيئاً عني،أكاد أغيظ اسمي المستعار بأنني امتكلتها قبله!
    لم اعتقد انها كتبت قريباً،لذا بحثت لآخر المشاركات،فوجدت انني قد قرأت معظمها عدا واحدة
    كانت حديثة،ربما قبل زواجي بيومين لا أكثر كما هو التاريخ
    لن أجد شيئاً عني بالطبع فهو كالروزنامة!
    .-.
    .-.
    انه يماثلني بالفضول،والا لما كان مصوراً ! عمله حفظ أجزاء من كل شيء متلصصاً بعين زجاجية.احتقر تلك المهنة وازداد عدم راحة في كونه مصوراً، بل ان لاشيء يجعلني أتقبله حتى الآن!
    بعد أن يئست من الحصول على اثر له، اتجهت لقسم يعرض الصور الفوتوغرافية الإعلانية الخاصة بهم، جميع المصورين هنا لديهم خبرة عالية، أيعقل ان عمر درس التصوير! لكن لااذكر قسماً كهذا لدينا! أيعقل انه لم يفعل بالطبع لابد ان يكون بهذا المستوى، لكن ربما هو يصور صوراً متحركة!
    قاطعت تساؤلاتي عندما رأيت ملف باسمه تابع لهم
    أسرعت بالضغط عليه،وبدأت بتفحص الصور، ليست كثيرة لكنها جميعاً باستثناء واحدة لاتملك ألوان!
    اعني انها بالأسود والأبيض وظلالهم.هل أصبحت الألوان لاتستهويه!
    كنت مدهوشة وأنا ابحث في ذلك،
    ان تبحث عن رجل في محركات البحث،وتتلصص في أعماله باحثاً عن أثر له، وهو على بعد خطوات من مكان وجودك،شيء.شيء مذهل!

    كان ينظر لشيء ما بحدةلفت انتباهي بعد أن غير من وضعية جلسته بعد أن كان مسترخياً ليصطلب،وهادئاً ليضطرب،ثم كساه وجوم رهيب وهو يلقي علي نظرة مشككة، فيعود للشاشة مرة اخرى،ثم إلي
    اخرج هاتفه،ونظر للساعة،أو ربما التاريخ،ثم عاد للشاشة، وحل به سكون رهيب
    تجاهلته فحسب!
    .-.
    .-.
    بالطبع التاريخ ذاته،قبل زواجنا بيومين،
    مشاركتها تلك لايمكن الكذب فيها،انها رسيل وهذا ماكتبتهأيخبرني أحد بعكس ذلك!
    :
    في الاثنين من كانون الثاني ،يناير.،
    قبل دقائق،أخبرتهم بموافقتي.كنت ارتدي ثوباً بارداً،نقشت به بقايا الذاكرة،وحذاء كنت اكتفي بخدعة:
    أن الحذاء أول الواصلين الذي لايمكن أن يقودنا لمكان أقل جمالاً منه! وكنت اشتري حذاء باذخ السخرية!
    -وافقت على الزواج من الرجل الذي تكرهه جل مشاعري،وستتحدد الكثير من المواعيد التي لاتهمني لاحقاً!
    بالمناسبة سأفتقدكمدعوكم كما أنا ، وللحرية حديث آخر.،
    انكسار الظل.تحية
    .-.
    .-.
    .-.
    ,,<<يتبع


    لكم جميعاً.البقية في الطريق
    الظرف الذي ابعدني جبراً،أعادني.كل اعتذاراتي قليلة بحقكم،كما تعلمون:00015:
    فما املك سوى المواصلة، وانتظار رضاكم



    . عندما لا يكون الذوق أو الرائحة أو كلاهما معاً ملائمين لتوقعات المخ، يحتمل أن يكون التفسير مضللاً وغير صحيح . فالشراب الأصفر الذي له طعم الفراولة لا يتم التعرف عليه بصورة سليمة، لأننا نتوقع أن يكون طعم الشراب الأصفر بطعم الليمون .*
    فالمخ ايضاً يفسر حسب علمه بالماضي،ومباغته بأمرين مختلفين يصبح مضللاً،وكأنما لايستطيع الاستيعاب!
    مالذي يحدث في دماغي بالضبط!
    كلا الامرين واردين،وكلاهما لايتجانسان في عقلي،انا الرجل الذي تكرهه جل مشاعر تلك الفتاة التي يعني انهاقد تكونتلك التي كتبترسيل!!
    عندما يتعلق الأمر بها سأشرب الفراولة الصفراء واقول بأنها ليمون!
    فقد تخطت القلب منذ فترة طويلة،واستحلت العقل منذ زمن،أكاد اشعر بها تسترخي في داخلي فلا ينبض لي عرق،أكاد أعرف احداهنتلك التي قربي والاخرى في الورق،واكاد اموت من عشقي لهن!
    كيف؟مالذي يحدث لي بالضبط؟اخبروني لمَ التذوق لايكتمل الا برائحة!ولمَ لايتجانس شيء مهما كررت الخلط،ولمَ لايذوب السكر ولو قليلاً!
    ولمَ لا أستطيع تسخين الماء!!
    أليست زوجتي؟ من أحببت،وأحبتني؟استقدم هدنة من التفكير،لابل لم اعد ارغب بالتفكير مطلقاً، اغلق الجهاز واتجه للفراش وكأنني لم أقرأ شيئاً
    .-.
    أطفأت الأنوار،لأستدرج النوم
    تجاهلت التنبيه الذي يقرع في رأسي كل دقيقة كجرثومة في جهازي المحمول
    -يجوز ان اخدع بفتاة اخرى،كاتبة ما، ظننتها رسيل!
    -يجوز ان تكون رسيل،ولايعقل انني مخدوع!
    -ان كانت اخرى،فهل يعقل انني اهتممت بها اثر خطأي!
    -وان كانت هي فهي لن تعني ماتقول،اقصد هي لن تعني ماتكتب! إذن لمَ كتبت ذلك!وقبل زفافنا!
    لا ليست هي!
    قلبي لايخطئ،محال ان تكون!.،
    .-.
    .-.
    أفقت كالمعتاد،اتجهت لغرفته راجية ان يكون غارقاً في النوم
    لكني لم أجده، يبدوا انه استيقظ باكراً هذه المرة،ورحل للعمل، ليته اخبرني قبل خروجه،فأنا اخطط للذهاب لمنزل دانه!
    توجهت للأسفل،وحقيقةً لاوجهة معينة لي فجلست مباشرة على إحدى عتبات السلم الأخيرة،وبدأت أتأمل النهار القادم الطويل
    أهكذا تبدو الوحدة؟ ام انني في هذا الوقت استشعر الفراغ،كيف لكل شيء أن يكون خالياً هكذا!
    من لديه حلم ما،هدف يطمح للوصول اليه،لايشتكي الفراغ ابداً،لكنه قد يشكو الوحدة!
    ألأنني املك هدفاً فارغاً وحلماً وحيداً انهال على نفسي دوماً باللوم والتذمر،أكان صعباً لهذه الدرجة ان تملك حلماً لايكتفي بأربع اتجاهات؟حلم لاتدري كيف تصل اليه،حلمُ تقدم له كل شيء لثقتك انك ستحظى به،رغم انك تعي في داخلك انك قد تسعى اليه دون جدوى،
    تكتفي بالايمان به،وتنتظر على عتبات سلم ما!
    .-.
    .-.
    التركيز،يُطلب ذلك،اريد العمل انتظري قليلاً حتى انجز البعض،قفي ارجوكِ
    أتعتقدين انك الوحيدة هنا؟اتعتقدين ان هذا العقل ملكك وحدكَ؟
    انه لي فدعيني اكمل عملي سآتي اليكِقفي في زاوية افكاري وحتماً.سآتي
    لمَ العناد؟!
    .-.
    .-.
    -هيَ لاتعلم انه يعرف ذلك المنتدى،ولاتعرف انه يتابع ماتكتب، لكن ماتعلمه انه لايحب الكتابة ويحب السخرية من الكتَاب
    -أن تشي الأشياء حولك بك،مؤلم حد الخيانة،أن تخبرك الخطى مقاس أقدام من عبروها فاضح حد الوشاية،
    لكن أن تخبر الناس أسرارك في المكان الذي لاتظن احداً سيلتفت إليه،أن تشي بنفسك على مرأى من الجميع
    يجعلك تشعر بشيء لم يمر عليك سابقاً
    .-.
    .-.
    .-.
    عدت من العمل سريعاً لتستقبلني عينيها، أطلت النظر بحثاً عن مايكذب ظنوني، أتمنى لو كان الأمس كابوساً،لكن كيف بذلك وأنالم انم بعد!
    لم تكن عيناي ولا جسدي بحاجة له بقدر عقلي الذي أراد أن ينام طويلاً
    خرجَت من المطبخ بعد ان القت نظرة على الساعة المستطيلة المعلقة امامي وعن يمينها
    وقالت باندهاش:
    -"ماعندك شي؟"
    بلا لديّ لدي الكثير لأسألك عنه، لدي هم أطول من ظلالي،لدي ظن يكبر كلما مر الوقت، ولدي أيضاً قلبقلب احبك بقدر ما تمنى ان يكذب قلمك دون ان يكذّبك!!
    بقدر همي الثقيل وقلقي المجهد والحلم العليل! احبك اكثر مما تبكين ،ومما تقولين وتكتبين، واكبر من املي بما كتبتِ.بأنكِ تكذبين!
    ياخوف قلبي لو كنتِ صادقة،لو كان صحيحاً ولاتمزحين؟ اكثر مما تتوقعين،قلبي اشقته الظنون،ذاك الجنون اني احبك تعلمين؟
    اني امامكِ،معكِ، بقربكِ، ومضنيني الحنين!
    أخبريني،لمْ تكرهينيتكذبين!

    -"وشفيك ماعندك شي؟"
    -"رايح انام شوي"
    يثقل جسدي كلما احتجت للنوم الا هذه المرة،كنت ارجو في داخلي لو طلبتني البقاء فتزيح بعضاً من الثقل في قلبي
    حتى انام،ولو ساعة
    رسيل التي قالت يوماً انها لاتطيق الساعة المستديرة،لانها تشعرها بالدوران دون جدوى!
    فبحثت عن مستطيلة الشكل علها تجيد اخلاف موعد ما!او العودة بشكل او آخر دون دوران،
    ما ان انتهى قلبي من اللحاق بها،افاجئ بعقلي الذي تبع خطاها دون علمي!
    اتركيني،منهك أنا!

    .-.
    غفوت حتى طُرق الباب، أطلّت تبتسم:
    "صحيت؟"
    بين فتحين علقت،كأنما تهاب الدخول،فأضافت:
    "ماتبغى تتغدى؟"
    تابعت في مكانها:
    "انزل تغدى"
    وغادرت بابتسامة مشرقة
    صيغة الامر تلك لا أجرؤ تجاهلها،وابتسامتهاتعلمون!!
    بقيت برهة في مكاني اتفقد الموقف،مالذي يتوجب علي عمله،فقد كان المكان فاقداً للصوت عدا طرقات الباب التي كانت قبل قليل تستعجل قراري!
    هل أعود للنوم؟
    قد تشنجت الأسئلة المنتشرة بصيغ مختلفة في رأسي،وقادتني اشراقة ابتسامتها الى الاسفل،
    انهيفقد الموازين!!
    .-.
    .-.
    -"ساعتين وانا واقفه اطبخ"
    ابتسمْت لي وانت تنظر للمائدة الاولى التي اعدها في حياتي،وربما الاخيرة!
    -"مثل ماوعدتك بس مو ذنبي اذا طلعت جوعان"
    -"هههه لاكل هذا ولا اتغدى"
    وهم بتذوق شيء منها،وكأنني استطعمها معه،
    -"وش رايك؟"
    انتظر الاجابة،كمن قدم لامتحان قبول!
    -"اكيد لذيذةتسلم ايدك"
    جلست في الكرسي المقابل وانا اشعر بالفخر
    -"الله يسلمك وش تشرب؟"
    .-.
    حبيبتي في مزاج رائع،طهت لي الطعام وقابلتني في الجلوس
    رغم ان الغداء له مذاق غريب،لكنها لو اعدت ما اعدت سآكله واقول لذيذ!
    هاقد اكلت من يدكِ اخيراً
    -"بترجع للدوام؟"
    -"ايه اصلاً جيت اريح شوي"
    -"استغربت وماكان ودي تشوفني وانا اطبخ"
    ضحكَت،وللعجب كنت اضحك أيضاً،وما ان حان وقت الخروج،سألتها
    -"انا طالع الحين تبين اوديك لخالتك؟"
    ورفضت مباشرة كما تفعل
    -"اخاف تقول اني مانعك ولا شي لازم تروحين "
    فكرت قليلاً ثم قالت-"طيب بكرة"

    خرجت من المنزل بمعدل تفاؤل كبير،صار الوقت طويلاً وانا اتفقد الساعة لأعود منذ وصولي
    هي لاتكرهني حتماً،هي احياناً خجولةصحيح!
    بدأت اوهم نفسي كثيراً حتى شككت انها قد كتبت أصلاً،وتفقدته وكان موجوداً فصفعني مرة اخرى
    -لمَ وافق ذلك التاريخ زفافنا أيضاً؟اذن هي رسيلوأنا المعني؟
    عندما لانريد تصديق امر ما نبرر له بقدر الحقيقة والزيف،نستعير له احياناً اعذار وهمية ونلبسه الطهارة مهما كان قذراً، وقد نصدق انفسنا لأنها تريد التصديقاو لأنها لاتحتمل حقيقة اخرى

    عدت للمنزل بموج الاسئلة ذاته وقبل ان انتظر حدوث مد وجزر آخر للغد، استوقفتها قبل ان تصعد الدرج لتنام:
    -"رسيل"
    توقفت في مكانها فالتفتت الي،لأسأل:
    -"ليش تزوجتيني؟"
    لانها قد انتصفت الدرج،وانا في بدايته ولم استدرجها للاجابة بسؤالي الصريح
    ألقت عينيها علي مندفعة من الاعلى.وسكتت وكأنها شكت في سمعها!
    استدركت متوتراً:
    -"اقصد ليش رفضتي قبل وبعدين وافقتي؟"
    .-.
    .-.
    سؤال كهذا،في وقت كهذا،في المكان الذي لايستحمل اكثر من ثقل الاقدام،يجيز لي متابعة الصعود وتجاهلك،ويوجب علي البقاء لأستشعر صعوبة إجابة!
    هل اجيبك لأنني اعرفك، ام لانني اريد منزلك،ام لاني لااحب مازن ولامنزل خالتي،ولم اعد اطيق العيش عند عمي،ام لأنني اتابع مشواري الطويل للحرية
    وظننتك أقصر الطرق!
    -اشعر انك تود السؤال بطريقة اخرى:لمَ أنا دون غيري؟
    اذن، لست احبك ان كان هذا ظنك،وقد اخبرك انك لاتعنيني مطلقاً قبل زواجي بك،ولست الان سوى الرجل الذي اعلق عليه احلامي وتسقط!
    -"كنت ارفض الزواج اقصد مبدأ الزواج"
    قال مباشرة-"يعني ماكنتي ترفضيني انا"
    ماذا تريد ان تسمع! بلا كنت ارفضك أنت،فقد كنت أكرهك حينها،ربما لم اعد كذلك لانني قررت استثمارك لأحلامي،لا تؤاخذني بما قلت!
    قبل ان اجيب سألتني:
    -"تدرين ليش انا اخترتك؟"
    لأنني شعرت ان الإجابة القادمة لن تكون عادية،وقد اكون اعلمها مسبقاً، فأنا والبقعة التي نقف عليها،والزمن،لسنا على استعداد لسماعها
    فاجأته حين أومأت بالإيجاب،وأكملت الخطى للأعلى،وغبت عن عينيه التي كانت تنطق بشيء ما أيضاً!

    .-.
    مرت تلك الليلة،ونسيت مافيها، كنت انتظر عودته ليوصلني لخالتي كما اتفقنا
    بالتأكيد لم يكن يتوقع مني وجبة اليوم أيضاً سيكون الوضع مملاً ان تكرر كل يوم، ثلاثمائة وستون يوماً أيام السنة،ان افترضنا انني اطهو له منها النصف،فمئة وثمانون يوماً فرضية مزعجة!
    لا لن تفكر بذلك،كنت سعيدة بهذا التفكير المسلي، حتى انني قررت انني لن اطهو له الا عند حاجتي لرشوته! ،فالوجبة الأخيرة التي اعددتها له أسعدته رغم انه كان حزيناً
    انهم الرجال!
    ان كان يملك قلباً فهو بالتأكيد في معدته،رن الهاتف وانقذ العالم من افكاري!
    .-.
    سألته عندما وصلنا:
    "منت نازل؟العزيمة عشانك"
    وهو يبحث في صندوق سيارته عن شيء ما:
    -"باخذ كم لفة لين يجي بدر"
    .-.
    .-.
    ترجَلَت منها وانا أتصنع البحث عن أي شيء،ألا أستطيع ان اشغل بشيء آخر!
    كلما شغلت بأمر ما أجدها أمامي،احاول ترتيب هذه الأوراق المنتشرة وتبدو رسيل مصطفة امامي،
    انها حتى لاتراني، لاترى وجودي، ولاتسمع حديثي،وحين حاولت التعبير عن شعوري تركتني في مكاني!
    معها اشعر بكل شيء،وأخاف ان شعورها لي لاشيء!!
    .-.
    .-.
    وقفت أتأمل الفناء الخارجي للمنزل،وأتساءل في داخلي لمَ لم اشتاق له!
    وافتني الإجابة سريعاً بعد ان ظهر من لااريد رؤيته،ومن حاولت تأجيل قدومي كي لا اقابله،
    قدم لي سريعاً،مبتسماً،سعيداً بانفراد!
    -"هلا والله"
    قلت-"السلام"
    وكانت دعوة للسلام! فردها وصافحني أيضاً
    -"تو مانور البيت زين تذكرتينا"
    -"وين خالتي؟"
    -"داخل تنتظرك ها كيف حالك"
    -"بخير"
    وحاولت تخطيه الا انني اوقفت بيده،ستر الله من هذه الليلة!
    -"وين رايحه ماخلصت كلام"
    وهل بيننا غير السلام!
    -"خير؟"
    -"ابدبس بقول لك"
    قاطعته"مازن خلنا ندخل وبعدين قول"
    -"بس سؤالماوحشتك؟(ضحك بخبث) والله وحشتيني"
    يده المتوحشة ارادت ان تفترس يدي،إلا ان الباب الكبير ردعها حين اتجهت أنظارنا اليه،
    يفتحه بدري ويدخل
    ويتبعه عمر

    تتجه أعينهما مباشرة علينا،أتراجع خطوة،واكرر في داخلي:لهذا السبب لم اود الحضور،لهذا السبب!
    يقترب بدري ويسلم بحماس خالقاً تغييراً بالجو،ويتجه للآخر الذي سرعان ما فقد توتره وراح يسأل عن الاحوال
    عيناي تخطتهما،وسلكت الطريق المستقيم أمامها،لتصطدم باللذي ضل واقفاً دون حراك،
    وبصره الحاد يكاد يثقب الغلاف الجوي لو نظر لأعلى!
    تحرك مازن إليه وصافحه قائلاً:
    -"حي الله الغالي"
    رأيته يشتت نظراته كمن يحرك وعاء ساخن ليبرد، وأجابه دون النظر إليه مباشرة:
    -"الله يحييك"
    وانسحبت للداخل ،لمَ اشعر انني مذنبة!
    انه ابن خالتي،ومن عشت معه في منزل واحد بعضاً من عمري، وهو يعلم ذلك
    لاخطأ في تبادلنا التحايا.لكن لمَ لست مرتاحة!
    رميت بكل همومي لحظة عناقي لخالتي التي اشتقت اليها حقاً،في كل مرة اعانقها احس بوجود امي!
    وانقضت ساعة على وجودنا،حتى سألت:
    -"وين لمى؟"
    أجابتني بضيقة-"والله مدري وش فيها صار لها شهر على الحالة في غرفتها والاكل تتعبني ماتاكله"
    عجيب امرها،كل مرة يشغلها امر ما ولاتراعي من يهتم، ربما سأرغب برؤيتها،للاطمئنان على خالتي!
    استئذنتها بتردد،فحقيقة الامر لاارغب برؤيتها،لكن ذلك مايتوجب فعله
    طرقت الباب،كررت ذلك، ثم يأست من ان اسمع جواب،فدخلت

    منظرها المحبَط،استلقائها على الاريكة مخفية رأسها تحت الوسائد،عدم التفاتها لمن طرق الباب، كل ذلك يذكرني بتلك المقولة: "ان أصحاب القلوب القاسية لهم أحزانهم أيضا"!*
    وقفت قليلاً،ثم جلست على طرف السرير المقابل لها،سألتها عن حالها
    رفعت عينيها،وما ان رأتني،أقصد شاهدتني كما تشاهد التلفاز،وقد خفضت صوته!
    -"وش فيك؟"
    هنا اجابتني بهدوء ينبئ بعاصفة -"مافيني شي"
    لكن اجابتها منحتني شعور جيد،تمنيت لو كنا نتحدث هكذا دوماً،دون ان نقسو او نغضب او نشتبك بالنظرات
    -"طيب ليش شكلك تعبان"
    جائني صوتها مختلفُ كلياً عن نبرة صوتي،وبهدوء غاضب:
    -"اطلعي وسكري الباب"
    لم استغرب ذلك،فذلك ليس بغريب أبداً،بل ماسبق أغرب!
    خرجت واغلقت الباب نصفي يشفق عليها والآخر يتمنى لها المزيد!
    ماقالته خالتي بعد ان اخبرتها بعدم مقدرتي التحدث معها،ان ماحدث لها اثر شجار مدرسي،مع اغلا صديقاتها!
    فأعلنت اضرابها التام عن الحياة!
    رفضت الاستمرار في الدراسة،اواستقبال اخريات يحاولن اقناعها، فصديقتها التي خاصمتها،هي الاحب الى نفسها، كما قالت خالتي بيأس
    تمنيت ان لايخيب ظنها مرة اخرى،وان تكون تلك مجرد صديقة احبتها،وليست حبيبة صادقتها!
    وما اعلمه عن لمى يؤكد لي انها ليست مجرد صديقة!
    ربما تملك سديم شيئاً من خبر،ان لم انسى سأسئلها لاحقاً،
    .-.
    بعد العشاء،في حين مغادرتي، اوصتني خالتي كثيراً بعمر،وكدت أنااوصيها بمازن!
    فور وصولي للباب الداخلي، رأيتهم جميعاً يقفون بالقرب
    أخي وزوجي وابن خالتي
    تركهم بدري وقدم للدخول ليتمنى لخالتي ليلة سعيدة، وتبعه مازن، حينهاخطوت للوراءفتبعتهما!
    تاركة خلفي الواقف كالبركان.،أو هاربة منه!
    .-.
    .-.
    بدري بالداخل يتحدث مع مازن بكل أريحية،وقلما أراهما هكذا لوجود عمر
    لمَ يبدو متحفظاً جداً!لو كنت املك وقتاً لأفكر بغير مشاكلي لتصورت عدة امور كأن تكون العداوة التي شنها زوجي واخي عليه سببها لايعني اخي شخصياً،أو ربما يعنيه، قد يكون سوء فهم بينهما وزال وقد اكون أنا أسأت الفهم فيما مضى
    او قد يكون هو تسلط عمر،بان تكره من اكره،وتود من اريد!!





    رد مع اقتباس  

  5. #25  
    .-.
    خالتي التي تتحدث ولا اعي حديثها،وكيف تراه سيكون حديث من ينتظر بالخارج عني الآن؟
    وكيف شعوره؟ أله الحق في العتاب او الغضب؟ الا يكتفي من امتلاكي بالمنزل يريد مني اتباعه هنا!
    ان تنشغل عن مشاكلك بمشاكلك،عن حديثك لنفسك بحديثك اليها،من التفكير للتفكيرتجد انك كمقشة وسط عاصفة، أعزل من كل شيء!
    سألتني خالتي مالذي ألم بي؟ ومالذي يشغلني
    كذبت حين أجبتها ان موضوع ابنتها يشغل بالي،وهو بصدق قد شغل جزء من تفكيري!
    قال مازن أمام الجميع:
    -"أي يوم اذا هذا مشغول اتصلي علي وانا اجيبك لامي"
    هذايقصد به زوجي! قال بدري حينها
    -"مايقصر بو وليد مبديها على شغله"
    بو وليديقصد به زوجي! قالت خالتي حينها
    -"الله يخليه لها ويوفقكم ويجيب وليد ويربى بعزكم"
    لا أنا ولا مازن استوعبنا فكرة الوليد!
    او موضوع الوليداو اسم الوليد
    ولا انا ولا هو استسغناها،فقال خاتماً الحديث
    -"المهم مثل ماقلت اتصلي وانا اجي اخذك"
    ضحك بدري قائلاً وهما يخرجان-"ياخي وش قلنالك "
    .-.
    .-.
    أطل بعد دقائق يستعجلني،وحينما خرجت لم اجد عمر
    بدري-"ينتظرك بالسيارة"
    مازن-"اوصلها وارجع"
    بدري-"هذا الباب قدامها لاتهرّب ماقلت ليش غيرت قسمك؟"
    وصلت حينها للباب،لا أدري بمَ يفكر الجميع حقاً!
    .-.
    أغلقت الباب وانطلقت السيارة،قلت كاشفة عن الوضع
    -"مادريت انك برى كان ماتأخرت"
    -"بكرة الغداء عند امي"
    وهذا مادار بيننا فقط، وحتى الغد!
    صوته كان حازماً بعض الشيء في جملته الوحيدة،رغم اننا قد لانتحدث احياناً لكن صمتنا الآن خانق!
    فتحت جزء من النافذة،التفت الي.،أغلقها من عنده، ورفع درجة التبريد!
    .-.
    .-.
    تلك التي لاتهتم في غضبي،لاتعنيها سعادتي وحزني، ان نمت او ضللت ساهراً لاترى فرقاً في وجودي وعدمي!
    رحلت للنوم ما ان وصلنا،وتركتني اصارع فكرة ستحرمني النوم كعادتي! هي فكرة واحدة على الاقل!
    فقطاسم واحد.سؤال واحد.لمَ مازن؟!
    لمَ كان قريبها من بين جميع رجال العالم؟لمَ كانت رسيل معه، لم تنفرد به؟ وتكشف عن وجهها؟!
    لمَ تجعلني الغريب امامه،لمَ اشعر بالغضب كثيراً،لمَ اردت افراغ المى في جسده؟!
    .-.
    قدم الصباح وانا مجهد اكثر، وهي قد لاتكون استيقظت بعد
    انهيت عملي سريعاً وذهبت لوالدتي التي ما ان تراني تذكر المنزل،وتظل تعاتبني . تسللت لغرفتي قبل اذان الظهر وبدا لي شخصي يستلقي على سريري يحسب الايام لزفافهوتحديداً في الوقت الذي كتبت فيه زوجتي استسلاماً للزواج بمن تكره!
    اشعر ان كل شيء على وشك انهيار،السقف بدا مائلاً قليلاً لولا انني تداركت عيناي الناعسة وحاولت ان اغفو لتأكدت من ذلك!
    صليت الظهر ومررت برسيل كي نتجه لوالدتي كما اتفق
    جبت الشوارع قليلاً مسترسلاً بالتفكير،مررت بالكثير في رأسي،أرصفة الذاكرة وحدها لاتطئها خطى العابرين! الشوارعالشوارع كيف تبدو هذه الظهيرة التي تخطت الدفء بكثير فأحرقتني،شجرها ساكن لايتحرك وكأنما أفقدته الشمس الإحساس،إشاراتها تتقلب كثيراً تستقبلك بحفاوة او تردعك دون ان تحيط علماً بشيء،الشوارع العالم الفاصل بين عالمين،الشاهد الأوسط بين جريمتين عادلتين! من تخطو عليه ويدلك
    علمتني الشوارع ان الخطى التائهة فيها كإشارات المرور لاتعلم تماماً متى تستقبلك وتردعك، كامرأة اعرفها زرعتني في الشوارع شجر أطفأت الشمس إحساسه، تركتني على رصيف لايطل إلا على عالم واحد،ولايشهد الا على نفسه!
    هي لاتنظر لخطاها تخطو علي وأوصلها!
    .-.
    قبل الثانية بقليل،اتصلت بها فلم القى اجابة
    دخلت المنزل،وجدتها بالصالة تشاهد التلفاز،ولم تستعد بعد
    -"وش تسوين؟ماقلت بمرك"
    نظرت للساعة وقالت -"الحين؟"
    -"اجل متى الناس تتغدى مفروض انك جاهزة الحين"
    طبقات صوتي متفاوته،وكأنما هو صراع ظاهر بين عقل وقلب، تعمدها استفزازي يصيبني بالجنون
    -"مايمدينيطيب خلها عشاء"
    اثر جملتها،جلست على المقعد مباشرة،بل انني اكاد اضطجع من غضبي
    -"روحي اتجهزي لك عشر دقايق"
    -"ما اقدر بعدين ليش ماقلت لي قبل"
    -"انا ماقلت لك امس؟ ووينك عن الجوال"
    وطاري الأمس هو الآخر يفقدني اتزاني، دون ان تنظر الي:
    -"نسيت وماشفته"
    بهدوء اكبر-"لك عشر دقايق"
    -"طيب ليش معصب رح انت اليوم وانا بروح يوم ثاني"
    .-.
    .-.
    غضبه بغير معنى، لمَ هو غاضب هكذا؟أوداجه منتفخة ووجهه مضطرم يبدو مخيف وهو يصرخ بأوامره تلك
    هل زيارة اهلك بتلك الروعة كي اذكرها جيداً؟ ام هل هي بتلك الأهمية كي استعد لها مبكراً، ام هل اتصالاتك لابد ان يجاب عليها مباشرة، ام هل يتوجب عليك ان تجبرني بالذهاب؟!
    قال لي وهو يهم بالمغادرة:
    -"انتظرك بالسيارة"
    كيف تفعل هذا،لا أستطيع،لاتكفي هذه الدقائق القليلة لشيء
    ثم انني اكره كثيراً الخروج ظهراً كيف وان كان لتناول وجبة مع اهلك!
    واكره أكثر من أي شيء ان تجبرني على مالا اريد!
    لا لن أستطيعكيف لايخيرنيأي عبودية جنيتها من هذه الحرية!
    .-.
    دقيقتين
    ماذا افعل.هل ينتظر بالفعل؟
    سيضطر للكذب على اهله ان غادر وحيداً وسيظنون بي السوء!هي ساعة لمَ لا اذهب فحسب،لكني لااريد ,نفسياً لم استعد!
    .-.
    ربما غادر،وربما لازال ينتظر
    عشرون دقيقة ووصلت للباب،وانا اثق انني ارتكبت حماقة قد ارشوه بها،خضوعي قد يمهد لي طريقاً لحرية،فالتنازلات طالما كان لها اثراً في حياة عظماء!
    ربما شعرت بخيبة حينما رأيته مسنداً رأسه على المقود،وينتظر
    ما ان فتحت الباب حتى تحركت السيارة
    فتحت حقيبتي ووضعت بعض الحاجيات التي كنت امسكها لضيق الوقت شيئاً فوق آخر، كنت املك حذاء أجمل وانسب لكني ارتديت هذا، قد آذيت احد أظافري عندما فتحت الباب ولا املك مبرداً،أحمر الشفاه الذي أخذته ليس ما اريد،كيف لهم ان يصنعوا الجميع بغطاء واحد!
    وهل هذا وقتهم؟أغلقت الحقيبة،وأنا اشعر بالجالس جواري يغلق حنجرته، لم استطع النطق بشيء وهو بالكاد يتنفس!
    .-.
    .-.
    عاتبتني والدتي على التأخير،واتجهت رسيل للمرآة وبقيت طويلاً
    واجتمعنا اخيراً على الوجبة،وعيناي بدأتا تحرقاني حاجة للنوم، ذهبت لصلاة العصر داعياً ان تفرج ضيقتي
    -"وين رسيل"
    اجابت رنيم-"عند المراية من ساعة ماجت وهي رايحه راجعه عليها"
    زفرت بقوة فإذ بها تجيء قائلة باسلوب غريب-"معليش مامداني اسوي شعري"
    رنيم-"هههه ماستعديتي اجل"
    وقبل ان تجيب الاخرى صرخت بها-"رنيـم"
    .-.
    كانت نبرته مرعبة بالقدر الذي جعلنا نصمت جميعاً،وربما حتى الباب اغلق بقوة،مما جعلنا نتبادل النظرات فجاءت والدته بالشاي وجلست
    ،
    -"ياولدي ليش ما تعشون عندنا"
    اجابها-"مرة ثانيه برجع انام من امس مانمت"
    -"وليش حسبي الله عليهم ودوامهم اتركهم والله ييسر غيرهم ولا خل ابوك"
    قاطعها وهو يهم بتقبيل رأسها-"لالا مرتاح الحمدلله تامريني بشي"
    وبدأ بحديث قصير مع اخته وانا افكر هل غادر المنزل ليلاً! أحقاً لم ينم بعد!
    اتجهت الي رنيم وابتسمت سائلة:
    -"شخبار البيت؟"
    -"زين"
    كانت نظراتي لها مشككة بعكس نظراتها الواثقة وهي تقول بصوت اعلى
    -"الا متى قلتي بتعزمينا"
    عمر الذي اجاب –"قريب ان شاءلله متى ماتبون"
    امه باستبشار-"اجل خلها الاسبوع الجاي ويجي اليوم اللي ادخل فيه بيت وليدي"
    -"صار والبيت بيتكم"
    الموعد الذي أكده دون الرجوع الي،يشعرني بالاضطهاد الكلي!
    يزداد غضبي كلما فكرت في الأمر أكثر،من يظن نفسه قدمت تنازلاً وجئت معه ليتفق على مأدبة عشاء سأتكفل بها في بيتي دون أخذ رأيي
    مالذي يستعرضه أمامي؟ لن احتمله أكثر
    .-.
    ما ان وصلنا حتى قصدت غرفتي لأنام،وما ان أرخيت جسدي على السرير حتى طرق الباب
    دخلت رسيل قائلة بهدوء
    -"ليش عزمتهم الاسبوع الجاي"
    الم تتفق مع اختي بذلك؟
    علا صوتها مضيفة:
    -"انت ماتفكر الا بنفسك ومو عامل حساب احد"
    رأسي الذي كان يوشك ان ينفجر،اشعر به تشظى الآن
    -"نتكلم بالموضوع وقت ثاني اطلعي الحين وسكري الباب"
    -"بتأجلها؟"
    -"لا"
    التحفت كلّي وكأنما اغلق الباب،فسمعتها تقول بصوت يكاد يسمع قبل اغلاقها للباب
    -"ديكتاتور"
    .-.
    .-.
    كيف له ان يتصرف بهذا الشكل! لم يكن هكذا!
    مستغربة مما آلت إليه الامور مع هذا الإنسان،عندما افكر فيه لا أجد سوى ما أكره!
    المنزل الشيء الوحيد الذي قدمه ونال رضاي، هاهو يأخذ حقه جيداً حين يدعو من يريد كيفما يريد ومتى يريد! وانا فقط كقطعة من أثاثه!
    انعدام الذوق،سوء تصرف،أحمق ذلك المتعجرف
    وكأنني اريد أن اشكوه لأحد، كتبت موضوعاً جديداً في المنتدى بعنوان لم يصعب التفكير فيه
    "ديكتاتورية!"
    -تكون بائساً جداً حين تخالط من يمارسون الديكتاتورية،عند رؤيتي لأولئك المتسلطين تشتعل بي الرغبة للمضي قدماً لحلمي
    فأن احلم بالحرية،وهم يحلمون بتسيير الناس حسب رغباتهم، يجعلك تحتقر تفاهتهم،وبلا شعور تجدك تؤيد الديموقراطية
    تحدثوا كما شئتم عن احديهما،وإيانا ان نتفق!
    .-.
    .-.
    عند استيقاظه، خرج مباشرة
    وكيلا اضيع وقتي بالتفكير بمساوئه،شغلت بالي بموضوع لمى
    مئات الأفكار كانت تراودني، وحينها قررت الاتصال بخالتي للسؤال عن حالها؟
    ما اخبرتني به ان لاجديد عليها،ولاتزال في الوضع ذاته رغم محاولات مازن أيضاً الفاشلة
    -كثيرون يعانون فوق الأرض، وقليل فقط يعي ان هناك من يعاني ضعف مايعانيه،وكلنا ننظر لشقائنا بانفراد تام وكأن لا أحد سوانا يبكي ويتألمويعاني ، وربما يحلم!
    البشر يعيشون بحلم متوارث،ربما ألف جيل لايحققونه،لأننا تعلمنا وعلمنا اليأس وكيف نفقد الأمل!
    -تستطيع تغيير العالم ان غيرت نفسك وآمنت بحلمك وتمسكت بالأمل





    رد مع اقتباس  

  6. #26  
    .-.
    .-.
    الساعات التي نمتها لم تكن كافية،شربت الكثير من القهوة في المقهى ذاته،ولم ادري كيف اصبحت هكذا!
    قد لاتكون مشكلة تستحق هذا الحنق لو لم يكن المسؤول.ذاكقلبي!
    هل لانها كتبت ما الاريد تصديقه،ام لأنها كانت مع من لااريد ذكره، ام لأنها تتجاهلني كثيراً
    ام لأنني غاضب منها فحسب!
    كيف لها ان تكون قد عاشت مع ذلك الحقير في منزل واحد،وان تقف امامي معه
    اغضب كثيراً ويزداد قلبي بالضغط فأنفجر، ان لم اكن احبها بهذا القدر فلن يكون الوجع مميتاً هكذا!
    ان لم يكن قلبي أنا لمَ ابقي هذا الحب؟
    وان لم تكن رسيل،لمَ احب؟
    في هذه اللحظة،في هذا المكان،اشعر ان التفكير بها ينتشلني من عوالم الفكر ويحط بي قرب عينيها
    الهذا كان الحب جميلاً،الهذا أتأرجح معها بكل شعور،الهذا يقيدني المكان بها؟ لمَ كلما حاولت بالبوح اغلق الطريق امامي
    لمَ لاترى النابض بين ضلوعي،فخارجي يتبرأ من قلبي كثيراً
    اقسم انني ابذل قصارى جهدي،هي لاتتجاوب أبداً حتى في قولي انني احبها الآن،او احببتها سابقاً، او سأحبها مستقبلاً ربما لاشيء سيختلف!
    عندما أتحدث عنها أجدني المتهم الوحيدوحينما أتحدث معها لاشيء يبقى بصفي!
    تلك الوقفة التي استحكم بها قلبي،اوصلتني بعقد صلح جديد معها
    بالتأكيد هي ليست سعيدة بحالنا هكذا
    -لمَ قالت انها تكرهني؟
    أخذت احدث الصفحة علها تتغير،فالتعقيب ذاك أصبح حلقتي المفرغة التي أشقاني اليأس من انعدام مخرج
    وما ان غيرتها التقيت بالجديد الذي أضحكني حينها،الماً!
    سقط أملي تحت اقدام الكرسي عقب موضوع الديكتاتورية!
    وفقدت أي رغبة لمصالحتها. وبت اصفع قلبي الذي لازال يبرر لها
    هل اللوم عليها لأنها تجيد اغاظتي،والشكوى عني،وعرض شعورها السيء تجاهي!
    ام اللوم علي لأني تبعت شكسبير بعينين مغمضتين وأيقنت بماقال أن مالحب الاجنون، فآمنت بجنوني ولمت نفسي في كل مرة احاول اسعادها وتحزن!
    ام اللوم عليه أيضاً حينما أقر بأن الهموم لا تأتي كالجواسيس فرادى بل كتائب كتائب!!
    فأصبحت مستسلم لتك المقولة، وانتظر بعد الألم ألماً، وبعد الجهد تعباً
    وبعد كل مقولة حب، ضعفاً ووهناً!
    انا من لم أثق بحزن قصيدة،ولا انكسار حكمة، ولم اتبع سوى الطريق الوحيد الذي سيوجهني اليكِ
    أجدني الآن وبعد كل كلمة تكتبينها في ذمي اواصل نفض ذاكرتي والبحث عن حكم الاعتبار،
    وبعد كل ما قرأت،وصرت مهتماً بقراءته، افكر فيكِ بشعور متبادل، فكتابتك عن غضب لا عن بغض،
    سأثق بقلبي،وسألوذ بالصمت حتى عن نفسي،وسأطلب من كل شيء وقتاً كافياً لأصالحك!
    ولاتكتبِ أرجوكِ
    فلم اتعلم الفصيح الا لأصارحكِ على ورقة،هلّا هيأتِ لي مكاناً لم يحاصر بعد!
    .-.
    عندما عاد اتجه الى غرفته ونام، وتركني دون تحية
    لست قادرة على الخروج،ولا استقبال أحد،أكره هذه الحياة معه،
    إقامة جبرية!
    .-.
    .-.
    مرت ثلاث ايام لانتحدث فيها،لكن اليوم عندما رأيتها،قالت لي
    -"جب معك عشاء"
    تخطيتها وانا اقول:
    -"المطبخ عندك فيه كل شي"
    هذا ما استطعت قوله،فلست انتظر أمراً منها بقدر انتظاري لكلمة أسف،او تعبير ندم!
    لازلتِ مغتاظاً بقدر شوقي لكلمة اخرى!
    هي لاتشتاق للحديث معي،ورؤيتي لاتهمها تنام قبل وصولي وتستيقظ بعد مغادرتي
    ولم اطالبها بشيء،لا ايقاظي،ولا اعداد فطور وتناوله معي، وأعطيتها حرية النوم والاستيقاظ متى تشاء وفي أي مكان ،وهي لم تفكر حتى بأن تسأل كيف أبليت بعد العمل،وكيف نمت،واكلت،وماذا قد يكون بي؟
    لو ابتسمت لي حينها لنسيت كل شيء!
    .-.
    هذه المرة كنت مستعداً نفسياً لأقرأ ماقد تكتب عني،فربما سأكون أسوأ رجال الدنيا على الإطلاق، ولم يخب ظني في انها كتبت،لكنه لم يكن ذماً او اعتذار
    كان شيئاً أوقف الدم في عروقي، صفعني من كل جانب،وتقلبت كل المواقف في رأسي كطرقات باب مستعجلة ،كطرقات حذاء مسرعة على ارض رخامية،
    ثم. كطرقات المطر على قبعة رجل عجوز في ليلة ظلماء عاصفة!
    (يادار انك لن تريهم مطلقاً_أرواحهم عرجت إلى الرحمن_يادار كم دار الزمان بدوره_ان الزمان مفرق الخلان.* عدت هناكولم أجدها حتى الآن.!ازداد حزني)
    ماكتبته هي،أيقظ كل شعور وأشعل كل فتور، وكأنما هيهي رسيل التي لم تتزوجني بعد،ولم اغضب منها حتى الآن!
    كأنها تلك التي احمل لها فيضاً من كل شعور جميل،قبل كل ماحدث
    فتلك الطرقات أعادتني لمكاني السابق،وقلبي الذي لم يتعلم الغضب بعد!
    طرقات أيقظت حتى وعودي حينها، كنت أقول لو انها لدي،لن تبكِ ولن تشعر بالوحدة! وسترى أجمل ماسيكون في هذا العالموكل فعلي مخلف الوعد!
    -لدي شيء لأقوله،لدي الكثير لتسمعه، هذا المكان وهيَ يمنحني الشعور الذي افقدني خطأي بتفقده!
    أحقاً خطأي قراءتك هنا!أيجب أن اواصل حبك هنا! ام اتجه اليكِ هناك ،اصمت أمامك ام اصمت أمام قلمك!
    لكم اخلفت الوعود!
    .-.
    قررت ان الحديث معها هنا أبسط بكثير بل انه أكثر صراحة،فما ان افهم التي هنا سأصل للاخرى
    -(ماهو الحب بنظرك؟ وان تكون الفتاة هادئة هل لابد ان تكون حزينة؟)
    بما ان الموضوع شامل وعام الا انني تمنيت ان تجيبني ولا يسبقها احد! فأتبعته باقتباس لها
    وربما لم احسن التصرف!
    ان قالت ان الحب قبلة جبين صباحية ووردة حمراء،لطبقت ذلك غداً!
    وأتمنى ان تجيب على الآخر دون اتهامي بالسرقة من صحيفة الأمس!،سرعة إجابتها تخبرني انها تملك وقتاً فارغاً،ووحدتها تشعرني بالذنب!
    أجابت:
    -الهدوء خلوة والخلوة ابداع ليس الجميع يتقنه لهذا قيل من لايستمتع بالعزلة لن يهوى الحرية!
    عذراًلازلت لاارى الأسئلة المباشرة! ولا احتسبها ولا اطيق الإجابة عليها!
    تعلمت انها تشبه الحب غباء صريح يقع به الكثير من ذوي الأرواح الطاهرة والتي قد لطخت ذات غفلة!
    الجميع قد يخطئ بمثل هذه الأسئلة،ويفترض بنا الا نجيب إلا لمَ يستحق
    حقاً هناك أسئلة لاتستحق صدق الإجابة، وهناك اخرى لاتنتظر إجابة فآرثرجيترمان القائل: لاتشرح للناس مشاكلك الصحية: فقولهم "كيف حالك؟" مجرد تحية و ليست سؤالاً
    أصاب حالنا، فيفترض ان لانجيب ،إلا اننا في كل مرة نقع في نفس الخطأ ونجيب وان قلّ المحتوى،كثرة السؤال فضول،وكثرة الشكوى مرض!
    في نظري لايوجد سؤال يستحق الإجابة الا بقدره، حين تسأل عن الحال فاكتفي بقول بخير وتجاهل الأسئلة القصيرة التي لاهدف منها سوى إراقة حبرك،
    العذر ليس الكلام موجه للأخ "ماني لاحد" لكنه حديث صحب آخر!
    .-.
    .-.
    لا أدري،بعد قرآتي لهذا الرد،لا ادري كيف اصف ذلك!
    أكان الحب غباء؟والأسئلة المباشرة غبية؟
    يبدو ان الجميع سيئون بالنسبة لك! والجميع فضوليين،والجميع مرضى! ولا أحد يرضي سموك!
    إذن لمَ تسأليني:هل ستنام؟ هل ستخرج.، أم ماتشتهين يحور كل شيء!
    أأنتِ رسيل؟
    أأنتِ التي احب!
    لمَ حتى هنا لاتكفين عن إغاظتي، إجاباتك جامدة، قاسية باندفاعك
    -الذين يحورون المعاني كما يشتهون،ينعكس مزاجهم في كل مايكتبون
    ليسوا من اعرفهم، ومن احببتهم!
    .-.
    .-.
    قبل الفجر،عاد وأنا أتناول وجبة خفيفة بالمطبخ
    كان سيصعد مباشرة،الا انه توقف وأخذ ينظر الي فلم اعد اعرف كيف امضغ البسكويت!
    -"السلام"
    ابتلعته بسرعة لأرد السلام، وكأنه رد لايحتمل التأخير
    جلس على الكرسي الآخر،واخذ قطعة من البسكويت وأكلها وهو يقول:
    -"هذا عشاك؟"
    .-.
    .-.
    عدت للمنزل بمزيج من المشاعر،كل مرة اشعل نار الغضب يطفئها قلبي!
    وقبل ان اصعد وجدت ضوء المطبخ مضاء،ورأيتها تتناول شيئاً ما
    تأكل بصمت،لاغيرها في المنزل،ربما أحست بالوحشة،بالوحدة،بالخوف أيضاَ، لذا ضميري كان يؤنبني وقلبي تركني ومضى إليها!
    -"هذا عشاك؟"
    أجابت بإيماءة بسيطة،حرمت بها من الصوت
    كنت ابحث عن شيء ابدأ به،لكني لم أجد سوى
    -"تأخرت؟ليش ماتتصلين اذا تأخرت؟"
    لم تجب،علمت انها لن تتحدث بهذا المزاج!
    -"تصبحين على خير"
    وتركتها وصعدت، بعد دقائق طرق الباب، ثم دخلت رسيل حاملة غطاء ووسادة، وضعتهم أرضاً وغادرت ثم عادت بالمزيد،
    رتبت لها مكاناً قرب السرير،وأنا اتابعها بذهول
    وقبل أن تطفئ الإضاءة قالت وهي تنظر الي:
    -"البيت يخوف اذا بتتأخر مرة ثانية لهالوقت ودني لخالتي"
    وأطفأتها مباشرة،كأنما توقف الحديث، ونامت
    أناأتسألون عما شعرت به!
    .-.
    .-.
    استيقظت،وعدت اغمض عيناي وهجم الأمس علي بما جاء،لن احتمل هذا المنزل أكثر مادام يقضي الليل خارجاً
    بالأمس كان المنزل موحش كمقبرة فاحت منها جثث الموتى تحت باب غرفة امي،فقط لأنني أدخلت المفتاح ليلاً في نية الولوج للبحث عنها،سكون البيت حينها وصوت المفتاح خيّل لي مايلفني رهبةً من المكان، ورعباً من استمرار البقاء،ويأساً من خروج امي!
    رفعت الغطاء،تفقدت المكان، لم أجده لقد غادر باكراً
    الليلة التي اقضيها معه في مكان واحد،لاعجب أن تكون مليئة بالكوابيس!
    ماوجدته كان في هاتفي
    -"صباح الخير،آسفاتمنى يتغير هالجو"
    ابتسمت، تصرفه غريب على الدوام، شيء ما اراد مني تغيير هذا الجو أيضاً
    -"صباح النور الجو صفو!"
    .-.
    .-.
    هاتفي الذي أعلن عن قدوم رسالة جديدة،قفزت يداي له بلهفة مجنونة، لهفة لن تحتمل خيبة ان يكون عداها المرسل
    ستة عشر حرفاً ثمن إشراقه صباحي،وثمن الابتهاج الذي غير من مزاجي،لم اعد أرى الشمس لشدة ماشعرت به اثر إشراقي!
    -معك أدركت ان الحب مخلوق مزاجي يطالب بكل شيء ويرضى بأتفه شيء سكوديري

    يتبع باذن الله





    رد مع اقتباس  

  7. #27  
    أوَعندما يؤمن القلب بك.لايرتد أبداً؟ويأبى النفاق والعصيان
    ان كان الحب مخلوقاً فأي مخلوق هوَمن اعطاه السلطة من اعطاه الحق لمَ نمنحه انفسنا؟. ولمَ لانتساوى فيه؟
    ان كان الحب مخلوقاً واحداً لمَ يصادف الجميع في الوقت ذاته بألوان متعددة!
    لمَ يختلف الناس فيه؟
    يامن يحن لها الفؤاد إن غابت ثواني،بائس هذا الملخوق الذي صادفته فقد كنت اظنه جريئاً،سيمنحني لحظة اعتراف واحدة،صادقة،لأخبرك فقط أنني احبك!
    لكنه بدا واهناً ينسج لكِ كل ليلة خيوط العنكبوت في رأسي، ولايخطوا له اعتراف واحد مهما تمنيت إحداث ثغرة تبقيني مرتاح البال
    لكنك تبطلين كل محاولاتي لأنكِ تخجلين، أو ربما هذا عذر! أو دعيني من ذلك لست ادري كيف ستقابليني هذا المساء،أخاف ان يكون الصفو غيماً !
    اشعر بالعجز معك!
    معك تعلمت فقط أن اتبعكأنا أعزل تماماً حين أدخل الحرب معكأنا مجرد شخص غاضب من مكانتي لديك لكنني لست إلا جنون، فليس العقل مسؤول فقلبي قد اهداه لك!
    -أحياناً اشعر انني مقيَد لكنني لا افكر بالخلاص،فالخلاص يعني ان لا التقي بكِ!
    كيف يمكنني الخلاص؟ أم كيف لايمكنني الخلاص!!
    تطالبين بالحرية وتلزمين الناس قيودهم!
    -وأحياناً اخرىأرى قلبي أمام الحدث،لايلتفت لي حين يراك!
    عندما عدت أحضرت معي عشاءً أكاد اطعمها بيدي،فلربما أذنبت في الأيام السابقة،فأنا لها العائلة كما هي لي العالم!
    -الحب ليس شفقة،والاعجاب ليس حباً،والحب مالم يحدث ان قيس طول نفسه بالثانية،ولا بالدقيقة،ولا حتى بالساعة واليوم!
    مالحب الا استسلام تام.، كل مايحدث/ لن يكون الا طوعاً إرادياً!
    .-.
    -"رسيل ودي اسألك"
    ما ان قال ذلك بشكل مفاجئ،حتى شعرت بألم في بطني!
    لن يسألني بالتأكيد لمَ أتيت لغرفته بالأمسلن يسأل
    لمحت الصحيفة امامي،فقلت مباشرة:
    -"قريتها؟"
    القى بنظرة سريعة عليها وسكت،ولأكمل تدارك الموقف امسكت بها وقلت:
    -"تعرف رامي؟ كاتبين عنه مقال اليوم"
    من بين هذه الصفحات لم اذكر سوى موضوع ذلك الشخص،ومن بين المخارج التي استطيع ان انفذ عبرها من سؤاله خرجت بالصحيفة!
    -"جريدة امس؟"
    سألني بدهشة،فأردت ان اجيب-لأني احاول ان افرغ من ذلك الشخص منذ الامس
    -"ايه قريت المقال؟"
    كان مركزاً عليها هو يفكر بأمر ما بحاجب مرفوع ثم بدأ بفرقعة اصابعة!
    سألني فجأة-"مين رامي؟ اللي يقربلك"
    ثم قرأ :رامي عبدالعزيز غاضب على زميله الذي كتب بالأمس مقالة عن انتهاك حقوق المرأة
    ثم وجه عيناه التي لاتزال مندهشة لسبب لازلت اجهله
    وقال-"دايم يطالب بالمساواة"
    دققت في ملامحه:"لا اذكر مره كتب عن وجود القوامة"
    وضع الصحيفة ثم سألني:
    -"وش كاتبين عنه هنا؟"
    اقرأ، انه أمامك!
    قبل ان اجيب سألني باستهتار:
    -"اجل يطالب بالحرية ؟"
    سؤاله،أو تحديداً طريقة سؤاله، نظرته كل ذلك منحني شعور غريب
    بتردد قلت-"كان فيه خلاف وجهات النظر لو قريته رح تعرف ان رامي ماقصد بمقالاته اللي قبل مثل زميله هذا والناس فهمته غلط"
    -"يعني معاه حق؟"
    مابالك اليوم؟ جعلتني اتمنى لولم اتحدث ابداً!
    -"احياناً"
    -"لكنه قال القوامه كانت بالماضي الحين المرأة مثل الرجل فلها نفس الحقوق"
    -"هذا اللي كنت اقصد في فهمه خطأ هو الحين يوضح ان الناس خلطت بين مقالاته واكد على ان الرجال قوامون على النساء"
    -"غير رايه الحين انا متأكد كان له راي ثاني"
    هو لايقصد، وهو يعي أيضاً ان القوامة ليست استبداد،-الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض-، وأن القوامة تدبير ورعاية لاتسلط، وانها ليست كلمة تثير الاقلام حين يجعلون لها معنى مايشتهون!،هي ليست كلمة تسن للاقلام الخوض في حديث المساواة، والمساواة ليست الحرية!
    وأنت؟ماذا تبحث في إجاباتي؟أي توجه تريد ان تعرفه في حديثي عن كاتب يدعى رامي!
    -"وليش هالضجة كان كل واحد تكلم بمقالته عن وجهة نظره ماخذين نص الصفحة عالفاضي؟"
    اجبت باستهتار من اراد الكف عن الحديث الجديَ:
    -"يمكن له علاقة برئيس التحرير!"
    ضحك وقال-"وانا وش مضيق عليالجريدة كبيرة"
    وضحكت بدوري وانا اضيف دون ان اتحدث: وأنت ايضاً لاتقرأها عادةً!
    سأل مباشرة:
    -"وش يقربلك بالضبط؟ رامي"
    -"يقرب لزوجة ابوي"
    حرك شفتيه بطريقة غامضة-"يعني عشانه يقرب لك تصيرين دايم في صفه؟"
    أضحكني،فأسرعت في مفاجأته!
    -"ولأنه كان مفروض. يكون زوجي"
    هو ليس حتماً مفروض،ولم يفرضه احد لكني اردت اغاظته توقعاً ان ذلك لن يعجبه
    أخرسته المفاجأة،عيناه المستمعة قد شهقت! اتسعت وشقت ابتسامة غريبة قسماته وهو يسأل:
    -"مافهمت؟"
    أعجبتني مافهمت!
    سأل وكأنه يكرر السؤال في داخله بذهول-"بس هو مَقعد؟!"
    يبدو انه قد خاب ظني! تصورت ذهولاً من نوع آخر!
    اجبت باهتمام-"مشلول جسدياً بس"
    -"كنتي بتوافقين؟"
    لمحت في دقة السؤال وسرعة خروجه مايفتش عنه دوماً!
    انه ذلك السؤال الذي لايأتي وحيداً!
    ألقيت عليه المقال الذي ندمت لذكره! وبشبه ضحكة تركته،وذهبت
    .-.
    ابن الحلال انسجم~ أنهى المقال وبدأ تصفحها،فتركته وصعدت للأعلى.وفي نفس المكان استلقيت لأنام قبل وصوله
    اعاني من صعوبات ثلاث تحضرني الآن أثناء انسدال جفني أخيراً
    وجودي هنا مجهد،وعودتي صعبة، والارض لم يعتد عليها جسدي!
    .
    .
    والصعوبات الثلاث لازمتني في الايام التي تلتها، مع اضافات لن اذكرها
    لكن الغريب في الامر مالحظته في هذا الزوج من تغيرات لاتفسير لها، كان كثير الكلام وأصبح كثير السؤال! وكأنه تخصص في ذلك!
    كثير من اسئلته لا أضطر للاجابة عليها، لكنني أود الاجابة عن ذلك السؤال الذي أشعر بتردده في الخروج، كثيراً ما اراه يطل ويتراجع!
    من الافضل له ان لايسأل،فالاسئلة التي يتعبنا الحفاظ عليها اجمل من تلك التي يقتلنا جوابها!
    .-.
    هاهي الساعة تدق الثانية عشر،وهو لايدق شيئاً،لا باب،ولاهاتف،ولاحتى رأس الافكار!
    رغم ذلك كنت اتساءل،لمَ تشغلني سندريلا هذا المساء؟!
    ابقى امام الساعة اتصور اموراً اخرى، أحياناً اظنها بوصلة تريد هذه الليلة تعيين الطريق لي
    واحياناً اظنها تحاول اخباري انها لن تعود للوراء مطلقاً،وتأمر راكض المضمار بجولة جديدة وان انهكه الركض!
    اذ اصطف كل اللاهثين في المنتصف،واعلنت الثانية عشر، تعاودني قصة ساندريلا، فأفكر بقياس قدمي!
    هل نعرف من نحب بمقاس حذاءه! أم الحذاء يعرفنا بمن نحب!
    تنعقد الامور كلما وصلت للقدم،رغم انه الاخرس الذي لايبدي رأيه الا انه يقودنا للمصير في كل مرة، يأخذنا دوماً لقصة حب، يشهد وصولنا ويغادر بنا، لاعجب ان مانحتذيه له مقاس لاعلاقة له بخيباتنا ولا افراحنا ، له علاقة دوماً بالقدر وصدف ومواعيد مقدرة
    فكيف لا افكر بساندريلا! وكيف لا افكر بمن قد يعرف مقاس قدمي!





    رد مع اقتباس  

  8. #28  
    على الأرجح ان لا احد سيعرف ذلك، وزوجي ربما لن يفكر بذلك أصلاً، كما يستحيل ان يميز حذائي ولو تركته أمام باب مصلى نسائي لايوجد به سوى اخرى غيري!
    يدهشني حتى الضحك،تفكيري بالأحذية المتشابهة امام المعابد البوذية،وفي حالة مشابهة قد اعذره
    لكننا في منزل واحد، ولن يفرق بين احذيتي أو قد اظلمه فهو سيفرق لو كان يعرفها!
    انه زوج خرج من اذاعة! لايجيد سوى تمييز الكلام وبدء لقاءات سمعية يومياً
    لا العقد الذي اهدتني والدته،ولا الآخر الذي جاءني من ابي،ولا البقية التي من اخته واخي،لاشيء ابداً يميزه
    فكرت بذلك مسبقاً ولم أجد سوى استثناء واحد لتسريحة شعري، حتى طلاء الأظافر الذي قضيت وقتي في العمل عليه لم يره مطلقاً!
    رغم انني لم افعل ذلك ليراه، فهو لون جديد ورائع أسعدني حينها،
    ان كان لايراني لمَ يبدو مهتماً!
    ان كان يطالبني بالحديث او الصمت، لمَ لايختلف لديه!
    ان ضحكت معه او تجاهلته ،جئته أو غادرته، لن يحدث فرق!
    فأنا قد أخبرته ان المكان يكون موحشاً بعد ان تعود ساندريلا! فلمَ لايعود للنوم!
    .-.

    صوت المفاتيح، صوت أقدامه، صوته وهو يقول
    -"السلام عليكم(ثم يضيف) تأخرت؟"
    رددت السلام وتركته، تبعني مسرعاً
    -"اسف مانتبهت للوقت"
    ما ان جلس على السرير أخذ يتحدث عن موقف ما حدث معه،وانا كنت غارقة بالتفكير حتى قال:
    -"تسمعيني؟"
    -"امم"
    ابتسم وقال متفلسفاً بشكل لم اعتده-"سمعتي بس ما استمعتي؟"
    ثم هم بالنهوض
    أخذ شيء ما من الدرج وخرج
    -اسمع ولا استمعأجل كثيراً ماتحدث لي معكمالمشكلة؟
    هل كنت تتحدث فرضاً عن مقاس قدمي!
    كل ماتثرثر به يخصك وحدك،ولا رغبتي لي بالاستماع
    والفرق بينهما مزعج جداً ان لم تكن تعلم،فأنا لم اخلق لترجمة حديثك!
    هذا ماكان ينقصني في هذه الليلة!
    تريد ان تفسد علي هذه المرأة التي أكون، تلك التي تحلم بصنع لغة على قياسها،وتكره الكلمات الكثيرة الدالة على الشيء الواحد، ولا تطيق الجمل الفضفاضة التي لها نفس الحروف وأكثر من معنى،
    والتي قد تتسع لأكثر من كلمة في آن واحد تماماً كلغة غير عربية!
    ان تسمع وتستمع في كل مرة،يستعبدك الصوت!
    ،
    لمحت قرب الباب على الأرض، منشورة قد سقطت من مجلة،او ألقى بها عمر بعد اطلاعه، او ربما تجرأ الموزعون بإدخالها تحت أبواب غرف النوم ! فليس جديداً إهمال حرية الفرد والعائلة!

    بينما كان ينظف أسنانه بالخارج،انشغلت بقراءة الإعلان الغير مسموح بتجاهله بعد ان وصل لهنا!
    لا ادري لمَ أنا غاضبة!

    -إعلان تجاري،عن احمر شفاه!
    حتى هذا الوقت لازلنا نبحث في المكان الخطأ، كان يجب عليهم الإعلان عن ابتسامات نشتريها عوضاً عن احمر شفاه؟
    كان عليهم ان يرضونا؟يقولون لـ نستهلك أكثر؟ يقولون إحصائية؟!
    يقولون شركة رائدة!!
    متى يستبدلوا أرقام أرباحهم بأرقام خسائرنا؟ومواليدهم بوفياتنا؟
    ومتى نجيد التدقيق بحياتنا!
    انه زمن نرتدي فيه لباس بقياس المناسبة لابقياس شعورنا، إنه زمن الأقنعة الملونة والريش الناعم والعدسات اللاصقة!
    انه زمن الأحلام المعبأة والأحاسيس المعلبة، إننا نستورد حياتنا ونصدر أرواحنا
    كم يلزمنا من الفناء ليبقى لنا تابوتاً راسخاً.؟
    متى اغتصبت الحرية،ومتى أصبحنا هكذا؟

    -الامور التي اكبتها دوماً تتفجر في المكان الخطأ والوقت الخطأ وعلى امور ليست المعنية في يومي
    الباب المنتصف أصابني بالدوار،والغرفة الباردة أصابتني بالبلادة
    أكثر من أي وقت اريد من ينظف اسنانه أن ينظف هذه المنشورة من الزيف
    ويشرحها لي!

    لايوجد اشقى ممن يحاول تنظيف مكان لاتغادره قطه!
    ولا امرأة تستعبدها فكرة صحبت فكرة!
    ولا رجل في هذا العالم له القدرة على فهم امرأة ،فكيف اذ بها تناصف ورقة!
    ولم تعد تستمع اليه!
    !

    -"حريم"
    قالها بسخرية وهو يأخذ من يدي تلك المنشورة،وأضاف ضحكة وهو يقول:
    -" اجل تبغين السوق بكرة؟"
    أفقت لأرى بوضوح،كدت اضحك لما توصل اليه،فجاريته:
    -"اكيد(اضفت) كنت بقولك بطلع مع دانه"
    -"لالا لاتقولين لاحد"
    بادلته ابتسامته التي طرحت موعداً هناك لن يتوافق مزاجينا أبداً!
    .-.
    .-.
    بالغد، كنت افكر اثناء وصولنا هناك بعدة اشياء، من ضمنها،كيف سيكون ذوقه بالتسوق!
    لكني فوجئت بما حدث!
    عندما دخلنا اتجه مباشرة لمحل اجهزة،وانا اتبعه
    حين خرج،سبقته لمحل آخر، وهو يتبعني
    وتحول تسوقنا لسباق من يخرج أولاً يدخل أولاً!!
    لكن سرعان ماانهينا هذه الطريقة،فتوقفنا لنشرب شيئاً بارداً، فكان ينتظر الطلب وكأنما سيشربه ويغادر!
    لذا سألته:-"خلصت من السوق؟"
    اجابني بثقة-"ايهباقي لك شي؟"
    اني لم ارى سوى ثلاث محلات ولم اشتري شيئاًكيف يعقل ان يكون هذا تسوق امرأة!
    بتعجب-" بس لازم ناخذ (ربما ضحكت)اللي بالاعلان!"
    يبدو كمن يتصنع التذكر-"ايه نسيتبس اذا ماتدرين(انتظرت شيئاً مهماً لكن!) تراك قمر بدون شي"
    -"ادري وادري اني بمكياج او بدون ماتنتبه "
    ردي السريع خرج تماماً كعبارته التي لم تؤقت، دهشته من عبارتي كانت كدهشتي من نفسي التي قالت –انتِ رغم ذلك امرأة!!
    النادل في وقته حين وضع الكأسين معرفاً بمحتواها
    وعمر الذي ظل صامتاً يحدق بي، لم تكن دعابتي التي أظنها ،تبعث حتى ابتسامة
    صمت المكان الذي كان مريحاً قبل دقائق بدا له أزيز مزعج،وحتى الكرسي أصبح يضايقني فتحركت قليلاً ولم يتحرك هو!
    لكنه نطق متتابعاً:
    -"كنت بالفترة اللي راحت اشوفك(ثم تابع) واشتاق لك حتى في العمل في السيارة وفي البيت دايم اشوفك"

    قبل ان يتحدث صمته كان مربكاً .لاأحد يجرؤ لتجاهله
    وبعد ان تحدثكان هادئاً طريقة وصول هذا الهدوء اكثر جنوناً من معناه، واكثر عصفاً من شعور امرأة اعتادت ان لاتراه هكذا!

    تابع-"وانتي معي"
    توقف ثانية وكأنما ينتقي من ارشيف بالتأكيد كان يعده منذ فترة، ورفع عينيه من كأس العصيرولا ادري بالضبط مالذي رآه على ملامحي حينها والذي جعله يبتسم قائلاً
    -"العصير!"
    ثم امسك بكأسه، لأفعل بالمثل وأشرب
    هناك بالطبع خطأ ما، هناك شيء لااستطيع استيعابه،هناك كم من الافكار تضع يداً فوق اخرى بهدوء
    وهناك خطأ في هذا الشيء الذي اشربه بالطبع!
    حواسي التي كانت مشغولة جداً لم يتسنى لها رؤية اللون،ولا شم رائحة هذه المانجا!
    ولسبب ما لا استطيع التوقف عن شرب هذا الكأس،وهذه النكهة التي لااملك شعور جيد تجاه طعمها او حتى رائحتها
    رغم انها قد تعجب امرأة اخرى،تماماً كحديث هذا الرجل!
    واصلت شربها دون ان اجرؤ على النطق بانني لااريدها،او حتى التوقف فقط!
    -"نشوف المحل؟"
    استعاد ما استعاد وهو يقول ذلك، وفقدت مافقدت وانا اتقبل هذا المشروب الذي لن يذكرني بغيره يوماً ما!
    .-.
    .-.
    لم اشتري الكثير من الألوان هناك،فالرجل الذي يختار عطراً الآن يصاب بعمى ألوان كلما نظر لوجهي!
    فعندما وصلنا للمنزل،قدم لي ما اشتراه من مجموعة جميلة من العطور
    الهدية التي تعيد الجميع اطفالاً،ادهشتني حينها
    -"التغليف مو حلو (ثم أضفت) رابطها بقوة كانك ماتبيني افتحها"
    ضحك –"اجل لعبو علي (وكان يرصد ردة الفعل حين رأيتها) اعجبتك؟"
    هي رائعة لكن للأسف يبدو انني لن استخدمها، شكرته جيداً وأبديت اعجابي بها
    تفقدت جميع الروائح، ثم أمسكت بعلبة واحدة ربما هي بزهرة اللوتس
    -"باخذ هذا"
    نظرته التي تنتظر استفساراً أجبتها
    -"الباقي عندي حساسية منها"
    لكم ان تتخيلوا ملامحه حينها!
    .-.
    .-.
    .-.
    بينما انا جالسة وحدي شاهدت على التسريحة علبة العطور التي اهداني قبل ايام، والتي لا ادري كيف سأتخلص منها كما قال!
    وحينها فكرت إعطائها لشخص ما بل قررت ذلك
    ولن تحزروا من يكون!





    رد مع اقتباس  

  9. #29  
    .-.
    .-.
    بعد وصولي،طرقت باب غرفتها ولم اسمع اجابة،دخلت مبتسمة فأشاحت بوجهها عني
    ثم توجهَت للسرير وغطت وجهها
    تحدثت عن روعة اثاث غرفتها الجديد، وسألت عن الحال،ووضعت العطور على الطاولة،وجلست قربها وهي تتظاهر بالنوم
    -"جبتلك عطور شوفيها وعطيني رايك"
    -"اذا دخلتي مرة ثانية استأذني واذا طلعتي شيلي عطورك معك "
    قد اكون مصابة بالتبلد،لذا ضحكت وانا أقف لأخرج
    لكنها استوقفتني وجلست لتسأل:
    -"عندك رقم ريم؟"
    التفت بتعجب مكررة-"ريم!"
    -"ايه اخت زوجك عطيني رقمها بسألها عن شي"
    -"اها اريام"
    ثم اخذت افكر بالإطار خارج الصورة،اذن ريم لمَ نقول اريام فهو لايناسبها حتى ولا يأتي بوزن توأمها!
    ابتسمت بسعادة وانا اقول-"ماعندي رقمها"
    وربما لم يكن علي ان ابتسم،
    -"طيب ايميلها"
    -"لو عطيتك بتقوليلي ليش انتي متضايقه كذا"
    نظرت بغضب-"اظاهر الموضوع يخصني"
    لأقول بعد تفكير:
    -"لا مايخصك لحالك شوفي امك كيف متضايقه اذا تبغين رقمها برسله لك ولو بغيتها حتى تزورك بطلبها لكن من حقي اعرف السبب"
    رأيت سطوراً بقلم ازرق على علبة المنديل! كانت كتعبير حب او فراق او امنيات
    لا استطيع رؤيتها بالضبط لذا ما ان امسكت به حتى صرخت بوجهي
    -"قلة ادب ولقافة"
    ولا ادري أي طاقة كانت بي لأستحمل وقاحتها
    -"ليش تبغين ريم؟"
    قفزت وأحضرت ورقة ثم كتبت شيئاً ما وأعطتها لي قائلة
    -"عطيها ايميلي"
    بصراحة كنت افكر بعلبة المنديل،وليس لمجرد الفضول اردت قراءتها بل لأنه يتحتم علي ذلك لأرى كيف تشعر ابنة خالتي،وماذا تريد،ليس لأجلها .
    .وان حاولت ان اقول لأجل خالتي فلست تماماً صادقة، فأنا لاادري اين وصل الموضوع واي ضرر سيكون علي ان ساهمت بذلك
    لأنها تملك سراً مع اخت زوجي ولو حدث شيء ما، فطبعاً سيلحقني ضرر!
    -"بضيفك انا اول"
    وكأنني قد اهتم بها! وخرجت
    .-.
    .-.
    ما ان رأيت خالتي تبتسم وتنتظر ان ابشرها بأمر! خيبتها وانا أقول:
    -"مازن موجود؟"
    سألتها لأطمئن لكنها أخبرتني انه قادم الآن
    اتصلت بعمر، فسألته:
    -"تقدر تجيني الحين؟"
    -"ليش مو قلتي الساعة عشر؟"
    -"لا ودي ارجع الحين"
    استغرب ذلك –"اشوف ثواني وارسل لك"
    وقبل ان اغلق قال مسرعاً-"لاتخلين احد يرجعك انتظري"
    بالطبع الأحد المقصود-ابن خالتي- الا تعلم انني هاربة منه!
    وجاء عمر قبله ولله الحمد
    .-.
    .-.
    بعد ان أضفت لمى،وجدها تنتظر
    بالطبع فلا يبدو ان لديها ماتعمله غير الانتظار!
    ما ان عدت مرة اخرى كانت لاتزال صامته، استغربت ذلك حتى فتحت صندوق الرسائل ووجدت اربعاً منها
    الاولى،فارغة
    والثانية،قصيدة والثالثة،خاطرة،والرابعة لا ادري اهي قصيدة ام خاطرة!
    توجهت لأحادثها، فتجاهلتني
    ،
    لا ادري لمَ بعثت لي بذلك! قد تكون هذه رشوتها بعد لمحت الفضول بي!
    او طريقتها لإقناعي بأنها قد تحتاج لانعاش عاطفي!
    او انها مجرد مقدمة لتستطيع تكرار طلبها وتحظى باعانتي
    جميع هذه الامور التي تطرأ في بالي خلقت الفضول الشخصي لأجلها،فهي التي لازلت اجهلها ولم تخاطبني ذات يوم كما تخاطبني رسائلها!
    الواقف خلفي والذي له ظل ينعكس متخطياً المصباح الصغير بجانبي، والذي كان يسترق القراءة،قالت عيناه شيئاً لم افهمه وابتعد
    كان الصمت مخيماً حتى استقل الدرج وهو يخبرني
    -"بكرة رايحين لاهلي"
    كدت اسأل-"بنروح؟"لكنها كانت"رايحين"
    لذا لاحاجة للسؤالوتراه لمَ لم يخبرني بقدومهم هنا!
    لكن هذه المرة زيارتنا تبدو فكرة غير سيئة،فأنا سأود الاستخبار عن لمى!
    .-.
    .-.
    بعد ان جاء الغد،أقصد بعد ان جئنا للغد
    لم يكن سريعاً حيث انه مثقل بالمجاملات العائلية ذات الطراز المريع! فهم يتحدثون لي وكأنما يفتشون عن ماهية حياة ابنهم! ماكنت افكر فيه حينها كيف سأختلي باريام
    بينما كانت تغسل يديها عقب وجبة طعام،انضممت اليها سائلة عن الحاال
    ثم سألت عن علاقتها بلمى هذه الايام، فأخذت تجفف يديها وهي تقول بانفعال
    -"مدري بس اكيد ماتبي احد يكلمها بالموضوع"
    -"بس هي طلبت مني (استدركت قائلة) هي وشو موضوعها بالضبط؟"
    -"مدري وش المشكلة اللي بينهم"
    لا استطيع فهمها حقاً!
    -"طلبت رقمكليش؟"
    -"يمكن تبغاني اصلح بينهم بس مالي دخل واللي تحبها راعية مشاكل"
    آخر الجملة كنت اتوقع سماعها، الا ان سماعها اشعرني بالدوارتماماً كتوقع الحدث ليس كوقوعه
    تماماً كأن تقرأ كتباً عن أمر واحد، وكل ماقرأته يصبح واقعاً فجأة،
    وكأنك لم تقرأ في آخر الكتاب عن احتمالية وقوعهمؤكدة!!

    التفتُ الى الصوت خلف الباب، صاحبه يقف خلف منشفة اريام، وعبر البساط الغامق، يتحدث مع اخته بصوت مسموع:

    -"ماقصدت الا اليوم ولاقبل بس وماكان لي خلق اشوفكم تسوون مشكلة من لاشي"
    -"وليش ماتسكتها هي ليش بس انا رنيم اسكتي رنيم روحي رنيم تعالي وزوجتك المصون ماتامرها بشي"
    -"انتي فاهمه الوضع وهي حتى ماتعودت عليكم عطيها فرصة ولاترمين هالتعليقات كل ماشفتيها"
    وفتحت الباب اريام،او ربما قبل ذلك فتحته،لان الصوت انقضى حينها
    والقى علي تساؤل مخيف!

    كيف للحرية ان تبدو بأكثر من ذلك!
    كيف لها ان تنتشل جسداً من روح وتفرق بينهما باتقان مزيف!
    كيف لها ان تبرز جسداً آخر كشعور من يستعير ابتسامة حين يبكي!
    كيف لها ان تخبرك ان بامكانك العيش كما تشاء حين تريد العيش بين نقيضين!
    كيف لك ان تؤمن فيها حين لايكون الجميع معك، حين تغلق الباب على نفسك وتتساءل! هل من الجيد ان اكون رجلاً او امرأة!
    كيف تمنحك الحرية شعوراً بأنك لنفسك ومنبوذ منهابانك هنا وفي الوقت ذاته هناك!
    عندما نخوض غياهب التأمل تصير للكلمات أجساداًلاشيء يبدو كما سمعناه بالماضي ولاشيء يبقى كما نقول الآن
    هذه الحرية فيمَ تجسدت! انه جسد آخر هذه المرة أيضاًمن الصعب ان تبقى هذه الكلمة منزوعة الجسد مادمنا نمنحها فرصاً للتخفي!
    ان تكون ابنة خالتي تحلم بشيء كهذاربما لخالتي العزاء،

    كانت خطواتي مثقلة بالتفسيرات التي ليس اولها :سبب رسوبها المتكرر مراراً
    .-.
    .-.
    كانت دانة اول من اتصلت به حينها، والتقيتها بالغد
    حين هممت بالتحدث،قاطعتني بسعادة وهي تخبرني مالم اتوقعه
    -"اليوم رحت الصباح اكشف (اضافت بخجل) وصرت حامل"
    ارهبتني الكلمة،بل اوقفت شعر جسدي حين نطقت بها! فكأنما صرت اخاف مايحدث لها لأنه قد يحدث لي كما حدث بعد زواجها!
    باركت لها، وسألتني متى يمكنها ان تبارك لي فأردت ان أهرب!
    وحين اصبح الموضوع بعيداً جداً عن ان احكي لها عن لمى،استمرت بتحذيري عن حرمة الإعراض ونهتني عن البقاء بعيداً
    لان ماحدثقد حدث!
    وتلك العبارة الاخيرة لم تبتعد أبداً في الايام التالية





    رد مع اقتباس  

  10. #30  
    .-.
    .-.
    كنت قد ذهبت اليها بـ هَمّ واحد وعدت باثنين!
    فلازمني الارق وبقيت افكر فيما يستحق التفكير وفيم لايستحق
    كان قد سألني عمر عمَ يشغلني،وكرر ذلك الان، وقد يسأل مجدداً
    لا افكر بأن اخبره،فمثل هذه الامور لاتفشى!
    -"خالتي تعبانه من لمى"
    جلس واشعل ضوءَ خافتاً وقال:
    -"ليش صار شي؟"
    بعد عدة تنهدات،وبذلك القدر من العتمة لم يبصر ماقد يظيم بوجهي، أخذت اسمع الى طمئنته بشكل عام،وكرر انني قد استطيع عمل شيء بعد ان اضع ماتكنه لي جانباً
    وكانت عبارته تلك أكثر فعالية من قرص منوم!
    .
    حينها اخبرته عن محاولتي مصادفتها حتى على البريد،وأعتقد ان ملامحه كانت مشجعه للمضي للأمام
    وربما لو استمرينا بالحديث لأخبرته بشيء آخر،وكلما زاد الوقت كلما منحت فرصاً للاعتراف وتلك عادتي حينما احمل هماً!
    لكني غادرت،اقصد غادرنا للأعلى واستلقيت على السرير، واغمضت عيني كي لا ارى دهشته حين يأتي!
    حقيقةً أن تتألم مرة واحدة الأجدر بك ان تتألم مرتين في الوقت ذاته،فالهم الواحد يستيطع ان يؤذيك طويلاً فاجمع همومك لتتأذى كثيراً إن كنت تعاني مشاكل مع الزمن لا مع مواطن الألم!
    .
    هيَ مهما ابتعدت تتبعني هماً وألماً
    ساحاول خلق هذه الفرصة لإصلاح ماقد يصلح
    ان تكون مسؤولاً غير مسؤول ،ستجد ضميرك في ورطة!
    .-.
    .-.

    حين تغير الطرق الجديدة من وجهتنا!
    بعد مرور أيام، كان كل شيء يصغر تدريجياً عدا الأمل

    رغم انحصاري بزاوية السرير كما كل ليلة،حتى يخيل لي انني انام على حاجز يمينه هوّة ساحقة ويساره هوّة ساحقة تكرار استخدام العبارتين يجعلني اميز حقاً ان ما انا عليه الآن
    قد يكون أحياناً السقوط اسهل كثيراً من البقاء على حاجز، لكن البقاء ما نريده ،فالرجل النائم هنا براحة بال لن ارغب بتخييب ظنه لانني علمت بالأمس فقط
    ان هناك من يشكر كثيراً حين يعطى حقه! يُعطى ولاياخذ!!

    .-.
    .-.
    كانت تهتم بالقصائد النبطية والخواطر الفصيحة ذات العواطف الجياشة التي لاتهتم بجمال النص بقدر افراغ الشعور، فهذا ماعلمته بعد عدة مراسلات
    ما بعثته هذا اليوم بعنوان سؤال، كنت متأكده في كونه عن بريد اريام، لكنه كان عن ما كتبته سابقاً!
    ترددت في ارسال ملفي الشخصي في المنتدى ،لكن لاعذر لي ان لم افعل
    فانا قد اود لها الدخول هناك للاستفادة،فما تكتبه ينقصه بعض الجمال مالم تواصل القراءة
    وخضت العالم الجديد معها، فكَتَبت هناك واتبعتها برد محفز وشكرتني
    ذلك اشعرني بسعادة،سعادة شديدة حيث انني لم اتوقع ان تكون هكذا!

    وهذه الرفقة الجديدة التي ستتعرف عليهم سينقلونها لعالم نقي ان واصلت، ولكي تواصل فقد ارهقت باجابات على بريدي على كل سؤال:
    كيف انسق الموضوع،كيف ابدأ خاطرة،من اين احضر عنوان،لدي حرف لايكتب! هلَا صححتِ لي الكلمة.،
    واستمر الحال حتى الاسابيع الثلاث التالية

    .-.
    .-.
    -"كل يوم تكتب ماشاءالله"
    قلتها وانا اقرأ جديدها،ليسألني عمر:
    -"وشو المنتدى اللي تكتبون فيه؟"
    قمت سريعاً بتصغير الصفحة وقلت بابتسامة:
    -"منتدى بنات مايصلحلك"
    ضحك،وغادر، لا ادري لمَ هيَ لاتقرأ لي ولاتتواجد بصفحاتي رغم انها ارادت ذلك،
    اردت ان اعقب: قد تحسنتِ كثيراً لكن ليس هناك داعٍ لاستخدام اكثر من ترادف في حين ضعف المعنىثم الغيت ذلك وكتبت تشجيعاً فقط

    قاطعني بدري الذي يقفز في شاشة هاتفي، ويخبرني ان ابي قد سقط وكسرت ساقه، وسنغادر لرؤيته قريباً
    .-.
    .-.

    الرجل الذي يعيش معي يتصرف بغرابة احياناً، كأن ينظر لساعة هاتفه عوضاً عن ساعة يده في كل مرة،ويشرب الماء دوماً بكوب الشاي.،
    الغريب أيضاً انه يقول مالا يعني، لكنه ليس بغريب بامور اخرى فحاله كجميع رجالنا لايمسك بيد امرأة الا ان تكون مصابة بعمى، ولايشعل شمعة أبداً فلديه مصباحاً عند انعدام الضوء!

    لايجب ان نتحدث عن الرجال في حضرتهم،ومن الغباء الكتابة عنهم في كتاب لايقرأه الا النساء!
    ،
    كان يقرأ ماكُتِب للتو، وكان يضحك لاشعورياً!
    تساءل: الا يجب ان تُعْلميني بما فيني قبل ان أجدك هنا! حقاً لاافهم النساء
    وهذا التعجب بدأ به حين كتب:

    -لايحق للنساء الكتابة عن قصص الحب إن لم يعشنها، ولا مراقبة رجل لايتسطع الكتابة عن الحب ولاتطبيقهرغم ان له الحق في الكتابة
    .-.
    .-.
    لا ادري لم هذا اول المعقبين على ما اكتب! سجلت خروجي وبدأت بترتيب بعض حاجياتي للسفر يومين
    بدري اخبر زوجي الذي اخفى رفض اتضح عليه!
    ياللتسلط،بأي حق كنت سترفض!
    .-.
    هي ذهاب واياب على عجل، كان بأفضل حال ولم تنقصه رؤيتنا
    وعند عودتي تجدد غير الرضى عن حياتي،وطرح السؤال ذاته:أيعقل ان استمر بقية العمر هكذا! اجامل الوقت وانتظر الحلم!
    .-.
    .-.
    ماني لاحد
    القلم الذي يكتب كثيراً لايجيد القراءة، والمصباح المضيء لايرى، فمال العيب في معلم حب لايحب!
    القصص التي نكتبها والوصف الذي نصفه لانعيشه، أحياناً ليس باستطاعة الجميع الحب،
    يا اخي ثق ليس جميعنا وان طبقنا الشيء ان نتساوى فيه،لاتققس على نفسك أبداً،فليس للصراخ فم! اذن كيف يحب من لاقلب له! وكيف يحلم الجميع بما لم يروه! رغم اننا نستطيع الحب ونحلم دوماً بما لانرى
    فأنت قد تواصل الحب وانا قد اواصل الحلم
    لكن السؤالهل نحلم لمجرد الحلمونحب لمجرد الحب؟!
    .-.
    .-.
    هل هو سؤال؟
    هل تقصدين ابعادي من هنا بهذا الكم من الاجابات الـ! وهل تعنين انني قد اواصل حبك وانت تواصلين حلمك فقط!
    -اذن هل تزوجتي لمجرد الزواج؟
    وكان هذا السؤال ماطرحته!
    .-.
    .-.
    اجابتني
    ربما قد اجيب على ما اسأل!
    الزواج لمجرد الزواج،والحب لمجرد الحب،والحلم لمجرد الحلمكل ذلك يذكرني بقول ادوارداي
    "النمو لمجرد النمو هو نفس مبدأ الخلية السرطانية"!
    .-.
    توقعته نهاية الحديث الا انه سأل مباشرة،ربما قبل ان يقرأ تعقيبي السابق

    -الحرية حلم سيدخلك في متاهات انتِ في غنى عنها

    اجبته منهية النقاش الذي لم يشاركنا فيه أحد!
    -قيل لكي تكون عظيماً لابد ان يساء فهمك!!
    .-.
    .-.
    كان الوقت كعادته يمضي كل يوم، وقد مر قرابة الاسبوع
    كنت قد اغلقت للتو من جَنان التي حزنْت لمعرفة عدم نية عودتها في الوقت الحالي من زيارة والدتها،
    كنت سأخبرها عن علاقتي الجديدة مع ابنة خالتي لكني فضلت تأجيل ذلك حتى تعود
    .
    كنت في زيارة للموضوع ذاته فقد تكون هناك إضافات على حديث الرجال!
    فرأيت تعقيباً من لمى،مقتبسة شيئاً لا اراه بوضوح الآن،وكتبت تحته:
    "لو يليق بها الحب لهجرتهلاتسألها فهي تدنس الحب"
    لأنقل بصري لموضوع آخر بعنوان انكسار الظل:
    -"كيف تستطيع انكسار الظل العيش هكذا ، كيف للكاذب ان يكون صادقاً"
    ومزيداً من ذلك وذلك

    أطبقت غطاء جهازي المحمول بقوة جعلت الجالس قربي يلتف إلي بفزع
    نظرت للغطاء مطولاً، لأرى شيء لالون له يشبه الماء، لا بل يشبه بدايات المطر على زجاج سيارة،
    الا انه حارق، الا انني ابكي، الا ان قلبي يشعر بالتمزق
    صفعتها هذه كانت ألأشد ايلاماً،لأنها منحتني سبباً واحداً في أحقيتي بها، لذنب أني حاولت إصلاح مالايصلح
    لذنب انني حقنت نفسي بالأمل،فتجرعت أكثر مما آلمني أكثر
    فتحت الغطاء مرة اخرى،قرأت ،ومن وقف خلفي
    ان حزني الكاذب طرق جذب انتباه،وكتبتها مراراً،
    اخبريهم أكثر لأنك تعتقدين ان الجميع مجبر للاستماع اليكِكما فعلت انا لأجلك!
    أولا تعلمين كم اكتفيت منكِ الآن، أفلا تكتفين؟

    يده امتدت على الطاولة وسحبت لي منديلاً، وقال:
    "هالجهاز سوا كل هذا؟"
    ثم أضاف بتعجب-"اكيد شفتي خبر ولامقطع (ابتسم وهو يطل في وجهي) او يمكن شي اعجبك لهالدرجة؟"
    تكاد تتوقف الدموع حين اصدق ابتسامتك،وانا اريك الموضوع، وانت تقرأ بذهول ثم تسألني بتشكك
    -"بنت خالتك؟"
    فأنت كنت واثقاً من كونها ابنة خالتي قبل قراءته،ولكنك لم تصدق ان تكون هكذا!
    إجابتي كانت فيضاً أكبر من دموع، تمنيت بدري،اردته بصدق ان يقول لي كما يقول كلما تأذيت منها: بأن لا اهتم بها ،ويعبث بشعري ليفسده فأغضب رغم اني لااغضب!
    لكن من وقف الآن قال
    -"طيب واذا كتبت يعني"
    ثم يده امتدت لرأسي،حركت شعري بسرعة ،وهو يقول
    -"كان مفروض تكتب عن شعرك انه مو حلو(ثم نظر لعيني مستمراً بضحكه وقال) لدرجة انها تغار منه"
    ثم غادر ليحضر كأس ماء،وتركني في حالة ذهول أعجزتني عن النطق،وعن الحركة،وحتى التفكير
    كل ما دار برأسي حينها،انه هوَ
    هوَ من تركته عند اخي ذات يوم
    وكأنه شخص بحثت عنه طويلاً،أو ربما انتظرته،او لا الأكيد انه شخص فوجئت بقدومه على غير موعد!
    شخص يتصرف كصديق اخي الذي يشاركه بنصف تصرفاته،ويخالفه بالنصف الآخر
    شخص تمنيت ان يواسيني كما في الماضي،.وفعل!!

    وقفت، تقدمت،وصلت إليه
    مد لي كأس الماء،فمددت يداي،
    تخطيت الكأس، وعانقته
    وما ان ضممته بقوة، بكيت

    .-.
    .-.

    إليها: وكم علمته نظم القوافي،فلما قال قافية هجاني!
    ،
    ،
    ،

    أحياناً/ يحدث ان تفكر مرة اخرى! لكنك لاتتغير حين يتوجب عليك ذلك!



    السلام عليكم
    نهاية الفصل وبقيته/اليكم:

    .
    .
    وقفت،تقدمت،وصلت إليه
    مد لي كأس الماء،فمددت يداي،
    تخطيت الكأس،وعانقته
    وما ان ضممته بقوة،بكيت
    .
    .
    /
    حين يعانقك احدهم فإنه ببساطة يتلاعب بفصول السنة!
    وأنا من كنت اعانقه، وكأن له تصريف الفصول!
    أكان الشتاء صيفاً،ام الصيف شتاءً،لست متيقنة لكني لا استطيع ان اشكك في هذا النهار المغادر سريعاً
    لمَ يحل الظلام فجأة حين تبقي رأسك في حضن احدهم المعني!
    لمَ هو دامس جداً ولن تستطيع الرؤية وان فتحت عيناك،لن تستطيع الحراك وان غادر كل شيء فيك وسبقك الى حيث لاتدري، ربما تحلق احياناً، وربما تغوص وربما تستمر بالوقف فقط دون حراك
    هذا الذي أتى بالليل سريعاً هذه اللحظة يهمس بشيء ما،وربما يكرر ذلك
    لاشك انه يتحدث لي، ولاغرابة في ان اسمعه لولا ذاك الذي ينتحب في رأسي قبل الظلام
    يبدو انني هذه اللحظة الدامسة اردت بحق ان اسمعه،فهو كزائر الليل الراكض لي من الماضي، فآخر عهدي به ذاك النهار انه الطفل الذي اشتقت لصوته
    شيئاً فشيئاً،رويداً رويداً،كما ينتهي رضيع من بكاءه سكن كل شيء واصبح الليل بذاك الوحشة
    ارخيت اصابعي التي كانت تشتد على كتفيه،وبهدوء من يوازن خيوط معكرونه بأعواد طعام أبعدت رأسي،ركضت دمعتي متمسكة بإبهامة، وربت على كتفي
    اواصل النظر اليه بذهول! اوكيف يعود من طفولته سريعاً، كيف تشرق الشمس فجأة!
    كيف بي أتساءل فجأة فجأة،أكان يضمني أم يعانقني! لأن في الاولى استيلاء يختلف عن الأخرى الدامسة
    .-.
    .-.
    احدى يدي تعجز عن ترك كأس الماء،والاخرى عاجزة عن ايقاف دموعك
    ويعجز الموقف عن اسناد ظهره لي،او اخباري بما يجب علي فعله،او حتى تدوين ملاحظة صغيرة على البراد عن شعور هذه الفتاة حينها!
    رفعََت رأسها كادت ان تنطق بشيء، تلهفت لسماعه كما لم تتلهفوا لأمر في حياتكم
    ولانها لم تفعل، خار كل الشعور وكأن ماكنت مثقل به حينها كأس فقط، لا فتاة مترفة بجمع من الاحاسيس التي قررت قضاء عمري في تعلم ترجمتها
    وضعت الكأس على الأرض دوناً عن كل الأماكن المرتفعة،وقلت - أرجوك- دوناً عن كل الكلمات التي وجب ان اقولها
    ولأنه رجاء خاوٍ الزمنا الصمت قليلاً .ثم اخذتها لنجلس،علَ الكلمات الواقفة تخرج حين لانجاورها
    .-.
    .-.
    ،
    ليس الغريب ذلك اليوم بذاته، ولاتصرف عمر الذي لازمني كل دقيقة وواساني بكل طريقة، بل الغريب ماذكره قبل ان ننام تلك الليلة
    حين اغلق الضوء،وكان الظلام يشبه تلك اللحظة ، سألني وخيل لي انه يبتسم
    -"بقولك قصة قبل النوم"
    شبه ضحكة سمعها بالتأكيد وانا اوافقه،وانتظر:
    بدأ_"كانت فلاحة تبيع كل فتره فواكه لعجوز وكانت توصل للعجوز الفواكه تكرم منهالكن العجوز كانت سليطه يعني كل مره تطلع عيوب بكل شيومافي مره شكرت الفلاحةبعد ماماتت العجوز سآلو الفلاحة كنتي نادمه على اللي سويتيه؟ قالت لا انا افكر بالشي الي اقدمه واللي يرضيني بغض النظر عن أي شي"
    ثم ضحك مضيفاً-"صرت جدتك اليوم"
    ، كنت ابتسم ولا استطيع منع دموعي حينها، وكأن هناك ماوددت ان اسأله عنه:"هل جزاء الاحسان الا الاحسان"
    لكني قلت-"عمر"
    يبدو انه يترقب مالذي سأنطق به، حل الصمت فاستلقيت على الجانب الآخر واغمضت عيني قبل ان اسمعه يقول بعد فترة
    -"اول مرة تقولين اسمي(واضاف وهو يغير وضعيته للجهة الاخرى) من هذيك الايام"
    .
    .
    كيف كنا ننام تلك الليلة لا أدري، لكن ما فكرت به ،حين كان يعانقني قد شكلت ذراعية قبل ان يبعدهما علامة الضرب في ظهري،يخيل لي انها كانت كعلامة شريط لاصق على مكان جريمة لكن لايبدو انني كنت الضحية!
    وهذا ما اردت معرفته أي جريمة تحدث بيننا، أي دليل مفقود، واي خطأ سأرتكبه لو انني اردت لي جثة حرة لايحوطها شريط!

    وددت القول بصدق-"شكراً جدتي"!
    .-.
    .-.
    .-.
    حينما استيقظ لصلاة الفجر،افقت معه،فلم اكن مستغرقة في النوم، هاتفي يحمل عدة رسائل،لا أدري المشكلة في النص ام في ضوء الشاشة المفاجئ،لأنني لم استطع القراءة
    مالذي يجلس على صدري ويكتم انفاسي ببطء، لم اشعر بأن هناك ماكان يجب ان افعله،او ان اقوله، أو ندم من نوع آخر
    حينما افكر بالموضوع اجد لمى المذنبة الاولى، وعمر الثاني!
    فأقسى مايسلبه منك الاخرون النوم، واصعب ما تسلبه من نفسك الضمير!
    فكيف بي ان لا انام! تركني ماتركني وأديت الفرض وكنت في حاجة للبكاء المفاجئ بعد ان فرغت من الصلاة
    لكنه حضر، وعاد للنوم وحرمني التصرف بما يريحني ، فنمت
    .-.
    عند استيقاظي لم اجده، بل وجدت نفسي امام السقف وتحته، افشي له سراً ما!
    جميعنا نعتقد ان المشاكل التي تحدث لنا، سببها من هم حولنا حتى انني بالأمس ظننت المشكلة توزعت في كثير من الامور.كأن يكون كما ظننت انها في الوسادة فاستبدلتها كي أنام!
    لكني اكتشفت حينهاان لافرق بين وسادة القطن وريش النعاممادمنا لانستطيع أن ننام!
    اعلم انني استيقظت كثيراً أثناء نومي، بل وكأنني اواصل غفوات في حين صحوتي
    وأتساءل في كل مرة عن اللذي يجثو فوق افكاري ويشعرني بالثقل! كل مااستنتجه لايريح بشيء لأنني في كل مرة اخبره بسبب فلا يبدو كذلك!
    ذلك اللذي خرج باكراً البسني مسؤولية لا احتملها،ولم استعد بعد لحوار قديم،او تصرف يشبه الفرار عند الخطأ، ولا اعلم مالذي يجعلني اعتقد انني فررت كثيراً دون ان اخطئ، ولمْ يتبعني أحد بغضب!
    بل كان هناك الكثير يشبهونك ارادو طوال الليل منحي سبباً للشعور بالذنب ليوم ما!!
    .-.

    .-.
    .-.
    رن هاتفك اثناء الغداء وقد شعرت بالغرابة،وشككت في شعوري ذاك بعد كل الامور التي حدثت بالأمس!
    كنت تجيب المتصل: انك ستحضر قبل العشاء، والتفت إليّ تخبره انني سأرافقك
    ثم وافيتني بالخبر،ان زوجة عمك الأرملة أجرت عملية،وستأخذ والدتك لزيارتها كما طلبَت وطبعاً كما قلت:وأنا!
    لم ارد ان اخالفك هذا اليوم، فكأن الأمس الزمني تغليف كل شيء والمواصلة!
    .-.
    -"باخذ ورد"
    هذا ماقلته لي حين اتجهت للبائع في المشفى، واعطيتني الباقة، وطلبت مني الذهاب لأقدمه لها
    رقم الغرفة قلت انه تسع وثمانون، وكان بالداخل امرأة خمسينية أنهكها الزمان، وفتاة في نهاية العشرين تحييني، وامرأتين زائرتين لهذه الغرفة التي قد لاتشكل لهن اكثر من تأدية واجبليس كأن تقلب حياتهن مائة وثمانون درجة!
    كما حدث معي!
    -"غيناء جيبي الحلا"
    قبل ان تستجيب لوالدتها رن هاتفها،ويبدو ان المتصل ام زوجي التي وصلت للتو
    وقضينا الوقت
    .-.
    خرجت وام زوجي اذ به ينتظرنا وبيده وردة كبيرة ادهشتني! هل سيزور مريض آخر!
    هذه المرة فتح لوالدته باب السيارة الأمامي،ثم لي بالخلف ووضع الوردة فوق حقيبتي التي احتضنتها سريعاً، وأغلق الباب
    لم استوعب الموقف لولا ان والدته النبيهة ضحكت!
    ضحكت ولم ادري بما اعلق
    جميل ان يلقى عليك الورد وتضرب به وقد يبدو مفاجئاً أكثر حيث ان لاوقت لديك لتفتح عينيك مصراعي الدهشة!
    وبخطه الذي أراه للمرة الأولى كتب على ورقة صغيرة:
    إن الهدايا وإن أغليْت قيمتها لا تَعدِل الوردُ إفْصَاحاً وتِبْياناً *
    توقعت ان يكون بيتاً غزلياً فيني لا في الورد، او اقلها ان يخبرني انني أجمل
    واصلت الابتسام في داخلي وانا اسمعه يسأل عن حال تلك المريضة
    .-.
    .-.
    بعد ايام، ربما شهر
    ربما. واقول ربما ان مايحدث الان سيكون جيداً
    فأنت تخبرني انك ستضطر للسفر قريباً
    كنت اريد الاستسلام معك،لكن ذلك لم ينجح لأنني ببساطة حين اود الخروج اجدك لاتعود، وحين اود مشاهدة التلفاز اراك ممتلئ بالحديث، وحين يصيبني النعاس تريد السهر وحين اود البقاء تنام باكراً
    تقول انك لاتدري متى ستعود، واعلم انك كاذب على امل ان اشتاق اليك!
    واعلم انني احتاج لأجوبة أكثر جدية لأستطيع ترتيب الاسئلة كي اواصل العيش معك بسلام!
    فأنا لا ادريامور كثيرة اجهلها، هللا اخبرني دون ان تكذب
    ابسطها. لم حين يطل الليل يعلقني على استارة؟
    سأكون صريحة معك ان اخبرتني،لن احلم بالحرية او الاستقلال او مايكون، ان كان هناك اجابات لأسئلتي، سأجدك بلا زيف بلا اعذار ولن ازور الحقائق ولن اكذبك بعد ذلك!
    فقطلمَ يحدث ذلك لي معك؟
    لمَ في كل ليلة،أبحث عن سبب ليجعلني غير مرتاحة!
    معكأنت بالذات أشعر انني مسؤولة عن جمع مساوئك، وفي حين لا أجد شيئاً أتضايق أيضاً!
    إنك بصريح العبارة كالعبء الثقيل على حياتي، اوفر لك طاقة اخرى وادون تصرفاتي كي لا اخطئ معك!
    ليلاً اسأل الطرق لأنام،انزعج من اريحية نومك فأجدك السبب!
    لكن لمَ انت السبب؟
    الأنني قرأت خطك قريباً رغم انك تستطيع الكتابة منذ ولادتك! ام هو حديثك معي كما لاتتحدث مع احد اعرفه!
    ام هي سعادتك التي تبدو حتى في حين منحك مالاتريد، كحريتي في التعامل معك!
    هل مشكلتي معك بدأت حيث نتواجد،ام حيث نتصرف،ام حيث تمنيت؟
    ام هي معك أنت حيث لا أحد غيرك ولا بديلاً عنك، ولا سواك!
    تطفئ التلفاز أثناء برنامجك المفضل لأنني أشتهيت ذات فراغ التحدث معك، تشعل ضوءً خافتاً أثناء نومك لأنني مؤخراً صرت اهاب النوم في الظلام، قد كان الليل ملائماً لعد حسناتك التي لاتنتهي حيث لا احد يسمعني حيث لا ارى نفسي فأغفو حين اصل لشراءك لهذا المنزل لأجلي
    لكنه لايجعلني اواصل ذلك لأنني علمت لاحقاً ان الليل لن يكون كافٍ لأسئلتي التي استيقظت أثناء أزمة ذنب!
    لمَ أنت مهتم بي بهذا القدر!
    لمَ لا استطيع مبادلتك هذا الاهتمام!
    لمَ أشعر بطريقة ما بتأنيب ضمير،لمَ اشعر بالخوف،لم اشعر بالامتنان،ولمَ تجعلني عينيك المسدلة جفونها ويديك تلك التي تتوسدها اثناء نومك، ساهرة اذكر سؤالي مرة تلو الاخرى عن وضعيتك في النوم قبل السنوات الطوال:
    -لمَ تنام وأنت تنظر للنجوم!
    لكنه الآن يكون:
    لمَ السقف مغلق؟
    ولمَ النجوم بعدت أكثر؟
    ولمَ أنت الآن أكثر من أي وقت تذكرني بأيام خلت!
    ولمَ انا غير راضية!
    .-.
    .-.
    .-.
    سألني-"اوديك لخالتك؟"
    -"لا"
    -"لعمك؟"
    -"لا"
    -"يعني؟"
    -"بقعد لحالي"
    -"لا"
    وبعد سلسلة الاءات العنيدة،قلت:
    -"قول لبدر يجي هنا"
    وطبعاً ليس بغريب ان يقول بدري-"لا"
    طائرته بعد اربع ساعات،وانا لااود الخروج من المنزل وهو لن يتركني فيه وحدي
    حقيقة قد اخاف ايضاً،جنان مسافرة لوالدتها وخالتي لن اذهب لو . لو. لن ادري ماسيُحدث هذا اللو من كوارث طبيعية!
    عاودنا الاتصال ببدري الذي قال:
    -"تعالي عندي انا مستحيل اجي"
    اخبرت عمر بذلك فتحدث اليه
    -"ياخي سكنك عزاباجلزين تعال خذها زين"
    ثم اغلق
    -"بتروحين لشقته القديمة ماراح اطول يومين بالكثير"
    ودعني كما تتوقعون وغادر
    .-.
    .-.
    حتى يصل بدري كنت اقاوم الفضول ،حين كان متصفحي مفتوحاً على صفحة الاخبار، فانتقلت لحيث تعلمون فنشاطي الاخير قبل قرابة الثلاثين يوماً
    لينتهي بي الحال بعد ساعة،اكتب وقد اختلف مقدار ضخ الدم في جسدي:
    -لا أدري لمَ كتب عني البعض كلاماً سيئاً في الآونة الاخيرة!،ربما تعجب واحد غير كافٍ لكنني لن اضيع وقتي في ترتيب عباراتي لأجل ذلك، فأخاف ان تبد دون قصد كعتاب!
    فلو استبدلت كلاماً سيئاً بكلام قاسي لربما صرت استشفي قلوبكم،وذلك ابعد ما افكر به من اناس لايستطيعون الإدراك ابداً مهما حاولت التوضيح لهم
    لأخبركم أيضاً:الحرية التي اسعى لها لن تصلوا اليها ابداً بتفكيركم السقيم، اقصد تفكيركم فلو اضطررت لخطابكم شخصياً ستبدو هذه الكلمة قليلة بحقكم
    اعذروني، او لاتفعلوا فربما بنظركم الحديث بأي طريقة حرية القول!
    يقول المثل: الضربات القوية تهشم الزجاج فقط لكنها تصقل الحديد
    .-.
    وقد كنت استعد لجدل جديد سأكتفي بقراءته،استقبلت بدري بذلك الشيء الغاضب بداخلي
    حينها برر لي :ان سفر عمر له اهمية ويفترض ان لا اغضب
    لكنني أخبرته انني لااهتم حقاً،وعرف ان الموضوع قد دخلت فيه لمى!
    وقضينا الوقت بالخارج وأخرجت كل ماهممت به في الآونة الأخيرةوكاد يكفي ان اكون مع بدري، فقط كما كنا
    لمَ كل هذا الكم من الراحة يزورني فجأة حين أرى بدري!
    .-.
    .-.
    قبل ان انام حين كنت اطلَع أخيراً على جديد ماكتب ، سمعت هاتفي ينبئ بقدوم رسالة جديدة كانت من زوجي يتمنى لي ليلة سعيدة، تركت الهاتف وعدت اقرأ في جهاز اخي ماوصلوا اليه ومن بين سلسلة الجدال كان هناك تساؤل بخط كبير،قد تبع حديثاً آخر لكنه وقف بصفي
    -الحرية ليست كالتي تتوقعون وأنا عندي مثل:يقول
    "احترس من الباب الذي له مفاتيح كثيرة"
    والحرية باب المفاتيح الكثيرة
    قد لاتفهمون!

    ابتسمت فهو يظن انه يفهم ايضاً "ماني لحد" ليس بإمكاني تجاهل سؤاله الذي يحضر في كل مرة مستفزاً واليوم على غير عادته!
    تخطيتهم وأجبته/
    -قد تبدو كذلك.مثل جميل كجملة سمعتها قالت
    "كثرت عندي المفاتيح التي ليس لها في الأرض باب"!
    يبدو ان الموضوع كما في كل مرة يأخذ منحى آخر!!





    رد مع اقتباس  

صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 24-Oct-2013, 11:43 PM
  2. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  3. ما فوائد الجريب ، الاهمية الصحية للجريب ، اهم فوائد الجريب
    بواسطة ŞσŁλ ღ ŜŧŷŁę في المنتدى الطب البديل - العلاج و التداوي بالاعشاب
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-Sep-2012, 03:14 PM
  4. اهم فوائد الجريب فروت - اهمية الجريب فروت - استخدامات الجريب فروت
    بواسطة مزيونه وحنونه في المنتدى الطب البديل - العلاج و التداوي بالاعشاب
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-Sep-2012, 10:09 PM
  5. وسجدت لله سجدة ما سجدت مثلها في حياتي في مكان لا أظن أن إنساناً سبقني
    بواسطة ونات حائره في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-Mar-2007, 10:28 AM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •