الملاحظات
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 21

الموضوع: رواية بعت الجسد

  1. #11  

    فصل السابع
    سقـــــط القنــــاع
    عندما سمعت صوت فهد شعرت بالخجل
    ليس لاقتحامي الجناح المغلق دون استئذان
    بل لأني اعرف كيف هو بكائي
    خليط من الدموع والنحيب والشتائم والتساؤلات
    أنا متأكدة أن فهد سمع كلمات لا يجب أن يسمعها

    لماذا يبكي الإنسان
    لـُُيعبر عن شعوره الحزين
    إجابة خاطئة
    لـَيعبر فوق الشعور بالحزن

    أضاء نور الغرفة لأجده أمامي بملابس السفر ويديه على جبهته من ألم قال عنه :
    وأنا اللي مطفي النور أبي اخلص من الصداع
    مهب ترحيب بأكبر مسبباته
    مسحت دموعي بظهر يدي وقلت له محاولة أن أتخلص من إحراجي :
    الحين أنا اسبب الصداع
    طيب سلامتك
    قدم لي علبة المناديل الورقية دون كلمة مشيرا لعيوني التى حولها فيضان الدموع إلى بحيرتين من الكحل الأسود والظل الليلكي وهو يقول بصوت متفهم :
    أكيد ما توقعتي إني هنا
    قدمت رحلتي عشان خطبة ميوسه
    وصلت والعالم مشغولة ودخلت مع باب الخدم
    بلا دلع بنات كل ها الدموع عشان بتفترقون عن بعض
    روحي عدلي حالك
    وأنا بعد البس
    ونشوف مين ينزل تحت أول !
    رائع أنت
    تجاهلت كل ما سمعت
    ووجدت لدموعي عذر موفقا
    قلت وأنا ابتسم واكرر كلمة من عالم الأطفال الذي أظن أن فهد يراني حبيسته :
    أتحداك
    أنا أنزل قبلك
    التقطت شالى من الأرض بعد أن كنت رميته بدرامية على سجادة الاستقبال الصغيرة أثناء دخولي للجناح الذي يقود إلى غرفة نوم رئيسيه و غرفة أخرى كانوا يسمونها غرفة الأطفال وبتمسكه بعزوبيته صارت المكتب وقاعة للموسيقى و التلفزيون الذي نادرا ما يتابع فيه إلا بعض البرامج الأمريكية التي أدمنها في سنين غربته الطويلة !
    أما الغرفة الرئيسية فما سكنها إلا الأثاث الايطالي الفاخر فكثيرا ما ينام على كنبته البنية اللون بمربعات خضراء وبرتقالية التي يحبها رفيقة غربته العائدة معه شحنا من أمريكا اذكر أنها بقيت في حديقة القصر أسابيع كانت فيه ملعبنا أنا و ميساء حتى رضخت زوجة عمي الجوهرة لرغبته وسمحت لها أن تحتل مكان قصي من القصر بذوقها المتنافر و شكلها القديم .
    تذكرني بألوان قمصانه الغريبة وتسريحة شعره الطويلة الفوضوية التي عرفته بها في طفولتي وكان هو في شبابه الثائر.
    هو اكبر أبناء عمي عثمان بعمر مصعب شقيق مزنة وبفكر متنافر
    مصعب من أوائل المجاهدين في أفغانستان
    وفهد من أشهر الشيوعيون العرب
    الفرق أن فهد ترجل عن صهوة جواده الهالك
    ومصعب مازال مقيدا بسرج فكر جامح
    أذكر أن زيارات فهد تأخرت
    اشتقت لترديده مع عبد الكريم عبد القادر أنا رديت لعيونتش
    وما يرافق عودته من انقلابات لقائمة الطعام على يد أصناف شعبية تربك عم عزيز
    فسألت ميساء مستفسرة:
    من زمان ما زار فهد السعودية
    قالت محاولة أن تتذكر كلمات من عالم الكبار :
    ماما وبابا يقولون انه شيوعي
    وخايفين عليه ينسجن إذا رجع
    قلت وأنا اجتهد أكثر منها لدخول عالم المصطلحات المتداخلة القادمة من كتب مزنه الصعبة المعنى:
    شيوعي ولا اشتراكي
    قالت بيأس أن تشرح لي ما لا تفهم :
    مدري هذاك اللي حرام بكتاب التوحيد
    لكنه عاد
    بملابس اقل غرابة وصداع متكرر ونظرة محبطة
    صار أكثر توافقا مع زوجة عمي الجوهرة
    و اقل ضجيجا
    وأعمق سخرية
    ليؤسس شركة مقاولات غذتها المناقصات الحكومية لتصبح كيانا عملاقا في مجال الإنشاءات و الصيانة حيث انتمى أيمن بعد إنهائه للدراسة لتصبح المشترك الوحيد بين هذين النقيضين !
    استعدت هذه الأمور وأنا أركض لغرفة ميساء وأنادي الماكيير ميس التي تستمع بمشاهدة الحفل مستندة على الدرابزين النحاسي المشغول من قبة الدرج الداخلي :
    بليز ميس ساعديني
    أقبلت ضاحكة تقول :
    انتو دايما هيك
    لك شو بتغلبنا دموع الفرح هون !
    أيتها الغريبة
    لا تعرفين أفراح بلادي
    هي مجازر للقلوب
    وقبور للحب
    وموسم هطول الدموع المباحة

    أسعفتني بحرفيتها المتميزة إذ غطت بكريم الأساس الكثيف والقلتر الفضي اللامع ندبات مشاعري ولكنها أخرتني عن سباقي مع فهد
    وعندما نزلت وجدته بالقرب من ميساء يرفع يده باتجاهي بإشارة النصر
    وينادي اسمي :
    ميثى
    لنا الله
    ليرقص بعقاله مرددا مع أغنية محمد عبده بخطوات سريعة باتجاهي مصرا إن يمسك بيدي ليقودني إلى حيث الخطيبين
    مازحا متهورا متحديا كل الترتيبات
    ماذا أراد
    أن يعالج الجرح بالكي
    أن يحرجني بالاقتراب من عبد الله لأقول له :
    مبروك
    واشعر بما لا يوصف بداخلي
    كم أسعدني الصوت العالي المنبعث من السماعات الضخمة
    فلا أريد احد أن يسمع دوي انكسار النفس
    أشاح بوجهه
    ولم يرد
    هل قربي سبب رغبة الخطيب بالانصراف
    أم انتهت المراسيم
    قبلها على جبينها مودعا
    أغمضت جفوني برد فعل متأخر
    وعندما فتحت
    وجدت عيون أيمن ترصدني
    لماذا نخطئ أمام من نكرهه
    تبدلت ملامح السعادة بوجهه لغضب
    اعذره
    دائما يراني تلك القريبة المتسلقة على أمجاد عمها
    و الآن
    أتهرب من مشهد القبلة الجميل
    أتظنها غيرة وحسد
    أنها هشاشة الحطام
    يا من لا تعرف الضعف
    لا
    تذكرت حفلتك
    سأشمت بك
    الخميس القادم

    بخروج الرجال نزعت النساء الشالات الرقيقة وطرح الشيفون الشفافة لنرقص أمام ميساء
    أذوب بالموسيقى
    أحياها
    انتقل عبرها لعالم أكون فيه أثيرية بلا جسد
    ذلك العبء
    الهدف لكل أذى
    يقولون رقصي حلو !
    وأحس إني أكون
    كما أريد
    حرة
    سعيدة
    باركت النساء لزوجة عمي بالعاقبة لأيمن
    ما عاد احد يحرجها بالدعاء لفهد
    كثيرا ما سمعت تعليقات توحي بشذوذه
    أو همسات تردد :
    أكيد ما فيه عيال وإلا وش يقعده للحين بلا زواج
    لكني اعرف بداخلي أن سر فهد غير ما يقولون
    وان جهلت ما هو!
    بعد انصراف المدعوين
    ساعدت ميساء بتبديل ملابسها ونحن نتحدث بحماس عن الحفلة والملابس والمعازيم
    كل التفاصيل إلا
    عبد الله
    كانت الساعة الثالثة والنصف مساء
    و أمي اتصلت عدة مرات قلقا
    وفضولا
    في إحدى مكالماتها قالت لي :
    أم محمد كلمت و تقول اسألي ميثى
    هو عبد الله مبسوط
    وبشته عساوه زين
    كرهت الأمومة
    وان أحببت الأطفال
    أن أنجب كل هذا النكران
    قلت متعاطفة مع ضحية جحود مثلي :
    الحفلة روعة
    والبشت جخ
    دخل عمي وزوجته لغرفة ميساء ليقول بصوته الرزين :
    ما قصرت يا ميثى
    كلمي رشيد يوصلك
    كان أيمن يعبر الممر ليقول بمبادرة مفاجئة :
    لا الوقت أتأخر أنا أوصلها
    لتتدخل زوجة عمي الجوهرة بحدة لبوه تحرس عرينها :
    لا
    أيمن أنت تعبت اليوم
    ما عليها إلا العافية
    أكمل طريقه متمتما :
    مادام هذا رأيكم
    تصبحون على خير
    ارضي استسلامه السريع الجوهرة زوجة عمي
    ابن أمه
    النسخة الذكورية عنها
    لكن ذلك لم يدوم
    إذ دخل فهد للغرفة حاملا طبقا مليئا بالحلويات متسائلا :
    أنت ما رحتي
    مين يبي يوديك
    كان سؤاله كفيلا بتوتر أمه لترد بعنف قبل أن أقول حرفا :
    مثل العادة
    رشيد
    بغضب نادى جوزي لتحضر مفاتيح سيارته من الغرفة لتقول أمه باستعطاف :
    بعد رحلة ست ساعات تسوق للنسيم حرام عليك
    حقا كان متعب
    منذ سنة لم يعد للسفر ذلك التأثير الجذاب الغريب على فهد
    كم كنت مفتونة ببريق عينيه إذ عاد من رحلاته الغامضة
    أكثر من الشكولاته التي يدعي نسيانها وإذا يئست فاجئني بها
    وهو يقول:
    وشي هاذي
    لأردد له :
    ماي فيفرت شوكلت
    كما كنت أقول وأنا صغيرة بلدغة وتهتهة يحبها
    وإذا ارتوى من كلمة السر
    وهبني هديتي من تلك الأسفار !
    الآن فهد يعاني من شيء ما
    أيا كان هذا الخبيث الذي يعذبه فهو عاجزا عن التطاول على شهامته
    فهو يرفض أن أعود لبيتنا مع السائق بهذا الوقت المتأخر
    ليتدخل عمي بقوله :
    فهد خل فرحتنا تكمل
    و إلا لازم النكد
    اتصلت بأمي خفية من غرفة ملابس ميساء وأنا متيقنة أن التطلع لأخبار الحفلة يحرسها من النوم وهمست لها أن ترسل أخي عبد العزيز لانشغال السائقين ببيت عمي
    لأعلن نهاية خصام بسببي :
    خلاص عبد العزيز كلمني و جاي بالطريق
    وضع فهد طبقه على الطاولة بعصبيه ليقول كلاما لا يفهمه إلا هو وان وجهه لي :
    ميثى
    جيفارا خسر حياته عشان يحرر رعيان غنم
    قالوا له نبي حليب ما نبي حرية
    فعلا
    رعاع
    قلت محاولة استرضائه وأنا أناوله طبقه :
    ما يخالف رعاع
    رعاع
    أهم شيء الأخلاق
    خذ كل إذ كنت تبي
    سويت دريمز
    ليضحك مع الجميع وينتهي موقفا كاد أن يفقد الليلة بهجتها
    في الطريق لبيتنا كان عبد العزيز صامتا
    و ضجيج أفكاري عاصفا
    هل سيكون الساري منتظرا
    تأخرت و دقت الثالثة
    لكني وجدت ترقب أمي وأختي منيرة ليسألون عن شكل الفستان والخطيب والعشاء وكل حديث قد يغضب الجوهرة زوجة عمي أن يسمع
    ادعيت الإرهاق تهربا
    ودخلت غرفتي
    لأجد رسالتين من الساري بصندوق الوارد :
    سلمى
    كم تبدعين باحتقار الآخرين
    تحترفين السخرية
    بتهذيب
    كيف انتقم لذاتي مما كتبت
    ما وجدت إلا أن أقول
    بائعة فاشلة
    الهمتيني قصيدة
    بعد أن حاربني الشعر سبع سنوات
    طرقت فيها كل بوابات الوحي
    سفر
    تعاطي
    جميلات
    وأخير
    اشتريت الشعر
    وزيفته بلمساتي وتوقيعي

    أن تكون مالك نبع وتهلك من العطش
    شماتة المنافسون
    تطلع المطربون
    وكبريائك يستنزف
    وكان المنتدى مصيدة الهواة
    هو الحل
    ما هذا
    ما افعل
    أبرر نفسي لك
    لماذا
    يا سيدة الألغاز !
    الرسالة الثانية
    سلمى
    تأخر ردك
    إذا ما جاوبتيني
    قسما تندمين

    ساعات فقط
    و سقط قناع الساري
    ليظهر وجهه الجبار المتغطرس
    تهدديني
    ماذا ستفعل
    سجلت خروج
    دون حرف
    يكفيني منك ما أودعت يوم السبت في فرع البنك في الجامعة لتقول الموظفة بوقاحة :
    شكلك طايحه على كنز
    لأرد بضيق وحيرة هل هو ما تقول أم بؤرة جحيم :
    اتز نن يور بيزنس
    لتقول فطومه متصنعة الإعجاب من اجل الاستدراج :
    أحسن
    تسعمتيها
    إلا وشلون محتاجه فلوس وتبين تروحين مع خدوج
    وأنت على قولتهم تلعبي بالفلوس مصاقيل
    قلت لها بما يثير دهشتها أكثر :
    اتز نن يور بزنس
    أنت بعد
    فقالت مغتاظة من تجاهلي لحيرتها :
    يا شين لمن اللي نسويه بالناس يطلع علينا
    الا ترا خدوج تبيك يوم الاثنين عند خالتي زينب
    بروفة
    وبتعجب قلت:
    وش بروفته
    كل السالفه
    يا جر قلبي
    و ابكي على ما جرى لي يا هلي
    أصرت فطومه على أهمية البروفة :
    ما علي منك تقول تبين تروحين لازم تدربين
    بعدين هذي المعلمه يا بت
    كيفها
    يمكن تبي تطق لهم بيت هوفن و لا بيت الدونات
    يبدو أن حفلة الخميس تتطلب الكثير من التنازلات قلت برضوخ :
    خلاص يوم الاثنين اطلع معك
    سألت فطومه لتغير دفة الحديث :
    وش صار بخطوبة ميساء
    قلت باختصار :
    كانت حلوه
    عقبالنا
    قالت فطومه ما اسقط قناع آخر :
    أنا أحب واحد
    بس هو صافطن على جنب
    وأنا راسمه الثقل
    عشان أن راح كل منا بدرب
    ما يطيح وجهي
    جميلة أحاديث الغرام وان رافقها اليأس
    فطومه كانت واعية خلف قناع الاستهتار
    ليتني مثلك
    سألت بلهفة :
    مين
    قولي لي
    بسعادة الانتقام قالت :
    اتز نن يور بزنس
    امزح
    سعد
    تذكرت بوح فطومه وأنا بسيارة سعد يوم الاثنين بطريقي لبيت الخالة زينب و استغفرت الله عشر مرات لطرد فكرة تأبى إلا أن تسكنني وأنا أرى كل هؤلاء السود
    كلهم مثل بعض
    إذا شفت واحد كنك شفتهم كلهم
    وش لقت فيه فطومه
    بعد أن وصلنا لبيت الخالة زينب
    ناداني سعد ظننت إنني نسيت شيء بالسيارة ليقول :
    ميثى ترا أبي أروح مع خدوج للحفلة عشانتس
    لا تخافين
    أنتي بحماي
    دمعت عيني من وقاحة عقلى الموروث من بيت القادر
    وعرفت كم هو مميز
    في الداخل كانت خدوج المرحة صارمة متسلطة
    أرهقتنا بالإعادة والتكرار
    كنا خمس من البنات دقينا كل السامريات عشرات المرات
    وفطومه تنتظر أن ننتهي بتعليقات مستفزه من على الدرج المكسور
    يا ويلك
    والله انك خبلة
    احد يروح ورا الشمس
    خلين اتمقلتس زين عشان اتذكرتس
    لتثير غضب خدوج التي تنهرها لتصمت دقائق
    ا يستحق أيمن كل هذه المعاناة
    أن التقط بجوال يوسف صور في جو من الخلاعة والمجون التي أتصور
    يجعلني احتمل صراخ خدوج وتعليماتها
    كيف أن امسك الطار
    وألا أشذ بصوتي عن الإيقاع
    أن يسقط قناع كمال أيمن علي يدي
    جعلني اغني مع صوت ماجدة الرومي على طار خدوج بكل نشاز بنوبة هسترية
    سقط القناع
    عن القناع
    قد اخسر الدنيا
    نعم
    لكني أقول الآن
    لا
    انتبهت لأجد الكل ينظر ماذا تقول
    ضحكت فطومه وقالت :
    عادي
    عادي
    سامرية مثقفين
    قالت خدوج محذرة :
    شكلتس
    تعبتي من البروفه
    انتبهي
    تسفين لا تعودين ها الخرابيط
    يوم الحفلة
    قلت للخالة زينب أثناء خروجي بانتقام خفي وانكسار خادع :
    الفستان اللي قست
    ترا ما اقدر علي حقه
    قالت بتعاطف أحقيقي أم زائف
    لا يهم أن اعرف
    كثيرة الأقنعة المتساقطة هذا الأسبوع :
    مالك نصيب
    الخير بالجايات !

    يوم الخميس جاء سريعا وأنا متهربة من منتدى الرحالة وتهديد الساري
    ومكالمات يوسف وسؤاله عن صور الدكتورة عروبة المستغرب
    لبست ثوب زفاف أمي القديم وبرقعها الواسع وحزام من الجنيهات الذهبية هدية أبي لها
    أعارتني إياه بثمن من أحر القبلات والدعاء برحمة من تركه ورحل
    وكانت حفلة ميساء التنكرية كذبتي
    لحفلة المجهول
    وأخيرا وضعت العدسات الملونة
    بدوية بعيون زرقاء
    الفشل وسعد كانا رفقاء تلك الليلة
    فعند بوابة الاستراحة لم يكون هناك عم حسين بل رجل امن من شركة امن خاصة طلب أن نضع جميع الجوالات بصندوق كتب عليه اسم الفرقة لنستلمه عند خروجنا
    مما يدل على أهمية الضيوف
    كانت الحفلة بتنظيم دقيق تتابعه مدام نادين التي سمعتها لأول مرة تتأفف من أيمن
    كنت أقف بجوارها ولم تعرفني لتقول بضيق :
    العمى
    هيدا ما بيعجبه شيء
    اكبر فندق بيخدم
    و لا عاجبو
    كان المسرح بعيد عن الليوان الكبير حيث يجلس ضيوف تحمل وجوههم ألفة صور الصحف وبعد الغرباء
    قالت مدام نادين بسخرية لتعلن ترتيب الفقرات :
    وهم صاحين شعر
    نص نصيص أغاني النسوان
    وهما خالصين الفنانة كريستال !
    معقولة كريستال
    هنا
    بعرقه !
    دخل أيمن دار الضيافة حيث ننتظر انتهاء المساجلة الشعرية لتبدأ فرقة خدوج الغناء
    كان يسأل نادين عن اتصال هام نظر لي
    بعمق
    نظرة طويلة متفحصة
    بعد خروجه قالت نادين :
    أنتي يا بنت شو عملتي لو
    قلت متخفية بصوت يحمل لهجة صيته :
    قسمن برب السما ما سويت له شي
    قالت بغيرة النساء :
    أول مرة أشوف بعيونه هيك نظره
    هل عرفني ؟
    هذه الفكرة المخيفة ضيعت ما اكتسبت من بروفة يوم الاثنين
    وأغضبت خدوج التي توعدتني أن تخصم من اجري بقدر إخفاقي
    أهكذا تنتهي حفلة الرجال
    كانت مجاملة لتسير أعمال الشركة ولإرضاء أصحاب القرار
    لن أعود خائبة
    أريد أن أرى المطربة كريستال
    أنها بالشاليه الرئيسي
    لن تغنى إلا بعد العشاء و رحيلنا
    أنا اعرف كل الدروب والممرات
    تسللت وان اردد لأطرد الخوف
    سقط القناع
    يا آخر الطلقات لا
    يا ما تبقى من هواء الأرض لا
    يا ما تبقى من حطام الروح لا
    كانت غرفة أيمن بشباكها الواسع مضيئة
    هل سأجد كريستال فيها
    خلف شجرة الياسمين وقفت متلصصة
    أريد فقط أن انزع هذا القناع
    لكنه كان وحده يتحدث بالهاتف اسمع عبر الزجاج جمل متقاطعة :
    اطمن بعد ا الحفلة أكيد بيرفعون حجز المواد من الجمارك
    ويمكن يغيرون المادة اللي في النظام بعد
    بس فكرتك اللي تقول فيها استغلال للظروف
    ومشاكل كثيرة
    أنت وش تبي بالضبط
    خطوة بمرحلة ضعف
    بالنسبة لي
    فهد
    المسألة محتاجة وقت
    يتحدث مع فهد
    لماذا هذه الحدة
    حفلتكم تسير لهدفها بنجاح
    أنهى المكالمة
    ليخرج صندوق مجوهرات ميساء القديم المكسور المخبأ بأحد الأدراج المغلقة
    أكان يخفيه كل هذه السنين بغرفته بالاستراحة
    لماذا يحتفظ به
    يدير الزنبرك لترقص الدمية التي أهوى
    يغطي أيمن وجهه بكفيه
    ويجهش بالبكاء
    سقط القناع
    عن
    قناع آخر
    لا افهمه
    ولا احتمل أن أراه
    فهربت
    ليطاردني الكلب ريكسي للضيافه !






    رد مع اقتباس  

  2. #12  
    الفصل الثامن
    اخطر من الشوكلاته
    ركضت مرعوبة
    لهاث ريكسي من خلفي
    و دار الضيافة بعيده أمامي
    أسمع صوت نباحه المسعور يقترب
    أخاف
    تحتار خطواتي الثقيلة
    ليدركني بسرعته ويسقطني على الأرض بجسمه الضخم
    أحسست بنداوة العشب الباردة تخترق ملابسي ويقشعر منها بدني
    أخفيت وجهي عن أنيابه الحادة
    فاجأني
    انه يلاعبني و يلعق وجهي بلسانه الخشن
    خدعت البشر
    وأعجزتني أنت
    يا ريكسي !

    ما المشترك بين الإنسان والحيوان
    شاعرية الحياة
    إجابة خاطئة
    الشعور بالحياة


    فرحت بذاكرة انف ريكسي القوية
    لففت ذراعي حول عنقه السميك ومسدت جسده بيدي
    وأخذت اثبت برقعي على وجهي بعد إن عبث به ترحيب ريكسي العنيف
    زال من قلبي الخوف
    لثواني
    أعاده صوت أيمن وهو يقول :
    ريكسي
    كم هير
    يتركني تابعا لأوامر سيده
    أحاول أن انهض فيمد أيمن يده ليساعدني
    ويطبق بأصابعه على كفي بقوة أفشلت محاولة تحريرها
    ليقول بنبرة صوت غامضة:
    أعذريه
    تعرفين احسده
    تهنا بحضنك شوي
    سقط قلبي لهاوية لا قاع لها
    فمرافقة خدوج لحفلة الرجال كان صمام الأمان فيها أنها استراحة عمي
    ما خفت لحظة
    أنا بنت القادر
    إن اختلطت الأمور عرفت بنفسي لأيمن
    سيغضب من تهوري ولن يعذر تطفلي
    لكن لا أحد سيؤذيني
    و قد يطلب مني برجاء التكتم عن كل ما شهدت
    ما خطر ببالي أنه من الرجال
    وأنا من النساء !
    أقترب مني إلى حيث لم يصل أبدا من قبل
    فأحسست بأنفاسه اللاهثة على وجهي رغم البرقع السميك
    وواجهت نظرة حارقة من عينيه الدامعة من بكاء قريب بصمت يمنعني من الصراخ أن يعرف من أكون أما هو همس بأذني :
    خفتي
    لك حق
    لمن أنا
    أنا
    أتمنى أصير كلب
    عشان بدوية بعيون زرق
    شي يخوف
    كدت أن اسقط على الأرض مرة أخرى
    من حيوانية مختلفة
    أعادني لعالم اليقظة صوت سعد وهو ينادي من بعيد بعنف :
    مشينا
    الجماعة خلصو من العشا
    ابتعد أيمن بصمت ممسكا بطوق ريكسي باتجاه الشاليه الرئيسي
    ليقول سعد معاتبا :
    وين أختفيتي
    تحسبين انك ببيت اهلك
    زين تسذا
    بغيتي تروحين فيها !
    في طريق العودة كنت شبه منهارة
    ما سر بكاءه على موسيقى اللوف ستوري التي تنبعث من صندوق أخته المقبور في درج صغير بالقرب من سريره
    في لحظات أيقنت من نظراته انه عرفني واختار التجاهل
    ولكن ذلك المشهد المثير
    ما كنت فيه ميثى
    وما كان أيمن
    بل أحرار من هوياتنا الحقيقية وقرابتنا المتشابكة
    أردت أن أحطم مثاليته
    وأعري حفلته الخاصة من ستر الخفاء
    إذا بي أضيع بين متاهات
    فما شهدت فسق ولا جزمت بطهر
    أعطتني خدوج ثمن تلك الليلة عند باب بيتنا دون أن تعاقبني على ارتباكي لتغريني بمرافقتها مرة أخرى
    في غرفتي أبقيت ملابس أمي بخزانتي
    شاهدا على ليلة تجاوزت فيها الحدود ودخلت عالم اللا مسموح
    عدت فيها خائبة
    إلا من ألفين ريال
    وغموض
    شربت قهوة الثالثة مع لوح الشوكلاته
    كان مرا رغم حشوة الكراميل الكثيفه
    سرقت حلاوته
    كلمات غزل وحشيه
    لماذا استعذب أن أتذكر
    ما حدث
    كأني اكتشفت لذة جديدة
    خطيرة
    اخطر من الشوكلاته !
    لا ينقص فوضوية الليلة إلا الساري
    تذكرته
    والوعيد الهزيل
    كم هو سخيف
    مضى أسبوع دون رد أو ندم
    اتصلت بالنت
    منتدى الرحالة
    أخبار الأعضاء يتقدم بأصدق الدعوات بالشفاء العاجل للعضو المميز الساري
    قرأت كل ردود الأعضاء بحثت بين السطور
    مكاني المفضل للقراءة و الكتابة عن أي تفاصيل
    و لم أجد
    هل كان يهدد بإيذاء نفسه
    وأنا ظلمته
    ما قصد إلا أن يستعطفني
    كان رقيقا وليس مستبد
    وجدت في ردود احد أصدقائه أن الساري يرسل تحياته من مستشفى الملك فيصل التخصصي لكل الأعضاء
    ويهدي الجميع امتنانا أبيات رقيقة مطلعها :
    طرقت بابك يا عزرايل لا تردني
    مطرود من الغالي تكفى افزع لي
    يراني صفر على الشمال ويحقرني
    عطه روحي وقل عن القصور يعذرني
    ما هذا !
    كيف يحمل علاقة عابرة كل هذه المشاعر الرومانسية
    و يثقل كلماتي الطائشة بعمق المعاني
    هو
    بمكانته وتجاربه وثرائه ورفاقه و كل المعجبات
    يجدني غالي ويستنجد بملك الموت مني
    ما كان بيننا إلا بيع قصيده ورسائل بريد الكتروني عنيفة
    ما هذا
    مراهقة أم جنون
    أعدت قراءة رسالته الأخيرة
    سلمى تأخر ردك
    اذا ما جاوبتيني
    قسما تندمين
    صدقت
    بدأت أندم
    أيعقل أن اضر إنسان !
    نمت مرهقة أمام شاشة الكمبيوتر وكأنها مرآة سحرية قد تصلني به بعد أن تأخرت عليه كثيرا
    أيقظني يوسف بعد صلاة الجمعة لتصطدم عيني بساعته الجديدة بماركتها الفخمة وهو يقول :
    فاتحة الكمبيوتر ونايمة
    ردي جوالي
    يا جبانة
    صرخت وان اقفز من فوق السرير :
    مسألة مبدأ مهب خوف
    وش ذا
    الباشا حتة وحدة
    يا ولد الأمام
    من أين لك هذا
    ضحك وقال :
    الحين عرفت انك تعافيتي من أزمة عبد الله
    اللقافه تنبض بعروقك من جديد
    حقا من أين ليوسف كل هذه الأموال فجأة
    ذكرني بعقدتي
    الساعة الماركة
    عنوان كل بنت بالجامعة
    ومعيار الطبقية
    ساعتي التي أتمنى
    ثمنها أربع قصائد للساري وثلاث حفلات مع خدوج وصورتان للمغضوب عليهن من دكتورات الجامعة !
    قال وهو يستعرض بها متعمدا إغاظتي :
    جتني
    عطية ما ورآها جزية
    أعاد حديث الهبات والعطايا أبيات الساري لمسمعي بعد أن غيبها سلطان النوم لساعات معدودة
    ليثقلني الشعور بالذنب من جديد
    قلت ليوسف :
    أتهرب مثل ما تبي
    مصيري اعرف كل شيء
    المعرفة هدف نطارده ونجهل كم يسوؤنا أن ندركه
    سألت يوسف سفيري لعالم الرجال الذي قد أتخيله ويستحيل أن أفهمه :
    يوسف
    إلا ممكن رجال يؤذي نفسه عشان واحده
    قال يوسف محاولا أن يقلد الشيوخ ببرامج الإفتاء بصوت تخنقه غنة ثقيلة:
    تسألنا الأخت الكريمة عن إيذاء الرجال أنفسهم من اجل الحريم
    التي ما كثر الله بأرضه مثلهن
    فالعشرة بريال
    نرى والله اعلم أن هذا حديث في الغيبيات والإسرائيليات
    ومن كان يخاف على نفسه من الفتنة فعليه بالصيام
    سد للذرائع ودرء للفتن
    قلت له وأنا ارميه بمخدتي الناعمة على وجهه:
    جزاك الله خير ياشيخ
    وش ذا الفتوى
    التقط قذيفتي ليعيدها لي بتصويب أدق وهو يقول :
    إلا سؤالك اللي ما ادري وش يبي
    قلت له وان أعطيه جواله نذير الشؤم :
    أحسن لا تدري

    قال الساري عني
    سيدة الإلغاز
    ولن أكذبه بعد اليوم
    حتى ميساء لم تفهم سر انقطاع حديثنا عند مرورنا الصباحي في الغد من أمام بوابة المستشفى التخصصي بطريقنا للجامعة فسألت :
    ليش سكتي حبوو
    قلت وأنا عاجزة عن إيجاد كذبة :
    ابد
    المستشفى ذكرني بشيء
    ضحكت لتقول :
    أكيد أيام مرض جدي
    فاكرة لما كنا كل يوم نجتمع بجناحه أنا وأنتي وبنات خالتي وأخوالي
    ونتفرج على الزوار وأحلى تعليقات
    واو سو فن
    ابتسمت
    لو تسمعها والدتها وهي تصف الأيام الأخيرة بحياة أبيها بقمة المتعة
    ماذا تفعل
    كان المرحوم والد الجوهرة زوجة عمي من أعيان الرياض ارتبط بعلاقات من النسب والصداقة برجال الدولة و الأمراء .
    كان تصريح دخول عمي عثمان للوزارة
    هكذا يقول عمي عبد الرحمن بكل مناسبة بحسد استوطن قلبه لم تفزعه خطبه الواهية عن المحبة والوئام وتوزيع الأرزاق من الله المنان
    أظن الساري بالمينى المخصص لكبار الشخصيات
    قد يكون بذات الجناح
    عندما تختلط يوزرات العالم النتي بحياتنا اليومية يصير الكون اصغر
    والواقع أضيق
    سكان النت يجب أن يبقوا فيه
    أما إذا فتحت البوابات وتداخل العالمان
    وقعت الكوارث
    أنا السبب
    فتحت البوابة وتركتها باستهتار مشرعة دون إغلاق
    بعد المحاضرة الأولى وجدت فطومه تقبلني وتضمني بحرارة وتقول :
    الحمد الله على السلامة
    ما بغيتي تروحين ملح
    بغضب قلت :
    صدق أن سعد بيق ماوث
    قالت بدفاع مستميت عنه :
    لا فمه ائد السمسمه
    طبعا بيق ماوث خلقة ربي
    إلا وش صار
    ترا هو مستحي يسألك
    بس قال اتطمن عليك
    كانت أحداث الاستراحة قد غيبتها مفاجأة الساري
    فقلت لفطومه :
    طمنيه
    كل اللي صار
    إني حبيت أتفرج على الاستراحة انهبل كلب راعيها وهجم علي
    وسمع صوته وجاء يبعده عني
    بس
    خلاص خلونا ننسى موضوع الحفلة
    لم أكن جادة برغبتي بالنسيان
    فقد رحبت بدعوة ميساء للقصر
    لأرى أيمن بعد ذلك الحلم الحقيقي
    فعند وصولنا قالت بإصرار :
    الله يخليكي حبوو
    انزلي عندي
    ساعديني اختار موديل فستان الفرح
    من أمس والمكالمات من المصمم بلبنان
    يسأل شو اخترتي
    وأنا محتارة
    ايش رأيك نشوف الفيديو تيب ونختار سوا
    كل هذه الأحداث ونزيف حب عبد الله متدفقا
    متى أشفى
    كم كنت ممتنة لطرحتي التي اخفت تعابير مجروحة
    أن اختار فستان فرح عروس حبيبي
    صعب!
    لكن شريط الفيديو لم يدور إلا الساعة الخامسة عصرا
    فالغداء طال والجوهرة زوجة عمي بأفضل مزاج تتحدث عن جمال حفلة الخطوبة
    ومخططات الفرح الذي تريده ليلة من ألف ليلة كما وصفته
    وبمعرفتي بها هكذا سيكون
    ما كانت الجوهرة مثلي
    تنثر أمانيها ليلتقطها الآخرين
    كالتقاط ميساء لسماعة التلفون الداخلي بعد تحلقنا حول التلفزيون الضخم بغرفة فهد لنشاهد بداية عرض الأزياء لترد بفرحة :
    شوي وأنا نازلة
    وتعتذر بكلمات اختلطت بارتباك :
    سوري حبوو
    جاء عبد الله
    خلاص خليه بعدين
    لا أعرف ما قلبي هذا
    غمرته السعادة وأنا أرى ركض ميساء المعاق لغرفتها استعداد للقاء خطيبها
    واعتصره الحزن وهو يتحدى مرددا بغباء هذا عبد الله ااي
    هنا
    دخل فهد وهو يقول :
    احتلال بناتي
    شيبس ودايت كولا
    وش تشوفون
    عرض ازياء !
    قلت له وأنا أغلق جهاز الفيديو :
    كنا نختار فستان فرح ميساء
    وشاشة تلفزيونك أحلى ريزليوتشن
    بس عبدالله جاء ونزلت عنده
    خرج من غرفة المكتب الصغيرة ليعود بسرعة ويده خلف ظهره تحمل علبة الشوكلاته الضخمة متعمدا إظهار جزء منها
    ليسأل :
    ما كأنك ناسيه شيء
    أحب تلك الشوكلاته
    لا تباع هنا
    قلت بهدوء فقد كانت الشوكلاته هي اللذة :
    ماي فيفرت شوكلت
    قال متعجبا :
    المرة هاذي ما جبتي خبر
    ولا سألتني عنها
    تصدقين أنا شكيت انك اكتشفت شي أحلى واخطر من الشوكلاته
    أحسست
    وكان أصابع أيمن لا تزال مغروزة بكفي وأنفاسه ملتصقة على وجهي
    وما أدراك ![/frame]
    الفصل التاسع

    بـابـا بالألـوان

    جلس فهد على كنبته العتيقة وأنا تربعت على سجادة الغرفة السميكة أفتح علبة الشوكلاته بشغف مصطنع لأطهر نفسي من تهمة دخولي عالم الملذات الخطيرة
    قدمت لفهد العلبة أولا
    قال وهو يتصفح الجريدة :
    اختاري لي
    أنت الخبيرة
    بسرعة التقطت ألذها عندي بطعم القهوة وناولته إياها
    أخذت مثله
    وتذكرت تلك التي بطعم الفراولة
    وفكرت
    ما طعمهما معا !
    حشوت فمي باثنتين وأنا أقول له:
    احد يقرأ الجريدة العصر
    حركات مخبرين
    دبابيس

    ما علاقة الرجل بالجريدة
    ارتباط دائم
    إجابة خاطئة
    لا يدوم ارتباط الرجل إلا بالجريدة

    مفاجأة
    قرأت بالصفحة الأولى
    التي أراد فهد أن تصبح وجهه للحظات
    اختيار أعضاء مجلس الشورى الجدد
    اسم مميز
    بموسيقيته القوية
    الأستاذ الدكتور مجاهد الدون
    هنيئا لك يا مزنه
    ستكتبين جلسات مجلس الشورى ومحاضر اللجان
    لن يضيع جهدك بمقالات الدكتور الصحفية ومسودات مقابلاته الإعلامية
    بل المشاركة الفعالة
    يا من تتحدثون عن دور المرأة السياسي
    لا تقلقوا
    مزنه تمثلكم من وراء رجل
    يخلع فهد وجهه الورقي
    ليجدني أمامه بفمي المليء بالشوكلاته وعيون مشدوهة بعجائب الزمان
    فيضحك
    ويسأل منتقما من ملاحظتي الساخرة لاختبائه خلف جريده :
    هذاك أنت تقرئين معي
    واو
    كل هذا بفمك
    متى تكبرين
    قلت محاولة أن أتحدث بعمق لأسترد هيبة إضاعتها تجربة خلط نكهات الشوكلاته :
    أكيد
    لازم اكبر
    وش البديل
    اللي ما يكبر يموت
    قال بدهشة وهو يضع الجريدة بجواره :
    معقول
    تفكرين بالموت
    قلت بصدق متحدثة عن عنوان سكن أبي :
    كثير
    وأنت
    نظر للبعيد أو للقريب الذي تحجبني عني غشاوة الغيب ليقول :
    كنت
    الحين
    أفكر بالأشياء اللي لازم أسويها قبل الموت
    هذا الحديث بحاجة لثالثة بالبندق صرخ مازحا :
    ترا مهب لازم تخلصينها اليوم
    فتحت أصابعي الخمسة بوجه وأخفيت العلبة وراء ظهري وأنا أخاطبه بمصطلحات فكر احتضر من سنين :
    خمسه وخميسه
    قل أعوذ برب الفلق
    ترا عيب البرجوازي يعطي الطبقة العاملة شيء ويمن عليهم
    ضحك بصفاء وسألني :
    ميثى
    ممكن اعرف شعورك لي
    قلت بلامبالاة وأنا ابحث عن فريستي المحشوة بالبندق في ثنايا العلبة :
    شعور أي مواطن صالح
    لكنه اخذ العلبة من يدي وامسك بكتفي لأقف على ركبتي ويصبح وجهي هدفا لنظراته القوية ليعيد السؤال مرة أخرى :
    أنا بالنسبة لك وش أكون
    قلت وأنا ابحث عما يصف مكانته في وجداني :
    أقول لك
    وما تقول تفاول علي بالشر
    هز رأسه بصمت نافيا أن يكدره حديثي
    قلت وأنا انظر لنقوش السجادة خوفا من أرى اثر كلماتي :
    أحس انك بابا بالألوان
    تركني
    وألقى بنفسه على الكنبة متنهدا ليسأل :
    ما فهمت
    ممكن تترجمين لي
    فيه بيننا فجوة ثقافية
    اقصد ثقب اسود
    كثير من كلامك
    ما افهمه
    قلت باندفاع :
    لا تغتر علينا بثقافتك يا جيل ما بعد الشيبان
    جيل التبعية
    قوميه عربيه سبقتوهم
    شيوعيه طرتوا قبلهم
    قاعدة
    قعدتوا على نهضنا معهم
    رد على هجومي بقوله :
    حنا الريادة الفكرية الواعية
    انتم جيل الإرهاب
    ارتفعت نبرة المجادلة بيننا فقلت :
    جيل تربى على أيديكم
    ورثتوه خيبتكم
    اوس و أسامه أولاد عمي عبد الرحمن و أمثالهم
    مين مسكهم الدرب
    أخوهم مصعب صديقك
    كان قدوتهم
    قال بتأثر وصوت يصف بحسرة ما مضى :
    مصعب
    كان نابغة بالهندسة المدنية
    أحلام مختلفة
    كلها بناء
    كيف صارت دمار
    باقتراب حذر من حدود الخصام قلت بصوت متردد :
    لمن اللي مثلك يلطش كل مشاريع العمار
    ويتعين العبقري مهندس يوقع مخططات الأمانة بروتينية
    وش خليتوا له إلا الهدم
    لذاته واللي حوله
    راح يا فهد
    وترك أولاده أطفال ما يذكرونه
    أنا عندي لأبوي صورة
    بس هم
    كان يقول أن الصور حرام
    ما لهم إلا الخيال
    لمن تقول أمهم لأكبرهم عبد الرحمن أنت كنك أبوك
    يتلفتون
    مساكين يدورون أبوهم بالأشباه
    يبدو أن الحديث سار لطريق لا يقود لروما عاصمة حديث فهد فقال بضيق :
    خلاص
    أنا سبب الإرهاب
    روحي بلغي عني
    بمحاولة لتلطيف التوتر قلت :
    وأنت شوية
    بس
    مهب أنا اللي ابلغ
    أنت اللي ماسك الجريده وتشتغل مخبر
    وضع يده على رأسه بحركة لازمته مؤخرا وقال :
    وبعدين
    ما فهمتني حكايتي و الألوان
    قلت له متعجبة من عدم فهمه لقصدي الواضح :
    بابا عندي ابيض واسود
    صورة قديمه
    أنت صورة حية لحنانه
    يعني بالألوان
    دايما أنت جنبي بأصعب المواقف
    بخجل وصوت خافت أكملت :
    أخرتها خطبة ميساء
    قال بنكران الذات :
    لا
    أنت كنت متماسكة
    وتجاوزت الموضوع
    قلت بحياء :
    يعني
    تعرف إني أحب
    عبد الله
    سمعت كل شيء من صياحي بالغرفة
    بنفي مفاجئ اخرج علبة سجائره و قال :
    من سنين والكل يعرف
    تفاجأت وسألت :
    مين الكل
    بهدوء اخرج سيجارة وأشعلها ليقول :
    كلنا
    ميساء قالت لنا
    انك تحبين عبد الله
    وان أمي ما في داعي تخاف على أيمن منك
    وبكذا أطمنت لترددك علينا بعد ما كبرتي
    تتابعت الصدمات
    كم كنت بلهاء
    الكل يعلم بحبي كان حكاية صالونات القصر
    عاش فيها
    واحتقروه
    و تجاهلوه
    مثلي
    أسعدهم أن يشغلني حب وهمي لئلا أصطاد ابنهم
    أيمن
    إلا يثقون بي
    و بترفعه
    منقذا
    قلت بصوت مختلط بحشرجة البكاء :
    يعني
    تعرفون بحبي وتوافقون على خطوبته من ميساء
    وأمك
    تخاف مني أنا
    على أيمن
    قال بحكمة وبرقة عذبه :
    ميثى
    هو اللي جانا
    يعني ما يحبك
    هو باعك
    وميساء ظروفها خاصة
    وأمي طبقية
    تتوقعين ممكن يسعدها ارتباطك بأيمن
    أنا عندي لك مشروع
    يصفي كل ها الحسابات
    بضيق
    وأفكار متضاربة ورؤية مغيبه قلت :
    معليش فهد تأخرت
    والكلام اللي قلته
    لخبطني
    لازم أروح
    عندي الليلة حفلة صياح
    أكيد هذا ذنب الساري يطاردني
    المهووس الراقد بالمستشفى ضحية كلمات سممت وجاهته
    وجراءة تطاولت على شخصياته المزيفة
    لكن فهد امسك بيدي ليستبقيني في الغرفة
    و كانت اللحظة التي لا تنسى
    ركع على الأرض
    وصوت العصافير بحديقة القصر تغرد بجنون من يشهد لقاء الأصيل بنخيل الرياض
    و أشعة الشمس المتأخرة عن رحلة الغروب تذيب سواد عينيه عسلا ذهبيا
    كان يبتسم بغموض ويقول بمسرحية :
    يا مشروعي الاشتراكي الأخير
    ميثى
    إتزوجيني
    شاركيني اللعب بآخر أوراقي
    سحبت يدي بعنف
    وتمنيت أن استرجع بنفس القوة هذه اللحظة من الزمن
    ليعود كل شيء كما كان قبلها
    قلت بدهشة :
    فهد
    دورك تفهمني
    أي زواج
    أقولك
    أنت بمكانة بابا
    قال وهو ينهض مغلقا الشباك والستائر ويطرد فلول النور الغازية من الحديقة :
    ميثى أنا جاد
    زواجنا
    أول تجاربك بادارة الاعمال اللي درستيها بالكتب بس
    عملية بيع
    بمكاسب وخسائر
    راح تكونين
    زوجة فهد عثمان القادر
    وانا زي ما قلتي
    منيب شوي
    قلت وأنا انظر لعلبة سجائره التي رماها على الطاولة
    احتاج لواحدة :
    لا أنت أكثر من اللازم
    لم يسمعني
    كان يخاطب أشباح يراها في الغرفة وحده فاكمل :
    بكذا
    أسرع من حراك المجتمع
    و اقلب الهرم
    وأعلن فشل أمي باحتكارها لإرادة اولادها الحره
    يسيطر على فهد الصراع مع أمه
    رغم محبتها له
    فقد كان وحيدها سنين طالت قبل أن ترزق بأيمن وميساء
    يرى فهد فيها كل ما يرفضه
    أن يكون زواجنا انتصار اشتراكيته الخاسرة عليها
    غباء
    أنها الجوهرة
    قلت بضيق :
    أمك تحبك بشكل جنوني
    إن كانت تعتبرني خطر على أيمن
    فانا لك
    الموت نفسه
    وبعدين
    أنت عندي اغلي من زوج
    أنت
    أكمل مقاطعا :
    اعرف قلتي لي
    بابا نويل
    أكيد
    راح أحقق لك كل أماني العيد
    ميثى
    بزواجي منك أعطيك الكثير
    كل الحرية
    إلا جسدك
    ملكي
    طول ما أنتي على ذمتي
    ما تسلمينه لأحد
    ابد
    يبدو أن فهد إصابته لوثة
    أيشرح لي طبيعة العلاقة الزوجية
    أن يظن الناس بك البراءة جميل
    أما أن يصمونك بالسذاجة فشيء بغيض
    وهل هناك زواج لا يتملك فيه الرجل الجسد
    أفكر
    كم هي مغرية علبة السجائر بغطائها المفتوح
    قال فهد ما أنقذني من الاستسلام لمناداتها لي :
    حتى لي أنا
    فكرت ماذا يقول
    نظر إلي ورفع أصبعه بوجهي ليزيد من حيرتي و يقول :
    أنا ما احتاج له
    لكن لا يمكن أن اسمح لأحد يعبث بأملاكي
    ميثى
    جدت أمور خلتني أفكر بزواجنا وأتخلص من هاجس الخيانة
    اللي منعني من الزواج طول عمري
    ايش رأيك بمشروعي الصغير
    قلت له فرحة بتوقف حديثه الغريب السطحي وأنا أشير لعلبة سجائره :
    أفكر
    بس ممكن وحدة
    باسترخاء من أزال عبء عن عاتقه أعطاني علبة سجائره و قال :
    طبعا
    نزلت من الدرج الطويل بسرعة الهارب
    بيدي سيجارة
    عربون الصفقة
    أين حقيبتي
    وضعتها عند مدخل النساء
    ما هذا
    عرض زواج خال من التزاوج
    وأنا من كانت لعبتها اختيار أسماء أولادها من عبد الله
    ويفتنني سحر غرفة النوم
    هل فهد كما يقولون
    يريد مني غطاء شرعي لشذوذه
    لا أدري
    فكري شارد
    فكل إضاءة الثريات الكريستالية بصالون النساء
    لم تنبهني لوجود ميساء وعبد الله
    لكن ضحكاتهم فعلت
    لتقف خطواتي بالقرب من عامود الرخام الوردي الحارس للمدخل الكبير
    رجعت لأطلب من الشغالة جوزي إحضار حقيبتي
    ولكن صوت عبد الله استوقفني
    وذكرني بدروسه مع أخي عبد العزيز ببيتنا الغرفة بالسويدي
    هكذا كانا يدرسان بنفس نبرة الحماس
    يشرح شيئا كاذبا قاسيا بقوله :
    ميساء لازم تبعدين عن ميثى
    أنت متعودة عليها
    وقلبك طيب
    ما شفت نظراتها لي بالخطوبة
    وقحة
    بعدين لازم تعرفين
    استغفر الله
    بس لازم تعرفين
    هي من أصل واطي
    قالت ميساء بتعجب :
    عبد الله هذي بنت عمنا
    ايش قصدك
    قال بإصرار :
    أمها واحدة منحطة
    ما تتخيلين وش سوت بأمي وخالتي عند أبوي
    كانت تبي تلف عليه
    لولا الخوف من الله ثم من الناس كان طردناهم من زمان من عمايلها
    بس قلنا تصير بنا ولا تطلع فضايحنا برا
    حتى بنتها منيره
    زوجها أبوي الشيخ أبو ناصر لأنها كانت
    صايعه
    منحلة
    قال استر عليه وافتك
    تعرفين أنها متزوجة واحد عنده ثلاث زوجات
    لا تقولين ما حذرتك
    قالت ميساء بصوت خائف :
    ايوه صح
    أنا مستغربة ليش منيرة تتزوج من واحد زي كذا
    الحين فهمت

    أيها الخسيس
    تتطاول على شرف أمي
    من نذرت نفسها لأولادها واقتسمت معهم العوز والمهانة
    تتهمها بابيك المزواج
    ومنيرة تلك المخدوعة بحديث أبيك عن طوع الرجال
    رضيت بربع زوج
    وما سلمت منك
    ما ظننت أن حبي لأمي ولمنيرة هو الدواء الباري من مرض عبد الله
    أحسست بإغماء
    سحبت نفسي بصعوبة لآخر الممر الواسع
    حيث ظل أيمن
    أكيد يعتقد أني استرق السمع
    رمقني بأحد النظرات التي اعتدت
    وقفت أمامه
    ونظرت له بالمقابل
    لن تفزعني بعد اليوم
    أنت من كانوا يخافون عليك مني
    هذا يعني أنني أقوى منك
    ركضت للمطبخ الرئيسي
    كان عم عزيز يستعد لتحضير طعام العشاء
    وضعت سيجارتي بفمي
    أرخيت وجهي على اللهب المتطاير من الفرن
    أشعلتها
    صرخ بلهجته المصرية بخوف :
    حاسبي يا ميسا
    نظرت له وقلت :
    ياليت
    أنا ميثى
    وخرجت مع باب المطبخ إلى حديقة القصر
    غابت الشمس خلعت حذائي لاجئة لحديقة الأعشاب العطرية الخلفية
    حيث يزرع عم عزيز الروز ماري والنعناع مكونات أطباقه السرية
    أدخن سيجارتي
    ينظر عم عزيز من الشباك وتدمع عينه من بكاء بنت نجدية
    تنفث دخان السيجارة هي هنا الخطيئة
    وتبكي حافية تبحث عن أحساس من الطين بعد أن كفرت بقلوب
    البشر
    تلعن الظلام
    وتردد كتسبيحه
    سأتزوج
    لن تبعدني يا عبد الله
    سأنتقم منك
    سأبقى هنا مثلك
    حلمي المستحيل أن يحضر أبي زواجي
    سيزفني
    لكنه سيكون عريسا بالألوان
    الفصل العاشر

    بريـق البـشـوت

    رميت عقب السيجارة
    انتهت
    وبقي الغضب مشتعلا
    انبعثت تلك الموسيقى العنيفة من لا مكان
    اسمع ما أحب من باليه بحيرة البجع
    عقدت بلوزتي بقوة حول خصري
    وأطلقت سراح شعري من الربطة السميكة
    ورقصت حافية القدمين ذلك المشهد الذي حفظت خطواته من خلف زجاج فصل الباليه
    كان تدريب الحفل الختامي المتكرر
    لماذا نحفظ فقرات الحفلات أكثر من المشاركات فيه
    هل نعيش على أمل أن نتبادل أدوار البطولة
    وتأتي الحفلة
    ويصفق الجمهور لهم
    ونحن ننظر من خلف الستار
    عرفت إن الموسيقي التصويرية بمشاهد الأفلام ليست خدعة إخراج
    هناك عازف خفي يرسل الألحان في هذا الكون
    ألا تستيقظ أحيانا تترنم بنغم يسكنك
    يجبرك على مرافقته بالغناء
    يستحوذ على حواسك
    وبعد أن ينهي دوره بحياتك
    عندها يغيب
    رقصت بتوحد المذنب مع الخلاص
    سبحت بفضاء تعطره عبق أزهار ما عرفت عطش الصحراء ونثرت حبات مسرحي بخطواتي القوية
    تراب نحن منه واليه

    لماذا يرقص الطير المذبوح
    من الألم
    إجابة خاطئة
    يذبح الطير الألم بالرقص

    قادر هو الرقص على استدعاء القرار
    ميثى زوجة لفهد
    بشروط غريبة
    هذا هو ما سيكون

    لمحت خيال خلف شجرة التين العقيمة الضخمة
    تقدم مني
    أعدت شعري لقيده وبلوزتي لتهدلها
    كان أيمن
    قال بصوت مرتعش من الغضب :
    ميثى






    رد مع اقتباس  

  3. #13  
    ميثى
    أطلبك
    كفاية اطلعي برا حياتنا
    تلاعبت بنا سنين
    ما مليتي
    انحنيت على الأرض و أخذت ابحث عن عقب السيجارة وبقايا النار
    لتذيب جليد سكن أطرافي
    فمسك يدي ونفضها ليسقط منها ما وجدت
    و بعقب حذائه السويسري رماها بعيد عن قدمي العاري
    ليقول كلام من خيال :
    ميثى
    سممتي ايامي
    من كنا صغار
    ما تبدأ الأوقات ألا بجيتك عندنا
    كبرت
    وأنت
    كرتون الأطفال والبلاي ستيشن و تشجيع المنتخب
    كل متعتي كانت حركاتك على موسيقى صندوق ميساء
    تذكرين
    كنت تتغافلين الكل وتفتحينه وترقصين
    مثل تو
    أظنك ساحرة
    أكيد
    وهذي طقوسك
    تجيبني من غرفتي
    ألبي وعدي معك وأقول لنفسي
    الحق الحين ما تشوفك
    وان كنت قدامها
    تراها تروح بعيد
    فرصتك
    وجاء يوم اشتكى المدرس إني ارمي الكتاب واتنصت على لعب البنات
    كسرت أمي الصندوق
    تظن انه فكت السحر
    لكني
    أخذته عندي
    وإذا اشتقت
    جاب طيفك
    وتفرجت

    تناقض ما سمعت
    بوح عاشق
    بنغمة حاقد

    بوح
    من أيمن البشري بالخطوبة
    والغامض بالاستراحة
    الحر من أمه
    و الملحد بعقيدة معاييرها الاجتماعية

    بنغمة
    أيمن القادر
    أتضح ما وراء الأكمة بقوله
    وهو يهز كتفي بقوة أعجزت ربطة شعري الواهنة عن ا لتماسك :
    اعرف آني استحق أفضل منك
    وأنت اقل من مقامي
    وانك أنتي ما فيكي زود
    عشان كذا
    هربت لأمريكا منك
    وصلتي قبلي
    وصارت السعودية كلها البنت اللي تركت وهي معي
    احبك
    كثر كرهي لك
    ما ذا تقول
    أيها السلطوي المترفع
    بهذا فكرت
    وسمع بروحانية وقال :
    وطبعا فشلت
    و ضاعت أيامي
    وما بعدت
    و يوم عرفت انك حبيتي عبد الله
    شمت بعضي مني
    وفرح أني منك تحررت
    لكن عبد الله المتسلق مثلك
    رجعك على
    يوم تركك
    و خطب ميساء
    هنا اختنقت بالبكاء
    كيف أتحمل كل هذه القسوة
    الشخص الصامت إذا تحدث
    يبيع كل ذهب السكوت بفضة الكلام
    أكمل بحدة :
    بغباء فرحت
    قلت أحاول اقنع أمي
    لمن أتزوجها ترتقي
    ويرتفع مستواها
    وينسون الناس من هي أمها
    يمكن
    هنا صرخ بصوت جعل عم عزيز ينظر من الشباك مفزوعا وقال :
    لكن أنتي ما تضيعين وقتك ابد
    بيومها
    بيومها
    نزلتي للحفلة مع فهد
    ما ادري وش سويتي له
    ولا كيف سيطرتي عليه
    وصار اللي عمره ما فكر بالزواج
    يبي ميثى
    اعرف خطتك الخبيثة
    بكذا تدمرين حياة ميساء
    وتسترجعين عبد الله
    والله اعلم وش ناوية بفهد
    هنا اكتفى
    رفع يديه عن كتفي
    وتوقف عن أرجحتي
    فسقطت على الأرض
    ما هذا الخليط
    أ اعتراف بحب
    أم محاكمة مجرم
    أو تهديد جبار
    كنت جاثية على الأرض
    فاقدة القدرة على النطق
    ابكي
    يدي حملت طين الأرض
    رميته به
    كان واقف منتشيا
    أطول من أي وقت
    وابغض من كل اللحظات
    أحسست أن لغتي الجديدة بعيدة عن حواسه
    فأخذت بيدي مفردات رطبة لزجة من تحت الشجيرات المرتوية
    وأوصلتها إلى ثيابه
    ورميتها على صدره المليء بالزهو
    كطفل لا يتحدث إلا بالفعل القاصر
    قلت بعد أن انتقم سواد الطين من فخامة ثيابه :
    حرام عليك
    أنا غير كذا
    حرام عليك
    نفض ثوبه وقال بسخرية :
    فعلا
    أنتي غير
    بس مين يصدق
    وشلون اثبت لفهد انك طقاقه وراء برقع
    قالت ميساء انك تصاحبين أشكال غريبة
    وشفت بعيني
    حتى لمن تكون الحفلة باستراحة عمك ما تبين تفوتينها
    لا تكونين صدقتي إني انخدعت بالعدسات الزرق
    حتى يوم مسكتك وتغزلت فيك ما قلتي حتى أااي
    يا واطية
    هنا تسمرت
    حتى البكاء توقف
    ما كان أحلى من سكر الشوكلاتة صار أمر من العلقم
    كان يختبرني ليعيب علي تصرفي الأهوج كل العمر
    قال بشدة وهو يشير لبوابات القصر :
    أنا ما أبي اخسر اخوي بكلام ما يصدقه عقل
    لكن لا يمكن اسمح لك تلوثين سمعتنا
    مثل ما سويتي بثوبي
    بره
    اطلعي بره
    كفاية
    اعتقينا منك
    دخلت المطبخ
    وركض عم عزيز بكوب من الماء البارد وهو يقول :
    خدي اشربي
    صلى على النبي
    ما تزعليش
    دانتي زي أختهم
    ابتسمت بسخرية وأنا أقول :
    لا
    أنا ما كنت أخته
    وهذا اللي معذبه
    عم عزيز
    كلم رشيد يوصلني

    في بيتنا بحثت عن أمي وقليل ما افعل
    ما وجدتها
    كلمت منيرة اسألها عنها قالت :
    احد يجي من الجامعة مع أذان العشا
    ما يخالف حجتك لنا بروحتك وجيتك مع ميساء انتهت
    بكرة بنت عمي تعرس ونعرف نصك عليك زين
    كثر المنتقمون من ميثى
    سألت باحتياج :
    إلا وين امي
    قالت :
    عندي
    أبو ناصر عازم رجال والدور على بالطبخ وهي تساعدني
    صيتة الصاقود
    أنا مين يساعدني ؟
    يا من شاركتي مناوبات العمل مع نساء الرجال المعددين
    يقسمون كل شيء بعدل
    ونصيبك محفوظ من عمي عبد الرحمن إلى أبو ناصر
    بشمولية ومساواة
    ولي الأمر
    نمت على فراش أمي
    أو أغمى علي
    وأنا استنشق نصيبي منها
    رائحة الحنا بمخدتها وفراشها الأرضي
    فهي ترفض السرير
    لتكون اقرب من أبي
    أيقظني الجوال
    نغمة غبية هي الأطلال
    يجي لك يوم تندم على ما سويت
    ستكون نغمتي الجديدة
    كانت ميساء قالت بسرعة ساعي بريد :
    حبوو ايش فيه صوتك
    غريب
    رحتي ما شفتك بس أو كي
    بغيت أقولك أنى ما اقدر أشوفك الأيام الجايه
    يعني أنا مشغولة بالتجهيز
    ويمكن ما اقدر احضر الكم أسبوع الباقية
    تخيلي بكرة عندي موعد مع السبا عشان بروقرام الزواج
    حتى رشيد نحتاجه مرة
    بس
    بكرة الصباح ممكن أرسله لحد ماترتيبي أمورك
    إنها تتهرب من مرافقتي بعد تحذيرات عبد الله
    قلت بصوت بطيء كأنه يتعلم الكلام :
    حياتي
    ما بقي شيء مهم في الجامعة تقريبا خلصنا
    وأنا راح أشوف لي سواق
    ولا يهمك
    تيك كير

    ماذا افعل
    مواعيد عمل أخي عبد العزيز لا تتناسب مع جدولي
    من أين لي بسائق في أخر الفصل الدراسي
    كلمت فاطمة وردت على تحيتي بقولها :
    الناس يسون نيو لوك بأشكالهم مهب أصواتهم
    وش فيتس
    داعسك أتوبيس
    قلت لها بضيق :
    تقريبا
    بس تكفين شوفي لي سعد إن كان يقدر يوديني ويجبني للجامعة باللي يبي
    قالت بحماس :
    افا يا ذا العلم
    اجل شاتوس من اللكزس
    خلاص اسأله مع انه يدهر على طريق المطار يقول ارزق من مشاوير ا لمدارس
    أذاوه العالم
    تأخرت بكرت
    كررت طلبي لأنهي ثرثرة اعجز عن مسايرتها :
    أنتي اسأليه وردي لي
    غدا أخر يوم لي بالكزس
    سحبت مني امتيازات الشريدة
    يا عبد الله !
    وأيمن
    ماذا ينوي
    هل يحرق الساحرة حية !
    بقيت مهمة وحيدة
    وأخيرة
    للكزس الوزير
    ذهبت لغرفتي وأنا اسمع صوت عودة أمي المتأخر
    فتحت اللاب توب
    ملف عشق
    كل القصائد هنا
    من شاعرة
    ما سمعت طعن عبد الله بشرف أمها وأختها
    وما حاكمها أيمن على ضعفه أمامها
    نقلت الملف الى سي دي جديد
    ونمت
    كالأطفال
    الم العب بالطين
    في الصباح قلت لرشيد بلهجة تلغي أي تسأل :
    رشيد
    أبي أمر التخصصي قبل الجامعة
    كانت اللكزس جواز المرور من حراس البوابة الأولى
    وفي الثانية أوقفوا السيارة وسأل رجل الأمن :
    مين تبون
    فتحت الشباك ونظرت له من خلف زجاج نظارتي الشمسية الزرقاء
    الشيخ عثمان القادر
    بلا تردد فتح البوابة ليقول :
    تفضلوا
    دخلت من بوابة مركز الأبحاث البعيدة عن تعقيدات بوابات الزوار
    وبدهاليز المستشفى التي كانت أحجيتنا أيام زيارات جد ميساء وصلت إلى حيث أتوقع وجود الساري
    اعرف سر هذه الأماكن
    الثقة
    والعباءة
    سألت الممرضة بانجليزية قوية عن اسم الساري الذي أخاف أن اكتبه هنا
    بأي جناح
    أشارت للطريق الذي سلكت
    كان هناك من يرافقه في الصالون الداخلي الصغير
    يشاهد التلفزيون من غير صوت بعيون نصف مفتوحة
    لن ادخل
    تراجعت
    انتظرت بالممر أفكر كيف استدرجه للخارج
    دون جهد مني
    خرج وجواله معه
    ليرد على مكالمة بلا نغمة
    أعجبني ما يفعل
    سأجعل جوالي أبكما
    فانا رفيقتك بالسخرة العصرية
    أنا مثلك
    يا الخوي
    اقتات على الفتات
    ما قلت لأيمن إلا حروف
    ما سمعها
    عشت الاضطهاد أسلوب حياة
    فكيف أهب الحرية لجوالي ليرن بنغمات قد تزعج الأسياد
    عندما ابتعد
    دخلت للجناح
    طرقت باب الغرفة
    لم انتظر رد
    راني الساري
    وكان مستلقي على سريره ولحية قصيرة تحاول أن تعبث بوسامته
    مرهقا
    مختلفا عن طاولة الفيصليه
    أكثر ود
    قلت له :
    أنا سلمى
    جيت أزورك
    بدهشة مرر يده عبر خصلات شعره الطويلة
    وقال :
    عرفتك
    نفس الصوت اللي تخيلت
    أدرت عيني بالغرفة المليئة بباقات الزهور
    كم كانت حميمة بغياب الضوء إلا لمعان قصب البشوت المعلقة بخزانة مفتوح بابها بإهمال
    قلت مرتهبة من الألفة :
    ممكن افتح الستائر للشمس
    ضحك وقال :
    نور الغرفة مكفيني
    قلت وأنا افتح ستائر نوافذ المستشفى التخصصي الكبيرة بامتداد الحائط :
    أنت عايش بظلام
    وأشرت على الخزانة المفتوحة وأكملت :
    إلا من انعكاس شمسنا على تن*** المعلق بالدولاب
    أصابني الغرور وأنا أرى بهجته وهو يتعجب :
    حلوة التورية بكلامك
    انا ما تعودت على الذكاء ويا الجمال
    عاد المرافق وكان معه صوت آخر
    مألوف
    بل أخوي
    انه يوسف
    اقتربا من باب الغرفة
    قلت بفزع :
    ممكن
    اتخبى بالدولاب
    قال برسوخ من لا يعاقب :
    زي ما تحبين

    دخلت مرتبكة
    وأغلقت الباب
    كتمت أنفاسي وأنا اسمع يوسف يقول :
    مساك الله بالخير يا طويل العمر
    هنا تمنيت أنا أكون خارجا في نور الشمس
    ولا احترق بالداخل ببريق البشوت ![/
    الفصل الحادي عشر
    الأظـــرف الزرقـــــــاء
    للذكريات رائحة
    إذا عبر الساري ببالي شممت عطره الفواح الرجولي المميز
    رفيق سجني لدقائق بين ملابسه
    رأيت من خلال انفراجة صغيرة بين باب الخزانة والجدار
    الساري يصافح يوسف ببرود
    إذا علاقتهما ليست بصداقة
    هل جاء يوسف لإجراء مقابلة صحفية تطبيق لأحد مواد التخرج في كلية الإعلام
    وأنا في حيرتي
    سلمه يوسف علبة خشبية صغيرة فتحها الساري ليتأكد من محتواها ثم أغلقها بسرعة
    وقال :
    ناصر
    حاسبه
    وقال يوسف بامتنان :
    جوالاتي عند ناصر
    أي ساعة
    أنا بالخدمة يا طويل العمر
    لم يرد عليه
    ليس من تعالي بقدر ما هو من ضيق
    رأيت يوسف مكروها لأول مرة بحياتي
    يوسف الحبوب
    كان في عين الساري مرتزق من الألم
    ما رأيت
    استلام وتسليم
    يقين مبهر أحاول الفرار منه
    أريد أن أعطل عقلي عن استنتاج طبيعة حياة يوسف المزدوجة
    وأن فهمت
    ما الهدف من البحث عن الحقيقة
    العثور عليها
    إجابة خاطئة
    عدم التعثر بها
    قال الساري وهو ينهض من سريره و بيجامته الحريرية الزرقاء تنساب على جسمه الرشيق :
    سيدة الالغاز
    تقتحمين ثكنة التخصصي العسكرية
    وتهربين بالخزانة من اثنين هم بأمري
    ألتقط روبه السميك من جواري
    ولبسه وذهب ليجلس بالقرب من الشباك في مقعد بمساند جانبيه مرتفعه
    أجبته وأنا متعلقة بقشة تنقذني من الغرق ببحر واقع يوسف :
    قلت يمكن صحفيين
    بعدين يكتبون شيء يزعجك
    قال بسخرية :
    وأنت مصدقة إن الصحافة هنا سلطة رابعة
    هم ما يكتبون إلا ما نملي عليه
    هذا
    هذا مجرد ديلير
    قلت بصدمة :
    كيف
    ديلير
    قال وكأنه يحدث نفسه :
    سلمى
    أنت ضميري
    كتبت لك إن المنتدى حراج قصيد
    و اشتكيت إني أطارد الشعر بالتعاطي
    لك أنت
    بس
    ليش
    ما ادري
    أنت معي الحين
    كأني مع شي
    ماله كيان
    بلا جسد
    جميله بس ما أشتهيك
    أنتي تروين ظمأ مختلف عندي
    رغم كل الأنوثة اللي فيك
    أحس نفسي أني حر من فحولتي معك
    ما أصير ذاك الدون جوان
    لك
    لمبادئك يا صغيرة
    أتقرب
    كانسان
    أتبرأ من خطاياي
    لو تدرين
    احتقارك لي
    ما قدرت أتحمله
    قلت بتأثر أنساني حقيقة يوسف
    فالساري يجدني طهرا يريد أن يتقرب منه ليخلق من جديد
    و يراني معاير أخلاقية في زمن النفاق
    أي عبء هذا !
    بعتب قاسي أكمل :
    استهتري برسالتي
    وبمشاعري
    يا سلمى
    قلت وأنا أسابقه لا أريد مزيد من التعنيف يكفيني أيمن :
    عشان كذا أنا قررت أزورك
    أنا ضريتك
    بدون قصد
    ما توقعت إني لي عندك أي مكانه
    وان تعارفنا أكثر من حدث عابر
    وبلساني الحاد الذي يخون اللياقة قلت :
    وبعدين أنت ما تعرفني
    كلها رسائل بمنتدى
    وبيع قصيده
    قال متفهما وبما يشبه الاعتذار من نفسه قبلي :
    أنا لو بكامل وعيي
    مستحيل
    أتأثر من مراسلة بالنت
    محاولتي للانتحار
    وأشار إلى العلبة التي أعطاه يوسف وتابع :
    تحت تأثير ذا
    كل ما تركته رجعت بشغف أكثر
    قلت لك بعجزي عن الكتابة كان هو الوحي
    أنا أمير
    خلاني عبد
    صدقت فتوى الشيخ يوسف ما كان رجلا يؤذي نفسه من اجل امرأة
    بدا بقضم أظافره لا شعوريا
    رأيته يشبهني بالأمس
    تعطلت معارف سنين حياته المكتسبة ليعود طفل
    فتحت حقيبتي وأعطيته السي دي وقلت :
    خذ
    هديتي
    كل القصايد اللي كتبت
    ما أبيها
    الحبيب الي كانت له
    ألهامي
    اكتشفت انه
    إدمان هوان و ذل
    مثل حالك مع وحيك
    بس أنا غيرك
    أنا أبي أتعافى منه
    أعلن نفسي نقية من بقايا هواه في دمي
    بعت قصيده وحده بندم
    والحين
    ارمي لك باقيه كله بفخر
    يمكن تلقى بالسي دي ما يبعدك عن الديلير اللي تو
    قال بصوت هادئ ومتعجب :
    أنتي ملاكي الحارس
    كيف عرفتي
    أنا مسافر بعد اسبوع
    لفلوريدا للمصحة السرية اللي هناك
    بأخذ شعرك معي
    يمكن يخليني أواصل العلاج ها المرة
    قلت بحماس :
    اكيد
    أكثر من ثلاثين قصيدة
    خلها دليلك
    بذور لشعرك
    تكبر برعايتك
    أكرمها بهدف تحققه
    ومهما تأخرت هناك
    راح تكون موجود على الساحة هنا
    يعنى ما في ضغط يخليك تترك البرنامج
    قام من مقعدة الوثير
    كاد أن يسقط من الوهن لكنه تماسك
    واخذ مني السي دي
    هل ابقي يده فوق كفي ثواني أطول
    أو أن التوقيت المحلى لجناحه مختلف عن توقيت الرياض
    لا ادري
    لكني معه هو
    يختلف كل شيء
    شعوره لي متبادل
    ليس برجل يهاب
    بل كائن نوراني
    وان لمسني
    كأني عرفته منذ سنين عتيقة
    لا تستوعب معرفتنا أعمارنا القصيرة
    بل كأننا من أيام الطوفان
    كيف اصطادت الشبكة العنكبوتيه أرواحنا الهائمة بالحياة الصاخبة وقادتنا لبعض
    هو الساري وأنا سلمى
    أسماء مستعارة
    قد يكون
    ولكننا اقرب لبعض من حبل الوريد
    قال بحرقة من يعرف أن النهاية تلف مشهدا لا يعرض في الحياة إلا مرة :
    ومتى أشوفك ثاني
    أراسلك على بريد المنتدى
    حادثته بصفاء :
    لا
    بعدك أنا اعتزلت النت
    لكن
    متأكدة جاي اللقا
    بمكان
    نكون فيه أنت وأنا
    بأسمائنا ارث الأهل
    ونحشر الساري وسلمي بين نظراتنا
    ومعرفتنا هذي تبي تصير قدام النا س جهل
    وان نادوني
    تهز راسك
    وتقول هي وإلا أنا اشك
    بس تبي تعرفني من وجهي المتخفي الحين وراء الغطاء
    وتعلن فشل الحجاب بطمس ملامح قادها لبعض القدر
    لا كلامي مهب تنجيم ولا دجل
    إحساس أنثى
    يا ويلك
    إذا صدق
    سأل بصوت هامس وكان بلورة المستقبل المخيفة الرائقة المشهد قد يعكرها علو الصوت :
    ومتى
    أعدت حقيبتي على كتفي وقلت :
    لا تخطيء
    لا تستعجل القادم
    يغضب
    ويعاقبك بنسيان الوعد
    إلى يومها
    كن بخير
    خرجت من عنده
    نظرت للخلف
    كان واقفا بيده هديتي الفقيرة الغنية
    مذهولا مما قلت
    كنت مثله
    سمعتني أتحدث وكأن شيء ما تقمصني
    تحدث عبري
    من لساني وما كنت أنا
    أم أنني أول مرة اسمع نفسي
    في الطريق الطويل للسيارة
    غيرت نغمة جوالى إلى الصمت
    مثل ناصر
    و رددت أغنية للأطفال بكلماتي الخاصة
    عبدالله
    كنت أحبه واختار غيري
    وأيمن
    يحبني وما يبيني
    الساري
    ما ادري وش اسمه اللي بينه وبيني
    وفهد
    ما أحبه ولا يحبني ويبيني
    هنا
    كلمني فهد وكأنه مؤقتا مع دوره بالأغنية
    قال بصوت دافئ :
    ميثي
    أخبارك اليوم
    قلت وان أشير بيدي لرشيد ليحضر السيارة من المواقف البعيدة :
    بخير
    قال باستفزاز :
    و شلونك بعد تراب أمس
    بغضب قلت :
    قاعد تتفرج من الشباك
    أنا أنجلد وأنت مبسوط
    قال بغموض زاد من صعوبة فهمه ركوبي للسيارة وقت حديثه :
    جيت أتدخل
    بس حسيت اني أشوفك من بعيد
    كأني بالسما
    ميثى تحارب تحت بالأرض
    عرفت إن هذا مكاني بالجاي من الأيام
    وبقيت فوق
    عشان يشتد عودك
    بغيابي
    اكره أن الرد على ما لا افهمه
    لكنني قلت غافلة رشيد المتصنت على الحديث :
    مبرر سخيف
    بس لعلمك عرس عليك منيب معرسة
    بين البايع والشاري يفتح الله
    وبلا اشتراكية ومشاريع
    اللي بخاطرك سوه بشركتك
    أخوك هذا مجنون
    وأمك
    الحمد الله ما تدري عن نواياك و إلا مهب دونه
    قال يسبقه ضحكات مرحه :
    أجي اليوم بيتكم وتفهمين كل شيء
    قلت وان مشتاقة لزيارته الجميلة :
    الله يحيك
    قال قاصدا عدم الإثقال على أهلي إلا بما يحب :
    بس تسوين لى
    هذاك
    تعرفينه
    استمتع بتلعثمه وجهله بأسماء الأطباق الشعبية رغم حبها لها :
    أي هذاك فيهم
    قال وقد ازداد الأمر صعوبة عليه :
    أنا متأكد انك فهمتني
    بس تبين تحرجيني
    أكثر واحد أحبه في الثلاثة اللي شبه بعض
    اللي أقراص مدورة و معاه سوس
    قلت لأوفر على نفسي العناء مع بليد :
    يا بخت شعبنا بالمحرر
    يا بطل من ورق
    وما تعرف تقول مطازيز
    انهى مكالمته بوعيد اعرف كذبه :
    ابهذلك
    بس اشوفك
    بسرعة
    اتصلت بأمي لأخبرها أن فهد سيتعشى معنا الليلة استغربت :
    تونا على موعد الظروف الزرق
    فعلا
    لم يحين موسم الأظرف الزرقاء
    التي يوزعها فهد على نساء الأسرة كل عام
    والتي ترتفع لها الأماني في بيت عمي عبد الرحمن
    قبل أشهر من موعدها المنتظر
    كانت عطاياه كريمة تفرح الأمهات
    ويجزل بها لزوجات الغائبين مصعب واسأمه و أوس
    إذا جاء فهد !!
    هو جواب لكثير من بكاء طلبا ت الليل
    يتسابقن للسلام عليه
    وعيونهن تتطلع للمحفظة الجلدية المزينة بشعار شركته ليسلم كل امرأة بيدها مظروف مطبوع عليه اسمها بالكمبيوتر
    كم يفرح النساء هنا أن يتعرفن على أسمائهن مكتوبة بلا تبعية على ورق غير بطاقة العائلة ودفتر الأحوال المدنية
    غادرت بوابة المستشفى
    وكان الخروج مختلفا
    سعيدة بإصلاح عواقب شغبي
    ومقتولة بواقع يوسف
    في الجامعة قالت فطومه :
    وش ذا الزين
    على البركة يا بيت القادر
    كنت أفكر بعمل يوسف الإجرامي
    وتعجبت أتبارك أن زاد من أبناء عمي المطلوبين للعدالة واحد :
    على ايش تباركين
    قالت بحماس مراسل الإنباء :
    خايفة من العين يعني
    ترا حنا نورث الوظايف مثلكم
    الطقاقة بنتها صبابة
    والفراشة ولدها بواب
    عادي
    كم ترهقني فطومه بمتابعة أفكارها المتقطعة :
    ممكن
    شوي شوي تفهمني
    قالت وهي تتحدث ببطء مفتعل :
    صديقات بنت عمتس
    يقولون إن ولد عمتس
    اللي هو خطيب بنت عمتس
    تعين ملحق تجاري بفضل الله ثم عمتس اللي يبي بنته تعيش باورنبا
    وكلهن يقولن
    وهنا صرخت ولوحت بيده وهي تقفز بتقليد مضحك :
    ياي ياي يا بختها
    قلت وان أتعجب كيف صارت عقود الزواج هي أوراق الترشيح والسير الذاتية لمناصب الدولة :
    على فكرة تراها يمكن ما تجي لآخر الترم
    قالت فطومة بلمز واضح :
    حبيبتي اللي مثلها ما لها دخل بنسبة الحضور
    هذولا يا بعدي
    محرومين من الحرمان






    رد مع اقتباس  

  4. #14  
    قلت وأنا ابتسم من اقتناصها الحاذق لتفاوت المعاملة الإدارية بالجامعة:
    وش قال سعد ممكن يوصلني
    قالت وكأنها ترى هامة سعد أعلى من نخلات عليشه :
    والله
    سعد شهم
    قال ما يخالف
    ارتحت فمرافقة سعد هي انتقامي من اللكزس المسلوبة وقلت :
    خلاص استناه بكره الساعه ثمان
    كان بيتنا بحالة احتفال
    قالت أمي أن فهد كلم أخي عبد العزيز واخبره بحضوره على العشاء
    بعد مكالمتي لها بدقائق
    وتمنى منه أن يري بيت عمي عبد الرحمن عندنا
    وان هذا التصرف اغضب عمي
    لكنه سيحضر صاغرا
    وان أهان مكانته أن يكون الاجتماع في بيتنا الجديد
    ووجدت المطبخ ساحة تتنافس فيها النساء الطبخ لفهد
    الطعام هنا رسائل المحبة
    رفضت أمي أن يقدم المطازيز فقط وان طلبه
    عرفت انه سيغضب
    ما ذا افعل
    لن احرمهن مبادلتك العطاء بالقليل الذي يمتلكن
    كانت أول عزيمة لنا
    ببيت المرحوم عبد الله القادر
    هل هذا ما قصد فهد
    أن يبث الحياة لأسم رحل للقبر
    حضر الجميع
    وهربت من أن أصادف يوسف
    بعد العشاء طلب فهد أن يقابل النساء كعادته
    دخلن للمقلط صالة الطعام متلفعات بالعبايات و شراشف الصلاة
    راقبته من بعيد
    ما كان ترحيب بلقاء
    كأنها مراسيم وداع
    تعوذت بالله من الشيطان الرجيم
    زجرت نفسي الخبيثة الأمارة بالسوء
    اسمعي يقلن له
    حياك الله
    أغاثنا الطيوب بواصب أظرفه الزرقاء
    وعندما نادى اسمي أعطاني ظرف كتب عليها ميثى بخط يده القبيح
    ونظر لي وهمس :
    ردي علي
    بعد مغادرة الضيوف
    ركضت لغرفتي هاربة من أعباء العمل ومتشوقة لفتح ظرفي وحساب رصيدي
    بعده
    وجدت ورقة واحده فقط بخط يده كتب فيها
    اعرف خطي شين
    بس ظرف السنة يا ميثى غير
    ما فيه من ورق الخمس ميه زي الباقيات
    لا تزعلين
    فيه سر أخصك فيه
    يمكن يخليك تبعين الجسد
    وتخلين لهم الورق وتأخذين راعيه
    ميثى أنا ميت بعد أربع شهور على أقصى تقدير
    ورم بالدماغ
    أنا خايف
    أبيك معي
    ياويلك لو تصيحين
    عشان كذا بكرت هذي السنة بالظروف الزرق
    ظننت إنني بكيت كثيرا في الأسابيع الماضية
    لكن هذه الليلة عرفت ومخدتي
    ما هو البكاء
    الفصل الثاني عشر
    تــــرويض الشــرســـة

    دخل نور الصباح غرفتي
    نهار جديد
    لماذا هذه اللهفة على استرداد الألوان
    سباق نحن معك
    نهرب من يدك التي تلطخنا بالأبيض وتطمسنا بالسواد
    استيقظت من حالة خدر ما ارتقت لنوم
    قد تمر سنين ولا نكبر
    وبليلة كالبارحة زاد عمري سنوات
    ارتديت بلوزتي البيضاء أقفلت الأزرة كلها حتى الياقة المنشاة
    اليوم أنا اكبر
    جادة بمظهري
    لا وقت العب فيه مع عيون الآخرين وأربكها باختلاس النظر لملابسي الداخلية الأرجوانية
    بشقاوة البنات
    احمل هم من عالم الفراق
    دخلت أمي مرتاعة ملتحفة بشرشف الصلاة
    وبغرابة
    دون تحية الصباح
    حلت أزرة بلوزتي التي ما كادت تفرح بإغلاقها بعد
    وخلعتها بعنف
    أدارت ظهري
    وأخذت تقرا سور من القران وتنفث لعابها و تمسد بيدها
    اقشعر بدني
    سألتها بدهشة :
    خير
    وش صاير
    حضنتني وهي الصارمة دوما وقالت :
    أعوذ بالله من الشيطان
    حلم يا ميثى
    كنه علم
    ألقيت بنفسي في حضنها
    فقد يلتئم بعضي الممزق بظرفي الأزرق ببعض
    أخذت تروى بصوت خافت يتأرجح بين الرغبة بالبوح والإفصاح والخوف من رواية الأحلام وقالت :
    كنا كل حريم بيت القادر مجتمعين بخيمه عز
    عامودها مرمر ابيض
    أرعدت السما
    وانكسر هالصاري
    وطاحت علينا
    صرنا بظلام
    وتناشدنا عن بعض
    وسمعت من يقول
    وين ميثى
    دورتك
    ما أدري وين رحتي
    توقف حديثها ليس من دموعي
    بل من صورة رأتها رؤى العيان
    ففي زمن تعتيم الأخبار اعتدنا الإصغاء لمحطات الأحلام
    لنتصيد رسائل المستقبل وأشواق الغائبين
    وحقيقة التجهيل
    أكملت :
    لقيتك تسندين العمود
    وأنا أقولك
    ميثى خلاص انكسر
    قومي عنه
    مسكت ثوبك
    انشق بيدي
    وكان ظهرك كله حبال سود
    أبعدها عنك
    ما راحت
    كنها مغروسة فيك

    لماذا نقص الأحلام
    لننتظر بشائرها
    إجابة خاطئة
    لنبشر بانتظار القصاص

    أطمئنت أمي أن ظهري معافى من أذى مر بحلم بعد الصلاة
    قلت لها وان جزعة من رؤى نعقت بموت :
    إن شاء الله خير
    صيته
    لو فسرت لك بما اعرف من أسرار الظرف الأزرق بعض حلمك
    هل يتكشف لك خبر الحبال السود
    تلك النامية بجسدي
    لكنني سعيت لها وما خفت تحذير الأمهات
    مستهترة كنت أم مشفقة على فهد

    رن سعد جرس الباب
    لبست بلوزتي مرة أخرى وقبلت يدي أمي
    وكتبت لها جوال سعد جوار الهاتف
    ودعت أن يرزقنا من نفعه ويكفينا من شره
    أمي المرتهبة
    هل من سعد إلا الخير
    أخذت حقيبتي وأسرعت بالذهاب
    كان غاضب ورد السلام بجفاء
    وأنا ما كنت مبادرة بأي حديث وفهد معلن رحيله عن الحياة
    عندما وصلت السيارة المتهالكة لجسر المخرج الثالث عشر المشئوم
    أوقفها بتحدي
    في منتصف الجسر
    و التفت للخلف وقال :
    الحين يا بنت الأجواد أنتي كذابة طبع وإلا حقران
    هذا ما كان ينقصني
    استجواب على سفح زحام الصباح
    قلت مستنكرة تصرفه :
    سعد
    الله يخليك امش
    ترا ما بقي إلا يقومون يضربونك
    كانت أبواق السيارات خلفنا ترافقها شتائم أصحابها هي كل ما أسمع
    لكنه أصر أن يواصل استفهامه :
    ما رديتي علي
    ليش تكذبين بسالفة الاستراحة
    قال هجم علي كلب راعيه
    ليش أنا قدامك وشو
    صتيمه
    الكلب تسان يعرفك
    ميثى
    فهمني مسحبتني على وجهي وأنت تعرفين المكان

    تلك الليلة
    عندما سبحت عكس التيار وغردت خارج السرب
    أغضبت الكل
    حتى سعد
    قلت له برجاء :
    تراي أشوف أنوار دورية المرور
    امش
    وأعلمك

    بعناد النقي من البشر كالأطفال قال :
    لا علميني قبل
    قلت وأنا أنافس بسرعة كلامي تقدم سيارة الشرطة :
    هي استراحة عمي
    ويوم عرفت إن فيها حفلة رجال
    فكرت أروح اتطمش وأذلهم باللي أشوف
    وهذاك ولد عمي
    والكلب ريكسي

    هنا انفجر بالضحك وهو يعيد اشتعال محرك السيارة
    ويقول فرحا بنفسه :
    يا حليلك يا سعد
    اعتراف كامل
    حتى اسم الكلب علمتني فيه

    سعد الماكس
    لا تعترف أنت بحالات الوسط
    تنتقل بمزاجك بين قمتي الغضب والمرح
    قفزا
    ولا تترجل في دروب الانفعالات
    صدقت صيته
    الله يكفينا شرك
    بعد نوبة الضحك هذه
    صار مشوار عليشه مفعما بأحاديث غريبة عن الرياض
    سباحين يرويها ويجزم بصدقها
    فتلك القصور على اليسار طرد الجن أهلها ولا يشتريها عاقل
    والبستان القديم على اليمين تنيره بالليل أنوار أعراس العفاريت
    الخرافة
    ُمسكن من قسوة الواقع
    يا سعد
    أنت تبحث عن النسيان بحكايات لا تنفيك عنها بافتقارك لمؤهلات البطل
    الأمير الوسيم
    بكل القصص
    فما أنصفت الأسطورة من السود ألا روح عنترة


    وبتقلباته أوقف السيارة في مكان مزدحم واستأذن
    نزل وغاب
    وفكرت قد يكون رشيد البغيض ارحم من سعد الهوائي
    سعد الحاكم بأمر الله
    بانتظاره
    استقبل الجوال مكالمة من فهد
    بلعت غصتي ورديت بصوت حيوي يتوافق مع مزاجية سعد :
    صباح النور
    قريت الظرف
    يا خواف
    السالفة فيها موت
    وأنت مسوي فيها سياسة واقتصاد
    رد فهد :
    يا الله صباح خير
    قلت أبي القي البنت متشققة من الصياح
    اجل تقولين عني خواف
    قلت وأنا استعجل الحديث فسعد عائد للسيارة وبيده أكياس بلاستيكية شفافة :
    لا
    وأقول بعد موافقة
    فهد
    اختيارك لي شرف

    قال بصوت حنون :
    بس أنا اللي غيرت رأيي
    عشان أمس ما سويتي لي اللي طلبت
    ذقته وما كان طبخك

    رديت وأنا فرحة أن تجرى حواراتنا بجداول سلسة بعيدة عن عنف شلالات غدر الأيام :
    هم فريق الشيفات خلوني المس شي
    طردوني من المطبخ
    بس بجد افتقدت طعم طبخي

    قال وهو لا يجامل بمذاق الطعام :
    اعرفه واشتاق له
    خلاص
    أبي اكتب بعقد الزواج بدل طباخ

    قلت وأنا انهي المكالمة قبل أن يفتح سعد باب السيارة
    فقد لا يروق له حديث الجوالات بحضرة جنابة :
    بدل
    إيه إن شاء الله
    الله يحلل حريم أمس عند عم عزيز
    وأكملت بتقليد صوته
    دي صنعتي يا شيخ فهد
    تقريبا وصلت الجامعة
    باي

    ليتمتم سعد معلقا على ادعائي الوصول للجامعة :
    لا الكذب عندك
    هواية

    فكرت بعمري الجديد الذي كبرت له بعد أمس
    لن تمنعني مخاوفي من معارضة أيمن والجوهرة من مرافقتك برحلتك الأخيرة
    ولن ترهبنني شروطك الغريبة من أن اصطحابك في طريق من خوف
    إعطاني سعد كيس به ساندويش فلافل ضخم وعلبة من الشراب البارد
    وهو يقول :
    وجبة الرحلة مقدمة من الخطوط السعوديه

    كريم أنت رغم رقة الحال
    شكرته ووضعتها بجيب حقيبتي الخارجي
    قلقة من رائحتها
    في الجامعة
    أعطيتها فطومه وقلت :
    هذي من سعد
    أنا مالي نفس بشي
    حملتها بحرص كأنها طفل رضيع وقالت :
    احلفي
    باستنكار سألتها :
    وش احلف
    اليوم الكل يستجوب
    قالت :
    وش فيتس اليوم مزاجتس معكر
    قلت وأنا أجرب كلمات ما خطر ببالي أنني سأنطقها :
    متوترة شوي
    خطبني فهد ولد عمي
    قالت بتشجيع ساخر :
    احلي
    يا نوال الزغبي
    من أين لي بقاموس لمصطلحاتك يا فطومه
    فسألت :
    وش جاب نوال بالسالفة
    قالت وهي تجلس كيس الفلافل بمقعد بجوارها:
    شوفي ها اللي تحط بكليباتها
    رجال رماديين
    بعمر فهد
    ستايلها مثلك
    وترا هذي الموضة
    شفتي صاحبتنا هيفاء
    أعرست الأسبوع اللي راح على أبو لجين
    دكتور جيكل

    أيعقل
    لديه زوجة صابرة وعشيقة وفيه وخليلة يافعة
    هذا أكثر من أن تستوعبه وحشية دكتور جيكل
    فكرت
    هل تعلم مزنه انه تزوج من جميلة بعمر ابنته
    علقت بتعجب :
    مسكينة لجين
    وهيفاء وش حدها على كذا
    قالت بصراحة جارحة :
    حده اللي حدك
    قالت اخذ واحد بعمري واذبح روحي معه مثل ما سوت أم لجين
    وإذا كبر ونبت له ريش وصار بمجلس الشورى يعرس على
    أحسن لي ابدأ من حيث انتهى الآخرون
    إلا أنتي وش حدك

    قلت :
    بعد
    نهاية الآخرون

    لم تسمعني فطومه
    كانت منشغلة بإبعاد الزميلات عن مقعد الفلافل وتصر انه محجوز بهوس المحب

    عند العودة كان سعد بالانتظار
    ركبت معنا فاطمة و الفلافل التي رفضت أن تأكلها فقد منحتها قدسية قلت لها :
    أخاف بكرة تعبدينها مثل بقر الهندوس
    لم ترد
    قادرة على عدم سماع ما لا يعجبها من الكلام

    في البيت كانت أمي لا تزال قلقة
    وزاد من توترها مكالمة من عمي عبد الرحمن وطلبه حضور أخي عبد العزيز لمجلس بيته لمقابلة أخيه الوزير عثمان بعد صلاة المغرب
    ما خطر ببالها السبب
    اجتهدت أختي منيرة بعقلية من معارك داحس وحروب الغبراء في تحليل الأحداث
    بأنها رد اعتبار لأهانه عشاء الأمس
    أما أنا عممت سياسة صمت الجوال على لساني

    أجمل الأفكار هي التي نجترها مع طلاء الأظافر بلون غريب
    بلون فيروزي صبغت أظافري
    وأنا أتخيل بلحظة شماتة ما كنت لأفوت لذتها عبد الله المادي بمجلس أبيه حاضرا خطوبتي لفهد البليونير
    لماذا اعجز عن الترفع عن أحقاد البشر
    رددت
    اللهم لا شماتة
    مع صوت الجرس المتواصل بإلحاح
    أخذت عدة ألواح من الشوكلاته بحذر خوفا على طلائي الرطب
    لأفتح لأبناء الجيران
    فالصغار يكتبون تاريخ البيوت التي يزورنها بذكريات من حلوى

    صرخت أمي بحماس لتستعجلني :
    ميثى افتحي
    لعيال الجيران معهم مواعين عشا أمس

    فلقاء الغالي هنا فياض
    يشمل الشواطئ كلها بمد من إطعام المآدب وجزر من إناء خاوي
    هذا هو بحر الصحراء
    من عطاء

    كنت البس قميص البيت القصير وشعري حر بلا ترتيب
    فتحت الباب وأنا انظر للأرض انتظر محبة الصغار
    وكان من ورائه كرهه الكبار
    الجوهرة زوجة عمي وأيمن
    قلت باستغراب:
    تفضلوا
    وركضت للداخل اسبقهم أطلق إنذار زيارة الغريب
    ولأغير ملابسي وارتدي طرحتي
    قابلتني منيرة قلت لها :
    بسرعة
    افتحي مجلس الرجال وعلمي أمي الجوهرة مرة عمي عثمان وولدها أيمن
    ما ردت منيرة
    بل كانت تنظر خلفي
    التفت
    كانت الجوهرة تتجاوز أعراف الاستقبال وتصرخ بوقاحة :
    وينك يا بنت الصاقود
    قابليني
    اللي سوتيه بالخالة ميثى
    وحرقتي قلبها على عبد الله والدها علمتيه بنتك
    بس ترا ما كل طير ينوكل لحمه
    انا غير
    وعيالي فوق مستواكم
    شيى ما ينطال

    اقترب أيمن ليحدث أمه وكان من حولهم جماد :
    خلينا نتفاهم معهم بهدوء

    كانت أمي أمام باب مجلس الرجال تشد شالها الصوفي حول جسمها الضعيف
    و تحاول أن
    ترحب بإعصار من الاستكبار
    فتعجزها الجوهرة بحديثها المستمر عن ما لا تعرف
    لتقول بغضب :
    أي هدوء أيمن حبيبي
    هذولا داخلين على طمع
    ميثى
    استحي على دمك
    وانا الي مدخلك بيتي تطعنيني بولدي
    لعلمك لا أنا ولا أيمن ولا ميساء موافقين
    هل فهمت امي ومنيرة شيء بعد هذه الجملة
    أظن أنهماتحولتا لمشاهدتين غير قادرتين على التفاعل مع هجوم غير متوقع
    قدم صوت من خارج البيت
    انه عبدا لعزيز ومعه فهد
    أربك أيمن صوت أخيه
    لمحت الجوهرة ذلك وقالت :
    ما عليك منه خله يدري
    تعال يا فهد
    من عرفت بنيتك وأنا ذابحني القهر
    تبي تعرس قلي
    ما من حمولة بالرياض إلا وتمناك
    مهب تقم لنا من خمام النسيم
    ناس يأخذون فضلتنا وتقول نسب

    أن تسمع أمي هذه الكلمات جعلني اندم
    هل عرف فهد ما أفكر فيه
    لا ادري لكنه رد على أمه بلغز
    غريب تأثيره عليها
    كانه اقسى انتقام
    فقال :
    اخذ من بنات الحمايل اللي ما يفطرون إلا من مروش لندن
    أم فهد
    باركي لي
    وسلمي على خالتي أم عبد العزيز

    لا ادري كيف تمتلك الكلمات مفاتيح الجوهرة
    لثاني مرة في حياتي
    بعد طلب درس الباليه
    الذي حولها لوحش
    أجد كلمات فهد هذه روضت شراستها
    لتتقدم من أمي وتصافحها وتقول بانكسار ووداعة غامضة :
    مبارك علينا

    عندها أغلق أيمن بابا بيتنا بقوة وهو يقول بحنق :
    أمي
    أنتظرك بره
    الفصل الثالث عشر
    أوجــــــاع متــــــرفــة

    استنجدت أمي بأخي عبد العزيز بعد أن شتتها نزاع العمالقة
    قائلة :
    عبد العزيز
    وش تبارك عليه أم فهد

    ردت زوجة عمي الجوهرة بصوت ساخر :
    يعنى ما تدرين إن فهد وأبوه خطبوا ميثى من عبد العزيز وعمها عبد الرحمن اليوم بعد المغرب

    ما التفت أمي للجوهرة وظل وجهها معلق بابنها تلتمس كلمة
    فقال :
    إيه يا يمه مثل ما قالت زوجة عمي
    فهد خطب ميثى
    و عمي عبد الرحمن قال لا زم نستشيرها
    وفهد جا معي يبي يسمع رأيها بنفسه

    هل تخشى يا فهد من تحوير لجواب اليتيمة
    أم جئت منقذا على غير ميعاد من زيارة أمك الجوهرة وأخيك أيمن

    قالت أمي بإباء :
    فهد يا ولدي
    محنا من مواخيذكم ولا انتم منا
    حتى أمك ما هيب اللي راضيه
    والزواج أساسة اتفاق
    واللي مر علي
    جعله ما يمر على بنتي


    لماذا نتذكر أخطاء الماضي
    لئلا تعود
    إجابة خاطئة
    لعلها تئود

    لم تستشيرني أمي
    تحدثت بتأثر لتنفى عن نفسها السعي وراء أولاد الجوهرة
    رغم ذلك كان فهد يصورني بالجوال بحركة خفية لمحتها وغابت عن الجميع

    ابتسم وقال :
    خالتي أم عبد العزيز
    أمي ما كانت تدري وش ذوقي
    الحين عرفت وش أبي
    واني اخترت ميثى
    وهذها باركت لك حتى قبل ما تسمع رد ميثى
    اللي أنا ودي اسمعه

    طالت وقفتا في مدخل البيت
    وكان أخي عبد العزيز ينظر لساعته متبرما من تأخره على مباراة التنس الأرضي مع رفاقه بالكمبواند المجمع السكني للأجانب
    ومنيرة ضاقت من بقائها داخل حمام الرجال لتختبئ من أولاد عمها

    قلت وأنا أتابع أصابع فهد التي تصور للمرة الثانية لأهرب من نظرة الجوهرة القاتلة :
    أنا موافقة

    هنا رمت الجوهرة بطرحتها على وجهها لتخفي خيبتها وقالت :
    تأخرت على أيمن
    فمان الله

    بتهكم قال فهد :
    إلا مدام كلنا مجتمعين خل نتفق على الترتيبات مرة واحدة
    وأيمن اكلمه
    أنا أوصلك

    بالفعل حادثه بجواله بجمود وأمر :
    أيمن
    تقدر تروح أنا أجيب أمي معي

    كثير هذا
    الأمر الواقع
    جاءت الجوهرة لتدفن بيدها مشروع زواج إذا بها تناقش تفاصيله بمجلس صيتة الصاقود
    كشفت الجوهرة غطاء وجهها لتصرخ بضيق :
    فهد
    زواج ميساء بعد شهرين
    أني ما لي حيل زواج ثاني من قريب
    إذا كنت مصمم
    خل زواجك بعد إجازة الصيف

    لا تدري الجوهرة كم هي الأيام ثمينة على فهد
    قال بتحدي:
    إلا وش رأيكم زواجنا يكون قبل

    اعتقد أن الجوهرة عجزت عن الوقوف من هول ما سمعت فدخلت لمجلس الرجال المظلم شبه منهارة
    لتقوم أمي بإضاءة الأنوار وتأمرني بتجهيز القهوة ويتبعها فهد للداخل وعبد العزيز المحبط بإضاعة مباراة الليلة لقاء شكليات زواج أخته المفاجئ
    خرجت منيرة بسرعة من مخبئاها وسحبتني من يدي لتقول معاتبه :
    يا لئيمه
    و ساكتة
    بسرعة تعالي ساعدني نجهز القهوة

    قلت متهربة :
    خليني اسمع وش يقولون

    بضيق شدتني من قميصي ليزداد قصرا قائلة :
    بلاك ما شفتي شكلك وش لون

    نظرت للمرآة
    وضحكت
    عروس بقميص يكاد يصل للركبة وشعر متطاير تحمل ألواح الشوكلاته ببلاهة
    ما ذا أعجب فهد بفوضوية كهذه ليصورها
    أكيد
    يريد ممازحتي

    جهزنا القهوة
    ثم الشاي
    وأنا ومنيرة ننتظر أي أخبار من عبد العزيز القليل الحديث بطبعه فكيف إذا أغضبه غيابه عن رفاقه فكان يكرر كل ما نراه بمشاوير توصيل الضيافة لمجلس الرجال :
    الحين تجي أمي وتعلمكم بكل شيء

    هل تأخر زوار بيتنا
    أم أن التطلع يكسب الساعات مطاطية
    فشل البحث عن حل لغز مطعم مروش لندن أن يستهلكها
    أخيرا سمعنا جمل الوداع
    لتدخل أمي بغضب المؤدب
    وتشد شعري بعنف
    وتقول :
    بنات آخر زمن
    عارفه وساكتة وأنا وأختك نقول وش يبون بعبد العزيز
    وتقولين للرجال موافقة قدام أمه بفهاره
    وما تستشيرين احد

    ليتدخل عبد العزيز بمسؤولية الأخ الكبير
    مربتا على كتف أمي ليهدئها بقوله :
    خلاص يا يمه
    هذا حياتها وهي واعية ومن حقها تقرر وش تبي

    كنت اقرب جسمي من يد أمي لأخفف من الم شد شعري لكني أحسست أن عبد العزيز يخالط دفاعه عني نغمة شخصية
    كم تسمع أمي من عبد العزيز الولد
    قالت بصوت غاضب وهي تسحب يدها من شعري :
    أنا خايفه عليها بس
    هذولا مهب بس بيت القادر
    الجوهرة وأهلها

    رد عبد العزيز وهو يحمل حقيبة مضربه وكرات التنس :
    لا تخافين
    فهد مهب سهل
    مرعب
    أنتي شفتي
    و شلون أمه تهابه
    أنا أبي أروح علمي البنات بكل شي

    نظر لي وبحركة توعد من يده قال :
    فهد
    هو اللي يبي يربيك صح
    يا ويلك

    وراح دون كلمة مبروك
    عبد العزيز الساذج
    أتظن انك تعرف فهد أكثر مني
    أتهددني بالطيوب

    أكملت أمي الحديث لمنيرة لغضبها مني :
    ابد
    يبي الملكة بكرة الاثنين
    والزواج عقب ثلاثة أسابيع
    إذا خلصت ميثى الجامعة
    عشان يروحون شهر عسل على قولتهم قبل زواج ميساء

    جاوبتها منيرة لأنني كنت منفية عن عالم رضاها :
    مهب الجوهرة تقول ما لي حيل عرس الحين

    قالت أمي وهي تنظر لي بطرف عينها :
    صجتنا بها السالفة
    بس فهد قال إذا ما عندنا مانع يبي يسوي حفل رجال كبير بحدا الفنادق
    وزواج عائلي بالاستراحة
    وما يبي منها شي

    قالت لي منيرة باندفاع وهي تحاول أن تشد شعري بدورها :
    يعنى مرتبه معه كل الأمور

    ماذا أقول
    هربت لغرفتي راكضة وأغلقت الباب بالمفتاح وأنا اضحك واصرخ لتسمعني:
    الله يبارك فيكم
    تعتذر حرم الشيخ فهد القادر عن استقبال الزوار المهنئين اليوم

    أخذت منيرة تطرق الباب بيدها وهي تضحك بفرحة من عثر على اللعب بعد سنين وتقول :
    طيب يا ميثى اوريك

    و بعد لحظات سمعتها تغرق مع أمي بحديث سعيد متواصل عن زواج ميثى

    لماذا كل الحزن يتبع أعذب الضحكات
    بعد نوبة المرح
    أحسست بثقل حزن جارف في نفسي
    هل لأن فرحي يدق أجراس رحيل فهد
    أم لرؤيتي أيمن غازيا بيتنا ليصد أطماع ميثى المرتزقة وقلبه تحت نعل حذائه
    ربما لنداء الساري الذي أحسه بداخلي
    فنظرت للاب توب
    كان مرسول علاقتنا في بدايتها
    الآن
    فتحت شباك غرفتي لأنظر للبدر
    أيقنت انه وجه الساري ينظر له مثلي
    لا تسل كيف
    انه الإيمان
    ما كانت كلمات تلك التي تبادلتها معه
    بل رسائل خارج نطاق خدمة المادة حملتها كل محنتي
    واستقبلت أخرى منه مخطوطة على صفحة القمر
    فيها مشاعر مشابهه
    كلانا يمر بمرحلة مصيرية
    الآن
    معا

    في مشوار الجامعة بالغد مع سعد كان مكفهرا صامتا
    لم يقول كلمة
    خفت أن اسأله سبب التقلبات المزاجية وفضلت أن اعتادها

    وفي الجامعة كانت فطومه بنفس الحالة ولكنني سألتها :
    وش فيك

    قالت بغضب :
    ما تدرين يعني
    أنت تقتلين القتيل وتمشين بجنازته

    رديت بتعجب :
    أوف أي قتيل

    قالت وهي تكاد تبكي :
    بلاه مهب وجهتس اللي طاح و قعدتي تلقطينه فتفوته فتفوته
    أبز برويحتي وأقول لسعد عقب ما نزلناتس أمس
    انعم الله عليك على الفلافل
    يقوم يقول ليش ميثى عطتس إياها
    أكيد مهب من مقامها
    وعليها
    ركب فيس الزعل لما وصلنا
    الحين أقول احلفي
    وتكذبين

    قلت وكأنني فهمت كيف نسئ لغيرنا بعنجهية الأنا :
    أنا ما قلت أنها لك
    قلت من سعد
    أسفه
    عاد
    فوتيها
    حقك علي

    قالت وهي المتسامحة :
    لا مهب مسألة حقوق بس أنا كنت فرحانة انه تذكرني بشي
    طلع إنذار كاذب

    قلت وأنا أكمل اعتذاري لها :
    شوفي يا الغالية أنتي أول معزومة على عرسي عقب ثلاث أسابيع

    قالت بدهشة :
    وش ذا العجلة
    وش و راكم
    ومتى يمديك تجهزين وتستعدين
    عرس ذا مهب لعب

    قبل أن أرد عليها كلمتنى ابنة عمي مزنه
    رديت عليها
    أكيد تريد أن تبارك لي بالخطوبة
    كما توقعت
    قالت بصوت ضعيف :
    مبروك ميثى ما سمعت
    الله يوفقك

    وأنهت المكالمة بسرعة
    كأنها تحاول أن تلحق بمغادر
    قطار
    ربما
    ابتسمت
    أخيرا ستدرك مزنه نداء ركوب في حياة هي سلسلة من محطات ضائعة
    أكيد في هذه اللحظة هناك ما سيرحل وسترافقه مزنه
    سمعت ذلك بصوتها الموادع

    أكملت حديثي مع فطومه وقلت :
    أي تجهيز
    الزواج عائلي
    وبعدين

    قاطعتنا مكالمة أخرى من فهد
    ليقول :
    ها أش أخبارك بعد مواجهة أمس

    قلت وأنا انظر لوجهه فطومه الذي بدأ يعبس من انهمار مكالمات الجوال:
    تمام
    أنت حطتيني بموقف
    أمي إلى اليوم زعلانه مني
    على بالها متفقه معاك على كل الترتيبات

    قال بجديه :
    المهم النتائج
    أديني رقم حسابك عشان ادخل في المهر
    ما أبي أعطيه العم عبد الرحمن

    لا ادري
    هنا
    سمعت فطومه بشفاه مطبقة تقول جملتها
    عرس ذا مهب لعب

    قلت له محرجة من تفاصيل ما خطرت ببالي :
    ما في داعي
    خليه عندك

    ليقول وهو يحاول أن يتجاوب مع تفاهة المجاملات :
    ميثى
    رقم حسابك
    وترا الشي اللي يزعلني منك هو استهتارك بحقوقك

    قلت له بعد أن انتشر بجسمي رعشة :
    خلاص أرسله لك مسج

    قال :
    بسرعة
    وجهزي نفسك بكرا العصر أمر عليك

    سكت قليلا ليقول :
    يا عروسه

    كلمة جعلتني بحالة الجوهرة البارحة
    ابحث عن مقعد يعيد لجسمي تماسكه لأبحث عن بطاقة البنك بمحفظتي
    فهد
    لماذا تقتلني بأمنية البنات
    لماذا ترتيبات زواجنا كأنها لعنة
    ألا لأنه خالي من الحب
    ما كان مكونا رئيسيا بكل وصفات الزواج هنا
    أم لأن عبد الله كان عريس كل خيالات الأفراح التي مرت ببالي إلى شهر مضى
    صار ماضي
    ماذا سيتغير في الليلة
    بعد أن أصبح حرم فهد القادر
    انتظرت لأرى
    وجاء وقت النوم
    وما ازددت
    إلا رسالة بالجوال من عبد الله بكلمة وحيده






    رد مع اقتباس  

  5. #15  
    مبروك
    ومليون ريال مودعة بالحساب

    في الغد
    جلست بجواره فهد بسيارته المنطلقة باتجاه شارع الستين
    وأنا امسح بمنديلي الورقي من تحت غطاء الوجه ألوان منيرة الكثيفة من على وجهي التي أصرت أن أتزين بها
    نظرت له
    هل أنا زوجته
    الورقة التي كتبت بالأمس ما أثرت بداخلي بقدر ما أبقت حبر البصمة المطلوبة على إبهامي
    كان طلال مداح يغني بتسجيل قديم
    مقادير
    يا قلبي العناء
    مقادير
    وش ذنبي أنا
    أحسست بدمعتي تسهل عمل منديلي الجاف برطوبة الأسى
    قال بعملية المدير :
    شيكتي على الحساب

    قلت بخبث :
    ليش نزلت المكافأة

    ابتسم بصمت
    لماذا اسمع صوت أيمن المترفع يردد
    إن بروبر واي
    زواج كما يجب أن تكون الصفقة

    رفعت صوت الاستيريو لعل عذوبة الأغنية تطرد أيمن من بيننا
    وأخذت العب بأصابعي بقلق
    خفض فهد صوت الاستيريو برد فعل سريع
    وقال بقسوة زاد من حدتها رقة صوت طلال:
    لا تصرين مزعجة
    ميثى
    أنت الحين مدام فهد عثمان القادر
    البنت اللي صورتها قبل أمس بجوالي هربانه من عالم الصغار
    أتسكر الباب عليها
    خرجت ولن تعد
    و انحبست بدنيا الكبار
    أنا أحب مزحك وأموت بشقاوتك
    بس لي
    قدام الناس من ها اللحظة
    أبي ليدي راقية
    سيدة مجتمع
    خليني أكون فخور باختياري لك
    ايش اللعب بأصابعك هذا

    فكرت
    هل شعر فهد بالندم
    بعد رفض الزواج سنين أكون أنا ببساطتي زوجته
    يتطلع الكل ليعرف من اختار العازب الأول
    فهد
    وان كان الابن الضال
    المتحرر
    إلا إن روحه مشبعة بمعايير بيئته الطبقية
    قبل الزواج
    أرادني مرافقة برحلة الخوف إلى الموت
    والآن
    يشترط الرقي
    أنت فعلا شخصية مركبة من تناقض
    مبادئك الجميلة لا تطالها من قصر قامة وعيك الوراثي
    اعتدلت بجلستي متقمصة تعالي الجوهرة
    وأخرجت المرآة من حقيبتي
    لففت الطرحة على حدود رحبة من وجهي
    وأضفت طبقة من الروج الكثيف على شفتي
    لمعت عيناي بقسوة الجريح المكابر
    وسألت ببرود لأظهر صلابة واهية :
    وين نبي نسكن فيه

    قال وقد راق له تغير أسلوبي فاندفع بمزيد من التعليمات :
    في القصر بجناحي
    شركة الديكور راح تجدد الغرفة الرئيسية
    ميثى
    صاحب محل المجوهرات صديقي
    وممكن يكون موجود
    فأنا لي مكانتي
    وجاي مع عروستي
    يعني أكيد عنده تصور بحدود الشراء ونوعيته
    عشان كذا
    تذكري تصرفات أمي وطريقة اختيارها وتعاملها مع الكل
    لا تندفعين
    قبل أمس ما عجبتني موافقتك بتهور
    لازم تنتبهي لتعابيرك
    وتحكمين ذوقك في التصرف
    أنتي أحيانا أوفر شوي

    وبعد لحظة تذكر قال :
    و أيش كمان
    إيه
    لا تناديني باسمي مجرد ابد قدام الناس


    نظرت للبعيد
    حسنا يا فهد
    بدأت بذبح تلقائيتي فداء لنرجسيتك
    وكانت مقادير هي الشاهد
    مقادير
    أن يكون بيتي
    غرفة
    في السويدي
    غرفة
    في العليا
    نصيبي من الأرض
    غرفة
    لتشهد أوجاع عمري
    وان كانت
    أوجاعي القادمة مترفة
    الفصل الرابع عشر
    تـــرميـم امــــرأه

    توقفت سيارة فهد أمام محل المجوهرات بواجهته الحجرية الجميلة
    نزلت من السيارة بهدوء
    تسابق الجميع على الترحيب بالشيخ فهد وزوجته
    الذي هو عارف بزوايا المحل وأركانه المختلفة
    سار للمكتب الخلفي يتقدمه بلباقة مرافقنا اللبناني
    ليصافح صديقة نديم ويعرفني به :
    المدام
    نديم صديقي

    بحثت عن تثمين الصائغ نديم لقطعة محلية الصنع في تعابيره
    فوجدت ابتسامة استحسان
    أسعدتني
    كم هي الثقة بالنفس بيد الآخر
    تتقلب بين قمة وتتدحرج إلى قاع
    وحديث فهد بالسيارة ألقاها في غياهب الضياع


    لماذا يحادث الرجل امرأته
    ليفهمها
    إجابة خاطئة
    ليلجمها

    جلست على المقعد الجلدي الوثير المواجه لمكتب نديم وألقى فهد بجسده على المقعد الآخر المقابل لي وقال وهو يخرج سيجارة ويشعلها ببرود :
    نديم
    أبي أحسن ما عندك لأعز الناس
    وابتسم لي برتابة

    قال نديم بحرفية البائع :
    فهد
    قد بعتك شيء وما كان الأفضل
    البروش الأخير
    بعد ما اشتريته
    سأل عنه ثلاثة
    بس قلت اللهم اخدوه اللي حظه يفلق الصخر
    الله أكبر

    كم تتحفز المرأة عند سماعها لدلائل الخفايا
    وتعشق تتبع خيوط أدلة بواطن الشخصي من القضايا
    لمن يشتري فهد المجوهرات
    وهو من كانت والدته وأخته تشتكيان من كرمه مع نساء الأسرة وجفائه معهن
    لم يسعدني أن فهد غير ما يشيعون عنه من شذوذ
    وما أثار غيرتي انه له علاقات نسائيه
    الغريب
    ما أحسست إلا بمتعة اكتشاف سر
    حتى هذا الشعور
    ابتلعه طوفان التمتع بجمال المصوغات الفريدة
    إبداع كم رأيته بورق مجلات ميساء المصقول وكان دعائي أن يكرمني الله به في جنات النعيم
    تلك ميثى
    أما الجوهرة التي اعرف ستقول :
    بصراحة
    لو في شيء أحلى من كذا
    وهذا ما قلت
    ورجع فهد بظهره إلى الخلف مسترخيا بالمقعد وراضيا من أدائي لدور العروس المتطلبة
    ابتلع نديم الصدمة
    و قال :
    جورج جيب الأشياء الجديدة اللي جات أمبارح من جنيفا
    والله لسة ما تسعرت
    بس نبغى نرضي عروستنا

    مسكين علي بابا فتحت له بكلمة مغارة الحرام وتنجس بإثم استباحة المسروق
    صار بطل الأطفال ومجرم مبدأ
    أظنني مثله
    رأيت ذلك بعيون بائع سعودي شاب ينظر من بعيد
    أتى به إلى المغارة قرار سعودة وظائف بائعي الذهب والمجوهرات المفروض
    ليشهد كل يوم ثمن أحلام النساء يمر أمام عينيه لجيوب لا ترتوي

    لمحني فهد انظر إليه
    أعاد بصره لي
    وقال بحدة :
    شوفي كمان لو لقيت هدية مناسبة لميساء

    كانت المجموعة الجديدة احدث وأرقى تصميما
    خيرني فهد بين أضخم طقمين فيها أعجبني احدهما أكثر نعومة برأيي
    وبحساب القيراط و ونوع تقطيع الماس ودرجة النقاء اختار فهد الآخر غير مبال بذوقي
    انتقمت بكيد النساء
    بهدية ميساء
    فكانت طوق مطعم بكوكبة ملونة من أحلى الأحجار
    فتان
    سيظهر عيب رقبة ميساء القصيرة المكتنزة
    فرحت بمقلبي الشرير أكثر من طقمي الماسي المفروض علي
    اتمم فهد البيع
    وعند خروجنا سلمه صديقه علبة مخملية سوداء صغيرة
    أثارت فضولي
    أ هدية لامرأة أخرى
    في السيارة فتح فهد العلبة وألبسني الدبلة الماسية
    أي شاعرية تلك
    منذ متى كانت عقود البيع على ورق الورد
    كان خاتم غليظ مؤطر بصفوف من الماس الباجيت الكبيرة
    البنصر الأيسر يقود لشريان القلب
    يرفض قيد نقش عليه اسم من لا يسكنه
    فهد
    ما طرق يوما أبوابه فكيف يريد أن يصير عنوانه
    سألني :
    ها عجبتك الدبلة

    قلت بصدق :
    بس ثقيلة

    قال بحزن عميق أحرجني :
    ما راح تثقل عليك كثير
    كم شهر بس

    قلت برجاء :
    فهد
    لا تقول كذا
    الله يخليك يا رب
    أنا بس ما تعودت على الخواتم

    لكنه قطب جبينه وقال بعتاب :
    ميثى
    كان عندك خاتم فضة تلبسينه كثير
    وعليه أول حرف من اسم عبد الله
    اذكره
    لا تلبسينه ثاني

    دقة ملاحظة مفاجئة
    قلت له :
    فهد
    أرجوك عبد الله مرحلة انتهت
    بخطوبته من ميساء

    كذبت
    بتاريخ موت عبد الله الحقيقي
    الذي كان عندما أساء لأسرتي بهتانا
    طويل استيطان عبد الله لمشاعري
    بقصر عمر مرور أيمن
    الذي أعلن ميلاده وفنائه حوار متعجرف في حديقة الأعشاب الخلفية
    أما الساري
    فسرمدي لا نهائي

    ما أكثر الرجال في حياتي القصيرة
    هل كل البنات مثلي

    هذا ما أحس به فهد وكأنه لمح تزاحم الذكور في الذاكرة :
    ميثى
    طول ما بيننا عقد
    أنتي لي

    وبتأفف قال :
    يعني
    أنا ما أعجبتني النظرات بينك وبين الولد اللي واقف وراء المكتب

    قلت له وأنا أفكر أ يغار فهد :
    حزني
    مهب حرام كل يوم يشوف شوفات زي كذا
    شكله على قد حاله

    ابتسم وهو يقول :
    تذكريني بنفسي كثير
    زمان

    صمت قليلا ليقول بتحذير مرعب :
    زواجنا انتقام
    لو صار بلحظة انتقام من نفسي
    لحظتها انهيه وأنت معاه

    قال عبد العزيز
    فهد مرعب
    صدق

    أنا تعبت من تعداده لمبررات زواجنا المتناقضة
    قال
    تصفية حساب
    اشتراكية
    موت
    انتقام
    وصلنا بيتنا في النسيم والقائمة لم تنتهي
    اختصرتها بما كتبه في الظرف الأزرق
    الخوف
    هو الذي أربك حسابات حياته
    وساقه لعشوائية القرار
    فدماغه يفترسه نمو خبيث
    لا يوقفه
    أماني لم تحقق
    أو
    ماضي لم يبرأ

    في بيتنا شهدت كم هي غيرة فهد جنونية
    أثارها يوسف بتقبيله لوجنتي بتلقائية عند دخولنا المنزل وهو يقول :
    ألف مبروك
    كذا
    جاحدتني
    ما تقولين عندي اخو
    ولا تردين لي كلمة

    فعلا ما صار عندي اخو
    فقدته
    بعد رؤيتي لوجهه يوسف الآخر دون أن يراني
    رحلت الكلمات بيننا إلى مدافن الاختلاف
    وصار بعيد
    بقدر ما انساق لطريق الحرام

    صرخ فهد بوجهه بانفعال وقال :
    ليش أنت ولي أمرها
    إذا كان أبوك قال اسألوها هي

    تدخلت أمي بسرعة لتقول مرحبة :
    تفضلوا القهوة

    ليستمر يوسف باستفزاز فهد قائلا :
    أي قهوة
    أنا جاي اخذ ميثى تسلم على مزنه تعبانه مرة
    جابوها زميلاتها أمس من الكلية

    قلت بجزع :
    وش بها مزنه

    قال يوسف بصوت يتمنى الهرب من سماع فهد له :
    شخص الطبيب حالتها بانهيار عصبي

    مزنه
    هل كان هذا القطار
    ا كنت تلحقين برحلة انهيار
    تودعين فيها الوعي وتنتقلين لعوالم محظورة على الإدراك
    أظن التذكرة مهداة لك من الدكتور مجاهد الدون

    بسرعة
    أعطيت أمي علب المجوهرات التي نهبت من مغارة الستين وفيها ما يفوق قيمته ثمن بيتنا المستأجر
    وكدت اخلع دبلتي معها
    وقلت :
    عن أذنكم أروح اتطمن على مزنه

    أثقلت العلب الساكنة الكيس الفاخر يد أمي الضعيفة فوضعتها على طاولة جانبية صغيرة وهي تقول :
    تكفين يا ميثى سلمي لي عليها

    نهرني فهد بقول اجزع أمي :
    بعدين
    يوسف
    تزورها بعدين
    فيه أمور خاصة لازم اكلمها فيها الحين

    نظر يوسف بغيض مكتوم وقال معلنا انهزامه:
    طيب أخليكم براحتكم
    وأشوفكم على خير

    رافقت أمي يوسف
    جلس فهد واضعا يده على رأسه وقال والألم في ملامحه :
    الأحد الجاي
    أمي عازمة عمي ماجد وخالتي زهوه جايين للسعودية إجازة
    ولازم تحضرين

    زهوة
    رفيقة زوجة عمي الجوهرة منذ الطفولة وقريبتها المتنقلة مع زوجها الدبلوماسي الوسيم بين عواصم العالم
    رائعة صداقتهما
    لزهوة ابنتين جميلتين ريما وصبا
    وقيس المراهق المدلل
    لقاء هذه الأسرة اللطيفة من أمتع ما يحدث في قصر العليا
    للجميع
    إلا فهد المعارض
    كان يتحجج بالتوافه لتفادي تواجده بينهم
    إلا لأنهم مقربون من أمه
    لا ادري
    كيف يصر أن احضر ما كان يكره
    ماذا سيحدث
    ماذا ستقول الجوهرة لصديقتها عني
    ومن أين لميساء قدرة لتتحمل زوجة الأخ القادمة من الصفوف الخلفية للصدارة
    فعلا سيكون استعراضا غرائبي
    كما رددت لزميلات مدارس الرياض
    ميثى شو

    أكمل فهد حديثه بما أخرجني من توقعات التحالف و المعارضة :
    وبكرة نادين تستناك أربع العصر في مقر الشركة
    فيه إجراءات إدارية
    فتح حسابات وبطاقات ائتمان وعقود بيع وتوكيل مكاتب محاماة وإدارة أموال
    أكيد بحكم دراستك ما راح تلقين صعوبة بالتفاصيل

    ثم أشار للطاولة الصغيرة حيث العلبة الثروة
    وقال :
    و طبعا خزنة للأمانات

    صمت قليلا وهو يشد من ضغط يده على جانب رأسه وتابع بعمق :
    أيمن أنا ما أثق فيه
    معاك
    في حقوقك
    عشان كذا أنا قررت اصفي أشياء مشتركة لسندات بورصة واسهم عالميه
    وأبيع عليك عقاراتي بعقود موثقة

    فكرت
    لماذا
    أنا يورثني فهد كل ما يملك مسابقا المرض
    هل قرأ السؤال بعيني ليقول :
    أنتي زوجتي
    انقلابي الصغير
    في موتي حقيقة
    وما راح تبقي على قبري دمعة اصدق
    من هذي

    مسح بيده اليمنى دمعة لا ادري كيف هربت من حصار أفرضه على الشفقة
    وبيده اليسرى أبعد كفي من فوق فمه بعثتها رسول يستعطفه الصمت
    وكأن الموت لا يحضره إلا نداء :
    يا ليت يا ميثى
    كنت اصغر وأنت اكبر
    والعمر أطول

    ودق على صدره بقوة مفزعة وقال :
    وأنا هنا اطهر
    لا شفت ولا سمعت
    ما فهمتي
    يعنى
    لو أنا مثل أيمن
    كانت الدنيا علينا أسهل

    دخلت أمي بقهوتها
    صدمها حزن المكان ووجوم العرسان

    قلت محتارة من كلمات لا أفهمها ومتمسكة بتفاصيل اعرفها :
    بس فهد أربع العصر
    ما عندي احد يجيبني للشركة

    قال مستدركا :
    فعلا يبيلك سيارة وسواق

    قالت أمي التي لم ترى عبوس سعد اليوم
    حتى انه لم يبارك لي زواجي :
    كلمي سعد ترا وش حليله

    نظر فهد مستفسرا عن سعد فقلت :
    سعد قريب وحده من رفيقاتي يوديني الحين الجامعة بعد انشغال رشيد مع ميساء

    نظر فهد لساعته و قال :
    ما دام عاجبكم
    خلاص خليه يمر بكرا الظهر على الشركة يستلم سيارتك
    ونعمل معاه عقد

    أنهى فنجان قهوته بسرعة

    قال موادعا :
    لا تتأخرين على نادين مرتبطين بمواعيد مع

    قاطعه رنين موحد لجواله
    ولهاتف المنزل
    ومكالمة بنغمة بكماء على جوالي من يوسف
    كلها تحمل نفس الخبر

    ففي الوقت الذي صرخ يوسف بإذني :
    مصعب راجع الخميس

    ابتسم فهد ليقول بطريقة وهو يخطو لخارج البيت :
    هذا الوالد يقول الداخلية تقول نستلم مصعب من المطار صبح الخميس

    وتابع فهد بضيق على خلفية صراخ أمي مبشرة بعودة مصعب :
    وكأنه لازم نتلاقى
    اقصد نتوادع

    استمر صوت أمي يتدفق من صالة المنزل محاربا كل المشاعر إلا الفرح يردد :
    الله يبشركم بالخير
    مصعب راجع
    يا الله لك الحمد
    يا بنات مصعب راجع الخميس
    ميثى تعالى كلمي أم عبد الرحمن زوجة مصعب
    ميثى

    وسط الأمان الذي يبشر به صوت أمي البعيد
    وجدتها فرصة أن أتطاول على أطراف أصابعي وأنا أودع فهد عند الباب لأقبله على خده الحليق الناعم بسرعة وهمست :
    شكرا

    أعطاني اليوم الكثير
    كم هو مهموم
    ووحيد
    حتى الصديق عاد متأخرا

    مسكني مع عضدي بقوة كدت اصرخ من آلمها
    ليقول بصوت يجاهد للخروج من بين أسنانه المطبقة غضبا :
    انتبهي
    عمرك ما تسوين كذا ثاني

    ويخرج
    هل يرفض الشفقة
    أم يرفضني أنا
    لا ادري
    يتوجني ملكة على دولة ثرواته المترامية الأطراف
    ويشمئز من قبلتي
    أخذت أدلك ذراعي عند الباب
    ليلتفت
    ويلتقط لي صورة بجواله وهو يبتسم بغموض
    ويغلق الباب الخارجي
    أقف مشدوهة
    تسحبني منيرة من ذراعي المصابة بحادث قبلة لتقول :
    تعالي
    زوجة مصعب على الخط
    أم عبد الرحمن تبيك

    الحفيد الأول لكل أبناء عمي اسمه عبد الرحمن
    تيمنا بعمي الأمام
    هل سيكون ابن ميساء عبد الرحمن الثامن
    كان ابني
    الثامن
    يا فهد يا من تقتل قبلة
    كان ابني عبد الرحمن الثامن
    أتفهم

    هذا المطلب العويص هو ما صرخت به منيرة :
    أنتي ما تفهمين
    شكلها مستعجلة

    رقيقة هي هيلة زوجة مصعب
    تجرعت الصبر وتميزت بالصمت
    شروط الحياة في بيت أهل الزوج
    غاب مصعب
    فعاشت بين حمى جد أولادها الثلاثة
    و راتب مزنه المشاع
    وهبات فهد الموسمية
    ماذا تريد مني
    منيرة لها اقرب
    كان صوتها بالهاتف منخفضا من فرح وخجل :
    ميثى يا حبيبتي
    سمعتي مصعب راجع
    وأنتي تعرفين الحال
    قصدي
    بسم الله عليك أنتي تفهمين بسواليف التصبيغ والتسنع
    وهو يوم يروح وأنا شي
    والحين
    الله يرحم الحال
    تغيرت

    أيتها المرأة
    تحملين نفسك جريرة الهجران
    وتتزينين لشارد بين دروب الأوهام

    أكملت على استحياء :
    يعني تكفين
    أبي أسوي ترميم
    باللي هو به
    تو فهد الله يكثر خيره معطينا العويده
    كنه عارف

    أساعدك
    اعرف كثيرا عن ترميم النساء لحيطان الجسد
    ولكن يا هيله
    كيف ننقذ أنوثتك من مجاعة عصفت بك أمد
    هلكت أنتي من انتظار لإحساس رجل
    الفصل الخامس عشر

    لا تقــــــــــــــــــول


    اتفقت مع هيله أن احجز لها بأشهر صالون بالرياض
    بعد مغرب الغد
    إذا انتهيت من لقاء نادين

    ذهبت لغرفتي
    واتصلت باستقبال الصالون
    حجزت لهيلة
    ترميم كامل
    كما طلبت

    لمن تتزين المرأة بسخاء
    للرجل
    إجابة خاطئة
    الرجل أبخس زينة للمرأة

    كان سريري الصغير محتل من علب المجوهرات
    فتحت الغطاء
    ليشع الماس بنوره على وجهي
    مبهر اللمعان المحرر من مناجم التراب
    أغلقتها مسرعة
    خفت أن يغضب القمر ويرفض أن يسلمني نظرة الساري له
    فلا يجتمع ارضي وسماوي معا
    فتحت شباكي
    وتلثم القمر بنطف سحاب وشح علي بانعكاس وجه الغائب عليه
    استلقيت على سريري
    انظر للقمر
    انتظر العفو
    ونمت


    في الحلم كنت على ضفاف بحيرة صافية
    أسبح بلذة
    خرجت منها ولففت جسمي بمنشفتي الوردية
    جلست على العشب انتظر
    كان الساري خلفي
    يخرج من الماء
    تنزاح المياه عن بيجامة المستشفى الزرقاء فتغدو بيضاء ناصعة
    يبتسم فرحا
    لينقلب رضاه كدرا
    و يشير بإصبعه على كتفي
    انظر أجد حبال السوداء بدأت تنمو
    ما خفت
    أشرت له بيدي أن يصمت
    وسلمتها جسدي لتغطيه كله

    استيقظت
    والعرق البارد يغطيني متجاهل نسائم باردة تهب من شباك لم يزره في ليلته القمر
    تفحصت كتفي
    خاليا
    إنها الحبال التي أفزعت أمي
    لماذا طلبت من الساري أن لا يقول
    هو يتحول الآن
    لأنقى
    أسعدتني هذه البشرى
    وأنا
    ماذا يحدث لي


    هذا ما قاله سعد الماكس في سيارته بالطريق إلى الجامعة صباح الغد :
    ميثى أنت وش قاعد يصير لتس
    كنت انتظر أن يطلب مني وصف مقر شركة أبناء عمي
    إذا به يردد سؤالي بعد كابوس
    قلت لأطرده خارج حدود أملاكي الروحية الخاصة :
    سعد أنا أجهز لعرسي
    واحتاج سواق
    ما عندك مانع
    الله يعطيك العافية
    مرتبط
    انتهينا

    قال كثير بصوت لا يسمع وبسرعة لا تفهم إلا كلمات منها :
    سواق
    لي الشرف عمتي

    قلت وأملي أن القلوب الطيبة مفاتيحها استنجاد :
    أنا أبي أصير بحماك
    تذكر
    حماك

    قال بصوت لا يخطئه السمع :
    أنت كنتي بحماي عشاني

    لا
    يجب أن أوقف الكلمات القادمة
    الزمن
    انساب من بين كفي مرة عندما خطبني فهد راكعا بعبثية بجوار كنبته القديمة
    والآن
    كفى
    لتتوقف الكلمات الخطرة
    قلت بأمر العمة للسائق :
    سعد
    انتبه
    لا تقول شيء
    سكت سعد
    وعرف أن سبب ضمي لحماه وصل لي وان استحال أن تتجند أي حروف بمهمة انتحارية للتعبير عنه
    استمر الصمت إلى اقترابنا من بوابة الجامعة ليقول ببرود :
    وين هي فيه شركة المعزب
    وصفت الطريق ونزلت متأخرة


    عند خروجنا من الجامعة أنا و فطومه ظهرا
    طال انتظارنا لسيارة سعد
    إذا به يفتح باب السيارة المرسيدس السوداء الواقفة أمامنا منذ دقائق
    وهو يضحك ويقول :
    ما بغيتوا تعرفوني

    لتصفر فطومه رغم زحمة البوابة وتقول :
    اكشخ يا ذا العز

    في السيارة كلمني يوسف معاتبا :
    إلى الحين ما مريتي على مزنه

    قلت له :
    ما تصدق كيف مشغولة

    قال بضيق :
    عادي
    الفلوس تغير النفوس

    يوسف
    كيف تعيب المال وأنت تطارده بين كل ممنوع
    هذا هو الحال هنا
    نذوب عشقا بما نجلد بسياط ألسنتنا
    نمعن بسب كل ما تمجد قلوبنا
    الازدواجية ديدننا

    تابع بحماس :
    أنا كلمتك بطلب من أبوي
    ممكن تسألين لنا فهد
    وش بالضبط قالت الداخلية لعمي عثمان
    أبوي منحرج يكلم عمي لأنه دايم يقول له لا تحرجني بأولادك الثلاثة
    وحنا ما ندري
    نبي نستقبله ويجي معنا للبيت
    وإلا يبونه الداخلية يحققون معه نأخذ عياله للمطار يشوفونه
    ها تسألينه

    إذا كان فهد ينهى أن أناديه باسمه مجردا أمام الناس
    فكيف أن أشعت بين الأسرة أنني اقصر الطرق إليه
    قلت ليوسف بجرأة :
    أسفه
    عندكم رقمه كلموه
    النفوس تغيرت على قولتك

    وأنهيت المكالمة
    لتقول فطومه بدعابة :
    ميثى
    ترا أنا صقيقتك

    في العصر
    جاءت سيارتي الجديدة لموعد نادين
    وانطلقنا لمقر الشركة
    حيث كانت تنتظرني
    نادين التي كانت نادرا ما تتعطف وتسألني عن أخبار الدراسة وكيف الحال
    تنساق اليوم لمشيئتي بتبعية يمتاز بها من يعبد الدولار
    حاولنا إنهاء كل الإجراءات والمواعيد التي أمر بها فهد
    وما بقي وعدت بإكماله وحدها
    وعرفتني على جيزيل صديقتها التي استعان بها فهد لمساعدتي بالتجهيز للزواج
    كانت سيدة قصيرة متأنقة
    تكلمت عن مميزات مظهري وعيوبه
    وعن احتياجاتي كعروس المدرجة عندها بقوائم محترفة التنسيق
    كانت تسألني رأيي :
    شو بديك
    متل ما بتريدي
    بس انا بأئترح عليك هيك

    تخيرني
    رغم أنها قادمة من عالم فهد القائم على المفروض

    أخذت قياساتي لإرسالها بالبريد الالكتروني إلى ميلانو فقد اختار فهد فستان العرس
    قالت :
    الشيخ فهد
    بدا يكون مفاجأة إليك


    ممتعة جيزيل
    كانت موسوعة معرفية بالذوق واللياقة
    وعلى اطلاع بشبكة محلات الرياض الراقية التي لا تظهر خفاياها لكل من طرق أبوابها سائلا الجديد
    كثيرة هي الترتيبات
    ولكنني أنهيت الجلسة لوعد بيني وبين هيله
    طلبت أن نتقابل السبت القادم
    لتعرض على ما استطاعت توفيره من هنا وخاصة فستان حفلة الأحد و تجهز قائمة باحتياجاتي التي ستراسل لإحضارها من أوربا


    قالت بقلق وهي تعيد تنظم أوراقها بملف مقوى :
    أوف تلات أسابيع شو وئت أصير
    بس كل شيء بدو يصير
    متل ما بتريدي

    هل أقول لها
    لا تقولي مثل ما أريد
    أنا لا ادري
    إرادة من هي التي تتلاعب بي

    بأحلام البنات
    ما كان فستان الفرح طائر غامض يهبط من ايطاليا
    وما كانت البدل الرسمية لباسي ماتينيه
    والأسود هو السواريه
    وما تمنيت فراء ال******************************** أو معطف طويل
    ما عيب أن ارسم فستاني ليفسده الخياط وتخفي عيوبه طرحة الدانتيل البيضاء
    وان البس التنورات المنفوشة والفساتين الملونة بالخرز المنثور
    لماذا يا فهد هذا الإصرار على أن تبخل على رغم كرمك
    تجرد زواجنا من جمال العفوية وارتباك الخطأ
    هل يحق لي أن اعترض
    أما قلت انه
    انتقام


    كانت هيله واقفة أمام باب بيت السويدي تنتظرني بعباءتها
    أجلت الاطمئنان على صحة مزنه لعودتنا
    التي تأخرت بسبب احتياج هيله لخدمات قائمة الصالون كاملة
    إذا سأراها بالغد
    فهيله تقول أن عمي سيقيم مأدبة غداء للعائلة بمناسبة عودة مصعب
    ويذبح حاشي

    الجمل رمز الصحراء حيا
    وسعادتها النادرة منحورا
    أوصلني سعد لبيتنا وأنا مرهقة
    لأنام ببنطلون الجينز وبلوزتي القصيرة
    في الصباح الباكر
    أيقظتني أمي وهي تسمي الله
    قلت لها وأنا أظنها كعادتها غاضبة من نومي بالبنطلون الضيق :
    ما أبي أغير
    مرتاحة فيه بس تكفين خليني أكمل نومي

    لكنها قالت بصوت خافت :
    ميثى قومي فهد يبيك بمجلس الرجال
    نظرت لي وتابعت :
    وكدي شعرك

    قفزت من السرير ونظرت لساعتي
    كان الساعة السابعة
    هل أخطأت بأوراق الأمس
    رتبت شعري بيدي وأسرعت للمجلس
    وكان فهد وجه يكسوه السواد
    يدخن بقلق
    قلت أمازحه :
    أي غلطة أسفه
    النظام التعليمي عندنا هو السبب
    نتفاهم بشويش
    بس تكفى
    ما أبي محاضرة يوم الخميس

    ليقول دون أن ينظر لي :
    صباح الخير ميثى
    استلمنا مصعب

    يصمت ليأخذ نفسا عميقا من السيجارة ويقول :
    و وديناه الراجحي

    نرفض أن نستوعب كلمة النهاية وان سطرتها حروف صارخة
    لذلك قلت :
    أي راجحي
    فيه بنك فاتح الحين

    قال فهد :
    مسجد الراجحي
    مغسلة الموتى

    قلت طلبي اليائس :
    فهد
    لا تقول
    تكفى
    لا تقول

    ما كان فهد ليصغي لهروب فأكمل :
    مصعب راجع من العراق جثة

    قالت أمي الواقفة عند الباب بإيمان العجائز :
    لا حول ولا قوة إلا بالله
    إنا لله وإنا له راجعون
    عياله يعرفون

    قال فهد موجها الحديث لي :
    أنا قلت اخذ ميثى تعلمهم
    زوجته كانت معك أمس

    نعم كانت معي
    تبدد ظرفها الأزرق على لقاء مصعب الذي لن يري لون شعرها الجديد
    أو يصافح يدها المنعمة بالبرافين
    ولن يتمرغ بما فعلناه لنهزم سلطة السنين على مقدرات امرأة منسية

    مسكينة هيله
    تزينت لزوج عائد مشحون بصندوق بعد أن لفظته مدن جهاده المزعوم
    هي لا تعلم
    أن الرجال هنا لا يخطئون
    لهم الدنيا يسرحون ويمرحون
    وإذا تذكروا بيتا بزوجاتهم مسكون
    وعادوا
    كانوا هم الفاتحين
    وزوجاتهم أسرى الخطيئة التي نفتهم للأزقة التي بها عن المتع يبحثون

    لبست عباءتي بجمود المفجوع
    ركبت السيارة بجوار فهد المتوتر
    كانت يده القوية تمسك بالمقود
    رأيت فيها حركة واثقة
    قريبا سترحل
    مثل مصعب
    هل بمثل هذا تفكر يا فهد
    احتاجك
    ساندني بقوة تنبض بها
    الآن
    أنا اضعف من انقل خبر وفاة لزوجة مشتاقة
    وضع يده اليمنى بالقرب مني بما أغراني أن استأذنته بما يكره
    أن يتصل به جسدي
    وأتحسس الحياة في يديه
    قلت بصوت يخاف مصير التجاهل :
    ممكن امسك يدك

    ليرد وعينيه لا تفارق الطريق :
    لا

    قلت وكأنني متسول لحوح :
    طيب
    أديني سيجارة

    أطفئت ما تبقى منها قبل أن ادخل بيت السويدي
    بعد أن صورني فهد وأنا انفثها بعمق
    بلعبته الجديدة التي بدأ يستفزني تكرارها
    كان أولاد عمي جميعهم يرتبون السجاد الأحمر المستأجر بساحة البيت الكبيرة
    التفوا حول فهد ليتحادث معهم همسا
    رأيت عبد الرحمن ابن مصعب بثوب جديد
    يصرخ بوجهه فهد :
    أنت السبب
    قلت لنا ما دام قالوا استلموه يعني ما يبونه
    حتى حنا بعد
    ما نبيه
    ميت
    ما نبيه

    أخذه يوسف خارج البيت ليهدئه
    وركضت للداخل لئلا ينقل صراخ عبد الرحمن الثائر الخبر قبلي
    كانت هيله بالصالة واقفة
    امرأة محسنة
    تنتظر غيري
    الذي لن يعود
    نظرت لي وقالت :
    ميثى
    يا خسارة ظرف السنة
    ليت شريت به سيكل لعبد الرحمن وشنطة لحصة ورفعت الباقي للعيد

    ضاعت أموال ظرفك يا هيله على عملية خاسرة
    ترميم امرأة بور
    لن يطأها رجل

    فكرت
    كأنك لم تخسري غيره يا هيله
    حضنتها
    وبكينا

    سرعة الانتقال من الفرح للحزن امتياز نجدي
    بلحظات فتح بيت عمي للعزاء
    ولبست هيله السواد
    وصار المهنئون معزين

    وفي العاشرة جاءت الجوهرة و ميساء للعزاء
    نظرت لي ميساء بغضب
    لم تحادثني بكلمة
    فكرت أن اصعد لمزنه بغرفتها

    كانت ُمسجاة على سريرها تنظر للفراغ بعيون مفتوحة لا ترى إلا الخواء
    وضعت رأسي على طرف سريرها
    وبكيت الميتة الأخرى
    سمعت صوت عبد الله يقول :
    تراها ما تدري عنك
    ما في داعي للتمثيل

    رفعت رأسي ورأيت الحقد مصورا برجل وقلت :
    عبدالله
    أنت تحسب كل الناس مثلك

    قال بسخرية :
    يا ليت مثلي
    طلعتي أحسن مني بمراحل
    فهد
    وش ذا الهبره يا ميثى
    يا حول يا أنا اللي تورطت بأم رجل


    هنا وقفت وأنا من يرفع السبابة هذه المرة
    فلم اعد سلمى
    التي لا تستطيع الانتصار ولا تطيق الانكسار
    أنا ميثى التي قلت له مهددة :
    تهنئتك بالزواج وصلت بالجوال
    وبعدين
    لا تقول الكلمة هذي ثاني
    فاهم
    لا تهين بنت عمي و أخت زوجي
    أما أني أحسن منك
    بمراحل
    هذا أكيد

    كان يظن أن له حصانة من ماضي العشق
    ليتجرأ بصفاقته على مسمعي
    لكن شفائي منه جعله يخرج متعثرا بثوبه

    نظرت لمزنه
    كأنها غفت رغم العراك
    كان الأطفال يلعبون بمكنونات مكتبها
    لتصير طائرات وسفن ورقية
    لن يرضيك يا معلمتي سر الكلام أن تهان الأوراق وتستباح الأقلام
    أخذت استرجعها من أيديهم الصغيرة العنيدة
    وأرسلهم لساحة الدار ينتظرون الغداء
    الحاشي الموعود

    خط مزنه الجميل مسطرا رسالة أخيرة

    لا تقول
    عني
    مقتاتة على الفتات
    أنا من وهبتك ملذات الحياة
    و صوتك كان بعثي من ممات الأجداث
    ف*** أحافير كل حضارات الجزيرة


    لا تقول
    عريس أنا لهيفاء
    تعيقينني يا أنت عن متعة الأجساد
    أنا
    أسألك فقط
    لماذا تلونت كالحرباء
    إما كنت لك كل النساء
    لا تقول
    لا تقول

    مزقت الورق
    سيقول يا مزنه
    ويكفر بجدارية تشريعات مزنه القادر






    رد مع اقتباس  

  6. #16  
    الفصل السادس عشر
    الـعـشـيقــة

    كانت أيام العزاء الثلاثة ببيت عمي
    مزدحمة بالتناقض
    هناك من رثاه شهيدا
    ومن حاكمه إرهابيا
    كل تلك الأوجه ما تركت إلا الضيق
    أي مواساة من تطفل
    شهدت مظاهره نسائيه
    بلافتات من أنواع العباءات التي تعبر عن الانتماءات الفكرية المخفية
    ففي بحر من السواد
    تتمايز
    تلك المعتلية لقمة الرأس المبجلة
    والمزاحة على الأكتاف المتمردة
    ولأن الموت حاضر
    تتأدب العيون المتعارضة بجدل محبوك من نظرات
    فقط

    ألزمتني أمي بالوقوف بجوارها
    فكثير من كان يسأل :
    وين زوجة فهد

    قيمة متضخمة تكتسبها المرأة من الزواج
    بقدر هامشيتها قبله

    ماذا تكسب المرأة من الزواج
    قيمة اجتماعيه
    إجابة خاطئة
    قمة الجوع

    في اليوم الثالث
    خرجت من بيت عمي عبد الرحمن مبكرا للقاء جيزيل في مقر الشركة التي أحضرت الكثير للتجربة والقياس
    طلبت من سعد أن يحضر فطومه أريدها معي
    جاءت متأخرة
    بعد أن أنهيت معظم الاختيارات
    فأبدعت بإزعاج جيزيل بتعليقاتها الساخرة التي أخرسها فستان حفلة الأحد
    الغجري الجميل برسومه المرحة ومشد يعلوه من الجلد الأحمر و حذاء بكعب زجاجي مرتفع
    أحببت الفكرة
    أن أسير على الزجاج

    وطلبت من نادين تؤكد موعدي مع الصالون
    لتقول فطومه بقلق :
    إلا ابشري بالدجة والرسوب
    ولا كأن عندك دراسة وامتحانات نهائية
    من عزي لعزيمة
    ويا قلبي لا تحزن

    خفت من حديث عن المذكرات المهملة على سطح مكتبي
    هل سأضيع جهد سنوات الجامعة
    وان كان
    وماذا تعني لي الشهادة بعد أن و قعت تلك الأوراق وملكت ما تعجز أرقامي التي تعلمتها منذ الصغر على إحصائه
    كلمني فهد ليسأل :
    خلصتي مع جيزيل
    وليكمل بأمر دون أن يسمع جواب :
    بكرة الساعة سبعة بالمسا يجيبك السواق عندنا
    وكمان أودعك عشان مسافر

    استغربت أي سفر
    والقادمون يعودون بتوابيت :
    وين مسافر ومتى بترجع

    ليقول بما يبعثر هواجسي :
    لندن
    شوية أعمال
    وعشان ما أعطلك عن المذاكرة
    راجع يوم الزواج
    لا تتأخرين بكرة

    مفتون بلندن
    أخبرتني نادين انه اختارها لقضاء شهر العسل
    وعلى طريقة فهد الخاصة
    دون أن يسألني


    عصر الأحد لبست فستاني الجديد
    قرأت أمي المعوذات
    وشهقت منيرة كيف تغير الملابس النساء
    ذهبت للصالون
    حيث نفذت توصيات جيزيل بدقة
    عندما انتهيت
    كانت بالمرآة
    حرم فهد القادر تبحث عن ميثى في قسماتي
    وهذا ما أرهق شغالة القصر جوزي العثور عليه عندما فتحت لي الباب الرئيسي لمدخل النساء
    ما كنت لأدخل من الأبواب الخلفية بعد عقد القران
    في صالون النساء
    كانت ميساء تتحادث مع صبا وريما الجميلتين
    من كل رفيقات ميساء أحب هاتين الأختين
    لريما ملامح تشبه أمها زهوة بجمال صارخ
    أما صبا فتتمتع بنعومة ورقة عذبة وجاذبية فائقة كوالدها ماجد الذي تجاوز الستين وعيون النساء لا تمل من النظر
    كثيرا ما احترت
    كيف كان في شبابه

    دخل الصمت معي
    زوجة فهد
    نظرت لي ميساء
    أعجبتها
    قضيتها معي بسيطة
    هي لا تريد ميثى تحرجها
    الآن
    لا شيء يحجزني عنها
    سلمت علي بكلمة اشتقت لها رغم سماجتها :
    أهلا حبوو كيفك

    هذا سر اقتحام جلسات البنات المغلقة
    فستان جميل وتسريحة بديعة
    يبدو أن ميثى شو
    لا يقاوم

    كان ترحيب الأختين بي فياضا
    ومع اندماجنا بحكايات حبسها طول الغياب
    دخلت زوجة عمي الجوهرة تضحك مع صديقتها زهوة
    للحظة لم تعرفني
    مدت يدها مصافحة الضيفة الغريبة
    سلمت عليها
    سمعت صوتي
    تجمدت الابتسامة المرحبة على وجهها
    فقضيتها معي معقدة
    حيتني زهوة ببرود
    وقالت :
    مبروك ميثى
    حياة سعيدة إن شاء الله

    أكملت لتخلصني من غرور التفوق :
    السنة هذي كلها أفراح
    ميثى
    وميساء
    وريما
    ما بقي إلا صبا

    لتقول ابنتها الصغرى بغنج :
    لا أنا خلوني على مهلي
    كفاية عليكم ريما
    انسوني شوية

    التفت لريما وقلت :
    مبروك
    ومتى الفرح

    قالت بحسرة :
    أنا فرحي بعد ميساء بأسبوع

    قالت لميساء مهددة :
    يعني تأخري الهني مون لحد ما تحضري فرحي

    وبهذا غرقنا بتفاصيل التجهيز
    هنا بالمقارنة
    عرفت أنا متفوقة يا زهوة
    بجيزيل
    التي وفرت لى ما تتخبط في إيجاده ميساء وريما
    ما كان لي أن اعتب على فهد
    نظرت له بامتنان كان بالحديقة يجلس بين ماجد الضيف المميز وعمي الذي نادرا ما يحضر مناسبات القصر الاجتماعية
    وهو متوترا يهز رجله بعنف مجبرا على مجالسة من مالا يرغب

    ماذا سيقول حين يراني
    أنا الجديدة

    بدأت همسات الجوهرة وزهوة ترتفع حديثا مسموعا
    عني
    وليصفى جو الحديث بلا خوف من انقل لفهد ما تقول أمه
    قالت الجوهرة زوجة عمي لميساء بتململ :
    ايش رأيكم تطلعوا فوق
    وريهم يا ميساء موديلات السهرة اللي اخترناها

    وبعد لحظات من التفكير
    ارتابت الجوهرة بنوايا ميثى التخريبية لتقول بحرص :
    بس خلي فستان الفرح مفاجأة

    اطمئني
    أنا من تخبئ فستانها
    حتى عني
    ليس لؤم بقدر ما هو جهل

    في صعودنا للدرج الواسع
    قابلنا أيمن بخطواته السريعة
    حيا ريما وصبا بمرح
    فكثيرا ما يتقابلون برحلات الخارج
    وقف أمامي
    ونظر لي
    بمثل تلك النظرة التي اخترقتني بحفل الرجال في الاستراحة وأثارت نادين غرابتها
    عميقة
    طويلة
    متفحصة
    تذكر بما هو أجمل من الشوكلاته
    وتنذر بعاصف
    ما هو يا ترى
    نزل
    دون كلمة
    و صعدت للأعلى
    نظرت لحذائي الزجاجي خائفة من سقوط المرتبك
    لمحته
    واقفا بالأسفل
    يتبعني بعينيه ويهز رأسه كأنه ينفض مشهدا مزعجا من أن يسكن ذاكرته
    عرفت أن لا أخاف أن اضغط بقدمي على كعبي العالي
    ما لم تمزقني تلك النظرة
    فانا حاوي
    يمشي فوق الزجاج

    في غرفة ميساء تحررت قصص تستحي من وجود الكبار
    كانت الضحكات تنافس الكلمات
    أول قبلة لريما
    و غزل عبد الله بميساء
    هذا المخادع
    لو تعرف ماذا سماها في غرفة مزنه
    كيف يملك كل هذا الكذب
    وقف الدور علي
    ماذا أقول
    قالت صبا بلطف بالغ :
    بلاش دلع حكينا
    أنا ما اقدر أتخيل فهد يحب

    سالت عن أخيهم قيس الغائب تهربا من أن اكذب :
    فين قيس
    ما جا معاكم يعني

    لتقول ريما بصوت يخفت عن أمها وهي بالدور السفلي :
    قيس برحلة جماعية مع منظمة تابعة لهيئة الأمم المتحدة
    هو وصديقته اليهودية
    يائيل
    يموت فيها
    وكل ليلة جايب لأهلي الجنان
    كتابية
    خلافنا معاهم سياسي
    ومن حقي أرتبط باللي أبي

    قالت ميساء بتعجب :
    ومسموح انه السعودي يتزوج يهودية

    قالت صبا باستخفاف :
    هو مو حرام
    بس الإجراءات كيف ما ادري
    بس ماما تقول أنها حالة وتعدي

    تخيلت فهد القومي عندما يسمع بغراميات قيس
    سيكره هذه الأسرة أكثر
    فلازال يستمع لأخبار فلسطين وان فقدت جماهيريتها ورحل زعمائها
    يدندن مع مارسيل خليفة بخشوع المسبح
    ويقرأ لدرويش ولقاسم ولطوقان وكأن الحرف محرر
    هل سيصدق أن سعودي يفكر بمصاهرة يهود
    أظنه سيرحب بموته الذي سيرحمه من أن يشهد مثل هذا
    ففي نشاط مدرستي الثانوية
    ما احترت لحظة
    وقلت لمعلمتي اعرف اين اجد هذا الشعار
    واستعرت الشماغ الفلسطبني من فهد
    وقلت له :
    ذبحونا بها القضية
    كأنه مقدر علينا نتذكرها أكثر من أهلها
    إذا كانوا يقولون ارفعوا أيدكم عنا
    حنا أبخص
    هذي بلدنا يا النفطيين
    بس إذا جا وقت المساعدات
    طلعت لنا
    اسر الشهداء
    وأطفال لحجارة
    وقضية العرب الأولى

    يتجاهلني حانقا وهو يخرج الشماغ الأسود والأبيض من درج مكتبه الواسع
    ثم يقول :
    ما بقي إلا أناقش مراهقة
    طيب ليش ما غنيتي أو مثلتي للسعودية

    اخطف الشماغ وأقول:
    ما حطوا لها إلا فقرتين
    وبايخة

    كان فهد بتلك الأيام لي أقرب
    كيف تغير
    وأنا أفكر به
    دخلت الشغالة جوزي لتبلغني أنه يريدني بجناحه المجدد
    أحاطني ضجيج و غمزات
    بطريقي إليه
    عدلت من وضع المشد وأرخيت الأكمام لتكشف الأكتاف
    وسويت خصلاتي الثائرة على وصايا جيزيل
    دخلت الجناح
    وضعت يدي على خصري الذي يبرزه هذا الفستان
    كان واقفا وسط الغرفة الرئيسية
    فخورا بما أنجز بوقت قصير وذوق مترف
    قال بثقة :
    وش رأيك

    قلت
    وأنا انتظر إجابة منه على نفس السؤال :
    حلو

    قال بعصبية :
    حلو
    كل ها المجهود وحلو

    ليبدأ بحديث ممل عن تفاصيل التجديد
    الشركات الأفكار العمال الخامات
    كنت أتصنع الإصغاء
    أغضبتك كلمتي الوجيزة
    لم تعطي الحيطان المكسوة بالحرير وثريا الكريستال الملون حقها
    والإنسانة التي أمامك
    تكفيها كلمة
    قل لي
    حلو
    لن اغضب
    قل
    انظر لي
    توقف عن تفحص السقف والأرضيات
    فتحت الشباك
    كان صوت سعد يحمله الهواء من حيث يجتمع السائقون
    صاخبا
    مثل ما كنت
    قبل أن أبدا أموت مع فهد

    نظرت للسرير الفخم المغطي بمفرش من الستان اللامع والأشرطة الذهبية
    جلست على حافته
    كان مرتفعا
    جلست مستندة بيدي الممدودة خلف ظهري العب بقدمي ذهابا وعودة
    اطرق بحافة كعبي الحادة خشب الورد المحفور قاعدة للسرير
    هل تعمدت أن استفز فهد
    بحركاتي
    ربما
    لكنه استمر بحديثه الذي لم يوقفه
    إلا رنين جواله
    ليقول بحماس بعد تعرفه على الرقم :
    هذا نياز مدير مكتب لندن
    عن إذنك

    ويلتقط لي صورة وأنا فوق السرير
    ويخرج

    اكره رائحة الخشب المنبعثة من الأثاث لجديد
    كأنها تشكي أسرها من الغابات إلى الحجرات الضيقة مهما رحبت
    لا احتمل شكوى مظلوم لعاجز

    أريد ألفة الكنبة العتيقة
    كانت بالغرفة المجاورة
    بألوانها القبيحة
    يا ملعبنا صغار بانتظار أذن الدخول للقصر
    أدور وأدور
    و ميساء خلفي
    لكن حذائي المرتفع صار مؤلما
    حللت الرباط
    وأخذت العب
    فالدوران يداوي الرتابة
    تعبت
    اختبأت خلف زاوية المسند العريضة
    كانت ميساء تحتار أين ذهبت
    وتبحث عني
    وأنا متكومة كجنين وديع برحم حاني
    أريد أن أبقى هنا
    بعيدا
    عن تفحص الجوهرة
    لخطوتي وقصة شعري وفخامة دبلتي
    و تجاهل فهد
    لأنوثتي
    وذلك الوعيد الساكن نظرة أيمن
    الذي لا أخطئه
    خبيني
    يا لعبة الطفولة

    سمعت فهد ينادي ميثى بالغرفة الرئيسية
    قبل أن أجاوبه
    قال أيمن وهو خارج الجناح :
    يمكن نزلت للعشاء

    وصلني صوت ولاعة فهد وهو يرد :
    أنا تركتها عشان أرسل فاكس لنياز

    دخل أيمن للجناح ليقول باستدراج خبيث :
    يعنى مسافر يا عريس

    ليرد فهد مؤكدا :
    مسافر
    بس جاي لحفلة الزواج

    قال أيمن محققا مع أخيه :
    يعني اشتقت لليزا
    طيب فهمني
    وش تبي بميثى

    أجابه فهد بتفاخر رجل مع مثيله آمن من تصنت امرأة :
    أيمن
    هذا شأن داخلي على قولتهم
    بس عشانك اخوي
    أنورك
    ليزا غير
    هوى الغرب مختلف
    بلا حدود
    مين تكون ميثى عشان تلغي ليزا من حياتي
    وش يعرف ها البدائية بفنون ليزا
    أنت بوعيك
    تقارن ميثى بليزا

    قال أيمن مشجعا حديث يروي نشوى احتقاري :
    الحين أنا فهمتك
    يعني زواج ميثى واجهه اجتماعية
    وحده مثلها
    راح تخليك على كيفك

    قال فهد مختالا :
    زواجي من ميثى له متعته وأهدافه اللي ما تقترب من علاقتي بليزا
    إلى هنا و انتهى الدرس
    ارتحت الحين
    خل ننزل تأخرنا عليهم

    أعلن خروجهم صمت
    إذن فهد مسافر للقاء العشيقة
    الفائقة القدرات

    بدا الشك يطل برأسه الماردي الضخم
    قد لا يكون فهد مريضا
    ماذا عن الأوراق التي وقعتها
    خدعة لإرضاء طمع الفقيرة
    وحلم أمي
    ا اصدق أضغاث أحلام
    وحالته الصحية المتغيرة منذ سنة
    وصداعه المستمر
    وفقدان السفر لتأثيره عليه
    ما أدراك قد تكون أعراض العشق والوله على ليزا اللندنية
    شعرت
    بإغماء
    أو يقظة
    بحثت أين فردة حذائي الأخرى
    كانت هنا بقربي
    نهضت من خلف الكنبة بفرده واحده
    ليقدم أيمن الأخرى

    بانحناءة ساخرة وهو يقول :
    أتمنى انك سمعتى زين
    يا سندريلا

    قلت له وأنا أداري الصدمة :
    يعني عارف إني وراء الكنبة

    قال بتشمت دنيء :
    نسيتي انك كنت فرجتي
    وألعابك دنيتي
    شفت الجزمة وأنا بالممر
    وعرفت
    اللعبة القديمة
    بس فهد هو اللي عارف قدرك
    كبير هو على سحرك
    يا بدائيه

    يا ليت لي من السحر ما يخفيك من أمامي يا أيمن
    جلست على الكنبة
    جمعت قدمي لحضني
    وأنا من كانت تشفق على ميساء المخدوعة بحديث عبد الله منذ دقائق
    لست بأحسن حال منها
    بقي أيمن واقفا
    ليسمع مكالمة سعد المزعجة التي رديت عليها ليشتكي بصوته العالي العابر لأذن أيمن ببساطة :
    ميثى
    تر ولد عمك أيمن
    قضب حلقي
    شايفك قبل كذا
    وين كنت تشتغل فيه
    انتبهي
    الظاهر انه عرف إني أنا اللي كنت معك بالاستراحة هكا الليلة

    قلت له وأنا واقعة في مصيدة أخطر :
    عادي يا سعد
    عادي

    ليرمي أيمن حذائي أرضا ويخرج من الغرفة ويقول بتلميح ******************************** :
    أنت سعد
    وفهد ليزا
    صدق
    لايقين على بعض






    رد مع اقتباس  

  7. #17  
    الفصل السابع عشر
    ســــــــــوان

    لا اذكر كم بقيت عالقة بين وسائد الكنبة القديمة
    أعاد رنين الهاتف الداخلي الحركة لأطرافي المتيبسة
    لأرد على ميساء وهي تقول بخيال شاعري :
    خلاص
    كفاية عليكم اليوم كذا
    تعالي نتعشى
    ترا ماما بدأت تشيط
    شغل حموات بئاا

    أخذت حذائي المرمي على الأرض
    أين أنت من حذاء السندريلا
    عنوانها الخاص
    قاد لها السعادة
    وأنت جلبت وعيد أيمن وحقيقة فهد
    لو لم يراك أيمن
    لبقيت ليزا خليلة فهد حبيسة الخفاء

    ما هو عقاب المتصنت
    سماع ما لا يرضيه
    إجابة خاطئة
    رضوض في السمع

    نزلت للدور السفلي
    وأكملت السهرة
    لم أرى فهد
    وما وادعني
    أحسن باختياري بائعة لجسدها درعا له عن نقد المجتمع
    أين له بقنوعة مثلي

    عدت لبيتنا في النسيم
    بتماسك ظاهر
    وداخل مشتعل بأتون من الأفكار
    التي سلمت لها نفسي
    وكان القرار
    يجب أن ادرس
    وانجح
    شهادتي اصدق من خداع الرجال
    ليرحل حتى الساري
    لا أريده بقمر ولا حلم ولا خاطرة ولا تلك الرائحة النجوى
    و أبي ساكن الصورة
    سأغلق عليه دفتر المذكرات بمفتاحه الذهبي الصغير
    اكتفيت من الذكور
    سأنجح بتفوق
    نمت
    لأستيقظ
    وارمي نفسي بين صفحات الكتب وجداول المذاكرة
    عالم العليا محاصر بعيدا عن غرفتي
    ليس لي منه إلا سيارة سوداء يقودها سعد كل صباح
    ومكالمات متقاطعة من فهد
    روتينية
    كيف الحال
    والحل بالامتحان
    وإلحاح للقاء نادين و جيزيل
    كنت أؤجل
    حتى سأل أمي عن جدولي وعرف أيام الفراغ
    ليكلمني بغضب ليقول :
    ميثى
    أنا ما افهم بدلع البنات
    لازم تخلصي شغلك مع الموظفات اليوم

    قلت بحيلتي السخيفة :
    بس أنا امتحن
    ما ني فاضيه

    ليرد بإصرار :
    وهم كمان
    عندهم شغل
    خلاص هذا أخر اجتماع معهم قبل الزواج

    قلت بثورة رفض متأخرة :
    بس أنا ما أبي أتزوج

    ليقول بحزم وإقرار لواقع :
    ميثى
    حنا متزوجين خلاص
    يا دلوعتي
    لمن أجي أشوف حكايتك

    ارق كلمة قالها لي فهد
    كامرأته
    كان الصدى ورائها مدويا
    البدائية

    حادثت نادين عبر أرقامها المكررة بجوالي بمكالمات لم يرد عليها لأخبرها أنني سأقابلها اليوم
    نظرت لأوراق التقويم المثنية فيه الصفحة الخالدة
    أخر يوم لي بجامعة الملك سعود
    بعدها بيومين زفافي على فهد
    لم يبقى عليها إلا ثلاثة أيام
    اعتصرني ألم
    كم سأشتاق لغرفتي
    تذكرت أول يوم سكنا بيت النسيم وصارت لي غرفة
    أنا وحدي
    مملكة على أطلال العوز
    قالت منيرة يومها :
    يا حظك
    صار لك غرفة من غير ما تعريسين

    وذهابي بنفس اليوم الحار مع عبد العزيز لحراج الأثاث المستعمل
    لأشتري ما يشبه غرفة ميساء
    بعدد القطع فقط
    عثرت بصعوبة على سرير ودولاب كجديدين
    أما تسريحتي كانت بأدراج مفقودة
    صنعت ستائرها من الشيفون والخرز ورتبت تذكاراتي وزينتي بأدراج عارية
    احترت بكتبي
    بقيت بكرتونها الورقي حتى جاء المكتب متأخر
    أعرجا
    بساق مكسورة
    رغم إعاقته حمل كتب الجامعة وأخفى مهرباتي من كتب مزنه
    أحبها
    ويعز علي فراقها
    لجناح فهد
    كم سيستمر زواجنا
    متى ينتهي هدف فهد منه
    منذ الخطوبة ما ودعتها
    قال ستعودين بعد أربعة شهور إليها
    من رحلة محبة
    رفقة
    الآن اشك بكلمات الطيوب

    جاء سعد عصرا على الموعد ومعه فطومه لتقول :
    طيب أنت تضيعين دراستك
    وبتعرسين
    بس انا
    وش ذنبي

    قلت لها أو لنفسي :
    لازم تدفعين ثمن الرفقة

    لم يعجبها المبهم من كلامي
    لأقول استجابة لقرصات أصابعها الحارقة :
    أنت بعد بيكرمك ربي بابن الحلال

    تستمر تحمسني بتوجيهات إشارات يدها لأنساق بمدحها :
    أكيد مرضي والديه اللي يبي يأخذك

    ليقول سعد بضيق من مسرحية مكشوفة :
    ميثى
    تبين شركة المعزب الحين

    وتلطم فطومه على خديها بيأس

    كانت نادين تحاول أن تكتم غضبها من تجاهلي لمكالماتها وتقول لي :
    جيزيل عاملة إليك ليست بالمحلات التوب اللي بلندن
    كل شي لازم تشوفيه هونيك
    أنا أرسلتها لمكتبنا بلندن من شان يضيفوها لبرنامج الرحلة

    لتقول فطومه متعجبة :
    أنت رايحة رحلة كشافة
    هذي هني مون
    بالعربي
    بالعافية يا ذا القمر
    معاريس
    صاكين عليكم غرفتكم وهات ياذا الروم سيرفس

    أسعدني أن حديث فطومه طلاسم لنادين و جيزيل
    شددتها من كم فستانها لأقول مؤدبة :
    فطومه
    استحي من ها الأغراب

    لتقول باستهزاء :
    من ها الأجواد
    هذولا تسحتين لو استحيتي عندهم


    أخذت فطومه تعبث بالطرود البريدية في المنتشرة في المكتب
    لتبدأ جيزيل بعرضها علي
    فقد وصلت الأشياء المطلوبة من أوربا
    وكانت متوافقة بمعظمها مع المواصفات بقيت مجموعة من العلب الملونة لتقول جيزيل :
    ازا بتريدي تشوفي إلي هدول

    ظننت أن تعليق فطومه أخجلني
    لكن الملابس التي كانت بهذه العلب تأثيرها عاصف
    قلت لها بحرج :
    معليش ممكن أقيسهم وحدي

    قالت جيزيل بابتسامة هي الأولى منذ معرفتي بها :
    متل ما بتريدي

    لتسترسل بعدها بما يجب أن ملاحظته عند ارتدائها
    وكيف اعرف مدى مناسبتها
    بسلاسة
    من لم يسمع كلمة عيب
    ولم يهدد بجهنم إذا ارتفع طرف الفستان
    وما استغرب من قبلات العيد التي توزع كحلوياته على الكل إلا بين الأزواج
    جيزيل هل عشت قريبة من لا حدود ليزا

    في دورة المياه الملحقة بالمكتب
    تأملت جمال الملابس الحريرية المثقلة بالدانتيل والفرو الناعم
    هل سألبسها يوما
    لا أظن
    أليس من شروط العقد أن جسدي يمتلكه ولا يريده
    لماذا القياس
    بعد غياب دقائق عدت وقلت لجيزيل كاذبة :
    مناسبين

    لتقول باعتزاز :
    أنا عارفه هيك
    بس كان بدي أتأكد

    وكأي عرض ختامه فستان الزفاف
    كان بصندوق خشبي
    أشارت له جيزيل لتقول :
    هيدا فستان الفرح بس الشيخ فهد مصر ما تشوفيه إلا يومتها
    شيء غريب
    بس رومانسي
    راح نبعته على هونيك

    كان أخر أعمال جيزيل أن نذهب لمحل المجوهرات
    لشراء قطع متنوعة تتماشى مع ملابسي
    والساعة
    الساعة الماركة
    هل كان تنازل يوسف ليمتلكها اقل مني
    في السيارة كانت ثرثرتي أنا و فطومه مع سعد واختياراتنا للأغاني الشعبية مثار ضيق جيزيل
    أخذت تنظر بتعجب
    أوكأنها تقول
    وان ألبستها كأميرة
    تظل بدائيه

    في المحل أعجبتني بعض اختياراتها ورفضت بعضها
    حارت كيف يرفض الذهب ويتمرد على الألماس
    لأنني لست بالرخص الذي تظنين
    حتى الساعات التي طلبت
    لم تعجبني
    أحست أنها بورطة
    لم نشتري الساعات بعد
    أخذت تحاور البائع ليحضر تصاميم أخرى
    كانت فرصتي
    ذهبت للبائع السعودي الذي ينظر لي منذ دخولي وكأنه يتذكرني
    كان بيننا وثاق غير مرئي
    كلانا في يم يجهل السباحة فيه
    الى حيث لا ينتمي
    تذكرت من عينيه الجريئة التي أغضبت فهد دبوس المجوهرات
    في ذلك اليوم كان بقايا ماضي رجل حر
    الآن
    هو رجلي و معها قبل الزفاف بخمسة أيام
    إما قال لي
    حنا متزوجين خلاص
    يا دلوعتي
    قلت للبائع السعودي بهمس :
    مساء الخير
    ممكن خدمة

    أسعده أن يقدم شيء
    بنخوة الأصيل قال :
    تأمرين

    قلت وأنا أحاول أن اهرب من تصنت البائع اللبناني :
    زوجي فهد القادر شرا من هنا لي بروش مفاجأة
    عرفت صدفة من نديم المرة اللي فاتت
    بس ما يبغاني أشوفه قبل عيد ميلادي
    يا ريت لو له صورة أو سكيتش
    عشان اعرف الملابس اللي تمشي معاه

    كرر بحماس :
    تأمرين

    ودخل بسرعة إلى المكتب الداخلي
    كانت جيزيل بحيرة من احتمال فشل المهمة الأخيرة
    تفحص المعروضات بضيق
    عروس دون ساعات
    وتفكر
    هل تحارب ميثى الوقت
    أم تثور على كلمة النهاية
    قالت فطومه بتعاطف مع جيزيل :
    اتركي حركات الكبر
    وساعدي ها المسكينة
    أي وحده من ها الساعات كانت لك حلم
    ها الحين تبطرين عليهن

    قلت وان أتابع عودة البائع السعودي من المكتب الخلفي وبيده ملف كبير :
    لا يمكن اشتري إلا شي عاجبني
    بعدين فطومه
    هذي أهم شيء بالصفقة الساعة الماركة
    الماركة
    تفهمين

    قالت بملل :
    افهم انك تبين تضيعين وقتنا

    رأيت نفس التعبير بعيون جيزيل الحانقة
    حجبها عني الملف الذي عرضه علي البائع السعودي كستار بيننا
    وفيه صورة صغيرة على الجانب الأيسر لورقة مواصفات دبوس المجوهرات
    كان بتصميم فراشة ذات أجنحة ملونة من الأحجار الكريمة على بتلات وردة من الياقوت الأحمر
    ركزت نظري
    وكأني سأري ليزا السرية فيه
    ارتبك البائع من تفحصي للصورة بجنون وهو الذي يرغب بإعادتها بسرعة ليقول :
    بعد إذنك
    أتمنى أن الصورة واضحة
    فكرت
    هل لك أن تتخيل ضبابيتها

    جاءت جيزيل لتقول بنفاذ صبر :
    مادام ما في شيء عجبك
    كفاية عليك هدولا الئطع
    والساعات
    شوفي محلات لندن

    لتقول فطومة بتأثر ساخر :
    تسذا تكسرين بخاطرها المسكينة
    ما ينفع اشري بدالتس

    لتنظر لها جيزيل نظرة حادة لتقول فاطمه :
    ادري بس امزح


    جاء اليوم المنتظر
    منذ الصباح الباكر كنا بالاستراحة

    رحب بنا عم حسين
    وفتح لنا الشاليه الرئيسي
    غرفة فهد
    حيث صندوق فستان الفرح
    وضعت منيرة ملابسها هي وأمي على السرير وهي تقول :
    الله يبارك لك يا ميثى
    صدق
    أحس ا ربي عوضني فيك
    استجاب دعاي

    كنت أنظر من الشرفة للحديقة الأمامية
    العشب الأخضر الممتد أمام الليوان الكبير تحتله تدريجيا طاولات الحاضرات بمفارش أرجوانية
    والمسرح الذي ينسق عليه المصمم كوشة الفرح بزنابق بيضاء ساحرة
    وريكسي يلاعب عبد العزيز
    تألف معه بسرعة
    أما أمي فكانت تنظر لهما من بعيد
    و بحركتها اللاواعية تلف طرحتها الطويلة حول جسمها وكأنها تحتمي بها من إعصار الفرح العنيف
    كثير ما تراه صيته يحيط بأبناء عبد الله القادر
    اعتادت أن نكون بآخر القائمة
    اليوم كل نساء الأسرة التي أهانتها تتسابق على رقاع فرح ابنتها الصغرى
    وبعد ساعات
    ستقف بجوار الجوهرة
    تلك المعززة بتاريخ أسرتها وأصولها العريقة
    مساواة مخيفة
    فتلف طرحتها بشكل أقوى
    وتبتسم

    الكل سعيد
    وأنا تائهة
    يستحيل أن افرح
    ولا أريد أن احزن
    من أجلك أمي
    وإيمانك منيرة
    لا مكان للندم

    قلت بحماس استوحيته من أطفال منيرة المحيطين بي :
    خل نشوف الفستان السر

    فتحنا الصندوق
    وكان الفستان الجميل
    قطع متعددة
    كل منها محاط بمخدات من الستان تحميه من التجعد
    أجمل ما رأيت
    كانت طبقات التل الداخلية تحمل جرس صغير
    يرن بعذوبة ومنيرة تحرك الفستان مبهورة
    وتقول بخجل :
    ميثى
    تسمحين أقيسه
    صدقتي منيرة جمال الفستان يتسع لنا كلنا
    لتقول بتردد :
    بس أشوف وش لون يلبس
    حتى لو ما صك علي !
    أخذته للحمام وأولادها يصرخون
    ماما تبي تصير عروسة
    نعم
    ما كانت منيرة إلا ضحية
    مثلي
    العرائس
    دمى شقراء قد تشبه ليزا
    لماذا لم يتزوجها فهد وهي التي لا تقارن بي ؟

    استقبلت مكالمة من فهد
    ليقول :
    صباح الخير

    قلت له بتأدب الواجب وأنا انزل للحديقة بعيدا عن صراخ منيرة و أولادها :
    الحمد الله على السلامة

    قال بصوته القريب بعد فراق :
    ها شفتي الفستان
    أنا خليته مفاجأة
    عارفه ليش

    رديت عليه بغيض :
    سخافة
    وألا هذا فستان الفرح ولازم كنت أنا اللي اختاره

    كأنه أحس بانقلاب ليقول :
    التصميم اسمه البالارينا
    حلمك
    اللي كان
    أحب الدهشة بوجهك
    وأبي الحق عليها الليلة
    و ما تفوتني

    وصلت للحديقة
    يركض ريكسي لي بفرح فأقول بقسوة متعمدة إفساد جمال البوح :
    تدري مين اللي شافها الحين
    ريكسي
    ليقول مصدوما :
    أش فيك
    يجاوبه نباح ريكسي ليقول بضيق :
    وعدنا الليلة

    لاعبت ريكسي المهمل بين شجيرات الغاردينيا
    واختبأت منه خلف نخلات استراحة عرقه
    الفاشلة
    ما اطلعت رطبا
    ولا أخفتني عن الزفاف
    لكنها استدعت الساري بقدرة تحضير الأرواح
    فنسمات الهواء بين سعفاتها
    كانت توشوشني شعره
    وطيفه لمحته بين جذوعها
    وطاردته
    وما التقيت به وان رأيته
    بأم عيني

    عثرت على فطومه لتقول :
    حالة النكوص للطفولة
    معناها الله يسلمتس انتس رافضة العرس
    بس تو لايت بلحيل ائئوي
    دانا وميس الكوافيرات فوق بدهن اياتس
    يبون يشوفون شغلهن

    أرهقت جسدي باللعب
    فاستسلمت لأيدي مبدعة
    مع الوقت
    أضيئت الاستراحة بإبهار
    و حضر الجميع
    وتأخرت الجوهرة و ميساء

    وأحيت خدوج بغنائها الصاعد بقوته الجميلة لغرفة فهد فرح عائلة القادر
    بعربون من السكريت ليرة ذاتها
    وعروس الليلة التي شاركت بحفل الرجال الماضي
    ولكن حياتها علمتهادفن الأسرار خلف دقات الدفوف
    والا يعلو صوتها الا بالسامري
    فهنا الرياض

    رغم أن هيله في الحداد على مصعب وأم محمد زوجة عمي عبد الرحمن غائبه
    أصرت الجوهرة على وجود الطرب
    وما كانت لتعاب
    تصرف وقح دارته مكانتها ونفاق المجتمع

    قالت ميس لتصرح للمصورة أن تبدأ بالتقاط الصور :
    هيك خلصنا
    بس خسارة
    كل ها الجمال والفرح صغير
    ليس للفرح مقاسات متعددة
    الفرح الليلة غائب
    يا ميس

    أعطتني فطومه باقة العروس الرائعة
    وسمعت الجرس بين طبقات التل بفستاني يرن مع نزولي درجات الاستراحة المزينة بأكاليل فاتنة
    وكانت الزفة المهيبة
    معبر مطوق بالشمعدانات الفواحة لتنافس عبير زهور الليل العبقة
    خفتت الأضواء
    لتركز علي بخطواتي المرتعشة في بداياتها

    لتشجعني فطومه بقبلة وتقول :
    خيال
    كل شيء خيال يا ميثى

    نعم
    كل هذا وهم
    زال الخوف
    وانسقت وراء السراب
    وأنا اسمع همسات الحاضرات وذكر الله من الخاشعات
    وصلت الكوشة الرقيقة
    البالارينا
    تحركت لأعزف بالجرس وأحيي الجميع
    قبلات كثيرة انهمرت من أقارب مر أزمان على رؤيتهم
    افتقدت مزنه
    تذكرت مكالمتها قبل أن تغيب عن دنياي
    دمعت عيناي
    أعادني للخيال الذي أحياه
    خفوت الضوء مرة أخرى
    جاء العريس
    برفقة أخي عبد العزيز
    وأبيه عمي عثمان
    ببشته الأسود ووجه المحبوب
    استوقفته نساء الأسرة المسنات بقبل غامرة وأحضان وفية
    شعبيته كاسحة
    تفوق عمي الذي وصل إلى الجوهرة قبله
    وعبد العزيز الذي يصنف بفكره الغربي القرابة إلى درجات
    وصل متأخرا إلي
    قبل رأس أمي باحترام
    ووجنتي أمه بخفة
    وحضن ميساء
    صافحته منيرة وهي تغطي يدها بطرف عباءتها السميكة
    وقرص وجنتي
    وهمس بإذني ليقول :
    اشو اللي لحقت بقايا على الدهشة بوجهك
    قلت له متجاهلة تعليقه :
    وين يوسف ليش ما جاء معكم
    تجاهلني بدوره
    سؤالي
    كررته الجوهرة عن أيمن
    قال عمي عثمان لها :
    كان معنا
    بس تعلق فيه ريكسي راح يهديه ويجي

    رقصت الجوهرة أمام ابنها
    اليوم طالع قمر
    بزهو
    وغرور
    وفرحة أم وان أنكرتها
    لكن فهد ضاق بسعادتها
    هل يؤذيه أن تحبه
    أم فشل الانتقام
    تغيرت ملامحه وعجل بانصرافنا
    أمام قالب الحلوى وضع كفه على يدي الباردة ورفع السيف الذهبي معي بتناغم جميل
    وقطعنا القالب بأدواره التسعة بسهولة وتناسق
    قال لي :
    يدك معايا يا ميثى
    أبيك معايا
    التسعة رقم غامض
    أحبه
    إذا إخترتيه بيوم
    تذكريني

    ما هذا
    تعبت من هذا التلاعب
    فهد من أنت
    أيها القادم من ليزا لتسافر لها
    أين أنا منك

    صعدت للأعلى مع أمي ومنيرة
    لأخذ عباءتي وحقيبتي وقبل الوداع
    بطريقي لفهد
    توقف غناء فرقة خدوج
    تفضلوا على العشاء الله يحيكم
    تردد بضيافة المدعي
    يتبعها
    صمت مفاجئ
    سمعت موسيقى اللوف ستوري ونباح ريكسي بآخر الممر حيث غرفة أيمن
    هل هو عالق هناك
    فتحت باب الغرفة المظلمة
    النور المتسلل معي أراني بشت أيمن الأبيض ملقيا بإهمال على مقعد كبير من القش
    كان واقفا أمام الشباك يداعب ريكسي بيده وعينيه لم تعد من هناك بعد
    حيث المراسيم التي غاب عنها وحضرها
    والصندوق المكسور بعزفه يغري جرس فستاني الساذج ليرافقه بدندنة تعلن وجودي
    التفت نظر بعينيه المتحجرة ووصفني بصوت يمزقه نكران :
    سوان
    بيوتفل سوان

    أنها نبوءة ماري التي واستني بها بعد أن عذبتني بأمر الجوهرة الظالم
    كأيمن
    سوان
    يا طائر البجع
    كم عانيت لقاء اسمك الجميل
    بكيت
    لا ادري
    لماذا
    بكيت حب أضعناه
    أنا وهو
    أيمن غيبك عني حب عبد الله
    وعاطفتك واريتها ثرى الطبقية وأبت إلا أن تبعث من جديد

    بجانب الصندوق كانت العلبة الحمراء بإطار ذهبي أخذها ببطء
    فتح العلبة
    الساعة
    الساعة الماركة
    قال بقسوة أيمن التي لا يضعفها حب :
    سألت نادين وش أهديك
    زوجة اخو ي الكبير
    بعد
    قالت ما شرت ساعة
    ليش
    تبين تهربين من عداد الزمن

    صرخ بقوة أمرة وهو يعطيني العلبة بصوت كصفعة أوقف دموعي من الخوف :
    البسي
    البسي
    خليها
    تحسب عليك
    ثواني و دقايق وساعات وأيام وشهور سنينك الجايه
    وأنت معلقة مع فهد
    سوان
    ملعونة
    محبوسة ببحيرة راكدة






    رد مع اقتباس  

  8. #18  
    الفصل الثامن عشر
    هجم النفط علينا

    البسي
    أيمن
    فعل الأمر زمن انقرض من لغة نساء العرب
    تركت يده معلقة بالهواء تحمل عطاء محروم
    جمعت أطراف ثوبي بيدي
    وغادرت مشهد الختام
    أتمنى
    في أعماقي هدير ينفي ذلك
    حمم الحب التي تتأجج داخل عاشق ستصليني بعذاب
    وان ركضت لفهد
    خلفي هي
    يقودها شغف مهان
    ستطالني بوقت تؤرخه تلك الساعة
    الماركة

    لماذا يموت الحب
    الظروف
    إجابة خاطئة
    أظرف ما بالحب موته

    أضأت أشجار الحناء المشذبة كستار بين مواقف السيارات والحدائق سيارة قادمة
    جاء يوسف
    قال لي أمس :
    لازم أشوفك عروس
    وأبي اعرض لك مع أمي صيته بعقالى و بشتي وأذوب القلوب

    أوقف سيارته الاستنساخ من بي ام دبليو أيمن
    بجوار سيارة فهد التي ينتظرني بداخلها
    وركض يوسف لي
    رميت بثقلي بين أحضانه
    استراح رأسي على كتفه ثواني
    أبعدني عنه لينظر لي
    قبل جبيني
    وسحبني من يدي لعمود النور الحديدي وهو يقول :
    ميثى
    خليني أشوفك زين
    ما ادري
    كنك تتغيبين عن عيوني
    ولا أشوفك ثاني

    قلت بتعنيف واثق :
    كلامك مستحيل
    تدري ليش
    أنا حاستي ا لسادسة قوية
    لو كنت ما راح أشوفك
    كان عرفت
    تتشطر على قلبي
    روح العب بعيد يا واد

    مسك يدي ليديرني وذيل الفستان المطرز والطرحة الطويلة تلهث لتلحق بدوراني السريع
    وقال بكلمات اقوي من منبه سيارة فهد التي تستعجلني :
    حتى لو غبت عني
    شفتك بأحلى صورة
    تصدقين
    جو الرجال مع العريس وما علموني وبغت تضيع عليك هديتي

    اخرج من جيب ثوبه الجديد علبة صغيرة
    بها الخاتم الأحجية
    البزل رينق
    من حلقات ثلاثية متداخلة مطعمة بالألماس
    بلاتينية وذهبية ونحاسية
    قال مبتسما :
    تذكرين يوم توريني إياه بالمجلة وتقولين ها الخاتم مثلنا
    لخبطة
    أخوة وقرابة وحب
    فزورة التصاق
    ما تنحل

    رأيت يومها بهذا التصميم انعكاس ارتباطنا
    لبسته
    بالسبابة اليمنى
    وقبلته شاكرة
    نظر للخلف ليطمئن أن فهد الذي لا يرغب بوجوده معي بعيد وقال :
    بأمان الله
    ميثى
    فهد ذا غيور بجنون
    انتبهي لنفسك
    سكت ليكمل بتردد :
    منه

    قلت له وأنا امسح اصدق الدموع :
    رحلتنا للندن العصر
    يوسف
    أنت بعد
    انتبه لنفسك
    وبنفس التردد أكملت :
    من نفسك

    هنا خرج فهد من السيارة ليقول بنفاذ صبر:
    ميثى
    كفاية
    شهر وانتم راجعين لبعض

    كف يوسف أحكمت قبضتها على يدي مكذبة كلام فهد
    ثم ارتخت بيأس
    ورحلت
    إلى قصر العليا
    فهد تجاوز بسعادته الليلة سخافات مزاجي المعكر كما وصف تغير ميثى
    وبدأ بحديث الرفقاء الطويل
    خليط الشعر والذكريات والسياسة
    فهد
    هل ملابسنا تنكرية
    ما ذنب فستاني الايطالي أن يعيش بغربة السعودية
    حيث افتقار الديار للمطر
    اضعف التصحر
    وارق الجفاف
    مقارنة بقلوب البشر
    حتى أعمدة النور الواقفة بشوارع الرياض شبه الخالية بساعات الفجر تعلمت ألا تتصنت على غزل المحبين
    ارتوت من الإحباط
    فنمت طويلة منيرة بقوة صفراء
    نابعة من حرقة غليان شظف المشاعر

    كان القصر هادئا
    صعدنا لجناح فهد المبخر بالعود الأزرق رائحة الصفوة
    ذهب فهد لكنبته الغالية
    ودخلت للغرفة الرئيسية المحتلة بحقائب السفر الجلدية الفخمة المغلفة بحقائب الحماية الشفافة معلنة على استعدادنا لرحلة الغد
    وباقات الزهور الجميلة
    وسلال الحلويات المزينة
    مرتبة باركان الغرفة الواسعة
    لبست بيجامتي الحريرية البيضاء
    بذوق خجول
    ما اقترب من لا حدود ليزا
    في الغرفة الأخرى
    رأيت فهد يفتح خزانة الأسلحة التي يهوى اقتنائها
    يخيفني السلاح
    وان علمني فهد أطلاق النار
    أتجاهل الجدار بأكمله إذا دخلت للغرفة
    وكأن الاعتراف بوجدها قد يحررها من خلف الزجاج السميك
    فتح درج الذخيرة بمفتاح صغير
    وكانت المفاجأة
    علب كثيرة أخرجها برتابة المعتاد
    من كل علبة حبة ملونة
    يبتلعها
    ويتجرع بعدها الماء
    رجعت للخلف بهدوء
    فهد مريض
    أيفرحني انه صادق
    لا بل يقتلني
    فهد
    سلاحك المدمر من خزانتك هذه المرة ليس معدني
    ليتك مستغل كاذب
    فهد يموت
    ويحب ليزا
    وتزوجني
    رؤية واضحة
    هل أخاصم زوج لخيانة حكم عليها الزمن بأقسى العقوبة
    الإعدام لنفاذ الأيام
    أخذت سلة شوكلاته
    ودخلت للغرفة بابتسامة
    أخرجت أوراق اللعب من مكانها القريب لجهاز التلفزيون
    هذه الأوراق الصاحبة المثنية أطرافها بأصابع لاهية
    درسني فهد بها
    اللعب والغش
    نعم
    احتاج لهما معا

    ضحك فهد وان اخلط الأوراق وأوزعها كما في أيام مضت
    وبجواري الشوكلاته وقال :
    هلا والله
    هذي ميثى اللي أنا خابر
    عدت لك
    كما ملكتني
    بالموت الغير قابل للتفاوض

    استيقظت على رنين التلفون الداخلي من نوم لا اذكر متى أصابني ليصرعني على السجادة وحولي أوراق لعبة لم تكتمل
    ووسائد الكنبة الهزيلة التي رفضها فهد أن تشاركه النوم تحيط بي
    كانت ميساء لتقول :
    صباحية مباركة
    حبوو
    انزلوا فيه برانش خفيف قبل المطار

    أكملت بهمس طفولي :
    وهدايا تجنن كمان

    قلت لها بصوت يثقله النوم :
    شوي و جايين

    أيقظت فهد متعجلة
    تأخرت بالاستعداد للسفر

    لبست بدلتي الكتان
    ومجوهراتي الجديدة الراقية
    وحملت حقيبتي الباهظة
    وطلبت من الشغالة جوزي أن تنزل باقي الحقائب
    سبقني فهد لغرفة الطعام
    الكل بمكانه القديم
    إلا ميساء
    مقعدها بجوار فهد خالي
    كانت بالقرب من عمي عثمان بمقعد أيمن الغائب
    أشار فهد أن اجلس بمكان ميساء
    نظرت لمقعدي البعيد
    كنت هناك
    بنهاية الطاولة
    هل هذا ما فكرت به الجوهرة كروية الطاولة المستطيلة
    لتقول بانتقاد :
    طلعتوا أمس بدري
    ما بغيتوا نفرح بكم

    مزح عمي عثمان بتعليق هامس اضحك فهد
    وما سمعناه
    هذا الوزير
    يصرح لوكالات الأنباء بطلاقة
    تغيبها الجوهرة في قصره بنظرة انزعاج
    قال فهد وهو يشير بيده على الطاولة الجانبية وفوقها علب مغلفة بالورق الملون :
    وش ذا الزين

    ليحمل وجه والدته تعبير حماس
    وتحضر العلب بنفسها
    تعرضها عليه
    أكثر مني
    وهو تسمى له أسماء الأسر الصديقة والأقارب المجاملين بذوق رائع
    اسم واحد كنت أريد أن اسمعه
    لكن الجوهرة بخلت به علي
    فهي تؤمن أنني لا استحق هدية من أم الزوج
    أما العلبة الأخيرة
    فقد رأيتها البارحة
    ساعة أيمن
    فتح فهد العلبة وألبسني إياها وهو يقول :
    ما قصر أيمن
    بس وينه

    تصفدت يدي اليسري بكل القيود المهذبة
    دبلة وساعة
    تنافستا
    بالإغراق بالسخرة
    لأبناء العم
    قالت الجوهرة بتدخل لا يرضي فهد :
    أيمن نايم
    بس قال أديكم هديته
    ارفع لكم الهدايا عندي لما ترجعون بالسلامة


    أشار فهد للخادمات أن يحملن العلب الكثيرة إلى الأعلى
    وقال لي ببرود :
    شكرا
    ميثى
    انتظرك فوق

    لا
    لا تتركني وحدي
    رغم أن الغرفة كانت مضيافة
    اليوم
    ضاقت بي
    قلت له وأنا أتجنب نظرات من حولي :
    أنا خلصت
    سفرة دايمه

    قال عمي بحنان :
    بس ما أكلتي شي
    فهد
    انتبه بس لا توديها المروش
    تخربها على أكل السعودية

    وضحك وحده
    عمي كيف لا تعرف أن هذه الكلمة
    إهانة الجوهرة
    اللجام الذي يشكم كبريائها المنطلق ويحوله لخضوع مستأنس
    ركزت زوجته الجوهرة وجهها في طبقها وانسدل شعرها بحركة تواري عن عيون فهد التي تسلطت عليها بنظرات جامدة
    أشفقت من ذل العزيز
    فتشاغلت عن رؤيته بمساعدة ميساء بترتيب العلب بين يدي الشغالات
    وصعدت للأعلى معهن
    دخل فهد للغرفة الرئيسية

    كان السرير محطة استقبال لعلب الهدايا بعد أن غادرته الحقائب
    أزاح اللوحة الضخمة بتقنية تظهر خزنة مخفية بمفتاح رقمي
    شفرته
    Liz 9
    دلع محبوبته
    ورقمه المفضل

    قال بتأكيد :
    أحفظي الشفرة
    ما يعرفها إلا أنت
    ردديها
    بسيطة
    بس ردديها كل يوم

    فهد
    ما كانت بسيطة
    بل شائكة
    اسم العشيقة
    هو مفتاح الكنز
    وترنيمة كل صباح

    في الخزانة كانت أوراق ملكية وعقد الزواج وسندات ومال وظرف كبير
    رتب العلب بجوارها
    وأغلق بابها السميك
    اخذ حقيبته الأوراق اليدوية للغرفة الصغيرة
    وحملها بالأدوية
    وطافت عينيه بنظرة وداع لا تنسى
    جعلتني ارتعب
    حتى الجوامد بادلته النظر
    وعصافير الشباك الكبير نطقت بهيجان زقزقتها السلام الأخير
    الكنبة المثوى بهتت ألوانها أكثر
    يوسف
    ليت حاستي السادسة أضعف


    رحلتي الأولى بالطائرة
    انطلقت من صالة كبار الشخصيات
    الخارج
    الذي سمعت به مهرب من كل نقص
    ومورد لكل كامل
    سأراه اليوم
    تذكرت صيف الرياض الحار
    وأبناء عمي عثمان راحلون بين رحاب هذا الرمز
    وأنا رهينة غرفة مزنه
    أفكر
    متى اعبر الحدود بعكس اتجاه هذه الكتب المهربة
    أرى واسمع واشتري مثل ما يفعلون
    الآن
    الخارج
    الموعد الخالي من الترقب
    مجرد شيء تعمل عليه ساعة أيمن لتفتك به
    وأنا معه

    في مقاعد الطائرة الواسعة استسلم فهد للنوم بالقرب مني
    في ملامحه شوق
    قال بتلقائية :
    أنا أبي أنام
    عشان الرحلة تصير اقصر ونوصل أسرع

    في جهاز الاستماع اخترت لائحة الأغاني الحديثة
    أغنية عبد الإله المجيد
    الجديدة
    كانت قصيدتي التي بعت للساري
    أعاد صياغة بعض الكلمات بموسيقية محترفه
    لتخدع القلوب البريئة
    بأكاذيب
    مغموسة بالزيف
    هل كل الأدباء والشعراء مثلي
    بأوجهه مزدوجة عميلة
    من شباك الطائرة الصغير
    عرفت أنني عن الأرض بعيدة
    علو بلا طهر
    مسيرة
    بلا إرادة

    قالت المضيفة بالانجليزية لتخرج وحيدة من عزلة مع رجل نائم يحلم بلقاء قريب مع غيرها:
    ستعجبك لندن
    ابتسمت وقلت بلغة تنتفض من اختزان بالصمت :
    السؤال
    هل سأعجبها
    يكفيني رفض الرياض لي

    تعجبت
    انجليزية قوية
    لا تفهم

    فهد المغيب باللهفة بالطائرة
    صار حاضرا بمطار هيثرو بكل كيانه
    ينقلني بتوجيه خبير من نقاط التفتيش والجوازات
    إلى أن وصلنا لصالة القدوم الواسعة
    ارتديت نظارتي الشمسية بالمساء
    الدهشة تحولت على وجهي لبلاهة
    من الأفضل أن تحجبها عدساتي الداكنة
    أدرك فهد ارتباكي
    قال:
    انتظريني
    سأعود

    ازدحمت المقاعد
    كل هذه الأجناس اختلطت بالقادمين العرب لنذوب بينهم
    تقودنا لبعض نظرات التفحص الباحثة عن خبر يطرب مجالس الوطن
    نهضت للعامود البني الكبير
    أسندت ظهري عليه
    بالجهة الأخرى أصوات مألوفة
    تقول بالعربية :
    وين هن كل الركاب وصلوا
    شو أحنا ما عندنا شغل غيرن

    تعجبت
    أي لقاء هذا
    بلا شوق أو انتظار
    استمر حديثهم عابر لي
    مصرا على ملاقاة سمعي الباحث عن أشباه الهوية
    ليقول صوت رجالي آخر بالانجليزية :
    سمر
    كم اكرهه المجاملات
    معاملات المكتب معطلة لأستقبله
    واحمل زوجته كطرد بريد لشقة العائلة
    لا وقت يضيعه
    يريد الذهاب لعالمه الخاص
    ونكون لها جليسي أطفال

    قالت بالانجليزية هذه المرة بتحذير:
    اصمت
    لقد جاء
    لا تنسى
    ابتسم


    قال بتأفف بعربية معطلة منذ زمن أبيات نزار قباني :

    هجم النفط مثل ذئب علينا
    فارتمينا قتلى على نعليه

    رددت باقي القصيدة
    الشتيمة
    وأنا ابتعد عن العامود

    يا بلادا بلا شعوب أفيقي
    واسحبي المستبد من رجليه
    يا بلادا تستعذب القمع حتى
    صار عقل الإنسان في قدميه

    ورجعت لمقعدي
    لأرى
    فهد قادم باتجاههما يحيهم ويتحدث معهم
    وأنا أتفحص من بعيد
    سكان الضفة الأخرى من العامود
    سمر بشعر بني طويل أجعد و بدلة عمل سوداء بتنورة قصيرة جدا
    والآخر
    الأعجمي الفصيح
    ببدلته الأنيقة وشعره الطويل
    بعد دقائق أشار فهد لي
    التفت الناقم على الرجعيين
    نظرت له
    صدق نزار
    نار التغيير في عينيه




    الفصل التاسع عشر
    وصـفـة غـبـــاء

    العيون نوافذ الأرواح
    بقدر نفور عيناه الخضراء من بدو الجزيرة
    كانت بريق التوافق ينادي من عيون سمر البنية الضيقة
    صافحتني
    وعرفتني بنفسها
    نائبة مدير مكتب لندن
    ووقف هو بلا مبالاة بالقرب من فهد المشغول بجواله وهو يلتقط صورتي كمهووس
    حتى في ليلة الزفاف
    ضاقت المصورة بتصوير بالجوال بحضرة أدق آلات التصوير
    كان الأشقر الوسيم يبتسم بسخرية
    ونظراته تنتقل بيني وبين فهد
    وكأنه يقول
    متى يمل ذئب النفط من هاتين اللعبتين

    لماذا نلتقط الصور
    للذكرى
    إجابة خاطئة
    الصور نطق الذاكرة

    تقدم فهد ليعرفني به
    قال :
    نياز مدير مكتبنا بلندن

    بالمجاملة التي سمعت انه يكره رحب بي:
    تشرفنا يا مدام

    رن جوال فهد ليتحدث وجهه بالفرح قبل شفتيه ويقول بالانجليزية :
    قادم أنا بطريقي

    أكمل أوامره لنياز المغتاظ
    ورحل قائلا لي :
    ميثى
    بيوصلونك للشقة
    عندي موعد مهم
    يمكن أتأخر

    لم ينتظر مني رد
    بقدر سمر المتعجبة
    ترقبت أن تنطق زوجة الشيخ
    تعجبت إلا ينمو بتلك البلاد شجر ولا لسان
    عروس جديدة تلقى مع الحقائب في المطار
    ليلتقطها الموظفون
    أهن نساء أم إماء

    قاد نياز السيارة بنا في الطريق إلى الشقة في ماي فير
    ركبت وسمر بالمقاعد الخلفية
    حديثها السريع المرح عن جمال لندن وخطط النزهات
    ما سمعت منه
    إلا تربيت جليسة أطفال على صغير معاقب بلا ذنب
    فكرت
    من المطار يا فهد رميت بي
    ولهثت للقاء ليزا
    دمعت عيناي من قسوة الطيوب

    قال نياز بلباقة قومه بغير لغتهم :
    سمر
    مدام فهد تحتاج المناديل الورقية

    كان يرصد الوجع بالمرآة الأمامية
    الحديث بالانجليزية في لندن
    خلصني من مترادفات نتلاعب فيها بالحقائق
    وبلاغيات نجمل بها النكسات
    قلت بتبرير ساذج رفضته اللغة الجديدة قبل أسماعهم :
    اعتذر
    أول مرة ابعد عن أمي

    لو تعرفون
    أمي
    التي ما قربت منها

    سعد الماكس
    اخترت لي الكذب هواية في حواري عليشه
    صار في أكسفورد ستريت احتراف

    بعد إيصالي لشقة عائلة عثمان القادر
    استأذنا بالانصراف
    وأكدت سمر أن موعدنا غدا
    لزيارة قصر بكنجهام و مشاهدة تغير الحرس الملكي
    قالت :
    تقليد السياحة هنا
    ابتسمت
    وفكرت
    سمر
    لا تحدثني عن التقاليد
    أنا قادمة من حيث نافست الأديان

    كانت الشقة جميلة بذوق الجوهرة الراقي وعناية العاملة الانجليزية ذات النظرات الجامدة والبنية القوية المتفانية بخدمة الأسرة السعودية منذ سنوات
    قالت أنها بخدمتي
    ما اسمها
    لا أتذكر
    حتى وجودها لا اشعر به
    من عشرتها للفراغ صارت منه
    قادتني لغرفة نومي المجهزة لاستقبالي من غرف النوم الثلاث
    وأشارت بيدها للغرفة المجاورة :
    تلك غرفة السيد فهد

    كان بغرفتي تلفزيون يستقبل المحطات العربية الغنائية
    سهرت معه بعد مكالمة مع أمي
    قصيرة موجزة
    فلا املك جواب لسؤال الأمهات عن ليلة الزفاف
    كانت الأغنية رفيقة الطائرة تبث كل ساعة بإهداء لأعزاء
    تذكرت نصيحة مزنه
    بيعي
    ينتشر
    يغنى
    يهديه الأحبة لبعضهم
    نحن رهائن الأصل
    لنكفر بأشهر المقولات
    اعلموا
    أن فاقد الشيء هو من يعطيه
    الحرية
    لك يا كلماتي
    ولي
    العبودية

    أغلقت التلفزيون
    السكون البارد منتشرا في كل الأماكن
    الوحدة
    تستدعي الأخيلة المخيفة
    يا أحلام الصغيرات الساذجة
    بأن بيوت الأهل ممر نعبر منه لدفء العواطف والأسرة المزدوجة
    غرفة النسيم
    ما دخلتها ليلة قصص ملوك الجان ولا أشباح الموتى
    هنا
    كل قصص يوسف المخيفة
    اقتسمت معي الفراش
    تكومت تحت الغطاء الناعم المعطر برائحة اللافندر
    لكن الباب الزجاجي للشرفة الصغيرة يئن بأزيز رتيب
    صار الصوت نداء
    فتحته
    ليصمت
    و وقفت وسط الظلام
    لندن
    تهديني محبتها وتقرئني السلام
    وتبشر برحلات جميلة
    وبشيء ما
    إنذار شؤم
    فلأنام
    قبل أن يصل
    هذا الطارق

    في الصباح
    ارتديت الجينز الباهت وقميص ابيض وسترتي الجلدية وحذاء الجري
    توعدتني سمر بسياحة لا تليق بها أناقة المطار
    في المطبخ المجهز بإمدادات سعودية
    حضرت القهوة العربية وطبق من التمر السكري المكنوز
    وجهزت العاملة إفطار انجليزيو قالت أن السيد عاد قبل ساعتين مرهقا
    ولا يريد الإزعاج
    أسرعت افتح الباب لأوقف الجرس اللحوح
    فهو لم يتعلم أن يسمع الكلام
    كانا نياز وسمر
    شربنا القهوة وتشاركنا الإفطار
    نياز يتجنب الحديث بترفع المختلف
    ويتجرع القهوة العربية بلذة المغترب
    وأنا وسمر
    تعارفنا أكثر وصار الحديث بيننا أسهل
    وجد بيننا ما يشبه الصداقة المذبوحة بصراع الحضارات
    أي نفتقر لخطوة
    لا نتجاوزها
    ما كنت سيدتها ولا رفيقتها
    بين هذا وذاك
    نتبادل بعض الأفكار
    بالكلمات
    والأخرى
    تحتجز على حدود التلميح
    تشعر بي
    بإحساس الأنثى
    وتصمت لخدمة رب المهنة

    قلت لهم بدهشة :
    غريب
    ما كنت اشتاق لقهوة أمي ببلادي
    وهنا
    صرت درويشه

    قال نياز بتعجب وهو يثبت نظارته الشمسية بشعره الأشقر الكثيف :
    كيف تتذوقين درويش

    قلت له بتحد :
    كما تتذوق قهوتي
    بعد هذه الجملة
    ما غاب يوما عن حواراتنا الانجليزية المطرزة بالقصائد العربية
    والسخرية القاتلة
    والنقاشات الحادة
    نفترق بعدها
    ليذهب إلى العمل
    ونسرع أنا وسمر لمحطات الأندرقرواند
    لنجهز على قوائم سمر الاستكشافية لمعالم لندن
    المتاحف
    القصور
    الحدائق
    أما الأسواق فطلبت أن تكون غنيمة الأسبوع الأخير
    لنعود بالمساء
    حيث يستعد فهد للخروج
    فهو في لندن كائن ليلي
    تحضر سمر كل ليلة مشهد خروجه من الشقة لأعماله الخاصة الغائبة عن جدول أعمال نائبة مدير مكتبه
    تدرك
    فراقنا المتوحد بعقد الزواج
    وتتجاهل
    مثلي

    على طاولة الإفطار الدائرية أعلنت فتوحا في قلب نياز المغلق أمام امرأة سمراء
    مهجورة
    تتمرغ بالمهانة بلا حراك
    يفرح قلبي بومضات عينيه المفتونة
    وتحول تراتيل البغض في المطار لصفاء عابد
    هل تواجده معي ثأر من رفض فهد لي
    تعويض لكبرياء مهشم
    بلا اضرار
    حتى حدث الانقلاب
    ببيانه الأول الذي قال فيه ذات صباح :
    حاربت العيون السود لبلادتها
    والمرأة لطمعها
    أنت
    جبار بغموض زاهد
    يحيرني
    من أين لك سيدتي
    هذا الإبهار
    مع قهوتك دفء معشر سنفتقده أنا وسمر
    لن تعود لندن بعدك
    كافية للحياة
    أدمناك

    قلت بضيق
    فحديثنا اليوم خرج عن المسار :
    لا تجاملني
    بدفاع عن نفسه أكد :
    لا
    أنا مجاملتي مختلفة
    إذا سكت أو رددت نزار
    اعرفي أنني عاجز عن الحقيقة

    هنا أعلنت سمر انقضاء ثلاثة أسابيع سريعة من شهر عسل زوجة الشيخ بقولها :
    سنمضي يوم الغد في هاوردز
    وقت تسوق الهدايا قد حان

    قلت برجاء:
    لا
    لماذا لا نعيد زيارة متحف مدام توسو

    ابتسمت لتقول :
    لماذا
    كنت كحبة فيشار
    تقفزين أمام كل تمثال
    قلدتني و لتتطاير بالهواء وتشد يدي بمثل ما افعل معها

    قال نياز بصوت هادئ:
    أتعلمين
    الدهشة تملك على وجهك سلطة أخاذة

    تذكرت فستان فرحي المفاجأة كأنه حدث من ألف عام وقلت :
    نعم
    فهد يقول ذلك
    يحب الدهشة على وجهي

    ليقول بجرأة غريبة :
    أهنيئة
    فهو يرى الجانب الآخر من وجه العملة
    يقال النوم بالمقابل يملك اثر أجمل

    هنا
    دخل فهد غرفة الطعام
    يبدو أن الألم أعاق هجوم النوم على جسده المتعب
    سمع تعليق نياز
    رأيت ذلك بوجهه المكفهر
    قال وهو يتفحص فستاني الأبيض بزهور زرقاء و سترة صوفية بلون سماء ذلك الصباح المشرق :
    إلى أين ستذهبون اليوم

    قالت سمر بصوت مرتعش :
    نادي يوركشير للبولو

    رد بعنف :
    هل آخذتيها لعين لندن


    قالت وهي تنظر لي :
    لا سيدي
    السيدة تخاف المرتفعات

    ولإنقاذي أكملت :
    وأنا أيضا

    نظر بحدة وتشفي لنياز وقال :
    لا
    يجب أن تذهبوا إلى هناك
    اذهب معهم يا نياز
    اخرج من جيبه جواله وألقاه عليه بعنجهية و قال :
    وصورها

    لماذا يا فهد
    تحول نياز لسياف
    عامل تحت أوامرك يسوقني لما أكره
    قلت له بالعربية التي أعادها لحديثي الخوف :
    فهد
    تكفي
    ما أبي
    أنا شفت لندن من الأرض وشو داعي من السما

    جاوبني بالعربية بصوت خافت
    لا يجادل
    بالقرب من أذني :
    لا بتروحين
    و ابتسمي للصورة
    وريه أن عملة السعودية لها أكثر من وجهين

    التفت تجاههم وقال بلهجة تسلط :
    غدا
    أنا ادعوكم للعشاء هنا
    ليحضر كل منكم رفيق

    قالت سمر بمحاولة لتبديد التوتر :
    سيسر عاصي بالحضور

    اعرف عاصي
    خطيب سمر الذي يتصل بها كثيرا في جولاتنا
    التقيت به يوما في حديقة سانت جيمس بارك
    قبلها بشوق
    وضع يده على خصرها
    وأهداها باقة ورد حمراء
    حياني وقال:
    أخذتي مني سمر
    متى تعيديها
    أغضبها تدخله بعملها
    اصمت عتابها بقبلة طويلة
    ابتعدت عن العشاق
    ونظرت للبجع الذي يتهادى في البحيرة
    على صوت شتائم أيمن
    ملعونة
    محبوسة
    ببحيرة راكدة
    وأفكر
    فهد يهديني كل يوم
    النوم
    يحضره لك من عند ليزا
    التي ما تمتعت بنوم فهد العميق في سريرة الضخم وأدويته بجواره والستائر السميكة تحجب النور
    أنا وحدي من تتسلل كل فجر لزاوية الغرفة وتراقبه
    وتتنصت على صوت أنفاسه
    وتدعو الله أن لا تتوقف
    وأحيانا
    أخاطر
    والمس كفه لأعيدها تحت للغطاء
    عاصي لا تغتر بهداياك
    فزوجي يحضر لي النوم من بين كل النساء

    قال فهد كمعلم يستحث الطلاب :
    بسرعة
    عين لندن تنتظركم

    عين لندن
    تلك العجلة الحديدية الضخمة على الضفة الجنوبية لنهر التايمز
    مشنقة لروحي
    أحسست أن أنفاسي تكاد أن تقف
    ارتفعت بنا
    أنا و نياز
    ومجموعة من السياح
    تصبح الكابينة الزجاجية الواسعة أضيق
    تزيغ الرؤيا
    أتلمس قدمي اليسرى
    رباط الستارة الذي عقدته ماري على فخذي
    عاد
    أحس به
    قدم من ذاكرتي إلى عين لندن بلا تذكرة
    إلى متى جسدي تنفيس غضبكم علي
    فهد
    تعلقني بين الأرض والسماء
    وأنت تذكر
    ليلة الخريف ونسمات الرياض البخيلة إذا هبت
    ولعبة الأسرار بالحديقة
    وقارورة الماء تدور
    وقفت
    وأشارت بفوهتها الفارغة على
    قلت بسرعة :
    سري أخاف المرتفعات

    استبشر ت عندها وقلت :
    زين عرفنا شي ممكن نعاقبك فيه
    هو أذا عقاب
    توقفت العجلة بنا
    لكن رباط الستارة يضغط بقوة
    صورني نياز
    ما احتملت الألم
    صار أقوى
    كانت عيون التغير الخضراء أخر ما رأيت
    أغمى على

    أيقظتني لسعات الماء البارد على وجهي
    وعطر سمر القوي
    وغضبها الذي يستسقي العربية فتنهمر كلمات حانقة :
    از هو ما بدو إياها
    وكل همه انو يدمرها
    ولا بتشوف خلئتو الا بخرجاتو ودخلاتو
    لك يعتئها لوجه الله
    سمر
    الا تسمعين الأخبار
    لقد حررت الجواري في بلادي

    كان جاكيت نياز وسادتي على المقعد الخشبي
    وهو راكع بجواري
    قال بهمس :
    الغبي
    حقق أمنيتي
    رأيت إغراء الغيبوبة على من وجهه مثير بالدهشة
    نهضت بجمود
    وعدلت من ملابسي
    وقلت بصوت من ذاق العقاب وفهم الدرس :
    سمر
    لا اسمح بكلمة سوء عن الشيخ فهد
    أراد أن أتعلم الشجاعة
    نياز
    أرجو أن تلزم حدودك بالحديث معي
    لنعود للشقة
    وما عاد شيء كما كان


    في الغد
    استيقظت متأخرة
    فحفل العشاء الليلة
    كانت العاملة تجهز كل التفاصيل بمهنية المعتاد
    الزهور
    المطاعم
    الأواني
    أما أنا
    فأمضيت النهار بمكالمة طويلة مع فطومه
    التي لا تحتاج مني إلا الإصغاء
    سمعت صوت فهد بالغرفة المجاورة
    أول يوم في لندن اشهد صباحه المسائي
    عند خروجي من غرفتي
    قالت العاملة انه رحل
    عاد بعد نصف ساعة

    كنت أمام المدفأة المعطلة عن العمل في هذا الوقت من العام
    دخل وأشعل سيجارة
    بدأت ملامحة تصاب بالضعف
    كأنها تستجدي مني الغفران على قسوة المؤدب
    قال ببرود يماثل المدفأة :
    جبت نيويوركر شيز كيك للعشاء
    رجاء
    لا تنسونها
    واخذ يتصفح الجريدة

    ذهبت لغرفتي
    ففي الصالون الكبير من التماثيل ما يكفي
    أعدت الاتصال بفطومه
    وفكرت
    كيف ستكون رفيقة نياز
    أظنها شقراء

    في السابعة
    حضرا سمر وعاصي
    بعدهم بدقائق رن الجرس
    ذهبت لأفتح بفضول التعرف على ذوق نياز
    صدقت
    شقراء رشيقة ثلاثينية
    يا لجمالها
    فستان اسود يبرز سحر الغرب
    والروعة
    هذا الدبوس المغموس بطعم النفط
    وردة الياقوت الأحمر بفراشة الأحجار الكريمة
    نياز
    حتى أنت تتلاعب بي
    أيها الخادم الوفي
    تحضر عشيقته لبابي
    يا من تشاركني قهوتي وخبزي المعجون بالقهر
    التغير في عينيك اصطناع
    ما كان حقيقة
    أنت أحقر من أن تكون رفيق
    وأدني من كل حوار
    رحبت بهما
    وجلست بالمقعد الكبير بصمت
    اقتربت مني سمر
    ووضعت يدها على كتفي
    بمواساة
    من يفهمك
    رغم غضبها مني بالأمس عندما نهرتها
    بدأت حديث ثرثار
    كيف تجادلت السيدة ميثى مع المتحدثين في السبيك كورنر في الهايد بارك
    وأبواب محلات الادجور رود الزجاجية التي ترفض أن تفتح لها
    فتصطدم بها بتكرار
    فيعلق نياز الجبان كحر نبيل :
    اعذريها يا سمر
    تريد أن تصطدم بالسيدة
    لا تحتمل أن يعبر هذا السحر دون أن تلامسه
    استفز فهد
    أحست بذلك رفيقة نياز ليزا الطبيبة النفسية لتقول :
    حقيقة
    السيدة ميثى مميزة
    أنت محظوظ جدا يا سيد فهد

    يقول بصوت يشبه فهد الرياض :
    نعم
    زواجي منها من أفضل ما حدث بحياتي
    اسمع باقي الجملة وحدي
    حياتي التي تعرفين عنها أكثر
    نعم
    تسكن أروحهما لبعض
    تملك أخر كلمات جمله الناقصة
    تبعد الوسائد التي تعيق حركة يديه
    تضع له قالبين سكر بكأس الشاي كما يشرب في داره
    تتعلق بذراعه بغفلة
    تذكرت
    كان يسألنا بعد كل حفلة
    ما خطبتوا لي
    في تلك الأيام
    لو رأيت مثل ليزا لجئت لك فرحة
    وجدت من تليق بك يا ابن عمي
    نعم
    هي لك
    أين أنا منها
    بدائية
    بكل ما تعلمت
    تناقشه بورقة قرأتها لفرويد عن التابوا
    يضيف لها تصحيح
    تضحك بعذوبة
    يبتسم ويتذكر كتاب
    يأخذها للمكتب لتتعرف على تذكارات عربية محنطة ومخطوطات قديمة
    تصل للصالون تعابير الانسجام
    يضيق عاصي من الوضع ويقص علينا أحداث مسرحية هزلية ويقول :
    أتمنى أن تأخذك لها سمر ذات مساء
    قبل عودتك للسعودية

    بمرارة أقول :
    عاصي
    أرتني لندن من الهزل
    ما يفوق دراما الرياض

    بعد العشاء
    أحضرت العاملة قالب كيكة الجبن بصلصة الفروالة السميكة لتقول ليزا بعفوية :
    الحلوى المفضلة عندي

    يبتسم فهد بحرج
    ينظرلي
    اغرس شوكتي بقطعة الفروالة
    يطمئن
    غبية ما فهمت
    استأذن
    اذهب للشرفة أدخن
    يتبعني نياز
    يتمتم :
    لماذا تدخنين

    قلت وان انفث الدخان بقوة :
    علمني فهد

    قال بالعربية لنزار :
    أرفضي
    لن أكون رمادا في سيجاراتك
    ولست اهتم
    بنارك أو جناتك

    قاطعته بضيق :
    لماذا لا
    آنت تهتم جدا
    أكملت :
    ما يحيرني
    لماذا يفترض الكل أنني غبية

    قال بقناعة :
    لأن لديك مقادير الوصفة
    امرأة
    سعودية
    لا بل نجدية
    جميلة
    سمراء
    غنية

    قلت بتعجب :
    وهل هذه مؤهلات الغباء بنظرك

    قال بتنهيدة خبير :
    أنها مجربة
    وصفة
    أكيدة

    انضمت لنا ليزا
    لماذا لا ابغضها
    في نظراتها لي ما يحميها من كرهي
    لا اعرف ما هو
    جديد
    احتار
    هل طلبت من فهد أن تراني
    أم أنها شاركت بإذلال نياز
    قالت بلطف :
    عن ماذا تتحدثون

    بسأم رديت:
    عن وصفات الطبخ
    ويبدو أن نياز
    شيف بإحضار الطلبات للمنازل

    نظر لحذائه متهربا وفهم أبعاد حديثي وقال :
    سيدتي
    أعلن فشلي
    الوصفات لا تنجح كل مرة






    رد مع اقتباس  

  9. #19  
    الفصل العشرون
    الــــجلاء

    ليزا
    تقف بجواري على الشرفة
    ينسحب نياز المهزوم بالذكاء للصالون
    تبتسم
    تشع الغمازتان
    أفكر
    لماذا لم يتزوج بهذا الكمال
    تضع يدها فوق يدي المتمسكة بإطار الشرفة الحديدي المشدودة بتوتر
    تهمس بصوتها الواثق :
    تعرفين من أنا
    احترمك
    اقدر الذي تقاسينه من أجل فهد

    ما مكانة المرأة بالمجتمع
    قدرها محفوظ
    إجابة خاطئة
    يحفظ المجتمع المرأة في كمين القدر

    ما سمعت اعتراف الغرب بي
    ولا تدويل قدراتي النسائية
    بقدر ما أوجعتني حروف اسم فهد المتراقصة على شفتيها السخية
    فهد
    الاعتراف سيد الأدلة
    انهارت كل الشكوك
    علاقة معلنة
    هذا الاحترام
    هو حصن حمايتها من كرهي المضاد
    ما عرفته
    كل النساء من حيث قدمت حجب عنهن مثله
    فكيف نقتسم خرافة
    والرجال أنكروا أحقيتي به
    عبد الله كنت له مرحلة متاح
    و أيمن إجبار على العشق المحال
    وفهد ثأر واهن من المرض السفاح
    أما الساري فموهبة تاهت للشعب وهي من حق السلطان
    و نياز كنت قشة تنقذ روحه من حقد الحرمان
    حتى سعد رآني تنازل طائش
    كلهم ما احترموا ميثى
    تقلبت بين الأهواء والرغبات
    وأبعدوني عن هذا الشاطئ
    حيث الآمن

    تابعت الاعتراف
    هل وجدت بصبري سمات قسيس الأحد
    لتقول :
    فهد
    كان مريضي منذ سنوات
    أقسمت ألا اسمح لعلاقة المرضى أن تتطور بالطبيب
    لكن فهد
    أعادت نظرها لي لتكمل :
    لا يقاوم
    قلت بسرعة لئلا يكبح التردد الجرأة :
    لماذا لم تتزوجا

    قالت بغموض أدهشني أن للوضوح الغربي ظل :
    يستحيل
    أنا أكثر من يعرف ثمن الزواج من فهد
    لست مثلك
    تابعت :
    حب الشرقيون
    فكر
    كم يبدعون بأعمال الذهن
    الحب مراكب تمخر عباب ترحال بلا محيط
    أفعال بلا تجسيد

    توقفت
    احترت
    كم مريض من الشرق باح لها بأسرار الحب العذري
    وروى قصائد قيس وهجران عبلة
    نسيج محبوك من خيال
    حب اللا مساس

    قالت بردة فعل غريبة :
    هل تغارين مني

    ضقت بسؤال وقح
    قلت بسخرية :
    أهذه استشارة مجانية
    أتجدين بي ما يثير اهتمامك الطبي

    قالت باعتذار متأخر:
    ما قصدت إغضابك
    حديثنا مبتور بأسرار المريض المحظورة
    أتعلمين
    أصر فهد أن أراك
    فخور بك
    أنت امتداده بعد الغياب
    وصرخته المكتومة بوجهه الفناء
    أراني صورك مردد
    هي أجمل
    وحضورها قوي تعجز التقنية احتجازه
    قلت له
    ستعرف علاقتي بك
    قال
    لا ميثى صغيرتي
    وأنا خائن
    وما كانت الدناءة بكتب الأطفال
    منذ دخولنا الشقة
    رأيت بعينيك مكاني
    وصمتك أعناني
    أجاوب سؤالي لك
    أغار منك
    واحترمك

    استدركت بقايا التبغ في السيجارة
    اشخص حالة ليزا
    خريجة مدارس الطب
    موبوءة بالغرام
    أصابتها عدوى شرق أوسطية
    حادة
    حالة مرضية مستعصية

    بعد مغادرة الضيوف الشقة
    وفهد أولهم لموعده الليلي
    هربت للنوم
    استغرقت برحمته العميقة
    طرق باب الشرفة الصغيرة
    زائر أول أيام لندن
    أيقظني
    مصر على الدخول
    تجاهلته
    وضعت يدي على إذني
    اذهب
    أيها الطارق
    هز الباب بعنف
    لم يكترث بالرفض
    سخر مني
    برسالته
    موعدنا الغد

    في الصباح
    استيقظت متأخرة
    على رنات الجرس
    كانت سمر وحدها تنتظر مشوا ر التسوق
    طرد نياز روحه الذليلة من جنان ما خطرت على قلب بشر

    لماذا نتحصن بالأزياء الجميلة من الأخبار السيئة
    شرف محاولة الدفاع عن شر الغيب قلدته لفستان عصري بتصميم غريب
    ومكياج متقن
    وشعر حر
    أردت أن أكون
    زوجة الشيخ
    وان زارتني عشيقته البارحة
    قلت لسمر باعتذار عن تأخيري :
    يبدو إن الإفطار سيكون بالخارج اليوم

    بلطفها المعهود قالت :
    التغيير جميل
    لنتصل بنياز وعاصي
    ونفطر بمقهى ايطالي مميز
    يهواه كل السعوديون

    عند باب الشقة
    قابلت فهد يقرا رسالة بجواله ليقول بتثاقل الساهر ولغة رفاقه :
    صباح التسوق يا ميثى
    هذه رسالة من أيمن
    قرر خطبته على صبا بيوم عودتنا
    أضيفي لقائمة الهدايا خطيبة أخي

    قلت بشرود :
    مبروك

    تخيلت سرور الجوهرة زوجة عمي بخطوبة تعوض خيبة الابن الكبير
    توجت صداقتها لزهوة بالنسب
    أين صيته الصاقود من هذا الثنائي المتوافق
    هذا الخبر على الصباح القادم من محطة أيمن المجروح
    بداية
    لماذا
    لا اعرف بعد
    في التاكسي اللندني الأسود
    ضيق يجثم فوق صدري
    تعجبت
    كم هي المرأة مستحوذة تهيم بالتملك
    لماذا الضيق
    ليعيش أيمن حياته
    هل أشفق على أن تكون صبا مثلي
    شاخص
    فزاعة
    تطرد لوم المجتمع لرجل عازب
    تتطلع لقلب متيم
    وترتبط بأشلاء ماضي
    اتمنى ان اكون حقا
    خسرت أيمن الذي ما كسبت

    قالت سمر :
    سيدتي
    وصلنا
    سنسير للمقهى خطوات
    لذلك الشارع الجانبي

    أحببت الألفة في المقهى الهادئ
    تذكرت المشب بمجلس الرجال بالنسيم
    ويوسف يحرك الحطب
    قلبي يصرخ بحنين
    اكتفيت
    أريد الرياض
    قلت لسمر :
    تذكرت عزيز
    كل النكات التي أحفظ هو رواها
    وأشقى المقالب شاركني إياها
    اشتقت له
    هذا المكان فيه منه

    ضحكت وبالعربية قالت :
    بلكي بتجي أنت و ياه شي يوم هون

    يوسف
    في صغري قاسمتني الحياة حين نسى الآخرون وجودي
    خلف باب الحديد
    انتظرت عودتي من قصر العليا
    بكفوفك الصغيرة المحتفظة لي بعطايا الفقر
    أعوضك الآن
    سأشاطرك لندن
    هذه البديعة
    مرشدك السياحي سأكون ذات يوم
    قلت وعد غبي بلهجة سمر
    وكأن الكلمات قد تجلب خير أو تدفع شر ان تنكرت بزي آخر
    ولا يغتالها القدر :
    أكيد
    شي يوم

    اختارت سمر طاولة خشبية دائرية
    بالقرب من النافذة الكبيرة المخفرة على الجانبين بستائر بلون البنفسج وتل وردي
    تلاعب اللون الدافئ على شحوب لندن
    حادثت عاصي و نياز لنلتقي
    تكلمنا عن المتاجر وما احتاج
    بعد دقائق
    أجد نياز قادم
    أنيقا بتفوق البساطة
    سمو الحضيض
    عندما جلس على الطاولة
    تأملت صورتنا على زجاج النافذة
    تناقض
    وحشية الصحراء
    ومدنية البحر
    التقاء فريد
    متناغم متنافر
    يبقى الانعكاس على الجماد
    معقد بالواقع
    لوحة جميلة
    مستحيلة
    تعجب سياح من اليابان خارج المقهى
    يرفع الكاميرا مستأذن بالتصوير
    بحركة من يد نياز يفهم رفضنا لتوثيق الفراق
    أضاع عاصي التفرع الجانبي للشارع الرئيسي
    ذهبت سمر لتقابله
    أو ادعت ذلك ليعتذر نياز عن سلوك البارحة :
    العمل مع العرب يحتاج خدمات شخصية
    تفقد الكرامة
    وتحفظ الوظيفة

    اكره الاعتذار
    وتفسخ العربي عن ذنوب مورثاته
    يبث الحياة بالخلاف
    منذ أمس
    خسرت نياز الذي صدقت

    رن الأجراس الصغيرة المعلقة على الباب
    قدوم ليس كآخر
    رفعت عيني
    كان هو
    الساري
    ومعه ثلاث من الأصحاب
    أعدت بصري لكوب القهوة أضفت مزيد من السكر احتفاء بلقاء الصدفة
    الطارق كان موعد مع الروعة
    بدلة سوداء وقميص ابيض بلا ربطة عنق
    وملامح الفارس
    وعيون حادة تحت سلال سيوف الحاجب
    وابتسامة
    تجمدت برؤيتي
    اختار الطاولة البعيدة في ركن خافت الإضاءة
    لا أريد أن انظر
    ولا أطيق التغافل
    لو كانت للنظرات صوت لأصاب لندن الصمم من دوي ما تقول عيناه
    يأس نياز أن أتجاوب مع حديثه
    كان المقهى ساكن
    استشعرت حيرته
    هي سلمى
    من هو هذا الوسيم معها
    ا أصدق ظن
    لماذا تهرب بعينيها عني
    لأنهما العنوان
    انضم لنا سمر وعاصي
    قام نياز وقرب مقعده ليستطيع عاصي مجالستنا
    نهض الساري من مقعده بلا إرادة للحظة
    جزع من تقاربنا
    ثم جلس فليس له من الأمر شيء
    تحدثنا معا
    وكان خامسنا
    ثم قام بقرار حاسم
    هي سلمى
    وهذا الوعد
    تحرك باتجاه طاولتنا الصغيرة
    تعلقت بوجهة الرائق بلمسات العافية
    نثر السكر على المفرش المخرم بورود رقيقة
    كتب
    الساري
    علق يده
    يمين اسمه

    قال نياز مؤديا لدور كلب الحراسة :
    أعرفك بزوجة الشيخ فهد القادر
    تعرفنا بنفسك

    بقيت يده معلقة لحظات
    غير الاتجاه
    كتب نقطة باليسار
    ورجع لطاولته
    خسرت الساري الذي به آمنت

    قلت لسمر :
    صداع شديد
    أريد العودة

    في الشقة كانت عاملة المنزل تغني كلمات معجونة بلهجة تخفيها
    ضحايا الطبقية يحتلون الأرض
    في غرفتي
    رن هاتفي
    تجاهلته
    أنا صفر اليسار
    كيف أرد
    أصر
    لا أريد أن يوقظ فهد المتعب من ليل الغواني
    أجبت
    كانت أمي تبكي أخي عبد العزيز
    بلهجتها التي تخفي
    كعاملة شقة لندن
    راح
    لأمريكية
    خطبها أمس
    صيته
    هو ابن أبيه
    كيف تريدين أن يقود لك العز وعراقة الأصل
    ما وجدت عندي سلوى
    ثابرت على الصمت فهو ألطف من الحقيقة
    خسرت عبد العزيز الذي كان الحلم

    ونمت بلا نعاس
    كل الرجال رحلوا اليوم
    اخلاء
    ما بقي بديار ميثى رجل
    تذكرت يوم خسرت عبد الله
    السلسلة تتابع
    أبي
    عبد الله
    ايمن
    نياز
    الساري
    عبد العزيز
    حتى فهد ما كان لي بيوم
    أحكمت الغطاء على جسدي الموجوع
    تذكرت يوسف
    قرين اليوم العجيب
    عندما واساني بهجر عبد الله
    قلت له
    جعلي اخسر كل الرجال وتبقى لي
    هل قال
    آمين
    كما طلبت
    ان قالها
    يكفيني

    في نومي
    هجعت على كتفي يمامة بيضاء
    أرخيت خدي أتحسس طراوة جناحيها
    ترفرف لتطير
    أريدها تبقى
    تصير حركتها اعنف
    صحوت من النوم
    كانت يد فهد
    تعجبت
    ماذا يفعل بغرفتي المحرمة على قدميه بسلطته الحاكمة
    أخافني وجهه الغاضب
    هل قص عليه نياز أخبار الغريب الذي سطر لزوجته كلمات على فراش من السكر
    هل غدي مرهون لركوب عين لندن الموحشة
    قال بغضب :
    يوسف
    سوى لنا مصيبه
    الغبي
    إطلاق نار ومطاردة مع شرطة مكافحة المخدرات
    ميثى
    يوسف مصاب بالمستشفى
    ما عندي تفاصيل بعد
    بس حالته حرجة

    هذا هو إذا
    الطارق الليلي المتوعد لبقايا الأنس بحياتي
    دقائق وبدأت استعيد القدرة على الكلام :
    فهد
    رجعني السعودية
    ما اقدر اجلس هنا
    أنت مشغول بأعمالك
    أبي أكون مع يوسف

    تابعت برجاء :
    وبعد أسبوع أنت بالرياض
    الله يخليك

    دعوة بحكم الاعتياد
    تؤذي فهد ولا تقنعه
    قال بمرارة :
    يخليني
    أنا هدف إخلاء
    بها الدنيا
    خلاص أشوف لك لو ممكن

    نعم صدقت
    انت لا تزال حاضر غائب
    واخلائك قادم

    فرحت
    قفزت من السرير بلباس النوم
    أردت أن اقبل رأسه
    دفعني عن نفسه بعنف
    لماذا كل هذا الرفض
    امتنان يا فهد
    لا أكثر
    لماذا تنفر من براءة علاقة الشرع
    وتتلذذ بخطايا الحرام
    أين ما تحكي لليزا عني
    هم ينكرون المجاملة
    لن تخدعني ليزا
    ما دفعت لها ثمن جلسة استعادة ثقة أو تحرر من الغضب
    لتواسيني
    وقف بعيدا عند الباب
    رمى علبة سجائره اعتذاره التافهة وقال:
    كان تبين سجاير
    أنا طالع
    جهزي الشنط
    أحاول لك برحلة بكرة

    نظرت للساعة
    ما بقي على رحلة السعودية لمساء الغد
    يكفي لحزم الحقائب
    والتحلل من الإيمان بالحدس
    قال يوسف يوم الزفاف
    ستغيبين عن عيوني
    وكذبت به

    بجهد فهد ومكانته ركبت الطائرة وحدي
    في المطار
    أهداني نياز كتاب مغلف بورق أجعد وكارت افتقاد
    أمام العامود
    ستارة مسرح إلقائه لشعر نزار يوم وصولنا
    رفضت
    وقلت بالعربية بلهجتي السعودية
    سيفهمها وان استنكر :
    نياز
    آسفة
    بطلنا الكلام المعلب
    ما يمشي عندنا
    ما احد يستورده
    بلدي بشعوب
    وتصدر للعالم
    نفط وفكر

    أنظر من للنافذة
    أدير البزل رينق حول أصبعي
    الأحجية
    كيف ينفض تشابك الحلقات المتداخلة
    كل أبطال رواية ميثى
    رحلوا
    بعملية إجلاء عن روحي

    جلس بجانبي رجل ووجهي ملتصق بالنافذة
    لن التفت
    عرفته برائحته التي اختزنت حواسي من دولابه
    الساري
    بفوقية الأمير
    والتمرد على الأوامر
    يرفض الإجلاء
    ليبقي
    بالمقعد المجاور
    رفيق ساعات رحلتي الطويلة
    عائدة للسعودية






    الفصل الحادي والعشرون
    بــــــشويـــــــــــش


    ممكن اجلس معاك
    بسؤال يعقب التصرف تحدث الساري

    قلت له دون أن انظر إليه :
    مقعدك

    قال لي بصوت دافئ :
    سلمى
    أنا مقعدي هناك
    سكت
    ليجبرني أن اتبع إشارة إصبعه الرشيق إلى مقدمة الطائرة حيث مرافقة يجلس بجانب مقعده الخالي
    قلت ببقايا عصيان :
    يعني جلوسك معي تنازل

    ابتسم فرحا بلقاء شيء يعرفه بسلمى بعد أن ضاعت منه بما لا يعرف عن حياتها
    وقال :
    لا
    مصافحة ملائكة
    سمو
    تذكرين
    أنت ملاكي الحارس

    قلت بمشاغبة وأنا أضع رأسي التعب على طرف المقعد البارز الحاجز الهزيل بيننا :
    قصدك
    مواصلة احتكار السمو

    علت ضحكته العذبة ليقول :
    ترهقني فصاحة التمرد
    سلمى
    عندي سؤال
    بذيك الزيارة لي
    الحدث
    كنت زوجة لفهد القادر

    قلت بضجر :
    لا
    أنا وافقت على الخطبة ليلة زيارته لنا بذاك المسا
    الساري
    ايش تفرق فيه
    حنا لا عشاق ولا بيننا عهد
    علاقة من صدف

    قال بحدة من جرح بغالي :
    سلمى
    كيف تستهينين بغرابة علاقتنا
    بتجنيد الكون خادم تعارف
    والطيف رسول للمشاعر
    العشق الطاغية سخرت منه قلوبنا
    الصداقة ضاقت باندماج أرواحنا
    سلمى
    نعيش سنين مع ناس
    ويظلون حولنا
    وأنت
    رغم فقر اللقاء
    وجهل الاسم
    ما كنت معي
    إلا فيني

    ما أصدق المشاعر بين الرجل والمرأة
    الحب
    إجابة خاطئة
    الحب صدقة من مشاعر المرأة للرجل


    ارتعشت كطير بللته قطرات مطر شرس
    حزن
    إرهاق
    وهذا القاهر
    أدير خاتم يوسف بإصبعي
    الحلقات فيه تموج بالتضارب
    أحس الساري بضعفي
    طلب المضيفة المتلهفة على خدمته غطاء صوفي وكوب من العصير
    بانتظارها قال :
    عودة طارئة
    قلت وأنا أحاول أن اعدل من وضع جلستي المتعبة :
    حادث لأخوي
    كيف عرفت

    قدم كوب العصير برقة وقال :
    أنت غير أمس
    فعلا
    بساطة مظهر اليوم ببدلة سوداء ووجهه خالي من الزينة يناقض تبرج البارحة
    بعد أن ارتشفت قليل من العصير
    أعدته للمضيفة
    أشار الساري لها أن تدثرني بالغطاء
    وقال قائما كمن يلقي قصيده :
    ارتاحي
    قالوا عنك بحسد
    زوجها حجز المقعد الثاني عشان ما يركب معها احد
    احترم رغبته
    و اعذره
    وما يصح أخون غيبته

    انحنى ليرخي مقعدي أكثر للخلف لوضع الاستلقاء
    اقترب مني
    الرائحة الهوس تلفني بجبروت النبيل
    تخدرني
    أنام

    مدام
    وصلنا الحمد لله على السلامة
    تفضلي
    بهذه الكلمات أيقظتني المضيفة وأعطتني بطاقة فاخرة
    دعوة خاصة لأمسية الساري الشعرية
    نظرت لمقعده
    كان قد غادر الطائرة

    خلف الغلاف المصقول كتب

    لك أنت
    يا أنت
    من
    التاسع
    لا الساري ولا فلان
    دورت لك لقب جديد
    اسم عتيق
    وهبني إياه القدر
    تحت ها العنوان
    تلقيني
    وبحظ يمكن ألقاك
    أنا تاسع من حمل اسمي من الأجداد
    أنا الطامع بغيب يحفظ لي سخاء الأيام
    أنا الشاهد على الجمال النائم
    ست ساعات

    وسطر رقم جواله
    وعنوان بريده الالكتروني

    هو التاسع أذن
    الرقم الذي أوصاني به فهد خيرا
    خزنت البيانات بجوالي بالاسم الرقم
    ومزقت الظرف واحتفظت بالدعوة

    في المطار كان عبدا لعزيز باستقبالي
    صافحني بوجوم وقال :
    ما كان فيه داعي تجين
    حنا ما قدرنا نشوفه
    يقولون حالته صعبة وعليه حراسة
    لا اصدق أننا نتحدث عن يوسف
    كيف يضيع ذلك الشباب المتوهج بالأمل
    من قاده لطريق الشيطان
    تابع عبد العزيز:
    هاتي الأوراق
    أديها سعد

    بتعجب قلت :
    ليش سعد جاي معاك

    قال عبد العزيز :
    فهد كلمني و أصر انك تسكنين بالعليا عندهم لمن يرجع
    وسعد يبي يودي الشنط هناك

    تحكم فهد بترتيبات عودتي دون استشارتي يغضب من كان بقلبه فراغ من هموم
    أما المثخن مثلي بجراح تتسلسل بتسارع مجهد
    ليس له إلا القبول
    رأيت سعد
    هل هو من إنهاك السفر
    كم صار يشبه نياز
    فيه منه شيء ما
    عطل لغة الأجناس والألوان
    رد سلامي وقال :
    فطومه عندكم بالبيت
    تحراتس

    الطريق الطويل من المطار لبيت النسيم كان فرصة ليبلغني عبد العزيز بخطوبته
    وقال باقتضاب :
    قررت أتزوج
    أكيد أمي قالت لك
    خطبتها أمس
    وأبي أجيبها اليوم تتعرفون على بعض

    عبد العزيز
    أيها المحمل بالتغريب
    ما كانت الأمور بجزيرتنا المسكونة بالهوادج
    وقوافل العرائس
    والخاطبات
    وصناعة الأسر الصغيرة من توافق الألقاب
    تتحمل اتحاد اختيار قلب لا يسمع إلا دقاته
    أصم عن أناشيد القبيلة
    يطربه فضاء التحليق
    مغادرا القطيع
    الذي كان منذ عصورمضت سرب يطير

    قلت له :
    يعني نبي نشوفها اليوم
    وش اسمها

    ابتسم رغم مصابنا بيوسف
    فالجميع يعاتبه ويصادر قراره
    وجد باهتمامي بها شيء من التغيير
    قال :
    أومبر

    قلت باستغراب :
    يعني كهرمان

    قال بمفرداته البخيلة:
    فعلا
    هي مثل اسمها
    لمن تشوفينها
    اخذ يهز يده عاجزا عن إيجاد الكلمة
    وقال :
    شوية

    فقلت مصححة ضعف التعبير :
    وش شوية
    قصدك نادرة
    فرح وقال :
    صح
    ومع
    اخذ يدعك يديه بالهواء وقال بعد جهد :
    مع الاحتكاك
    قال بصرخة إنقاذ:
    أي احتكاك
    يمكن التعامل

    أعجبه أن أساعده في وصفها فأكمل :
    داخلها يبدأ
    وأخذ يفتح أصابعه ويغلقها ويقول :
    يولع

    فقلت بمساندة :
    قصدك يشع
    صرخ :
    صح
    قلت له :
    شوقتني أتعرف عليها

    أخذت اردد الجملة
    أول مشترك بين وبين الأخ الكبير
    كهرمان نادرة بباطن مشع تبرزه خطوب الدهر
    ارجع رأسه للوراء وقال :
    الله ميثى
    لو تكتبين شعر
    تصيرين خطيرة

    أخي
    كثير الذي تجهله عني
    فكرة
    التهمت باقي الوقت

    في بيتنا
    بكيت في أحضان أمي
    انحراف يوسف
    ذكريات لندن
    غرابة فهد
    الهائي بالتجول مع موظفة و حارس
    وكيف جمعني بالعشيقة
    وعطائه السخي من السجائر

    قالت وكأن الأفلاك لا تدور إلا بمحورها :
    شفتي وش سوى عبد العزيز فينا
    لا ويبي يدخلها علينا بعد شوي

    كفكفت دموعي وتعاليت على ألآمي وقلت :
    خلاص يمه
    احمدي الله انه طيب وبخير
    شوفي يوسف
    المسكين
    ما ودك يصير لك أحفاد شقر
    وإلا عاجبتكم ها الخلق

    وأشرت على أولاد منيرة
    لتصفع يدي بقوة وهي تقول :
    اجل عيالي ما مهب عاجبينك
    نشوف ذريك من فهد

    وتأخذني بعناق عنيف
    تتدخل فطومه كأنها تفصل بين متصارعين بمزاح :
    بس يا جماعة يسد
    تراكم ما بقيتو لي شي
    دوري

    لقاء فطومه مختلف
    تبقى الصديقة تشعل الفرح برماد النفس
    بانتظار خطيبة عبد العزيز ذهبنا لغرفتي
    كانت فطومه متشوقة لأحاديث شهر العسل
    من اجلها فرطت بالهدية الوحيدة القادمة معي
    شكولاتة المطار
    وتركتها لأولاد أختي منيره
    في غرفتي الوفية الباقية على حالها من أسابيع ثلاثة ماضية
    جلسنا على السرير
    كما كنت اجلس مع يوسف لساعات
    اختنقت بعبرات افتقاده
    لتستحثني فطومه بقولها :
    ها هاتي مما عندتس
    من ذوليتس العلوم

    قلت لأغيظها :
    ليالي لندن
    ما تنحكي حبوو
    لازم تنشاف

    ضحكت ورمتني بالمخدة التي تتطاير منها غبار الرياض المتراكم بضراوة وقالت :
    والله و كدينا خير
    اجل حبوو
    يا حسافة عرس خدوج اللي ضاع عشانتس

    كرهت أن تستمر فطومه بمرافقة خدوج وقلت :
    أنت الى الحين تروحين معاها
    و شلون ترضين طقاقة جامعية
    فطومه
    لازم تدورين على شغل أحسن

    قالت بضيق :
    صدق من عاشر القوم
    يا حرم ولد الوزير
    أنا لاقيه وعايفه
    وبعدين عادي
    طقاقة جامعية
    أحسن من دول الجوار
    رقاصة بالدكتوراه
    بس تصدقين مدام هم اللي يدرسونا
    يمكن نتقدم ونوصل لمستواهم الحضاري

    ضحكت من تعليق فطومه
    وحزنت أن طريق الدراسة المضني يقود لمنصات الأفراح
    نادى عبد العزيز معلنا قدومه :
    ميثى ترا سعد جا يستناك
    وتعالي تعرفي بأومبر

    لتعقب فطومه على اختيار عبد العزيز لخطيبته :
    قضن بنات السعودية عشان يضيق صدر أمه بها الخواجية
    صدق أنكم عيلة عاهات

    أغلقت الباب ورائي وان أقول لها :
    هذي حرية شخصية

    في طريقي للصالة سمعت صراخ أمي الحاد :
    جايب لنا أمريكية
    وقلنا الشكوى لله
    بس تصير سوداء
    لا
    أنت خبل
    مهبول
    وش ناقصك تزوج
    عبده
    عبده
    يا حظي

    التفت للوراء
    حيث غرفتي و فطومه
    هل سمعت
    كيف يا صيته
    تبدعين بالجلد بسياط آلمتك
    و تسقين سم الطبقية الزعاف لغيرك
    تستمر أمي بالانتقاص من خطيبة عبد العزيز :
    تكرونيه
    وان اللي شاده بك الراس
    واقول يبي يعزن ها الولد

    هنا رأيت فطومه تهرب من بيتنا بعبايتها التي لم تحسن ارتدائها
    ناديتها :
    فطومه
    فطومه
    لم ترد

    أكملت طريقي للصالة
    توجهت لأمي وقلت لها بحرقة :
    عمري ما طلبت منك شيء
    بس لا تأخذين من القليل اللي عندي
    جرحتي فطومه بليا إحساس

    كانت أومبر بشعرها الطويل المتموج وجسمها الرشيق الفاتن تعاتب عبد العزيز بالانجليزية بعقلانية:
    لماذا لم تخبرهم أنني سوداء
    كيف تضعني بهذا الموقف المحرج

    أشفقت على عبد العزيز المتخبط بين غضب أمه وخطيبته
    ما كان لونها يشكل فرق
    السواد الذي يرفض هنا ما اصطدمت به عيناه
    فأغفل تفصيل صغير
    قلت لأومبر لأهدئها :
    عزيزتي
    وصفك لي بكلمات متقاطعة
    نادرة
    تشع
    مع الزمن
    روى عنك ما يراه فيك
    لا تلوميه
    بما لا يراه

    تابعت صيتة نوبة القهر وقالت :
    إن جان شي فهو منك يا عبد العزيز
    تحرم على ضحيك وعشاك

    هنا تدخلت منيرة مقاطعة بإيمانها القادر على التعامل مع عقل صيته وقالت:
    استغفري يمه
    من لك إلا عبد العزيز
    وبعدين
    يمكن تسلم ونكسب فيها اجر

    وكأن خلاف صيته معها الكفر
    يجب أن اخرج لمصالحة فطومه الحانقة
    صافحت أومبر مودعه
    وتركتها مع عبد العزيز
    يواجهان مصير من رفض

    في السيارة كانت فطومه تبكي
    دون كلمة
    وذهبت محاولاتي للتخفيف عنها سدى
    وصلت لقصر العليا مرهقة من يوم فاق الأربع والعشرين ساعة
    ما كان فيه إلا الخدم
    فالرياض بموسم أعراس
    والجوهرة و ميساء في فرح احد المعارف
    توجهت لجناح فهد الموجوع مثلي من غيابه
    ونمت

    استيقظت مبكرا على صوت العمل بالحديقة
    كان عمي عثمان الذي يهوى العناية بالنخيل يرشد المزارعين
    فتواجده الصباحي المبكر نادر أن أدركه فيما مضى
    أسرعت لأقابله واسأله عن يوسف
    رحب بي و استنكر عودتي بقولة :
    الله يهديك يا ميثى
    تخلين رجلك
    وشوا عشانه
    يوسف بالمستشفى
    والمقدر حصل

    قلت بتعجل :
    يعني ما اقدر أزوره

    قال وهو يفكر بألم :
    يوسف متورط بقضية
    ما راح ينجيه منها
    إلا
    صمت مرتهبا ليتابع :
    الموت
    كلمات عمي القوية بدون مواربة أصابتني بالدوار
    جلست على المقعد البارد
    قال متندما على صراحته المؤثرة :
    إلا ما عجبتك لندن
    يا الجوهرة تموت فيها
    نظر للبعيد يستحضر سنين مضت
    وأكمل :
    بعد ما رزقنا الله بفهد
    مسكت الوزارة
    وانشغلت عنها
    وما كتب الله إن يجي احد يوسع صدرها مع فهد
    فصارت تقريبا من أهل لندن
    تأخذ فهد معها وتروح عند القرابة والجماعة هناك
    ولا قلت وش لاقيه فيها
    قالت
    فطور المروش
    مع إني ذقته
    ما هنا زود
    ما رجعها للسعودية إلا دخول فهد المدرسة
    ثمن جا أيمن وعقبه ميساء
    ونسيت لندن شوي

    قصة مملة وان كانت بطلتها زوجته الحبيبة
    ما استمتعت بذكريات لا تخصني
    ولا استنتجت منها حل لغز يثيرني

    صعدت لغرفتي
    وعدت للنوم فلا أمل بلقاء يوسف

    في العصر
    حادثتني أمي بثورة من اثر البارحة بوجوب زيارتي لبيت عمي
    لا أريد
    أن اذهب لمزار يوسف الغائب
    ولكن الاطمئنان على مزنه يغري
    طلبت من سعد أن يجهز السيارة
    رأيت الجوهرة زوجة عمي بالصالون الصغير
    بلا قبلة ولا مصافحة
    بوداع جاف :
    أنا ما اعرف ليش خربتي على فهد وجيتي
    كنك بتسوين شي

    قلت لها بأسلوب مشابه :
    أنا رايحة ازور بيت عمي
    عن أذنك

    في الطريق إلى السويدي ارتبت بسعد
    لم يعد الماكس
    بل مفتعل
    غابت تلقائيته
    ماذا حدث له بغيابي

    في بيت السويدي كانت الحفاوة بي مهزلة
    يخدمني من كان تجاهل أوامرهم لي مقصلة
    يتسارعون للترحيب بي
    بمقدمتهم عمي عبد الرحمن
    الذي أصر أن يوسف أوقع به من متواطئين
    لتوريط اسم العائلة الفاضلة
    وإلا كيف لأولاده أن يتاجروا بالحرام
    متيقنا من حلال كل ما يصدر من هذا البيت
    كلامه بلسما مخدرا لكبريائه
    ولقلب ام يوسف الملتاع
    سألت عن مزنه
    قالت هيله وهي تنظر لنقش السجادة المتنافس مع بقع الأطفال :
    بالمطبخ تقشر القرع للعشاء
    تقاعدت
    وتساعدنا

    ماذا
    ركضت بهلع
    للمطبخ
    كانت هناك
    بشعر أشعث وعيون زائغة وملابس قذرة
    مغيبة عن ما حولها
    بسكين حادة تعمل على قرعة كبيرة بهمة وتقطعها لمكعبات صغيرة
    لا ترفع رأسها
    أسرع احد الأطفال ليشد من جوارها بشقاوة من يهوى الإيذاء
    مجموعة من الأقمشة والطرح القديمة ملفوفة كطفل رضيع
    لتصرخ بصوت مفزع
    بشويش
    بشويش
    فيضحك الأطفال المتجمعين لرؤية المشهد المنتظر
    و يتفرقون بعيدا عنها
    متوعدين بإعادة الكرة
    بهلوسة تعيد الطفل الخيالي لنومه
    وتهدهده بصوت حاني
    بشويش
    بشويش
    نفس الكلمة بنغمات متناقضة
    ثم تعود للسكين
    وضعت يدي حول رأسي
    كيف وصلت مزنه لهذا التدهور
    كانت هيلة من خلفي تصف حالها :
    مزنه بعد الانهيار
    ما رجعت صاحية
    تسمي الخرق ولد
    وترعاها كأنها بزر
    واللي يقربها تصرخ فيه
    وما تنطق إلا
    بشويش

    مزنه
    اختزلت كل المعارف وأثار الأمم
    لرجاء بائس
    بشويش
    يا صخب الواقع
    محصلة اللغات الحية والمندثرة بعقل الدكتورة مزنه القادر






    رد مع اقتباس  

  10. #20  
    الفصل الثاني والعشرون
    أذوب

    ذهبت كل محاولاتي لإقناع عمي عبد الرحمن بعلاج مزنه هباء
    أصر أن لديه العلاج الشافي
    تخيفيني ثقة الجاهل
    همست بأذني هيله محذرة :
    مهب مسوي لها شي
    ليته ما يعرف الرقم السري للصراف
    كان يمكن عالجها

    أذن ما تعنيه له مزنه ملك يمينه
    لماذا العناء
    نهاية مزنه ختامية
    الجنون

    رجوت هيله :
    لا
    هذا لو ما يسوي ارحم
    انتبهي عليها
    حاولي تهتمين فيها باللي تقديرين عليه
    أبعديها عن الأطفال العفاريت
    ريحيها بغرفتها

    قالت هيلة بدهشة :
    ما دريتي
    غرفتها جددها عمك يبي يعرس فيها
    خطب ثالثة
    يقولون دكتورة بجامعة الإمام
    مطوعة

    غرفة سطح بيت الإمام
    السجن برداء العتق
    المتعجرفة
    لا يسكنها إلا حاملات الشهادات العليا

    ما هي مطالب المرأة
    حرية القرار
    إجابة خاطئة
    حرية المرأة تتطلب قرار

    بيت السويدي
    المحمل بلعنات التخلف
    سأخرج قبل أن تحل علي أحداهن
    كتبت رقم جوالي بقصاصة ورقية وأودعتها كف هيله
    فعمي عبد الرحمن شغوف باندحار عقل النساء

    في السيارة
    مكالماتي المتكررة لفطومه الغاضبة لا تجاب
    تتجاهلني أرحب قلوب الأرض
    أضيق
    بالعودة الفرض للقصر
    استقبلتني أصوات مرحة آتية من صالون النساء
    ميساء وصبا وريما
    تحيات وقبلات وغيرة بنات
    كانت الجوهرة وصديقتها زهوة في لقاء مع متعهدة حفلة الخطوبة
    الذي سيقام بقصر الوزير الفسيح
    فلا فرق بين الأصحاب
    استفهام الرفيقات يرهقني عن تفاصيل ما برحت الخاطر
    ادعي الحياء
    وقبل أن تشب العداوة بسب التحفظ
    استأذن للنوم
    و اتركهم في خططهم يعمهون
    خطوبة صبا الأربعاء
    بعدها بيوم زفاف ريما
    وبأسبوع
    ميساء وعبد الله
    بداية الألم
    الذي كان
    اندمل في القلب المضرج بالمصائب وصار خدش تافه


    في سريري يحدثني فهد
    صوته اضعف
    متهدج بنفس ضيق
    سألته بلهفة :
    طمني عليك
    قال بتوجع:
    أنا تعبان
    هل أخطأت بعودتي للرياض وتركه في لندن
    ماذا لو حدث له مكروه
    بأسى قلت :
    سلامتك
    بكبريائه الرافض للتعاطف قال :
    لا تخافين
    أنا جاي
    لعيونك
    ذوس كيلينق ايز
    لا زال يذكر
    ماذا حدث في لندن إذن
    قلت بصدق :
    انتظرك
    قال بنفي حاد فالسنين بيننا تنصبه لي أستاذ :
    انتبهي
    الانتظار فعل خامل
    كانت بطاقة أمسية الساري الشعرية أمامي
    بجوار حقيبة المطار
    تتراقص بدهاء وإلحاح
    فقلت بتحفز:
    مدام رأيك كذا
    استأذنك
    احضر أمسية شعرية
    بعد بكرة

    وللنجاة من فخ التناقض قال :
    جيد
    أحضري واحذري
    الشعر رسول وشيطان
    هادي و غاوي
    أفزعتني كلمات فهد
    دلت على مدى تقدم الورم في نسيج دماغه
    فالعقل المتهاوي يبدع بالوصف
    ودعته بالشكر
    وأخذت غطاء السرير الستان الكبير لكنبته الغارقة بذكريات جسده لأشحذها بقاياه
    سمعت أيمن يمازح صبا في الحديقة
    بصوت عالي
    ونغمة رياء
    لم يكن
    أيمن بروبر واي
    بل ضاري يلعق جراح أدمته من مستضعف طليق
    كررت حتى النوم
    فهد
    فهد
    أناديك
    يا غائب لتسريني بالاسم

    في الصباح
    كان جوالي لا يزال واقعا تحت حظر فطومه
    في وحدتي لجأت للمطبخ
    تذكرت ميثى الطفلة
    فمطبخ القصر والجلوس على الطاولة الكبيرة إمام الفرن الضخم مهربي من الدروس التعليمية الخصوصية لميساء المتعثرة بفهم ما تفيض علي حصص المدرسة المملة باستيعابه
    هنا كان عم عزيز يحدثني عن أرضه
    وعودته الضحية بيد أطماع أولاده
    ويعلمني صنعته
    في انشغاله عني
    كانت الذروة
    نثر قطرات الماء على الزيت الساخن
    لأسمع صوت فرقعات
    تصفيق مسرحي
    بعد رقصة بالية على خزف المطبخ البارد
    ليصرخ عم عزيز :
    بطلي لعب يا بت
    شيلى من مخك القنان دا
    تسائيف ائيه ومسرح ائيه

    أخبرته أنني سأطبخ الغداء يوم عودة فهد
    الطبق الذي يحب
    المطازيز
    شرط العقد
    وافقني
    فيوم خطوبة أيمن حافل بالعمل ولا ضير من مساعدة
    غاب عم عزيز بغرف الثلاجات البعيدة متعمدا أن أختلي بزيت القلي جمهوري الأوحد
    يدي رطبه
    والزيت حار
    و قلبي لا يطرب
    وخطوتي مشلولة
    أنا مثلك يا عزيز صرت مذبوحة بيد اقرب الناس
    لا تنتظر بعيدا
    لا مجال
    لا رقص ولا تصفيق
    تعال
    لنكمل تحضير الغداء

    حلوى اليوم
    كيكة الجبن
    اقطع الفروالة شرائح مستديرة
    تذكرت مزنه
    وان بدلت القرع الشعبي
    ببرجوازية الفراولة
    كلاهما تسلية امرأة تنضح من إناء العذاب بداخلها على كل ريان نضر
    أتذوقها
    يا تلك القضمات العالقة مرارتها بفمي من كيكة ليزا اللندنية
    غيبي
    منذ ذلك اليوم
    والحنظل استوطن لساني

    دخل أيمن المطبخ مختصرا الطريق من مواقف السيارات بعد العمل
    أول لقاء بعد ليلة الزفاف
    عقد ذراعيه وقال بتهكم :
    الله
    ميثى بالمطبخ
    صحيح الواحد مرده لأصله

    دموعي المتحجرة انبعثت للحياة
    اقطع الفاكهة محفوفة بهتان غيوم المهانة
    تحت قصف نظراته
    سقط أصبعي ضحية اضطراب
    ينزف دم قاني
    يختلط بحبيبات الفراولة
    أعلن مخاض عذاب مختلف
    ينعش حواسي
    يرتبك أيمن
    يصرخ عم عزيز ليلومه بوجل :
    دا الدم مش راضي يائف
    يقول أيمن بسخط وهو يغادر المطبخ :
    أشياء كثيرة
    ترفض تتوقف

    هل شعوره لي منها
    يا بلاد بلا انهار تجري في ربوعها
    أوقفي سموم العواطف المتدفقة في عروقنا
    لماذا نصيبك السكون ونحن الفيضان

    بإصبعي المقطوع هجعت بغرفتي
    أمارس الخمول الذي يكره فهد
    انتظار أمسية الغد

    رمز الصفوة على بطاقة الدعوة تحدي للعوام
    احتلال الصف الأول يستغرق ساعات من التحضير
    تبتهج بانقضائها ساعة أيمن الهدية
    عداد فترة عقوبتي
    تأهبت للأمسية
    بفستان أنيق باذخ
    وتسريحة شعر رزينة في صالون مميز
    و أخيرا
    ما تجود به الخزنة المصفدة بكلمة السر

    في طريقي
    صادفت الجوهرة زوجة عمي و ميساء ومنسق زهور حفل الخطوبة
    تعجبت الجوهرة من زينتي
    والألماس المطوق لعنقي المفصح ببلاغة امتلاكي مفتاح الكنز
    قالت بتلميح فظ :
    صح ذوقك باللبس صار أوكي
    بس
    لسه كونتراست
    التناقض موجود
    الغالي على الرخيص
    على وين رايحه

    قلت بإيجاز متجاهل :
    أمسية شعرية

    قالت ميساء بسخرية :
    لا تكون أمسية الساري حبوو
    الدخول ببطاقات
    يعني انسي

    رديت بثأر مندفع :
    أنا معايا بطاقة دعوة
    من معارف بلندن

    قالت الجوهرة لميساء بتهميش لوجودي :
    روحي ببطاقة ميثى
    هي ما تقدر تروح من غير أذن زوجها
    وبعدين لولا إنها زوجة فهد القادر
    ما احد عزمها
    هذا حقنا وحنا أهله وأولى فيه

    الجوهرة
    الحظوة المتوارثة تأممت
    بطاقتي لي
    أنا
    كتب عليها
    أنت
    يا أنت
    حتى بلا اسم من أبي
    لروحي هي

    اشتعلت ميساء بلوثة الساري
    ذكرتني بقدسيته الغابرة قبل رسالة منتدى الرحالة
    كان الفتنة المدفونة بفؤاد كل الحرائر
    وصوره الغنائم من مجلات الشعر
    وصفحات دواوينه تعتقها الإعارة ودموع الشجن المنسابة
    قالت ميساء بتعجل :
    صحيح يا ماما
    ميثى ممكن أروح بدالك
    حرام نخسر البطاقة
    قلت وأنا مدركة عواقب تحدي الجوهرة :
    أنا استأذنت من فهد
    و الدعوة لشخصي
    ما لبيت عثمان القادر علاقة فيها

    بصمت متوعد نظرت الجوهرة لي
    لا حل إلا الفرار
    وكان


    في الصالة الكبرى
    المتواضعة فخامتها أمام حضور النخبة
    كنت بالصف الأمامي
    بين مجتمع متعارف
    وأنا الغريبة
    قضى على التعجب من حولي
    سرعة بدء الأمسية
    كان الساري متألقا
    بإشعار جديدة
    في البداية
    تكثف الصمت طباقا
    واستسلم ليدكه بإهداء خاص
    لملاكه الحارس
    أينما كان
    كنت الملهمة
    خلدني الشاعر بملاحم
    العنقاء
    نقطة اليمين
    زيارة
    سيدة الألغاز
    اللقاء
    وأخيرا
    الجمال النائم
    كان اللفظ يسلب الألباب
    أظن دقات القلوب تقف تأدبا تنتظر إكماله إلقاء القصيد
    وإذا ابتسم أصابنا الوباء
    نتسابق أي منا يتزامن معه ويرافق تجليات رجولة الصغير
    في الختام
    تصفيق القاعة الحاد خفوت أمام أعاصير وجداني
    وثمالة غروري المبجل بحرف
    أرسلت له رسالة قصيرة
    التاسع
    حضرت
    ديمومة الفن

    رايته يقرأ الرسالة أمام عدسات النقل بين القاعتين
    يطيل النظر عبرها
    وكأنها نفاذة لصالة النساء المغلقة
    ويكتب الرد
    ما كان هنا غيرك
    هلك غيابك

    عدت بهدوء للقصر
    لأتفادى غضب الجوهرة وحسرة ميساء
    اليوم خاب اسم فهد ونيس
    بثيابه القديمة استعنت
    وبأوراق اللعب
    حتى نمت
    في وقت الظهيرة من يوم الغد
    كان صوت عمي عثمان خلف الباب إنذار دخول
    أخفيت ثوب فهد تحت وسائد الكنبة
    قال لي والحزن في وجهه :
    ميثى
    ممكن تشوفين يوسف
    قدرنا الله وجبنا له عفو

    عرفت الفرح الذي تغنوا به
    ما يجعل القلب عصفور يخفق في قفص الضلوع
    والدموع المالحة عذبة
    ظننته من عجائب الدنيا السبع
    قبلت رأس عمي بامتنان ليقول بصوت واعظ :
    ميثى
    تذكرين وش قلت لك عن قضية يوسف

    رددت كمن يستعيد كابوس :
    يوسف متورط
    ونجاته
    الموت
    صرخت :
    بس يوسف ما مات

    قال ببطء :
    هو مثل الميت
    شلل كامل
    بكذا عفو عنه

    البكاء الذي اكرهه بصوت النحيب والشهقات المتقطعة أقبل من أوطان الأتراح
    سبقته اسأل عمي متى أراه
    قال :
    اليوم العصر
    وهرب عمي قبل أن يحضر ضيفي
    وتركني معه
    أغلقت باب غرفتي بالمفتاح علينا
    وبكيناه معا
    يوسف
    أيها العزيز
    لا تسكن الجمود جسدك
    بعت مثلي
    وما قبضنا إلا المال
    ابخس ثمن
    صدقت
    لن تراني
    وستبقى أمام عيني
    سجين جثة حية


    بعد ساعات
    مكالمة الهاتف الداخلي وصوت عمي المتعاطف أن عبد العزيز ينتظر
    لبست عباءتي ونزلت الدرجات قفزا
    في المستشفى
    كان يوسف لا يشعر بنا
    ضربت صدره بكفي ليمسكني ويلوي ذراعي
    ويهددني :
    أنت قد الحركات هذي
    استسلمي
    أكابر
    يلوي يدي أكثر
    تنهار مقاومتي
    اصرخ
    يشفق على ويتركني لأشاغب من جديد
    لكنه ما فعل
    عاتبته
    يا كذاب
    وين عرسك من أطلق البنات
    فيلتك اللي بتبنيها جنب السفارات
    بنتك اللي بتسميها علي
    لمين ثيابك الزينة وعطرك الغالي وساعتك الماركة
    دفاعك عني عند صيته اللي ما تصدق إلا ولد
    ليش تتركني وتروح
    لا
    توقفت بنص الطريق
    لا رحت ولا بقيت
    أنا السبب
    أنا اللي حبستك بدعوة انك تبقى لي
    رح
    خلاص
    رح
    لا يرد

    يخرجني عبد العزيز من غرفته بأمر الطبيب فقد ضايقت المريض
    أتحدى الطبيب الأبله
    ليته انزعج أو حس

    وأعود للقصر
    في ليلتي هذه ما بحثت عن فهد
    ما كان النوم مطلب
    عشت مع خيالات يوسف المتحرك
    رفيقى وخصمي بكل الجد واللعب

    في الصباح نزلت للمطبخ
    لتجهيز غداء فهد العائد لحضور الخطوبة التي تزين لها القصر بدرجات لون البنفسج الخلاب
    ليقول عم عزيز برقة :
    بلاش تتعبي نفسك
    بيئولوا مش قاي

    كان جوالي يستقبل مكالمات كثيرة يوم أمس لم أجاوبها
    ما خطر لي أن فهد لم يكتف من ليزا بعد
    كانت رسالته تقول
    أجلت عودتي

    قلقت من مكالمات ثلاث من هيله
    أعدت الاتصال لتقول لي بعتب بلا تحية :
    وينك يا ميثى
    صدقتي
    عمك جاب أمس شيخ قال أن اللي بمزنه مس من الجن
    وضربها بالعصا
    لما عافت حياتها
    كلمتك تفزعين له وما رديتي
    تكفين
    فكيها من شر أبوها

    قلت لها وكلي أمل بفهد :
    خلاص
    أشوف حل وأعلمك

    كلمت فهد لأستجديه إنقاذ مزنه
    رد بغضب :
    الحين ما تردين علي عشان يوسف
    وتكلمني اتدخل بمزنه
    ميثى
    تعلمي
    لا تخوضين معارك الآخرين
    يوسف مخطئ
    ومزنه لها ولي أمر
    أنت استعدي لخطوبة أيمن

    ببلادة سألته :
    متى تجي

    بتهرب قال :
    قريب قريب

    كآلة فتحت دولاب ملابسي المتخم بالفساتين
    اخترت فستان بلون عيني يوسف المغمضة
    المكفنة بحاجب لن يرمش قط
    أجهدت ميس بمكياج كثيف يخفى فلول معارك الآخرين على وجهي

    الحفل تكرار لخطوبة ميساء
    حتى نساء بيت القادر لم يحضر احد
    بمقاييس الجوهرة ليس فيهن من يستحق
    تسأل الجمع عن زوجة فهد
    قالوا
    حلوة
    أمامي سألت أحدى الصديقات الجوهرة زوجة عمي بعتب :
    ليه ما عزمتينا على خطوبة فهد
    وإلا العرس سمعنا انه عائلي

    قالت مستهترة بدخيلة :
    فهد
    حبيبتي أم تركي
    أنخطف
    ما خطب

    صمتت الجالسات على الطاولة
    ونظرن لي
    هذه معركتي يا فهد
    توافه حفل راقي
    سأكسبها
    ابتسمت
    نهضت ورقصت بانطلاق
    درت حول الجوهرة بتحدي على أنغام الموسيقى الجريئة
    خسئت
    وفزت
    تتوالى الأغاني
    وصبا تتوسط الصالون الكبير بوجه يزينه جمال الحلم برجل مخلص
    تبتسم لي
    فتجاوز الويلات ومتابعة الرقص دليل معزة
    جاء أيمن بعيون متعبه
    معه عمي عثمان وأبيها ماجد الساحر
    تحلق الجميع حولهم
    زهوة والجوهرة
    زاد القرب المشبوه أكثر
    غنت شادية
    يا دبلة الخطوبة
    التقت نظراتي بأيمن
    ليذكرني بخطوبة ميساء حين استعاد الأمل بالحب
    قال الأغنية لنا
    ما نسيت
    ظننتك تهزءا بي
    تسمينا مغنين لأغنية قديمة
    ما طمحت أن تشرف ميثى بالعشق
    اكتفيت من حفل الليلة
    خرجت للحديقة الجانبية المهجورة
    مياه المسبح مهرب
    ألقيت بنفسي بالماء بملابسي الفاخرة
    غطست بالأعماق
    تمنيت أن أذوب
    كمكعبات سكر أقداح شاي ضيفات الحفل
    استهواني كيف يتلاشى
    أغار منه
    الزائل برقة السائل
    لماذا ذرات جسمي تعيق تخلل الماء
    قالوا
    حلوة
    فلأضمحل
    وانتهي
    قبلك يا فهد
    لا أتحمل رحيلك
    بدونك يا يوسف
    فنجاتك موتك
    لأخلصك يا أيمن
    من أثم غرامي
    عذرك يا مزنه
    فبيني وبينك ولي
    أطيل البقاء تحت الماء
    اصعد على السطح
    أجد خيال أيمن يراقبني خلف واجهة الزجاج الكبيرة
    اكتشف أنني ما فنيت
    أغطس بمحاولة تعيسة
    لماذا لا أذوب
    فقط
    أذوب






    الفصل الثالث والعشرون
    العودة للنهاية

    في محاولتي الثانية
    سبحت بقوة إلى قاع المسبح الفسيفسائي
    حشرت أصابع يدي اليسار في الشباك المعدني للمصفاة الصغيرة
    يد تحلت بدبلة الزفاف وساعة اليد
    أثقال الأرض
    فإذا ضاقت أنفاسي
    وجَبُنت
    قيدتني عن الهرب
    وأبقتني
    أذوب
    لأرى أبي
    وتتلاشي الواني
    بمرور الدقائق نجح فخ القضبان بصيدي تحت الماء
    أبي هناك
    بذراعيه المرحبة
    يعرفني
    كيف
    وهو الغائب عن سنين عمري
    يستبقيني عن أحضانه ظل اسود من خلفي
    يحرر يدي
    ويصعد بي إلى السطح
    أو انه أنزلني من السماء
    ضرب بقبضته القوية ظهري ليخرج الماء الذي ما أمهله أن يذيبني
    حملني على كتفه عبر الدرج الحديدي الخارجي لحمام السباحة الذي يقود إلى الدور العلوي مباشرة
    ألقاني في الجاكوزي الكبير لحمام جناح فهد
    أضاء الأنوار المتوهجة
    كان أيمن الحانق المبلل
    هو من تدخل ليدمر نجاح مشهد الرحيل
    يصرخ في وجهي :
    لفت انتباه
    لعب
    نهاية سهلة
    كل هذا مرفوض
    ساعتي ما يكفيها اللي عدت عليك من زمن عذاب
    اعترض على رحيل بالمزاج
    أبقى للهوان

    يخرج ويتركني استعيد رؤيتي لأبي
    بلا صورة من ورق
    تجسد أو تجلى
    سخرت بقهقهة هستيرية
    من إنقاذ سجان حاقد
    يأنف أن يفوت عليه الموت بالاختيار
    مشهد إعدام ساحرة
    عجز عنها النسيان

    ما أقسى خوف
    الموت
    إجابة خاطئة
    ما أقسى أن لا يخيف الموت

    غيرت غرفتي ليلة خطوبة أيمن
    لجاكوزي
    اسود
    بارد
    خالي
    كسريري
    بقيت فيه إلى الفجر
    طرقات الشغالة جوزي
    استحثتني النهوض لأرد على الهاتف الداخلي
    ولأفزع المسكينة برؤية لوحة فنان خلاق
    لتهشم تسريحة شعر وفستان باذخ وامرأة حسناء
    يعطر الرسم رائحة كلور المسبح النفاذة

    كانت الجوهرة زوجة عمي على الهاتف
    هل ستسألني عن غيابي المفاجئ
    ما تكهنت بغير هذا
    ولكنها تبقى مليئة بمفاجآت السيطرة
    قالت بسطوة المتحكم :
    ميثى اليوم عرس ريما
    وبما أن بطاقتك باسم حرم فهد القادر
    يعنى الدعوة ما لها علاقة بشخصك الكريم
    اعتذرت عنك
    المعزومين بيت عثمان القادر
    بس

    أعدت السماعة لجهاز الهاتف
    ما نطقت كلمة
    غطرسة الانتقام
    يشجعها غياب فهد
    القادر
    على شراسة الكبر
    حسنا
    الثأر من رحلتي الخاصة لأمسية الساري
    تحرير لي من الأفراح المستعارة
    في المرآة الكبيرة نظرت للعائدة من محاولة إلغاء وجود فاشلة
    لو لم تنتقم لساعتك المبجلة يا أيمن
    لما شقيت بإصلاح الأشلاء
    لأعود
    لعيش بلا حياة


    كان الجوال يلح بمكالمات متتابعة
    فطومه
    رفعت الحظر
    رديت بما يشبه الفرح :
    أخيرا رضيتي علي

    قالت فطومه وبصوتها أثار غضب :
    خلينا ننسى السالوفه هذي
    وش عندتس اليوم

    بشوق لتحويل الهموم لموجات صوت
    رسائل أخبار للعدم
    قلت :
    ولاشي تعالي عندي
    بيت عمي رايحين زواج أخت خطيبة أيمن
    واعتذروا عني
    تجين

    قالت بنغمة تجريح
    بصمات صيته على صفاء فطومه :
    لا
    أنتي تعالى معي
    نروح مع خدوج للعرس اللي بتطق فيه
    يمكن يكون هو نفسه
    وإلا كبر راستس على

    فطومه
    استعادتك غالية
    اغفري ضعفي
    لا استطيع
    قلت متهربة :
    ما اقدر
    أخاف يعرفني احد
    وما استأذنت من فهد

    قالت فطومه بغلظة :
    لا
    يقولون يوم الاستراحة ابن أبوه اللي يعرفتس
    البسي هكا اللبس
    وفهد
    أوبن مخ
    تربية خواجات
    ما عنده عقد
    خلاص اتحارتس

    خطيئة الاستراحة وحفلة الرجال
    تلاحقني
    تغويني
    لأتحدى حصار الجوهرة
    و الخروج عن مشيئة الإقصاء
    أنا مشاع
    لا حدود في علاقاتي مع الآخر
    الجوهرة
    أتعلمين
    معارفي يفتحون لي أبواب تعجزين عن طرقها والدخول
    و أتسلل معهم عبر خنادق الوضاعة إلى مملكاتك التي تحرسين

    قلت بتردد :
    أشوف

    تعجلت فطومه إنهاء مكالمة الابتزاز
    إشهار العفو
    وإنزال العقاب
    المختصرة باستفهام
    إلى أي مدي تضحين من اجل صداقتي

    ذهبت لبيتنا في النسيم المشبع بنكران صيته لتعاطفي مع الغريبة السوداء
    حيث غرفتي الصغيرة
    ودولابي المحتفظ بتنكر فضول القطة
    ما قتلها وما أرضاها
    أخذت ثوب زفاف أمي والبرقع الواسع دون حزام الجنيهات الذهبية
    لا أمل في ذكرى الغالي
    فصيته غاضبة
    في السيارة قلت لسعد :
    بعد صلاة العشا أبيك توديني فطومه

    سأل بدهاء :
    تصالحتوا
    على البركة
    وليش تروحين عندها ورا ما تجيتس

    قلت باندفاع لسعد
    حامي ميثى بيوم راح :
    ناوين ندشر بحدا العروس مع خدوج
    تغيير

    اعتذار شاذ لفطومه
    عربون مساواة
    مشاركتها يوميات فقرها المهين
    هل اقتسمت معك الوجع المترف
    فطومه
    سلمتني لسكين القدر
    بشفرتها المزدوجة

    هدوء القصر
    تصريح رحيل إلى بيت الخالة زينب
    تأخرت لحظات
    لأكتب للساري كلمات
    أبت ألا أن تهاجر إلى بريده الالكتروني
    التاسع
    بعت الجسد
    وما ربحت البيع
    وما خسرت
    بعد
    معادلة تجارية فاسدة
    التصحيح
    مقبل
    أن أبقى مني شيء
    عدت
    وإلا لك الوداع
    وعلي الرحمة

    بعباءة واسعة أخفيت ردائي
    البدوية بعيون زرق
    تتسلل من بوابة قصر الوزير
    إلى بيت الخالة زينب
    على تلك الدرجات مقعد البروفة المحجوز من الحفلة الماضية كانت فطومه تنتظر بين الرجاء واليأس
    قفزت فرحا بدخولي
    ضمتني
    وقالت :
    صدق أنتي ما تستعرين مني
    ياحبيلتس بس
    الله يقطع بليستس على ها اللبس
    اهوه
    حملي مع الأورغ
    ترا خدوج تقول تجين معنا احتياط
    ما تتدخلين بروائع الفرقة
    بس يمكن أتوسط لك
    وتخليك تصفقين

    ما ضحكت
    فطومه أنا قيثارة بلا أوتار
    مزاحك لا يعزف بسمات
    الضحك خيانة ليوسف الوادع بلا حراك
    أخرجت من حقيبتي بقايا علبة سجائر فهد
    وخلعت البرقع وقلت لها :
    يمديني على سيجارة

    هل فهد بأجواء الرياض
    وجوده هو ما يبث فيني الرغبة بالسيجار
    وفاء تلميذ
    و تعويض احتياج

    أخذتها من يدي وأعادتها للعلبة وقالت بحزم :
    لا يا بعدي متأخرين
    وان عاش رأسي لأعدل رويستس بلا تتن
    خلى ها البلا عنتس

    في صالة الأفراح الكبرى
    زخرفت القاعة بأقواس عربية الطراز وأوشحة ملونة بالأرجوان والذهبي
    وعند مدخل الاستقبال وقفت الجوهرة و ميساء بخيلاء مع زهوة وصبا للترحيب بالضيوف
    عنفتنا صبا على التأخير
    المطربة الشهيرة منال تستعد للغناء في غرف القاعة الداخلية
    و خدوج تتلكأ لتهرب ميثى عبر حدود الإبعاد
    مررت بالقرب من زوجة عمي منحنية
    وكان الاحتماء بثني الجسم سيخفى عنها عصيان ميثى
    ما التفتت لي
    اطمئنيت
    على المنصة المزينة بتصميم أندلسي ساحر
    رمت لي خدوج بتراجع طار كبير ساخن وقالت :
    شاركينا يا بنت الرجال
    ميثى
    يا من هويتي تشايكوفسكي
    هنا
    لا يتعاطون إلا دق الدفوف
    ورقص أجساد حرمت على الفن
    خمر مباح
    اسقيني منه يا فطومه
    ولنشرب
    على أطلالي
    لنرتوى
    طالما الدمع روى
    بلا كلام
    فصوتي هويتي
    ندق
    نرقص
    عربدة النساء
    لا تعزير
    لا قصاص
    ثمالة الحلال الطيب
    وسهو عن من يتمرغ بالحرام
    أفسحي مكان لي بقربك فطومه على الأورغ
    أم العروسة
    هي المعزوفة
    أنا أضيف المؤثرات
    وأنت الأنغام
    لترقص زهوة
    تشاركها الجوهرة
    والقريبات

    قالت فطومة لتكشف عن حقيقة عجيبة سطعت تحت إنارة المنصة المبهرة :
    إلا وش عند مرة عمتس ورفيقتها
    متلاصقين تسنهم توأم سيامي

    قلت همسا بأذنها :
    صديقات من زمان

    قالت صراخا فصوتها لا يخاف أن تسمعه الجوهرة القريبة :
    أتحدى
    يختي شكلهم مع بعض شبهه
    مرة عمتس ملتمة على أم العروس
    مصلحة
    شوفي أش كثر تعاني

    قول فطومه
    رأيته أمس في الخطوبة
    القرب المشبوه
    الجوهرة
    سيدة كل ممكن
    ماذا عند زهوة ينقصك
    قلت أجرب المرح :
    اذكري الله لا يجيهم شي
    ويتهاوشون
    ونبلش بأيمن من يزوجه

    انتهت فرقة خدوج
    لتغنى المطربة منال
    وتزف العروس
    قلت لفطومه باعتذار :
    لازم ارجع قبلهم
    نتقابل بكرا

    قبلتني موادعة وقالت :
    يبي يفوتس دخلة الرجال

    شجعتني على الهروب
    ماذا لو رآني أيمن
    كيف غاب عني ذلك

    كلمت بجوالي سعد
    احضر لقاعة الأفراح الكبرى
    وقف بعيدا على الشارع العام
    في سيارتي كان السائق
    نياز
    هل من سكرة خمر الطار أو تعب خطوات الرقص
    ندمت بأثر رجعي
    انحلت من يدي حبكة الرواية
    لا تلوموني
    لتهاوي الأحداث
    أسرعت السيارة للعليا
    لبر النجاة أم لسوط عذاب
    شوارع الرياض تبوح بإنذار المشفق
    ليلة التفريط
    ستحرمنا من عينيك
    إلى حين
    تجمعت في مقعدي
    وألصقت وجهي بالشباك
    سأشتاق

    عند وصولنا للقصر
    قلت لسعد بتذاكي:
    نزلني في أول الحديقة
    و ودي السيارة للمواقف
    أهدى عن الإزعاج

    سايرني
    وقفت السيارة
    ونزلت أسير على قدمي عبر حديقة إلى القصر
    أراقب سعد العنيد
    قاد السيارة للمدخل الكبير وليس باتجاه للمواقف البعيدة
    أوقفها
    نزل ليحادث ظلال تنتظره عند الأشجار الكثيفة وعواميد النور الكاشفة
    يأخذ من احدها مال ويضعه في جيبه
    ويقبل يده
    فهد
    عاد
    ليس كمصعب
    واقفا بلا نعش
    ركضت له
    سيد الحضور المفاجئ
    هو من نشر شهوة السيجار بالفضاء
    كان معه أيمن
    وغيرته المجنونة
    تحذير يوسف
    الراحل
    الباقي
    نزع البرقع عن وجهي
    شد ضفائري الطويلة إليه
    وقال بصوت عالي في إذني الملتصقة بشفتيه قصرا :
    يعني كلام أيمن صدق
    تشتغلين مع الطقاقات
    حتى وأنت زوجتي
    يا منحرفة العقل
    زين اللي خليت سعد يراقبك

    ورمى بي بعنف على الممر المرصوف لألتحم ببروزات الصخر الحادة
    الألم يعيق الوقوف
    خلع فهد الحزام الجلدي السميك لبنطلون بدلة السفر الرمادية
    رفعه بالهواء
    ليجلد ظهري المستسلم
    تتكرر الضربات المبرحة
    لا اسمع إلا نواح الحزام الجلدي بالهواء الساكن و رجاء أيمن المتشفع :
    خلاص كفاية
    اتركها
    ميثى
    ابعدي عنه الحين


    اقترب من فهد أكثر
    أتشبث بقدميه
    اهرب منه
    إليه
    لا حنان عرفت إلا من حناياه
    لن ينقذني منه
    غيره
    بدأت أحس بحرارة الدم المتدفق من جلدي العاري
    فثوب صيته اهزل من ردع احتلال رجل مجند في ثورة الشك
    يصرخ أيمن بفهد مستعطفا :
    لا تموت بين أيديك
    يكفي
    فهد

    اكتفاء فهد معدوم
    فلا يخالط عويل السياط إلا صدى ترديده :
    ما فيكن شريفه
    حتى أنت
    يا انتقامي
    صرتي
    ضدي

    قطرات الدم النازف من ظهري تنساب على الممر الحجري
    تفوق الأوجاع الاحتمال
    غاب البكاء
    والصراخ اصطحب صوتي إلى الفرار
    آخر ما أبصرت
    الشقيقين
    ونزاع على الحزام

    رائحة الأدوية وهمسات الممرضات وفراش المستشفى
    بشائر الإنقاذ
    أفتح عيني بصعوبة
    ذراعي مقيدة لحواجز السرير
    وأنا نائمة على بطني برداء المستشفى المكشوف الظهر إلا من شرائط منحلة الربط
    تعتذر الممرضة بانجليزية لشخص بجوارها :
    الجروح عميقة
    والتعقيم بالمطهرات مؤلم
    هذا الوضع الأفضل

    يجادل الصوت الثاني
    لأومبر :
    ألا يكفي سلب زوجها لها الآدمية
    أطلقوا قيدها
    أنا أرعاها

    أحرك رأسي بتثاقل لصوت أومبر
    اسألها بلهفة أغفلت الترجمة :
    وين أمي

    فهمت السؤال
    تمسح بيدها على جبيني
    ويتعسر عليها الإجابة وان صاغتها بكلمات انجليزية بسيطة تقول :
    ميثى
    أمك ترفض زيارتك
    تعتقد انك مخطئة
    وتعذر فهد بضربك
    وتقول انك لا تستحقين عناء الزيارة

    اشهق بالبكاء
    صيته
    وحشية الأمومة المتمثلة بتجريم التأديب
    وإدانة التقصير
    تواجد للاعتزاز
    وتبرأ من العار
    الحبال السوداء تستوطن ظهري
    تعالى
    انظري صدق الأحلام

    أسكن لغيبوبة مجلوبة بالمسكنات القوية
    وشفقة غريبة
    ليوقظني عبد العزيز بعد ساعات بمناداته لأسمي
    نادرا ما قال ميثى
    كان يوسف هو من يناديني
    كان اسمي يفلت من لسانه وينادي به أصحابه
    يحمد الله ويقول :
    بس مهب دايم
    إذا ارتحت معهم
    انبسطت بلحيل
    أقول ميثى أعقل يا رجال
    أنواع الخبال

    لو كان معي اليوم
    هل سيسامحني أو سيقاطعني

    يهمس عبد العزيز بإصرار:
    ميثى
    تسمعيني
    أنت لك بالمستشفى ثلاث أيام
    الطبيب يقول انك أحسن

    أحاول أن أنهض
    تساعدني أومبر
    ليتابع وهو يستمد من خطيبته دعم غير منظور :
    فهد
    دخلوه اليوم المستشفى
    أظنك تدرين انه مريض
    ساءت حالته

    سألت مرتاعة :
    أي مستشفى
    هنا

    هز رأسه بالإثبات
    نظرت لأومبر
    وقلت لها بلغتها باستعطاف:
    أريد أن أكون معه
    اطلبي الكرسي المتحرك
    أرجوك

    قلت بغيض من يُحكم المنطق بالقرار :
    أنت مقتولة بيده
    شوهك بندوب مستديمه
    وتذهبين إليه

    كتب بظرفي السنوي
    أنا خايف أبيك معي
    ما كنت لأكفر بالحرف المكتوب

    قال عبد العزيز بتردد :
    ميثى
    يمكن ما يقبل زيارتك

    أزفت الساعة التي يرهب فهد
    ما كانت الحبال السوداء التي قيدني بها لتبعدني عنه
    قلت بقناعة:
    أنا ما اقبل أزوره
    أنا أبي اقعد معاه
    ضعنا بمتاهات الأيام
    سأعود
    أعود للنهاية






    رد مع اقتباس  

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تحميل رواية كنت أحبك حب ماتقراه في أعظم رواية
    بواسطة Bshaer‘am في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 26-Aug-2014, 12:29 AM
  2. مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 24-Oct-2013, 11:43 PM
  3. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  4. عواقب الحسد
    بواسطة الـقـآهِـري في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 13-Feb-2009, 12:35 AM
  5. (لغت الجسد)
    بواسطة T A N K S في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 17-Nov-2006, 08:49 AM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •