الملاحظات
صفحة 4 من 29 الأولىالأولى ... 2345614 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 290

الموضوع: رواية بين الأمس واليوم

  1. #31  
    المشاركات
    3,260
    "جميلة تغطي ولد خالتج يبي يسلم عليج"


    جميلة اعتصرت بضعف يد والدتها التي تجلس جوارها وهمست بخفوت: يمه من اللي جاي معش


    عفراء تأخذ جلالا خفيفا وتغطي به وجه جميلة وهي تهمس بحنان: كسّاب يأمش


    جميلة بضيق كتم على أنفاسها: ومالقيتي حد إلا كسّاب


    عفراء بنبرة غضب عاتبة: ومن اللي باجي معه يعني علي وإلا زايد؟!


    جميلة ابتلعت ريقها المختلط بعبراتها رؤية كسّاب لطالما أخرجت أسوأ ما فيها من مشاعر

    يولد فيها إحساسا دائما أنها عاشت متسولة على أطراف حياتهم

    عالة على مشاعرهم واهتمامهم

    وأنه لولا خالتهم وإلا لربما قذفوها خارج حياتهم دون أدنى اهتمام بها




    كسّاب دخل بثقة ليقف قريبا من الباب

    وحضوره يلتهم المكان كعادته في كل مكان وهو ينشر إحساسا بالضآلة فيمن حوله

    هبة فطرية نادرة فتحت له النجاح حتى في مجال التجارة والأعمال


    همس بهدوءه المغلوم دائما وأبدا: صباح الخير جميلة

    ثم أردف بنبرة مقصودة: ألف مبروك الزواج يا بنت خالتي


    جميلة بارتجاف صوتها المبحوح: الله يبارك فيك عقبالك إن شاء الله


    كسّاب بهدوء ساخر: إن شاء الله يوم ترجعين بالسلامة عشان تحضرين عرسي


    جميلة بسرعة وهي تتحرق لإنهاء المقابلة: أكيد أكيد الله يعطيني طولت العمر بس


    كساب بذات هدوءه الجالب للتوتر لمن حوله: إن شاء الله طولت العمر لش ولــ ولــ وش اسمه رجالش


    خليفة الذي سينفجر هتف بهدوء على وشك التمزق: خليفة طال عمرك


    وإن كان هدوء خليفة بقي صامدا فإن هدوء غيره تلاشى فجميلة صرخت بانفعال:

    اسمه خليفة واظني إنك عارف إنه اسمه خليفة

    ومهوب اسم خليفة اللي ينتسي يا شيخ كسّاب

    وما أسمح لك تقلل من قيمته قدامي ولا حتى من وراي

    أنت على ويش شايف حالك عندك إن الناس كلهم أقل منك

    عمري في حياتي ما شفت واحد بغيض مثلك


    عفراء بتهدئة ضغطت على يد ابنتها وهي تهمس بغضب من بين أسنانها: جميلة عيب قصري حسش


    كسّاب الذي كانت تتلاعب على شفتيه ابتسامة ملولة ومثيرة لم يبد عليه أدنى اهتمام بكل ماقالته وهو يهمس بثقة ساخرة:

    عادي خالتي جمول أختي الصغيرة والواحد لازم ياخذها على قد خبالها

    وعلى العموم أنا أصلا طالع بتلاقيني إذا بغيتيني في الانتظار

    خلها تبربر على روحها


    جميلة حاولت جاهدة منع نفسها من البكاء ولكنها لم تستطع منع دموعها أن تسيل تحت غطاء وجهها



    بينما خليفة مازال مذهولا عاجزا تفهم ماحدث أمامه

    الغريب أنه يتفهم كسّاب تماما بل يعذره فيما يفعله به وبجميلة

    فلو كان أحد ما فعل بأحد شقيقيه ما فعله هو بعلي ربما كانت ردة فعله أكثر تطرفا من كسّاب


    ولكن إن كان فهم وجهة نظر الرجل لأنه رجل فهو عاجز عن فهم المرأة


    جــــمــــيــــلــــة



    لماذا انفجرت هكذا؟!! ولماذا دافعت عنه باستماتة

    ولماذا هذا الهجوم على ابن خالتها؟!!

    لماذا

    لماذا




    ******************************





    زايد في مجلسه يتقهوى قهوة العصر وعنده شقيقه منصور

    ويالا الغرابة !!ورغم أن حوارتهما دائما قد تنتهي بشجار ما فكلاهما عنيد ومتمسك برأيه

    ولكن يستحيل أن يمر اليوم دون أن يرى احدهما الآخر

    يتشاجران يتلاسنان يتحادثان يتشاوران

    المهم أن يرى كل منهما الآخر.فكل منهما يحمل للآخر محبة وإعزازا لا متناهيا وبصورة غريبة


    لو طلب أحدهما من الآخر أن ينتزع قلبه بأنامله العارية ليهبه له فأنه سينفذ دون أدنى تردد

    بينما لو طلب أحدهما من الآخر أن يتنازل عن رأيه فـنـزع القلب حينها أهون!!


    زايد يرتشف فنجانه ويهتف بهدوء: منصور


    منصور باحترام وهو ينزل فنجانه: لبيه يأبو كساب


    زايد بمودة: لبيت في مكة يأبو زايد ليت زايد يأتي بس عجزنا نتناه


    منصور يضحك: خل زايد الصغير مرتاح وش يبي بالشقا

    ثم أردف بمودة صافية: آمرني جعلني فداك وش تبي


    زايد بمودة مشابهة: يفداك اللاش يابو زايد. أبيك تجي تقعد عند مزون يومين

    أبي أسافر لعلي قلبي مهوب مرتاح لين أشوفه

    ومزون ماعندها حد خبرك كسّاب وخالته سافروا


    منصور بهدوء حذر: مهوب أحسن لو تخليه كم يوم بروحه


    زايد بألم أخفاه خلف حزم صوته: ما فيني صبر يأخيك انفرى جوفي على الولد

    لما أشوفه اليوم قبل بكرة بيصير لي شيء


    منصور انتفض بجزع: عدوينك واللي يكرهونك يابو كسّاب


    منصور تماسك بعد جزعه من كلمة أخيه ليهتف بهدوء: زين خلاص خل مزون تجي عندي في بيتي البيت وش كبره وتحت أمرها


    زايد برفض قطعي: لا جعلني ما أخلى منك بيتك مليان صبيان

    عدا إن مجلسك ما يفضى من الضباط

    ماني بمتطمن عليها في بيتك

    ولا عليك أمر أبيك تجي أنت عندها وغرف البيت كلها تحت أمرك


    منصور بأريحية: خلاص تم قل لي متى بتروح واجيب قشي عند بنتي

    والله يعين الضباط ذا اليومين يدورون لهم مكان تجمع ثاني


    زايد يلتقط هاتفه ليتصل وهو يهتف بحزم: خلاص دامك فيها وش أنت تتنيها

    بأتصل في سكرتيري يحجز لي الليلة

    وأنت الله يعينك تشيل قشك من الليلة

    والله الله في بنتك






    ***************************






    بعد ذلك بساعتين

    فيرجن ميغا ستورز

    فيلاجيو مول




    كاسرة غاضبة ويكاد دخان حرائقها يتصاعد من رأسها بينما كانت وضحى تستجديها بصوت خافت:

    تكفين كاسرة لا تفضحينا ما يصير كل ما نطلع مجمع لازم تغسلين لش شراع واحد وتمسحين به الارض وإلا ماتنبسطين


    كاسرة من بين أسنانها: يعني عاجبش سواتهم من يوم دخلنا المجمع وهم ورانا

    خلصوني أنتي وإياها قدام أروح لهم وأعطي كل واحد منهم كف


    سميرة بمرح وهي تخفض صوتها: كاسرة وش نسوي بش أنتي جايبة لنا شبهة بذا الطول والرزة وذا العيون اللي تذبح

    لو أنا من الشباب والله ما أهدش وراش وراش

    لا وإذا سبيتني سبيتني بصوتش اللي ينحر الفاد

    أنا منهم أقول مثل خالي هريدي : كمان سبيني كمان


    كاسرة لا تستطيع مقاومة سميرة ابتسمت وهي تهمس بخفوت: خلصوني جعل خالش هريدي يكفخش

    والله ماحد جايب لنا شبهة غيرش يا البرصاء بياضش يدعي الواحد من بعيد


    سميرة تضحك بخفوت: كل يوم أروح المجمعات ولا حد عبّر البرصاء ماأحس إني أنثى كل اللي في المجمع وراي لين أروح معش


    وضحى تريد أن تنتهي قبل أن تفتعل كاسرة معركة: خلاص كاسرة بنأخذ هذي


    الفتيات توجهن للمحاسبة كان الاتفاق أن وضحى وسميرة ستتقاسمان سعرها

    ولكن كاسرة أقسمت ألا تدفع واحدة منهما ريالا ودفعت المبلغ كاملا


    سميرة بحرج: كاسرة بكيفش تحلفين على أختش بس أنا لازم أدفع


    كاسرة بغضب: عيب عليش سميرة ترا مثلش مثل وضحى وما أبي أسمع كثرت حكي

    خلونا نطلع قدام أسوي جريمة في الاثنين اللي واقفين من صبح ذولا


    كاسرة أتصلت في سائقها حتى يحضر لحمل الطابعة الضخمة مع عمال المحل

    بينما كن الفتيات يهممن بالخروج من المحل

    فور أن أصبحن عند الباب سميرة سحبت الاثنتين وعادت بهما داخل المحل

    وهي تهمس بجزع خافت: يا ويلي يا ويلي فهد ولد عمي قاعد في المقهى اللي مقابل فيرجن

    وش ذا الحظ النحس لي شهور ما لمحته حتى وعقبه أشوفه في فيلاجيو


    كاسرة بغضب: وانتي وش عليش منه؟!!

    أصلا فلاجيو بالذات توقعي تشوفين ثلاث أرباع عيال جماعتش فيه

    خلونا نطلع أصلا مهوب عارفش

    واحنا أساسا ماراح نمر من جنبهم بنطلع مع بوابة واحد

    وحتى لو عرفش خليه يتجرأ ويقول لش كلمة وأنتي معي والله ماعاد يتعودها


    سميرة بخوف: لا كاسرة تكفين. دقيقة بس خلوني أطل لو شفته مندمج في السوالف طلعنا

    ما تعرفون فهد هذا فاسخ فاااااااسخ

    لا وبعد مع ذا البشوات اللي ورانا .إي والله إن قد يقص رقبتي


    سميرة أطلت لتجد فهدا بالفعل مستغرقا في الحديث مع الشخص الآخر

    ووضحى تهمس لها: هو وينه


    سميرة تشير لها عن مكانه بينما تساءلت وضحى: من هذا اللي معاه بعد


    سميرة تشدهما: خلونا نطلع وأقول لش


    خرجن الفتيات الثلاث ليصلن للسيارة والشابان مازالا يتبعونهم

    حينها ألتفتت لهما كاسرة لتلقي عليهما مجموعة من عباراتها المنتقاة بدقة وهي تخفض صوتها المشتعل بالغضبليهرب الاثنان


    بينما سميرة تنفجر بالضحك وهي تركب السيارة: يا بطني أنتي من وين تجيبين ذا الكلام

    خليتيهم ما يسوون بصلة


    كاسرة تبتسم وهي تغلق بابها: تعالي وأعطيش درووس وضحى مافادت فيها دروسي كود تفلحين أنتي


    وضحى بضيق: والله كل واحد وشخصيته ما أقدر ألبس ثوب مهوب ثوبي


    سميرة شعرت أن هناك شرارة توتر أشتعلت في السيارة لذا همست بمرح:

    الحمدلله إني طلعت من فيلاجيو على أرجيلي

    حرمت أدخله إذا فهيدان يجيه


    حينها ابتسمت وضحى: أما يا سميرة حرام عليش طول ذا السنين تسبين في الولد هو يجنن كذا عاد لو أنه شين كان دورنا لش عذر


    سميرة تضحك: الزين من زانت أفعاله يأوخيتي


    حينها تهتف وضحى بحماس: إلا تعالي قولي لي من الشيخ اللي جنبه


    سميرة تبتسم: على طول حطيتيه شيخ


    كاسرة اعتصمت بصمتها حتى لا تتدخل في حديث الصديقتين

    الذي شعرت أنه حديث سخيف أشبه بحديثات مراهقات ولا يتناسب معها أبدا بينما وضحى تبتسم وتجيب:

    ياختي أقص يدي إذا هو مهوب شيخ مكتوب على جبهته وش ذا الرزة وش ذا الزين يدوخ ياختي من جماعتكم هو

    مع أني ما اظن في جماعتكم حد زين كلهم قحط


    سميرة تبتسم: ياحبيبتي جماعتنا كلهم شيوخ ومزايين هذا ياطويلة العمر حضرت العقيد

    فهيدان حفظني اسمه وشكله من عادني بزر تقولين عليه بنية معجبة بمطرب من كثر ماهو مايهذري به


    وضحى بحماس طفولي: هذا منصور آل كسّاب الشهير وأخيرا شفته

    بس صدق ما عدلوا في وصفه أبو الثلاث حريم ما ألومهم يغارون عليه صراحة


    ثم وجهت السؤال لكاسرة بذات الحماسية الطفولية: كاسرة شفتي منصور آل كساب وش رايش فيه؟


    كاسرة تسند رأسها للزجاج المجاور لها وتهمس بهدوء لا يعلم أحد ماذا تخفي وراءه:

    ماشي حاله.





    ********************************






    رد مع اقتباس  

  2. #32  
    المشاركات
    3,260

    ذات الوقت

    في داخل فيلاجيو

    مقهى كولومبس المجاور لفيرجن



    منصور يرتشف قهوته ويهمس بهدوء: لولا أني وعدتك أطلع معك رضاوة عشان الرخصة اللي خذتها منك

    وإلا كان اعتذرت منك الليلة عندي كم شغلة لازم أسويها

    عشان كذا ما أقدر أطول معك

    يا الله أخلص الكوب ذا ونمشي وأوصلك البيت


    فهد بحرج: لا والله ما توصلني بأخذ تاكسي


    منصور بحزم: وش تاكسيه لا والله ما يكون ولا يصير

    وبعدين مهوب من بعد بيتك من بيتيكلها شارعين


    دارت بينهما الأحاديث وتشعبت

    وشعر فهد أنه قد يكون هذا الوقت هو الوقت المناسب ليفاتح منصور في موضوع يأرقه منذ وقت طويل

    بعيدا عن ضجيج مجلس منصور الدائم لذا هتف بحرج:

    ودي أقول لك شيء


    منصور بعتب: وشو له المقدمات أدخل في اللي تبي


    فهد بذات الحرج ولكن مغلفا بالعتب: لين متى وأنت ترفع عني دورة مظليين الطوارئ

    قد ذي ثاني مرة تشطب اسمي من القائمة دفعتي كلهم خذوها ماباقي إلا أنا


    منصور بحزم: وش أنت مستعجل عليه لاحق خير


    فهد باحترام مغلف بالحزم: يابو علي قد لي ست سنين من يوم تخرجت

    والمفروض الحين إني أخذ الدورة المتقدمة وماخذتها عشاني ماخذت الأولى

    والله العظيم عيب في حقي


    منصور بغضب: تقول لي أنا عيب ياحضرت الملازم


    فهد باحترام متعاظم: فهد طال عمرك مهوب من حقي أعرف يعني


    منصور بحزم شديد الصرامة: لا مهوب من حقك نفذ أوامر قائدك وأنت ساكت وبس


    حينها توجه فهد له بسؤال مباشر فيه رنة وجع واضحة: أبي أعرف من اللي قايل تشطب اسمي من الدورة إبي وإلا صالح


    منصور بذات الحزم الصارم: خلصنا القهوة قوم نمشي


    وقف فهد وهو يهمس بذات حزمه: أنت علمتنا إن الواحد ما يسكت على حقه

    ولو رفعت اسمي من القائمة الجاية.بأقدم تظلم رسمي

    وقل للي موصيك تشطب اسمي. ترا الأعمار بيد الله

    لو الله بغى أصدم لي في عمارة وتتكسر عظامي في دورة المظليين ماحد براد قضاه

    ولو ما دخلتها ممكن أندعم حتى لو أنا على أرجيلي مهوب على سيارتي اللي أنت خذتها مني

    كله بيد اللهومهوب عشان عبدالله الله خذ أمانته يخنقوني بذا الطريقة





    ****************************





    جميلة مستغرقة في نوم هادئ بعد أن اطمأن بالها لوجود أمها وهاهي تتعلق بأطراف أنامل أمها لا تريد إفلاتها حتى وهي نائمة


    عفراء تتنهد وهي تمسح على خد ابنتها بحنان بيدها الآخرى ثم تتوجه بحديثها لخليفة الجالس قريبا منها: عسى ما تعبتوا في الرحلة


    خليفة بمودة: شوي يا خالة


    عفراء بمودة رقيقة: روح يأمك نام أنا قاعدة عندها


    خليفة بحرج: لا خالتي ما أبي أنام


    عفراء تبتسم : أكيد تبي تنام لك يومين ما نمت. والله العظيم إن قد تروح وإلا بازعل عليك


    خليفة وقف وهو يبتسم ويهتف بشفافية صريحة: تدرين خالتي إني قربت أنام على روحي تعبان حدي


    ابتسمت عفراء وهي ترد بحنان هو طبيعتها التي لا تستطيع تغييرها

    حتى وإن كانت حزينة من أجل علي فهي لا تستطيع أن تنفس ضيقها في خليفة ليست هذه طبيعتها مطلقا

    فهذا الشاب اللطيف المهذب تراه لا ذنب له والذنب ذنب ابنتها أولا وأخيرا:

    روح يأمك ونام قد ما تبي بس لا تنسى الصلاة

    ثم أردفت بحزن ما: الله يعينك يأمك على جميلة أدري إنك بتتعب معها

    جميلة على قد ما أحسنت تربيتها على قد مادلعتها غير دلع زايد لها بعد

    خربناها بالدلع عشانها يتيمة

    ولأني كنت أحس إني مقصرة معها لأنه الوقت اللي المفروض يكون كله لها كان مقسم بينها وبين عيال خالتها وهي كانت حاسة بكذا

    عشان كذا كنت أعوضها بالدلع


    ابتسم خليفة وهو يقف: خلها تدلل تستاهل الدلال

    ثم أردف بهدوء متوجس: لا تحاتين خالتي إن شاء الله إنها بتشفى وترد أحسن من أول





    *********************************





    الإضاءة عند الباب تشير كان يعمل على جهازه الخاص الذي يجرب عليه كل شيء جديد قبل أن ينفذه لزبائنه


    يقف ليفتح الباب ويشرق وجهه عندما رأها محياها العذب الغالي

    أشار لها بترحيب دافئ أن تدخل


    قد لا تكون مطلقا ببراعة في وضحى في فهم كل إشاراته

    ولكنها تفهمه دون يشير حتى

    فهي من صنعت معه إشاراته الأولى وانفعالاته الأولى

    هي من كانت تعرف ماذا يريد دون الكلمات التي كان عاجزا عن انتاجها

    هي من علمته إن الإعاقة ليست حاجزا أمامه

    هي من زرعت فيه روح التحدي وأن إعاقته ليس عيبا وهو بهذه الإعاقة أفضل من الكثيرين

    لم تسمح له مطلقا أن يتخاذل أن يشعر بالنقص يوما

    أرادته أن يكون صقرا محلقا لا تحده حدود فــكــان !! ولم يخيب ظنها فيه يوما!!


    "فلماذا بعد أن صنعتي شخصيته تريدين ان تحجري على قراراته يا مزنة"



    يقولون أن الأبناء كلهم سواسية ولكن في حالات يتقدم أحدهم على الباقيين:

    الصغير حتى يكبر

    المريض حتى يشفى

    والغائب حتى يعود


    ولكن مزنة وأبنائها كان لكل واحد منهم معزة خاصة قد تجعله هو الأغلى


    مهاب الاكبر فرحتها الأولى انجبته صغيرة ليكون لها ابنا وأخا السند القوي الذي اراح بالها من كثير من الهموم


    كاسرة تشبهها مهرة صلبة تؤمن أنه مهما حدث لن تنكسر تشعر أنها امتدادها التي حققت كل مالم تستطع هي تحقيقه


    وضحى لينة رقيقة تحتاج دائما للاحتواء وهي بنفسها مصدر دائم للاحتواء


    وتميم وما أدراكم من تميم أذاب قلبها ومازال

    كما المرة الأولى حين سمعت صفقة قوية للباب لتهتف بغضب: أزعجتم ولدي


    لتلتفت له لتحمله ليقينها أنه ارتعب من شدة الصوت

    لتجده غارقا في نومه نظرت له بجزع صفقت بخفة قريبا من أذنه لم يصحُ

    صفقت بقوة أكبر فلم يصحُ

    لتصرخ حينها قريبا منه بكل جزعها وقلبها الذي تصاعدت دقاته بهستيرية

    ولــم يـــصـــحُ



    حينها تكاد تقسم أنها شعرت أن قلبها ذابذاب بكل ما تحمله الكلمة من معنى

    كما لو كان وُضع في تنور ليسيل في طوفان من الذوبان لم يتوقف من حينه

    ذوبان من ألم ذوبان من حنان ذوبان من جَلد وقوة


    وحينها سالت دموعها الغزيرة في صمت لم تسمح حتى لنفسها أن تقتحم سكونه بعويل كانت روحها تتوق إليه





    كم حملته قريبا من قلبها الذائب وهمست بكل وجيعتها: أدري إنك ما تسمعني

    بس أكيد حاس فيني

    أنا معك لين الأخير وإذا الله قطع من ناحية فهو يوصل من الثانية له حكمة سبحانه

    ما نعترض على عطاه وصدقني بتكون أحسن من غيرك



    أيقظ مزنة من ذكرياتها لمسته الحانية على كتفها وهو يشير: تبين شيء يا قلبي


    حينها ابتسمت مزنة بشجن وهو تلتقط كفه التي وضعها على قلبه وهو يشير لتقبل ظاهر أنامله

    انتفض تميم وهو يتناول كفها ليقبل ظاهرها باحترام ومودة وعمق

    ويشير بعتب عميق: تكفين ما تعيدينها


    مزنة أشارت له بحنان: كل ما أشوفك مايطري علي إلا وأنت صغير وانا أحب إيديك

    ثم أردفت بهدوء حان: أبي أغراض للبيت. توديني


    ابتسم وهو يشير لعينيه: من عيوني

    وألتقط مفتاح سيارته

    بينما توجهت لارتداء عباءتها

    وحزن ما لا تعلم مصدره يتسرب لروحها





    ********************************





    "يامش بس شوي ملعقة وحدة بس"


    جميلة بتأفف موجوع: خلاص يمه والله بأزوع


    عفراء بألم: يمه ما كلتي إلا ملعقتين بس


    حينها أشارت داليا لها بعينيها لتتبعها عفراء وضعت الأكل جانبا وخرجت خارج الغرفة تتبعها


    داليا خارج الغرفة همست لعفراء بخفوت: كفاية الملعقتين اللي كلتهم شوي شوي بيتحسن أكلها وغصبا عنها حتى


    عفراء بقلق: أشلون غصبا عنها ذي


    داليا بمهنية: من اليوم بتنعطى علاج جديد يخفف المقاومة وإحساس رفض الأكل عندها


    عفراء بقلق أكبر: وماله أثار جانبية هذا


    داليا بتأكيد: لا لا تخافين مرض فقدان الشهية شائع عندهم وعلاجه بسيط إن شاء الله

    وبس تتحسن نفسيتها أكثر علاجها بيكون أسرع وأسرع إن شاء الله


    عفراء بعدم ارتياح: ولما فيه علاج وحبوب ليه ماخذتهم في الدوحة


    داليا ببساطة: لأن العلاج هذا غير متوافر عندنا لأنه مرض فقدان الشهية مو مرض شائع هناك فليش يجيبون علاج ما يمشي

    ثم أردفت بمهنية حذرة: بس لين تتحسن حالتها يمكن تصير عصبية وحادة


    عفراء بألم: عصبية وحادة أكثر من كذا بعد؟!


    داليا بحرج: اسمعيني أم جميلة أنا والله خجلانة منك وما اريد اكون قاسية معك بس أنا مازلت عند رأيي إنه جميلة من الأفضل تكمل رحلة العلاج من غيرك

    لأنه أنتي عاملة حواليها حماية مثل الشرنقة وما ترضين حد يشد عليهاخليها هي وزوجها

    وأنا وصيت الطبيب والممرضات عليها ولو لاحظوا إنه تعامل الاستاذ خليفة معاها ليس بالتعامل المرضي فورا بيتصلون فيني وأنا بأتصل فيك

    فما فيه داعي تقلقين عليها


    عفراء تنهدت وهتفت بحزم رغم تمزق روحها من الألم: أنا أصلا مقررة أرجع للدوحة في أقرب وقت





    **************************





    "ها عمي أجهز لك عشاء؟! خذتنا السوالف ونسيت سامحني"


    ألتفت منصور لها بمودة : إلا شرايش نطلع نتعشى برا


    مزون نظرت للساعة وهمست بحرج: مهوب متأخر شوي؟ الساعة صارت عشر ونص


    منصور يبتسم: من جدش حتى لو متأخر أنتي مع عمشلو تبين أوقف لش شوارع الدوحة وقفتها

    يا الله قومي ألبسيخليني أدلعش شوي


    حينها قفزت مزون بحماسة: بس أنا اللي أختار المطعم


    منصور بابتسامة: أكيد بس يا ويلش لو ماعجبني بأخليش أنتي اللي تدفعين الحساب


    مزون تصعد الدرج وهي تبتسم: عشر دقايق وأنزل والحساب أنت اللي بتدفعه عجبك المطعم وإلا لا

    عيب في حقك عاد منصور الجنتل معذب قلوب العذارى يطلع زطي


    منصور يضحك: إيه ألعبي علي بكلمتين


    مزون صعدت بالفعل بينما منصور أدار جهاز التلفاز على قناة إخبارية انتظارا لنزولها


    يرن هاتف جواره هاتف مزون لا يعيره اهتماما يعاود الرنين ينظر للشاشة ليجد رقما طويلا على الشاشة

    لا ينتبه جيدا لفتح الخط ولكنه يرفع الهاتف ليجيبلأنه ظن أنه من أرقام النصب الخارجية التي تزايدت اتصالاتها في الأونة الأخيرة

    فور أن نقر زر قبول الاتصال فاجئه صوت أنثوي رقيق يهمس بلهفة: هلا والله يا قلبي


    ابتسم منصور: صار لي أكثر من عشر سنين مقحط ما سمعت كلمة حلوة من مرة فمن دواعي سروري أكون قلبش


    كل ما خطر ببال منصور حينه إنها أما معاكسة أو خطأ


    رد الطرف الثاني بحرج مغلف بالقلق من هذا المعاكس القليل التهذيب:

    راعية التلفون وينها وأنت من وأشلون ترد على تلفونها والتلفون أساسا وش جابه عندك وانت من أنت من أنت


    حينها تصاعد حنق منصور بشكل فجائي: تحقيق هو راعية التلفون بتجي بعد شوي دقي بعد خمس دقايق


    عفراء تصاعد رعبها وأفكار مجنونة تعصف ببالها: وأنت من أنت من أنت وذا التلفون وش جابه عندك


    منصور حينها اتجه تفكيره إنها لابد إحدى صديقات مزون في الخارج همس بهدوء: يا بنتي دقي بعد شوي وخلاص



    عفراء بغضب ممزوج بقلقها المتزايد: بنتك في عينك خلصني قل لي التلفون ذا أشلون وصلك قدام أسود عيشتك


    منصور حينها وقف على قدميه لشدة احتكام غضبه وهو يعتصر الهاتف في يده حتى كاد يحطمه:

    صدق هلش ما ربوش راعية ذا التلفون تنسينها ويا ويلش تكلمينها مرة ثانية

    ولو كلمتيها أنا اللي بأسود عيشتش


    عفراء تغلق الهاتف في وجهه. وتسارع لتتصل على رقم البيت لتتفاجأ أنه نفس الصوت الرجولي الغريب هو من يجيبها

    حينها كادت عفراء تبكي من شدة قلقها: أبي أكلم راعي البيت زايد وينه


    حينها استغرب منصور انحدار صوتها من الحدة للقلق: زايد سافر لجنيف شيء ثاني وإلا سكري


    عفراء حينها لم تحتمل انخرطت بكاء هستيري وعقلها يصور لها صور مرعبة لما فعله هذا الرجل بابنتها أو معها

    كيف يسافر زايد ويتركها في البيت وحيدة كيف

    لم يخطر منصور في بالها إطلاقا وكأنه غير موجود


    منصور فُجع من البكاء الهستيري وشهقاتها المتقطعة: وش سويت فيها وش سويت فيها


    منصور باستغراب: مستحيل أنتي صاحية أكيد خبلة أنا عمها وش بأسوي فيها يعني


    حينها قُطع الاتصال فجأة ووقتها كانت مزون تنزل: من هذي اللي أنت سبيتها على تلفوني


    منصور ببساطة: وحدة من ر فيقاتش تتصل من برا

    خبلة. ماعلى لسانها إلا وش سويت فيها وش سويت فيها


    حينها قفزت مزون بلهفة وهي تلتقط هاتفها: يا لبي قلبها أكيد خالتي عفراء من الصبح انتظر تلفونها


    تأخر منصور وهو يشعر بشيء ما يشبه الحرج بينما أعادت مزون الاتصال بذات الرقم

    لتتحادث قليلا مع عفراء التي كانت تحادث مزون وهي تشعر أن دماغها يغلي من الحرج


    كانت مزون مازالت تتحدث لتتفاجئ أن عمها انتزع الهاتف منها ليهتف فيه بحزم:

    السموحة يا بنت محمد ما عرفتش


    عفراء شهقت وصوت منصور الفخم يقتحم حوارها مع ابنتها همست بحرج:

    ماصار إلا خير والسموحة منك يأبو علي


    منصور بثقته المعتادة: أشلون جميلة بشرينا منها



    عفراء بذات النبرة المغرقة في الحرج: طيبة طاب حالك

    ثم أردفت لتنهي الاتصال: بنتي تدعيني سلم على مزون


    منصور بثبات: الله يسلمش


    حينها هتفت مزون: أنت وش سويت في خالتي شكلها زعلانة ومنحرجة


    منصور يضحك: خالتش خبلة وش أسوي فيها شكلها عايشة في فيلم هندي على الأفكار اللي في رأسها

    ثم أردف باستعجال: يا الله يالله أخرتنا خالتش الخبلة على العشا





    ***********************************





    عبدالرحمن ومُهاب يتناولان عشائهما في مطعم بلهمبار على الكورنيش مباشرة

    مهاب بمودة: أشوفك ما كلت


    عبدالرحمن بذات المودة: أكل بلهمبار ما يعجبني ذاك الزود بس قعدتهم خيال


    مهاب بمرح: وحن جايين هنا عشان القعدة الخيال

    الحين أنا خليت عشا أم امهاب اللي يسوي مطاعم الدوحة كلها وجاي معك وعقبه الأكل ما عجبك وجايبنا عشان القعدة بس


    عبدالرحمن بذات المرح: وهذا أنا خليت طبخ أم عبدالرحمن ماحد أفلس من حد كلنا تفلسنا عشا العجايز


    مهاب بمرح: العجوز مرتك مهيب أمي طال عمرك


    حينها التقط عبدالرحمن العبارة: وعجوزي متى بتزوجني إياها


    مهاب شعر بحرج أخفاه خلف هدوءه وهو يقضم قطعة من الخبز: ما بعد خذت رأيها عطيتها وقت تفكر


    عبدالرحمن بهدوء: امهاب ترا بيننا صحبة من يوم انولدنا يمكن يعني ما أعرفك من يوم وإلا يومين

    ثم أردف بشكل مباشر وصريح وقاطع: وضحى رفضتني


    انتفض مهاب بعنف: والله العظيم إني ماخذت رأيها للحين


    عبدالرحمن بذات الثقة الهادئة: دامك حلفت بصدقك

    لكني أحذرك يا امهاب إنك تحاول تفرض عليها شيء هي ما تبيه

    عاد كله ولا العرس يأخيك ما ينجبر قلب على قلب

    وأنت عارف إنه ذي مهيب أول مرة أخطب وضحى بس أمك تيك المرة مارضت وقالت إنها صغيرة

    وذا المرة أنا أقول لك لو مهما صار لا تجبرها على شيء ولاتظن إنه اللي بيننا بيغيره شيء

    صحيح إني ما أبي إلا القرب منك بس الواحد ما يأخذ إلا نصيبه

    ويمكن نصيبي مهوب عندكم


    مهاب بمودة عميقة: أكيد مستحيل أجبرها على شيء وبعدين وين تلاقي مثلك يا حظها وحظ أخيها فيك يا النسيب

    ثم أردف بنبرة ذات مغزى: وعلى طاري النسيب

    صار لي فترة أبي أكلمك في موضوع ووقته جا


    أمنيتي يابو فاضل إنك تصير نسيب نسيب؟


    عبدالرحمن يعقد حاجبيه مستفسرا

    ليجيبه مهاب بتساؤل واثق:

    تزوجوني لو خطبت عندكم؟

    أبي أختك تقربوني






    #أنفاس_قطر#

    .

    .






    رد مع اقتباس  

  3. #33  
    المشاركات
    3,260


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    صباح الورد يا قلوب الورد وبتلاته
    صباح الود يا نغمات الود وهمساته
    أهلا بكم كلكم سواء كتبتم حرف أو اكتفيتم بنثر عطر خطواتكم الصامتة
    .
    .
    .
    منصور
    صاحب الجدل الأكبر في البارت الماضي
    أنا ما أدري ليه البعض كان حاسس إن شخصية منصور ملتبسة أو غير واضحة أو حتى متناقضة بمعنى أبسط
    أبدا شخصية منصور شخصية طبيعية كأي بشري له عيوبه ومميزاته
    المشكلة أن البعض يتوقع أن القائد العسكري لابد أن يكون جامدا خاليا من الحنان والمرح
    من قال
    منصور منذ أول مشهد ظهر فيه مع كساب وحتى المشهد الثاني
    ظهر كشخصية مرنة غير متصلبة بها حنان ومرح ولكن حين يلزم الموقف فهو يعود ليتسربل بشخصيته القيادية الصلبة بل والحادة
    موقفه لما رد على عفراء أنا شفته عفوي جدا لا هو يدل إنه راعي سوالف ولا غيرها
    الكلمة الأولى لك والثانية عليك
    غلطت عليه وغلط عليها وبعدين أنا دايما أقول ترا جرأة أبو الأربعين غير <<كبروخرف : )
    يعني ترا شاب في العشرينيات مايسويها
    وبعدين موب من شخصية منصور إنه يترك غيره يعتذر عنه
    احس أنه أخطأ فاحب أنه يعتذر لعفراء بنفسه
    هل هناك شيء آخر في الموقف
    نتركه للايام
    .
    .
    كساب وجميلة
    خلونا نرتب الأحداث جزئيا لأني أحس البعض ساح
    بدأت المشكلة بينهم قبل سنتين وعمر جميلة 17
    وخلونا عفويين. أنتي عندك أخت مليانة شوي لما تزعلين عليها وش بتقولين لها:
    يا الدبة لكن لما تكونين راضية عليها تقولين لها ملفوفة وعودك ريان
    هذا بالضبط كساب ما قصد كل هالماساة فقط هو شخصيته حادة والموقف كان محرج له
    وانتبهوا إنه قال لعفراء إني باجيب لها هدية ما جا لبنت في الدوحة مثلها يعني كان يبي يرضيها
    وفعلا جابها لها في حينه تعرفونها. لكن خلاص الجرح في قلب جميلة انتهى
    المراهق فعلا حساس واتفه موقف ممكن يخلي في قلبه جرح عميق وهي بدت تحس إنها حمل عليهم
    موقفه كان القشة اللي قصمت ظهر البعير
    أما عن تغطية وجهها عن علي وكساب لا فهذا دليل إنها وقتها ما كان في خاطرها شيء على كساب
    فعلي قالها تغطي عني فهي تغطت عنه وما تغطت عن كساب لأن كساب ما قال لها
    فهي ظنت إن هذي رغبة علي فنفذتها
    لكن علي رجع وقال لها الخطأ ما يتجزأ إنها لازم تتغطى عن كساب بعد
    هذي الفكرة اللي قصدتها من البداية ولو كنت فشلت في توصيلها يكون الذنب ذنبي
    وأعتذر يا نبضات القلب
    ولكن هل هناك شيء آخر حدث بعد ذلك بينهما
    هذا ايضا نتركه للايام.
    .
    .
    كاسرة ليش اسندت رأسها للزجاج وهل كانت تفكر في شيء
    تعرفون في وقته
    وبيكون الأمر مفاجأة لكم
    .
    .
    اليوم نجمتنا لأيمومساتوقعها لتسلسل الأحداث رائع
    اليوم نتعرف على خليفة الذي هبط للمجلس بالبارشوت
    في حوار لطيف مع طرف آخر
    .
    .
    واليوم هو يوم الحوارات العميقة الشفافة
    كساب مع عفراء في حوار موجع شفاف وكثيف
    مزنة مع وضحى في حوار يكشف لكم كثيرا من الخفايا
    .
    شخصية تظهر وشخصية أخرى على وشك الظهور
    في حوار شفاف آخر
    يثير التساؤلات حوار بين أم صالح والشخصية التي ستظهر اليوم
    .
    .
    ثم نختم بقفلة أتوقع أنكم توقعتموها
    ولكن أريد منكم توقع ما بعدها ولن أتكلم أكثر!!
    .
    .
    إليكم
    الجزء الثاني عشر
    .
    قراءة ممتعة مقدما
    .
    .
    لا حول ولا قوة إلا بالله
    .
    .




    بين الأمس واليوم/ الجزء الثاني عشر


    قبل عدة أيام من الأحداث الأخيرة


    "إذا انت تبي قربي أظني عندي أخت غير كاسرة وأحسن منها"

    عبدالرحمن بدهشة: وضحى

    مهاب بهدوء: إيه وضحى

    حينها ابتسم عبدالرحمن: أنت عارف إنه أمنيتي إنك تصير خال عيالي
    و إنت داري اني خطبت وضحى قبل كم سنة وقبل ما أخطب كاسرة حتى
    لأني بصراحة كنت شايف إنه طبابع وضحى أنسب لشخصيتي

    مهاب يبتسم ويكمل: وأنا شجعتك وقلت نعم من اخترت

    عبدالرحمن أكمل الحديث بابتسامة مشابهة: وانا كلمت خالتي أم امهاب دايركت
    وخطبت منها وضحى عشان أشوف رأيها قبل أقول لأمي وأبي يخطبون رسمي
    بس هي ما رضت وقالت لي صغيرة
    فقلت يمكن خالتي أم امهاب شايفتني كبير على وضحى
    عشان كذا ما رجعت فتحت موضوعها والخطبة كلها لكاسرة
    لأني كنت مصر إنك تصير أنت خال عيالي إن شاء الله

    مهاب بهدوء حازم: أمي مارضت لأنها كانت تبي وضحى تخلص جامعتها أول وخلاص وضحى الحين على وشك تخرج
    ولا تظن إني أرخص أختي يوم أسوي كذا وضحى جنة ربي وياحظ اللي بيضويها
    وأنا ما أبيها تروح عليك وأنت عارف إني نصحتك أكثر من مرة إن كاسرة ما تنفعك

    عبدالرحمن بابتسامة: يالله يدي على كتفك ودي تزوجني اليوم قبل بكرة


    دائما كان مهاب هو الهدف
    استثنائية وعميقة ومتجذرة الصداقة التي جمعت بينهما
    أراد أن يتقرب من مهاب أكثر وأكثر صديقا وخالا لأولاده
    لذا حاول أن يتقرب بداية من مدللة مهاب المفضلة
    ولكن لم تتيسر له الخطبة فقرر تحويلها لكاسرة
    هكذا ببساطة!! رغم تعارض هذه الأفكار مع شخصية عبدالرحمن العميقة المنطقية
    ولكن من أجل مهاب تتأجل كل قوانين المنطق!!

    ورغم كثرة ما نهاه مهاب عن خطبة كاسرة
    كان هو يصر أصبح يؤمن أن هذه الكاسرة الحسناء بها اعوجاج ما
    وربما كان هو بصبره وهدوءه من يستطيع إصلاح هذا الاعوجاج
    أو حتى ستره وتغطيته والصبر عليه
    حتى لا يعاني مهاب الذي يقوم بدور والد لهم مع زوج قد يهينها أو يرجعها لهم مطلقة
    من أجل مهاب كان مستعدا للمضي حتى آخر الدرب
    واختيار الطريق الأصعب!!

    ولكن بما أن الطريق السهل هاهو يتيسر له
    الشابة الصغيرة الرقيقة التي كانت هي المقصودة بالخطبة منذ البداية
    الأقرب من قلب مهاب
    فلماذا يضيع الفرصة وليكن اعوجاج كاسرة على نفسها

    "ولكن هل يا ترى فكر مهاب مثله وهو يقرر أن يناسبه؟
    أو كان برأسه موال آخر؟! "



    ************************************




    عفراء مع كساب في الفندق بعد أن رفضوا السماح لها بالمبيت عند جميلة
    تركتها وهي تشعر أن شيئا في روحها ينحر وهي تلمح دمعة في عين جميلة تحاول إخفائها

    كانت هي وكساب في غرفتين متجاورتين وهاهو كسّاب عندها الآن في غرفتها
    يقف في الشرفة وينظر منها لبحيرة أنسي الرائعة انعكاسات الأضواء على صفحات الماء المصقولة
    منظر بديع عقله عنه مشغول بأفكار وهموم بات حتى لا يعرف لها سببا

    عفراء تقف عند باب الشرفة من الداخل وتهمس بحنان: وش فيك يأمك من صبح من يوم طلعت من المستشفى ولين جيت وخذتني
    وأنا حاسة إنه خاطرك مهوب زين وش فيك جعلني فداك

    يبتسم كسّاب ويهمس بشفافية: إلا أنا اللي جعلني فداش لو تأمرين على عيني ما تغلى عليش

    عفراء بمودة رقيقة: جعل عمرك طويل في الطاعة ما نشدتك ابي عينك جعلها سالمة
    نشدتك وش اللي في خاطرك

    تنهد كساب ثم هتف بحزم وهو يدخل في الموضوع الذي يكدر خاطره:
    خالتي سامحيني على اللي صار اليوم في المستشفى
    كلامي واللي سويته اليوم والله العظيم ماله معنى ولا داعي
    ثم أردف بوجع مختبئ خلف حزم صوته : مقهور يا خالتي وفضيت قهري بأرخص طريقة

    ثم أردف بمصارحة مؤلمة: تدرين خالتي حسيت إني رخيص على اللي سويته وعلى الأفكار اللي في رأسي

    عفراء عدلت شيلتها على رأسها وهي تدنينها من أطراف وجهها وتقترب منه ثم تضع يدها على يده الساكنة على حاجز الشرفة
    وتهمس بحنان: الرخيص غيرك يامك تكرم يا أبو زايد

    كساب يجلس ويشد خالته لتجلس على مقاعد القش في الشرفة حتى لا يلمح أحدا من العابرين القلة شبح خالته
    ويكمل حديثه بذات النبرة الحازمة الشفافة:
    لا تهونين اللي سويته في عيني لأنه مهوب هين على نفسي
    تدرين خالتي يوم شفت خليفة وعقبه جميلة كني أشوف دم علي بين إيديهم
    والله العظيم ما استحملت ما استحملت شوي أتمسخر وشوي أسوي نفسي ماني بمهتم
    وعقب ما استحملت طلعت الانتظار وعقبه طلعت من كل المستشفى
    عني يا خالتي عارفة ما يهمني شيء. بس علي غير والله غير
    مستحيل يجرح حد أو ياذي حد بكلمة حسيت إني اليوم أبي أنتقم له من اللي جرحوه
    بس مِن مَن مِن مَن واحد ماقدر يرد عليّ ووحدة مريضة
    شفتي أشلون أنا رخيص

    عفراء تشد على يده وتهمس بحنان متفهم شفاف: يامك أنا أفهمك بدون ما تحكيلا تضايق روحك خلاص السالفة عدت
    وجميلة أصلا نست عقبها

    كساب يسند ظهره للكرسي وعيناه تبحران للبعيد: بس أنا ما نسيت ما نسيت موجوع من روحي
    وماني براضي على نفسي وماني بمرتاح مهوب بس من اليوم من سنينمن سنين ياخالتي

    عفراء بعمق: أرض ربك ياولدي ويستاسع خاطرك

    كساب بعمق مشابه :والله ياخالتي إني مصلي وما أفوت الفرضولا بعد عصيت ربي في شيء وأنتي عارفة

    عفراء بعمق أكبر: وأبيك أرضيته عليك رضا الوالدين يا ولدي جنة الله في الدنيا

    كساب تنهد: خالتي أنتي أكثر من يدري صحيح أنا وأبي بيننا خلافات
    بس عمري ما عصيته ولا ثنيت له كلمة
    وأكبر دليل عندش مزون. يعني هو كان صعب علي أسحبها من شعرها من الكلية ومن أول يوموإلا أكسر رجلها ولا أخليها تطلع من البيت
    لكن بلعت غصتي عشانه لأنه قال لي إنه زعله علي دنيا وآخره لو أنا قربت منها وإلا سويت لها شيء أو حتى مديت عليها أصبع
    قهرني وربط يديطعته وطاعته فوق رأسي
    لكن الشيء اللي في الخاطر كايد ياخالتي كايد

    حينها همست عفراء بشبح ابتسامة: زين وسالفة العرس نشفت ريقه فيها

    ابتسم كسّاب وهو يحاول الانسحاب من ضيقه: لا خالتي عاد لا تضربين تحت الحزام
    أنتي تدرين في سالفة العرس أبي ما أمرني لكن طلب مني
    وأنا مالي خاطر في العرس

    عفراء برجاء: زين ليش يأمك شيدريك يمكن لا خذت لك بنية حلال تريح بالك وترادك الصوت يرتاح بالك وخاطرك
    بعض النسوان وجهها خير على رجّالها

    ابتسم كساب وهتف بسخرية لطيفة: عندش يعني حد معين ترشحينه

    ضحكت عفراء: يا النصاب ما بقى حد من بنات جماعتنا ما قلت لك عنها. وانت إلا رافض الفكرة من أساسها

    حينها صمت كساب كأنه يفكر ثم همس بنبرة جدية مصطنعة: أبي وحدة مزيونة ولا تهش ولا تنش يعني أقول لها وقفي جنب الطوفة
    أروح وارجع بعد 10 ساعات ألاقيها واقفة جنبها

    عفراء توسعت عيناها دهشة: من جدك

    ضحك كسّاب: خلينا من ذا السالفة يالغالية والله العظيم مالي في العرس ولا أفكر فيه الحين بس قولي لي كم يوم تبين تقعدين هنا

    عفراء انقلب مزاجها بشكل جذري وهي تتذكر مشكلتها الكبرى وهمست بحزم أخفت خلفه تردد روحها وجزعها :
    ما أبي أقعد خلنا بكرة نروح لعلي ونحجز مناك ونرجع للدوحة

    كسّاب بدهشة: بذا السرعة لحقتي تطمنين على جميلة

    عفراء بالم: خلاص تطمنت عليها ورجالها أجودي ما أبي أتاخر على مزون وعلى شغلي امتحانات البنات قربت

    عفراء شعرت بضرورة أن تعود بسرعة لأنها كلما طال بقاءها ستشعر بصعوبة ترك جميلة وحتى لا تحيي في قلب جميلة الأمل أنها ستبقى معها
    فهي تريدها ان تتقبل واقع مرضها ومجابهتها له ووجودها مع خليفة وحيدة حتى تعتاد عليه
    فهي لابد أن تتحمل نتيجة قراراتها لتكون أكثر قوة
    فربما كانت هذه التجربة في الحياة هي ما ستصلح أخطاء عفراء في تربيتها لها ودلالها الزائد لها



    *******************************



    "بنات ممكن أدخل"

    طرقاته الهادئة على الباب المفتوح لتقفز كل من جوزاء وشعاع وهما تهتفان بمودة واحترام لا متناهيان: تعال فديتك

    عبدالرحمن يدخل بخطواته الهادئة لغرفة شعاع الاثنتان تسارعان لتقبيل رأسه

    مودة لا حدود لها تغمر قلبيهما تجاهه
    فعبدالرحمن طوال عمره ومنذ طفولته كان نموذجا متدفقا لحنان مصفى
    لطالما وقف في وجه قسوة والدهما تجاههما ليجد والده نفسه مجبرا أن يخفف كثيرا من قسوته من أجله هو من أجل عبدالرحمن

    كان يبالغ في تدليل شقيقاته وتنفيذ رغباتهم وكأنه بذلك يعوضهم عما يكون والده فعله بهم وهو لم يراه

    وهاهو يمارس وبكل جدارة دور الوالد لحسن الصغير لولا تحسس جوزاء أن يتعلق فيه بينما هو سياتي يوم يتزوج فيه ويكون له أطفاله
    ليصبح حينها نصف والد أو حتى ربع والد لحسن مع إنشغاله بأطفاله

    حسن حينما رأه قفز ناحيته عبدالرحمن غمر وجهه بقبلاته الحانية ثم خلع غترته وحمله على كتفه
    جوزاء بمودة حقيقية: نزله لا يثقل عليك

    عبدالرحمن يحكم إمساكه له وهو يبتسم: من جدش أنتي متاكدة إنش تأكلين ذا الولد مافيه لحم مثل الناس

    حينها ضحكت شعاع: تاكله؟!! باقي تفقعه من كثر ما تزغطه

    جوزاء هتفت بجزع باسم: ول عليش قولي ماشاء الله

    شعاع تضحك: ماشاء الله تبارك الله

    ضحكات حسن الصغير تتعالى وعبدالرحمن يدور به ويهتف له بحماسة: خلاص إلا بعد

    حسن الصغير يضحك: بعد بعد

    وجوزاء بجزع حنون: عبدالرحمن فديتك بسبس بس تكفى. دار مخه

    عبدالرحمن أنزله بحنان وهو يهمس بابتسامة مرحة حنونة: أمك تقول خلاص مخك دار

    حسن بضجر: والله ما دار ما دار شوفه شوفه مادار

    عبدالرحمن خلع نظارته (لعبة حسن المفضلة) وهتف بحنان: هاك أخذ نظارتي وروح مع شعاع عند جدة

    شعاع شعرت فورا أن هناك ما يريد عبدالرحمن محادثة جوزاء فيه
    لذا تناولت كف حسن الصغير السعيد بالنظارة وهمست له بحنان: يالله حسوني بنروح لجدة شوي وبعدين ننام الوقت تأخر واجد

    جوزاء شعرت بالتوتر (أكيد صالح مرة ثانية!!)

    عبدالرحمن جلس على السرير وأشار للمكان جواره وهتف بمودة: تعالي جوزا اقعدي

    اقتربت جوزاء بتردد وجلست ثم همست بقلق: ما أحب ذا البرزات
    (البرزة الحديث الخاص المنفرد ودائما لموضوع جدي)

    ابتسم عبدالرحمن: ومن قال لش برزة؟!

    جوزاء بخجل متوتر: لو أنها مهيب برزة ما كان طلعت شعاع
    صالح مرة ثانية صح

    عبدالرحمن ببساطة: لا امهاب

    حينها قفزت جوزاء بجزع كاسح وهي تشهق شهقات متلاحقة: من من امهاب

    عبدالرحمن بهدوء: إيه امهاب. وش تردين في الرجال

    الكلمات ذابت على شفتي جوزاء: لأني ما أرد فيه شيء مستغربة
    ثم أردفت بخجل عميق: عبدالرحمن أكيد أنت غلطان أكيد إنه خطب شعاع وأنت ظنيتها أنا

    ضحك عبدالرحمن: المواضيع هذي فيها غلط. امهاب يبيش أنتي

    تزايدت دقات قلب جوزاء هلعا وأنفاسها تضيق حتى أنطبقت أضلاعها على رئتيها:
    أكيد أنت غلطان عبدالرحمنواحد مثل امهاب وش يحده يأخذ أرملة عندها ولد

    عبدالرحمن بحنان وهو يربت على رأسها كوالد يهدهد صغيرته: وأرملة وعندها ولد مالها حق يكون لها فرصة ثانية في الحياة؟!!

    جوزاء بذات الجزع: فرصة ثانية لوحدة مثلي معناتها واحد مطلق أو أرمل مهوب واحد مثل امهاب كامل والكامل وجه الله

    عبدالرحمن يقف وهو يضع يده على كتف جوزاء بحنو: اخذي وقتش وفكري
    وترا امهاب ملزم عليش فوق ما تتصورين
    لا تفكرين تفكير عاطفي غبي وتضيعينه من يدش فكري في نفسش وفي ولدش
    وحطي مميزات امهاب قدامش وتخيلي أي زوج بيكون لش وأي أب بيكون لولدش

    جوزاء بذات الجزع الذي لم يفارقها: لا لا ما أبي جد ولدي وعمانه بياخذونه مني

    عبدالرحمن بحنان صاف: لا تحاتين ذا السالفة أبو صالح وعياله عرب أجواد وفيهم خير
    وما ظنتي أبد يحرقون قلبش على ولدش عشانش تبين تتزوجين
    فكري زين وردي علي

    عبدالرحمن غادر لتنهار جوزاء جالسة على سريرها وهي عاجزة عن الاستيعاب
    هي ومهاب
    هي ومهاب
    هي ومهاب
    بركان من الأفكار يتفجر في داخلها وأعاصير من الفوضى تجتاح كل خلاياها

    لا تنكر أنها كانت تتمنى أن يتحرك مهاب ليخطب أختها شعاع ولكن أن تكون الخطبة لها لها هي؟!
    أ يعقل؟!!
    أ يعــــقــــل؟!
    أ يـــــــــعـــــقـــــل؟!!



    ******************************






    رد مع اقتباس  

  4. #34  
    المشاركات
    3,260

    كانت تتمدد على سريرها ودموعها تسيل بصمت
    حينما كانت في الدوحة كانت والدتها تبيت معها في المستشفى
    فلماذا رفضوا تركها تبيت عندها الليلة.أول ليلة تقضيها في مكان غريب
    الرعب في قلبها يتصاعد ويتصاعد وما كان ينقصها هو صوت فتح الباب وصوت الخطوات التي تتسحب ليكتمل رعبها
    لكنها نهرت نفسها وهي تسمي بسمي الله وتحاول فتح عينيها (لابد إنها إحدى الممرضات)

    فوجئت بخليفة يقف جوارها ويراقب مستوى الجلوكوز المعلق
    انتفضت بجزع: وش تسوي

    همس ببساطة: دريت إنهم ما خلوا خالتي تبات هني فقلت أكيد إنتي خايفة من القعدة بروحج فييت

    جميلة بعناد: وليش أخاف شايفني بيبي؟!!

    ابتسم خليفة: وانتي كل شيء عندج إني شايفج بيبي من قال؟!

    جميلة بذات العناد: تصرفاتك. وبعدين أشلون يطردون أمي ويخلونك تجي أنت

    خليفة بذات البساطة: أنا ماخذت أذن من حد ييت من نفسي

    جميلة بذات نبرة العناد: ما قصرت روح نام ما أبي حد عندي

    خليفة بهدوء وهو يقرب المقعد ويجلس: أنا شبعان نوم أصلا من يوم يات خالتي عفراء رحت ونمت
    والحين باقعد عندج

    جميلة يعاودها إحساس التوتر والخجل: ما أبيك تقعد عندي لو سمحت

    خليفة يتجاهل ما قالت ويهمس بهدوء أعمق: كلميني عنج جميلة شنو تدرسين في الجامعة شتحبين شنو تكرهين

    جميلة بتوتر: وليش مهتم تعرف

    خليفة بابتسامة مستغربة: وليش ما أعرف موب مرتي

    جميلة بتوتر مغلف بالجمود: هذا لو إحنا أزواج عاديين بس أنا وحدة بأموت قريب وش يهمك وقتها.

    خليفة بغضب: قلنا هالحكي ما نبي نسمعه
    ثم حاول تناسي غضبه وهو يردف بابتسامة: زين أنا أكلمج عن نفسي

    لا يعرف خليفة ما الذي يهدف له من محاولته ولكنه يشعر بملل ووحدة وغربة لا حدود لها مشتاق لوالده ولأشقائه وأصدقائه
    ليس لديه في هذا البلد أحد سواها!!

    جميلة لم يكن لديها رغبة لسماعه فهي لم تكن تريد الليلة سوى حضن والدتها
    ولكن بما أنهما متورطان معا الليلة فلتسمع منه
    فربما يخبرها عن والدها حكايات هي لا تعرفها فلا يهمها من هذا الخليفة
    سوى كونه خليفة!!

    همست جميلة بهدوء عذب: خلاص قول اللي تبيه

    خليفة يقف وهو يهتف بمرح حنون: بس أول نشرب لنا عصير

    جميلة بجزع: ما أبي

    خليفة يتجاهل رفضها ليقف ويفتح الثلاجة ويتناول العصير ليسكب منه في كأسين
    رغم أنه هو شخصيا لا يشعر برغبة لتناول لشيء فنفسه مسدودة تماما ولكنه يحاول اختراع أي سبب ليجعلها تأكل أو تشرب

    أحضر الكأسين وضعها على الطاولة المجاورة لسريرها ثم رفع سريرها أكثر لتكون في وضع الجلوس

    جميلة بخجل جازع: بشرب بروحي

    خليفة وهو ينظر لأناملها اليابسة كان متيقنا أنها يستحيل أن تستطيع حمل شيء بعيدان الأسنان هذه همس بهدوء: بدون عناد خلي المهمة هذي لي

    خليفة قرب الكأس من شفتيها وجميلة خجلها وتوترها في تزايد
    لكنها شربت جرعتين حتى تتلافى إلحاحه وبالكاد عبرت الجرعتين بلعومها خجلا من يده القريبة منها
    ثم همست برجاء: بس خلاص

    خليفة وضع الكأس جانبا ولم يشرب شيئا من كأسه وهمس بهدوء: هاتكلميني عن نفسج

    جميلة بخجل: لا أنت اول

    خليفة ابتسم وهو يريد أن يجذبها للحوار: إسأليني

    جميلة ليس في بالها سؤال معين لكنها حاولت أن تجد: إيه كم عمرك تدري إني ما أعرف

    ضحك خليفة: عمري 27

    حينها همست جميلة كأنها تكلم نفسها: أكبر من علي بسنة وأصغر من كساب بسنتين

    شعر خليفة بضيق حقيقي وهي في أول حوار ودي بينهما تعقد المقارنة بينه وبين ابني خالتها ولكنه تنهد وهو يهمس لنفسه ليجد لها عذرا
    (مريضة وعمرها ما عرفت حد غير عيال خالتها)
    همس خليفة بهدوء ظاهري: وليش ما تقولين أكبر منج بثمان سنين
    تدرين أحس إني عود وايد عليج

    صمتت جميلة بخجلبينما بحث خليفة عن شيء آخر يقوله: أممممممممم وأنا مدرس كيمياء أدرس ثاني ثانوي تحديدا

    حينها ابتسمت جميلة: أمي بعد مدرسة بس أمي تدرس علوم حق بنات إعدادي

    خليفة ابتسم (زين ذا المرة قارنتي بامها موب حد ثاني)
    ثم أردفت جميلة بخجل: والحين أنت خليت طلابك على آخر السنة

    ابتسم خليفة: ارتحنا منهم وجدولي ربعي قسموه بينهم

    حينها ابتسمت جميلة : بس غريبة شغلتك أعرف الشباب القطريين كلهم يهربون من سلك التدريس
    وخصوصا إنك تخصص كيمياء كان لقيت لك شغلة غير
    خليفة بهدوء باسم: تقدرين تقولين إني شخصيتي غير من صغري ودي أكون مدرس

    حينها همست جميلة بألم: وانا كنت أتمنى أكون مدرسة مثل أمي

    خليفة بحزم حنون: وليش كنت بتردين وتكملين جامعتج وتصيرين اللي تبينه

    حينها أشاحت جميلة بوجهها لتسيل دموع تحاول إخفائها: أحاتي أمي بس
    أنا وامي متعلقين في بعض كثير كنت أتمنى لو أقدر أجنب أمي الحزن

    خليفة بحزم: لو تبين تينبينها الحزن ماكان سويتي في نفسج جذيه

    جميلة بألم مستسلم: هذي حكمت رب العالمين وماحد يعترض على حكمه سبحانه

    خليفة بغضب: الله سبحانه ما قال لج تحرمين نفسج من الأكل

    جميلة انتقلت من نبرة الاستسلام لنبرة غضب مشابه لغضبه وبشكل مفاجئ: خلاص روح يا الله ما أبيك تقعد عندي

    خليفة يرتخي على المقعد ويريح جسده ويهمس بهدوء متجاهلا ماقالته: ماراح أروح مكان قاعد هني عندج للصبح



    *********************************



    كان يصلي الفجر حين سمع جرس الباب
    عاود سماع الرنين بعد دقيقة أخرى وهو على وشك الانتهاء
    حينما سلم من صلاته توجه للباب وهو يشعر باستغراب عميق لمن يطرق الباب في هذا الوقت

    فتحه

    شهق
    أي مفاجأة هذه؟!! أي مفاجأة
    كان يقف مستندا للحائط عاقدا ذراعيه أمام صدره وبجواره حقيبة صغيرة

    ذات الابتسامة ارتسمت على الشفتين ذاتها
    ابتسامة شفافة حنونة بها عتب واشتياق

    " أ هذا أنت يا أبي
    أ حقا أنت هنا أمامي؟!!
    لماذا جئت بل أهلا بك
    كم تسعدني رؤيتكِ بل يكاد جنبيّ أن يتمزقا لفرط انتشار السعادة في جوانحي
    اشتقت لكِ يا أبي
    تماما مثل ما أنا مجروح منك
    ولكن شوقي أكبر من الجرح
    لأنك عندي أكبر من كل شيء
    أكبر من كل شيء!! "

    علي سارع ليقبل رأسه وكتفه ثم ألتقط كفه ليقبلها ولكن زايد سحبها قبل أن يفعل وعلى يهتف بحماس دافئ:
    هلا والله إني صادق نورت جنيف بكبرها

    قالها وهو يحمل حقيبة والده للداخل ويكمل بشفافية: كنت متوقع يأنت ياكساب أشوفكم خلال ذا اليومين
    ثم أردف بعتب: ليش ما قلت لي استقبلك في المطار

    زايد وهو يدخل ويغلق الباب خلفه ويهتف بمودة عميقة: ما أبي أتعبك وبعدين جنيف أنا حافظها كل السالفة تكسي من المطار

    علي بمودة عميقة وهو يعاود تقبيل رأس والده: والله إنها أحلى مفاجأة كنك داري وش اللي في خاطري
    رحت من الدوحة وأنا ما شبعت من شوفتك

    زايد لم يرد أن يعاتبه لهروبه من الدوحة بهذه الطريقة فما مضى مضى
    المهم أنه أمامه بخير ووجهه مشرق بابتسامته الغالية
    ففي روحه من العتب والإحساس بالذنب الكثير الكثير
    وإن كان إحساس العتب بدأ بالإضمحلال فإن الإحساس بالذنب آخذ بالتزايد
    لأنه يعلم أن إبتسامة علي هذه تخفي الكثير من الألم الطازج والجروح الطرية المفتوحة

    "ولكن الأيام ياولدي كفيلة أن تشفي الجروح والألام"

    "وهل شفت الأيام جروحك يازايد؟ "

    "هو ليس مثلي ليس مثلي
    ولا أعتقد أن هناك من هو مثلي
    دعني الآن أشبع ناظري من محياه الحبيب
    وما عدا ذلك لا يهم لا يهم !!"




    ********************************



    صباح الدوحة

    كعادتها أمام قهوتها لوحة دائمة وطقوس مثقلة بالشجن والذكريات
    ماذا بقي لها غير الجلوس أمام قهوتها والانتظار الذي طال كثيرا كثيرا

    "صبحش الله بالخير يام صالح"

    انتفضت أم صالح وهي تهمس باحترام ودود : الله يصبحك بالنور والسرور

    جلس مجاورا لها بألقه الغامض الصامد حين تراه للمرة الأولى تعلم فورا أن هذا الشيخ الجليل يخفي أكثر مما يظهر بكثير
    هتف بمودة: تقهويني يا شيبتش

    ابتسمت بمودة وهي تسكب له فنجانا: أقهوي مندوبك

    تناول منها الفنجان وهو يهتف بهدوء لا يخلو من رنة غضب: الشيخة متى بتأتي

    حينها همست بحنين: خلاص قد هي على وصول ثم أردفت بعتب: وأشفيك تقول الشيخة شكله مهوب عاجبك.

    أبو صالح بضيق: إيه مهوب عاجبني قد لها أسبوع مخلصة ليه ماجات لذا الحين

    أم صالح بهدوء: نايف توه مخلص امتحاناته أمس أشلون تأتي

    أبو صالح بضيق: يعني أخيش السبة لو أني داري كان أرسلت لها فهد وإلا هزاع يجيبونها

    أم صالح تبتسم: ذا كله شحنة لبنتك. وبعدين وش فرقت أسبوع تنتظر خالها لين يخلص بدل ما تعنّي واحد من أخوانها

    أبو صالح بذات الضيق: مابه عنوة وش وراهم فهد يقدر يأخذ إجازة يومين
    وهزيع تو امتحاناته مابدت هذا لو فلح
    كان ذا الحين قد لها أسبوع عندنا وإلا عطال أخيش لها

    أم صالح بعتب: الحين أخي اللي حاطها في عيونه هو اللي معطلها
    شكلك ماعاد فيك صبر من الشحنة خلاص هانت ماعاد عليها إلا فصل واحد

    أبو صالح بشفافية: إيه والله مشتحن لها بنيتنا اللي ماعندنا غيرها
    لولا إن عبدالله الله يرحمه كل مخي عشان أخليها تروح مع خالها
    وإلا والله ما أخليها تشبر برا الدوحة

    أم صالح بحنين موجوع: جعلها برايد عليه ما كان أحبه لأخته ماكان يخلي في خاطرها شيء
    جعل مثواه الجنة الباردة

    حينها همس أبو صالح بخفوت غامض: ادعي له محتاج الدعوات

    حينها هتفت أم صالح ببعض غضب: وش قصدك في ذا الحكي
    كلن محتاج للدعوات وولدي إن شاء الله من هل الخير. واصل ومصلي
    مهوب كفاية وجيعتي منك يوم ما خليته يدفن عندي في الدوحة

    أبو صالح بذات الغموض: الديار كلها بلاد ربي وشو له العنوة حد يروح يجيبه

    أم صالح بحزن عميق: وش عنوته صالح كان بيموت يبي يجيبه بس أنت اللي حلفت
    لا وزود على كذا حتى حسن ما رضيت نسميه عبدالله. ولزمت ما يسمى إلا حسن حتى اسمه استكثرت يقعد عقبه

    أبو صالح يضع فنجانه ويقف وهو يهمس بنبرة حزن موجوعة:
    وإن سمينا حسن عبدالله بيرد عبدالله
    عبدالله راح خلاص يأم صالح مهوب راده نسمي ولده عليه



    ********************************



    "ياحلوك يا عمي بلبس العسكرية كيوت"

    يبتسم منصور الذي كان يرتشف قهوته الصباحية وهو ينظر لمزون التي تنزل بعباءتها مستعدة للذهاب:
    أما كيوت ياعمش ذي مابعد مرت علي مهيب من مصطلحات العسكرية
    دوري لنا مصطلح مثل شرس ذيب شيء كذا

    انحنت عليه لتقبل خده وهمست باحترام: زين ذيب شرس ما أبيها

    جلست جواره وهي تسكب لنفسها كوبا من الكرك بينما منصور يسألها: وين بتروحين

    مزون صمتت بتوتر فهي تعرف إن عمها من أكبر المعارضين لدراستها ثم لعملها
    وإن كان يتعامل الآن مع المسألة بهدوء فهي تعلم أنه كاد يرتكب جريمة في والدها قبل 4 سنوات حين وافق لها أن تدرس

    منصور بنبرة أعلى: أقول مزون وين تبين تروحين أنا اللي بأوديش

    مزون ابتلعت ريقها: المطار عندي أول رحلة اليوم رحلة قصيرة أبوظبي وراجعين على طول والطاقم كله حريم حتى الكابتن.

    زفر منصور وأصابع يديه تتصلب ثم همس بحزم: قومي أوديش وأنا اللي بأرجعش بس يا ليت إنه لعبة الطيارات ذي ما تطول
    اللي في رأسش وسويتيه بنشغلش أحسن شغلة في المكان اللي تبينه بس ذا الشغلة يأبيش ما تنفع لش

    حينها مالت مزون على ذراعه تحتضنها ثم تقبل عضده وهي تهمس بوجع شفاف:
    شفت ياعمي مع أني أدري إنك مستوجع من خبالي مثل كسّاب وأكثر
    بس شوف أنت أشلون تتعامل مع الموضوع وهو أشلون يتعامل
    تكفى ياعمي قل له بأسوي اللي هو يبي بس يرضى علي
    تكفى طالبتك



    ******************************



    "كساب يأمك تعال أبيك تدخل معي عند جميلة"

    كساب بهدوء: ما يصير يا خالتي تبين تسلمين على بنتش براحتش

    عفراء بألم: ما أبي أسلم عليها براحتي لأني لو دخلت عليها بروحي وقلت لها إني بأسافر بتسوي مناحة
    لكن إذا كنت أنت موجود بتستحي مهيب قايلة شيء

    حينها ابتسم كسّاب: تستحي توها لسانها البارحة علي شبرين

    عفراء تتمزق من الألم: ماعليه يأمك تعال وبس

    كساب لم يكن يريد الدخول لأنه مازال يشعر بالضيق من موقفه بالأمس ولكنه لا يستطيع رفض طلبا لخالته

    عفراء تدخل على جميلة وتخبرها أن كساب سيدخل
    جميلة بضيق: وش يبي أبي أقعد معش بروحنا. خليه يأخذ خليفة ويفارقون اثنينتهم

    وقتها خليفة كان يقف مع كسّاب في الخارج

    عفراء لم ترد على تذمرها وهي تضع على وجهها الجلال وتدعو كسّاب للدخول

    كساب هتف بهدوء: كيف أصبحتي جميلة إن شاء الله أحسن

    جميلة بنبرة محايدة: الحمدلله على كل حال

    حينها همست عفراء بثبات قدر ما تستطيع وهي تقف بعيدا قليلا عن جميلة:
    خليفة يأمك حنا بنمشي الحين
    الله الله في جميلة حطها في عيونك يأمك

    أربعة عيون توسعت بصدمة
    خليفة وجميلة
    وحزن يائس يغمر قلبيهما فجأة
    هل يعودان سويا معا لوحدهما وبهذه السرعة

    وإن كان خليفة تماسك بسرعة وهو يرد بثقة لا يعلم حقيقتها من اصطناعها:
    لا تحاتينها يا خالة
    في عيوني الثنتين روحي وأنتي مطمنة

    فإن جميلة جفت الكلمات على لسانها
    كانت تريد أن تصرخ وتصرخ وتستجديها أن تبقى
    فهي عرفت كيف يكون الإحساس من غيرها
    وكادت تجن من غيرها لمدة ساعات فقط
    فكيف أياما وأسابيع وربما شهور من غيرها قبل أن يأخذ الله أمانته كما تعتقد

    كانت دموعها تسيل أنهارا تحت غطاء وجهها وداخلها ينتحب بجزع
    ولكنها صمتت ابتلعت شهقاتها وغصت بها حتى لا تشمت كسّاب فيها
    سيتشمت فيها تعلم أنه سيفعل حتى لو لم يتكلم
    سيقول : " مهوب اخترتي ولد عمش على علي وحتى على امش
    يالله اشبعي فيه
    خليه يكفيش عن العالم"

    جميلة لم تقل كلمة بينما عفراء اقتربت بسرعة لتطبع قبلة على رأسها وتنسحب بسرعة
    قبل أن تنجح جميلة في التشبث بها

    عفراء أنزلت طرف شيلتها على فتحات النقاب حتى لا يلحظ أحد دموعها
    وخوفا أن يحلف عليها كساب مجددا إن رأى حزنها

    خليفة كان سيخرج معهما لكن عفراء رجته بصوت خافت يسيل وجعا:
    خلك معها.وتراها بتجننك أدري
    اصبر عليها وإذا حسيت يا ولدي في يوم إنك ماعاد فيك صبر. أمنتك الله ما تحمل نفسك فوق طاقتك
    كلمني على طول. هذا أنا أمنتك

    عفراء خرجت وهي تستند لذراع كساب خشية أن تنهار بينما القلق عليها بدأ يتصاعد في قلب كساب

    حينها عاد خليفة للداخل وأغلق الباب وهو يشعر بتوتره يتعاظم خوفا من ردة فعل جميلة

    لكن جميلة لم تتحرك ولم يصدر منها أي صوت. بعد لحظات صمت اقترب خليفة وأزال الغطاء عن وجهها
    ليجدها تنظر أمامها بذهول وسيول من الدموع تغرق وجهها
    خليفة اقترب منها ووضع يده على كتفه وهمس بحنان: جميلة لا تحاتين بترد تزورج قريب

    حينها لطمت جميلة يده وانفجرت بهستيرية: يمه يمه يــــــــــمـــــــــه
    يــــــــــــــــمـــــــــــــه
    تكفين لا تخليني.
    لا تخليني

    جميلة نزعت الأسلاك من يدها بحدة وهي تحاول النزول ليمسك بها خليفة بقوة بينما كانت هي تضربه بأناملها الجافة وتصرخ:
    أكرهك أكرهك
    أنا أكرهك أنت السبب أنت السبب
    أبي أمي أبي أمي

    تلطخ قميص خليفة من دمها المتناثر من معصمها ولكنه أعاد تثبيتها على السرير وهو يضغط جرس استدعاء الممرضات ويضغط على معصمها ليوقف سيلان الدم مكان انتزاعها لأبرة الجلوكوز

    وفي ذات اللحظات كانت عفراء الباكية بصمت تركب سيارة الأجرة وكساب يهمس لها بقلق حنون:
    خالتي تبين نقعد شوي قعدنا والله العظيم عادي وما عندي مشكلة

    عفراء بصوت مبحوح تخفي البكاء فيه: لا يأمك توكلنا على الله
    خلنا نروح نشوف علي ونرجع الدوحة



    ********************************








    رد مع اقتباس  

  5. #35  
    المشاركات
    3,260
    وضحى اليوم في البيت تدرس امتحاناتها التي أصبحت بعد ايام
    مازالت تشعر بالذنب من موقفها مع والدتها بالأمس
    آلمها إشاحة والدتها بصرها عنها البارحة
    تعرف أن هذه طريقتها في العقاب تحرمها من نظرة عينيها الحانية الغالية
    ولشد ما كانت تؤلم هذه الطريقة قلبها الرقيق
    فأمنيتها دائما نظرة رضا من العينين الحانيتين!!

    هاهي تنزل وهي تجمع شجاعتها خوفا أن تكون والدتها مازالت تريد معاقبتها أكثر
    وجدتها عند جدها في غرفته تتقهوى معه
    قبلت رأسيهما ثم جلست بجوار جدها على سريره وهي تنظر لوجه والدتها لتقرأ انفعالاتها اليوم
    وجدتها تتحادث مع والدها وتبتسم وهما يستذكران معا أشعارا وحكايات وأقواما رحلوا
    لذا تشجعت وهي تقوم لتجلس بجوار والدتها وتهمس لها من قرب:
    يمه أنا آسفة على اللي صار أمس والله حتى النوم ماجاني وأنا دارية إنش زعلانة علي

    مزنة تطبطب على يدها وتهمس بحنان: خلاص يأمش رضيت من بارحتي
    ثم أردفت بحزم حنون: بس كنتي تبين لش قرصة عشان ما تعيدينها

    وضحى تبتسم وهي تقبل كتف والدتها: حرمت يأم امهاب حرمت

    الجد يهتف بصوت عال: أنتو وش أنتو تقولون

    مزنة باحترام مغرق في المودة: مابه شيء جعلني فداك

    جابر يتمدد على سريره ويهمس بهدوء: بانسدح شوي وقوموني للصلاة

    مزنة نهضت لتتاكد من وضع والدها وتغطيه ثم تنادي وضحى للخارج
    حين أصبحتا في جلسة الصالة
    همست مزنة بحزم: اسمعي يا وضحى خلينا نخلص من ذا السالفة تبين عبدالرحمن وإلا لا

    وضحى بحذر: لا ما أبيه

    مزنة بذات الحزم: حتى لو عرفتي إنه أنتي أول حد خطبه قبل كاسرة حتى بس أنا اللي ما رضيت
    وقتها توش سنة أولى جامعة وصغيرة وما حبيت أستعجل عليش
    فعبدالرحمن عقب قال أنا ما ابي إلا نسبكم فخطب كاسرة

    وضحى بسخرية موجوعة: وعقبه خطبها عشرين مرة ما أدري وأشلون تفكير ذا الإنسان إحساس الكرامة عنده معدوم
    ما أبيه يمه والله العظيم ما أبيه.

    مزنة بهدوء حازم: كيفش ماحد بجابرش على شيء بس عبدالرحمن رجّال ما مثله يا وضحى مابعد شفت مثل طيبت قلبه وطيب أخلاقه
    غير عن إن وضعه المادي والوظيفي زين وولد عمتش لحم ودم

    وضحى بحزم: يمه ما أبيه.

    مزنة بحزم أكبر: زين بس لا تقولين الحين رأيش لأي أحد لو أي حد سألش قولي أفكر ما بعد قررت

    وضحى باستغراب: وليش يمه

    مزنة بهدوء: لأن امهاب خطب جوزا من عبدالرحمن ويمكن أنتي لا رفضتي عبدالرحمن تلاقي جوزا نفسها مجبورة ترفض امهاب
    وخصوصا مع أفكار رجّال عمتش المعقد إيه والله إن قد يعيي
    حرام جوزا ماراح تلاقي حد يجيها أحسن من امهاب فلا تخربين فرصتها عليها خلها لين تتخذ قرارها

    وضحى كانت تستمع لوالدتها وعيناها تتسعان ذهولا لتهمس بذهول:
    يمه تقولين امهاب خطب جوزا متأكدة أنتي

    مزنة بهدوء: إيه قال لي البارحة في الليل عقب مارجع من عشاه مع عبدالرحمن

    وضحى بذات الذهول: جوزا جوزا يمه يمكن قصدش شعاع وش يحد امهاب يأخذ جوزا وأنتي ما قلتي له شيء

    مزنة بحزم: بنت عمتش مافيها قصور وهو مقتنع فيها فليش أعارضه

    وضحى باستغراب متغاظم: أما أنتي يمه غريبة جوزا مافيها قصور ماقلنا شي
    بس شعاع أحسن منها لو امهاب يبي نسبهم
    عدا إنه من حقه بنية يكون هو أول واحد في حياتها وش حاده على أرملة عندها ولد
    وبعدين يوم أنتي تقولين امهاب مقتنع فيها وقاعدة تدافعين عنها وعنه
    ليش نفس التفكير هذا ماقلتيه عند تميم

    مزنة بذات نبرتها الحازمة: لا يا وضحى هذاك موضوع وهذا موضوع

    وضحى باحترام: لا يمه المبدأ واحد الحين امهاب مقتنع يجوزا على قولتش مع إن فيه أحسن منها واجد ومع كذا أنتي مقتنعة معه
    وتميم يبي بنت نفس حالته مع أنه يقدر يأخذ أحسن منها مثل ما تبين فليش ما اقتنعتني مع تميم؟!

    تنهدت مزنة: مشكلتكم ماحد فاهم وجهة نظري إلا كاسرة هي الوحيدة اللي فاهمتني في موضوع تميم
    حتى في موضوع جوزا أنا متأكدة إنها بتفهمني لأنها تفكر بعقلها قبل عواطفها
    وقرارات مثل ذي العقل لازم يكون حاضر حتى لو كان القلب رافض

    الحين أنتي وامهاب تقولون عادي خلي تميم يأخذ بنت نفس حالته يكون الصمم عندها مهوب وراثي عشان إن شاء الله عيالهم ما يصير لهم شيئ
    زين أنا وافقت وتزوج البنت وخليتهم يسكنون عندي على أساس عيني على الصغار زين هل أنا دايمة لهم
    بكرة يبون يودون عيالهم المستشفى أو صار لهم مشكلة في المدرسة هل بيقعدون يتكلمون مع العالم بالورقة والقلم
    ( انتظروا شوي أجلوا حل المشكلة خلونا نكتب لكم
    والله مافهمت ذا الكلمة خطك مهوب واضح عيدها مرة ثانية)

    كانت مزنة تنهمر بألم حقيقي: يعني أنتم ظنكم إنه هاين علي أرد في خاطر تميم شيء شايفته يبغيه بذا الطريقة
    والله العظيم إني أستوجع فوق الوجع وأنا أشوفه يترجاني وأنا أردهلكن إذا هو تفكيره عاطفي (وأبي لي بنية ما تحسسني إنها أحسن مني).
    أخليه على كيفه ما أعارض. تميم أصلا عاده صغير في السن وأنا أبي له الأصلح.
    كفاية هو ما يسمع ولا يتكلم في مجتمع ماعنده صبر ولا حتى ذوق إنهم ينتظرون عليه شوي
    أبي مرته تكون عوين له. مهوب هم اثنينتهم محتاجين من يعاونهم ويشرح عنهم وبدالهم.
    وتميم ماشاء الله وضعه ممتاز يقدر يأخذ أحسن بنت صحيحة
    فليه الأصرار على بنت نفس حالته أيش ايدريه أساسا إنها بتكون هي الراحة له
    وليش يظن إن البنت السليمة بتتكبر عليه كم بنات أجواد حاطين رياجيلهم على رووسهم وهم فيهم عيوب الدنيا
    وتميم مافيه عيب فكيف ما تحطه على رأسها

    لكن امهاب موضوع ثاني أكيد كنت أبي لولدي بنت هو أول بختها.
    لكن هل معنى إن جوزا تزوجت وعندها ولد هذا عيب الواحد ما يقدر يعيش معه
    جوزا مسكينة مالحقت تهنا بحياتها عبارت إنها ما عرست أصلا
    وكفاية إنه يربي حسن ياحظ اللي يضم له يتيم فياترى أحرم امهاب من ذا الأجر ومن اللي يبيه عشان خرابيط مالها معنى.



    ********************************



    مزون أصبحت في المطار
    متوترة بل غاية في التوتر
    أناملها متصلبة وريقها جاف وعرقها يتصبب على وجهها تحت نقابها
    توجهت لاستراحة الطيارين والتوجس يغتالها
    كان بها حوالي خمسة من الشباب وهي المرأة الوحيدة معهم
    شعرت كما لو أنها عارية والعيون تلتهمها
    كانت العيون تتجه ناحيتها باستغراب بل بمعنى أدق باستهجان

    "من أين أتت هذه المخلوقة وماذا تفعل هنا"

    توترها يتزايد وهي تريد أن تجلس على الحاسوب
    ولكن الشباب الخمسة كانوا متوزعين بطريقة أنها في أي مكان ستجلس ستكون مجاورة لأحدهم

    الكباتن شعروا أنها تريد أن تجلس لذا انزاحو جميعهم لناحية واحدة وتركوا الناحية الأخرى لها

    جلست وهي عاجزة عن ابتلاع ريقها هي بالفعل درست سنوات دراستها كلها مع شباب ولكن كان الإحساس مختلف
    فهم كانوا في قاعة دراسة ومعهم أستاذ وهي كان معها زميلات حتى وإن كن في تخصصات أخرى ولكنهن يشتركن في المقررات

    تشعر بضيق غير طبيعي وهي تسترق نظرها للباب علها ترى الكابتن إيمي أو كابتن سهى المساعد الأول
    بعد دقائق ثقيلة طويلة وخانقة حضرت سهى تعرفتا على بعضيهما فورا
    تبادلتا الحديث لفترة وسهى تهمس بهدوء: غريبة كابتن إيمي ماإجت
    إحنا على العموم مفترض نطلع للطايرة بعد ساعة

    مزون وسهى عادتا للانشغال بالحاسوب وهما تسجلان المعلومات الضرورية

    بعد مضي الساعة توجهتا للسيارات المخصصة لتنقلهما للطائرة
    لكن مزون تذكرت أنها نسيت حقيبتها في الاستراحة
    فعادت لأخذها
    وحين عادت لموقف السيارات كانت سهى قد غادرت
    انتظرت مزون السيارة التالية وطلبت منه نقلها للطائرة المتجهة لأبوظبي

    وصلت مزون لسلم الطائرة سلمت بطاقتها للأمن في الأسفل الذي كان يقول لها: لم يسمح للمسافرين بالركوب بعد

    أعاد لها البطاقة وهو يعتذر رغم تعجبه الشديد من هذا الكابتن الغريب
    صعدت مزون بتوتر وهي تتمنى أن تكون كابتن إيمي وصلت
    لماذا كل هذه التعقيدات في رحلتها الأولى
    الا يكفيها كل هذا التوتر؟!!

    وصلت لقمرة القيادة وطرقت الباب لتدخل
    وتــفــجــع وهي ترى الكتفين العريضين لظهر عريض يستحيل أن يكون ظهر إيمي

    شهقت والكلمات تجف على لسانها بينما سهى تبتسم لها وتشرح بمهنية:
    الكابتن إيمي اعتذرت عن الرحلة
    والكابتن استلم مكانها إجا دايركت لهون ماكان عندو وئت يشوفنا بالاستراحة
    وما تخافي من شيء هو حافظ خط الدوحة- أبوظبي
    واحنا بنزوده ببائي المعلومات

    حزن عميق غمر قلب مزون لفساد مخططاتها ولكن على الأقل هاهي معها فتاة أخرى وليست لوحدها معه
    كانت تدلف خطوة للداخل
    في الوقت الذي كان الكابتن يدير وجهه ناحيتها بحزم وغموض


    #أنفاس_قطر#
    .
    .
    .







    رد مع اقتباس  

  6. #36  
    المشاركات
    3,260
    صباح الخير المبكر بل ما قبل الصباح


    نمت مبكرا وصحوت أكثر تبكيرا من المعتاد


    جعل الله أيامكم كلها تبكير في الخير


    .


    أعتذر على محاولتي الفاشلة في الرد على الكل


    بالفعل لم أستطع فوقت الفراغ الذي أجده أقضيه في كتابة القصة


    ولكن والله العظيم أقرأ الردود كلها بتمعن وأحيانا مرتين


    عل شيء يكون فاتني في القراءة الأولى


    وكل ملاحظة وكل تعليق يبعث سعادة عميقة في أوصالي وأشعر به يدفع القصة للأمام وللأفضل


    .


    الآن مع بعض النقاط عن البارت الماضي



    لمن يقولون أن هزاع شخصية لم يسبق ذكرها.


    الظاهر لازم أعضكم عشانكم ما تقرون زين


    هذا مقطع من الجزء الثامن الظهور الأول لعائلة أبو صالح:



    ابتسم صالح: إذا السالفة على كذا زوجي الجباوة الثنين اللي أخنزوا من الرقاد فوق



    أم صالح باستنكار: هزاع توه صغير أنت صاحي خله يخلص الثانوية ذا الحين





    واليوم سنتعرف على هزاع أكثر


    .


    .


    أيضا من تسائلوا عن الكابتن الغامض وأنه قد يكون طالب وليس كابتن محترف بما أنه سيستفيد من مزون وسهى



    مزون وسهى المعلومات اللي يفيدونه فيها هي معلومات الرحلة اللي ما لحق يأخذها لأنه مادخل الاستراحة ولا سجل المعلومات


    وطبعا مستحيل يخلون طالب محتاج معلومات من المساعدين هو اللي يطير


    كان خلوا البنات يطيرون أحسن :)


    .


    .


    اليوم ترون مزون في مكان العمل <<< شيء قصدته تماما


    أ لم يثر فضولكم هذه الفتاة التي أصبحت هشة كثيرة البكاء كيف هي في المواقف العملية


    هذه الفتاة نافست الشباب في مجال دراستهم وكما سمعتم منها تفوقت


    وللعلم كثير من الناس يكون في حياته العملية مختلف جذريا عن حياته الشخصية


    اليوم نرى إلى أي حد ينطبق هذا على مزون أو لا ينطبق


    .


    .


    اليوم خمس نجمات وليس نجمة واحدة لبنت أبوي بن جدي


    مذهلة يا بنوتة مذهـــلـــة ماشاء الله تبارك الله


    وستعلمون لاحقا لماذا


    .


    .


    جزء اليوم يعبر أغلب الشخصيات في زمن هو أقل من نصف نهار بحساب الزمن الاعتيادي


    ولكنه نهار غير اعتيادي في حياة أبطال قصتنا


    .


    .


    إليكم الجزء الثالث عشر


    .


    قراءة ممتعة مقدما


    .


    .


    لا حول ولا قوة إلا بالله


    .


    .


    بين الأمس واليوم/ الجزء الثالث عشر




    مزون وصلت لقمرة القيادة وطرقت الباب لتدخل

    وتــفــجــع وهي ترى الكتفين العريضين لظهر عريض يستحيل أن يكون ظهر إيمي


    شهقت والكلمات تجف على لسانها بينما سهى تبتسم لها وتشرح بمهنية:

    الكابتن إيمي اعتذرت عن الرحلة

    والكابتن استلم مكانها إجا دايركت لهون ماكان عندو وئت يشوفنا بالاستراحة

    وما تخافي من شيء هو حافظ خط الدوحة- أبوظبي

    واحنا بنزوده ببائي المعلومات


    حزن عميق غمر قلب مزون لفساد مخططاتها ولكن على الأقل هاهي معها فتاة أخرى وليست لوحدها معه

    كانت تدلف خطوة للداخل

    في الوقت الذي كان الكابتن يدير وجهه ناحيتها بحزم وغموض


    مزون تأخرت بحرج وهي تتطلع لوجهه الوسيم الذي بدأ لها مألوفا

    رغم أنه ليس من المعتاد رؤية هاتين العينين بلونهما الأشبه ببحر عميق من عسل صاف


    سهى أكملت حديثها بابتسامة ودودة: اسمحي لي عرفك بكاتبن غانم

    من أشطر كباتن القطرية. رجل المهمات الصعبة مزبوط مستعد يطير ئبل اللحزة الأخيرة


    مزون تنهدت بعمق وهي تدفع بصوتها النبرة المهنية المطلوبة وتجلس عن يساره حيث يفترض أن تجلس وهي تحاول أن تبعد جسدها قدر المستطاع:

    تشرفنا كابتنفيه توقع لمطبات جوية في المنطقة بين تقاطع 345 شرق على 765 غرب

    وتقاطع 564 شرق على 323 غرب فترة قد تصل من عشر دقائق لربع ساعةبس الرؤية إن شاء الله صافية


    انهمرت بالمعلومات المطلوبة بدقة عالية وسرعة ودون أدنى تلعثم ويداها تعملان بسرعة ودقة على الاجهزة أمامها


    مازالت لم تستمع لصوته فقط كانت يداه تعملان بذات سرعة يديها

    ليهمس بعد دقائق وعيناه مثبتان أمامه ودون أن ينظر ناحيتها وبصوت رجولي عميق:

    صباحش خير يا كابتن (صمت لثانيتين) بنت زايد آل كساب والا أنا غلطان


    ابتلعت مزون ريقها ولكن ريقها جف وتبخر على أول حنجرتها لشدة جفافها دون أن يرطب جفاف امتداد باقي حنجرتها المتيبسة


    فهذه اللهجة الحادة بتركيزها على مخارج الحروف

    يستحيل أن تكون لهجة أحد لا ينتمي إلى قبيلتها

    همست في داخلها : (ومن قبيلتي بعد وش ذا البلوة ذا الرحلة باينة سودا من أولها

    ذا البدوي أبو عيون عسلية من وين الله جابه)


    ردت مزون بذات المهنية ودون أن تنظر ناحينه: كابتن مزون زايد مساعد ثاني

    ونعم بنت زايد بن علي آل كساب.


    خيل لها أن طرف عينها إلتقط شبح ابتسامة على طرف شفتيه وهو يهمس بهدوء:

    وأنا غانم بن راشد آل ليث


    حينها شعرت مزون كما لو كان سُكب على رأسها ماء مغليا أذاب خلايا دماغها

    وهي تسأله بذات النبرة المهنية المحترفة التي تبدو غير مهتمة وفي ذات الوقت غاية في اللباقة: آل ليث جماعتنا وإلا غيرهم


    لا تعلم لما بدت لها نبرته متلاعبة باسمة وهو يجيب بهدوء ودون أن ينظر ناحيتها: جماعتكم نفسهم


    حينها كانت مزون على وشك أن تقفز من الطائرة.أو أن تلطم وجهها

    (خلصوا طيارين الخطوط القطرية

    مالقوا على أول رحلة لي إلا واحد عيال جماعتنا)


    مزون لم ترد عليه وهي تتشاغل بما بين يديها بطريقة تبدو للناظر واثقة ومسيطرة

    بينما هي في داخلها تهدئ روعها وروع حرجها المتزايد


    (احمدي ربش زين ما طلع امهاب الله يقطع أيامه

    الرحلة ذي وكسة من أولها

    كان ناقصها ولد آل ليث عشان تكمل)






    *****************************





    خليفة يجلس جوار جميلة المخدرة والغارقة في نوم عميق

    مازال قميصه الملطخ بالدم عليه.لم يكن يريد تركها

    فهي أصيبت بحالة هستيرية بعد مغادرة والدتها

    وكأنه تلبس جسدها المتهاوي مئات العفاريت

    وجهت لكماتها الهزيلة لصدره وهي تعتقد أنها تؤلمه بينما هو لم يشعر حتى بوقع يديها

    وكل ما كان يشغله الدم المنبثق من معصمها والذي أغرق صدره تماما وتناثر في أرجاء الغرفة وعلى سريرها وملابسها

    وهو مذهول من كمية الدم المتناثرة.


    "كيف توافرت كل هذه الكمية داخل جسدها المتخشب؟"



    الممرضات حضرن وكذلك داليا ليتعاونن على تخديرها بينما صرخاتها تتعالى:

    أبي أمي أبي أمي


    حتى بدأت صرخاتها تخفت شيئا فشيئا من تأثير المخدر لتتحول لهمس موجع أشبه بالأنين المكسور المتحشرج

    حينها لم يحتمل خليفة كل هذا .خرج ليقف عند الباب


    الممرضات حينها أبدلن ملابسها وشراشف السرير وقمن بتنظيف المكان


    ليعود بعدها ويجلس جوارها

    داليا تعود بعد دقائق وتهمس له بخفوت واحترام: أستاذ خليفة روح غير ملابسك

    الطاقم الطبي كله متضايق من شكلك وأنت طولت ما رحت تغير ملابسك


    خليفة كأنه يحادث نفسه: أخاف تصحا ما تلقاني


    داليا بمهنية: الأفضل أساسا إنها تصحا ما تلقاك ترجع تثور أنت روح بدل ملابسك ونام لو تريد

    وأنا قاعدة جنبها لما تصحا وأشرح لها الوضع تمام واهديهاوبعدها أنا بأتصل فيك ترجع


    خليفة وقف دون أن يرد بكلمة وسحب نفسه خارجا

    بينما داليا تناولت مقعدا وقربته من سرير جميلة وجلست





    **************************





    " أصب لك قهوة يبه"


    زايد بحزم هادئ: شكّرت تسلم يمينك

    ثم أردف وهو يتلفت حوله بتساؤل: الرجّال اللي كان يشتغل عندك وينه


    علي وهو يعيد الفناجين ويضعها في آنية الماء المخصصة لذلك يهمس بهدوء:

    عم حمزة اليوم مستأذن فيه واحد تركي بيتزوج اليوم

    فهم يبون يكونون معه من أول النهار


    ابتسم زايد: ما علمونا نعينهم


    فابتسم علي ابتسامة مشابهة: خلاص كفيناك جاتهم عانيتهم وكله من خيرك عم حمزة غالي عليّ


    زايد بحنو حازم: الله يغليك عند ربك الله الله فيه.


    علي بهدوء: يبه أخواني شاخبارهم وخالتي وعمي


    زايد بذات هدوءه: عمك مودع عليك بالسلام ويقول لك بيجيك يصيف عندك كم يوم


    علي بابتسامة ودودة: حياه الله أربه صادق عمي منصور أصلا ما ينوخذ منه حق ولا باطل من يوم تعينت في جنيف ما مرني


    زايد بمودة: توك في جنيف مالك إلا سنة. ثم أردف بهدوء: ومزون اليوم أول رحلة لها


    حينها انتفض علي بعنف: أول رحلة وخليتها بروحها


    زايد بابتسامة: عمك عندها وبعدين طاقم الطيارين اللي معها كلهم نسوان رحلة قصيرة لأبوظبي

    وأنا كلمت عمك قبل شوي هو بنفسه وصلها لين داخل المطار.


    علي متضايق لأبعد حد من كل هذا حتى وإن لم يظهر ضيقه وهو يهتف بذات هدوءه الأزلي العميق:

    زين وكساب وخالتي كسّاب أدق على جواله البارحة يعطيني رنة خارجية ولا رجع يكلمني


    تنهد زايد: خالتك وكساب عند جميلة واكيد بيمرونك عقب


    تصلبت يدا علي بعنف رغم أنه كان يهتف بذات هدوءه: حياهم الله


    حينها ماعاد بزايد صبرايريد أن يطمئن على روح ولده الشفافة

    فهتف بنبرة شفافة كثيفة: ليش يوم جيتني في الدوحة ما قلت لي عن اللي في خاطرك

    عمرك ما دسيت علي شيء فأشلون تدس علي شيء مثل هذا


    علي تراجع بحرج ما ولكنه عاد ليهمس بشفافية والده: وش تبيني أقول يبه

    إني فيه شيء بقلبي لبنت خالتي مثلا

    خطبتها وما توقعت أصلا إنه فيه سبب أقول مشاعري لأحد لأني ما توقعت إنه فيه حد ممكن يوقف لي في الخطبة

    مع إنه يبه قلبي ناغزني من يوم وصلت الدوحة بس كذبت إحساسي

    وعلى العموم يبه لا يروح بالك بعيد وتظني أتعذب وهيمان وما أنام الليل


    ما أكذب عليك في قلبي مشاعر لجميلة يمكن لأنها بنت خالتي اللي ربتنا يمكن لأنها بنت خليفة اللي كنت أحسه إبي الثاني

    يمكن عشانها هي ماعاد يهم

    وصدقني خلاص يالغالي وعزت من خلاك أغلى خلقه إنه قلبي جاته الصدة منها من يوم صارت حلال غيري


    زايد بعمق: وكاد ذا الكلام وإلا تبي تبرد قلبي بس عشان ما تحسسني بذنب اللي سويته


    علي بعمق مشابه: أكيد يالغالي أكيد


    حينها استرخى زايد في مقعده أكثر وهمس بعمق متجذر لأبعد حد: إن كان وكاد يابيك اللي تقوله

    فأنت ما حبيتها دور لمشاعرك اسم ثاني غير الحب


    حينها ابتسم علي بمودة وهو ينحي كل ألامه لنقطة مخفية في روحه: شكل أبو كسّاب خبير


    التفت له زايد وابتسم وهو يعتدل في جلسته ويهتف بمرح شفاف: خبير عود بعد ولو تبي عطيتك دروس


    فور انتهاء زايد من جملته تعالى جرس الباب

    هتف زايد بتساؤل: تتنى حد


    علي يقف وهو يتجه للباب: الشباب في القنصلية يوم كلمتهم أعتذر إني ماني بجاي اليوم عشانك

    كلهم قالوا بيمرونا عقب الدوام بس تو الناس مابعد خلص الدوام


    فتح علي الباب

    ورغم أنه كان يتوقع مجيئهما إلا أن سعادة المفاجأة أشرقت على وجهه لأبعد حد وهو يرى خالته وشقيقه


    كساب كان أول من تحدث وهو يسلم على شقيقه بحرارة ويهتف بمرح دافئ :

    زين إنك هنا توقعنا في الدوام وإنه بنقعد نحرس باب الشقة لين تجينا


    علي بترحيب حقيقي مليء بالدفء والحماس والمودة: ياهلا ومرحبا والله إني صادق هلا والله بالغاليين


    عفراء كان سلامها لعلي مختلفا فهي لم تره منذ أشهر تشعر بألم عميق لكل ماحدث عدا عن وجيعتها التي تنزف بتركها ابنتها خلفها

    وكان ناتج هذا أن ارتمت في صدر علي وهي تنتحب ببكاء مكتوم

    علي احتضنتها بقوة حانية وهو يهمس بقلق متأثر: خالتي تعوذي من الشيطان وش فيش هذا أنا بخير


    بينما كان كساب بدوره كان يربت على كتفها رغم اختفائها في أحضان علي

    وهو يهمس بقلق مشابه: خالتي الله يهداش وش فيش صايرة حساسة بزيادة


    زايد لم يتحرك من مكانه لأنه لم يرد أن يثر إحراج عفراء


    عفراء حين أفرغت طاقة بكاءها الأولى أفلتت علي وهي تهمس بصوت مبحوح: مشتاقة لك يأمك بس


    علي يقبل رأسها ويهتف بحنان: وأنا اشتقت لش

    ثم أشار بعينيه لكل من عفراء وكسّاب وهمس بخفوت: ترا أبي داخل


    عفراء شعرت بحرج عظيم انها كانت تبكي بهذه الطريقة وزايد يسمعها

    لذا استاذنت ودخلت إلى غرفة علي دون أن تتجه للصالة

    بينما كساب يهمس لعلي باستغراب خافت: غريبة وش عنده


    علي يبتسم ويهمس بخفوت مشابه وهما يتجهان لوالدهما: مشتاق لي وجاي يشوفني وإلا عندك مانع


    كسّاب يبتسم: وش مانعه يا دلوع البابا منت بهين اللي قادر تجيب رأس زايد


    علي يبتسم: يسلم لي رأس زايد


    كسّاب يصل والده ورغم كل شيء ابتسامة عفوية تتسلل للاثنين صريحة عند زايد وخفية خفيفة عند كسّاب

    فكسّاب يشعر بالسعادة من أجل علي وأن والده جاء للاطمئنان عليه ولم يهمله في حزنه

    سعادته كانت من أجل علي وهاهو يشعر بالرضا على زايد لأول مرة منذ فترة طويلة





    *****************************








    رد مع اقتباس  

  7. #37  
    المشاركات
    3,260
    "وين رايحة نجلاء هانم أشوفش لابسة عباتش"


    نجلاء تبتسم: تكونين أنتي رجالي وما عندي خبر ولازم أعطيش خط سيري


    سميرة بابتسامة مشابهة: آه يا بت يا نقلاء عاوزة تهيتي على حل شعرك من ورا الواد صويلح ابن ام صويلح


    نجلاء تضحك: أما عاد أهيت وعلى حل شعري لابقة يا بنت


    سميرة تضحك: خشي في عبي يا بت أنتي رايحة فين كده من (مغباش) ربنا


    نجلاء تعدل وضع نقابها أمام مرآة المدخل وتنادي الخادمة: وش مغباشه الساعة صارت عشر


    سميرة تمسك بنجلاء وهي تهتف بمرحها الدائم: نجول اخلصي علي علميني وين بتروحين

    عمي الشيخ صالح موصيني أسوي عليش كنترول خبرش يغار عليش وأنا لازم أحمي أملاك ولد عمي من العيون الطامعة


    نجلاء تنحدر لهجتها من المرح للهدوء الساكن: أنتي يعني ما ترتاحين لين تجيبين طاري صالح عندي فكيه من شرش


    سميرة تضحك: لا تكونين تغارين على صويلح مني. بصراحة صالح جنتل ورزة وكلامه حلو وينخاف عليه

    وأنتي ما تبينه. وانا باموت أبي واحد يقول لي كلام حلو. خلاص حوليه لي.


    نجلاء خلعت حذاءها وقذفت به سميرة الهاربة وهي تهتف بغيظ مرح: هذي أخرتها يا مسودة الوجه تبين رجّالي؟!


    سميرة تضحك وهي تخفي وجهها خلف إحدى كوشيات الصالة وتجلس على الكنبة:

    عدال نجول عدال الأخت تغار وحركات ورجالي وهي تقول إنها تبي الطلاق.

    يأختي (جحا أولى بلحم ثوره) على قولت المثل. أنا أولى بجوز أختي


    حينها وضعت نجلاء حقيبتها جانبا وخلعت عباءتها ونقابها وشيلتها ووضعتها على المقعد

    بينما سميرة تضحك بهستيرية: الخبلة شكلها بتسويني شاورما


    نجلاء تضحك وهي ترفع كميها: شاورما بأكون حنينه عليش بعد.أنا بأسويش شوربة خضرة مهروسة


    سميرة تقفز بعيدا وهي تقول بمرح: علميني وين بتروحين. وخلاص ما أبي صويلح


    نجلاء تقذفها بكل كوشيات الصالة وهي تهتف بمرح: أنا الحين محترة منش خليني أصيدش وعقب أقول لش

    وبالفعل أصابتها إصابة مباشرة لتهتف سميرة بألم مصطنع: حشا ماردونا شايت له كورة خبصتي مخي


    نجلاء حينها تجلس منهارة على المقعد: ول عليش أطلقتي عينش علي


    حينها قفزت سميرة لها وهي تمسكها بقلق: نجول وش فيش من جدش والله إني أمزح


    حينها أمسكت بها نجلاء من قرب وقرصتها وهي تضحك: ها تبين صالح


    سميرة تقبل رأسها وهي تضحك: حرمت خلاص وبعدين يأختي حتى لو أنا أبيه هو ما يبي إلا أنتي

    علميني سر الطبخة وش مسويه فيه عشان أسويه لردي الحظ اللي بيأخذني


    حينها انتهت وصلة المرح التي نعمت بها نجلاء كما لو كانت في مشهد تلفزيوني بتر فجأة وهي تهمس بنبرة جدية مغايرة تماما:

    أنا باروح أجيب عيالي. اليوم يخلصون بدري


    سميرة استغربت انقلاب مزاج نجلاء المفاجئ ومع ذلك ابتسمت وهي تهز كتفيها وتتجة للأعلى:

    وأنا باطلع أذاكر جيبي لي معش أيس كريم فراولة


    نجلاء عاودت لبس عباءتها لتخرج للسائق والخادمة المنتظرين في الخارج


    بعد دقائق رن هاتفها كان هو المتصلتوترت ولم ترد

    عاود الاتصال ردت بهدوء متوتر: هلا بو خالد


    صوته الغاضب: مهوب أحسن لو نقعتيني بعد شوي


    صوتها العذب الهادئ: أنت متصل عشان تلاغي يعني؟


    حينها رد عليها بعمق اختلط فيه غضبه بشوقه: متصل عشان مشتاق أسمع صوتش وإلا حتى الصوت بتحرميني منه


    نجلاء توترت وقلبها العصي على الفهم وعلى السيطرة تتعالى دقاته وهي تحاول أن تهمس بهدوء:

    بالعادة ما تتصل علي إلا عشان شيء يخص العيال


    ابتسم صالح: وأم العيال موضوع ما يخصهم يعني؟!


    صمتت نجلاء فمكالماته الدائمة التي ظاهرها مناقشة شؤون الأولاد

    ورسائله الليلية الملتهبة التي هي باطنها ومضمونها

    كلاهما: صوته ونبض مشاعره باتا يحدثان عليها ضغطا نفسيا هائلا

    تشعر كما لو كان يحاصرها وأنه كلما رفعت حواجزها عاد ليخلخلها

    هي مصممة على الطلاق وتشعر باستحالة الحياة بينهما فلماذا اصراره على تقييدها إليه؟!


    حينها همس صالح بخفوت رجولي موجع: تدرين حتى لو ما حكيتي صوت نفسش على التلفون يذوبني


    نجلاء شعرت أن الإحمرار قفز حتى أطراف أذنيها وهي تتنحنح: أبو خالد عندك شيء تبي أقوله أو أبي أسكر

    أنا الحين رايحة أجيب عيالي من المدرسة


    تنهد صالح بعمق (يبدو أن لا شيء يفيد مع هذه العنيدة!!) ليهتف بعدها بحزم أعاد فيه سيطرته على الأمور:

    متصل عشان موضوع يخص العيال والمدرسة

    طبعا مثل منتي عارفة عزوز تمهيدي وخلاص تقريبا خلص وخالد صف أول باقي عليهم يومين ويخلصون

    ومثل منتي عارفة بعد يوم طفشتي من بيتش السنة اللي فاتت كنا حاجزين بنسافر بنوديهم ديزني لاند

    والثنين كل ما شافوني يسألوني متى بنروح خاطرهم في الروحة اللي أنتي حرمتيهم منها


    نجلاء تتصاعد دقات قلبها جزعا وتهمس بصوت مبحوح:

    أول شيء مافيه داعي لنبرة العتاب المخفية ذي لأني ماغلطت يوم طفشت على قولتك

    الشيء الثاني وش مقصدك من ذا الكلام لا تكون تبي توديهم


    صالح بهدوء حازم: إيه طبعا بأوديهم خلال ذا الأسبوعين الجاية وإلا بتمنعيني بعد


    نجلاء شهقت: وكم يوم مقرر تسافر فيهم


    صالح ببرود: أسبوعين


    حينها انتفضت نجلاء جزعا وغضبا: على جثتي تطلع بعيالي


    حينها وصلها صوت صالح غاضبا يمور بالانفعال المخيف: قصري حسش ماعاد باقي الا تطولين صوتش عليّ هذا اللي قاصر يا بنت عمي

    وأظني إنهم عيالي مثل ماهم عيالش!!


    نجلاء ابتلعت ريقها وهي تهمس بتراجع: صالح ما أقدر استحمل عيالي يبعدون عني أسبوعين


    صالح بعتب عميق: هذا أنتي مبعدتهم عني صار لش أكثر من تسع شهور


    نجلاء بألم مصدوم: يعني أشلون تلوي ذراعي يعني ما هقيتها منك يأبو خالد


    صالح بعمق صريح شفاف: والله العظيم ما خطر ذا التفكير الحقير في ببالي

    لكن إذا أنتي تبين تشوفينه لوي ذراع بكيفش

    حاولت معش بكل الطرق الودية وما فاد يمكن لوي الذراع يفيد





    ******************************





    منذ البارحة وتفكيرها مشوش عاجزة حتى عن التفكير المنطقي

    تحاول ترتيب أولويات وصنع تراتبيات منطقية لتجد كل شيء ينهار وتعود في تفكيرها لنقطة الصفر



    هي شابة صغيرة بتجربة زواج عقيمة خرجت منها بجراح عميقة وطفل

    وهو رجل مكتمل ناضج تعرفه جيدا في نطاقهم الأسري تعرف مقدار حنانه وقوته.

    ولكن لم يسبق له الزواج وستكون هي تجربته الأولى في عالم النساء



    هو بالنسبة لها فرصة لن تتكرر

    وهي بالنسبة له عجزت عن إيجاد مسمى لا يجرح أنوثتها


    في كل الأحوال هي الرابحة الأكبر في كل المعادلات



    " فهل من حقي أن أكون أنانية

    أبحث عن فرصة ما لسعادة لم أعرفها في كنف زوج يكون لي سكنا ولابني والدا

    أنجب مزيدا من الأطفال يكونون لحسن عزوة وسندا

    لا أعلم لما أشعر بكل هذا التردد؟

    المنطق يفرض علي أن أوافق فورا

    ولكن شيء بداخلي يقول لي لا تفعلي لا تفعلي!!

    ربما من أجل شعاع!!

    لم تقل لي يوما أنها تحمل مشاعرا ما لمهاب

    ولكن لطالما شعرت أنا بذلك

    فهل من حقي أن أخذ الرجل الذي تفكر به شقيقتي

    لا لا ليس من حقي

    .

    لا تكوني غبية. شعاع صغيرة وجميلة وغاية الرقة

    فرصتها كبيرة في الحصول على زوج بالمواصفات التي تريدها

    ولكن أنا لا لن أحصل مطلقا مرة أخرى على فرصة كمهاب

    فهل سأعيش حياتي الباقية هنا في بيت والدي

    وأرى عبدالرحمن وشعاع يتزوجون ويعيشون حياتهم

    بينما أنا أبقى أحتضن ابني وأجتر حزني حتى يكبر ابني ويبتعد عني في عوالمه الخاصة "



    جوزاء حين شعرت بالارهاق من أفكارها قررت أن تتجه لشعاع التي تعلم أنها تذاكر الآن


    حين دخلت عليها وجدتها تبرد أظافرها فهتفت جوزاء بغضب: يا سلام على اللي تدرس


    ابتسمت شعاع برقة: بس تايم آوت شوي


    جوزاء تجلس على السرير وهي توجه لها الخطاب بعتب رقيق: يا قلبي يا شعاع ليش تطولين أظافرش يعني ما تدرين إنه حرام


    شعاع برجاء: شوفيهم والله قصرتهم واجد ما خليت منهم إلا نتفة بسيطة أحسهم يعطوني منظر أنثوي شوي


    ابتسمت جوزاء: وأنتي ماشاء الله محتاجة أنوثة يعني


    شعاع تضحك:إيه والله محتاجة ليه قالوا لش مثلش أوزع أنوثة على ذا الجسم اللي تنافسين فيه "بيونسيه" ماشاء الله.

    يأختي أي حد يشوفني يفكرني عمري 15 أقول 21 ما حد يصدقني


    تضحك جوزاء: أما إنش غريبة حد يعيف يبين إنه أصغر من سنه هذا حلم كل مره في العالم


    تضحك شعاع: إيه حلم كل مره مهوب كل بزر إذا أنا أساسا شكلي بيبي فمافيه سبب أصغر نفسي حتى الكذب على خلق الله محرومين منه


    حينها تنهدت جوزاء وهي تشعر بضرورة مصارحة شقيقتها لن ترتاح إن وافقت على رجل وهي تظن شقيقتها تفكر به


    همست بهدوء: اشعيع ممكن أسألش عن شيء وتجاوبيني بصراحة


    شعاع ابتسمت: وش لو المقدمات يأم حسون خش في المفيد على قولت سميرة


    جوزاء بتردد: أنتي تفكرين في امهاب


    شعاع هتفت باستنكار: افكر فيه أشلون يعني


    جوزاء بنبرة مرهقة: تكفين شعاع أنتي فاهمة جاوبيني


    شعاع بحرج: أنتي بصراحة غريبة وش دخلني في امهاب أفكر فيه وإلا ما أفكر فيه


    جوزاء برجاء: تكفين اشعيع جاوبيني وبصراحة.


    ابتسمت شعاع بشفافية: مع إني والله ما ادري وش القصد من سؤالش

    لكن الجواب هو لا ما افكر في امهاب بالطريقة اللي في بالش

    صحيح امهاب كستايل يعجب البنات كابتن طيار له هيبة وشخصيته قوية

    وما أنكر إني قبل كم سنة كنت أفكر فيه تفكير مراهقات شوي

    بس الحين لا بيني وبينه فرق تسع سنين موب شويوبعدين جدي حبتين

    سبحان الله صرت أحسه مثل عبدالرحمن.يمكن من قد ماهم أصحاب وربع


    جوزاء بحذر: يعني نهائي ماله في بالش تفكير خاص


    شعاع باستغراب: جوزا اشفيش وانا وش أقول قبل شوي


    جوزاء بحزم: احلفي لي عشان أصدق ويرتاح بالي


    شعاع ضحكت: والله العظيم إني ما أفكر في امهاب ولد أم امهاب التفكير اللي في رأس جوزا بنت أم عبدالرحمن


    حينها هتفت جوزاء بصوت مبحوح متقطع وكأنها تريد أن تلقي مالديها وتنتهي:

    يعني لو امهاب خطبني ذا الموضوع ما يضايقش


    حينها قفزت شعاع بحماسة وهي تصرخ بحماس عذب: من جدش من جدش قولي والله


    جوزاء بجزع: قصري حسش لا حد يسمعش


    شعاع تبتسم: خليني أعبر عن وناستي ليه مسوين جريمة وإلا حرام ندسه


    جوزاء بتردد : انا مابعد وافقت وامي وابي أصلا ما يدرون


    شعاع تجلس جوارها وهي تهتف بحماس: وشو له ما توافقين وافقي يالخبلة وين بتلاقين أحسن من امهاب


    جوزاء بذات التردد المؤلم: ماهو عشاني ماراح ألاقي أحسن منه مترددة أخاف أكون أظلمه


    شعاع باستغراب: تظلمينه؟!

    والله أنتي ما ضربتيه على يده وقلتي تعال اخطبني

    امهاب رجال عمره 30 وشوره في رأسه وهو جاي يخطب من نفسه

    والله منتي بمسؤولة تفكرين عنه انتي فكري في مصلحتش ومصلحة ولدش وبس





    *********************************








    رد مع اقتباس  

  8. #38  
    المشاركات
    3,260
    جاي من المعسكر وإلا جاي من مدرسة السواقة"

    نبرة رجولية شابة لم تخلُ من سخرية عميقة


    فهد التفت لمحدثه الذي يضع رأسه على فخذ والدته بينما فهد ألقى السلام وقبّل رأس والدتها.وكان متجها للأعلى

    همس فهد بسخرية مشابهة: ودلوع أمه مهوب في غرفته يدرس ليه


    هزاع يتناول يد أمه من فوق رأسه ويقبلها ويهتف بمرح: والله دلوع أمه جعله ما يبكي أمه مشتاق لأمه وجاي يمتع عيونه بطلتها البهية


    فهد الواقف قريبا منهما هتف بابتسامة: والله اللي أشوفه أنك 24 ساعة لاصق في أمك والدراسة مابه دراسة

    والله لما تنجح ياهزيع ذا السنة إن قد أدخلك الجيش بشهادة الإعدادي وخلك جندي حالك حال ربعك الفاشلين


    هزاع يعتدل جالسا وهو يقول (بعيارة): عدال ياحضرت النجمتين وش فيه العريف أبو شريطتين يا زينه مهوب تارس عينك يعني


    فهد بجدية : إيه هذا أقصى طموحك عريف بشريطتين

    ما تستحي على وجهك انت سناينك قدهم بيتخرجون من الكلية وأنت عفنت في ثالث ثانوي


    هزاع مازال يبتسم: عدال فهيدان لا ينقطع لك عرق. يمكن أجيب في الثانوية ذا السنة نسبة أحسن من اللي بتجيبها أنت في مدرسة السواقة يا دريول سكند كلاس


    أم صالح الغارقة في أفكارها تكلمت أخيرا: هزيع عيب عليك احشم أخيك الكبير


    فهد يبتسم مثله: عادي يمه خليه الأخ عنده إني بأعصب إذا قال لي يا دريول سكند كلاس

    خلينا الدرولة لك وذا شنبي بأحلقه كنك فلحت ذا السنة


    هزاع يضحك كأنه فاز بجائزة ثمينة: وترا ماحد موديك للحلاق غيري أبي أشرف بنفسي على حلاقة الشنب الغالي على الزيرو

    وخلش شاهدة يمه.

    ولا تخاف أنا اللي بأسوق خبرك دريول رقم واحد






    ************************************





    الرحلة تسير على مايرام مضت نصف ساعة على الإقلاع وتبقى حوالي نصف ساعة أخرى


    الصمت محتكم بين جميع الأطراف رغم أن مهمة الطيران يقوم بها الآن الطيار الآلي


    سهى كانت لا تسمع شيئا لأنها كانت تضع سماعاتها على أذنها بينما مزون وغانم لا يضعونها لانهما اكتفيا بوضع سهى لها


    مزون كانت تحلق في عالم آخر رحلتها الأولى حلمها الأزلي

    هاهي تنظر للسحاب تحتها ويغتال كل شريان ووريد فيها إحساس مذهل بالانتشاء وهي تتحسس الأجهزة أمامها بنشوة

    وتشعر أنها في هذه اللحظة يتلبسها شيطان الشعر وقد تكتب قصيدة طويلة بل مفرطة في الطول علها تعبر عن بعضا من إحساسها الخيالي



    غانم كان أول من بدد الصمت وهو يخرجها من فقاعة انتشائها

    وهو يسترخي على مقعده ويوجه السؤال لها دون أن ينظر ناحيتها: أشلون الوالد بشرينا عنه لي زمان ما شفته


    مزون انتفضت وهي يفاجئها باقتحامه قوقعتها الخاصة تنهدت في داخلها (اللهم طولك يا روح) وهتفت بذات النبرة البارعة الباردة واللبقة:

    الوالد طيب وبخير ومجلسه مفتوح لخلق الله اللي يبيه يدل مجلسه


    ابتسم وهتف بهدوء: وأنا جيته أنا الوالد في مجلسه كم مرة وهو بعد دايم يجينا أبو كساب واصل وما يقطع جماعته


    (يا ملغك يأخي الله يعدي ذا الرحلة على خير) هتفت ببرود: ماعليكم زود


    حينها عاود غانم السؤال: وكساب وعلي أشلونهم بعد علي عاده في جنيف


    حينها هتفت مزون ببرود احترافي: اسمعني كابتن غانم من جماعتي؟ على رأسي وعيني

    بس هنا حن زملاء تلتزم حدود الزمالة وبس تسالني عن الرحلة وبس

    أي شيء ثاني تحتفظ به لنفسه


    بدا لها لم يهتم بما قالته وهو يهمس بصوت منخفض فيه نبرة سخرية:

    يعني لو كنت واحد مهوب من جماعتش كان سمحتي لنفسش تأخذين وتعطين معي؟!


    حينها التفتت له مزون بحدة وهمست من بين أسنانها بذات البرود:

    تدري. من سخافة السؤال أستسخف نفسي لو رديت عليه

    ولو وجهت لي كلمة وحدة بعد من ذا النوع أقسم باللي ما ينحلف فيه زور إني أقدم فيك شكوى أصعدها لأعلى مستوى

    وقتها لا يهمني أنت ولد آل ليث وإلا واحد من أقصى الشارع


    هتف غانم بثقة شديدة: اللي ينتهدد يا بنت زايد غيري مهوب أنا أنا مادريت إن أسئلتي بتضايقش

    لو طلبتي بلباقة إني ما سأل بأقول لش تم والسموحة بس الظاهر الغرور راكب رأسش الله يكفي شره






    ************************************





    كانت على وشك الجلوس على سفرة الغداء لكنها تذكرت شيئا وقفزت

    "بأروح أشوف إبي جابر تغدى وإلا لا"


    مزنة بمودة: اقعدي يامش جدش تغدى ومنسدح ذا الحين


    عاودت كاسرة الجلوس بجوار والدتها

    يوم اعتيادي وكلهم اليوم مجتمعون.في أحيان كثيرة يكون أحدهم ناقصا

    رحلة عند مهاب محاضرات للعصر عند وضحى ضغط عمل عند تميم

    الاثنتان المتواجدتان على الدوام: كاسرة ومزنة


    تميم يشير لمهاب: عندك رحلة قريب لأوربا


    مهاب يشير له بكتابة في الهواء: بكرة يا باريس يا لندن ماني بمتأكد


    تميم يشير له ولكن مهاب لم يستطع فهم الإشارة جيدا

    فتسارع وضحى بالقول دون أن تشير حتى لا ينتبه تميم وكأنها توجه حديثها لأمها: يقول لك يبي جهاز وبرامج مهيب موجودة هنا


    دائما حريصة على الحفاظ على مشاعره وحتى لا يشعر بانفصاله عن أسرته أو عجزهم عن فهم أي شيء قد يقوله


    مهاب يبتسم وهو يشير له أن يكتب كل مايريد في ورقة وسيحضره له

    ثم يلتفت مهاب لكاسرة ويهتف بهدوء: ومزيونتنا أشفيها ساكتة


    تبتسم كاسرة: يأخي حكيي دايما ما يعجبك خلني أريحك اليوم


    مهاب يبتسم: أفا أفا حكيش يعجب الباشا واليوم عاد نبي رأيش معنا


    تتنهد كاسرة: آمر


    امهاب وقف ليغسل يديه: إذا خلصنا الغدا تكلمنا


    بعد انتهاء الغداء تجمع أسري لطيف وضحى ومزنة يعرفون سببه

    رغم أن مهابا مطلقا لا يحتاج رأي أحد منهم فما يهمه هو رأي أمه وهي موافقة

    ولكنه حفاظا على مشاعر أخوته يريدهم أن يسمعوا الخبر منه


    هتف مهاب بحزم: وضحى لو شفتي تميم ما فهمني علميه

    وعلى العموم هو ماصار شيء أساسا بس أنا حبيت أنكم تسمعون مني عشان مايجي في خاطر حد منكم إذا دريتم عقب

    أنا خطبت جوزا بنت فاضل وأنتظر ردها عشان أخطب رسمي

    ولو افقوا بأتزوج على طول بدون تأخير يعني خلال شهر شهرين بالكثير


    كانت كاسرة أول من تحدث وهي تهمس بثقة هادئة: أنت مقتنع فيها


    مهاب بحزم: ومتى كنت أسوي شيء أنا ماني بمقتنع فيه


    كاسرة بذات الثقة دون تذبذب: إذن توكل على الله وعقبال مانقول لك مبروك على الملكة والعرس


    وضحى صمتت بعد أن أنهت إشارتها لتميم فرأيها قالته لوالدتها وهي غير مستعدة لإعادته أمام مهاب


    لكن تميم كانت علائم وجهه تغيم بغموضثم أشار لوضحى: وضحى لوسمحتي ترجمي لأني ماني بمستعد أعيد الإشارة

    أبي أقول لمهاب الله يوفقك مع اللي اخترتها تدري بغلاك عندي وفرحتي للشيء اللي بيفرحك

    وأبي أسال أمي: أنتي موافقة على اختيار مهاب


    مزنة بهدوء حازم: طبعا موافقة هو مقتنع فيها وهي مافيها قصور


    شبح ابتسامة موجوعة يرتسم على وجه تميم: يعني أنتي موافقة على اللي اختارها امهاب مع إنها ما تناسب تصوراتش المثالية للمره التي تبينها لعيالش

    لكن أنا تحرميني من نفس الحق في اختيار اللي أنا مقتنع فيها


    حينها أشارت مزنة لوضحى بحزم: لا تأشرين عني بيني وبين ولدي ما أبي وسيط

    الحين أنا أبي اسالك يمه هل عندك لو حتى ذرة شك إني مثلا أحب امهاب أكثر منك أو مصلحته تهمني أكثر من مصلحتك


    حينها انتفض تميم وهو يشير: لا طبعا ولا خطر ببالي


    مزنة تشير وهي تتحدث بحزم: خلاص إذن انتهينا أنا أشوف إن اللي اختارها امهاب تناسبه

    وأنت أبي أختار لك اللي تناسبك


    حينها أشار تميم بحزم: زين يمه. أنا واحد أبي أتزوج

    خلاص اختاري لي ذا الوحدة اللي أنت شايفتها تناسبني

    لكن بأقول لش شيء يمه لو ما ارتحت معها حتى لو كان شوي

    ترا ذنبها في رقبتش لاني بأطلقها أنا ماني بمستعد أربط حياتي كلها بوحدة أعيش معها تعيس

    وعقبها خلاص أنا اللي اختار لنفسي.




    #أنفاس_قطر#






    رد مع اقتباس  

  9. #39  
    المشاركات
    3,260
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخجلتموني يا أهل ****** أصبحت كل الكلمات عاجزة عن التعبير عن الامتنان
    لكل هذا الفخر والاحتواء الذي تغمرونني به
    أشكركم على تثبيت الرواية للأسبوع الثاني
    وأتمنى أن اكون على قدر المسئولية
    ويهمني أن أبقى دائما متميزة في قلوبكم
    .
    .
    جزء اليوم طويل جدا جدا جدا
    في صناعة الاجزاء تكون دائما هناك فكرة مسيطرة علي وانا أصيغ الجزء
    اليوم يوم ظهور شيبان القصة الخاص
    خالد آل ليث أبو صالح
    راشد آل ليث ابو غانم
    فاضل بن عبدالرحمن
    وحتى زايد الذي أصبح معروفا لكم
    اليوم ايضا هو يوم الحوارات
    الكل سيتحاور والكل سيظهر
    .
    .
    أعذروني لان هذا الجزء سيكون الأخير حتى حين
    انا مسافرة لمدة تصل من أسبوعين لثلاثة كاقصى حد
    فور عودتي سأعاود النشر في ذات المواعيد إن شاء الله
    فرصة لكم لترتاحوا مني
    وفرصة لي لأكتب وألتقط الأنفاس وأراجع ما أكتبه
    فإلى الملتقى بإذن الله
    .
    .
    .
    وهدية لكم الأجزاء كلها على ملف ورد
    وأعاود التنبيه أن هذا الملف لقراءتكم الشخصية
    وليس مطلقا للنشر في أي منتدى
    .
    .
    قراءة ممتعة مقدما
    .
    .
    لا حول ولا قوة إلا بالله
    .
    .



    بين الأمس واليوم/ الجزء الرابع عشر





    عل كل الجبهات

    رماد معارك انجلت ومعارك مازال غبارها يثور ينتظر لحظة الإنجلاء




    ***************************





    رحلة العودة

    تبقى القليل من الوقت للهبوط في مطار الدوحة


    الصمت مطبق وحزن مجهول خانق يطبق على قلب اعتاد الحزن

    فلماذا يبدو لها هذا الحزن عصيا على الاحتمال؟!

    ما الجديد في هذا الحزن حتى تشعر أنها غير قادرة على التنفس

    وهي من اعتادت على تنفس الأحزان شهيقا وزفيرا لسنوات

    حتى باتت لا تعرف أنفاسا ليس لها لون الحزن ونكهته


    تتذكر الآن سعادتها الطفولية المبتورة وهي تركب الطائرة قبل ساعات قلائل

    حينها لا تعلم هل خدعت نفسها؟! أو كانت ترسم لنفسها فرحة في خيالها لم تنطبق أبدا على الواقع؟!


    قبل أربع سنوات تحدت الكل لتكون هنا أرادت التراجع ولم تستطع

    وظلت طوال السنوات الماضية تقنع نفسها أنها حينما تركب الطائرة لأول مرة ككابتن فعلي

    حينما تتحسس الأزرار بإحساس الكابتن وترى الأرض تبتعد لتنفصل عنها وتحلق في سموات لا يحدها حدود

    حينها سينتهي الحزن كما لو كانت في حلقة أخيرة من مسلسل طويل طال انتظار حلقته الأخيرة

    أقنعت نفسها بذلك حتى تصمد!!


    " حلمي سيضمد جراحي!!

    حلمي سيضمد جراحي!!

    حلمي حين يتحقق سيضمد جراحي!!"



    هاهو الحلم تحقق تحقق

    فلماذا تشعر أن الجروح لم تتضمد لم تنغلق ولكن تنفتح باتساعليذر عليها الملح

    لماذا لم تقنع بسعادتها المسروقة من بين الأحزان؟!!

    لماذا هي عاجزة عن إقناع نفسها إنها سعيدة؟!

    لماذا هي عاجزة عن الإحساس بسعادتها المفترضة؟!


    لماذا تشعر أن كل هذا لا يوازي حتى ساعة واحدة من أيام جلوسها بجوار كسّاب حتى وإن كان غارقا في القراءة بصمت؟!!



    بعد انتهاء حوارها السابق مع غانم بدأت تغرق في إحساس سوداوي بالحزن والاختناق


    "أنا من سمحت لنفسي أن أكون في هذا الموقف

    أنا من سمحت له بالتطاول عليّ بوجودي في هذا الموقع

    كما سمحت قبله لمهاب ان يتجرأ على إهانتي

    فمن يصنع بنفسه شيئا يستحق ما يلاقيه

    ولكن ماعاد بي صبر!!

    ما عاد بي صبر !!"



    حينما وصلوا لمطار أبوظبي

    قضت ساعتي الانتظار في استراحة الطيارين لا تلتفتت يمينا ولا يسارا ونظرها الغائم مثبت على جهاز الحاسوب أمامها

    تكاد تقسم أنها حفظت كل درجات الحرارة وكل إحداثيات الطريق

    وهي تشعر أن عرقها يتصبب غزيرا

    وإحساسها بالحزن والاختناق والغربة يتزايد ويتزايد ويتزايد

    حتى أنها كادت أن تتوجه لعيادة المطار لترى مشكلتها ولكنها تراجعت

    فما بها لن يعالجه كل أطباء العالم!!



    في الاستراحة كان غانم كان يجلس قريبا منها

    لا تعلم لِـمَ توارد لذهنها الذي كان مثقلا بالأسى إحساسا أنه في اختياره لهذا المكان بالتحديد كأنه يهدف لحمايتها أو مراقبتها!!

    لكنها نفضت أفكارها الغريبة عن رأسها وهي تعاود التركيز في حاسوبها والإنشغال بحزنها الخاص

    وغانم وكل ما يرتبط به يتقزم في ذاكرتها!!



    وهاهي تنتظر انتهاء الرحلة بعد عدة دقائق

    وهي تتمنى أن يحدث شيئا ما يقنعها أن هذا الأمر معجزة

    هاهي تطير ومحلقة ومشبعة بالسعادة

    ولكنها لا تشعر بشيء من ذلك كل ما تشعر به الاختناق

    الاختناق الاختناق

    الاخـــتـــنــــــاق!!!!




    "سهى الأكسجين بسرعة بسرعة"

    كانت هذه صرخات غانم الجزعة وهو يسمع صوت الحشرجة الصادر عن مزون

    والذي بدأ لأذنه الخبيرة عجزا عن التنفس


    سهى قفزت وهي تنزل قناع الأكسجين

    وهي تقترب من مزون التي بدت فعلا تعاني من ضيق من التنفس

    بينما غانم ثبت وضعية الطيار الآلي ثم وقف وتأخر وهو يوليهما ظهره


    سهى نزعت النقاب عن وجه مزون ووضعت القناع عليها وهي تصرخ في أذنها: اسحبي نفس اسحبي نفس

    ياربي البنت بتموت ياكابتن وجهها صار أزرق


    كان غانم يعاني في قهر نفسه حتى لا يلتفت أو يساعد

    يعلم أنها يستحيل أن تتقبل رؤيته لوجهها. لذا صرخ بسهى وهو مازال يوليهما ظهره: زيدي دفع الأكسجين


    بعد ثانيتين شعر غانم براحة عميقة تجتاح أعصابة المشدودة وهو يسمع صوت كحتها

    مزون أخذت نفسا عميقا ثم صرخت بجزع: وين نقابي


    سهى ناولتها النقاب ومزون تنظر بجزع وحرج لغانم لتتنفس بعض أنفاسها الذاهبة وهي تراه يقف موليا ظهره لهما

    عاودت وضع نقابها بسرعة والسماعات على أذنها وهي تشعر بحرجها يتزايد لتصرخ بعدها: كابتن برج المطار يتصلون


    غانم عاود الجلوس بسرعة وهو يضع سماعاته بسرعة وبرج الاتصالات يطالب بتوضيح لعدم ردهم عليهم مع أن الهبوط اقترب

    ومازال نظام الطيار الآلي هو من يقود الطائرة


    هتف غانم بثقة: مافيه شيء الحين نضبط الوضع

    وهو يحول القيادة للملاحة للعادية


    غانم هتف بحزم لمساعداته الاثنتين: مافيه داعي حد يعرف اللي صار قبل شوي

    كابتن مزون هذي رحلتها الأولى واللي صار بيكون مهوب في مصلحتها


    لتهتف مزون بحزم أكثر شدة: وأنا ما أبي حد يتستر علي أنا بنفسي بارفع تقرير عن اللي صار لي


    غانم هز كتفيه : مثل ما تبين يا كابتن ولا تعتقدين إنه أنا أتستر عليش لكن هذا من باب الموأزرة بين أهل الكار الواحد

    لأنه غالبا في الرحلة الأولى للكابتن تصير مشاكل كلنا صار لنا

    وصار عُرف إنه الكابتن يمشيها لحد الرحلة الثانية لو تكررت حينها يرفع تقرير

    صح كابتن سهى أو أنا غلطان


    سهي بثقة وهي مشغولة بما أمامها: صحيح كابتن


    مزون لم ترد عليهما فهي في عالم آخر من ألم عاود اجتياحها حتى نخر النخاع عالم أعادها له المنظر الذي بدأ تحتها وكأنها غادرت الألم الساكن في حناياها أصلا!!

    كانت مشغولة بالنظر إلى معالم الدوحة التي بدأت تتضح

    البحر الشطآنالمباني

    والــوجـــع الكثير من الوجع



    كان هبوطه رائعا ثابتا ومحترفا ولكنها لم تنتبه حتى شعرت باحتكاك العجلات بأرض المطار


    لم يوجه لها مطلقا أي حديث وهو يتناول جاكيته وقبعته ويعاود ارتداءها وينزل لأرض المطار


    تنهدت مزون بعمق تشعر بصداع متزايد

    ووجع متزايد

    وحزن متزايد

    لا تشعر حتى بأدنى رغبة أن تعود لهذا المكان مرة أخرى

    كم بدا لها هذا المكان باهتا.باهتا جدا

    لا يستحق حتى ألق عيني كسّاب اللتين تشعان بحنان حينما يراها بعد غياب

    لتفتقد لهذا الألق وذاك الحنان

    بل لتفقد كسّاب نفسه!!



    أنهت مزون اجراءتها لتتفاجأ أن عمها ينتظرها في الداخل

    وكان غانم خلفها مباشرة


    منصور حين رأى غانم أشار لمزون أن تذهب لمواقف السيارت. بينما بقي هو للسلام عليه


    وهاهي مزون تقف بجوار السيارة وهي تدعي الله بعمق ألا يكون غانم قد أخبر عمها أنه من كان معها على متن الطائرة

    أو يخبره بما حدث لها

    تشعر بذنب يخنق روحها أنها مضطرة أن تكذب على عمها

    ولكنها ليست مستعدة لغضبه فما بها من الحزن اليوم يكفيها عن كل شيء



    منصور وصلها بعد دقيقة وهو يفتح السيارة ويهتف بالثقة: تأخرت عليش يا أبيش

    شفت واحد من عيال الجماعة. الله يعينه جاي من الرباط رحلة طويلة والله


    مزون ركبت بصمت دون أن ترد بكلمة

    هتف لها منصور بحنان حازم: أفا مافيه أشلونك ياعمي وحشتني أي شيء


    مزون بسكون: تعبانة شوي فديت قلبك


    منصور بقلق: وش فيش يالغالية


    حينها انفجرت مزون في بكاء مفاجئ مكتوم منصور حينها أعاد إيقاف سيارته في موقفها قبل أن يتحرك بها

    فهو لن يستطيع أن يقود مطلقا وقلقه يتفجر عليها: وش فيش يأبيش حد قال لش شيء


    مزون بين شهقاتها: مافيه شيء يستاهل مافيه شيء يستاهل


    منصور بقلق: وشو اللي ما يستاهل


    مزون الباكية: ذا السالفة كلها ماكانت تستاهل زعل كساب ولا زعلك ولا هروب علي ما تستاهل ما تستاهل


    منصور بحنان يربت على كفها: خلاص يأبيش وش لش بذا السالفة كلها خليها


    مزون تحاول تهدئة نفسها: بأخليها بس كسّاب اللي يطلب مني تكفى ياعمي قل له أبيه يدري إني خليتها عشانه


    منصور يحرك سيارته ويهتف لها بحنان: أبشري ما يصير خاطرش إلا طيب.





    ******************************






    رد مع اقتباس  

  10. #40  
    المشاركات
    3,260

    "متى تبي ترجع"


    كساب يجيب والده بهدوء : بكرة على الطيارة اللي بتنزل باريس شويوعقب الدوحة إن شاء الله


    زايد بهدوء حازم: أنا طالع الليلة لباريس عندي شغل هناك وبكرة بأكون معكم

    فأكد حجزي معك


    كساب هز كتفيه وهو يهمس بنبرة اعتيادية: تامر


    بينما علي انتفض بخفة وهو يهتف بخيبة أمل: يعني كلكم بتخلوني


    زايد بحزم: ما يخليك ربك لو أنك تبي قربنا كان دليته


    علي ينهض ليقبل رأس والده ويهتف بحزم ودود: يبه ذا السالفة انتهت من زمان

    أنا خلاص صرت تبع مكاتب التمثيل الدبلوماسي الخارجي


    زايد بحزم يخفي خلفه رجاء لا يكل ولا يمل: خل الموضوع علي ولا لك شغل


    علي يعاود تقبيل رأسه ويهتف باحترام: أنا واعد خالتي أطلعها إذا راحو الرياجيل اللي كانوا عندنا

    وهذا هم راحوا ما يحتاج أقول البيت بيتكم


    ثم أردف وهو يوجه الحديث لكسّاب: كسّاب تكفى لا تطلع مكان

    باقي ماجد ماجاء وأكيد إنه على وصول مهيب زينة يأتي ما يلاقي حد عند إبي


    كسّاب استرخى في جلسته وهو يهتف بحزم: وين بأروح حياه الله


    وهو يتبادل نظرات حذرة مع والده فغالبا ما ينتهي لقاءهما منفردين بتحفز جاهز من كسّاب

    وكان ينقذه من والده ادعاءه بالانشغال ولكن هنا في جنيف

    وفي شقة مغلقة. بماذا سيتحجج هذه المرة





    *****************************





    "نجول قلبي وش فيش فديت عينش من يوم جبتي الشواذي من المدرسة وانتي سكتم بكتم طلعي لسانس أشوفه

    لا تكون القطاوة كلته والا شيء"


    نجلاء بضيق عميق: تكفين سميرة انا ماني بناقصتش. اللي فيني مكفيني


    سميرة تبتسم وهي تجلس جوارها ثم تحتضن عضدها: أفا ام خلودي قولي لي من اللي مزعل الغالية عشانه أحطه في الخلاط


    نجلاء بذات الضيق العميق: صالح


    جينها وقفت سميرة وهتفت بمرح: حسبت عندش سالفة ليه فيه سبب أصلا للضيقة غير صويلح

    ولو أنه صويلح فلة ودهينه على الكبود بس وش نسوي بالناس اللي ما يقدرون


    نجلاء وكأنها لم تسمع شيئا مما تقوله: يبي يأخذ عيالي يا سميرة


    سميرة حينها قفزت وانتفضت بغضب: ليه هي فوضى والا على كيفه ياخذهم

    خله يسويها عشان أقول لأبي وغانم وحتى عمي خالد على سواياه الشينة

    يعني شافش دسيتي سواد وجهه يبي يحرمش عيالش


    نجلاء تشير بيدها : وين راح مخش يبي يأخذهم يوديهم ديزني لاند أسبوعين


    حينها انقلبت سميرة لتنفجر بالضحك: حسبت عندش سالفة صبيتي قلبي

    وخليتيني أقلب الموجة على الموجة القشرا

    حرام خويلد وعزوز من السنة اللي فاتت ميتين على الروحة خلهم يروحون يستانسون

    وبعدين ماشاء الله لا حد منهم يلبس حفاظة ولا يشرب مرضاعة عشان تقلبين وجهش تراجيديا كذا


    حينها انتفضت نجلاء بغضب مليء بالضيق: وأشلون أصبر من غيرهمأنا حتى يوم واحد ما أقدر أبعد عنهم تبينه يأخذهم أسبوعين


    حينها همست سميرة بخبث: روحي مع عيالش وأدبي صويلح وطلعي اللي هو سواه من عينه


    حينها همست نجلاء بحرج: تدرين إنش خبلة والشرهة على اللي يشتكي لش


    حينها جلست سميرة وهي تبتسم وتحاول بطريقة فاشلة أن تتكلم بجدية:

    نجول خلينا من خبالش وأنتي صار لش معسكرة عندنا 9 شهور وأنتي محلش سر

    لا أنتوا اللي حليتوا المشكلة

    ولا أنتي اللي خليتي حد يتدخل في السالفة

    ولا أنتي اللي حتى رضيتي تقولين لأحد شيء

    كل ما حد سألش (مشكلة بيني وبين رجالي مضايقتكم قعدتي عندكم يعني)

    يعني تحدين إبي وغانم على أقصاهم عشان يتنافضون وهم مسوين فيها حاتم الطائي وولده

    (إذا ماشالتش الأرض تشيلش عيوننا والعين أوسع لش من الخاطر)

    ويخلونش فترة ويرجعون يفتحون الموضوع ونفس الموال ينعاد


    نجلاء بخجل وحرج وضيق: وش تبين أقول لهم (ولد أخيك وولد عمك يعاير أم عياله بأمها)

    أنتي عارفة أشلون العلاقة قوية بينهم وبين عمي خالد وعيالهأموت ولا أكون أنا السبب في خرابها


    حينها غمزت سميرة بخبث: تحبينه وإلا لا


    نجلاء بخجلها الشفاف: عيب يابنت


    سميرة تضحك: علي يا بنت أدري إنش تموتين عليه


    نجلاء حينها هزت كتفيها وهمست بيأس: زين وأموت عليهبس ما أقدر أعيش معه على ذا الوضع نفسي شانت من ذا الحالة

    الإنسان يقدر يعيش من غير حب بس ما يقدر يعيش من غير احترام


    سميرة بنبرة من يلقي سرا: نجول عمرش ما قلتي لي يوم تزعلين عليه وأنتي في بيته أشلون تتعاملين معه


    نجلاء باستغراب: وش تقصدين


    سميرة تبتسم: عن الخبال وحدة عمرها 29 وقد هي داخلة الثلاثين تبي وحدة مثلي بيبي تعلمها


    نجلاء تبتسم: أنتي اللي عن الخبال يالعجوزوش تقصدين


    سميرة تهمس بخفوت خبيث: أقص يدي أنش يوم تزعلين عليه أقصى ما تسوينه تكشرين في وجهه

    وهو يقول لش: أسف حبيبتي سامحيني آخر مرة

    وعقب تقولين مثل الرسوم المتحركة: سامحتك حبيبي ورأسش تدور حوالينه قلوب تولع

    لأنش خبلة وعند صويلح عظامش ما تشلش. عشان كذا قاعدة معسكرة عندنا وطاقة منه وحتى الشوفة ما تبين تشوفينه

    أنتي كان ممكن تخلصين السالفة كلها وتحلينها في بيتش لو أنش قويتي قلبش على صالح


    نجلاء صمتت وهي تشعر بحرج متزايد لأن سميرة تقريبا وصفت ببراعة ما يحدث بينها وبين زوجها في كل مرة تغضب منه

    تغضب منه تعتزله في غرفة أبنائها فيأتي معتذرا فتكره أن تراه بهذه الصورة التي تؤلم قلبها فتدعي أنها رضيت رغم جراح القلب المتزايدة

    وجرح تلاه جرح فجرح

    حتى شعرت أنها ماعادت قادرة على الصبر وروحها مثقلة بالجروح

    وماعاد بها قدرة على احتمال المزيد وخصوصا أن أبنائها كبروا

    حينها قررت أن تهرب منه وهي مصممة على ألا تعود له



    سميرة أكملت كلامها بابتسامتها المرسومة على الدوام: الحين يالخبلة أنتي من جدش تبين صالح يطلقش ويتزوج وحدة غيرش؟!!

    زمان سألوا جحا: قالوا له وين ديرتك يا جحا قال ديرتي اللي فيها مرتي

    والله إنه حكيم ذا الرجّال شكلي بأخليه مثلي الأعلى


    يعني يا بنت أمي وأبي بكرة صالح لا تزوج بيتفل في عينش والغلا كله بيصير لمرته وعياله اللي في حضنه

    نجول ركزي معي يالمفهية صالح رجّال فيه مميزات واجد كريم وحنون وفيه خير وبعدين عنده استعداد يقول لش أحبش طول اليوم

    وين تلاقين واحد مثله

    أكيد إنه لسانه يبي قص وعيب عليه اللي سواه لكنه مالقى من يسنعه

    وأنتي أصلا ما وريتيه العين الحمراء

    وعلى قولت جدي جابر قصدي جد وضوح (اللي ما يخلا خوف ما يخلى حشمة)

    وريه إنش حتى لو رجعتي له مهوب معناه إنش سامحتيه وريه وش ممكن تسوين فيه وأنتي عنده

    عشان يحرم ويفكر مليون مرة قبل لسانه يجيب طاري شيخته أم غانم


    نجلاء صامتة وسميرة مازالت مسترسلة في كلامها بذات النبرة الضاحكة والمنطقية: دامش على كذا.والله ما يمشي حالش.

    اصطلبي يا مرة. صويلح يعشق الأرض اللي تمشين عليها

    أنتي في موقع القوة اشلون لحد الحين ما سيطرتي على الوضع


    حينها لمست سميرة رأس نجلاء ثم لمست قلبها وهي تهمس بهدوء باسم:

    نظفي هذا ثم قوي هذا

    وإذا ما مشيتي صويلح على العجين ما يلخبطه

    قولي سميرة قالت





    ********************************




    نـــــام

    صــحــى مــن نــومــه


    دار في نواحي أنسي

    سلم على كل طفل رآه وتحدث مع كل عجوز

    جميلة هذه المدينة لأبعد حد.ولكنه عاجز عن تذوق جمالها

    يريد التوجه للمصحة ليس لأنه يريد ذلكولكن لأنه لا شيء يفعله عدا ذلك

    هاهو متغرب بل مثقل بالغربة ومن أجلها

    أينما هرب ستبقى هي المكان الأخير العودة!!


    انتظر اتصال داليا ولكن الوقت تمدد وتمدد والاتصال لم يصله

    أ يعقل أنها مازالت مخدرة حتى الآن؟!

    أو ربما ببساطة لا تريد رؤيته كما هو لا يريد رؤيتها

    هو لا يستطيع التهرب من واجبه

    ولكن ربما هي طلبت من داليا أن تعفيها من رؤية وجهه اليوم


    وكم كان محقا في توقعه!!

    حينما عاد طرق الباب بخفة ودخل ليجد داليا تجلس جوارها

    وجميلة تخبئ رأسها في كتفها

    ودموع صامتة تسيل بكثافة على عظمتي خديها البارزتين


    أشارت له داليا ان يخرج قبل أن تنتبه جميلة لوجوده

    أنزلت جميلة بخفة ولكن جميلة تمسكت بها وهي تهمس بجزع حقيقي:

    وين بتروحين


    داليا همست لها بحنان: دقيقتين للحمام وراجعة


    خرجت لتقابل خليفة خارجا. همس خليفة بسكون أشبه بسكون صحراء هامدة: شاخبارها


    داليا بحذر: وضعها سيء كثير بكت كثير وما تبي تشوفك

    كنت أعرف تعلقها بأمها بس ما تخيلت لذا الدرجة

    وخصوصا إنها وافقت إنها تسافر بدونها

    أم جميلة الله يهديها أخطئت كثير بهذي الزيارة لأنها حاسة الحين إنها ممكن تضغط علينا نجيب أمها

    بما أن أمها ما كان عندها مانع تجي من الأساس


    خليفة بذات السكون: طيب والحل


    داليا بحذر أكبر: أنت أشلون أعصابك مستعد تتحملها لحد أخر الخط


    هز خليفة كتفيه وهو يهمس بنبرة من يسخر نفسه: لا تخافين على اعصابي لين عقب آخر الخط بعد

    ثم أردف باهتمام: أشلونها الحين وكيف معصمها من وين جاء هالدم كله أنا مستغرب أشلون باقي في جسمها دم أساسا


    داليا بمهنية وهي تبتسم: عادي كمية الدم في جسمها مش قليلة بالشكل اللي أنت متصوره

    بس الدم اللي في جسمها بدون فايدة يعني بكلام الناس العاديين كأنه ماي وبس مافيه كريات حمراء مافيه حديد

    وعلى العموم ترا اللي نزل مو كثير ما يجي حتى 100 ملي

    بس إن شاء الله هي بتتحسن قريب. بس همتك معنا لأنه أنا بعد قريب بأنزل الدوحة


    خليفة بجزع: أنتي بعد يا دكتورة تبين تخلينا


    داليا بذات النبرة المهنية: جميلة دايما محتاجة حد يسوي لها حماية يعني لما كنا في الدوحة ما كانت متعلقة فيني بهالطريقة

    لكن بما أن أمها غير موجودة فهي خلتني مكانها

    فأنا حابة إنها تحس إنك أنت حمايتها الوحيدة وفي نفس الوقت أريدك تشد عليها في قضية الأكل


    خليفة تنهد: طيب ممكن أشوفها


    داليا بحذر: أكيد بس حط في بالك إنها ممكن تثور عليك


    خليفة هز كتفيه: عادي يا بنت الحلال


    وبالفعل فتح خليفة الباب بخفة ودخل التقت عيناه بعينيها لم تقل شيء ولكنها اشاحت نظرها عنه

    استغرب أنها لم تصرخ حين رأته.لم تثر اقترب وجلس قريبا منها

    همس بهدوء حان: أشلونج الحين


    جميلة بهدوء عميق ساكن: تدري أني أكرهك ومستحيل أحبك في يوم

    وبأموت وأنا أكرهك


    انتفض خليفة بعنف لا يعلم لِـمَ بدت له كلمة "أكرهك" مؤلمة وموجعة وهي تقولها بهذه الطريقة

    رغم أنها سبق وقالتها له ولكنها قالتها وهي في حالة غضب

    ولكن أن تقولها بهذا الهدوء والتصميم

    كان أمرا جارحا لأبعد حد

    رغم أنه فعلا لا يبحث عن أي نوع مشاعر مع هذه المخلوقة

    ولكن قسوة الكراهية جارحة جارحة!!


    ومع ذلك أجابها بكل هدوء: عادي بتكرهيني اليوم وبتحبيني بكرة ماني مستعيل حبيني على راحتج وعلى أقل من مهلج


    حينها سالت دموعها وبدأت تشهق شهقات خافتة متقطعة وبين كل شهقة وأخرى تهتف بخفوت " أكرهك"


    خليفة لم يرد عليها بقي معتصما بالصمت جالسا على مقعده

    وهي تصفعه بكراهيتها المتكررة!!




    ***************************






    رد مع اقتباس  

صفحة 4 من 29 الأولىالأولى ... 2345614 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  2. علاقة الجار بالجار بين الأمس واليوم
    بواسطة بوغالب في المنتدى خارج مقص الرقيب
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-Nov-2011, 08:50 PM
  3. الأمس واليوم وغدا الخصر النحيل هو رمز الأنوثة والخصوبة
    بواسطة بوغالب في المنتدى الاسرة والطفل
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 09-Aug-2010, 08:17 AM
  4. بعد مباريات الأمس واليوم .جدول الترتيب للدوري السعودي
    بواسطة البنت التي كويس في المنتدى كرة القدم المحلية و العربية و الاوربية
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 31-Oct-2008, 01:37 PM
  5. المغازل بين الأمس واليوم وعقب باكر
    بواسطة سفيرة الصمت في المنتدى نكت مضحكة - طرائف - الغاز - Joke
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 18-Jan-2007, 02:18 PM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •