الملاحظات
صفحة 9 من 29 الأولىالأولى ... 789101119 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 81 إلى 90 من 290

الموضوع: رواية بين الأمس واليوم

  1. #81  
    المشاركات
    3,260
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    صباح النور والسرور والرضا من رب العالمين


    صباح المودة والعذوبة والرقة


    صباح لكم وبكم ومعكم


    .


    دعواتنا لوالدة ميمو الشرقية بالشفاء وتمام العافية


    اللهم رب الناس مذهب البأس اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت شفاء لا يغادر سقماً.


    .


    ياهلا بكل من حط الرحال معنا وجه جديد وشرفنا باشتراكه وتوقيعه الأول


    ونتمنى ما تكون بصمتكم بصمة وحدة مثل الغوالي اللي طلوا مرة وحدة وقالوا نحن هنا ثم اختفوا عن الساحة بقوا خلف الكواليس


    أحب أشوفكم دايم حولنا وحوالينا تصنعون معنا حوار جديد ومختلف وثري


    وياهلا ألف بكل القلوب الدافية اللي معنا كل بارت اللي لو غابت وحدة منهم أفقد وقعها على دقات قلبي


    .


    .


    نجلا وصالح


    البعض ربط بينهم وبين لطيفة ومشعل


    واللي ربطوا قلت فعلا أنهم أذكياء <<<<مع أني للمرة الألف ما أحب المقارنة لكنها حضرت


    والربط ليس لأني أرى بينهم ارتباط


    ولكن لأن قصة نجلا وصالح خطرت ببالي بسبب لطيفة ومشعل


    حسيت تيك الأيام إنه في خاطري شيء ماقلته وفي عوالم المتزوجين عمق كبير يبي طرق


    أما ليش صار الربط فالسبب بسيط


    كل رواياتي الأزواج اللي بينهم الأحداث فعلا فيها يتزوجون في الرواية


    عدا لطيفة ومشعل ثم نجلا وصالح


    كلهم متزوجين وعندهم أطفال وعيال عم والقصة بدت وهم فعلا متزوجين وبينهم مشاكل


    لكن تشابه مقصود في الشخصيات أو حتى الاحداث لا. اللهم لو كان تشابه ضروري لان حياة الأزواج تتشابه فعلا


    اختلاف مشعل عن صالح واضح لكن اللي ابي اتكلم عنه هو نجلا


    نجلا شخصية مركبة <<< وهكذا أردت معظم شخصيات بين الأمس واليوم


    لكن لطيفة كانت شخصية واضحة وصريحة كانت تحب مشعل عبرت عن مشاعرها بكل الصور


    ولما زعلت على مشعل كانت واضحة وصريحة وبعد


    لكن نجلا


    .


    واليوم بالضبط بنتعرف بشكل كامل على مشاعر نجلا وصالح


    وموب بس هم لكن كل شيء يخص الشخصيات بيكون واضح قدامكم إلى حد ما هو الحد المطلوب في هذا المرحلة


    المرحلة اللي بعد كذا لها حضورها الخاص


    باقي قضية هي اللي ما انحل أي غموض فيها وهي اللي بنقفل عليها


    وموب لاني أبي أحرق أعصابكم لانه أنتو فعلا عارفين من زمان غموض هالقضية فقفلتنا عليها ما تغير عندكم شيء


    لكن بتغير كثير في حياة كثير من الشخصيات


    عدا أني أبي أهيئكم نفسيا للمرحلة الجاية


    اللي بتكون مرحلة عاصفة من بين الأمس واليوم


    ولأنها بتكون عاصفة أنا أحتاج للهدوء فعلا


    فأنا مرهقة لأبعد حد فكريا وجسديا


    بارت اليوم هو الأخير حتى حين


    ولأني فعلا ما أعرف متى ممكن أكون أرتحت ثم كتبت كم مناسب من الأجزاء أستطيع أن أعود به في ثقة


    فالغياب بيكون بين أسبوعين لثلاثة منها أنكم تتفرغون للدراسة ودعواتي للجميع بالتوفيق والله لا يضيع تعب أي مجتهد


    وأنا خلال هالوقت فعلا أقدر أرتاح واكتب شيء يليق يتقدم لذائقتكم الرفيعة


    .


    الآن إليكم


    الجزء الثامن والعشرون


    .


    قراءة ممتعة مقدما


    .


    لا حول ولا قوة إلا بالله


    وإلى الملتقى


    أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه


    .


    .



    بين الأمس واليوم/ الجزء الثامن العشرون






    اقترب موعد السفر كثيرا

    باتت تعلق هذا السفر كثيرا من الآمال

    فهي ماعادت تعرف كيف تفتح بابا للحوار مع صالح

    وخصوصا بعد ما حدث البارحة وهو يضعها أمام المدفع ويحملها المسئولية كاملة

    بينما هي يستحيل أن تعتذر له أو تبادر بإرضاءه بينما هو من أخطأ بحقها

    ولكن بدلا من يرضيها كما توقعت هاهو يزداد تباعدا وبرودا

    كبرياءها أرجع سبب ذلك إنه يغيب طوال اليوم عنها يهرب منها ومن تأثيرها عليه

    لكن في السفر سيلتصقان معا طوال اليوم لن يستطيع الانفكاك عنها

    حينها ستعرف كيف تؤدب هذا الصالح الذي (عيرني بعيارته وركبني حمارته)

    فبدلا من أن يسعى لرضاها يريدها أن تسعى لرضاه

    كيف جعل الموزاين تنقلب هكذا

    كيف استطاع أن يُشعرها بالذنب الشعور الذي تنكره على ذاتها!!

    كيف استطاع قلب الطاولة عليها وإظهارها بمظهر المذنبة بينما لا مذنب سواه!!

    يا له من خبيث لئيم؟!!




    وهي غارقة في أفكارها دخلت عليها عالية كانت صامتة على غير العادة

    جلست جوارها وهي غارقة في الصمت

    نجلاء مدت يدها ووضعتها على جبين عالية وهي تهمس بنبرة مصطنعة: بسم الله عليش مسخنة يأمش وش فيش نازل عليش سهم ربي


    عالية بسكون: جايني معرس


    نجلاء تبتسم: بس لا يكون مثل المعرس اللي جبته لش أنا وسمور


    عالية بهدوء عميق: والله العظيم من جدي شعاع كلمتني عن اخيها عبدالرحمن


    حينها أشرق وجه نجلاء بسعادة: ماشاء الله عالية عبدالرحمن مخبر ومنظر أنا شايفته بنفسي في التلفزيون قبل فترة

    شنو شخصية شنو رزة شنو كلام يجنن يجنن

    حتى سميرة ماتت على شكله تقول ما كنت أدري إن عبدالرحمن اخ شعاع هو نفسه ذا

    ثم أردفت نجلاء ضاحكة: بس تبتوب شوية


    عالية بضيق: نجلاء واللي يرحم والديش مالي مزاج مزح الحين


    نجلاء برقة: زين وليه تتضايقين تبينه قولي وعطي البنت القرين لايت تخلي الرياجيل يكلمون الرياجيل

    ما تبينه قولي لها بعد العرس قسمة ونصيب


    عالية بتوتر: تدرين نجول أنا ماعادني ببنوتة صغيرة عمري 24 سنة ويمكن الخطاطيب اللي جاوني قبل مهوب واجدين

    على أساس أني صار لي ست سنين برا الدوحة ومن اللي يبي يربط نفسه بوحدة مطولة لين ترجع أو يمكن أنا أبي أقنع نفسي إن هذا هو السبب

    المهممع كذا كل اللي خطبوني ماحد منهم دخل مزاجي. بس عبدالرحمن غير دخل مزاجي من قلب

    بس أنا وحدة مخي أحيانا يفوت وأصير غثيثة ومزحي دمه ثقيل

    أشلون بيستحملني دكتور الجامعة


    نجلاء بحنان وهي تحتضن كف عالية: علوي قلبي أنتي مافيش قاصر كلها كم شهر وتصيرين مهندسة جينية

    كم مهندس جيني عندنا في قطر. وبعدين حلوة وقلبش طيب وبنت خالد آل ليث

    اللي يأخذش يحب يده مقلوبة.

    ثم أردفت بمنطقية: وعلى سالفة المزح الثقيل البنت عقب العرس غصبا عنها تتغير وتعقل.

    ثم ابتسمت: أما لو تبين تقعدين على خبالش عقب العرس. اللي عودتي علينا في ساعة


    عالية بذات الضيق: كلمي سميرة خلها تجي ونعقد مجلس مشاورات

    ثم أردفت بشبح ابتسامة: خلها تعرف أني أحسن منها






    *****************************






    "منصور من جدك اللي تقوله "


    منصور يثبت نظارته الشمسية على عينيه وينظر للطريق أمامه بعد أن أخذ عفراء من مدرستها قبل دقائق

    ويهتف بحزم: ليه ذا السوالف فيها مزوح


    عفراء برقة: مهوب المقصد طال عمرك بس كساب توه مكلمني يقول لي غانم آل ليث يبيها

    وأنت الحين تقول لي فهد آل ليث يبيها

    واثنينكم تقولون لي جسي نبضها


    حينها عقد منصور حاجبيه: الحين أنتي اللي من جدش


    عفراء بهدوء: والله من جدي


    منصور هز كتفيه وهتف بحزم: اثنينهم ما فيهم قصور بس أنا أبيها لفهد


    عفراء ابتسمت: وكساب يبيها لغانم


    منصور يبتسم: ما عليش من كسّاب اسمعي شوري وبس خله يولي

    زعلان عليها ذا السنين كلها وعقبه جايب لها معرس!!


    عفراء بهدوء: مزون ذا الأيام تدرس اختبار التوفل عشان قبول الماجستير

    عطوني كم يوم لين تمتحن وعقبه اسالها وهي من حقها تختار اللي تبيه

    ثم أردفت بابتسامة حانية: ياقلبي مزون اثنين مرة وحدة


    منصور يمد يده اليمين لناحيتها ليمسك بكفها ويحتضنها بقوة حانية ويهمس بابتسامة:

    بس لازم لي أنا وولدي فهد دفعة مدح وإقناع من عندش لا تخذلينا تراني معتمد عليش

    والحين خلنا منهم. أنا عازمش على الغدا برا.







    ******************************************







    رد مع اقتباس  

  2. #82  
    المشاركات
    3,260


    كاسرة توجهت بعد صلاة الظهر لاستلام شهادة دورتها الأخيرة

    كان تميم من أصر على إيصالها. وهاهما عائدين للبيت

    في السيارة يتبادلان بعض الاشارات الطفيفة لأن تميم لابد أن يركز نظره على الطريق

    وفي أغلب الوقت يغرقان في صمت الإشارات حتى

    تميم من بعد عقد قرانه وهو يزداد هدوءا وصمتا

    أمر غريب أن يُقال عن من هو صامت دوما أنه إزداد صمتا

    ولكن هذا ما حدث مع تميم

    فهناك سكون غريب يلفه. لم يعد حتى يكثر من الحديث مع وضحى كما كان سابقا

    ووضحى لاحظت ذلك طبعا وهي تحاول جاهدة اقتحام حصونه

    ولكنه لا يشجعها مطلقا بروحه الخالية من الحماسة

    شيء ما في روحه إنطفأ

    فأقسى ما قد تواجهه روح شفافة كروحه هو إجبارها على عناق روح لا تتقبلها

    ولو كان يعلم أن ختامه في زواج كهذا كان ليؤجل فكرة الزواج لعدة سنوات أخرى

    فروحه الفتية مازالت غضة طرية لا تحتمل قسوة هذا الإجبار

    وربما بعد سنوات كان ليقتنع برأي والدته حين تصيبه عقلانية الكبار البليدة

    لكن الآن أفكاره التي تنبع من روحه الوثابة الأبية هي ما تسيطر عليه



    الأخرى جواره. غارقة في أفكارها الخاصة

    موعد زواجها يقترب والمشكلة أنها تشعر بنفسها غير مستعدة له غير متقبلة لهذا الزوج

    تحاول أن تلتزم بالحكمة وتجعل نفسها الحكيمة في هذا الموقف

    ولكن كل حِكم العالم وحكمته ماعادت تنفع في تفسير كل هذه الفوضى أو تهدئة هذا التوتر!!



    يرن هاتفها تستغرب من سيتصل بها في وقت الظهيرة هكذا

    لا أحد سوى فاطمة

    رفعت الهاتف لتنظر للرقم لتشعر بنفورها الغريب يتصاعد في روحها

    فهي لم تنسَ بعد الرقم الذي اتصلت به بالأمس


    " وش يبي ذا الوقح بعد

    صدق ماعنده ذوق

    وش ذا اللزقة ياربي"


    لم ترد عليه

    اتصل مرة أخرى لم ترد


    حينها وصلها رسالة:

    " يا مدام يا بنت الأصول

    يا للي من زود الذرابة والأدب اللي فيش تشوفين رقم رجالش وتسفهينه

    عباتش ترا طالعة برا

    ليتها تلتف على التاير ورقبتش ونخلص منش"


    حينها التفت كاسرة بحدة جوارها لتراه في سيارته من ناحيتها

    رأت ناظره معقود بغضب وهو ينظر ناحيتها

    ثم أشاح بنظره عنها في نظرة ازدراء مقصود تماما

    وأسرع بسيارته ليتجاوزهما


    بينما أشارت هي لتميم حتى يخفف السرعة لتفتح الباب وتدخل عباءتها

    دون أدنى اهتمام بنظرة الازدراء من صاحب السيادة





    بعد دقائق

    يصلون المنزل

    تميم يشير بالسلام ويصعد

    ومزنة تهتف بقلق فور رؤيتها لها: توني فقدتش وين رحتي


    كاسرة تبتسم: رحت أجيب شهادة دورتي الأخيرة قبل أنسى جيت بأقول لش عينتش تصلين الظهر قلت بأروح وأرجع بسرعة

    خص إن تميم اللي موديني مهوب مع السواق والخدامة


    مزنة بتأثر: يامش من أمس وأنا ممتغثة من حريق شغلش الله يكفينا


    كاسرة برقة: ياذا الحريق اللي سويتوه أزمة ماصار إلا الخير وهذا أنا قدامش مافيني إلا العافية


    حينها قاطع حديثهم صوت وضحى المرح: بركات البطل الهمام اللي جابش


    كاسرة تلتفت لها بغيظ ثم تبتسم وترد عليها بخبث لطيف: ذا الأيام شايفة لسانش طايل

    وعينش زايغة


    وضحى تضحك: على قولت هريدي خال سميرة (خدي بختك من حجر أختك)


    مزنة تنهرها: عيب يا بنت


    وضحى تصلهم وهي مبتسمة: لا تكونين صدقتي أنتي وبنتش . فكوها الله يفكها عليكم طالبتكم


    كاسرة تجلس وتبتسم: فكيناها يا بنت الحلال


    مزنة تهتف بهدوء: باروح أجهز الغدا للغرف قولوا لتميم امهاب اليوم عنده رحلة


    وضحى تجلس جنب كاسرة ثم تهمس بتردد: ودي أسأل عن شيء بس أخاف تأكليني


    كاسرة تهمس لها بخبث لطيف: إسالي عن أي شيء إلا عن كسّاب وقتها ماني بماكلتش لا تخافين


    وضحى بخيبة أمل: يمه سكنية. يأختي بأموت خاطري أدري وش قال لش وهو جايبش أمس

    الطريق من مكان شغلش لين بيتنا طويل

    تقريبا يأخذ 40 دقيقة في زحمة الدوحة.

    مستحيل إنه قعد ساكت أبو الجراءة اللي نط عندش في مكتبش عقب الملكة بكم يوم

    تكفين علميني!!


    كاسرة حينها ضحكت برقة: أنتي اللي يمه منش. وحاسبتها بالدقايق

    وأشرايش أقول لش وش صار من الدقيقة واحد لين الدقيقة 40 بالتفصيل الممل


    وضحى تبتسم: ماعندي مانع كلي أذان صاغية ولو تبين تحطين عليها بهارات تخليها ساعة ونص يعني مدة فيلم ماعندي مانع بعد


    حينها همست لها كاسرة بنبرة تشويقية فهي ترى الموضوع بات مسليا وفتح حوارا لطيفا بينها وبين شقيقتها: تدرين إذا كبرتي شوي علمتش


    حينها وضعت وضحى يدها على قلبها وهمست بنبرة تمثيلية:

    يا ويل قلبش يا الوضحي. السالفة فيها لين تكبرين بعد اللي رحت وطي

    الحين بأحط إعلان في الجريدة إني كبّرت عمري 10 سنين عشان نثبت التاريخ الجديد في الأوراق الرسمية

    يا الله خلاص عمري 32 سنة علميني.

    تكفين كاسرة


    كاسرة تغمز بعينها: إذا جبتي لي بطاقتش الشخصية بتاريخ ميلادش الجديد. علمتش






    *****************************






    "غريبة المطعم فاضي"


    منصور يجلس بعد أن جلست عفراء ويهتف بهدوء: خبرش اليوم دوامات والساعة الحين توها وحدةعشان كذا مافيه حد


    عفراء برقة: يعني أقدر افسخ نقابي


    منصور يبتسم: افسخيه خلني أمتع عيوني وأنا أكل وعلى العموم أنا اللي وجهي ناحية الباب وستاف الخدمة كلهم حريم

    لو حد دخل باقول لش تلبسينه



    بعد أن طلبا طلبهما وهما في الانتظار دخلت سيدتان ومعهما طفل

    جلسوا جميعا والطفل كان يدور بين الطاولات ولأن الطاولة الوحيدة المشغولة كانت طاولة منصور وعفراء

    فهو كان يعبر من جوارهما عفراء نادته وأجلسته معهما على الطاولة

    همست له برقة: وش اسمك يا حلو


    الطفل بعذوبة : همودي


    منصور يبتسم: حيا الله حمودي


    الطفل ينظر لمنصور ثم يسأله بصوت خافت: ماعليه أدول لها أنتي هلوه


    منصور حينها انفجر ضاحكا: قل لها أنتي حلوة مرخوص


    الطفل حينها ألتفت لعفراء وغمز بعينه ثم قال لها بنبرته الطفولية المحببة: أنتي هلوة


    منصور حينها ضحك : أنا قلت لك قول حلوة مهوب تغمز بعد وأنا قاعد كني طوفة


    الطفل يضحك: كالي يدول لي قول أنتي هلوة وسوو ئينك كدا (قالها وهو يغمز بعينه)


    عفراء تبتسم له برقة: الله يصلح خالك على ذا التعليم خوش تعليم.


    الام نادت ابنها وهي تشير بتهذيب لعفراء.

    عفراء أخرجت من حقيبتها مصاصة وأعطتها له ثم قبلته وهي تهمس: هذي تأكلها عقب الغدا زين


    الطفل يشير برأسه إيجابا ثم يقفز جوار والدته وهو يفتحها من فوره


    منصور باستغراب: من وين جبتي المصاصة


    عفراء بتلقائية: دايما معي في شنطتي حلويات تعودت كذا

    أحب أونس البزران اللي ممكن أصدفهم سواء كنت مسيرة على حد من جماعتي أو في مكان عام


    منصور بنبرة ذات مغزى: يعني شفقانة على البزران؟


    عفراء بحرج مصدوم: منصور ماله داعي ذا الكلام لا تخرب شيء حلو تعودته من سنين


    منصور بحزم: زين إنه ماله داعي لذا الكلام لأنه أنتي عارفة إنه سالفة العيال هذي مابي أسمعها

    ولا حتى أسمع تلميح عنها مثل التلميح البايخ اللي قبل شوي


    عفراء بصدمة حقيقية: أنا ألمح منصور؟

    ثم أردفت بعتب: منصور ما تحس إنك زودتها شوي؟!!


    منصور بتصميم حازم : لا زودتها ولا شيء بس أنا واحد صريح وأحب كل شيء واضح قدامش


    عفراء بذات نبرة العتب الرقيقة: بس ترا فيه خط تماس بين الصراحة واللباقة والوقاحة بعد


    حينها انقلب وجه منصور وهو يصر على أسنانه: وقاحة؟!!


    عفراء بألم: منصور لا تمسك لي عالكلمة كفاية وجيعتي منك


    منصور بدهشة: أنا آجعتش؟!!


    عفراء تتنهد ثم تهتف بألم شفاف: أجعتني وتأكيدك بذا الطريقة الجارحة إنك ما تبي شي يربطك فيني ماتشوفه يوجع يعني؟!!

    منصور أنا ماني ببزر وقلت لك أنا موافقة على اللي تبيه

    فليش تبي تحرجني وتجرحني بذا الطريقة؟!!



    أنهت عبارتها ثم تشرنقت على نفسها تماما لم تسمع كلمة واحدة مما قاله منصور بعد ذلك. ولا تريد أن تسمع

    فصدمتها من تجريحه المباشر لها جعلها عاجزة عن الاستماع لشيء مما يقوله

    لماذا يريد أن يفسد روح الصفاء التي بدأت تشعر بها تحيك علاقتها به

    لماذا يكون حادا بهذه الطريقة في وقت أبعد ما يكون عن الحدة

    لماذا يريد إفساد عادتها الجميلة بإحادية نظرته؟!

    بــــــل

    لماذا يريد بالفعل أن يؤكد لها أنه لا يريد رباطا فعليا يربطها به؟!

    فرغم أنها وافقت على شرطه لكنها في داخلها وأساسها وكينونتها أم على الدوام هي أم

    وهي ترى بالفعل أنهما غير كبيران على أن ينجبا أكثر من طفلتمازج فعلي لروحيهما وارتباط أبدي بينهما

    أرواح صغيرة عذبة تبعث الحياة في برودة أيامهما

    ولكن هذا كان مجرد تفكير شفاف قررت دفنه في قرارة نفسها فلماذا يريد نبشها وتجريحها بهذه الطريقة؟!!

    لماذا يستكثر عليها حتى مجرد التفكير في الخيال بعد أن حرمها من الحقيقة؟!






    ****************************








    رد مع اقتباس  

  3. #83 W1  
    المشاركات
    3,260

    " جد ياعلوي يالدبة أنش طحتي واقفة

    الدكتور الدحمي مرة وحدة. مذوب قلوب بنات الجامعة

    هو صحيح مهوب ذابحة الزين

    بس خبرش حن يا بنات الجامعة لا تمر علينا عنز لابسة غترة تسدحنا تحت أرجيلها"


    عالية تضرب سميرة وتهتف بنبرة غضب تمثيلية: احترمي جوزي يا مئصوفة الرئبة

    هدا حرم عالية آل ليث

    قصدي بعلها!!


    نجلاء بنبرة رجاء لطيفة: تكفين علوي بلغي شعاع موافقتش. عشان تملكون قبل أسافر


    حينها احمر وجه عالية رغما عنها. سميرة حينها صفقت وهي تفتح عينيها على اتساعهما وتهتف بصدمة مصنوعة:

    يا لهوي . البت طلعت بت على آخر الزمن

    بتختشي يا بغاشة يا جمالو يا جمالو


    عالية تعاود ضرب سميرة وتهمس باختناق مرح: صدق ما تستحون أنتي وأختش هذي تبيني أتملك في ساعة وهذي اشتغلت علينا بخبالها


    سميرة تمسح يدها مكان ضربة عالية: ول عليها إيدها زي المرزبة على قولت خالي هريدي

    الله يعين الدحمي عليش. الولد أحمراني وتبتوب. عقبش بيسود ويجيه هزال من يدش اللي ما تسنع ضربتها

    تجين تبين تمزحين معه تقصين عرق المسكين


    عالية تشعر بتوتر تحاول إخفائه: خلاص يا بنات انتهت المشاورات بكرة أبلغ شعاع


    سميرة تقفز: وش بكرته. أنتي مهوب صليتي استخارة مرتين وانخمدتي الظهر وقمتي منشرحة للدحمي

    قومي قولي لشعاع الحين وصلي بعد في الليل. لو غيرتي رأيش كلميها الصبح أكيد ماراح يخطبون قبل بكرة


    عالية بحرج: من جدش أنتي. تقول علي مطفوقة على أخيها. كلمتني اليوم الصبح

    أرد عليها عقب العشا وش ذا

    الركادة زينة.


    سميرة تتناول هاتفها: خلاص أنا بأقول لها. وانتي خلش في دور المستحية اللي هو شرق وانتي غرب


    عالية تقفز بجزع وتتعارك مع سميرة على الهاتف بينما نجلاء تقول لعالية بحنو: شعاع وسميرة ربع

    خليها تبلغها وتفكش من الإحراج

    يعني مافيه داعي تسوين كذا. خلينا نسمع المكالمة وننبسط





    بعد دقائق

    شعاع انهت مكالمتها مع سميرة التي بعثت سعادة عميقة في أوصالها

    رغم قرب وضحى الشديد من روحها ومحبتها التي لا شك فيها لها

    لكن رفضها لعبدالرحمن جرحها فعبدالرحمن هو مصدر السعادة الحقيقية في حياتها

    فهي كانت ترى شقيقها لا يُرفض تعلم أنه مجروح من الرفض حتى وإن لم يبين ذلك

    لذا قررت أن تبدأ تبحث له عن من يمكن أن تعوضه عن رفض وضحى له

    وجدت حينها أن عالية تقفز لمخيلتها بقوة

    جميلة قوية الشخصية مرحة مستواها الفكري والتعليمي سيناسب عبدالرحمن فعلا واسرتها أسرة معروفة بالخير والأصل

    عدا أنهما كان بينهما نسب سابقا. حينما تزوج عبدالله من جوزاء

    العلاقة بعدها أصبحت بين العائلتين أكثر قوة مع وجود طفل بين العائلتين

    رأت أن عالية تناسب عبدالرحمن من مختلف الجوانب

    حتى ما قد يعتبره البعض عيبا وهو مرحها الزائد. شعرت أنه سيدفع بعضا من الحياة في حياة عبدالرحمن الرتيبة


    لذا عرضتها على عبدالرحمن

    عبدالرحمن لم يكن راغبا في الزواج

    فرفض وضحى مازال ماثلا أمام عينيه لم ينسَ جرحه بعد!!

    لكن شعاع حاصرته: عالية باقي لها فصل واحد وتخلص دراستها

    اسبق قبل ماحد يسبقك عليها

    تملكوا الحين وإذا رجعت هي من فرنسا نهائي حددوا موعد الزواج


    حاصرته بشدةوهي تستخدم مسياستها المغلفة برقتها وعذوبها

    وافق رغم أنه يشعر بقلق عميق أن يُرفض

    فكرامته لن تحتمل رفضا ثالثا أبدا

    ولكنها منحته أملا شاسعا أنه سيتم قبوله والقبول قد يكون له دفعة إيجابية عميقة في روحه

    وخصوصا أن نسب رجل جليل كخالد آل ليث لا يُرفض

    وخصوصا أيضا أنها صورت له الفتاة بصورة بالغة الإيجابية وهو يعرف أن شعاع لا يمكن أن تبالغ كذبا

    فهو يعلم أن من المؤكد أن هناك مبالغة حدثت كمحاولة منه لاقناعه

    وهو ليس غبيا ليعرف أنها تبالغ

    ولكنه يعلم أنه على الأقل لمبالغتها أساس من الصحة!!



    وهاهي الآن تدخل عليه بعد أن عاد من صلاة العشاء وعاد لتصحيح ما تبقى من امتحانات طلابه

    تحاول أن تمنع ابتسامتها من الظهور فلا تستطيع لذا تجلس خلفه حتى لا يرى وجهها

    عبدالرحمن يهتف لها بمودة وعيناه مثبتتان على أوراقه: شعاع ياقلبي كأس كرك تكفين أبي أمخمخ الولد ذا إجاباته بتجيب لي السكتة الحين


    شعاع تحاول أن تحمل صوتها بالجدية: زين قبل الكرك ما تبي تعرف رد بنت آل ليث


    حينها تيبست أصابع عبدالرحمن على القلم ولا شعوريا جف ريقه

    فمطلقا لن يحتمل الرفض الذي بات يشعر أنه سيكون مصيره الدائم

    هتف بهدوء عميق: مسرع ردوا توش قبل الظهر كلمتيهم وإلا الرفض مايبي له وقت للتفكير؟!!


    شعاع حينها وقفت واحتضنته من الخلف وهي تلصق خدها بخده وتهمس بسعادة:

    إلا الموافقة على عبدالرحمن بن فاضل ما تحتاج تفكير وأنت الصادق


    عبدالرحمن بذات هدوءه العميق: وافقوا


    شعاع بسعادة عميقة: أكيد وافقوا. ليه تظن كل البنات غبيات مثل بنات خالك


    عبدالرحمن بعتب: شعاع عيب تكلمين كذا على بنات خالش. ماحد ياخذ إلا نصيبه

    ثم أردف بابتسامة: شعاع والله لا تكونين ورطتيني في عالية ذي إن قد يكون العقاب لش مهوب لها على كل شيء بتسويه فيني


    شعاع تضحك برقة: عالية صحيح ورطة. بس أحلى ورطة الله يعينك عليها!!

    يا الله بكرة خذ إبيك وروح اخطب لا تفشلوني في العرب

    مثل ماهم ماقصروا وردوا بسرعة. بينوا بعد أنكم مقدرين موافقتهم السريعة






    *********************************





    "تدرين كم مرة قلت آسف من الظهر لين الحين"

    منصور يهمس في أذن عفراء بعمق وهو ينحني من عليائه ليحتضن خصرها من الخلف بينما هي تقف أمام المرآة تمشط شعرها


    عفراء ردت عليه بهدوء تخفي خلفه ضيقها منه: ولا مرة

    من الظهر وأنت تلف وتدور وماقلت لي آسف

    يعني يوم تجرح تكون صريح وما تعرف تلف وتدور

    لكن يوم تجي تعتذر تلف وتدور


    منصور يديرها ناحيته فتنزل عينيها للأرض يمد يده ليرفع وجهها إليه فلا ترفع نظرها إليه أيضا

    حينها همس منصور بحزم: عفرا حطي عينش في عينش وأنا باقول لش آسف


    عفراء تخلصت من قبضته وجلست ثم همست بهدوء عميق: تدري منصور أحيانا الواحد من كثر ما يكون متضايق

    يبي بس يقعد بروحه يصفي ذهنه ويريح نفسيته وهو بينسى بروحه


    منصور يجلس جوارها ويهتف بنبرة مقصودة: يعني أفهم من كذا إنش تبيني اخليش لين تروقين بروحش


    عفراء بذات الهدوء العميق: لو سمحت


    حينها هتف منصور بحزم وهو يشدها بحنو ناحيته: في هذي أقول لش آسف ماني بمخليش

    أكثر شي أكرهه في الدنيا إني أخلي شيء معلق عشان ينحل بروحه

    شايفتني غلطت في حقش خلاص أنا أقول لش السموحة وحقش على رأسي

    لكن إني بأخليش تنامين وأنتي زعلانة علي لا والله إنه مايصير ولا يكون






    ******************************






    بعد ثلاثة أيام





    " بصراحة ماني مصدق وأخيرا يا الدب ما بغيت"


    عبدالرحمن بابتسامة: الله يبارك فيك يا الرشيق وإلا بس تبغي أنت اللي تصير في حزب المتزوجين وأنا قاعد عزابي

    مهوب كفاية إنك أنت بتعرس عقب شهرين

    وأنا قاعد لين حرمنا المصون ترجع عقب ست شهور وعقبه نحدد موعد العرس ما أدري متى

    مهوب لو الشيخة ماخذه صيفي كان افتكينابدل ماهي قاعدة ذا الصيف بدون فايدة


    امهاب انفجر ضاحكا: نعنبو حاسبها الدكتور بالورقة والقلم.

    تدري خلني أنا أعرس أول عشان يجون عيالي أكبر ويكفخون عيالك مثل ماكنت أكفخك واحنا صغار


    عبدالرحمن يضحك: تهبى أنت ووجهك. لا تحور الحقائق. أنا الكبير وأنا الدب. وأنا اللي كنت أكفخك


    امهاب مازال يضحك: خلاص عيالي ينتقمون لي.

    ثم أردف مهاب بابتسامة: على طاري عيالي قم جيب لي ولدي العود قد لي يومين ماشفته


    عبدالرحمن يغمز بعينه: هذا كله حب لحسن وإلا تدور ريحة أم حسن


    مهاب يغمز له بعينه أيضا: يا شينك لا سويت روحك ذكي



    عبدالرحمن يتوجه للداخل ليطلب من جوزاء تجهيز حسن ليذهب معه للمجلس لأن مهابا يريد أن يراه


    جوزاء جهزته ولبسته ثم همست لعبدالرحمن بتردد خجول: عبدالرحمن فديتك قل لامهاب لا عاد يعطره تكفى هو مايدري إن حسن معه ربو

    المرة اللي فاتت رجعه لي غرقان عطر سبحته والريحة بعد لاصقة فيه ماراحت


    عبدالرحمن يبتسم بخبث: يبيش تشمين ريحة عطره يا بنت حركات يعني


    جوزا تفجر وجهها احمرارا وبدأت تكح من الحرج.

    بينما عبدالرحمن انفجر ضاحكا: يا بنت الحلال والله العظيم إن لدش هو اللي خذ غرشة العطر من سيارة امهاب وتسبح فيها بروحه



    شعاع تبتسم برقة بعد خروج عبدالرحمن حاملا حسن: ياسلام على المستحين


    جوزاء تجلس وهي تهتف بتوتر: تدرين شعاع والله لحد الحين ماني بمصدقة إني مرت امهاب


    شعاع تبتسم: وليش إن شاء الله


    جوزاء بتردد حزين: أحسه شيء فوق اللي أستاهله


    حينها انتفضت شعاع غضبا رقيقا كرقتها: رجاء جوزا الكلام السخيف ذا ما أبي أسمعه

    ألف مرة قلنا مافيش قصور مافيش قصور متى بتقتنعين


    جوزاء تهمس بألم: إذا اقتنعت بنفسي ومن نفسي






    ***************************







    من بعد عقد قرانها وهي معتكفة في غرفتها

    تعرف أن دور الخجولة لا يناسبها

    ولكنها بالفعل تشعر بخجل عميق تشعر أنها قد تموت حرجا لو وقعت عينها في عين والدها أو أحد أشقائها

    يكفيها مالاقته من هزاع من تعليقات حينما حضر مع الشيخ حتى يأخذ موافقتها وتوقع العقد شعرت حينها أن وجهها تورم حرجا

    وكان الله عز وجل ينتقم لكل من فعلت فيهم مقالب بحياتها كلها


    سمعت طرقات هادئة على الباب نهضت لتفتح وهي تدعو أن يكون الطارق نجلا عادت من بيت أهلها أو أحد الخادمات وليس أحد آخر

    لأنها تشعر بالخجل حتى من أمها

    فتحت الباب لتجد أمام الباب سلة فخمة راقية من الورد والشيكولاته

    يتوسطها علبة جلدية بالغة الفخامة مفتوحة ليظهر محتواها عن ساعة رائعة وأنيقة ذات ذوق عال جدا

    كانت عالية على وشك الانحناء لتأخذ البطاقة المعلقة بها لتتفاجأ بمن قفز أمامها صائحا:

    ســـربـــرايـــز


    عالية انتفضت بجزع وخجل: خالي صبيت قلبي


    نايف يشدها ليحتضنها ثم يقبل جبينها ويهتف بمودة شاسعة: مبروك ياقلبي

    أم صالح قالت لي ان مرت صالح عند أهلها عشان كذا قررت أسوي لش مفاجأة بنفسي


    عالية انسحبت للداخل وهي تهمس بحرج: أحلى مفاجأة خالي مشكور فديتك


    نايف كان قد حمل هديته ووضعها على مكتبها وهتف بمرح: ياحليلها علوي مسوية مستحية على نايف


    عالية تدير وجهها المحمر: نايف الله يهداك خل القافلة تسير لا تعرقلها ترا القافلة صدق مستحية صدق أو لا تصدق


    نايف يضحك: لا والله طال عمرش لا أصدق

    يا الله هاتي يدش خلني أشوف ذوقي


    عالية بحرج: خالي ليش مكلف على نفسك كان خليت الهدية في العرس


    نايف يلبسها الساعة ويهتف بمودة صافية: لا يا قلب خالش هدية العرس شيء ثاني

    ثم أردف بمرح: هذي هدية الاحتفال بصيد الفريسة بعدين أجيب لش في العرس هدية التهام الفريسة


    عالية غصبا عنها تبتسم: لذا الدرجة أنا مأساة


    نايف يبتسم: ليه يعني تبين حد يعرفش شي أنتي عارفته زين.

    الله يعين الدكتور عليش بس صدق ياعلوي ربي رزقش على قد خبالش

    عبدالرحمن مابعد شفت أوسع من خاطره يعني لو حد بيستحملش فبيكون ذا المسكين


    عالية بغيظ: يعني إنك أنت اللي مستحملني ذا السنين ماكني اللي بمستحملة غثاك


    حينها احتضن نايف كتفيها وهتف بعمق شفاف: ليتش بس تغثيني على طول وما تخليني بروحي






    *******************************





    " يا الله وش تبين أجيب لش من فرنسا هدية عرسش"


    سميرة بمرح: كل شيء. ما نئولش لأ

    أنتي كريمة واحنا نستاهل

    قصدي أبو خالد كريم وأنتي تستاهلين وحن عقبش نستاهل اللي تستاهلينه


    نجلاء تنهدت بعمق: والله أبو خالد ماعاد كريم مثل أول


    سميرة حينها هتفت بقلق: صالح مقصر عليش بشيء


    نجلاء هزت كتفيها بألم: ليت من قالوا مقصر كان تقصيره فلوس وبس

    البخل بالمشاعر أشين أنواع البخل وخصوصا يوم تكونين متعودة إنه أنتي غرقانة في المشاعر

    وبعدين قحط مشاعر غير طبيعي


    سميرة بقلق: صالح عاده على عادته الغريبة اللي طالعة جديد لا بارك الله في العدوين


    نجلاء بألم: على نفس عادته تعبت سميرة ما أدري وش فيه صاير بارد بشكل

    ما تعودت على صالح كذا

    عشان كذا حتى أنا صايرة متوترة على طول


    سميرة تعقد حاجبيها: أنا خاطري أعرف أشلون ذا السالفة بدت فجأة صار بارد بدون السبب


    نجلاء بحرج: لا مو فجأة فجأة


    حينها رفعت سميرة حاجبها وهمست بنبرة ذات مغزى: نجول اعترفي أنتي وش مهببة مع صالح


    نجلاء أخبرت سميرة بكل ماحدث بعد عودتها لصالح.

    سميرة عقدت حاجبيها وهمست باستغراب: ترا بشكل عام ممكن نقول إن أي رجال بينحط في ذا الموقف ممكن يكون ذا تصرفه

    بس صالح يموت على الأرض اللي تمشين عليها على كثر ماكنتي تسفهينه ما يتوب ولا يتعظ

    وش الصحوة اللي حلت على كرامته المتمرمطة


    نجلاء حينها قاطعتها بغضب حقيقي: سميرة ما اسمح لش تتكلمين عن أبو خالد كذا


    سميرة تشير بيدها: بس لا تاكلينا عشان رجالش أنا اتكلم من جدي

    صالح في راسه موال وموال كبير بعد

    ومثل ماهو غير مخططاته انتي غيري مخططاتش


    نجلاء بضيق: يعني شأسوي


    سميرة تهز كتفيها: ما أدري صراحة مخي وقف ماعاد نعطي نصايح سكرنا الدكان

    ثم أردفت وهي ترقص حاجبيها: مخي الحين فيه تميم وبس

    وبعدين أنا وحدة عرسي عقب شهرين المخ اللي فيني باخليه لي.






    *********************************






    "وش فيش شكلش متضايقة"

    كاسرة تسأل وضحى بحزم ذا مغزى


    وضحى بهدوء ساكن: من قال لش متضايقة


    كاسرة تنزل حاجبا وترفع آخرا: لا حاشاش منتي بمتضايقة

    كنتي تضحكين وتسولفين وأول ما سكرت أمي التلفون مع عمتي التي كانت تبي تبشرها بملكة عبدالرحمن

    وأمي قالت لنا. وأنتي مثل تلفزيون من أعلى صوت للصامت

    لا وتقومين وتسكرين على نفسش في غرفتش

    وعقبه تقولين منتي بمتضايقة. وش الضيقة زين


    وضحى حينها همست بضيق: حتى لو كنت حاسة بالضيق

    مهوب من حقش تفتشين مشاعري من حقي أتضايق مثل ما أبي


    حينها أمسكت كاسرة بعضد وضحى وغرزت أناملها فيه: لا مهوب من حقش تتضايقين

    ليش

    لأن رفض عبدالرحمن كان قرارش حتى لو تضايقتي وندمتي على قرار غبي سويتيه

    ما تخلين حد يتشمت فيش بكرة بنات عمتش يبون يفتشون في عيونش على الندم على أنش ضيعتي أخيهم من يدش

    إياني وإياش تعطينهم ذا الفرصة. ما أقول إن بنات عمتي نفوسهم شينة حاشاهم

    بس هم مجروحين من رفض أخيهم ويبون ينتقمون حتى لو بإحساس مخفي في قلوبهم


    حينها همست وضحى بضيق عميق: كاسرة أنا ما أنا بمتضايقة عشان عبدالرحمن خذ عالية الله يوفقهم

    لكن حسيت إنه كان مستخف فيني يعني رفضته من هنا راح خطبتها من هنا

    يعني كنه ما صدق


    كاسرة بحزم: لا تفكرين بذا الطريقة عبدالرحمن من حقه يدور على شيء يرد كرامته

    لا تستكثرين عليه ذا الشيء. مثل ما أنتي شفتي إنه خطبته لش كان فيها أخذ من كرامتش

    رفضش له جرح كرامته.

    وعلى كل حال. السالفة كلها انتهت. وعبدالرحمن شيليه من بالش إنسيه


    ثم اردفت بحزم أشد وعيناها تنظران بشكل مباشر لعيني وضحى: سمعتيني. إنسيه

    ويا ويلش أشوف عيونش وإلا في صوتش ضيق عشانه

    ما أبي شيء مثل ذا يهزش وإلا يأثر عليش







    ************************************





    "يبه عطني فنجالك أصب لك"


    زايد يهز فنجانه وبهتف بحنو: شكّرت يأبيك

    وبعدين ذا الصبي المقهوي واقف ما أدري ليه ملزم أنت اللي تصب


    علي بمودة: أبي أنا اللي أقهويك جعلني فداك


    زايد بمودة مشابهة: إلا يومي قبل يومك ثم أردف بأمل شاسع وهو يشد له نفسا عميقا:

    أنت أربك منت برايح قدام عرس كساب

    خلاص ماعاد إلا أقل من أسبوعين ما يثمن تروح وترجع


    علي ابتسم: لا .قاعد


    أشرق وجه زايد: الله يبشرك بالخير زين أربك بتقعد عندنا عقب العرس شوي بعد

    أدري إني مسختها يأبيك بس كساب رايح وانت بعد تبي تروح معه؟


    ابتسامة علي تتسع: وقاعد بعد عقب عرس كساب لين تزهق مني


    زايد بحنو: إذا بتنتظرني لين أزهقعز الله ما شبرت برا الدوحة (ما شبرت= ماخرجت حتى شبرا)


    حينها وصلت ابتسامة علي لحدها الأقصى: وحن ماعادنا بمشبرين برا الدوحة


    حينها اختنقت الكلمات في حنجرة زايد أ حقا ما فهمه؟!!

    أ حقا لن يغادره علي يخشى أن يسأله فيكون مافهمه خطأ فتنحر فرحته الوليدة

    ويخشى ألا يسأله ويكون يعلق نفسه في سعادة ستنتزع منه قريبا

    لذا هتف بهدوء حازم رغم انشداد أوتار قلبه لحدها الأقصى: أشلون يعني


    علي مال على كتف زايد ليقبله ثم يهمس بابتسامة ودودة: خلاص خليت مكتب التمثيل الخارجي

    ونقلت هنا.قاعد عندك صحيح السالفة كانت بتتعقد شوي

    قالوا لي أنت تكلم انجليزي وفرنسي ومحتاجينك في السفارات برا

    بس أنا أقنعتهم إني في مراسيم استقبال الوفود بأكون أنفع

    وخلاص هذا أنا عندك


    حينها اتسعت ابتسامة زايد لحدها الأقصى وقلبه حلق ومشاعره غردت وهو يمد كفه ليربت على كتف علي ويهتف بسعادة صافية:

    الله لا يخليني منك يأبيك تو ما برد قلبي اللي له أربع سنين ماعرف راحة

    الله سبحانه أكرم من كل شيء

    كساب يريح بالي ويتزوج اللي أبيها له

    ومزون تخلي الشغلة اللي كانت مروعتني عليها

    وعمك منصور يتزوج عفرا

    وختامها مسك أنا أشهد إن ختامها مسك برجعتك لي

    ما أبي زود اللهم لك الحمد والشكر







    **********************************







    "جاهزة لبكرة"


    يهمس بإرهاق وهو يلقي غترته


    نجلاء بخفوت: كل شيء جاهز


    صالح بهدوء: الطيارة الساعة 11 الصبح

    أنا بأطلع الصبح بدري فيه أوراق للشغل بأسلمها واحد من الربع

    وأرجع الساعة 8 ونص ألاقيكم جاهزين


    نجلاء بنفس الخفوت: إن شاء الله


    يغلق عينيه وهو يسند رأسه لطرف الأريكة

    تنظر له بشفافية يبدو مرهقا فعلا خطوط وجهه والهالات حول عينيه

    كم تتمنى لو استطاعت مسح ملامح التعب عن وجهه

    كم تتمنى لو تمسح على صفحة خده

    تخلل أناملها خصلات شعره التي تشعر بلهفة لملامستها

    يبدو أنه مرَّ قرن منذ آخر مرة عبثت أناملها بمفارق رأسه

    كم تتمنى لو تقبل أجفانه المثقلة بالإرهاق تلصق حرير خدها بخشونة عارضه!!

    ترتمي في حضنه وتختبئ بين عضلات صدره تتنفس عطره من قريب

    تستمع لأحاديثه التي لا تنتهي حول كل شيء وهو كعادته يداعب خصلات شعرها أو يشد أناملها قريبا من قلبه

    لماذا بات كل شيء معقدا هكذا

    لماذا

    لــــمـــــاذا

    لـــــــمـــــــاذا






    ***************************************






    "حبيبتي الحلوة عادها زعلانة عليّ"

    يهمس في أذنها وهي مازالت نائمة ليعقب همسه بقبلاته المرفرفة


    عفراء تفتح عينيها وتهمس بصوت ناعس رقيق: هذي طريقة تصحي فيها النايمين


    منصور يبتسم: يخسون النايمين هذي طريقة لحبيبتي بس

    يا الله عادش زعلانة


    عفراء تعتدل جالسة وهي تمسح وجهها وتعيد شعرها للخلف وتهمس برقة خجولة:

    شكلك تبي تزعلني غصب يا أبو زايد من اول يوم قلت لك الحطب طاح


    منصور يبتسم ابتسامة شاسعة: بس أنا أدري إنش أول يوم قلتي لي الحطب طاح

    عشان تخلصين من إلحاحي بس


    عفرء تمد يدها لتمسح على خده وتهمس بعذوبة: زين إنك عارف إنك لحوح


    يتناول يدها من خده ليقبل باطنها ثم يشدها لتقف ويهتف بجدية: اليوم مزون بتمتحن خلاص أبيش تكلمينها عن فهد


    عفراء تتناول روبها وتلفه على جسدها وتجلس لتهمس بهدوء: إن شاء الله يأبو زايد لا تحاتي


    منصور يجلس جوارها ويحيط كتفيها بذراعه ويهتف بهدوء باسم: خلصتي التجهيز لعرس كساب


    حينها اتسعت ابتسامتها بشفافية عميقة: خلصت كل شيء

    ثم أردفت بعمق أمومي حميم: فديت قلب كساب يامنصور ماني بمتخيلة إنه بيتزوج أخيرا وإنه إن شاء الله عقب سنة بأصير جدة

    كساب يستاهل يرتاح طول عمره راكبه الهم وباله مشغول


    حينها أردف منصور وهو يقلد طريقتها : (فديت قلب كساب يامنصور)

    وإلا منصور مسيكين مايطري على حد يطري قلبه بكلمة


    عفراء بحرج: منصور لا تمسك لي عالكلمة


    منصور يبتسم: عطيني كلام مثله وأنا ماعاد أمسك فيه


    عفراء تقف هاربة: بأروح أجهز فطوركعلى ما تلبس


    منصور يضحك: يازين الهريبة ياناس

    ثم أردف بابتسامة: أكيد مستانسة إني راجع الدوام عشان ترجعين لطالباتش

    تحاتينهم كنهم بناتش


    حينها توقفت عفراء وهي تهمس بهدوء عميق: على طاري البنات البارحة كلمت دكتورة بنتي صار لها كم يوم راجعة

    تقول إني أقدر أشوف جميلة عقب أسبوعين ثلاثة

    فلو ماعندك مانع أبي أروح لها عقب عرس كساب ولو أنت ما تقدر

    خليت علي يوديني


    تجمدت أصابع منصور انفعالا لم يظهر للعيان وهو يهتف بحزم: لا أنا اللي بأوديش متى ما بغيتي


    عفراء ابتسمت بشفافية وهي تدخل الحمام: الله لا يخليني منك يابو زايد


    منصور مازال جالسا في مقعده ويهمس بعمق خافت به رنة وجع خفية بعد أن أغلقت عليها الباب: ولا يخليني منش



    بعد حوالي 40 دقيقة منصور في سيارته متوجه لعمله تخطر له الكثير من الخواطر المزعجة التي باتت تبعث ضيقا عميقا في روحه

    يكره إحساس التشويش والفوضى الذي يعيشه يريد أن يقف على أرض صلبة

    أن يعلم أين رأسه من قدميه فهل يبقى متوترا هكذا من شبح شيء قد لا يكون له أهمية


    لذا يقرر إجراء اتصال عله يريحه قليلا ولو أنه علم أن هذا الاتصال سيرفع قلقه للذروة القصوى ماكان مطلقا ليجريه

    ولجعل لنفسه مهلة يتأرجح فيها الأمل في جوانحه بدلا من نحره!!


    وصله صوتها الرقيق محملا بالقلق: فيه شيء يا عمي


    منصور بمودة: وعشان أتصل أصبح على بنتي لازم يكون فيه شيء


    مزون بابتسامة قلقة: لا فديتك بس الساعة توها ست ونص الحين وتروعت


    منصور بذات المودة: أدري إنش أكيد قاعدة تدرسين لامتحانش وحبيت أصبح عليش وأقول الله يوفقش


    حينها ابتسمت بشفافية: صباحك كله خير جعلني الأولة ودعواتك


    منصور يبتسم: أنتي ماشاء الله ما ينخاف عليش.

    ثم أردف بنبرة غامضة: مزون لو بغيت أسألش سؤال غبي شوي

    تجاوبيني وتخلينه سر بيننا


    مزون رغم استغرابها ابتسمت: حاضرين عمي وعيوني لك ولا تحاتي السرية توب سيكرت


    حينها أردف منصور بحزم: مثل منتي عارفة جميلة صارت بنتي بس أنا مابعد أعرف طبايعها فلو هي

    بدا له السؤال صعبا على كرامته واعتداده بنفسه ولكنه مجبر عليه لذا أردف بحزم أشد:

    فلو هي عرفت بزواج أمها وش ممكن تكون ردة فعلها


    حينها ضحكت مزون برقة: كل شيء ممكن يطري على بالك جميلة دلوعة وواجد متعلقة في خالتي


    منصور بنبرة غموض حاول أن يجعلها في طريقة سؤال مرح: يعني مثلا ممكن تقول لها تطلقي


    مزون مازالت تضحك: أووووه هذا أصلا أول شيء بتقوله وبتسوي فيلم هندي على سبته وبتبكي وبتصارخ وتعاتب

    بس من اللي بيأخذ بكلام جميلة أنت وخالتي اسمعوا من هنا وطلعوا من هنا مسيرها تكبر وتعقل


    أصابع منصور تيبست على هاتفه وضيق عظيم يتصاعد في روحه لم يظهر في صوته الحازم:

    يا الله يأبيش ما أعطلش أكثر من كذا والله الله بالدراسة!!


    أنهى اتصاله وألقى بالهاتف على المقعد الخالي جواره وهو يصر على أسنانه بقهر عظيم:

    ليتني ما كلمتها!!

    ليتني ما كلمتها!!





    **********************************





    في سيارة أخرى بعد ذلك بساعة

    رجل آخر تشغل تفكيره امرأة أخرى

    وما لا تعلمه أنه مثلها يعلق على السفر أمالا كثيرة

    أنه سيفتح بابا جديدا للصفاء بينهما

    يستنزفه اشتياقه لها

    ويستنزفه ابتعاده عنها

    ويستنزفه هذا الجو المتوتر حولهما!!

    ولكن كرامته ماعادت تحتمل المزيد

    فلأنها تعرف بتمكنها في قلبه ظلت تعبث به طوال هذه السنوات تقربه حين تريد وتبعده حين يريد

    ولكنه قبل ذلك لم يكن يسمح لها أن تبعده كان دائما يقتحم حصونها التي تتمترس داخلها

    كان دائما هو من يبادر للارضاء والمصالحة حتى مع شدة غضبه من موضوع تأخيرها للحمل لم تعتذر له هي يوما

    جعلت لنفسها الأعذار في حرمانه من حقوقه أوجدت لنفسها كل عذر

    بينما هو لم تجد له أي عذر

    طوال السنوات الماضية عشقها كما لم يعشق رجلا امرأة لا يستطيع أن يكون جاحدا وينكر أنها تبادله المشاعر

    فهو يعلم أن نجلا تحبه كما يحبها وكانت بالفعل كزوجة وأم وربة بيت بل كإنسان مثال رفيع للعطاء

    ولكنها في الحب نفسه أنانية تريد أن تأخذ أكثر مما تعطي

    تعب من كل هذا يريد أن يكون إحساسها به كأحساسه بها يريدها أن تهبه مشاعرها بلا مقياس

    كما كان دائما يغرقها في طوفان مشاعره بلا حساب

    فربما بعد تجاهله الأخير عرفت ذنبها في حقه

    وربما يكون هذا السفر هو السبيل لإنهاء المشاكل العالقة بينهما



    وهو غارق في أفكاره رن هاتفه

    التقطه لا يظهر له رقم فقط كلمة (مكالمة)

    استغرب تناول هاتفه ورد


    وصله صوت الطرف الثاني صوت ثقيل صاف النبرات: صباح الخير


    صالح بهدوء رغم استغرابه: صباح النور


    ذات الصوت الثقيل برزانة: حضرتك صالح بن خالد آل ليث الــ


    صالح باستغراب فعلي: نعم فيه شيء ومن حضرتك


    الرجل بنفس التبرة الثقيلة: معك وزارة الخارجية من مكتب الارتباط الخارجي ونبيك تجينا الحين


    صالح باستغراب: بس انا وراي طيارةومسافر بعد شوي


    الرجل بحزم: اسمعني ياخوي صالح الموضوع ما يتأجل وبصراحة أنا اتصلت فيك

    لأني ما أبي اتصل في الوالد لأني والله بعدني ما نسيت إللي صار لأبوك عندنا هنا قبل حوالي 4 سنين

    والله إني وقتها ندمت إني اتصلت فيه تمنيت لو اتصلت بحد غيره منكم

    فلو أنت ما تقدر تجي بأتصل في أخوك فهد الأرقام كلها قدامي الحين


    تفجر قلق صالح عاتيا: لا أنا اللي بأجي لا تتصل في فهد

    بس إبي وش دخله في السالفة وأنتو وش سالفتكم


    الرجل بذات الحزم: تعال الحين وأنت بتفهم السالفة أنا بأحط اسمك عند السيكورتي عند الباب عطهم الاسم أول ما توصل وهم بيوصلونك لين مكتبي


    صالح بقلق شاسع: زين أعرف على الأقل الموضوع وش هو


    الرجل ألقى قنبلته التي تفجرت براكين عاتية مدمرة مصدومة في داخل صالح :

    الموضوع يخص أخوك عــبــدالله





    #أنفاس_قطر#

    .






    رد مع اقتباس  

  4. #84  
    المشاركات
    3,260

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    صباح الاشتياق اللي جاوز الحد
    إذا أنتو اشتقتوا لي شوية أنا أشتقت لكم كثير
    وإذا أنتو اشتقتوا لي كثير فأنا اشتقت لكم أكثر من الكثير
    .
    يا حبني للبنات اللي قالوا إني رجعت بدري عشان تحت الأضواء
    ويمكن تكون هذي مناسبة إني أعتذر للغالية اللي من زمان تبي تحطني تحت الأضواء وأدري إن الموضوع جاهز عندها
    بس أنا ماعطيتها القرين لايت
    سامحيني يا الغالية والله سامحيني
    بس القعدة تحت الأضواء والتشرف بمقابلتكم تبيها تفرغ كامل عشان أعرف أرد براحتي الرد اللي يليق بكل وحدة تتكرم وتسأل
    وأنا بصراحة على طول مشغولة ومضغوطة
    ومن هنا ننتقل للسبب اللي خلاني أرجع بدري
    .
    بصراحة يا بنات طول الأسبوع اللي فات حاولت أكتب
    بس مع الضغط الرهيب اللي علي ماقدرت أكتب غير بارت واحد
    فقلت لو قعدت على هالحال أغيب وفي النهاية ما أقدر أرجع بكمية بارتات ترضي البنات
    هالشيء موب مرضي لي أو لكم
    عشان كذا قررت أنزل اللي خلصته لين الله يفرجها من عنده
    ومبدئيا موعدنا الجاي بيكون الأحد الجاي
    ولو قدرت أخلص بارت قبله أوعدكم أنزله
    لكن أنا أكره جدا قضية الاستعجال في الكتابة
    ومستحيل أخرب الأحداث عشان أبي أنزل وبس
    تدرون يا نبضات القلب
    الإنسان ما يعلم الغيب سبحانه عز وجل
    ولو كنت أدري بهالظروف اللي بتجيني <<< وأعوذ بالله من كلمة لو
    كنت بصراحة ما نزلت القصة أبد
    لأني تعودت معكم على الانضباط و إن شاء الله الله لا يخيبني
    دعواتكم ياقلبي بالفرج وصبركم علي
    .
    .
    البارت اللي فات
    البنات اللي استغربوا قولة عالية إنها أحسن من سميرة أو فسروها تفسير غلط
    ترا اللي هي تقصده يا بنات شيء بريء جدا
    تقصد إنها أحسن منها لأنها تبي تستشيرها بينما سميرة خبت عليها موضوع خطبتها
    .
    ومن هنا فهم ثاني مغلوط شوية استمر مع بعض البنات
    اللي يقصده صالح بالأناني البعض مازال يظن إنه يقصد عبدالله
    بينما هو يقصد نجلا
    .
    الاستعجال في الملكة بعد الخطبة
    عادي بنات هذا فعلا يصير عندنا في الحقيقة <<< هذا السنع
    لأنه موب من السنع تنقع الناس اللي خطبوا دامك وافقت عليهم
    لأنه قبل ماعندنا فحص طبي
    بس قريب صار عندنا فحص طبي للزواج
    وأوعدكم الملكات الجاية نخليهم يسوون الفحص :)
    وعلى العموم مبدئيا باقي كم ملكة
    لكن وحدة منهم غير متوقعة إطلاقا ولا فيه ولا وحدة توقعتها :)
    .
    ومن هنا أقول لكم الحين مسارات الرواية بتتجه في اتجاه متوقع
    والبنات بينبسطون إن توقعاتهم قاعدة تصيب
    لكن الصدمة بتكون في غير المتوقع اللي بيصير عقب المتوقع على كل المسارات
    .
    .
    بارت اليوم هدية لكل لابسات الملابس الجديدة في ******
    الله يهنيهم فيها
    وللأمام ليلاس من نجاح إلى نجاح
    .
    بارت اليوم بتعرفون عبدالله حي وإلا ميت
    لكن البارت الجاي بتعرفون سالفته كاملة
    وفي بارت اليوم بتعرف مزون بالخطبتين
    لكن أنا قصدت ما أتعمق في السالفة لغرض بيتضح بعد في البارت الجاي
    .
    يالله
    البارت التاسع والعشرون
    .
    قراءة ممتعة مقدما
    .
    لا حول ولا قوة إلا بالله
    .
    .


    بين الأمس واليوم/ الجزء التاسع والعشرون





    "حياك الله أنا أبو محمد نورت مكتبنا"


    "الله يحيك ويبقيك"


    " وش تشرب طال عمرك"


    " اشرب

    لا طال عمرك شربتني من الروعة ما يكفي وزود

    طمني وبس دخيلك يابو محمد وش السالفة"


    أبو محمد يتنهد بعمق عانى صعوبة في نفث زفراته ثم هتف بحزم مهني ضروري:

    والله العظيم ماني بعارف من وين أبدأ وخصوصا إنه أنا سبحان الله اللي بلغت أبوك قبل حوالي 4 سنوات

    وتدور السنين وأرجع أبلغك أنت بشيء ثانيوكل السالفتين توجع

    تدري يأخوي صالح إنه عقب اللي صار لأبوك في مكتبي هنا إني قعدت كم يوم بعدها أحلم فيه كل ليلة

    يا سبحان الله لأبوك هيبة وقدر وتأثير ما تتخيل أشلون أثر فيني

    انا ترا جيت وعزيت في عبدالله مع أني ما أعرفه ولا أعرفكم بس حبيت أتطمن على أبوك عقب اللي صار له هنا

    يانا تفاجأت من وقفته كنه يا جبل ما تهزك ريح وهو يستقبل المعزين وأنا عارف إنه فجيعته فوق كل حد


    صالح بقلق شديد: الله يهداك أنا بروحي متروع من حكيك

    وزود روعتني على إبي تكفى وش اللي صايروإبي وش سالفته معكم؟



    .

    .

    .


    قبل أقل من 4 سنوات نفس المكتب نفس الشخص لكن مع فرد آخر من عائلة آل ليث




    تختنق الكلمات في حلق أبي محمد لم يتخيل أن المهمة ستكون صعبة هكذا

    تمنى لو أنه لم يتصل بالوالد تمنى لو أنه أتصل بأحد الأشقاء

    كم بدا له مؤلما حتى نخاع النخاع كسر كل هذه الهيبة هذا الجلال هذا الاعتداد العظيم!!

    ولكن ما باليد حيلة فالشيخ يقف أمامه ويسأل عن سبب استدعائه بهذه الطريقة العاجلة: وش فيك يا ولدي ساكت

    أنتو طالبيني وصار لي عندك ربع ساعة وأنت تلف وتدور يأبيك

    عندك شيء تبي تقوله، قوله ماعندك ، خلني أتسهل


    أبو محمد بالفعل اختنقت الكلمات في حنجرته: ولدك عبدالله.


    حينها تقلصت قبضة أبي صالح بعنف وقلبه قفز لحنجرته التي تشققت جزعا مفاجئا وهو يحاول الاعتصام بالجَلَد: وش فيه عبدالله


    أبو محمد بكلمات مبتورة تمنى لو يغير من حقيقتها التي لا تتغير شيئا: يـ ـطـ لـ بك الـ

    يطلبك البيحة.


    حــــيــنــهـــا

    حــيــــنــــــــهــــــــا

    أي كلمات تصف شعور الفجيعة حينها

    كل الكلمات قاصرة هزيلة لا معنى لها

    أ هكذا يُفجع أنه لن يراه مرة أخرى وهو من كان يعد الساعات والدقائق لعودته!!

    أي فجيعة هذه أي فجيعة


    اسودت الرؤية غامت النظرة

    انهار كتفا الرجل العظيم ليغوص رأسه بينهما. وهو يسند رأسه لكفه ويغمغم بصوت مختنق قادم من هوة بلا قرار:

    يطلبني البيحة تقول يطلبني البيحة


    يهز رأسه عاجزا عن التصديق بل رافضا أن يصدق:

    عبدالله مات مات خلاص


    أبو محمد وقف وتوجه لأبي صالح وربت على كتفه وهتف بإيمان موجوع:

    قول إنا لله وإنا إليه راجعون


    أبو صالح غمغم بصوت مكسور مبحوح:

    إنا لله وإنا إليه راجعون إنا لله وإنا إليه راجعون

    يا الله الثبات من عندك يا الله الثبات من عندك


    ثم بقي لدقيقة عاجزا عن النطق لا يجد حتى الكلمات فهو هاتفه للتو من أيام ثم استغرب انقطاعه عنهوكان يحاول الاتصال به ولكن هاتفه كان مغلقا على الدوام

    ولكن منذ أيام فقط كان صوته الغالي يصب في عمق قلبه

    فأي صوت بعد صوتك ياعبدالله أي صوت


    سحب له أنفاسا شعر بها كشفرات تمزق رئتيه المختنقة: وش سببه بعد الله سبحانه نبي نروح نجيبه يدفن هنا يأبيك


    أبو محمد يشعر أنه سيبكي نيابة عن هذا الرجل العظيم الذي ضن عليه شموخه بالبكاء حتى وإن كانت روحه تنزف كل دموع الأرض:

    ما تقدر تجيبه ياعمي ما تقدر


    حينها غامت عينا أبي صالح بجزع إن كان يصح تسمية هذا الشعور المرير الجارح المتغلغل صدمة ووجعا مجرد (جزع):

    حتى جثة تقر عيني بشوفتها مافيه.ليه

    ليه لــــــيـــــه

    ولدي أشلون مات أشلون مات وين جثته


    أبو محمد باختناق: ما لقوا له جثة والله أنهم حاولوا والسفارة والخارجية قدمت مذكرة بإعادة البحث بس مالقوها والله العظيم مالقوها


    أي ألم هذا أي ألم قفز أبو صالح عن مقعده صائحا بكل ألم الدنيا: أشلون ما لقوها


    حينها ألقى أبو محمد قنبلته المؤلمة الموجعة التي تفجرت في روح خالد قيحا وصديدا لم تتوقف مرارتهما من ذلك الحين:

    ياعمي ولدك انتحر قط روحه في البحر من فوق جسر


    انتهى انفجار قنبلة أبي محمد ليبدأ مفعولها المتوحش في روح أبي صالح

    حــيــنـهــا انـــهـــار

    انهدم جالسا على مقعده انهار وهو يتمتم بكلمات ميتة: ولدي ما يموت كافر ولدي ما يموت كافر

    ولدي ما يموت كافر!!


    ليتعالى صراخه الموجوع: ما يموت كـــــــافــــــــر ما يموت كــــــــافـــــــــر

    قل لي إنه سوى حادث قل لي إنه احترق قل لي تفجرت به طيارة

    قل لي أي شيء أي شيء ممكن يفجع أي إب على ولده أي فجيعة

    إلا ذا الشيء يا ولدي إلا ذا الشيء تكفى تكفى

    قل لي إن ولدي مامات كافر

    لا تقول لي إنه مطرود من رحمة ربه

    تكفى يأبيك قل لي شيء غير ذا طالبك طالبك

    ولدي ما يموت كافر ما يموت كافر

    تكرم لحيته اللي ربيتها على الدين والمراجل

    فأشلون يموت كافر أشلون



    .

    .

    .



    اليوم



    " أخي ما يموت كافر مستحيل أصدق مستحيل

    عبدالله مصلي والفرض ما يفوته

    مستحيل مستحيل"


    صراخ صالح الموجوع يتعالى اليوم كما تعالى صراخ والده في ذات المكان قبل حوالي أربع سنوات


    أبو محمد يشير لصالح أن يهدأ رغم تأثره العميق من ثورة صالح الموجوعة ويهتف له بهدوء: وأخيك فعلا ما انتحر

    بس هو ضبط السالفة وأقنع الكل إنه انتحر وأخفى كل اثر له

    تخيل حتى الشرطة الأميركية مادلته

    ملابسه خلاها فوق جسر بروكلين في نيويورك في أقصى شرق أمريكا

    وعاش عقبها في بورتلاند ولاية أريغون في أقصى غرب شمال أمريكا


    صالح صرخ بكل ذهول العالم وصدمته: يعني عبدالله حي


    أبو محمد بهدوء شديد الحذر: حي

    ثم أردف وهو يمد يده لورقة على مكتبه ويمدها لصالح: هذي الرسالة اللي هو خلاها مع جوازه وملابسه اللي كانت عند الجسر

    عطيتها أبيك ذاك اليوم وقراها ثم داس عليها برجله وهو يقول بوجيعة ما نسيتها عمري (مات كافر وخسيس)

    وأنا احتفظت فيها من ذاك اليوم لأنها تعتبر مستند


    صالح تناول الرسالة بيد مرتجفة وفضها بقلب أكثر ارتجافا:


    " يبه صالح

    أنا عارف إن واحد منكم هو اللي بيقرأ رسالتي

    أنا تعبت من ذا الدنيا

    عندي مشاكل كثيرة ما تدرون عنها

    وخلاص ما أقدر أعيش مع ذا المشاكل

    أبي أرتاح من ذا الدنيا. أدري إن ذنبي كبير

    أطلب منكم السماح. ودايما ادعو لي

    وتراني ظلمت جوزا كثيرظلمتها فوق ما تتخيلون تراها وصيتي لكم

    تكفون ما يلحقها ضيم لين ربي يشوف لها نصيب أحسن مني"


    صالح يغمض عينيه ويغلقهما عاجز عن التصديق عاجز عن التفكير

    أ حقا كل هذا الجنون

    وما الذي يدفع عبدالله لكل هذا

    لماذا يؤلف حكاية كهذه

    وكيف استطاع أن يجعل والده يواجه كل هذا الألم وهو يخبر الجميع أن عبدالله توفي في حادث سيارة هناك

    وأن السفارة ستتولى دفنه وحلف على صالح أن لا يذهب هناك رغم أنه كان سيجن ليذهب لإحضاره

    يحاول صالح تخيل كل هذا الألم الذي عاناه والده وحيدا فلا يستطيع التخيل حتى!!

    الآن فهم رفضه تسمية حسن باسم والده

    الآن فهم نظرة الغضب والأسى العارمين التي كانت تلون وجهه كلما سمع ذكر عبدالله

    الآن فهم السنوات التي تضاعفت على كاهل والده

    الآن اكتملت الصورة

    كان يستغرب رفضه لذكر عبدالله عنده وكان يحاول تفسيره أن ذكر عبدالله يؤلمه لأنه يقلب مواجعه

    ولكن هذا التفسير لم يكن يقنعه لم يكن يقنعه ولكنه لم يجد سواه

    الآن يستطيع تفهم أي صراع نفسي مرير عاشه والده طوال السنوات الماضية

    وأي ألم هو أي ألم



    أبو محمد يكمل حديثه بحذر: ترا كان مع الورقة ذي ورقة ثانية بس ما أدري أبيك قراها أو لا

    لأنه بعد ماقرأ الرسالة قط الاوراق كلها وداسها وطلع


    صالح بتساؤل: أي ورقة


    أبو محمد بذات الحذر: عقد طلاق موثق في السفارة القطرية في واشنطن

    يومها يوم شفته قلت رجال يبي ينتحر ليش يطلق مرته

    بس الحين فهمت


    صالح ينتفض بغضب وحرقة: وعبدالله ليش يسوي ذا كله

    وأشلون هنّا عليه كلنا هان عليه يسوي فينا كذا

    ليه يا عبدالله ليه ليه






    *******************************






    رد مع اقتباس  

  5. #85  
    المشاركات
    3,260



    تكاد تجن من القلق. الظهر أذن وموعد الطائرة فات وماعاد يهمها موعد الطائرة مطلقا لا تريد أن تسافر حتى

    تريد فقط أن تطمئن عليه البيت كله في حالة استنفار بعد تأخر صالح عن أخذ أولاده للرحلة

    ثم وهو لا يجيب مطلقا على أي اتصال.

    فهد وهزاع وحتى غانم ونايف. كل واحد منهم توجه لجهة للبحث عن صالح. فغيابه بهذه الصورة لم يكن طبيعيا أبدا


    أم غانم وسميرة حينما علمتا أن نجلا لم تسافر وزوجها غائب قررا أن يتوجها لها من باب المؤازرة خوفا أن يكون قد حدث له سوء وتريدان أن تكونا مع نجلا حينما تتلقى الخبر

    ولكن رؤيتهما كان لها تأثير عكسي تماما على نجلا


    كانت تجلس مع أم صالح وعالية في الأسفل كل واحدة منهن تحاول الاعتصام بالقوة حتى لا تثير القلق في الاثنتين الأخريين

    ولكنهن ثلاثتهن كن يذبن قلقا وجزعا وأناملهن تمر على هواتفهن بجزع متوتر


    أم غانم وسميرة دخلتا

    نجلا حينما رأتهما جف ريقها وقلبها هبط بين قدميها وهي تتمتم بصوت خافت: صالح فيه شيء

    صالح فيه شيء


    ليبدأ صوتها بالارتفاع: صالح فيه شيء


    لتصلها والدتها وهي تربت على كتفها بحنان: مافيه شيء يأمش ليش تفاولين


    ولكن صوتها تحول لصراخ مفجوع: وش انتو داسين علي

    صالح وش فيه صالح وش فيه


    ليتعالى صراخها بهستيرية أكبر والكل يحاول تهدئتها والكل مصدوم من ثورتها فلطالما كانت نجلا شديدة التحكم بأعصابها وانفعالاتها

    ولكن صراخها تعالى أكثر وأكثر وجسدها يرتعش بعنف

    ليسقط مغشيا عليها بين أيديهن






    ******************************






    بعد صلاة الظهر بساعة

    صالح صلى هناك وعاد لإكمال حواره مع أبي محمد فور انتهائهما من الحديث هتف صالح بحزم بالغ أخفى خلفه صدمته وألمه لما حدث لشقيقه:

    أنا أبي أسافر لواشنطن في أسرع وقت بس خايف من تأخير الفيزا تقدرون تساعدوني


    أبو محمد أجابه بتصميم: تبي تسافر الليلة


    صالح بلهفة ورجاء شديدين: ياليت يا ليت


    أبو محمد بثقة: عطني جوازك وصور شخصية لك الحين

    الوزير بنفسه مهتم من موضوع أخوك

    احنا بنتوسط لك عند السفارة الأميركية تخلص الفيزا اليوم

    روح انت احجز وعلى العصر ارجع على السفارة إن شاء الله إنك تلاقي فيزتك جاهزة


    صالح يقف ويهتف بتصميم شديد: مشكور ياخي الله يكثر من أمثالك

    أنا طالع الحين أحجز على أقرب طيارة


    أبو محمد يصافح صالح ويهتف له: هذا رقم تلفوني حدد لنا موعد وصولك وبتلاقي مندوب من السفارة ينتظرك هناك



    صالح خرج من عنده. لم يكن في رأسه سوى أن يحجز فقط

    تفكيره غارق في التبلد وليس فيه سوى عبدالله وماحدث عبدالله

    وأنه لابد أن يراه في أقرب فرصة لو استطاع أن يطير حتى لطار

    ليس به صبر ليس به صبر

    توجه لأقرب محل سفريات عانى قليلا ليجد له حجزا مستعجلا في طائرة تطير قبل المغرب بقليل

    هاهو يقود سيارته عائدا للبيت وغارقا في الهم والتفكير

    أ يعقل كل ما حدث أ يعقل أن عبدالله مازال حيا

    أي صدمة هذه

    كيف يستطيع اخبار أهله بهذا

    كيف يستطيع أخبارهم كل هذه التفاصيل الفاجعة

    وكيف أخفى عليه والده كل هذا؟

    لو أن والده أخبره كان يستحيل أن يصدق أن عبدالله قد يفعل ذلك

    كان قد شك أن هناك ما هو أكبر

    كان ليذهب بنفسه ويتأكد هو كان سيعرف كيف يجده حتى لو أختبأ في بطن الحوت

    لأنه يعرف أساس الحكاية التي لا يعرفها والدهما!!


    يتنهد بعمق لا يستطيع إصلاح الماضي فما مضى قد مضى

    ومن معرفته لوالده يعرف أنه يستحيل يسامح عبدالله بعد مافعله بهم

    لذا يجب أن يدرس خطواته بدقة تحسبا للتاثيرات

    أول شيء سيفعله أنه لن يخبر أحد بسبب سفره

    سيخترع لهم أي سبب


    وهو غارق في أفكاره تذكر بجزع أكبر الرحلة التي فاتته وأهله الذين لابد جزعين عليه كان يقترب من بيتهم

    والوقت قبل صلاة العصر بقليل


    "كيف نسيَ أن يطمئنهم كيف نسيَ"

    تناول هاتفه ليفجع فعلا من عدد الاتصالات التي لم يرد عليها

    تجاوزت المئة اتصال من والده وأشقائه وعمه وغانم ونايف والدته وعالية ونجلا وحتى بعض خالاته

    ضرب مقدمة رأسه وهو يلوم نفسه على نسيان أن يتصل بهم ليطمئنهم

    ولكن مع الخبر الصدمة الذي صُدم به كيف يجد له مساحة للتفكير بشيء آخر؟!

    تنهد بعمق وهو يشد أنفاسه ويتناول هاتفه ويتصل




    في ذات الوقت في مجلس الحريم في بيت خالد آل ليث

    نجلاء تنتحب بصوت خافت على كتف والدتها التي كانت دموعها تنساب بصمت على حال ابنتها

    سميرة وعالية تجلسان متجاورتان توترهما قفز للذروة ولكنهما كلاهما تحاولان الاعتصام ببعض قوة

    فآخر ما ينقص الجميع هو أن يزيدا الوضع سوءا

    يكفيهما ما حدث لنجلاء التي كادت تموت بين أيديهن



    أم صالح كانت ترفض في داخلها أن تبكي

    لن تبكي البكاء يعني أن هناك سوء حدث له وهي تريد أن تحميه حتى من مجرد سوء أفكارها

    كانت تتمتم بالدعوات في داخلها تدعو الله عز وجل بكل عمق أن يحفظه ويعيده لها فقلبها المفجوع الذائب لن يحتمل فقدا آخر لن يحتمل أبدا

    وهي غارقة في دعواتها رن هاتفها

    كانت تجيد قراءة الأسماء لذا حين رأت الاسم الذي ينير على الشاشة لم تحتمل

    وكل مقاومتها الهشة انهارت وهي تنتحب بألم يمزق نياط القلب

    ألقت هاتفها على عالية جوارها وهي تشير لها أن ترد والجميع تحفزوا مع الموقف

    عالية التقطت الهاتف بيد بينما شدت بيدها الأخرى على يد سميرة الجالسة جوارها من الناحية الأخرى وهي تهمس بلهفة وتخوف: صالح


    جاءها صوته مرهقا هادئا: ليه حد بيتصل من تلفوني غيري وين أمي


    عالية تنظر بقلق وتأثر لأمها الباكية جوارها: أمي تكرم في الحمام أنت بخير


    صالح بهدوء: بخير مافيني شيء. بس جاني شغل ضروري وتلفوني خليته في السيارة


    عالية بعتب: وش الشغل اللي يخليك تخلينا على أعصابنا كذا


    أم صالح التقطت الهاتف من يدها وهي تحاول أن تخفي رنة البكاء من صوتها:

    وينك يأمك وش سويت فينا الله يهداك


    صالح بحنو شاسع: والله أني طيب وجايش الحين


    أم صالح أنهت المكالمة والتفتت للجميع وهي تهمس بصوت مبحوح: صالح طيب وجاي الحين


    قلب آخر كان يستمع للمكالمة وهو ينتفض بعنف كانت صوت بكاءها يرتفع وهي تتمتم بالحمد لله والشكر له

    لا تعلم ما الذي حدث ولا يهمها أن تعلم يكفيها أنه بخير

    تشعر بجسدها يغرق في عرق بارد تشعر كما لو كانت قضت يوما طويلا في السباحة ضد التيار

    وألم عظيم يستشري في عظامها ومفاصلها


    التفتت لوالدتها وهمست بخفوت من حنجرة ممزقة: يمه اسمحي لي باروح أسبح قدام يجي صالح ما أبيه يشوف حالتي كذا يتروع


    أم غانم ربتت على خدها بحنان: روحي يامش حن بنكلم غانم وبنروح للبيت أصلا ماعاد باقي شي على صلاة العصر



    نجلاء صعدت لغرفتها وهي بالكاد تسحب جسدها المكدود بعد دقائق وهي في منتصف استحمامها سمعت طرقات على الباب

    تحفزت وهي ترد: من


    وصلها صوته العميق المرهق الذي بعث رعشة عميقة في أوصالها: أنا صالح اطلعي نجلا ابيش ضروريأبي أكلمش وماعندي وقت


    نجلاء بخفوت وحرج: خمس دقايق صالح بس


    وصلها صوته محملا بالضيق وخيبة الأمل: ما أقدر أنتظر باتصل لش تلفون



    نجلا حين سمعت أنه لا يستطيع الانتظار وأنه قد يذهب –ربما للصلاة- دون أن تراه

    خرجت من فورها وهي تلف جسدها الغارق في رغاوي الصابون بروبها عدا عن الرغاوي التي كانت تحيط بشعرها وتتساقط على وجهها


    فُجعت حين خرجت أن المكان كان خاليا من صالح

    وفجعت أكثر أن الحقيبة التي كانت أعدتها له من أجل سفرهما غير موجودة أيضا!!





    *************************************





    بعد عشر دقائق

    في صالة بيت خالد آل ليث السفلية نزلت نجلاء باستعجال وهي تلف شعرها المبلول بجلالها الواسع وتغطي وجهها بطرفه خشية أن تجد أحد أشقاء صالح معه وقلق مرعب غير مفسر يلتهم روحها

    لتجد عالية تجلس وحيدة ينتابها سكون عميق غريب

    همست لها بنفس مقطوع: وين صالح


    عالية ردت بسكون: راح


    نجلا بصوت مبحوح: راح الصلاة


    عالية نظرت لها بعينين غائمتين: لا سافر أمريكا


    نجلا انهارت جالسة وهي تشهق بصدمة كاسحة: ويش أمريكا


    عالية بقلق: يقول عنده شغل ماقال لش


    نجلاء بصدمة موجوعة: كنت في الحمام

    وبعدين من متى وصالح عنده شغل في أمريكا


    عالية بضيق عميق: إبي متضايق حده من سفرة صالح تدرين ما يداني طاري الروحة لأمريكا من عقب مامات عبدالله هناك بحادث سيارة


    نجلاء بألم: وش ذا السفرة الفجاءة


    عالية بألم مشابه: ليتش بس شفتي وجهه مسود وباين عليه الهم وعقبه يقول رايح شغل ومارضى يقول لاحد أي تفاصيل

    يقول شغل ضروري وبس

    والله ما أبي أروعش عليه بس أنا بروحي متروعة

    نجلا تكفين كلميه شوفي وش سالفته

    طيارته يقول قبل المغرب


    نجلاء تنهدت بألم عميق وهي تعاود سحب نفسها للأعلى صلت العصر ودعت الله طويلا أن يحفظ صالحا لها ولأولادها ولأهله

    بعد أن نهضت عن سجادتها تناولت الهاتف لتتصل ولكن أناملها جفت على أزرار هاتفها

    تشعر بخجل عميق من صالح

    في كل خلاف بينهما كانت تبرئ نفسها من أي ذنب وتحمله مسؤولية كل شيء

    لا تنكر أنه أخطأ في حقها خطأ لا يُغتفر ولكنها عجزت دائما عن إيجاد حل عجزت عن إيجاد منطقة وسطى بينهما

    اكتفت باعتذاراته وباستنزاف مشاعره كلها من أجلها

    دون أن تحاول حل المشكلة من جذورها

    كانت تتصرف كما يتوجب من زوجة خلال حياتهما اليومية

    لكن حينما يحدث خلاف تعجز عن المواجهة

    ورغم شدة محبتها لصالح إلا أنها لم تشعره بعمق هذا الحب كما كان يشعرها به

    ورغم معرفتها اليقينية لتشوقه لإنجاب فتاة إلا أنها لم تمنحه هذه الأمنية ولم تفكر أن تعتذر حتى عن حرمانه من هذا الحلم

    شعرت أن من حقها أن تعاقبه بهذه الطريقة مادام سمح لنفسه بتجريحها وإهانتها

    وإن كان بعد ذلك أعتذر واعتذر واعتذر فهي لم تفكر في الاعتذار يوما

    استكثرت عليه مجرد حقه في أن ينال اعتذارا على ما سببته له من ألم!!


    تشعر الآن بصفاء شديد في التفكير

    في أحيان كثيرة نحتاج لموقف صادم حتى يوقظنا من غيبوبتنا الفكرية

    ولكن السؤال هو : هل استيقظنا في الوقت المناسب أو بعد فوات الأوان؟!!



    تناولت هاتفها وضغطت آخر رقم لديها في قائمة الصادر

    حينها كان صالح أنجز إجراءاته وينتظر موعد الصعود للطائرة الذي لم يتبق عليه سوى القليل


    كان فهد هو من أوصله للمطار بعد أن مرا بالسفارة الأمريكية وأخذ فيزته

    طوال الطريق وفهد يستجوبه بإصرار غاضب عن سبب سفره

    ولكن صالح لم يجبه بغير جملة (شغل ضروري ما أقدر أجله)

    فصالح بطبيعته ليس من النوع المراوغ أو الذي يجيد الكذب أو الدسيسة أو حتى الاحتيال الذي قد يكون ضروريا بعض أحيان

    ولكنه من الناحية الأخرى بئره عميق جدا وإن كان لديه سر فيستحيل أن يخرج سره

    ومن ذلك سر عبدالله الذي عرف به قبل حوالي خمس سنوات ونصف ومع ذلك لم يخبر به أحدا أبدا

    وهاهو الآن جالس في صالة الانتظار يسند رأسه المنهك إلى كفه اليمين

    انتزعه من أفكاره رنين هاتفه حين رأى اسمها يضيء على شاشة هاتفه

    شعر بحنين عميق وشجن أكثر عمقا ولام نفسه بشدة أنه لم يكن هو من أتصل بها

    تناول هاتفه ورد بعمق خافت: هلا أم خالد


    عانق شرايين قلبه قبل أذنه صوتها العذب المرتجف: هلا بك يأبو خالد

    ثم أردفت بعتب رقيق: يعني ماقدرت تنتظرني دقايق لين أشوفك


    رد عليها صالح بعتب مشابه: ماهقيت إن شوفتي تهمش


    نجلا بألم شفاف: ماله داعي لذا الكلام لأنك عارف إنه أكيد شوفتك تهمني

    وتهمني واجد مهوب شوي


    صالح رد عليها بنبرة مقصودة: وش يدريني

    هل تكرمتي مرة وقلتي لي يعني

    أو تبيني أعرف الغيب؟!!


    نجلا صمتت لثانيتين بدا لها ما ستقوله صعبا عليها وهي تدفع في عروقها الشجاعة التي لطالما نقصتها

    تريد أن تعتذر له بعمق لا يمكن أن تدعه يسافر هو وهو عاتب عليها هكذا بعد أن انهارت مخططاتها في سفرهما سويا

    همست برقة وهي تبتلع ريقها: صالح أبي أقول لك شيء


    لكن صالح قاطعها باستعجال: أدري إنش تبين تدرين وش موديني أمريكا

    عندي شغل ضروري والله العظيم

    الحين ينادون صعود الطائرة بأكلمش إذا وصلت


    نجلاء همست برجاء موجوع: بس صالح


    صالح قاطعها بتصميم: يالله في أمان الله خلي بالش من نفسش ومن العيال



    ثم أنهى الاتصال وهو يتجه لبوابة الصعود للطائرة باستعجال فلهفة عميقة وحزن أعمق يخترمان روحه

    يشعر بتخوف عميق لما سيواجهه هناك ليس التخوف بمعناه المادي ولكن بمعناه المعنوي الجارح الحاد

    كل هذه السنوات ماذا أخذت من شقيقه وماذا أبقت منه

    ماذا بقي من عبدالله الذي يعرفه

    وهذه المصيبة التي مر بها عبدالله أخيرا والتي عرف بها صالح اليوم كفيلة بتحطيم كيان أي إنسان فماذا بقي من عبدالله ماذا بقي منه



    على الطرف الآخر

    ألقت هاتفها جوارها بقهر ثم أنكبت جواره تسيل دموعها المقهورة بصمت


    "أ كان عسيرا عليه أن ينتظر لدقيقة واحدة يستمع لما أقول

    بالكاد استجمعت شجاعتي والموقف أعطاني دفعة معنوية للتشجع

    فكيف سأجد هذه الشجاعة مرة أخرى

    كيف سأجدها"






    ************************************






    رد مع اقتباس  

  6. #86  
    المشاركات
    3,260

    " خالتي من جدش

    وإلا تمسخرين علي"



    عفراء تمسح على شعر مزون بحنو: ليه السوالف ذي فيها مزح


    مزون بخجل عميق: مهوب المقصد

    بس عمري ماحد خطبني ويوم انخطب يكون اثنين مرة وحدة وعيال عم بعد

    السالفة محرجة وغريبة


    عفراء بحنان: ما يهمش شيء من غرابة السالفة وإحراجها المهم أنتي تفكرين زين وتختارين واحد منهم


    مزون بذات الخجل: بس خالتي.


    قاطعتها عفراء بابتسامة: لا تبسبسين أنا بجيب لش مواصفات الثنين كاملة

    من كساب ومنصور

    وانتي عقب اختاري


    استمر الحوار بين الاثنتين لفترة وعفراء اتصلت بالفعل بكساب ومنصور وسألتهما عن الشابين أمامها وهي تسمع

    وكانت تقصد أن تفعل ذلك أمامها حتى تسمع بنفسها وساطة كلا منهما


    بينما مزون كانت مشوشة ويغتالها شعور عميق بالغرابة والحرج والتردد

    شعور عميق جدا بالتردد!!

    تحاورت طويلا مع خالتها ولكن الحوار زاد ترددها وتشوشها بدلا من أن يدفعها لاتخاذ قرار أو في اتجاهه




    بعد حوالي ساعتين

    هاتف عفرا يرن كان منصور يستعجلها للخروج فهو ينتظرها في السيارة



    في السيارة عفراء تهمس له برقة: واشفيك تأخرت علي


    منصور يشد على يدها ويهتف بعمق: اشتقتي لي


    عفراء بخجل: مشكلتك واثق من نفسك زيادة اللزوم


    منصور بثقة: إذا صار للثقة أساس ماعلينا شر

    وإلا الثقة مالها أساس


    عفرا تغير الموضوع: لا جد قلت لي بتجي الساعة 9 والساعة الحين صارت 11 تروعت عليك ليس إلا


    منصور بغموض: انشغلت شوي بسالفة


    حينها وصلا لبيتهما وكانت عفرا على وشك النزول لولا اليد القوية التي منعتها ومنصور يمسك بعضدها ليوقفها

    عفراء نظرت له مستفسرة برقة:

    فيه شيء يابو زايد


    منصور ينقله كفه لكفها ويتناوله ليطبع في باطنه قبلة عميقة عفراء تلفتت بحرج:

    منصور الله يهداك حن في الحوش


    منصور يبتسم: حوش بيتنا ومافيه حد غيرنا

    ثم أردف بثقة: أبي أطلب منش طلب ممكن


    عفراء برقة: آمرني مهوب تطلب بس


    منصور بذات الثقة الحازمة: مثل منتي عارفة عرس كسّاب عقب أقل من أسبوعين

    وأنا داري إنش تبين تسافرين لبنتش عقبه

    لكن أنا عقبه عندي شغلة بسيطة ممكن نأجل السفر بس 3 أسابيع عقب العرس


    حينها انتفضت عفراء بجزع وشعر هو بارتعاش كفها الساكن في كفه:

    تكفى يأبو زايد دخيلك مافيني صبر قلبي ذايب على بنيتي

    لو علي ودي أروح اليوم قبل بكرة


    منصور بغموض: زين أسبوعين بس عقب العرس


    عفرا برجاء عميق: خلاص منصور بأخلي علي يوديني واوعدك أرجع بسرعة بس أشوفها


    منصور في داخله (وأنا وش خايف منه إلا ذا الشوفة)

    ثم هتف بحزم:

    عفرا ياقلبي ما طلبت منش شي بس أسبوعين عقب عرس كساب

    وأنا اللي بأوديش أبي أتعرف على جميلة بنفسي

    يهون عليش تخليني أترجى فيش كذا

    وبعدين أنا ما أستحمل تسافرين وتخليني يهون عليش منصور يعني؟!!


    عفراء بضيق وخيبة أمل: خلاص منصور مهوب مشكلة اللي صبرني ذا الأيام كلها يصبرني كم يوم بعد

    ماأقدر أردك


    اتسعت ابتسامة منصور بانتصار: الله لا يخليني منش قولي آمين






    *************************************






    مضى من الليل أكثره

    قلبان رقيقان ساهران

    أحدهما يفتقد شريك حياته

    والآخر يفكر في اختيار شريك حياة

    .

    .

    .


    تنظر للمكان حولها بحنين

    قد يكون طوال الأيام الماضية يعمره البرود والسكون

    ولكنه على الأقل كان هو موجودا يغمر المكان حوله بحضوره

    ويأخذها الحنين لأيام أقدم من ذلك

    قبل عام من الآن

    وصالح يحتويها بدفء مشاعره اللا محدود


    تشعر بضيق عميق يكتم على روحها من نفسها من هذا العمل التعيس المفاجئ الذي أبعد صالح عنها


    تقف تفتح الخزانات تريد شيئا تلتهي به كعادتها عندما تشعر بالضيق

    تعيد ترتيب بعض الأشياء

    تعثر لها على شيء تنظر لشريط الأقراص الطويل الذي مازال في نفس مكانه الذي تركته به قبل عشرة أشهر

    تتناول كل الأشرطة الموجودة وتلقي بها في سلة القمامة.

    .

    .

    .

    في مكان آخر قلب شاب غض ساهر

    تدور في غرفتها ولا تفتأ تنظر بشجن وابتسامة لانعكاس صورتها في المرآة


    لا تنكر شعورها بالنشوة العارمة

    بعد إحساس نقص لازمها لسنوات

    وإحساسها الدائم أنها لن تكون يوما زوجة ولا أما

    فإذا بها تتفاجئ أن تكون مطلبا لشابين لا يُرفضان

    كلاهما يتميز بمواصفات فريدة

    ولكن خلف إحساس السعادة البريئة هذه

    كان يكمن إحساس آخر أعمق وأخطر


    " يا الله ألهمني الصواب

    يا الله ألهمني الصواب

    وش ذا اللي يصير لي يارب

    معقولة؟!!

    معقولة كذا "






    ***********************************






    كانت غارقة في نومها حين أفزعها رنين الهاتف

    ألتقطته بفزع وهي ترد دون ترى المتصل: ألو


    وصلها صوته ساخرا كالعادة: ليش متروعة كذا لذا الدرجة أنا أخوف


    حين تعرفت على المتصل تنهدت بعمق وهي تدعو الله أن يلهمها الصبر اعتدلت جالسة وهمست بصوت ساحر علقت في أطرافه رقة النعاس:

    وهذا وقت حد يتصل فيه إلا لو كان وراه مصيبة


    رغما عنه شعر بقشعريرة باردة تجتاح خلاياه وصوتها الخلاب الغريب يثير فيه مشاعر يعجز عن تفسيرها

    ومع ذلك وذاك أجاب ببروده المعتاد: شكرا يا مدام على ذوقش

    يعني رجّالش ماوراه المصايب


    كاسرة أجابت بتهكم بارد: لا محشوم رجالي

    بالعادة لو وحدة يتصل لها زوجها ذا الحزة يكون يبي يقول لها كلام حلو

    يا ترى وش الكلام الحلو اللي أنت متصل تقوله لي

    يطيح السقف علي ويكسر عظام صدري مثلا


    حينها ابتسم كساب وهتف بخبث: وقلبش أسود بعد وما تنسين!!


    كاسرة ببرود: كساب لو سمحت وش تبي


    كساب بنبرة مقصودة: اليوم الصبح ما قدرت أقرأ كل الجريدة

    والحين تو كملتها


    كاسرة شعرت بغيظ لم يظهر في صوتها الواثق: ويا ترى تبي تسولف لي عن أخبار الجريدة


    كساب بذات النبرة المقصودة: لا هو خبر واحد بس عن ورشة عمل لرؤساء الأقسام في الهيئات الحكومية في معهد التنمية الإدارية


    حينها كاسرة بذكائها عرفت سبب الاتصال ولكنها تركته يكمل حديثه بذات نبرته المقصودة: وأنا أقرأ الأسماء تخيلي من اللي لقيت اسمها

    حرمنا المصون

    والمشكلة إنها خذت الورشة هذي عقب ماصارت مرتي وبدون ما تستأذني

    تخيلي!!


    كاسرة شدت لها نفسا عميقا ثم همست بحزم: والله يا زوجي المبجل أعتقد أني اشترطت عليك شغلي وأنت وافقت

    وهذي كانت ورشة ضرورية وكانت يوم واحد بس


    كساب ببرود حازم: والله أعتقد أني وافقت على شغلش مهوب على دورات مختلطة مع رياجيل


    كاسرة همست بحزم: والله أنا ماخذت دورة مفتوحة أنا خذت ورشة لرؤساء الأقسام بس وما كنت فيها بروحي

    كان معي حريم ثانين وأحنا قاعدين في صوب والرياجيل في صوب

    ثم أردفت بتهكم: يعني ما كنت قاعدة جنب واحد وماسكة في يده


    حينها انفجر كساب بغضب (أتجرؤ أن تقول له هو هذا؟ أتجرؤ؟) :

    هذا اللي ناقص يا بنت الأصول هذا مزح تمزحينه مع رجالش ياللي ما تستحين!!


    كاسرة ببرود: من طق الباب سمع الجواب.


    كساب يهتف بحزم بالغ: زين يأم الباب والجواب والله ثم والله لو أدري أنش رايحة ورشة مثل هذي مرة ثانية يايصير شيء ما يرضيش


    كاسرة تكاد تنفجر غضبا منه ومن تحكمه وهي مازالت في بيت أهلها

    كادت تقول له (والله اللي يشوف ذا الغيرة والحمية اللي عندك مايقول إن أختك دراستها كلها مع الرياجيل)

    ولكنها شعرت أنه مهما بالغ كساب في مضايقتها فلا يمكن أن تستخدم أخته سلاحا ضده

    شعرت أن في هذا خسة لا تتناسب مع رؤيتها الشريفة للحرب حتى

    لذا همست له بحزم شديد: ترا منت بأحرص علي من هلي وهلي طول عمرهم واثقين فيني ويعرفون إني ما أروح في طريق خمَل (خمل =شبهة)

    وأتوقع منك أقل شيء يكون عندك ثقة فيني


    كساب ببرود: ومن جاب طاري الثقة؟!.

    الموضوع كله أني ما أرضى مرتي تكون في مكان مختلط بذا الطريقة

    ماعليه رضيت بشغلش وهذا واجد عليش.

    لكن أي شيء ثاني مستحيل


    حينها همست كاسرة بنبرة مقصودة: غيرة هذي؟!


    لم يسمح لها أن تحشره في الزاوية وهو يرد بذات نبرتها المقصودة: إن كان هذا واحد من أحلامش الوردية اللي أدري أني ما أفارقها

    فما راح أكسر بخاطرش

    اعتبريها غيرة إذا هالشيء بيرضي غرورش


    لم تسمح له أيضا أن بشعرها بالحرج وهي ترد بخبث مغلف بغرورها: حلوة لعبة قلب الأدوار هذي

    أنا اللي أحلم فيك؟!!

    أو أنت اللي أنا متأكدة إنك كل ليلة مشغول تفكر فيني من عقب ما شفتني

    لدرجة إنك منت قادر تنام مثل ذا الليلةومولع من الغيرة عليّ

    لكن أنا نايمة ومكبرة مخدتي بعد وما أحلم ولا حلمت


    حينها هتف لها كساب بخبث شاسع: وأنا أعترف كل الليلة أحلم فيش وبالي مشغول فيش

    تبين أحكي لش وش يصير في أحلامي وأفكاري بالتفصيل


    حينها اشتعل وجه كاسرة احمرارا من تلميحه وفي داخلها كانت تسب نفسها وتسب كساب وتسب الورشة التي كانت سببا لاتصاله الليلة

    ثم دفعت في عروقها أكبر قدر من الحزم وقاطعته قائلة: الوقت تأخر كساب تصبح على خير


    ثم أنهت الاتصال وهي تشعر بضيق عميق انها سمحت له أن ينتصر عليها هذه المرة

    فهي مهما يكن يستحيل أن تجاريه في وقاحته هذه

    ولكن إن كان انتصر في جولة فليس معنى ذلك انتصاره في الحرب!!

    أبـــــــــدا!!



    على طرف المعركة الآخر كان كساب يسترخي على سريره وهي يمرر هاتفه على شفتيه بابتسامتهما المتلاعبة:

    زين يا كاسرة ياحليلش طلعتي تستحين

    طلع فيش شيء طبيعي يشبه طبايع البنات!!







    *********************************





    " أنت أشفيك من الصبح تطالعني كنك أول مرة تشوفني؟"


    خليفة انتفض من صوتها المغتاظ المدلل على الدوام وهو يهتف بحرج أخفاه خلف هدوء ابتسامته: أطالعج عادي تبين أصد صديت


    جميلة بجمود: عادي يا ابن الحلال طالع وتمسخر بعد ما تفرق عندي


    جميلة أعادت خلف أذنها خصلات شعرها الخفيف الذي قمن الممرضات مؤخرا بقصه قصيرا جدا حتى ينمو بشكل أفضل مع تحسن صحتها

    ثم أخذت تنظر أمامها دون تحديد. وسرحت

    بينما عاد خليفة لمراقبتها ليس اليوم فقط بل كل يوم ليس لديه شيء يفعله سوى مراقبتها ومراقبة التغييرات السريعة التي بدأت تطرأ على شكلها

    لم يكن يتخيل أن بضعة كيلوجرامات قليلة قد تبدأ بتغيير شكل هذه المخلوقة اليابسة

    بدا يتضح خلف تقاطيع وجهها الهزيل ملامح حسن شفاف بات يتخيل كيف كان شكلها قبل أن تفقد وزنها

    بات يتخيل هذه الملامح على وجه وجسد مرتويين

    في أحيان كثيرة يحتقر تفكيره

    ولكنه يعود ليفكر أنه لا شيء عنده يفكر به سواها وما يرتبط بها

    بات ينظر لها كبذرة يابسة يعلم أنها تخفي خلف جفافها وضمورها حياة متدفقة بالحسن والامتلاء والنضارة.

    يتشوق بالفعل لوصول هذه البذرة لمرحلة نضجها النهائي

    يعلم أن توقعاته قد لا تكون صحيحة وأن تصوره لحسنها المختبئ ليس سوى خيالات رجل يشعر بالملل ويريد أن يصنع بخياله شيئا خارقا للعادة

    ولكن حتى وإن كان فيكفيه الآن التسلية التي يشعر بها وهو يراقبها ويساعدها على الخروج من غلاف البذرة القاسي للحياة والشمس والاندفاع!!










    **************************************






    صباح الدوحة

    مازالت لم تنم مطلقا

    تعلم أن رحلته تستغرق حوالي 14 ساعة متواصلة

    كان بإمكانها أن تنام وتصحو

    ولكنها لم تستطع لم تستطع

    بالها مشغول عليه وقلقها وصل مداه تريد الاطمئنان عليه

    بعثت له عشرات الرسائل أن يطمئنها فور فتحه لهاتفه وهي لا تعلم حتى إن كان سيفتح هاتفه أو سيأخذ شريحة أمريكية من المطار

    المهم أن يتصل بها وهاهي في الانتظار



    ذات الوقت

    ليل واشنطن.

    طائرة صالح تنزل في مطار واشنطن دالاس القريب من واشنطن دي سي

    قضى رحلة مرهقة مليئة بالأفكار والهموم

    لا يعرف حتى كيف سيقابل شقيقه وبأي طريقة سيخفف عنه مصيبته الهائلة التي مازال صالح عاجزا عن تصديقها حتى

    ويعتقد أنهم ربما بالغوا في تصوير ماحدث لأن صالحا عاجز أن يتصور حدوث شيء متوحش كهذا

    وها هو الآن محصور بين مشكلتين عويصتين

    وضع عبدالله هنا ثم وضعه حينما يعود به للدوحة

    فهو يعلم أن والده وحده سيكون مصيبة حين يعلم أن عبدالله خدعه وأن انتحاره لم يكن سوى تمثيلية سخر بها منهم جميعا

    ولكن الظرف المرير الذي يعانيه عبدالله الآن يحتاج أن تلتف عائلته كلها حوله

    فكيف سيقنع والده بتقبل عبدالله بعد كل هذا

    صالح يعلم أن لابد لعبدالله مبررا قويا جعله يقنعهم بموته فعبدالله يستحيل أن يفعل كل هذا إلا لسبب قاهر

    ولكن ماهو السبب ماهو السبب


    وهو غارق في أفكاره لمح اللافتة التي تحمل اسمه كان مندوب السفارة الذي ساعده على انجاز إجراءاته ثم استخراج شريحة اتصالات أمريكية

    سارع فيها للاتصال بأهله وهو يطمئن الجميع عن وصوله باستعجال

    لم يسمح لأي أحد منهم بالاسترسال معه في الحديث ولا حتى نجلا ورجاءاتها

    فتفكيره مشغول بعبدالله وعبدالله فقط


    حينما أصبح في السيارة سأله المندوب: وين تبي تروح


    فأجابه صالح بتصميم: للمستشفى طبعا أبي أشوف عبدالله





    #أنفاس_قطر#

    .

    .

    .

    وكأضاءة مادام الموضوع حضر نفعنا الله وإياكم وجعلنا ممن تحفهم الملائكة

    اعلم أن البعض قد يعترض مثلا على أن أبو صالح تلقى العزاء في ولده مادام يظنه انتحر أو لماذا كان يطلب من والدته أن تدعو له

    وأنا هنا أقول أني بحثت كثيرا وسألت بنفسي عدة مشايخ

    لأنه الشائع عند العامة فعلا أن المنتحر كافر ولكن المنتحر هو مرتكب كبيرة

    وهنا جزء من نص فتوى حول هذه القضية عن فتاة انتحرت:

    " وقال الحسن والنخعي وقتادة ومالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء : يصلى عليه ، وأجابوا عن هذا الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه بنفسه زجرا للناس عن مثل فعله ، وصلت عليه الصحابة " انتهى .

    " شرح مسلم " ( 7 / 47 ) .

    أي ثبت أن الصحابة صلوا على المنتحر في وجود الرسول صلوات الله وسلامة عليه

    ورسول الله لم ينهاهم عن الصلاة عليه

    ولكنه صلوات الله وسلامه عليه لم يصل معهم زجرا للناس أن يفعلوا كفعله


    ولا يعني هذا – إن ثبت انتحارها – أن تتركوا الدعاء لها بالرحمة والمغفرة ، بل هو متحتم عليكم لحاجتها له، والانتحار ليس كفراً مخرجاً من الملة كما يظن بعض الناس ، بل هو من كبائر الذنوب التي تكون في مشيئة الله يوم القيامة إن شاء غفرها وإن شاء عذَّب بها ، فلا تتهاونوا بالدعاء لها ، وأخلصوا فيه ، فلعله يكون سببا لمغفرة الله لها .

    والله أعلم"


    وعلى العموم طبعا وما يهمنا في القصة أن عبدالله لم ينتحر لكن أنا أردت أن يكون السبب قوي لغضب والده عليه

    وأن تتوقعوا أي سبب هو هذا الذي قد يدفع عبدالله نفسه أن يكون أهون عليه أن يظن والده أنه مات منتحرا رغم بشاعة الأمر ولا يعرف الحقيقة!!!!

    أما على سالفة الأربع سنوات وليش بالذات خليته 4 سنوات

    هي بالتحديد موب اربع سنوات إنما أقل من كذا

    والمهم في السنين هذي عندي موب عدة سنوات المفقود مثل ماظنوا الغوالي

    إنما المقصود في ذلك هو عمر حسن الصغير *ــ^

    وللحديث بقية!!

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    اللهم أني استغفرك وأتوب إليك من كل ذنب وجهل

    .

    .






    رد مع اقتباس  

  7. #87  
    المشاركات
    3,260
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    صباحكم خير ياهل الخير كله وملفاه


    تدرون أني مواصلة ما نمت مع أني والله ما أحب هذي الطريقة أبد ولا أشجعها


    بس كنت أبي الجزء ينزل بأحسن صورة


    وأنا بصراحة من النوع اللي يحاتي جدا اللي بينزله أحترم جدا عقول الناس اللي تقرأ


    كل ما أشوف الردود صديقاتي الدائمات اللي ما يخذلوني وتزايد عدد المشتركات عشان الرواية


    أقول هالقلوب تستحق الأفضل والافضل من الأفضل بعد


    أول شيء أنا عوضتكم وزود مثل ما وعدتكم يعني بارت اليوم طوله عن خمس بارتات يعني عوضتكم عن الأسبوعين اللي فاتت


    لكن رجائي الحار أنكم تقرونه على مهلكم على أقل من مهلكم


    لأني تعبت فيه فوق ما تتخيلون


    .


    نجي لشوية فتاوي على السريع ودي أحط نص الفتوى بس ما أبي أطول


    إذا بغيتوا حطيتها لكم المرة الجاية


    أولا: طلاق الحامل يقع بل هو طلاق شرعي وسني تام وسليم


    ثانيا: طلاق عبدالله لجوزا طلاق بائن بينونة صغرى يعني على فرض امهاب طلقها حتى لو مادخل بها


    عبدالله يقدر يرجعها بمهر جديد وعقد جديد حتى لو كانت ما تزوجت امهاب اساسا يقدر عبدالله يرجعها هذا لو كان بيرجعها!!


    ثالثا: أب الزوج محرم حتى لو كان الابن طلقها وهو مادخل بها فالأب يظل محرم لها


    .


    أخر شيء على قد ما تعبت في هذا البارت وعلى قد ماهو طويل


    على الظروف اللي الله وحده يعلم بها


    أبي لي على الأقل يومين أرتاح وعقبه أرجع أكتب


    على كذا موعدنا إن شاء الله الأسبوع الجاي يوم الثلاثاء لأني فعلا منتهية من التعب أرجوكم سامحونيوالسموحة من الوجيه السمحة


    هالبارت استنزفني فوق ما تتخيلون


    وأنا بعد أبيكم تقرونه كم مرة لأنه كأنه رواية داخل الرواية.


    يعني تسلوا فيه لين أرجع لكم بالبارت الجديد


    ومثل ما وعدتكم ما أغيب إلا وأعوضكم إن شاء الله باللي يرضيكم ويسمح خاطركم الغالي الله لا يخليني من قلوبكم الطاهرة


    وقبل أنسى: قلت قبل اللي تبي تطبع البارت لاستخدامها الشخصي وموب للنشر في المنتديات مرخوصة .


    إليكم البارت الثلاثون


    رقم مميز لبارت استثنائي انكتب بطريقة خاصة


    أتمنى أنها تعجبكم لانه انكتب خليط من الذكريات اللي كانت تشوف الحدث الواحد من رؤيتين مختلفة


    اليوم بيتضح لكم ليه أخرت الكشف عن عبدالله


    ليه كنت مخلية شخصية جوزاء فيها غموض والتباس


    بارت أتمنى تستمتعون فيه فعلا


    .


    قراءة ممتعة مقدما يا نبضات القلب


    .


    لا حول ولا قوة إلا بالله


    .


    .



    .

    بين الأمس واليوم/ الجزء الثلاثون





    مضت أكثر من نصف ساعة وهو يجلس على مقعد أمام غرفة عبدالله

    المندوب احترم رغبة صالح في البقاء وحيدا وتركه على أن يعود له فيما بعد

    وصالح بقدر لهفته لرؤية شقيقه بقدر توجسه الجارح من رؤيته

    فما سمعه عن حالته كان مؤلما مؤلما لأقصى حد

    يريد له وقتا للاستعداد للمواجهة!!


    مازال جالسا رأسه مدفون بين كفيه

    غارق في الهم والتفكير والذكريات!!

    .

    .

    .

    قبل حوالي 5 سنوات و ثلاثة أشهر




    " أنت ياعبدالله أنت

    هذي آخرتها ماهقيتها منك

    لو فهيدان أقبلها منه بس أنت يالعاقل تسويها!! وقد لك ثلاث شهور بعد حتى أنا داس علي"


    عبدالله يتنهد بعمق في مقابل ثورة صالح المتزايدة ويهتف بعمق وهو يشد صالحا ليجلسه جواره:

    اقعد يابو خالد الله يهداك اقعد جعلني فداك خلني أشرح لك

    أنا أبيك تصير لي عوين مهوب فرعون


    صالح يلطم يد عبدالله بحدة ويقف وهو مستمر في غضبه: وأنت خليت فيها عقل وإلا تفاهم

    يوم لك خاطر في العرس وإلا تبي لك مرة تحصنك في الغربة

    كان قلت لنا وزوجناك شيخة النسوان تروح معك

    مهوب تأخذ كافرة مالها أصل ولا دين


    عبدالله بضيق عميق: أنا داري إني غلطان إني تزوجت بذا الطريقة

    وأدري إني ضعفت قدامها

    بس صدقني أنا مقتنع فيها

    راكيل فيها بذرة خير ما تتخيل أشلون وخاطرها تسلم.


    صالح مستمر في غضبه: كنك يعني ما تسمع البلاوي اللي تسير مع المساكين اللي خبالهم حدهم على أجنبيات مثلك.

    وبعدين ابيك مستحيل يوافق مستحيل وأنت أكثر واحد عارف ابيك

    حرام عليك ياعبدالله. أنت عارف غلاك عند ابي تسوي فيه كذا


    عبدالله بضيقه المتزايد: تكفى صالح أبيك تساعدني عليه. أنا بعد ست شهور تقريبا راجع

    وأبي أرجع فيها معي


    صالح غاضب فعلا ولكن ما باليد حيلة فالمرأة أصبحت زوجته لذا سأل عبدالله بذات نبرة الغضب: عبدالله صارحني. مرتك ذي أنت مقتنع فيها

    وعندك إنها تقدر تعيش في مجتمعنا وتتبع عوايدنا


    حينها أشرق وجه عبدالله بشبح ابتسامة: مقتنع فيها وواثق منها. راكيل تموت في طبايع العرب وأمنية حياتها تعيش في مجتمع عربي


    صالح حينها هتف بعزم: تدري لا تقول لأبي شيء والمرة الجاية إذا جيت جيبها معك ونحطه أمام الأمر الواقع

    وقتها مايقدر يطردها عقب ماجبتها

    ثم أردف بنبرة ذات مغزى: ولو أني باقعد أدعي في كل صلاة إن ربي يفكك من شرها


    عبدالله بابتسامة: راكيل شر!! راكيل ملاك نازل من السما !!







    ***********************************






    رد مع اقتباس  

  8. #88  
    المشاركات
    3,260
    قبل حوالي 4 سنوات وثمانية أشهر





    يجلسان في زوية المجلس الكبير بعد انتهاء عشاء عبدالله وعودته بشهادة الماجستير

    صالح يهمس في أذن عبدالله باهتمام: أنا قاعد على أعصابي من يوم دريت إنك بتجي

    خايف من صدمة هلي بمرتك

    ويوم شفتك جاي بروحك يأنا أنبسطت بس قلت عقبها ليتك جبتها معك

    دامك فيها وش أنت تتنيها

    ليه ما جبتها معك وخلصتنا من ذا السالفة الغثيثة. وخصوصا إن ابيك وأمك يخططون يزوجونك وملزمين بعد


    حينها عبدالله همس بغموض: أنا وراكيل انفصلنا خلاص


    صالح بصدمة مغلفة بفرحته العارمة: صدق الله يبشرك بالخير


    ثم أردف باستغراب: بس غريبة لين آخر مرة كلمتك وأنت تمدح فيها مدح العباير


    عبدالله بتهكم موجوع بل بما يتجاوز كل معاني التهكم لألم صاف مجروح:

    ممثلة درجة أولى خلاص ياصالح تكفى ماعاد تجيب سيرتها عندي

    المرة ذي لطخة سودا في حياتي وأبي أمسحها من حياتي وذاكرتي

    الله يقدرني بس


    صالح بحذر: ليه ما تقدر تحبها لذا الدرجة


    عبدالله ببغض شديد: أحبها أنا عمري ماكرهت حد في حياتي كثر ماكرهت ذا المخلوقة

    لكن اللي هي سوته فيني شيء صعب أنساه وياخوفي يظل مرافقني في حياتي


    صالح بحذر اكبر: ليه هي وش سوت


    عبدالله يريد اغلاق الموضوع تماما: تكفى صالح انسى السالفة خلاص


    حينها لمعت عينا صالح: تبي أنسى وتنسى خلنا نزوجك شيخة من بنات العرب الأجواد تطيب كبدك من الحرشاء الغبراء


    عبدالله بجزع: لا تكفى وش عرسه ماني بمستعد أرتبط بوحدة وأنا مجروح بذا الطريقة من علاقتي بمرتي الأولية


    حينها غمز صالح بعينه: ما يفل الحديد الا الحديد وانا اخيك





    *********************************







    بعد ذلك بأربع أشهر





    "ريقي نشف معك

    من متى وأنت تعصاني كذا"


    انتفض بجزع: أعصاك؟! جعله يومي كني عصيتك

    آمر على رقبتي يأبو صالح

    بس أنا رجّال تبي تغصبني على العرس


    أبو صالح بحزم: ماحد يغصب على العرس يأبيك

    غير أنا أبغيك تعقل وتعرف صلاحك

    وش عاد مقعدك دون عرس وضعك وشغلك كلها زينة

    وسنانينك قد عندهم عيال

    ثم أردف برجاء شفاف أخفاه خلف حزم صوته العميق: يأبيك خاطري أشوف عيالك

    مهوب كفاية صالح أبطى لين جاله صيب

    ريح بالي يأبيك

    لو علي كان مزوجك من زمان مهوب كفاية روحتك للدراسة ذي

    أول شيء اقنعتني أخلي عالية تروح مع خالها وعقبها أنت تروح على طول

    كنك مرتبها

    لأنك داري إني مستحيل أرخص لعالية وأنت بعد رايح

    وتراني بلعتها بمزاجي وما بغيت أخرب عليك ولا على أختك

    حقي عليك الحين تريح بالي وتستقر مثل باقي رياجيل خلق الله

    وأنا ما أحدك إلا على خير يأبيك بنت عربن أجواد ترادك الصوت وتجيب لك الولد


    عبدالله يشعر بصداع فعلي من هذا الموال اليومي الضاغط تعب بالفعل كيف يتزوج وهو مازال لم يحل مشاكله العالقة مع زوجته الأمريكية

    التي ترفض توقيع أوراق الطلاق وإن كان عبدالله قد قال لها على طريقة المسلمين (أنتي طالق) وهو ينويها فعلا

    لكنها في الأوراق الرسمية هناك مازالت زوجته

    وخصوصا أنها تطارده بالاتصالات بشكل لحوح وبات يخشى أن تصاب بحالة جنون ويراها أمامه هنا في قطر

    وهي تهدد بشكل صريح أنها لن تتركه أبدا


    ومع كل ذلك يكره أن يجعل والده يترجاه كل يوم بهذه الطريقة يؤلمه قلبه من رجاءاته وهو الذي اعتاد أن والده لا يكرر الأمر له مرتين لأنه ينفذ من المرة الأولى

    لذا هتف بحزم: خلاص يبه تم قوم نخطب اللي تبون






    *******************************






    الــيــوم






    "من أنت"


    صالح يرفع رأسه استجابة ليد صاحب السؤال تربت على كتفه وتعيده من دوامة أفكاره


    صالح ينظر للطبيب أمامه ويجيب بهدوء: أنا شقيق عبدالله


    الطبيب بمهنية: جيد أنك حضرت.عبدالله بالفعل محتاج لأسرته


    صالح يشعر بألم عميق: وأنا أريد أن أعود به معي لبلدنا وأهلنا

    ثم أردف بألم أعمق أعمق: كيف حاله الآن يادكتور


    الطبيب بهدوء مهني: نحقنه بالمهدئات على الدوام

    أنا شخصيا لو كنت مررت بما مر به كنت فقدت عقلي تماما

    ولكن هو محتفظ بشكل كامل بعقله وذكرياته لذا ألمه لا حدود له

    فالتجربة التي مر بها قاسية جدا

    في البداية عانى انهيارا عصبيا حادا ثم بعد ذلك تحول الانهيار لثورة حادة


    صالح وقف وهو يقول بتردد: أقدر أشوفه


    الطبيب بهدوءه المهني: بالتأكيد تستطيع

    هو الآن مخدر لكن مفعول المخدر سيزول بعد ساعتين أو ثلاث

    وأنا أفضل ألا نحقنه مرة أخرى فهو لابد أن يواجه الواقع

    فلو كنت تستطيع تهدئته إذا صحا ستكون ذا منفعة هائلة لنا

    فهو ما أن يصحو حتى يبدأ بالثورة والصراخ ولا نستطيع السيطرة عليه إلا بمساعدة اثنين من رجال الأمن حتى نعود لحقنه


    صالح بثقة: إن شاء الله أقدر



    صالح توجه لباب الغرفة وهو يفتحه بتردد خطوات مترددة نقلته حتى السرير الأبيض

    شعر أنه سينهار. لذا جذب مقعدا وجلس قبل أن ينظر لوجه عبدالله

    تنهد بعمق فتح عينيه وأغلقهما سمى بسم الله ثم رفع عينيه لمحيا عبدالله

    ألم عميق اجتاح روحه ألم لا حدود له

    كان أول ما صافح عينيه شعيرات بيضاء غزت سواد عارضي عبدالله

    يبدو كما لو كان كبر كثيرا في العمر

    سابقا كان من يرى عبدالله مع فهد يظن ان فهدا هو الأكبر في السن رغم أن عبدالله أكبر من فهد بأربع سنوات

    ولكن من يراه الآن سيشك أنه أكبر من صالح حتى!!

    صالح يمسح ملامح عبدالله وتفاصيل وجهه بحنين عميق

    من كان يظن أنه سيراه مرة أخرى وأنه سيعود من خلف غياهب الموت

    صالح نهض ليطبع على جبين عبدالله قبلة عميقة

    ودون أن يشعر خرت من عينه دمعة لم يشعر بها إلا حينما رأى التماعتها على خد عبدالله

    مسح خد عبدالله قبل أن يمسح عينيه

    ثم همس في أذن عبدالله بخفوت مختنق: الله يواجرك يأخيك أدري مصابك كبير بس تدري إن الله مع الصابرين


    عاد ليجلس جوار عبدالله وهو يضع يده على عضده ويدعو

    دعا الله كثيرا أن يفرج هم أخيه ويشرح صدره ويمنحه الصبر والسلوان من عنده


    ولشدة استغراقه في الدعاء لم يشعر بالخطوات الهادئة التي دخلت الغرفة

    حتى شعر بالظل الواقف جواره

    وقـــف

    كان شابا بدت ملامحه المرهقة الحزينة عربية

    فور وقوف صالح سلّم عليه الشاب ورحب به حرارة دافئة بقدر ماسمح له حزنه وإرهاقه

    ثم هتف له بصوته المبحوح:

    أنا فيصل صديق عبدالله وأكيد إنك صالح أخ عبدالله السفارة بلغوني بوصولك

    بس أنا توني واصل من بورتلاند رجعت هناك عشان عشان عشان


    اختنقت الكلمات في حنجرته حزنا. بصقه حشرجات موجعة: عشان أدفن خالد الصغير

    سامحني ياخوك أني تصرفت من نفسي

    بس أنا كنت أبي أدفنه أول ماخلصوا تشريح وتحقيقات ماكنت أبي عبدالله يشوفه

    أو يلزم إنه ياخذه يندفن في الدوحة مابغيت جروحه تقعد مفتوحة

    أدري إن عبدالله ماراح يسامحني على اللي سويته بس أنا سويته عشان مصلحته


    صالح شعر باختناق عميق وهو يتذكر ابنيه خالد وعبدالعزيز

    لو حدث لأحدهما ما حدث لابن عبدالله نفض رأسه جزعا مرعبا من الفكرة ومن مجرد تخيل ما رآه أخوه وهو يهتف باختناق:

    جزاك الله خير يافيصل ونعم ما سويت نعم ما سويت



    أردف صالح باختناق عظيم: قالوا لي أنك أنت اللي بلغت عن الحادث. وأنت اللي طلبت من السفارة تطلب حد من أهله


    فيصل بحزن عميق: اللي شفته شيء عمري ما تخيلت أنه ممكن يصير لبشر

    خالد كان ولدي أنا ربيته مع عبدالله

    كان عمره شهور أول ما عرفت عبدالله أول ماشفته ماهضمته قلت هذا مافيه دمنا أشقر وعيونه زرق بس سبحان الله اللي زرع حبه في قلبي

    كنت استحقر إن عبدالله يرضعه ويبدل له تعرف أفكارنا المتغلغلة فينا

    عقبها صرت أنا أبدل له وأرضعه إذا صار عبدالله مشغول


    شهق فيصل غصبا عنه: حسبي الله ونعم الوكيل

    أقول لك ولدي يمكن لو أنا جبت ولد ما يكون غلاه مثله


    ابتلع عبرته التي سدت حلقه ثم أكمل: بالعادة كان عبدالله يوديه للنيرسري وهو رايح شغله وأنا أجيبه

    كنت أقعد عندهم في بيتهم أكثر من قعدتي في السكنولولا أني أبي قرب الجامعة أو كان سكنت معهم

    هذاك اليوم رحت النيرسري قالوا لي ماجا استغربت

    لأن عبدالله حتى لو كان خالد مريض يوديه ويقول لهم انه مريض ويعطيهم أدويته شيسوي لازم يروح شغله

    اتصلت في عبدالله مارد علي

    رحت لبيته أنا معي مفتاح فتحت وليتني مافتحت ليتني ماشفت ذا الشوفة


    حينها لم يحتمل انهار جالسا وهو ينتحب بخفوت: حسبي الله ونعم الوكيل

    حسبي الله ونعم الوكيل جعلها تشوفه في نفسها وفي أهلها


    ذبحته قدامه ذبحته قدامه وعبدالله يشوف تخيل

    تخيل فيه إجرام كذا

    دخلت لقيت عبدالله مربوط ومكمم والولد الولد


    عجز عن الإكمال وصوت نحيبه يرتفع شيئا فشيئا صالح اختنق حلقه بالعبرات وغامت عيناه تماما ربت على كتف فيصل: خلاص لا تكمل لا تكمل


    ولكن فيصل أكمل حديثه بين موجات نحيبه الخافت: كانت سكرانة وجايبة معها اثنين بودي جاردز

    عبدالله من يوم هي دلت طريقه وهو متوتر منها طول السنين اللي فاتت وهو مرتاح منها ما أدري أشلون دلته

    أنا كنت موجود أول مرة جات. سألت خالد وش الأشياء اللي هو حافظها

    خالد بكل براءة سمّع لها السور القصار . عبدالله كان محفظه كل السور القصيرة

    ليتك شفتها صارت كنها ثور هايج وهي تهدد عبدالله إنها تأخذ الولد لانه خربه بأفكار دينه المتخلف

    لكنها بدل ما تأخذه خذت روحه. تخيل خنقته قدام عبدالله اللي ربطوه البودي جاردز في العمود وكمموه

    الولد كانت أرجيله ترجف وترجف لين همدت وقعدت عينه شاغرة

    يوم شافت الولد مات في يدها قطته قدامه وهربت

    تخيل طول الليل ولين ثاني يوم وهو مرمي قدام أبوه وعينه مفتوحة في عينه

    تخيل ذا المنظر تخيل

    زين إن عبدالله ما أستخف


    قاطع فيصل عبرات فيصل المسفوحة وهو يصرخ بغضب: الحيوانة اللي مالها ذمة ولا دين والله يادم ولدنا ما يروح هدر


    حينها تماسك فيصل من انهياره وهتف لصالح بهدوء منطقي بصوته المبحوح تماما:

    اسمعني ياصالح

    طليقة عبدالله أهلها ناس واصلين فوق ما تتخيل

    هي الحين اعترفت بجريمتها والمحاكمة بتتم على أساس إنها بين أطراف أمريكين

    لكن لو أنت يا للي جاي من برا ومسلم وعربي صعّدت السالفة بيقلبون السالفة ومهوب بعيد تطلع هي براءة

    ويطلع إن عبدالله كان يعذبها وهو اللي جاب لها عقدة نفسية خلتها تذبح ولدها

    ما تعرف أنت أشلون الامور هنا تصير والإعلام أشلون يضغط

    وهم لحد الحين ما دققوا في سالفة إن عبدالله عربي انتظر عليهم لين ينتبهون بينقلب الوضع 180 درجة والإعلام اللي ضدها الحين بيصير معها

    أنت اطلع بعبدالله من ذا الديرة في أسرع وقت عبدالله محتاجكم

    أنا ما أدري وش سبب القطيعة اللي كانت بينكم بس هذا لحمكم ودمكم








    ****************************







    رد مع اقتباس  

  9. #89  
    المشاركات
    3,260

    " ياكثر ما تسبحين!!

    كم مرة تسبحين في اليوم أنتي خمس مرات "



    جوزاء تنظر لناحية الصوت المرح حيث تتمدد شعاع على سرير جوزا بجوار حسن النائم

    تبتسم جوزا وهي تشد روبها على جسدها: وإذا سبحت خمس مرات شيء من حلالش

    وبعدين تراني ماسبحت إلا مرتين مرة الصبح والحين ياختي حر حر


    شعاع تعتدل جالسة وهي تنزع يدها برفق من تحت رأس حسن وتبتسم: يأختي خايفة عليش تسيحين

    وبعدين وش عليش أنتي طقيتي للحمام ونقعتي فيه وخلتيني أبتلش في ولدش

    أكل أبو مخي بحنته.


    جوزاء تقف أمام المرآة وتجفف شعرها بالمنشفة وتهمس وهي تبتسم: أنتي صاحبة اقتراح حرمانه من صور أبيه

    أول كان يقلب في الصور لين ينام بروحه الحين ما ينام إلا عقب محايل وحنة


    شعاع تضحك: بس حنه على مستوى ما يسكر حلقه


    شعاع تعقد حاجبيها: الله أكبر قولي ماشاء الله


    شعاع تبتسم: وش بأنظل ياحسرة حنت ولدش خليني أنظله يسكر حلقه شوي


    جوزاء تتجه للسرير وتميل على ولدها وهي تقبل كفيه وقدميه بحنان مصفى: الله يخليه لي ويحن على كيفه


    شعاع بعفوية: تدرين جوزا يوم رحت مع أمي لعالية عشان تودي هداياهم

    أنا وعالية رحنا لغرفتها فرجتني صورهم القديمة

    ياربي ما صدقت عبدالله وهو صغير نسخة من حسون شيء غير طبيعي


    جوزاء بشبح ابتسامة باهتة: وش قلنا مهوب قلنا بلاها سيرة عبدالله


    شعاع تنهدت وهي تمسح على شعر جوزا المبلول: تدرين جوزا

    أحيانا أقول لازم تنسين سيرة عبدالله

    وأحيان أقول دامش تحسسين من سيرته باقي في خاطرش شيء

    خلي عبدالله موضوع طبيعي حتى لو سمعتي سيرته المفروض ما يهز فيش إلا مشاعر الترحم عليه

    لأنه مهما كان عمر سيرته ماراح تنتهي هذا ابو ولدش وبيظل اسم ولدش دايم يذكرش فيه


    جوزا هزت رأسها بألم: الله يرحمه أنا بايحة منه على شين اللي هو سوا فيني الله يبيح منه ويغفر له


    شعاع بتردد: ما أدري جوزا ليه أحس دايم فيه حلقة مفقودة في حياتش مع عبدالله أنتي تعمدتي ما تقولينها لي

    يعني كون إن عبدالله كان يتجاهلش أو ما يكلمش ما يستدعي العقدة الكبيرة اللي عندش

    جوزا أنتي عقب حياتش القصيرة مع عبدالله تغيرتي كثير. حتى هذا الهوس بالنظافة ماطلع إلا عقب مارجعتي علينا من بيت أبو صالح


    جوزا تغتصب ابتسامة: يا شينش لا شغلتي مخش المصدي. خليه مطفى أحسن

    وش باخبي عليش يعني


    شعاع بنبرة مقصودة: أنتي أدرى.


    جوزاء تدفع شعاع برفق لتنهي هذا الحوار : يالله خلاص روحي خليني أنام. بكرة الصبح عندي بروفة فستاني


    شعاع تبتسم: ياي حتى أنا متشوقة أشوف البروفة البروفة اللي فاتت كانت خيال عليش

    ولو أني مثل العجايز كان ودي أقول لها توسعها شوي خايفة عليش من عيون المشفح. وأنتي بعد طالبة الفستان ضيق لين تحت

    فيه عروس ما تلبس شوي جيبون تحت ينفخ الفستان ويخبي شوي من تفاصيل جسمها


    جوزا بألم: خلاص لبست الجيبون تيك المرة هالمرة أبي أكون غير في كل شيء

    تدرين لولا إن امهاب من حقه يشوف عروسه في فستان عرس وإلا يمكن كان مالبست فستان

    تعقدت من الثوب الأبيض.


    شعاع تبتسم: وأنتي ماسويتيه أبيض سويتيه ذهبي


    جوزاء تتنهد تعبت من كل هذا الحديث الذي يلامس أطراف الروح ولا يجرؤ على اختراقها: خلاص يا الله روحي أبي أنام


    شعاع خرجت وأغلقت الباب خلفها بينما شعاع تمددت جوار حسن

    قبلت وجنتيه وجبينه وكفيه وهي تحصنه بالأذكار

    ثم سالت دموعها بصمت وهي تتذكر رغما عنها مهما حاولت التناسي

    ليلة زواجها القاتمة قبل حوالي أربع سنوات. وما تلاها من أيام سوداء







    *******************************






    قبل أربع سنوات وشهرين






    مضت ثلاث ساعات منذ دخولهما لجناحهما

    والصمت هو المسيطر بينهما

    هو حينما دخلا ألقى بغترته وببشته الأسود على طرف الأريكة ثم اعتصم بمقعده

    بينما هي تشعر أنها أصبحت عاجزة عن التنفس من جلستها الطويلة بالفستان والألم ينتشر على طول ظهرها

    ستموت تريد الدخول للحمام ولكنها تكاد تذوب خجلا وهذا الحائط الجالس أمامها لا يبذل أي جهد لمساعدتها

    توقعت أنه سيحاول أن يحادثها يهدئ روعها كما يتوقع من أي عريس ليلة عرسه

    توقعت أي شيء إلا هذا الصمت غير الطبيعي إطلاقا

    أ يعقل أنه يشعر بالحرج أو ربما الخجل مثلها؟!!


    كانت تسترق النظرات له بينما هو ينظر لا تعلم أين

    لا تنكر أنها شعرت بارتباك ما من وسامته الطاغية

    كان هذا الارتباك ليتحول لشعور دافئ شفاف لو أنه أشعرها باهتمام ما

    لكن تجاهله غير الطبيعي لها جعل إحساسا بالضآلة يتسرب إلى روحها




    "أ يعقل أنني لم أحرك فيه أي شيء

    ولا حتى مجرد الرغبة بالحديث كبشر

    حُكم عليهما ان يكونا وحيدين في مكان مغلق

    قد يكون وسيما جدا

    لكن أنا أيضا جميلة

    أ لستُ جميلة ؟! "


    " وما يدريني قد يكون لا يراني جميلة إطلاقا"


    عادت لاستراق النظر لبهائها المكتمل في تلك الليلة الاستثنائية في إحدى المرايا الكثيرة المنتشرة على امتداد الجناح


    "لستُ سيئة

    لستُ قبيحة

    أ لستُ كذلك؟! "


    شعور بالتوتر والحرج والمرارة يتصاعد في روحها بغزارة مهينة


    بعد مرور ساعة أخرى شعرت أنها ستبكي من حاجتها للذهاب للحمام

    شعرت أن كل أحاسيسها تتأخر أمام نداء الطبيعة الغير قابل للتأجيل

    وشعرت حينها بالفعل أنها ستبكي وهي تضطر أن تكون أول من تتكلم

    همست بصوت مبحوح مختنق من الخجل: لو سمحت


    بدا لها أنه لم يسمعها

    رفعت صوتها باختناق أكبر: لو سمحت


    حينها ألتفت إليها هتف بهدوء عميق: نعم


    جوزاء باختناق عظيم: أبي أروح للحمام لو سمحت


    حينها انتفض وهو يهتف بأدب يشبه أدب موظف مع زميلته في العمل:

    سامحيني المفروض سألتش من أول مادخلنا تبين شيء

    تفضلي الحمام من هنا

    تبين مساعدة


    جوزاء لاحظت بألم أنه يخاطبها دون أن ينظر إليها بشكل مباشر همست له بصوت بدأت العبرات تخنقه: لا شكرا ما أبي مساعدة


    توجهت للحمام وهي تكاد تنكفئ على وجهها من انعدام الرؤية أمامها لامتلاء عينيها بالدموع

    خلعت فستانها بعد معاناة واستحمت بدموعها قبل أن تستحم بالماء

    كانت تدعك وجهها بحدة وهي تزيل بقايا تزينها

    جرح أنوثتها بشدة تجاهله لها في الليلة الأهم في حياتها

    بكت مطولا في الحمام ولم يفتقدها مطلقا ولم يسأل عن سبب تأخرها في الحمام


    "ربما لو متت في الحمام

    لن يفتقدني!!"


    قررت ختاما أن تخرج فهي تريد أن تصلي

    كانت والدتها من رتبت أغراضها في الجناح تركت لها قميص نوم في الحمام

    كان قميصا ملكيا يليق فعلا بعروس ليلة زفافها

    ولكنها لم تشعر بأدنى رغبة لارتدائه

    ولكن لأنها لم تجد سواه ارتدته بعد أن جففت شعرها

    نظرت بتوتر لنفسها في المرأة

    إن كانت لم تلفت انتباهه وهي بكامل زينتها فكيف الآن بوجهها الخالي تماما من المساحيق

    تنهدت في داخلها بوجع: هي ليلة وكسة من أولها وش بيضر تاليها يعني!!


    حين خرجت وجدته يصلي قيامه

    تناولت سجادتها وصلت هي أيضا قيامها

    أنهت صلاتها وهو مازال يصلي بقيت جالسة على سجادتها تنتظر انتهاءه

    حينما أنهى صلاته عاد ليجلس على مقعده

    حينها همست له جوزاء باختناق: ماحنا بمصلين سوا ركعتين


    مهما بدت لها بداية حياتها معه ملتبسة وغير سعيدة فهي لا يمكن أن تنسى هذه السنة إن كان هو قد نساها أو تناساها

    تمنت بالفعل أن تكون الصلاة فاتحة خير في حياة لا توحي بالخير


    غام وجهه لدقيقة ثم هتف بهدوء دون أن ينظر ناحيتها: قومي نصلي


    صلت خلفه وكل منهما دعا لوحده بشيء خاص به

    دعت هي بعمق أن تكون هذه الليلة مجرد كابوس لليلة واحدة وألا تكون حياتها معه على هذا الموال

    ولكن لله حكمة فيما يفعل ويريد!!



    انهى صلاته وعاد لمكانه.

    بينما هي خلعت جلال الصلاة رتبت شكلها بارتباك وعادت لتجلس أمامه

    شعرت أن تجاهله لها ازداد كما لو كان يقصد فعلا إشعارها بهذا التجاهل

    بقيا على هذه الحال حتى صليا الفجر

    حينها قررت جوزاء ألا تنتظر أي بادرة منه

    بدا لها غاية في الألم أن تتجاهل خجلها وكل تخيلاتها البريئة لهذه الليلة وتبادر للتصرف كما يخطر ببالها

    فهذه الليلة لم تكن أكثر من مذبحة لثقتها بنفسها وأنوثتها وحتى فرحتها البريئة

    تركته معتصما بصمته وأريكته

    توجهت للسرير تمددت غطت جسدها كاملا حتى رأسها

    ثم انخرطت في بكاء صامت أغرقت بدموعه الغزيرة مخدتها










    ************************************







    بعد زواج عبدالله وجوزاء بشهر





    " حاولتُ جاهدة تجاوز مرارة ليلة زفافي رغم أن طعم مراراتها بقي كالعلقم في حلقي

    أن تكوني محملة بعشرات الأمنيات الوردية لحياتك الزوجية

    ثم تجدين كل هذه الأماني تُنسف بلا رحمة بلا سبب بلا تفسير

    تمنيت فقط أن أفهم لماذا يعاملني بهذه الطريقة!!


    خلال الشهر الماضي كنت أتجاوز خيباتي المتكررة وأحاول من جديد

    كنت كل يوم أبالغ في التأنق والتجمل والتعطر وأحاول أن افتح معه أي حوار

    ولكني لا أجابه سوى بردود مبتورة وهو يتجاهل حتى النظر إلى

    أنا متيقنة أنه يعاني من ضعف جنسي

    ولكن هذا الأمر لا يهمني أعلم أنني لن أكون الزوجة الأولى أو الأخيرة التي تجابه مشكلة من هذا النوع

    ولكن هل الحياة الزوجية تتوقف على هذا الجانب فقط؟!

    أريده فقط أن يحادثني يشعرني أنني بالفعل زوجته شريكة حياته

    لا أطلب المزيد.


    عالية سافرت قبل يومين عادت لدراستها

    كان وجودها يخفف عني كثيرا

    بمرحها ومقالبها كانت تأخذني من عالمي الصامت وكآبتي

    لكن الآن البيت يغرق في الصمت فعلا أشعر بالوحشة بعد ذهابها

    نجلا زوجة صالح لا تقصر مطلقا لم أرَ مطلقا من هي في طيبة قلبها أو رقتها

    ولكن لديها طفلان صغيران ليس بينهما سوى عام وهي مشغولة على الدوام بهما

    والدة عبدالله حنونة جدا أم فعلا

    لكن لكن

    خالاته أشبه بأفاعي فعلا بالأحرى اثنتين منهما : نورة وسلطانة

    كانت عالية من تسكتهما حين يبدأن بتلميحاتهما القميئة

    لكن الآن من سيدافع عني. يبدو أنني يجب أن أتجنبهما قدر المستطاع

    فخجلي وترددي يمنعاني من الرد على سيدات أكبر مني ومهما يكن يبقين خالات زوجي


    ربما لو كنت أحيا حياة زوجية طبيعية لم أكن مطلقا لأهتم لما يقلن

    فالحياة مليئة بهواة الكلام والتجريح!!

    ولكن كلامهن كالملح الذي يذر على جروحي

    لقد جعلن علاقتي تتوتر بابنة خالي بعد أن كانت علاقتي رائعة بها

    كلما رأينها أخذن يعقدن مقارنة مبطنة بيني وبينها!!

    أن مثلها هي من يجب أن تتزوج من هو مثل عبدالله

    أ حقا لأني لست بجمال يرقى إلى وسامة عبدالله هو عاجز حتى عن النظر إلى أو حتى التواصل بالكلام معي؟!!

    .

    .

    طوال الشهر الماضي كنت أسهر دائما في انتظاره مهما أطال السهر

    مثل الليلة التي أعلم أنها ستكون تماما مثل الليالي الماضية واللاحقة "



    كانت جوزاء تتأكد للمرة الألف من شكلها في المرآة

    كانت تبالغ في التأنق للحد الأقصى

    وباتت تتجنب أن ترتدي قمصانا للنوم حتى لا تضايقه أو تبدو كما لو كانت ترسل له رسالة هو عاجز عن الاستجابة لها

    فهي الآن متأكدة أنه لابد يعاني ضعفا جنسيا من نوع ما

    ولكن كل ما كانت تريده هو تواصله الروحي والإنساني لا الجسدي


    عدلت خصلات شعرها زينتها فستانها

    كانت ترتدي فستانا حريريا أسود ضيقا تصل أطرافه السفلية لتحت ركبتيها

    (هاي نك) بدون أكمام

    خال من أي تفاصيل عدا حزام فضي مشدود على خصرها ليكشف عن تفاصيل بالغة المثالية في انحناءاتها


    دخلسلَم دون أن ينظر ناحيتها كما يحدث كل ليلة


    وككل ليلة أجابته بخفوت: وعليكم السلام

    ثم أردفت: تبي عشا


    وككل ليلة أيضا أجابها بهدوء: متعشي في المجلس


    ثم دخل للحمام توضأ وصلى قيامه وقرأ ورده ثم تمدد على الأريكة . ونام

    دون أن يوجه لها كلمة واحدة


    وككل ليلة أيضا زالت بعض زينتها من دموعها التي سالت على خديها قبل أن تزيلها فعليا

    ورغم كثرة ما كانت تبكي إلا أنها لم تسمح له أن يرى دموعها ولا لمرة واحدة

    استحمت وارتدت لها بيجامة حريرية بأكمام طويلة

    أنهت صلاتها ووردها ثم توجهت للسرير وهي تندس فيه ترويه بعض دموعها الليلية المعتادة!!






    ***********************************






    بعد زواج عبدالله وجوزاء بشهر ونصف





    الليلة تنتظره كعادتها

    وحدث كما يحدث كل ليلة تماما ذات السيناريو دون تغيير

    لكن هي قررت أن تبادر بتصرف

    إذا كان هو مطلقا لن يبادر بشيء فلتحاول هي


    كان قد تمدد على أريكته لينام لولا صوتها المختنق الذي أوقفه: عبدالله


    جلس معتدلا وهتف لها باحترام: نعم


    جوزاء همست باختناق: عبدالله فيه شيء مضايقك مني


    عبدالله أغتصب ابتسامة : ومن قال لش أني متضايق منش


    جوزاء تحاول منع عبراتها من القفز لبلعومها وكلماتها تنهمر بوجيعتها : ما يحتاج حد يقول تصرفاتك تقول وزود

    عبدالله أنا والله ما أبي منك شيء أبي منك بس تحسسني إني إنسانة عايشة معك

    ترا تجاهلك لي بذا الطريقة يعذبني

    أنا ماني بحجر ما يحس وخلاص ماعاد فيني طاقة أستحمل أكثر من كذا

    ما تبيني يا ابن الناس فالله عز وجل قال : إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان

    مافيه شيء يحدنا على ذا الحياة



    عبدالله هتف لها بهدوء حان: شكلش أعصابش تعبانة تبين تروحين عند أهلش أسبوع وعقب أرجعش ماعندي مانع


    جوزاء بصدمة: وهذا هو الحل عندك زين ورحت أسبوع ورجعت نرجع لنفس موال حياتنا هذا

    عبدالله احنا ما بيننا أي تواصل حتى الكلام ما تكلمني ليش أقعد عندك

    أنا لو رحت لهلي ما ابي أرجع هنا خلاص


    عبدالله تنهد: يا بنت الحلال روحي أسبوع لهلش ريحي أعصابش وما يصير إلا خير


    وبالفعل عبدالله ذهب بها لأهلها اليوم التالي

    ورغم أنها كانت تزور أهلها بشكل متكررلكن رؤيتها بحقيبتها أثار مخاوف والدتها: فيه شيء بينش وبين عبدالله


    جوزاء بإدعاء للهدوء: لا يمة مافيه شيء عبدالله بنفسه اللي جايبني بس اشتقت أقعد عندكم شوي


    حينها أشرق وجه أم عبدالرحمن: لا تكونين توحمين ومقروفة من بيتش


    جوزاء كحت بحرج: لا يمة الله يهداش وش وحامه


    جوزا قضت تلك الليلة ليلة هادئة بعيدا عن الضغط النفسي والتوتر والدموع الليلية التي لا تنتهي

    وهي تدعوا الله أن ينسى عبدالله مدة الأسبوع وتطول لأسبوعين أو ثلاثة

    فهو على كل الأحوال ينساها وهي معه في ذات الغرفة فكيف وهي بعيدة عنه؟!


    ولكن ما صدمها فعلا اليوم التالي أنها وهي تستعد للنوم رن هاتفها

    كان عبدالله هو المتصل توترت ماذا يريد

    ردت بتوتر: هلا عبدالله


    رد عليها بهدوء: هلا بش زود


    جوزاء بذات التوتر: فيه شيء عبدالله


    عبدالله بذات الهدوء: أنزلي أنا أتناش تحت في السيارة


    جوزاء بجزع: بس احنا متفقين أقعد أسبوع توني ما قعدت حتى ليلة


    عبدالله بحزم: جوزا خلاص قلت أنزلي انزلي لا تناقشيني


    جوزاء كانت بالفعل تريد أن ترفض لكنه رأته تصرفا لا يليق بتربيتها ولا بالاحترام المفترض لزوجها

    أبدلت ملابسها ولم تحمل معها حقيبة فلديها هناك من الملابس التي لا أهمية لها ما يكفي وزيادة

    كادت تنكفئ حرجا وهي ترى والدها ووالدتها في الأسفل

    أبو عبدالرحمن قفز حين رآها: وين بتروحين


    جوزاء بخجل عميق: عبدالله ينتظرني برا


    أبو عبدالرحمن يتناول هاتفه غاضبا: باكلمه هذا وقت ياتي ياخذش فيه

    خله يرجع بكرة


    جوزاء بجزع: لا يبه فديتك خلاص ما يصير هذا هو في الحوش


    أبو عبدالرحمن بغضب: إلا اللي ما يصير طلعتش ذا الحزة


    تناول هاتفه وأتصل بعبدالله

    عبدالله حينما رأى اسم عمه على الشاشة رد باحترام جزيل وهو يسبقه بالكلام:

    حيا الله أبو عبدالرحمن ما دريت إنك عادك ذاهن وإلا كان حولت أسلم عليك جعلني فداك


    أبو عبدالرحمن بنبرة محايدة: جعلك سالم يا أبيك ماذي بحزة تاخذ مرتك روح وتعال بكرة


    عبدالله بذات الاحترام: والله إني داري جعلني فداك بس أنا عاد البيت بيتي

    وأنا كان عندي شغل توني خلصته وماهقيت إن دخلتي لبيتي ذا الحزة بتضايقك

    السموحة يبه

    خلاص تبيني أروح بأروح. وجوزا بأخذها بكرة


    أبو عبدالرحمن شعر بالحرج من عبدالله فلو قال له أن يذهب معناها أنه يأكد له أن البيت ليس ببيته لذا هتف بهدوء:

    لا خلاص أخذ مرتك.والبيت بيتك يا أبيك بس دايما السنع سنع


    عبدالله بنبرة انتصار: جعلك ذخر دوم وتعلمنا السنع


    أبو عبدالرحمن أشار لجوزاء أن تذهب جوزاء شعرت باختناق حقيقي وهي تقبل جبينه وجبين والدتها وتسحب نفسها للخارج

    فهي تمنت بالفعل أن يقتنع عبدالله بالذهاب وتركها هنا


    ركبت جواره صامتة دون سلام حتى لأنها شعرت أنها إن سلمت فستنخرط في البكاء

    هو أيضا لم يكلمها بقيا صامتين حتى وصلا لغرفتهما وأكملا رحلة الصمت المعتادة


    جوزاء كانت في حالة صدمة حقيقية فهو حينما أعادها الليلة رغم كل الألم الذي شعرت به إلا أنها شعرت بأمل ما أن يكون أعادها اليوم لأنه قرر أن يغير طريقة تعامله معها

    ولكن لا شيء تغير لا شيء تغير

    لا تلك الليلة ولا الليالي التي تلتها حتى.






    ***********************************









    رد مع اقتباس  

  10. #90  
    المشاركات
    3,260
    بعد زواج عبدالله وجوزاء بشهرين وقبل سفره بثلاثة أيام






    الليلة قررت ألا تنتظره الأمر بات جارحا لها أكثر من المحتمل أن تقضي ساعات تتأنق له ثم لا تجد ردا ولو حتى مجرد ابتسامة

    قررت أن تنام قبل أن يأتي لا تريد أن تراه حتى

    تعبت من كل هذا باتت كل أمنيتها أن يطلقها ويتركها تعود لأهلها ولكنها تخجل أن تطلب منه طلبا كهذا

    فهي استنفذت كل طاقتها ولا سبيل مطلقا لصلاح الحال بينهما

    فلماذا الاستمرار في حياة فاشلة كهذه؟!!

    شابة صغيرة مازالت في الحادية والعشرين كانت تنظر للحياة بمنظار وردي أصبحت نظرتها للحياة سوداوية وكأنه تضاف سنوات وسنوات فوق عمرها



    كان ذهنها مرهقا بأفكارها المؤلمة وهي تتمدد على وسادتها حتى نامت

    في وقت ما من الليل صحت على حركة غريبة قريبا من عنقها

    شعرت أنها تتخيل ربما لكن الحركة تكررت وكأن أحدهم يحرك شعرها ويزيحه عن عنقها ووجهها

    فتحت عينيها كانت الإضاءة خافتة استدارت لتصدم بجزع بوجه عبدالله قريبا جدا منها

    كانت تريد أن تجلس ولكنه لم يسمح لها وهو يشدها قريبا منه

    همست جوزاء بصوت مختنق: فيه شيء عبدالله

    ولكنه لم يجبها وهو يتمعن النظر في تفاصيل وجهها وفي عينيه نظرة غريبة عجزت عن فهمها

    بدأ الخوف يتسرب إلى قلبها وهي تشعر بأنفاسه الدافئة تلفح وجهها من قرب

    حاولت أن تبتعد عنه ولكنه منعها للمرة الثانية وهو يمرر أنامله على وجهها ويهمس لها بحنان عميق: لا تخافين ماني بجابرش على شيء



    كان الأمر بمجمله صدمة حقيقية لها إذا لم يكن يعاني من ضعف فما الذي كان يحدث طوال الشهرين الماضين

    لتتكشف لها حقيقة مزقتها تماما وهو يصرخ فيها بغضب هادر: قومي اسبحي الحين


    جوزاء بجزع ضمت أطراف روبها عليها وهمست بحرج عميق: أكيد بأسبح الحين بدون ما تقول


    ولكنه استمر بالصراخ الغاضب: مهوب بس تسبحين تفركي عدل قطعي جلدش تفريك طلعي جلد جديد لو تقدرين


    جوزاء بحركة لا شعورية أخذت تتشمم جسدها وشعرها وهي تهمس باختناق تكاد تموت فيه حرجا: عبدالله والله ريحتي مافيها شيء

    توني تسبحت قبل أنام وتعطرت وتبخرت والله ريحتي مافيها شيء مافيها شيء عشان تنقرف مني بذا الطريقة

    حرام عليك تقول لي كذا.


    ثم انخرطت في بكاء حاد وهي تقفز للحمام ربما قضت ساعات وهي تستحم وتبكي

    والحقيقة في ذهنها تبدو واضحة تماما لم يكن يقترب منها ليس لأنه يعاني من ضعف ما بل لأنه يشعر بالقرف منها

    قادته غريزته إليها ولكن حينما نال مراده وعاد له عقله عاد له قرفه منها

    كانت كلما فكرت هذا التفكير زاد بكائها عنفا

    شعرت أنها لا يمكن أن تتمزق أو تُجرح أكثر من هذا لا يمكن أن يكون هناك ألما أكثر من كذلك

    وصل الألم والجرح والتمزق عندها لحدوده القصوى ماعاد هناك مجال لأي مزيد


    حين خرجت من الحمام كانت عيناها مشتعلتين احمرارا ككرتين من الدم لطول مابكت واستحمت


    تمنت ألا تراه حينما تخرج ولكنه كان جالسا شعرت أنه يريد أن يقول شيئا

    ولكنها لم تسمح له وهي تتناول سجادتها وتخرج لغرفة عالية الخالية وتقضي ليلتها هناك

    سمعت طرقات على الباب بعد صلاة الفجر ثم همسه المكتوم الحازم: جوزا بلا فضايح تعالي خلينا نتفاهم


    ولكنها لم ترد عليه لا تريد أن تسمع شيئا منه أبدا أبدا




    اليوم التالي

    حاولت أن تتحاشاه قدر الإمكان بقدر ماكان يبدو أنه هو يريد أن يحادثها

    في ذلك اليوم على غير العادة لم يخرج مطلقا من البيت إلا للصلاة ويعود

    وكأنه يتصيد فرصة لمحادثتها

    ولكن جوزاء ليست مستعدة لمزيد من التجريح وأي محاولة للتبرير منه ستزيد الوضع سوءا

    لذا بقيت معتصمة بغرفة أولاد نجلا مع نجلا لأنه المكان الوحيد الذي تعلم أنه لا يستطيع اقتحامه وأغلقت هاتفها حتى لا يتصل بها

    مضى اليوم كله على هذا الموال حتى جاء الليل كانت مرهقة تماما جسديا ونفسيا

    انتظرت حتى توجه الجميع لغرفهم ثم توجهت هي لغرفة عالية

    أغلقت الباب عليها

    لتتفاجأ بالصوت الحازم البارد: هذا السنع يا بنت الأصول طول اليوم وأنتي طاقة من رجالش


    كان يجلس على الأريكة شابكا يديه أمامه جوزا ما عادت تريد أن تكون مهذبة أو رقيقة لذا ردت عليه بحدة:

    رجالي له شهرين طاق مني حليت في عينه الحين


    عبدالله وقف وهو يقول لها بحزم: امشي لغرفتنا نتفاهم هناك


    جوزاء بتصميم: آسفة الغرفة تيك ما عاد أدخلها وأنت فيها


    حينها هتف لها عبدالله بحزم بالغ: تروحين معي وإلا أشلش غصب


    جوزا بعناد وألم: قلت لك آسفة وما بيننا كلام الحياة بيننا مستحيلة طلقني خلني أروح لهلي


    عبدالله حينها انفجر بغضب: أطلقش هذا في أحلامش

    وإذا قلت كلمة لا تراديني


    قالها وهو يقترب منها ويحملها فعلا جوزا حاولت التخلص منه وهي تفرغ كل طاقة غضبها بلكم صدره بعنف

    بدا أنه لم يهتم لا من صراخها المكتوم ولا من لكماتها وهو يتجه بها ناحية الباب بثبات

    حين رأت جوزا أنه فتح الباب فعلا همست بحرج وغضب: خلاص نزلني بأروح معك بروحي لا تفضحني حد يشوفنا وأنت شايلني كذا



    حين وصلا لغرفتهما همست له جوزاء بألم: عبدالله تكفى أنا ما أبي أسمع منك شيء

    أي شيء بتقوله بيزود علي ماراح يحل شيء بيننا


    عبدالله شدها وأجلسها ثم جلس جواره تناول يدها ليحتضنها بين كفيه ولكنها شدتها منه بعنف

    شبك يديه وهو يهمس لها بهدوء عميق: وانا ماني بقايل لش شيء بس أبي أطلب منش تصبرين علي شوي بس شوي

    أدري إني غريب وتصرفاتي غريبة وادري إني جرحتش واجد بس صدقيني كل شيء غصبا عني


    حينها شهقت جوزاء بألم: جرحتني تسمي اللي سويته فيني جرح بس

    أنت ذبحتني يا عبدالله

    عبدالله تكفى اعتقني الله يرحم والديك والله ما فيني أصبر أكثر من كذا


    مد ذراعه واحتضن كتفيها حاولت أن تنهض ولكنه منعها وهو يهمس في أذنها بشجن عميق:

    جوزا والله العظيم أني أبيش


    جوزاء بعدم تصديق: واللي يبي حد يسوي فيه كذا عبدالله إذا أنت خايف من كلام الناس إنك تطلقني واحنا مالنا شهرين متزوجين

    خلني أرجع لأهلي وعقب شهرين ثلاثة طلقني


    عبدالله شدها ليسند رأسها لصدره ويحتضنها بكل قوته شعرت أن دقات قلبه تحت أذنها أشبه بمطارق تمزق رأسها ألما

    بديا كلاهما كمخبولين في لوحة غير مفسرة

    هي تريد أن تبتعد عنه وهو لا يسمح لها

    وهو يشعر بالقرف منها ومع ذلك لا يريد إفلاتها

    مضت دقائق وهما على هذا الحال ولم تبدو على عبدالله أي بادرة أنه سيفلتها حتى شعر ببلل ما بدأ يغرق صدره

    انتفض بجزع وهو يفلتها لينظر لوجهها حاولت أن تشيح بوجهها

    ولكنه منعها وهو يمسك وجهها بين كفيه ويهمس بألم عميق: تبكين


    جوزاء همست بتهكم باك من بين دموعها: لا وش أبكي هذي وأنت سويت شيء يخليني أبكي

    تدري عبدالله قد ما جرحتني الشهرين اللي فاتو بتجاهلك لي

    كان ودي تكمل تجاهلك لي ولا تعبرني دام أخرتها كذا وجيعتك يوم تذكرتني ألف مرة وجيعتك يومك متجاهلني


    عبدالله همس لها بعمق: سامحيني ما أقدر أفسر لش شيء بس والله أني حاولت أمنع نفسي بس خلاص ماعاد فيني صبر


    جوزاء حينها بدأت تشهق بصوت عال: مافيك صبر عن جسد أنت قرفان منه تأخذ منه حاجتك ثم ترميه في الزبالة


    عبدالله بألم: جوزا تكفين لا تعذبيني بكلامش ذا ليتش بس تدرين والله أني شايفش فوق ما أستاهل بواجد


    حينها انتفضت بغضب وهي تقف وتصرخ ببكاء غاضب: حرام عليك تمسخر علي بذا الطريقة. خلاص ما أبي أسمع شيء

    قلت لك أي محاولة للتفسير بتضر وماراح تفيد


    توجهت للحمام لتتوضأ وتفرغ مزيدا من دموعها حينما أنهت صلاتها

    دعت الله مطولا أن يفرجها عليها. . كل يوم تقول ماعاد بها طاقة لاحتمال المزيد

    فيأتي المزيد والمزيد والمزيد


    كان هو أيضا يصلي انتهت قبله ثم توجهت للسرير لتندس فيه بعد لحظات شعرت بحركته على الطرف الآخر من السرير

    جلست بشكل حاد وهي تصرخ بألم: لا تنام جنبي سريرك اللي كان شالك الشهرين اللي فاتوا مهوب عاجز منك


    عبدالله تمدد وهو يهتف بهدوء: خلاص أنا كل ليلة بأنام هنا تعودي على كذا


    حينها همست وهي تستعد للوقوف: خلاص اشبع بالسرير بروحك


    ولكنه أمسكها بحركة سريعة قبل أن تقف فعلا وشدها إلى أحضانه حينها همست جوزاء بضعف متألم: تكفى ياعبدالله لا تقهرني

    تدرني أني ما أقدر أمنعك فلا تقهرني


    عبدالله أسند رأسها لعضده وهمس لها من قرب بعمق دافئ: والله ما أبي منش شيء بس نامي في حضني


    كان رأسها مختبئ في صدره وهو يشد عليها بكل قوته وكأنه يخشى أن تهرب

    كانت جوزاء تتنفس رائحة عطره الفاخر الذي يبدو كما لو كان تغلغل في جسده

    وفي الوقت نفسه أيضا كانت تشعر بألم عظيم أن تكون رائحتها هي غير مستحبة بعد الذي قاله لها البارحة رغم أنها بالغت في الاستحمام والتعطر والبخور

    ولكنها بالفعل بدا لها أن رائحتها غير مستحبة بعد أن تسربت هذه الفكرة لعقلها الباطن

    كانت تحاول أن تبتعد عنه قبل أن يبعدها هو قرفا منها ومن رائحتها ولكنه لم يفلتها أبدا

    بعد ذلك همس لها بهدوء ناعس: جوزا اهدي أبي أنام اهدي ولا تحاولين تبعدين عني لأني ماني بفاكش حتى لو نمت


    بدا الأمر لها أشبه بتعذيب نفسي لأنها شعرت أنها بدأت تعرق من الحرج والحرارة خشيت أن رائحتها تزداد سوءا

    والمشكلة أنه يبدو نام فعلا وصوت تنفسه ينتظم

    بعد أن يئست جوزاء أنه قد يفلتها بدأت تذهب في دوامات تفكير بما أن النوم بدا حلما بعيد المنال


    " يا ترى ليش يعاملني كذا

    حاسة إنه هذا هو المرحلة الثانية من التعذيب

    أكيد هذا واحد متعقد من النسوان

    أو يمكن العقدة فيني أنا

    أولها يتجاهلني لين ظنيت إنه ناسي وجودي

    وعقبها يخنقني بذا الطريقة بقربه وأنا عارفة إنه مهوب طايق ريحتي

    يا الله يا كريم فرّجها من عندك

    ماعاد فيني صبر قربت انهار من ذا الحال

    ليتني قعدت عند هلي ولا وافقت على ذا العرس

    الحين ماعاد باقي لي إلا مادتين فصل واحد من دراستي

    يا ترى أشلون بأكمل ذا الفصل وأنا نفسيتي زفت كذا

    ليتني على الأقل أجلت الموافقة على موعد العرس لين أخلص دراستي

    لا حول ولا قوة إلا بالله. قدر الله وماشاء فعل"


    بقيت الأفكار كأمواج تتلاطم جوزا بين تيارات غضبها وهي تشعر أن عظامها بدأت تؤلمها من وضعية النوم غير المريحة الخانقة التي حكم بها عليها هذا المجنون

    تستغرب كيف استطاع هو أن ينام على هذا الحال

    هزته برفق وهي تهمس بصوت مبحوح : عبدالله تكفى فكني شوي انخنقت

    أفلتها دون أن يفتح عينيه تأخرت بعيدا عنه ولكنها فوجئت به يمسك بكفها

    ثم يطبع في باطنها قبلة عميقة جدا

    ثم يضعها تحت خده ويهمس دون أن يفتح عينيه: ما أعتقد اني خانقش بذا الطريقة


    جوزاء شعرت بدقات قلبها تتصاعد بعنف بدت له حركته العفوية هذه مؤلمة إلى أقصى حدود التعذيب والعذوبة


    حينها سمح لها وضعها أن تراقب تفاصيل وجهه الوسيم المسترخي وهو يتوسد كفها

    تعبت من محاولة إيجاد التفسيرات والتبريرات

    تعبت من جفاءه ثم تعبت أكثر من قربه

    أي رجل محير هو هذا الرجل

    أو ربما هو ببساطة رجل معقد

    أو ربما كانت هي المعقدة الفاشلة في فهم عوالم الرجال

    أي هذه الأسباب هو السبب



    بقيت ساهرة لم تنم حتى أذان الفجر حينها همست بإرهاق عميق وهي تهز كتفه بيدها الحرة : عبدالله عبدالله خلاص قوم صل الفجر


    فتح عينيه وكان أول ما فعله أن عاود تناول كفها من تحت خده وقبلها هو يهمس بنعاس:

    تدرين إني غبي اللي فوتت على نفسي ذا الأيام كلها أني أصحى على نغمات صوتش


    جوزاء همست بألم عميق: بس عبدالله تكفى حرام عليك ليش تسوي فيني كذا


    عبدالله يجلس وهو يهمس بعمق: الحين اللي يقول لمرته كلام حلو يضايقها؟!!


    جوزا اعتدلت أيضا جالسة وهي ترد عليه بألم: إذا كان ما يقصده لكن يقصد شيء عكسه يكون الجرح مرتين


    عبدالله بعمق: زين عطيني فرصة خليني أثبت لش إني صادق


    جوزاء بخوف مترسب: ما تشجع أبد على أن الواحد يعطيك فرصة


    عبدالله بنبرة إقناع: زين أنتي ماراح تخسرين شيء لو عطتيني فرصة

    أدري أني تصرفت بشكل غير مفهوم ولا معقول بس والله العظيم عندي أسبابي

    الأسباب هذي بعدها موجودة لكن اللي تغير أنا

    ثم أردف بنبرة ولع غريبة : جوزا أنا مفتون فيش من قلب ومن ليلة عرسنا

    سبحان الله شيء مثل السحر

    حاولت أقاوم واجد لأسباب تخصني بس ما قدرت والله ما قدرت

    شهرين وأنا أتعذب لين انهارت مقاومتي والحين مهوب هاين عليش تعطيني فرصة وحدة؟!


    صمتت جوزاء بداخلها تتمنى أن تصدقه هذا القلب البريء الذي لا يعرف الزيف أو التدليس بوده أن يصدقه

    فهذا الرجل هو شريك حياتها الذي ربطها الله به لحكمة

    رغما عنها وجدت نفسها تهز رأسها بخجل وليتها ما فعلت!! ليتها مافعلت!!

    فهي لم تكن سوى حمقاء كبيرة لتصدقه


    "أ بعد كل ما فعله بكِ تصدقينه أيتها الحمقاء

    أتنتظرين أن يقطع لحمك لقطع صغيرة بعد أن طعنك في عمق قلبك وإنسانيتك وكينونتك"


    " أصمت أصمت لا أريد أن أسمعك

    أنا أريد أن أمنحه فرصة

    فكما جرح قلبي لن يداوي جرح قلبي سواه

    أنظر إليه كم يبدو صادقا"


    " هذا لأنك طفلة بلهاء لا تفهمين

    حينما يرميك كقمامة المرة القادمة لا تأتي إلى طالبة المعونة"


    " وإذا لم أستعن بك يا عقلي بمن سأستعين"


    "بقلبك الأبلة الذي فضلته علي

    والذي سيقودك هو للهاوية

    حينها لا أريد أن أرى لكِ دمعة واحدة

    لأن كل ما سيحدث لكِ هو قرارك أنتِ

    أمامك ألف دليل مادي على أن هذا الرجل لم يفعل سوى طعنك المرة تلو الأخرى

    ولكنك تتركين كل هذه الأدلة وتركضين خلف وعده الكاذب"


    جوزاء هزت رأسها بإصرار وهي ترفض تصديق هواجسها

    عبدالله قفز جوارها وهو يضمها لصدره بقوة ثم يغمر وجهها بقبلاته ويهمس لها بعمق: والله ما أخليش تندميش إن شاء ربي


    صلت الفجر وهي تشعر بانشراح عميق دعت الله ألا يخيبها فقلبها الطري بالكاد قرر أن يشعر بالسعادة

    كثير كل هذا الحزن على قلب غض كقلبها

    فهل هذا الوعد بالسعادة كثير عليها؟!


    حينما عاد عبدالله من صلاة الفجر كانت تشعر بارتباك كبير وخجل عميق شفاف كانت تجلس على طرف السرير

    جلس جوارها ليطيل النظر إليها بنظراته الآسرة المجهولة ثم يشدها إليه

    خليط من سعادة مبتورة وخجل رقيق لأول مرة تشعر بإحساس عروس فعلا

    إحساس لم يستمر حتى لساعات

    لينتزع منها بأبشع طريقة أبشع حتى من طريقة الليلة قبل الماضية

    إن كان تلك الليلة صرخ بها فهو الآن يهمس لها ووجهها مدفون بين كفيه:

    جوزا نظفي جسمش تكفين تكفين


    حينها شهقت جوزا عاجزة عن التنفس فعلا قد يكون طعنها في عمق قلبها كثيرا

    ولكنه هذه المرة تأكد من تمزيقه تماما ماعاد هناك شيء ليطعنه

    ماعاد هناك قلب يستطيع استقبال طعنته القادمة مجرد أشلاء قلب متناثر


    همست بحقد وهي تقف: حسبي الله ونعم الوكيل فيك

    حسبي الله ونعم الوكيل

    أكرهك أنا أكرهك ولين آخر يوم في عمري بأكرهك


    دخلت للحمام وانهارت تماما في داخل المسبح

    لم يهمها إن كان يسمع صوت نحيبها العالي

    ماعاد يهمها أي شيء تتمنى فقط لو تستطيع أن تشعره ببعض الألم الذي تشعر به

    فقط بعضه هذا البعض تعلم أنه كفيل ببعث ألم لا حدود له في روحه

    ولكن بدا لها مخلوق مجرد من الإحساس شيطان ربما!!

    أي قلب يحتويه هذا الرجل؟!!

    يستحيل أن يكون لديه قلب حتى!!

    هل كان سيضره أن يطلق سراحها قبل أن يتسبب بكل هذا الأذى النفسي لها؟!!

    هل كان سيضره ان يطلق سراحها وهي لديها بقية من قلب وروح

    لماذا حرص على أن يدمر كل شيء فيها

    أي ذنب أذنبته استحقت من أجله كل هذا التعذيب

    هل كونها غير جميلة أو رائحتها لا تعجبه سبب يستحق أن يدمرها بهذه الصورة؟!!


    بكت مطولا في الحمام والماء ينسكب على جسدها الذي بالغت في فركه وتنظيفه

    وكأنها تريد أن تزيل بقايا لمساته المريضة التي أشعرتها بالقرف من نفسها تماما كما يشعر هو بالقرف منها


    خرجت من الحمام وقد قررت تماما أن ألا تبقى ولو يوما واحدا مع هذا المريض المخبول

    يستحيل أن تبقى في هذا المكان الذي بات يذكرها بالكثير من الآلام والمرارة



    حين خرجت سمعته يتكلم في الهاتف

    كان يتحدث بالانجليزية وفي صوته غضب هادر مرعب

    لم تلتقط مما يقول سوى قوله : أنا قادم على الفور


    حينما أنهى اتصاله كانت تقف تنظر إليه بكراهية شديدة

    بينما كان هو ينظر لها بنظرة عجزت عن تفسيرها


    استمرا يتبادلان النظرات لثوان انحنى بعدها تحت السرير ليستخرج حقيبته

    ويضع ملابسه على عجالة فيها


    همست له بنبرة ميتة: لا تروح مكان أنا اللي بأرجع لهلي مستحيل أقعد هنا


    همس بنبرة ميتة مشابهة: أنا مسافر


    بنبرة أقرب للتهكم وهي تقترب منه حتى أصبحت قريبة منه: وين وعساها رحلة طويلة


    لم يرد عليها نظر إليها فقط لسبب لا تعرفه بعثت نظرته في أوصالها رعشة عميقة لم تعرف لها تفسيرا.

    أغلق حقيبته واستعد للمغادرة بينما جوزاء تصرخ خلفه: يارب تروح ما ترجع

    يارب تروح ما ترجع


    أغلق الباب خلفه وآخر ماسمعه هو نحيبها ودعواتها عليه




    بعدها جوزاء بالفعل عادت لبيت أهلها علمت من أهله أنه سافر في رحلة عمل لأمريكا ستستغرق أسبوعا واحدا

    قررت أن تنتظر حتى يعود لتطلب الطلاق منه يستحيل أن تكمل حياتها معه ولا حتى مع سواه فهي تشك إن كانت ستتجاوز ما فعله بها


    حينما مر الأسبوع وهو لم يعد ولم يتصل بدأ قلق رقيق يتسرب إلى روحها

    هل من المعقول أن الله استجاب دعائها عليه

    هي بالفعل لا تريده. ولكن لا تريده أن يموت له أهل يحبونه وهي أحبتهم لا تريد مطلقا أن يُفجعوا فيه


    بعد أسبوع آخر نضجت فيه من القلق

    فاجأها اتصاله الليلي بها كانت نائمة حين أيقضها رنين الهاتف

    وحين رأت الرقم الطويل شعرت بريقها يجف ودقات قلبها تتصاعد

    شعور ملتبس خليط من الكراهية والقلق والرغبة في الانعتاق


    ردت بصوت مبحوح متوتر: ألو


    ولكن لا إجابة عاودت الهمس: ألو


    وأيضا لا إجابة. حينها همست بتساؤل مرهق: عبدالله


    شعرت بصدمة كاسحة في عمق قلبها حين أجابها بلهفة موجوعة : لـبـيـه


    أصابها الخرسلم تعرف ماذا تقول أفكارها تبعثرت تماما من كلمة واحدة فقط!!

    كلمة كانت أشبه بطعنة لا حدود لعذوبتها الخالصة حتى وإن كان لا يعنيها!!


    استمر الصمت بين الطرفين لدقيقة وكل منهما يستمع لصوت أنفاس الآخر المرتفعة بوضوح في إيحاء شفاف بعمق انفعال كل منهما


    بعد ذلك همس عبدالله بنبرة مموهة: أشلون أمي


    أجابت جوزاء بصوت مختنق: أمك في بيتها وطيبة وبخير أنا في بيت هلي


    صمت لدقيقة أخرى ثم همس بصوت مرهق تماما: خلاص سلمي لي عليها


    جوزاء تشعر باستغراب عميق لهذا الاتصال الغريب: الله يسلمك يوصل


    ثم انتهى الاتصال وسط استغراب متعمق من جوزاء

    ومازالت حتى الآن كلما تذكرت طريقته وهو يقول لها (لــبـــيـــه)

    رغما عنها تشعر بذات الألم العذب الشفاف في عمق قلبها






    **************************************







    رد مع اقتباس  

صفحة 9 من 29 الأولىالأولى ... 789101119 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  2. علاقة الجار بالجار بين الأمس واليوم
    بواسطة بوغالب في المنتدى خارج مقص الرقيب
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-Nov-2011, 08:50 PM
  3. الأمس واليوم وغدا الخصر النحيل هو رمز الأنوثة والخصوبة
    بواسطة بوغالب في المنتدى الاسرة والطفل
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 09-Aug-2010, 08:17 AM
  4. بعد مباريات الأمس واليوم .جدول الترتيب للدوري السعودي
    بواسطة البنت التي كويس في المنتدى كرة القدم المحلية و العربية و الاوربية
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 31-Oct-2008, 01:37 PM
  5. المغازل بين الأمس واليوم وعقب باكر
    بواسطة سفيرة الصمت في المنتدى نكت مضحكة - طرائف - الغاز - Joke
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 18-Jan-2007, 02:18 PM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •